المجموع : 5
قِفي قَبلَ التفَرُّقِ يا أُماما
قِفي قَبلَ التفَرُّقِ يا أُماما / ورُدِّي قَبلَ بَينكم السَّلاما
طَرِبتُ وشاقني يا أُمَّ بَكرٍ / دُعاءُ حَمامَةٍ تَدعو حَماما
فَبِتُّ وَباتَ هَمّي لي نَجيّاً / أُعزّي عَنكِ قَلباً مُستَهاما
إِذا ذُكِرت لِقَلبكِ أُمُّ بَكرٍ / يَبيتُ كَأَنَّما اِغتَبَقَ المُداما
خَدَلَّجةٌ تَرِفُّ غروبُ فيها / وَتَكسو المتنَ ذا خُصَلٍ سُخاما
أَبى قَلبي فَما يَهوى سِواها / وَإِن كانَت مودَّتُها غَراما
يَنامُ اللَّيلَ كُلُّ خَلِيِّ هَمٍّ / وَتأَبى العَينُ مِنّي أَن تَناما
أُراعِي التالِياتِ مِن الثرَيّا / وَدَمعُ العَينِ مُنحَدِرٌ سِجاما
عَلى حين اِرعويتُ وَكانَ رأسي / كَأَنَّ عَلى مفارِقِه ثَغاما
سَعى الواشونَ حَتّى أَزعَجوها / وَرَثَّ الحَبلُ فاِنجذمَ اِنجِذاما
فَلَستُ بِزائِلٍ مادُمتُ حَيّا / مُسرّاً من تذكرِها هُياما
تُرَجِّيها وَقَد شَطَّت نَواها / وَمَنَّتكَ المُنى عاماً فَعاما
خَدَلَّجةٌ لَها كَفَلٌ وَبوصٌ / يَنوءُ بِها إِذا قامَت قِياما
مُخَصَّرَةٌ ترى في الكَشحِ مِنها / عَلى تَثقيلِ أَسفَلِها اِنهِضاما
لَها بَشَرٌ نَقيُّ اللَّونِ صافٍ / وَأَخلاقٌ تَشينُ بِها اللِّئاما
وَنَحرٌ زانَهُ دُرٌّ حَليٌّ / وَياقوتٌ يُضَمِّنُهُ النِّظاما
إِذا اِبتَسَمت تَلألأَ ضَوءُ بَرقٍ / تَهَلَّلَ في الدجُنَّةِ ثُمَّ داما
وَإِن مالَ الضَّجيعُ فَدِعصُ رَملٍ / تَداعى كَأَنَّ مُلتَبِداً هَياما
وَإِن قامَت تأمَّلَ مَن رآها / غَمامَةَ صَيفٍ وَلجَت غَماما
وَإِن جَلست فَدُميَةُ بَيتِ عيدٍ / تُصانُ فَلا تُرى إِلا لِماما
إِذا تَمشي تَقولُ دَبيبَ سَيلٍ / تَعرَّجَ ساعَةً ثُمَّ اِستَقاما
فَلَو أَشكو الَّذي أَشكو إِلَيها / إِلى حَجَرٍ لراجَعني الكَلاما
أُحِبُّ دنُوَّها وَتحِبُّ نَأيي / وَتَعتامُ الثناءَ لَها اعتِياما
كَأَنّي مِن تَذكُّرِ أُمِّ بَكرٍ / جَريحُ أَسِنَّةٍ يَشكو كِلاما
تَساقَطُ أَنفُساً نَفسي عَلَيها / إِذا سَخِطت وَتغتَمُّ اِغتِماما
غَشيتُ لَها مَنازِلُ مُقفِراتٍ / عَفَت إِلا أَياصِرَ أَو ثُماما
وَنؤياً قَد تَهَدَّمَ جانِباهُ / وَمَبناها بِذي سَلَمِ الخِياما
كَأَنَّ البختَريَةَ أم خِشفٍ / تَرَبَّعَتِ الجُنَينَةَ فالسلاما
تَطوفُ بِواضِحِ الذِّفرى إِذا ما / تَخَلَّفَ ساعَةً بغمت بُغاما
صِليني واِعلمي أَنّي كَريمٌ / وَأَنَّ حَلاوَتي خُلِطَت عُراما
وَأَنّي ذو مدافعةٍ صَليبٌ / خُلِقتُ لِمَن يضارِسُني لِجاما
فَلا وَأَبيك لا أَنساكِ حَتّى / تُجاوِرَ هامَتي في القَبرِ هاما
لَقَد عَلِمت بَنو الشَّدّاخِ أَنّي / إِذا زاحَمتُ اِضطَلِعُ الزِّحاما
