المجموع : 38
وأحورَ بارزتْنِي مقلتَاه
وأحورَ بارزتْنِي مقلتَاه / بسيفٍ لا يُرَدُّ عن القلوبِ
فصرعاهُ ولا صرعَى خطوبٍ / وقتلاهُ ولا قتلَى حروبِ
أقولُ له وقد أحصَى ذنوباً / عليّ مقالةَ المَلِقِ الخَلُوبِ
فديتُكَ قد سفكتَ دمي بسيفٍ / على المهجاتِ فَتَّاكٍ وثُوبِ
فلا تعدُدْ ذنوبِيَ بعدَ هذا / فإن السيفَ محَّاءُ الذنوبِ
تحاكَمْنَا إِلى نُوَبِ الليالي
تحاكَمْنَا إِلى نُوَبِ الليالي / على رغمِ الصِّبَا أنا والمشيبُ
فقد شهِدتْ له بالزور بِيضٌ / طوالِعُ في عِذاري لا تغيبُ
وقام بنُصرتِي والذَبِّ عَنِّي / سِنِيَّ وعهدُ مولديَ القريبُ
وعدتُ وقد قضَيْنَ عليَّ جَوراً / لِشيبي والصِّبَا غَضٌّ قشِيبُ
ومن يرجِعْ إِلى الحُكَّامِ فيما / عراهُ فهو يغنَمُ أو يَخِيبُ
أرى الأيامَ تُمعِنُ في عِنادي
أرى الأيامَ تُمعِنُ في عِنادي / وتُنْحِي بالملمّاتِ الصعابِ
فلا مولىً يُصيخُ إِلى نِدائي / ولا خِلٌّ يَرِقُّ لسوءِ ما بي
ولو أنّي دعوتُ بحالتَيْها / معينَ المُلْكِ لم أُبطِئْ جوابي
عسى الأيامُ تُطْلِعُه علينا / طلوعَ الشمسِ من خَللِ السَّحَابِ
فنكرعُ في مواردِه الطَّوامِي / ونسرحُ في مراتعِه الرِّحابِ
رُوَيْدَكَ فالهمومُ لها رِتَاجُ
رُوَيْدَكَ فالهمومُ لها رِتَاجُ / وعن كَثَبٍ يكونُ لها انفراجُ
ألم تَرَ أنَّ طولَ الليلِ لمَّا / تناهَى حان للصُّبْحِ انبلاجُ
أقول لصاحبي ما الرأيُ فيما
أقول لصاحبي ما الرأيُ فيما / أَبثُّكَ فابذُلِ النصحَ الصريحا
أُراني بائعاً قلبي بقلبٍ / ومن ذا يشتري القلب القريحا
فانْ يكسُدْ عليَّ ولم أبِعْهُ / رميتُ به عسى أنْ أسترِيحَا
فقال الرأيُ عندي أن تُداري / على عِلّاته القلبَ الجريحا
فما في الحقِّ أن يشقَى عليلاً / لديكَ وقد سعِدتَ به صحيحا
أتسعَى هكذا أبَدا
أتسعَى هكذا أبَدا / وتأمُلُ عيشةً رغَدَا
وهَبْكَ ملكتَ رزقَ غدٍ / فمنْ لكَ بالحياةِ غَدَا
مَراضيعٌ من الريحانِ تُسْقَى
مَراضيعٌ من الريحانِ تُسْقَى / سقيطَ الطَّلِّ أو دَرَّ العِهادِ
ملابسُهُنَّ خُضْرٌ مشبعاتٌ / ضربنَ بلونهنَّ إِلى السوادِ
إِذا ذَرَّتْ عليها المِسْكَ ريحٌ / رَخَاءٌ نفَّضَتْه يَدُ الغَوادي
تخللها الرياحُ فسرَّحَتْها / صنيعَ المُشْطِ باللِّمَمِ الجِعَادِ
جَرَتْ وَهْناً بها وسَرَتْ عليها / فطابَ نسيمُها في كُلِّ وادي
أقولُ لهُ وأنضاءُ المِهارِ
أقولُ لهُ وأنضاءُ المِهارِ / طلائحُ قد ونينَ من السِّفَارِ
تعزَّ أخا العُرَيْبِ فما بنجدٍ / لنا أخرى الليالي من قَرارِ
أتطمعُ في شَميمِ عَرارِ نجدٍ / وهل بعدَ العشيّةِ من عَرارِ
ستطْلُبُ منهُمُ داراً بدارٍ / وترضى دونَهم جاراً بجار
