المجموع : 10
يريد الناس في الدنيا هناء
يريد الناس في الدنيا هناء / ويأبى أن يجود به الزمانُ
حياة حاربتهم منذ كانت / وجد حاربوهُ منذ كانوا
وآمال تغرهم عجاف / وأحداث تكذبها سمانُ
وكم من مستنيل ليس يُعطى / وكم من مستعين لا يعانُ
تكاثرت الهموم فلا يراع / يوفيها الشكاة ولا لسانُ
أماناً أيها الخصم المعادي / إذا دان العدى وجب الأمانُ
إن رغبوا إليك رغبت عنهم / لقد هانت رغائبهم وهانوا
يمني الناس بعضهم بخير / ألا كذبوا على بعض ومانوا
فما للخير في الدنيا أوان / ولا للخير في الأخرى أوان
ولكن الشباب لهُ جماح / ليليَ ثم يعقبهُ الحرانُ
يشد عنانهُ رأي جميع / زماناً ثم يسترخي العنان
وداعٍ جاء يدعوني لنصح / وقد وهت النهى ووهى البنان
تعبت من الكلام فليس يجدي / لبث النصح نظم أو بيانُ
وكانت ضلة ونزعت عنها / فها أنا لا أدين ولا أدانُ
وما أسفي على عهد تقضي / ولكن صنت عهداً لا يصان
ظلمت أمينه دهراً طويلاً / وكنت أظن أني لا أخان
ودار لا يزول القتل عنها / كان الحرب فيها مهرجان
أهاب بها اليراع فلم تجبهُ / وناداها فجاوبت السنانُ
تظل بها السواعد عاملات / يصرفها ضراب أو طعانُ
بكت عيني الشباب وحين جفت / مدامعها غدا يبكي الجنانُ
لعمرك مالذي نُصح مكان / ولا للنصح في الدنيا مكان
فدعني إن آمالي استكفّت / فلي شأن وأهل النصح شان
وداعاً منك يا وطني وداعاً
وداعاً منك يا وطني وداعاً / أرى من بعده أن لا اجتماعا
زماع عنك ليس لفقد حظ / ولكن حكمة قضت الزماعا
فيا ويح العيون وفيك قرت / إذا ادّمعت لفرقتك ادّماعا
ويا لهفي على ليلات أنس / وايام مضت عني سراعا
سأبكي الأفق ما حيّيتُ أفقاً / وأبكي القاع ما استشرفت قاعا
لحا الله النوا كم راع قبلي / رجالاً ثم وافاني فراعا
نهزتُ له من المغنى ركابا / وجبت على سواهمه البقاعا
تصدع شعبنا بفروق دهراً / الأشعب قد انصدع انصداعا
فيا وطني نداء في رحيل / وإن لمن يناديك استماعا
ستجري في سبيلك سابقات / نسميها مسامحة رقاعا
فتخرس عنك أفواه الأعادي / وتُنطق في محاسنك اليراعا
ويخلد لليالي فيك حبي / وإخلاصي الذي في الناس شاعا
فؤاد دأبه الذكَرُ
فؤاد دأبه الذكَرُ / وعين ملؤها عبرُ
ونفس في شبيبتها / وجسم مسّهُ الكبرُ
وآمال مضيّعة / ووقت كلهُ هدرُ
وعيش عذبهُ مضض / وعمر صفوه كدرُ
أما يا ليل من صبح / لمن سهروا فينتظر
جفون الناس هاجعة / وجفني ضافه السهر
اذا سور تولت منك / عني أقبلت سور
أفانيها فتفنيني / وأطويها فتنتشر
وحيدا ًفيك ذا حذر / يكاد يخونني الحذر
فلا كتب أسامرها / أذا ما شاقني السمر
ولا نظم ولا نثر / وقد نظموا وقد نثروا
سأقضي العمر في أسر / ويسعد بعد من أسروا
أرى سيواس تغمدني / كأني صارم ذكر
صدأت بها وأحسبني / سأصدأ ما جرى العمر
أيخذلني وإخواني / وينصر خصمنا القدر
فوا لهفي على سرب / تولى رعيه النمر
غدا في أرض مسغبة / جفاها النبت والشجر
قضى راعيه من زمن / وضلت بعده العفر
بقول أحبتي صبراً / وهل في النار يصطبر
عداة الحق قد ربحوا / وأهل الحق قد خسروا
ونحن أمامنا وطن / نراه اليوم يحتضر
فمن يجزع فمعذور / ولكن قل من عذروا
فيا أفق ألتهب حزنا / وجد بالدمع يا مطر
علام نلوم اعداء / على شر إذا قدروا
بلوناهم لدن شبوا / اننساهم إذا كبروا
نصحناهم فما انتصحوا / زجرناهم فما ازدجروا
لقد صلدت قلوبهم / كأن قلوبهم حجر
إذا أتمروا على كيد / فإنا سوف نأتمر
فمن نخشى وفوق العر / ش مهما يغترر بشر
وفي الأيام متسع / وفي الأقدار مدخر