فَلَستُ بِشاعرِ السَّفسافِ مِنهم / وَلا الجاني إِذا أشِرَ الظَلاما
وَلَكِنِّي إِذا حارَبتُ قَوماً / عَبأتُ لَهُم مذكرةً عُقاما
أَقِي عِرضي إِذا لَم أَخشَ ظُلماً / طَغامَ الناسِ إِنَّ لهَمُ طَغاما
إِذا ما البَيتُ لَم تُشدَد بِشيءٍ / قَواعِدُ فرعه اِنهَدَمَ اِنهِداما
سأُهدي لابنِ ربعيٍّ ثَنائي / وَمِمّا أَن أَخصَّ بِهِ الكِراما
لعِكرِمةُ بنُ رَبعيّ إِذا ما / تَساقا القَومُ بالأَسَلِ السِّماما
أَشَدُّ حَفيظَةً مِن لَيثِ غابٍ / تَخالُ زَئيرَهُ اللجبَ اللُّهاما
أَخو ثِقَةٍ يُرى بَيني المَعالي / يَضيمُ وَيَحتَمي مِن أَن يُضاما
يَرى قَولاً نَعَم حَقّاً عَلَيهِ / وَقَولاً لا لِسائِلِهِ حَراما
فَتى لا يَرزأُ الخُلانَ إِلا / ثَناءَهُم يرى بِالبُخلِ ذاما
كَأَنَّ قدورَهُ مِن رأسِ ميلٍ / عَلى عَلياءَ مشرفَةٍ نَعاما
تَظَلُّ الشارِفُ الكَوماءُ فيها / مُطبَّقَةً مَفاصِلُها عِظاما
يُحَسُّ وَقودُها بِعِظامِ أُخرى / فَلا ينفكُّ يَحتَدِمُ اِحتِداما
كَأَنَّ الطائِفينَ بِها صَوادٍ / رأت رِيّا وَقَد وردت هُياما
لَو اَنَّ الحَوشبينِ لَهُ لَكانا / لمن يَغشى سُرادِقَهُ طَعاما
لَقَد جارَيتُما يا ابنَي رُوَيمٍ / هَزيمَ الغَربِ يَنثَلِمُ اِنثِلاما
يُقَصِّرُ سَعيُ أَقوامٍ كِرامٍ / وَيأبى مَجدُه إِلا تَماما
لَهُ بَحرٌ تَغَمَّدَ كُلَّ بَحرٍ / فَما عدلَ الدَّوارِجَ وَالسناما
يَرى لِلضَيفِ وَالجيرانِ حَقّاً / وَيَرعى في صَحابَتِهِ الذِّماما
إِذا بَرَدَ الزمانُ أَهانَ فيهِ / عَلى المَيسورِ وَالعُسرِ السَّواما
يُسابِقُ بالتلادِ إِلى المَعالي / حِمامَ النَّفسِ إِنَّ لَها حِماما
أَغَرُّ تَكَشَّف الظلماء عَنهُ / يَعِزُّ مِن المَلامَةِ أَن يُلاما
نَما ونمت بهم أَعراقُ صِدقٍ / وَحيٌّ كانَ أَوَّلُهم زِماما
كَأَنَّ الجارَ حينَ يَحلُّ فيهم / عَلى الشُمِّ البَواذِخ مِن شَماما
يُقيمونَ الضرابَ لِمَن أَتاهُم / وَنارُ الحَربِ تَضطَرِمُ اِضطِراما
هُوَ المُعطي الكِرامَ وَكُلَّ عَنسٍ / صَموتٍ في السُّرى تَقِصُ الأَكاما
وَخِنذيذٍ كَمَرِّيخِ المُغالي / إِذا ما خَفَّ يَعتَزِمُ اِعتِزاما
طَويلِ الشخص ذي خُصَلٍ نَجيبٍ / أَجَشّ تَقُطُّ زفرتُه الحِزاما
فَلَم أرَ سوقةً يُربي عَلَيهِ / بِنائِلِهِ وَلا مَلِكاً هُماما
أَجَدَّ اليَوم جيرَتُكَ اِحتِمالا
أَجَدَّ اليَوم جيرَتُكَ اِحتِمالا / وَحَثَّ حُداتهم بِهِم الجِمالا
فَلَم يَأووا لِمن تَبَلوا وَلَكِن / تَوَلَّت عيرُهم بِهِم عِجالا
وَقطَّعتِ النَّوى أَقرانَ حَيٍّ / تَحَمَّلَ عَن مَساكِنه فَزالا
عَلَوا بالرَّقمِ وَالدِّيباجِ بُزلاً / تَخَيَّلُ في أَزِمَّتِها اِختِيالا
