المجموع : 19
أَتاني في قميصِ اللاذِ يَسعى
أَتاني في قميصِ اللاذِ يَسعى / عدوٌّ لي يلقَّبُ بالحبيبِ
فقلتُ من التعجب كيف هذا / بِلا واشٍ أَتيتَ وَلا رَقيبِ
فقالَ الشمسُ أَهدتْ لي قَميصاً / غريبَ اللَّوْنِ من شَفَقِ الغُرُوبِ
فَثَوْبي والمُدامُ وَلونُ خَدِّي / قريبٌ مِنْ قريبٍ مِنْ قَرِيبِ
تَجَمَّشَهُ بلحظِ الطَّرفِ كَفِّي
تَجَمَّشَهُ بلحظِ الطَّرفِ كَفِّي / فأَخجلَهُ مِنَ النَّظرِ المُريبِ
وقال القلبُ هَبْ لي منه حظّاً / فَرَدَّ الطَّرْفُ بالعَجَبِ العَجيبِ
إِذا كانتْ حياتي طَوعَ أَمري / أُسلِّمُها إلى غيرِ الحَبيبِ
فَكانَ مقالُه أَحلى لروحي / مِنَ الصادي إِلى الماءِ القَريبِ
ويا دائي أَتَرجو بعد يأسٍ / فَما الشكوى إلى غير المجيبِ
وما خوفي عَلَى رُوحي وَلَكنْ / عليهِ منْ معاقبةِ الذنوبِ
بَلِيتُ لأَنَّني بكَ قَدْ بُلِيتُ
بَلِيتُ لأَنَّني بكَ قَدْ بُلِيتُ / فَلَسْتُ بِمُنْتَهٍ مِمَّا نُهيتُ
أُلامُ وقَدْ أَصَمَّ الحُبُّ سَمْعِي / وَيُرْشِدُني العَذُولُ وقَدْ عَمِيتُ
وَأَنْحَلَني فَلَو إِنْسانُ عَيني / تَضَمَّنَ جَفنُهُ جِسْمِي خَفِيتُ
وَلَيْلٍ مِثلِ يَوْمِ البَيْنِ طُولا
وَلَيْلٍ مِثلِ يَوْمِ البَيْنِ طُولا / كَواكِبُهُ إِذا أَفَلَتْ تَعُودُ
يُدافِعُ نَوْمَها فِيهِ انْتِباهٌ / فَأَعْيُنُها مُفَتَّحَةٌ رُقُودُ
ولَيلٍ مثلِ يومِ البَيْنِ طُولاً
ولَيلٍ مثلِ يومِ البَيْنِ طُولاً / كأَنَّ ظَلامَهُ لَوْنُ الصُّدودِ
بياضُ هِلالِهِ فيهِ سَوادٌ / كَإِثْرِ اللَّطمِ في يَقَقِ الخُدودِ
أَتاني زائِراً مَنْ كانَ يُبدي
أَتاني زائِراً مَنْ كانَ يُبدي / لِيَ الهَجْرَ الطويلَ وَلا يَزورُ
فقالَ النَّاسُ لمَّا أَبصَرُوهُ / لِيهْنِكَ زارَكَ البَدْرُ المُنيرُ
فقلتُ لَهُمْ ودمعُ العَيْنِ يجري / عَلى خَدِّي لَهُ دُرٌّ نَثيرُ
متى أَرْعى رِياضَ الحُسْنِ منهُ / وَعَيْني قَدْ تَضَمَّنَها غَديرُ
ولو نَصَبوا رَحى بإِزاءِ دَمعي / لَكَانَتْ مِنْ تَحَدُّرِهِ تدورُ
ذُلِّيَ في حُبِّكَ ما يُذْكَرُ
ذُلِّيَ في حُبِّكَ ما يُذْكَرُ / وَوَجْدُ قَلْبي بِكَ لا يَفْتُرُ
أَنْفاسُ قَلْبي رِيحُها عاصِفٌ / وَصَحنُ خَدِّي أَبداً يمطرُ
ومُنهَتِكٍ لَهُ نَظَرٌ
ومُنهَتِكٍ لَهُ نَظَرٌ / يَصُونُ مَوَاقِعَ النَّظَرِ
هِلالٌ لَوْ بَدا للسَّفْ / رِ أَغْناهُمْ عَنِ السَّفَرِ
فَوَا وَيْلاهُ مِنْ قَمَرٍ / يُريكَ مَساوِئَ الْقَمَرِ
كَتَبْتُ إِلَيْكُمُ بِيَدِ الدُّموعِ
كَتَبْتُ إِلَيْكُمُ بِيَدِ الدُّموعِ / وَما أَمْلى سِوى قَلْبي المَرُوعِ
أَرى آثارَكُمْ فَأَذُوبُ شَوقاً / وَأَسْكُبُ في مَوَاطِنِكُمْ دُمُوعي