وفي الأجداث معتبر / لو أن الناس تعتبر
وهذا التاج منعفر / غداً والقصر مندثر
رويداً إنها دول / تدول وبعدها أخر
يظل الحق منهزماً / زماناً ثم ينتصر
سيوف الله إن سلت / فلا تبقي ولا تذر
أجبْ فالشعب داعيه دعاكا
أجبْ فالشعب داعيه دعاكا / وأسقط من معاليه أخاكا
وأجزل من حباك الملك شكراً / فقد رحم البلاد بما حباكا
تنزلْ من سمائك وأبدُ فينا / ودع أبصارنا هذي تراكا
ألا طال الحنين إليك شوقاً / كفانا من فراقك ما كفاكا
ثلاثون انقضت وثلاث أخرى / بكاء الشعب فيها من بكاكا
وآواك الزمان لدارٍ حزن / يجمجم سورها عنهُ نداكا
فكنت تحس من بُعد ضناهُ / وكان يحس من بعد ضناكا
وكنت وكان خطبكما سواء / رماهُ المستبد كما رماكا
ولو كنت الخؤون حظيت منهُ / ولو كان الوفيّ رعى أباكا
نقيضك شيمةً وأخو أصلاً / براه الله ليس كما براكا
عزاء أيها النافي الرعايا / ولا تجزع فخالقهم نفاكا
حرمت كراك أعواماً طوالاً / وليتك بعد ذا تلقى كراكا
فما أنا شامت بك حين تُنكى / كمن شمتوا ولكن ذا بذاكا
تفارقك السعادة لا لعود / وقد شاعت خطاها في خطاكا
فدع صرحاً أقمت به زماناً / وقل يا صرح ليست لمن بناكا
ستذكرني طيورك حين تشدو / وتذكر خطرتي فيها رباكا
بلى سيؤمّك الأقوام بعدي / وكنتُ حميت دونهم حماكا
نعم عبد الحميد أندب زماناً / تولى ليس يحمدهُ سواكا
تولى بين أبكار حسان / تعلّق في غدائرها نهاكا
جعلت فداءها الدنيا جميعاً / ومذ ملّكتها جعلت فداكا
وطال سراك في ليل التصابي / وقد أصبحت لم يحمد سراكا
لمن ركبٌ أعدّ هناك ليلاً / يصفّر للنوى هذا نواكا
مكانك فيه ليس مكان ملك / ولكن أنت تحمل ما أتاكا
ستعلم منهُ أنّ النفي مرٌّ / كذلك كنت تنفي من عصاكا
فما نهل بماء فروق يروي / وما أروى الدم الجاري صداكا
بربك هل علمت مجيء يوم / تزفك فيه غالية عداكا
وهل أمّلت أنك سوف تمسي / غداء معاشر كانوا غداكا
ستحيا في سلانيك زماناً / فتحسد فيه عن بعد أخاكا
وتعلم أنّ ملكاً يرتضيه / وليت به ولكن ما ارتضاكا
فإن غشي الكرم جفنيك ليلاً / وعادك تحت طيته أساكا
تمثل في المنام لديك ناسٌ / نخبّر عن دمائهم يداكا
رماهم بالأفول دجاك لما / تبدوا كالكواكب في دجاك
سقيت الغيث يا مثوى مراد / ودمعي قبل ذلك قد سقاكا
خلا القصران ما بهما مقيم / هنا ضيف وضائفه هناكا
وما شغل الغواني مثل دمعي
وما شغل الغواني مثل دمعي / فيا شغلي بدمعي والغواني
فواحدة تقول لقد بكى لي / وواحدة تقول لقد بكاني
وواحدة إذا سمعت أنيني / تقول لمن حضرن لقد عناني
أفاهمة الأنين فدتك روحي / لقد أغنيت عن شرح لساني
إياك أن تلج الظنو / ن إلى فؤادك في وفائي
فيبيت يعرض عن أني / ني في البعاد وعن ندائي
ويزيد دائي في الفؤا / د فلا يزيل الوصل دائي
يل ليت حظي في غرا / مك مثل حظي في بكائي
وداعاً أيها الملك الجليل
وداعاً أيها الملك الجليل / دنا سفر ومهدت السبيل
ستحملك النجائب نحو ملك / كهذا الملك لكن لا يزول
وعرش ليس ترقاه المنايا / وتاج فوق رأسك لا يميل
أهذا الوجه يدركه أفول / نعم والزهر يدركها أفول
ألا فلتبكه مقل الأعالي / وإن كثير أدمعها قليل
لقد عزفت له أمس المعالي / وهذا اليوم نغمتها عويل
سمعت مدافع الأحزان تدوي / فقلت لصحبتي نبأ جليل
وأبصرت البنود منكسات / تقاصر في الفضاء وتستطيل
خوافق كالضمائر في اساها / كأن بها صواريها تشول
واحست حمرها مسحت دموعاً / على بعض الخدود غدت تسيل
رويداً إيها الركب المنائي / لأمر ما تعجلك الرحيل