وما فارقتُهمْ طوعاً ولكنْ / قضاءٌ ما ملكتُ لهُ اختياري
همومٌ قد مُنِيتُ بها طِوالٌ / لأيام مَضَيْنَ به قِصارِ
ألمْ تَرَ أَنّ جُنْدَ الوردِ وافَى
ألمْ تَرَ أَنّ جُنْدَ الوردِ وافَى / بصُفْرٍ من مَطارفِهِ وحُمْرِ
أتَى مستلْئِماً في الشوكِ منهُ / نِصالَ زُمُرَّدٍ وتِراسَ تِبْرِ
فجلَّى بالسرورِ هُمومَ قلبي / وطاردَ بالنشاطِ بناتِ صدري
فما عذري إِذا أنا لم أقابِلْ / أياديَهُ بشُكْرٍ أو بسُكْرِ
حُرِمْتُكِ إذ رُزِقْتُكِ بعدَ حِرْصٍ
حُرِمْتُكِ إذ رُزِقْتُكِ بعدَ حِرْصٍ / كذاكَ يكون حِرمانُ الحريصِ
وقُمتِ عليَّ بالغالي ولكن / تناولَكِ المنيةُ بالرخيصِ
لقد سبقَ القضاءُ برغمِ أنفي / وليس على المقدَّرِ من محيصِ
يقولون اصطبِرْ وتعزَّ عنها / وكيف عزاءُ مطعونِ الفريصِ
ولو أني قدرتُ شققتُ قلبي / فكيف أُلامُ في شَقِّ القميصِ
إِذا ما لم تكنْ ملكاً مُطَاعَاً
إِذا ما لم تكنْ ملكاً مُطَاعَاً / فكنْ عبداً لخالقِه مُطِيعَا
وإِن لم تملكِ الدنيا جميعاً / كما تختارُ فاتركْهَا جميعَا
وكنْ مَلِكاً حوَى مُلكاً كبيراً / بها أو ناسكاً سكنَ البقيعَا
كذاك الفيلُ إِمّا عند مَلْكٍ / وإِمّا في فيافيهِ نزيعَا
هما سِيّانِ من مُلكٍ ونُسْكٍ / يُنيلان الفتَى الشرفَ الرفيعَا
ومن يقنعْ من الدنيا بشَيءٍ / سِوى هذينِ عاش بها وضِيعَا
فدَعْ عنك التوسطَ فالمعالي / يفوزُ بهنَّ من طلبَ المنيعَا
وهمَّكَ في التزهُّدِ فهو خيرٌ / من المُلكِ الذي يفنَى سريعا
يُخوِّفُنِي فراقُكَ وهو مِمَّا
يُخوِّفُنِي فراقُكَ وهو مِمَّا / هممتُ بهِ على حَبْلِ الذِراعِ
رويدَكَ فالسُلوُّ له دَواعٍ / كما أنَّ الغرامَ له دواعي
سأسلُو عنك بعد اليوم يأساً / إِذا لم يُسلني ملل الطِبَاعِ
ألم تَرَ أنني من قبلِ هذا / سلوتُ عن الشبيبةِ والرِّضاعِ
وعلَّمني مصاحبةُ الليالي / نزوعَ النفسِ من بعدِ النِزَاعِ
إِذا لم يُرْضِني حُبٌّ جَبانٌ / فزعتُ بهِ إِلى صبرٍ شُجَاعِ
ظُلومٌ لَيسَ يُنصِفُني
ظُلومٌ لَيسَ يُنصِفُني / يُواعِدُني فَيُخلِفُني
يَضِنُّ بِما أُكَلِّفُهُ / وَأَبذُلُ ما يُكَلِّفُني
يَقولُ وَقَد شَكَوتُ إِلَي / هِ ما أَلقى أَتَعرِفُني
فَقُلتُ لَهُ أَأُنكِرُ مَن / يُعَذِّبُني وَيُتلِفُني
لَعمرُكَ ما أُغِبُّكَ عن فُتورٍ
لَعمرُكَ ما أُغِبُّكَ عن فُتورٍ / بوُدِّكَ أو قصورٍ عن هَواكا
ولكنّي استنبتُ ضميرَ قلبي / لديكَ فصارَ لي عيناً تراكا
ولو فتشتَ عن مكنونِ سِرِّي / نظرتَ فلم تجدْ فيه سِواكا
ولا واللّهِ ما بي من سكُونٍ / إِذا ما كنتَ لا تقوى حَرَاكا
أعيشُ تجلُّداً وأموتُ شوقاً
أعيشُ تجلُّداً وأموتُ شوقاً / وحظِّي منكمُ أبداً قليلُ