وَفي الأَظعانِ آنسةٌ لَعوبٌ / تَرى قَتلي بِغَيرِ دَمٍ حَلالا
حَباها اللَّهُ وَهيَ لِذاكَ أَهلٌ / مَع الحَسَبِ العَفافةَ وَالجَمالا
أُمَيَّةُ يَومَ دارِ القَسرِ ضَنَّت / عَلَينا أَن تُتَوِّلنا نَوالا
دَنَت حَتّى إِذا ما قُلتُ جادَت / أَجَدَّت بَعدُ بُخلاً واِعتِلالا
لَعَمرُكَ ما أُمَيَّةُ غَيرُ خِشفٍ / دَنا ظِلُّ الكِناسِ لَهُ فَقالا
إِذا وَعدتكَ مَعروفاً لَوَتهُ / وَعَجَّلَتِ التَّجَرُّمَ وَالمِطالا
تُذَكِّرُني ثَناياها مِراراً / أَقاحي الرَّملِ باشرتِ الطِّلالا
لَها بَشَرٌ نَقيُّ اللَّونِ صافٍ / ومتنٌ خُطَّ فاِعتَدَلَ اِعتِدالا
إِذا تَمشي تأوَّدُ جانِباها / وَكادَ الخصرُ يَنخَزِلُ اِنخِزالا
فَإِن تُصبِح أُمَيَّةُ قَد تَوَلَّت / وَعادَ الوَصلُ صُرماً وَاِعتِلالا
تنوءُ بِها رَوادِفُها إِذا ما / وِشاحاها عَلى المَتنين جالا
فَقَد تَدنو النَوى بَعدَ اِغتِرابٍ / بِها وَتُفَرِّقُ الحَيَّ الحلالا
تُعَبِّسُ لي أُمَيَّةُ بَعدَ أُنسٍ / فَما أَدري أَسُخطاً أَم دَلالا
أَبيني لي فَرُبَّ أَخٍ مُصافٍ / رُزِئتُ وَما أُحِبُّ بِهِ بدالا
أَصُرمٌ مِنكِ هَذا أَم دَلالٌ / فَقَد عَنّى الدلالُ إِذن وَطالا
أَمِ اِستَبدلتِ بي وَمَللتِ وَصلي / فبُوحي لي بِهِ وَذَري الخِتالا
فَلا وَأَبيكِ ما أَهوى خَليلاً / أُقاتِلُه عَلى وَصلي قِتالا
فَكَم مِن كاشِحٍ يا أُمَّ بَكرٍ / مِن البَغضاءِ يأتَكِلُ اِئتِكالا
لَبِستُ عَلى قَنادِعَ مِن أَذاهُ / وَلولا اللَّهُ كُنتُ له نَكالا
يَقولُ فَتىً وَلَو وَزَنوهُ يَوماً / بِحَبَّةِ خَردَلٍ رَجَحَت وَشالا
أَنا الصقرُ الَّذي حُدِّثتَ عَنهُ / عِتاقُ الطَّيرِ تَندَخِلُ اِندِخالا
قَهرتُ الشعرَ قَد عَلِمَت مَعَدٌّ / فَلا سَقَطاً أَقولُ وَلا اِنتِحالا
وَمَن يَدنو وَلَو شَطَّت نَواكُم / لَكم في كُلِّ مُعظَمةٍ خَيالا
تَزورُ وَدونَها يَهماءُ قَفرٌ / تَشَكَّى الناعِجاتُ بِها الكَلالا
تَظَلُّ الخِمسُ ما يُطعَمنَ فيهِ / وَلَو مَوَّتنَ مِن ظَمإٍ بِلالا
سِوى نُطَفٍ بِعَرمَضِهِنَّ لَونٌ / كَلَونِ الغِسلِ أَخضَرَ قَد أَحالا
بِها نَدرأ قوادمَ مِن حَمامٍ / مُلقّاةٍ تُشَبِّهُها النِّصالا
إِذا ما الشَّوقُ ذَكَّرَني الغَواني / وأسوقها المُمَلأَةَ الخِدالا
وَأَعناقاً عَلَيها الدرُّ بيضاً / وأعجازاً لَها رُدُحاً ثِقالا
ظَلَلتُ بذكرِهِنَّ كَأَنَّ دَمعي / شَعيباً شَنَّة سرباً فَسالا
رَأَيتُ الغانِياتِ صَدَفنَ لَمّا / رَأَينَ الشَّيبَ قَد شَمِلَ القَذالا
سَقى أَرواحَهُنَّ عَلى التنائي / مُلِحُّ الوَدقِ يَنجَفِلُ اِنجِفالا
إِذا أَلقى مَراسِيهُ بِأَرضٍ / رأَيتَ لسيرِ رَيِّقِه جفالا
