المجموع : 4
أَبَت بالشَّامِ نَفسِي أَن تَطيبَا
أَبَت بالشَّامِ نَفسِي أَن تَطيبَا / تَذَكَّرَت المنَازِلَ والحَبيبَا
تَذَكَّرَتِ المنازلَ مِن شَعُوب / وَحيّاً أَصبَحُوا قُطِعُوا شُعُوبا
سَبَوا قَلبي فَحَلَّ بحيث حلُّوا / ويُعظِمُ إِن دَعَوا أَلاَّ يُجيبَا
أَلا لَيتَ الرِياحَ لنا رَسُولٌ / إِلَيكُم إِن شَمالاً أَو جَنُوبَا
فَتَأتِيَكُم بما قُلنَا سَريعاً / ويبلُغَنا الذي قُلتُم قَرِيبَا
أَلا يا رَوضُ قَد عَذَّبتِ قَلبي / فَأَصبَحَ مِن تَذَكُّرِكُم كَئِيبَا
وَرَقَّقَني هَوَاكِ وكُنتُ جَلداً / وَأَبدى في مَفَارِقِيَ المَشيبَا
أَمَا يُنسيكَ رَوضَةَ شَحطُ دارٍ / وَلا قربٌ إِذَا كَانَت قَريبَا
أَرَاعكَ طَائِرٌ بَعَد الخُفوقِ
أَرَاعكَ طَائِرٌ بَعَد الخُفوقِ / بفَاجِعَةٍ مُشنَّعةِ الطُّروقِ
نَعَم وَلَهاً على رجلٍ عَميدٍ / أَظَلُّ كَأَنَّني شَرِقُ برِيقي
كَأَنِّي إِذ عَلِمتُ بها هُدُوّاً / هَوَت بي عاصفٌ مِن رَأسِ نِيقِ
أُعَلُّ بَزَفرَةٍ مِن بَعد أُخرى / لَهَا في القَلبِ حَرٌ كَالحَريقِ
وَتَردُف عَبرَةٌ تَهتَانَ أُخرى / كَفَائضِ غَربِ نَضَّاحِ فَتِيقِ
كأَنِّي إِذ أُكَفكِفُ دَمعَ عيني / وأَنهاها أَقُولُ لها هَرِيقي
ألاَ تِلكَ الحوادثُ غِبتُ عَنها / بأَرضِ الشَّامِ كَالفَردِ الغَريقِ
فما أَنفَكُّ أَنظُر في كتابٍ / تُدَاري النَّفسُ عَنهُ هَوى زَهُوقِ
يُخَبّرُ عَن وَفَاةِ أَخٍ كَريمٍ / بعيدِ الغَورِ نَفَّاعٍ طَليقِ
وقَرمٍ يُعرِضُ الخُصمان عَنهُ / كَمَا حَادَ البِكارُ عنِ الفَنيقِ
كريمٍ يملأُ الشّيزى وَيَقري / إِذا ما قَلَّ إيماضُ البُروقِ
وَأَعظَمُ ما رُميتُ به فَجُوعاً / كتابٌ جاءَ مِن فَجٍ عَميقِ
يُخَبِّرُ عَن وَفَاةِ أَخٍ فَصَبراً / تَنَجَّز وَعدَ مَنّانٍ صَدُوقِ
سَأَصبِرُ لِلقَضَاءِ فَكُلُّ حَيٍّ / سَيَلقَى سَكرَةَ المَوتِ المَذُوقِ
فما الدَّنيا بقَائِمةٍ وَفيها / مِن الأَحيَاءِ ذُو عَينٍ رَمُوقِ
وللأَحيَاءِ أَيّامٌ تَقضَّى / يَلُفُّ خِتَامُها سُوقاً بسُوقِ
فَأَعنَاهُم كَأَعدَمِهم إِذا مَا / تَقَضَّت مُدَّةُ العَيشِ الرَقيقِ
كذَلِكَ يُبعَثُنَ وَهُم فُرادى / ليومٍ فيهِ تَوفِيةُ الحُقُوقِ
أَبَعدَ هُمَامِ قَومِكِ ذي الأَيَادي / أَبي الوَضَّاحِ رَتَّاقِ الفُتُوقِ
وبَعدَ عُبَيدَةَ المحمودِ فِيهم / وبَعدَ سَمَاعةَ العَودِ العَتيقِ
وبَعدَ ابنِ المُفضَّلِ وابنِ كافٍ / هما أَخَواكَ في الزَّمنِ الأَنيقِ
تُؤَمِّلُ أَن تَعِيشَ قَرِيرَ عَينٍ / وأَينَ أَمامَ طَلاَّبٍ لَحُوقِ
وَدنيَاكَ الَّتي أَمسَيتَ فيها / مُزَايلةُ الشَقِيقِ عَنِ الشَّقيقِ
صَبَا قَلبي وَمَالَ إِلَيكِ مَيلا
صَبَا قَلبي وَمَالَ إِلَيكِ مَيلا / وَأَرّقَني خَيَالُكِ يَا أُثَيلا
يَمانيَةٌ تُلِم بِنَا فَتُبدِي / دَقيقَ مَحَاسنٍ وَتُكِنُّ غَيلا
دَعِينا مَا أَمَمتِ بَنَاتِ نَعشٍ / مِن الطَّيفِ الَّذي يَنتَابُ ليلا
ولكِن إِن أَرَدتِ فَصَبِّحينا / إِذَا أَمَّت رَكَائِبُنا سُهَيلا
فَإِنَّكَ لَو رَأَيتِ الخَيلَ تَعدُو / سِرَاعاً يَتَّخِذنَ النَقعَ ذَيلا
إِذَاً لَرَأَيتِ فَوقَ الخَيلِ أُسدَاً / تُفِيدُ مَغَانِماً وتُفِيتُ نَيلا
إِذَا سَارَ الوَلِيدُ بنا وَسِرنا / إِلَى خَيلِ نَلُفُّ بِهنَّ خَيلا
وَنَدخُلُ بالسُّرُورِ ديارَ قَومٍ / وَنُعقِبُ آخرينَ أَذىً وَوَيلا
يقيناً ما نخاف وإن ظَنَّنا
يقيناً ما نخاف وإن ظَنَّنا / به خيراً أراناه يَقينا
نميلُ على جوانبه كأنَّا / إذا مِلنا نميل على أبينا
نُقَلّبه لِنُخبر حالَتَيهِ / فَنُخبرُ منهما كرماً ولينا