إِذا العذبُ الزلالُ كَرعتُ فيهِ / شَرِقْتُ بهِ ولم يُروَ الغليلُ
ألا من للغريب يَنالُ منه / جوىً ما بين أضلعِه دخيلُ
يحِنُّ إِذا الحَمامُ الوُرقُ حنَّتْ / ويطرَبُ كلّما هبّت قَبُولُ
ويطوي صبرَهُ ريحٌ شَمالٌ / وينشُرُ وجدَهْ راحٌ شَمولُ
وإنَّ بمسقطِ العلمين ماءً / نميراً دونَهُ ظِلٌّ ظليلُ
حمام ليس لي فيهنَّ وردٌ / وظلٌّ ليس لي فيه مَقِيلُ
هواهُ أقرَّ بالمكروهِ عيني
هواهُ أقرَّ بالمكروهِ عيني / وعلَّمني التعلُّلَ بالمحالِ
وغادرَ نشوةً في أمِّ رأسي / فلستُ أُفيقُ غابرةَ الليالي
أُسَرُّ بأن يبيتَ بخيرِ حالٍ / ولو أني أبِيتُ بشرِّ حالِ
وأعذرُه على غَضَبِ التَّجَنّي / وأشكُره لهجرانِ الدلالِ
وتُعجبُنِي المواعدُ كاذباتٍ / لتردادي إليه على المِطالِ
وعاش وزيرُكمْ هذا زماناً
وعاش وزيرُكمْ هذا زماناً / فآذى الناسَ مدّتُهُ الطويلَهْ
وكان أبوك فوقَ الشمسِ نوراً / وقد كسفَتْهُ عقدتهُ الثقيلَهْ
خزائِنُهُ المصونةُ صِرْنَ نَهْباً / على يدهِ وعُدَّتُه الجزيلَهْ
فعاجِلْهُ بعزلٍ أو بقتلٍ / وَحِيٍّ فهيَ عادتُك الجميلَهْ
وكايلْ شُؤْمهُ صاعاً بصاعٍ / ومن يغلِبْ فإن له الفضيلَهْ
لفقدِ أخٍ كفقدِ البدرِ لمَّا
لفقدِ أخٍ كفقدِ البدرِ لمَّا / تكاملَ واستوى بين النُّجومِ
تصاحَبْنَا على حُبٍّ عفيفٍ / فصار بنا إِلى وُدٍّ كريمِ
ولم يكُ شكلُه شكلي ولكنْ / جناياتُ القلوبِ على الجُسومِ
رَضِيتُ به من الدنيا نصِيباً / فصار الدهرُ فيهِ من خصومي
بَنَيْتُ بها فما استكملتُ عُرْسِي
بَنَيْتُ بها فما استكملتُ عُرْسِي / إِلى أن قيلَ مأتمُها أُقِيما
يعزُّ عليَّ أنْ آنستِ قبراً / حللتِ به وأوحشتِ الحريما
فيا لَكَ منزلاً قد عادَ قَفْراً / ويا لكِ جنّةً صارت جحيما
وكنتُ إِذا اعتراني الهمُّ آوي / إِلى بيتي فيُنْسيني الهُموما
فصِرتُ إِذا أوَيتُ على نشاطٍ / إليهِ هاجَ لي وجداً قديما
فلو أنَّ الدموعَ كلمنَ خَدَّاً / تركن بصفحتَيْ خدِّي كُلوما
ولو أنَّ الهمومَ جلبنَ حَتْفَاً / بعيداً كنتُ مُذْ زمنٍ رَمِيما
وجادَ لنا الزمانُ بجمعِ شملٍ
وجادَ لنا الزمانُ بجمعِ شملٍ / تألَّفَ بعدَ ما انقطعَ النِظامُ
مُدامٌ تُشبهُ التفاحَ ذوباً / وتُفاحٌ كما جَمدَ المُدُامُ
ومن نسجِ الربيعِ محبَّراتٌ / تأنَّقَ في حواشيها الغَمامُ
وأصوات المثالثِ والمثاني / كما سجَعتْ على الأيكِ الحمامُ
وريّانُ الصِبّا للحُسْنِ فيهِ / بدائعُ لا يُحيطُ بها الكلامُ
له من فتلِ صدغيهِ نجادٌ / ومن ألحاظِ عينيهِ حُسَامُ
ومجلسُنا على ما فيه يُرمَى / بنُقصانٍ وأنتَ له تَمامُ
ولا تعتلَّ بالأشغالِ واحضرْ / على عَجَلٍ وإِلّا فالسلامُ