يُزيلُ إِذا أَهَرَّ بِبَطنِ وادٍ / أُصولَ الأثلِ وَالسُّمُرَ الطِّوالا
عَلى أَنَّ الغَوانيَ مُولَعاتٌ / بأن يَقتُلنَ بالحَدَقِ الرِّجالا
إِذا ما رُحنَ يَمشينَ الهُوَينا / وَأَزمَعنَ المَلاذَةَ وَالمِطالا
تَرَكنَ قُلوبَ أَقوامٍ مِراضاً / كَأَنَّ الشوقَ أَورثَهُم سُلالا
قَصدنَ العاشِقينَ بنَبلِ جِنٍّ / قَواصِدَ يَقتَتِلنَهُمُ اِقتِتالا
كَواذِبُ إِن أُخِذنَ بِوَصلِ وُدٍّ / أَثَبنَكَ بَعدَ مُرِّ الصَّرمِ خالا
فَلَستُ بِراجعٍ فيهِنَّ قَولاً / إِذا أَزمَعنَ لِلصرمِ اِنتِقالا
تَشَعَّبَ وُدُّهُنَّ بَناتِ قَلبي / وَشَوقُ القَلبِ يورِثُه خَبالا
نواعِمُ ساجِياتُ الطرفِ عينٌ / كَعينِ الإِرخِ تَتَّبِعُ الرِّمالا
أَوانِسُ لَم تلوِّحهُنَّ شَمسٌ / وَلَم يَشدُدنَ في سَفَرٍ رِحالا
نَواعِمُ يَتَّخِذنَ لِكُلِّ مُمسَى / مُروطَ الخَزِّ وَالنَّقَبَ النعالا
يَصُنَّ مَحاسِناً وَيُرينَ أُخرى / إِذا ذو الحِلمِ أبصَرهُنَّ مالا
رأَينا حَوشَباً يَسمو وَبَيني / مَكارِمَ لِلعَشيرَةِ لن تُنالا
رَبيعاً في السنين لمعتَفيه / إِذا هَبَّت بصُرّادٍ شَمالا
حَمولاً لِلعَظائِمِ أَريحيّاً / إِذا الأَعباءُ أَثقلتِ الرِّجالا
وَجَدتُ الغُرَّ مِن أَبناءِ بَكرٍ / إِلى الذهلَينِ تَرجِعُ وَالفِضالا
بَنو شَيبانَ خَيرُ بُيوتِ بَكرٍ / إِذا عُدّوا وأمتَنُها حِبالا
رِجالاً أُعطيَت أَحلامَ عادٍ / إِذ اِنطَلَقوا وأيديها الطِّوالا
وَتَيمُ اللَّهِ حَيٌّ حَيُّ صِدقٍ / وَلَكِنَّ الرَّحى تَعلو الثِّفالا
أَعِكرِمَ كُنتَ كالمبتاعِ بَيعاً / أَتى بيعَ الندامَةِ فاِستَقالا
أَقِلني يا ابنَ رَبعيّ ثنائي / وهَبها مِدحَةً ذهبت ضَلالا
تفاوتني عَمايَ بِها وَكانَت / كَنظرةِ مَن تَفَرَّس ثُمَّ مالا
حَبَوتُكَ بِالثَّناءِ فَلَم تَثُبني / وَلَم أَترُك لِمُمتَدِحٍ مَقالا
فَلَستُ بِواصلٍ أَبَداً خَليلا / إِذا لَم تُغنِ خُلَّتُه قِبالا
وَلَستُ بِقانِعٍ مِن كُلِّ فَضلٍ
وَلَستُ بِقانِعٍ مِن كُلِّ فَضلٍ / بأن أُعزى إِلى جَدِّ هُمامِ
أَلا أَبلِغ أَبا قَيسٍ رَسولاً
أَلا أَبلِغ أَبا قَيسٍ رَسولاً / فَإِنّي لَم أَخُنكَ وَلَم تَخُنِّي
وَلَكِنِّي طَويتُ الكَشحَ لَمّا / رَأَيتُكَ قَد طَوَيتَ الكَشحَ عَنّي
وَكُنتُ إِذا الخَليلُ أَرادَ صَرمي / قَلَبتُ لِصَرمِهِ ظَهرَ المِجَنِّ
كَذاكَ قَضيتُ لِلخُلانِ أَنِّي / أدينُ عليهمُ وَأدينُ مِنّي
فَلَستُ بِآمِنٍ أَبَداً خَليلا / عَلى شيءٍ إِذا لَم يأتَمِنّي
كَأَنَّ مُدامَةً صَهباءَ صِرفاً
كَأَنَّ مُدامَةً صَهباءَ صِرفاً / تَرَقرَقُ بَينَ راووقٍ وَدَنِّ
تُعَلُّ بِها الثَّنايا مِن سُلَيمى / فراسةُ مُقلَتي وَصَحيحُ ظَنّي