تسير بمن تشيعه الأماني / لمثواه وتتبعه العقول
تنقل في قصور العزحتى / يكون لقصره الأبقى وصول
وجل بالنعش في أرجاء ملك / كما قد كان صاحبه يجول
فذاك تعلل لو كان يشفي / غليل النفس لانطفأ الغليل
بكى التاميز صاحبه المفدى / فجاوبه هنا هرم ونيل
وباب البحر جف به عباب / وبات البر سلن به سهول
هناك السابحات لها زفير / وثم السابقات لها صهيل
تشابه لا عجات في الخوافي / إذا اختلفت ظواهرها الشكول
لقد هال الورى خطب دهاهم / ولا عجب فذا خطب يهول
قضى أدورد عن مجداثيل / ويبقى بعده المجد الأثيل
فإن ثكلته أمته لحين / فإن لمثله الدنيا ثكول
وإن يك ساءه عمر قصير / فإنا ساءنا حزن طويل
وإن طال الحمام إلى علاه / فثم الهضب تغمرها السيول
فهل في المالكين له مثيل / أما والله ليس له مثيل
سيذكره السلام إذا اضمحلت / قواعده وكاد بها يميل
وتنشده السياسة إن دجتها / دياجي الشك وارتبك الدليل
وتطلبه العواصم لا تراه / وعاصمة البقاء له مقيل
أبا الأحرار لا ينساك حر / شبابهمو يجلك والكهول
رفعت بناءهم وجريت معهم / كذاك الليث تتبعه الشبول
تناديك الشعوب بكل أرض / فليتك سامع ماذا تقول
تناجي منك حاميها المرجى / وصولتها إذا قامت تصول
وهذا اليوم قد خفضت رؤوساً / كزهر الروض يخفضها الذبول
سلام الله يا ادورد منا / عليك وبعد فالصبر جميل
أتصبر والمتيم غير صابر
أتصبر والمتيم غير صابر / وتهجر والمتيم غير هاجر
صدقت فكل حب فيه بدء / يكون وكل حب فيه آخر
أظنك قد هجعت الليل بعدي / ولم تعلم بأني فيه ساهر
سأزجر عن هواك غداً فؤادي / ولا والله لست غداً بزاجر
فزد تيهاً ازد حباً فإني / وإن أسرفت في هجري لشاكر
أفدن صبابة وأفدت وداً
أفدن صبابة وأفدت وداً / فصُنتُ صبابتي وأزلن ودي
كأني لم أبت معهن ليلاً / أطوف بقبلتي في كل خد
ليالي لا الوصال بذي امتناع / ولا دون المقاصر من مرد
عسى الحب النؤوم يهب يوماً / فيأخذ سلوتي ويرد وجدي
فنستجلي النسيب كما اجتلينا / ونخفي رقة الشكوى ونبدي
ونحزن تارة ونسرأخرى / ونهدي بالطلى حيناً ونهدي
ألا يامسرح الآرام اينع / لعلك جامعي بوماً بهند
من اللائي يمتن الصب عمداً / ويحين الضنى عن غير عمد
بفضلي في بني يكن ومجدي / وحسبك مقسماً فضلي ومجدي
قد استبعدني في الحب ظلماً / وسودت الزمان وكان عبدي
أطلت تدللاً واطلت صبراً
أطلت تدللاً واطلت صبراً / كلانا باذل ما يستطيع
لقد أودعت قلبك ما بقلبي / فضاع وكنت أحسب لا يضيع
رددت تضرعي ورددت دمعي / فليس يجاب عندك لي شفيع
فيا ويلاه من قلب عصي / يذوب بحبه قلب مطيع
ويا لهفي على أمل مباح / يدافع دونه بأس منيع
ويا حزني على هذي الأغاني / أرددها وليس لها سميع
اسيدتي الرفيعة إن روحي / يقربها إليك هوى رفيع
وأيام الصفاء وإن توانت / يطارد ركبها نأي سريع
أذا ذهب الربيع ولم أمتع / بنضرته فلا عاد الربيع
دعا فأجبته وطن حبيب
دعا فأجبته وطن حبيب / وقمت مودعاً وطناً حبيباً
سيضى المنزل الداني بعيداً / ويمسي المنزل النائي قريباً
تناقلك المعالي في سراها / صعوداً لا نخاف له صبوباً
لئن جاوزت في البعد المآقي / فلست مجاوزاً فيه القلوبا
سنذكر منك أخلاقاً حساناً / تزيد على النوى حسناً وطيباً
ونتبعك الثناء بكل أرض / يقوم إذا نزلت بها خطيباً
فيملأ صدقه أذناً سميعاً / ويطرب صدقه قلباً طروباً
ويجري في نشيدهم مديحاً / ويقطر في نفوسهم نسيباً
لقد أمتعتها بالسلم حتى / تكاد اليوم لا تدري الحروبا
فعش يا مسكويل لود مصر / ونرجو بعد ذلك أن تؤوبا