ظَفِرتُ بِقُبلَةٍ مِنكَ اِختِلاساً / وَكُنتُ مِنَ الرَقيبِ عَلى حِذارِ
أَلَذُّ مِنَ الصَبوحِ عَلى غَمامٍ / وَمِن بَردِ النَسيمِ عَلى خُمارِ

يَنُمُّ بِسِرِّ مُستَرعيهِ لُؤماً / كَما نَمَّ الظَلامُ بِسِرِّ نارِ
أَنَمُّ مِنَ النُصولِ عَلى مَشيبٍ / وَمِن صافي الزُجاجِ عَلى عُقارِ

وَخَشخاشٍ كَأَنّا مِنهُ نَفري / قَميصَ زَبَرجَدٍ عَن جِسمِ دُرِّ
كَأَقداحٍ مِنَ البَلّورِ صِيغَت / بِأَغشِيَةٍ مِنَ الديباجِ خُضرِ

سَلا عَن حُبِّكَ القَلبُ المَشوقُ / فَما يَصبو إِلَيكَ وَلا يَتوقُ
جَفاؤُكَ كانَ عَنكَ لَنا عَزاءً / وَفَد يُسلى عَن الوَلَدِ العُقوقُ

كَتَبتُ وَفَرطُ شَوقي قَد عَناني / وَقَد بَعُدَ اللِقاءُ عَلى التَداني
وَما في البَيتِ لي ثانٍ فَكُن لي / جُعِلتُ فِداكَ يا مَولايَ ثاني
فَعِندي ما يُجاوِزُ كُلَّ وَصفٍ / وَما يُرضي الخَليلَ إِذا أَتاني
خَروفٌ أَظهَرَ الشَوّاءُ فيهِ / تَأَنُّقَهُ فَلَيسَ لَهُ مُداني
غِلالَةُ باطِنٍ مِنهُ لُجَينٌ / وَظاهِرُهُ غِلالَةُ زَعفَرانِ
وَكَأسٌ مِثلُ عَينِ الديكِ صِرفٌ / لَها حَبَبٌ كَمَنظومِ الجُمانِ
تَقادَمَ عَهدُها فَبَدَت كَشَخصٍ / عَديمِ الحُسنِ مَوجودِ العَيانِ
لَها في كَفِّ شارِبِها شُعاعٌ / تَطَرَّفَ مِنهُ مُبيَضُّ البَنانِ
يَطوفُ بِشَمسِها قَمَرٌ مُنيرٌ / تَمَكَّنَ طالِعاً في غُصنِ بانِ
وَإِن أَحبَبتَ مُسمِعَةً أَتَتنا / مُحَذَّفَةً بِأَصنافِ الأَغاني
تُطَلِّقُ هَمَّ سامِعَها ثَلاثاً / بِتَحريكِ المَثالِثِ وَالمَثاني
فَهذا عِندَنا وَلَدونَ هذا / لَعَمرُكَ ما كَفاكَ وَما كَفاني
فَزُرنا لا عَدِمتُكَ مِن صَديقٍ / تَتِمُّ لَنا بِزَورَتِهِ الأَماني

لَئيمٌ لا يَزالُ يَلُمُّ وَفراً / لِوارِثِهِ فَيَنفَحُ عَن حِماهُ
كَكَلبِ الصَيدِ يُمسِكُ وَهوَ طاوٍ / فَريسَتَهُ لِيَأكُلَها سِواهُ

صَديقٌ لي لَهُ أَدَبُ / صَداقَةٌ مِثلِهِ نَسَبُ
رَعى لي فَوقَ ما يُرعى / وَأَوجَبَ فَوقَ ما يَجِبُ
فَلَو نَقِدَت خَلائِقُهُ / تَبَهرَجَ عِندَها الذَهَبُ