وأَسْأَلُ مَنْ بِبَيْنِكُمُ رَمَاني / يَمُنُّ عَلَيَّ مِنْكُمْ بِالرُّجُوعِ
تَنَفَّسْتُ الغَداةَ وَقَدْ تَوَلَّوْا
تَنَفَّسْتُ الغَداةَ وَقَدْ تَوَلَّوْا / وعِيرُهُمُ مُعارِضَةُ الطَّريقِ
فَنَادَوْا بِالحَريقِ فَظِلْتُ أَبْكي / فَنادَوا بِالحَريقِ وبِالغَريقِ
تَدَارَكَهُ عَلَى أَسَفٍ
تَدَارَكَهُ عَلَى أَسَفٍ / تَأَسُّفُهُ عَلَى دَرَكِهْ
وَكَانَ الفَجْرُ مُبْيَضّاً / غُدافُ اللَّيْلِ مِنْ شَرَكِهْ
أَغارُ عَلَيْكَ مِنْ نَظَري وَإِنِّي
أَغارُ عَلَيْكَ مِنْ نَظَري وَإِنِّي / لأَخْشى ناظِرَيْكَ عَلَيْكَ مِنْكا
لَقَدْ نَطَقَتْ مَحاسِنُهُ بِعُذري / فَأَخْرَسَ عَاذِلي بِالعَذْلِ عَنْكا
أَمُوتُ مِنَ الصَّبابَةِ ثُمَّ أَحْيَا / كَذاكَ الحُبُّ أَضْحَكَنِي وَأَبْكى
بَخِلْتَ بِوَقْفَةٍ أَشْكُوكَ فيها
بَخِلْتَ بِوَقْفَةٍ أَشْكُوكَ فيها / إِلَيْكَ وَأَيُّ عُذْرٍ لِلْبَخِيلِ
وَلَمْ يَكُ في الوُقُوفِ عَلَيْكَ عَارٌ / وَقَدْ يَقِفُ العَزِيزُ عَلَى الذَّلِيلِ
أَجِرْني مُتُّ قَبْلَكَ مِنْ زَمانٍ / رَمَاني مِنْهُ بِالخَطْبِ الجَلِيلِ
رأى ذُلِّي فَأَعْرَضَ وَاسْتَطالا
رأى ذُلِّي فَأَعْرَضَ وَاسْتَطالا / وَآلى لا يُكَلِّمُني دَلالا
وَكانَ يَزُورُني مِنْهُ خَيالٌ / فَلَمَّا أَنْ جَفَا مَنَعَ الخَيالا
أَزِيدُ صَبَابَةً في كلِّ يَوْمٍ / كَما تَزْدَادُ طَلْعَتُهُ جَمَالا
وَمَا أَبْقَى الهَوى وَالشَّوْقُ مِنِّي
وَمَا أَبْقَى الهَوى وَالشَّوْقُ مِنِّي / سِوى رُوحٍ ترَدّدُ في خيَالِ
خَفِيتُ عَنِ النَّوائِبِ أَنْ تَراني / كأنَّ الرُّوحَ مِنِّي في مُحَالِ
تَبارَكَ مَنْ كَسَا خَدَّيْكَ وَرْداً
تَبارَكَ مَنْ كَسَا خَدَّيْكَ وَرْداً / تَطَلَّعَ مِنْ فُرُوعِ اليَاسَمِينِ
وِصَالُكَ جَنَّتِي وَجَفَاكَ نارِي / وَوَجْهُكَ قِبْلَتِي وَهَوَاكَ دِيني
أَكُلُّ النَّاسِ تَمْطُلُهُمْ بِدَيْنٍ / لَقَدْ أَوْثَقْتَ نَفْسَكَ بِالدُّيُونِ
وَنَارَنْجٍ تَميلُ بِهِ غُصُونٌ
وَنَارَنْجٍ تَميلُ بِهِ غُصُونٌ / فَيَغْدُو مَيْلُها كَالصَّوْلَجانِ
أُشَبِّهُهُ ثَدَايا ناهِداتٍ / غَلائِلُها صُبِغْنَ بِزَعْفَرانِ
عَلِيلُ القَلْبِ وَالبَدَنِ
عَلِيلُ القَلْبِ وَالبَدَنِ / بَعِيدُ الدَّارِ وَالسَّكَنِ
بَكى وَشَكا تَشَتُّتَهُ / عَنِ الأَحْبابِ وَالوَطَنِ
وَمَنْ أَعْطى أَزِمَّتَهُ / بِلا مَنْعٍ يَد الزَّمَنِ
فَذَاكَ يَبِيعُ لَذَّتَهُ / مِنَ الدُّنْيا بِلا ثَمَنِ
بَدِيعٌ ذَابَ مِنْ نَظَرِي إِلَيْهِ
بَدِيعٌ ذَابَ مِنْ نَظَرِي إِلَيْهِ / وَذُبْتُ صَبَابَةً أَبَداً عَلَيْهِ
فَلَوْلا دِقَّةٌ في الخَصْرِ مِنْهُ / لَكَانَ الجَوُّ يَجْذِبُهُ إِلَيْهِ