المجموع : 33
تَجَلَّت فَاِنجَلى نَجمي وَبَدري
تَجَلَّت فَاِنجَلى نَجمي وَبَدري / وَشَمسي حينَ صارَ لَها مَغيبُ
فَأَبعَدَها بِهِ عَنّي وَمِنها / أَراني أَنَّهُ مِنها قَريبُ
تَدَبَّر ما أَصابَ تَجِدكَ قَومٌ
تَدَبَّر ما أَصابَ تَجِدكَ قَومٌ / لِأَسبابِ المَصائِبِ ذا اِكتِسابِ
وَعَهدُكَ بِالتَذَكُّرِ تَلقَ عَهدا / بِهِ قَد كُنتَ في طَورِ الخَطابِ
فَأَيّامَ التَصابي لَيسَ يَنسى / بِهارِبِ الحِجى شَرخَ الشَبابِ
تَمَتَّع في شَبابِكَ بِالأَماني
تَمَتَّع في شَبابِكَ بِالأَماني / فَما اللِذاتُ إِلّا في الشَبابِ
وَخُذ أَمرَ الهَوى وَدَعِ اللَواحي / وَبُح بِاِسمِ الحَبيبِ وَلا تُحابي
فَما حُسنُ الصِبا إِلّا التَهاوي / وَلا حُسنُ الهَوى إِلّا التَصابي
صَفاءُ الذاتِ مِنها إِذا تَجَلَّت
صَفاءُ الذاتِ مِنها إِذا تَجَلَّت / أَراني في تَجَلّيها صِفاتي
وَما اِحتَجَبَت بِغَيري في عِياني / لِذاكَ شَهِدتُ فيها وَصفَ ذاتي
وَما غابَت وَحَقِّكَ عَن عِياني / وَلا شاهَدتُ فيها غَيرَ ذاتي
حُروفُ هَوىً ثَلاثٌ مِن ثَلاثٍ
حُروفُ هَوىً ثَلاثٌ مِن ثَلاثٍ / لَعَمرُ أَبي هِيَ الشَعبُ الثَلاثُ
هَوانٌ ثُمَّ وَيلٌ ثُمَّ يَأسٌ / لِأَطماعِ المُحِبِّ بِها اِجتِثاثُ
تَغيثُ الواجِدينَ لَها بِدَمعٍ / كَمُهلٍ كُلَّما مِنها اِستَغاثوا
بِروحي مَن أَرَتني حينَ زارَت
بِروحي مَن أَرَتني حينَ زارَت / بِبَهجَتِها الضُحى وَاللَيلُ داجِ
وَحَيَّتني بِكَأسِ الراحِ صِرفاً / وَحادَت عَن مِزاجي بِالمِزاجِ
وَما زالَت إِلى أَن زالَ عَقلي / وَلا مَتني عَلى خَرقِ السِياجِ
مَتى يَنشَقُّ عَن جَسَدي الضَريحُ
مَتى يَنشَقُّ عَن جَسَدي الضَريحُ / وَيُنفَخُ فِيَّ مِن ذي الرَوحِ روحُ
وَأَحكَمَ عَقدُ زِناري بِعَقدٍ / لَحَلَّ عُقودِ إِحرامي يُبيحُ
وَأَسمَعُ مِن سنايوحٍ نِداءً / إِلى أَهلَ الهَوى أَوحاهُ يوحُ
وَأَقتَحِمُ الصِراطَ بِغَيرِ شَكٍّ / إِلى نارٍ لِعارِفِها تَلوحُ
وَأَخرَجُ نافِضاً لِتُرابِ رَأسي / تُرابِيّاً وَيُقدِّمُني المَسيحُ
وَراياتُ الصَليبُ لَدَيَّ تَسري / وَقَد شَهَرَ السِلاحَ لَهُ السَليحُ
وَإِنجيلي عَلى صَدري وَكَفّي / بِها كَأسي وَقَدَّ يَسي سَطيحُ
وَأُسقى مِن حَميمِ الظِلِّ ماءً / بِهِ لِمَزاجِ أَتراحي يُزيحُ
وَأَقرَنُ بِالحَديدِ إِلى قَرينٍ / عَلَيهِ في السَفينَةِ ناحَ نوحُ
وَأَفنى في هَواها خَطَّ جِسمي / فَإِنَّ فَناهُ مِن تَرَحي مُريحُ
وَما ضَرَري بِكَسرِ الجِسمِ فيها / وَقَلبي في المُقامِ بِها صَحيحُ
فَرُضوانُ الجَنانِ بِغَيرِ شِكٍّ / عَلى أَبوابِ مالِكِها طَريحُ
فَرِدها فَالمُرادُ بِها فَطوبى / لِمَن مِنها تَضَمَّنَهُ الصَفيحُ
وَرُح مُتَدَبِّراً قَولي فَلُغزِيَ ال / مُعَمّى عِندَ ذي حَجَرٍ صَريحُ
وَنَظمُ قَريحَتي في سِرِّ ديني / عَلى عَينِ الجَهولِ بِها قُروحُ
وَلَو كانَت إِرادَتُهُ تَعالى
وَلَو كانَت إِرادَتُهُ تَعالى / إِرادَتَنا لَتَمَّ لَنا المُرادُ
وَما اِختَلَفَت دَواعينا وَكانَ الص / صَلاحُ بِها وَما ظَهَرَ الفَسادُ
أَراني فيكَ مَوجوداً
أَراني فيكَ مَوجوداً / وَعَنّي أَنتَ مُنفَرَدُ
وَلَو شَهِدَ الوَرى غَيبي / بِعَينٍ لي بِهِ شَهَدوا
وَلَكِن بَعدَ قُربِهِمُ / بِعَدوي مِنهُم بَعَدوا
فَإِن رَأَفوا عَلى ضَعفي / أُعَدُّ مِنَ الَّذي سُعِدوا
أَراني فيكَ مَمسوساً
أَراني فيكَ مَمسوساً / مِنَ الشَيطانِ بِالنَكدِ
وَبِالتَشنيعِ مِن جاري / وَبِالعُصيانِ مِن وَلَدي
وَأَبرَحُ ما أُكابِدُهُ / مِنَ الإِخوانِ بِالحَسَدِ
وَلَستُ بِذاكَ مُكتَرِثاً / وَكَيفَ وَأَنتَ مُعتَمِدي
صَدَدتَ فَصَدَّ عَن عَيني رِقادي
صَدَدتَ فَصَدَّ عَن عَيني رِقادي / وَقَرَّحَ جَفنَها وَصلُ السُهادِ
وَأَلبَسي جَفاكَ ثِيابَ سَقمٍ / خَلَعتُ بِها الخَلاعَةَ عَن فُؤادي
وَقَد رَوّى الثَرى دَمعي وَقَلبي / إِلى وَشَلِ المَراشِفِ مِنكَ صادي
وَها أَنا بِالجَفا مُذمَلَت مُضنىً / يُطَوِّحُ بِيَ الهَوى في كُلِّ وادي
أُكاتِمُ فيكَ عُذّالي غَارمي / وَهَل يَخفى ضَنىً في الجِسمِ بادي
وَأَستُرُ لَوعَتي بِكَ عَن صِحابي / وَأَوصابي عَلَيَّ بِها تُنادي
أَيا مَن قَد تَعَبَّدَني هَواهُ / وَأَوثَقَ في مَحَبَّتِهِ قِيادي
بِصِدقِ الوُدِّ كُنتَ شَرَيتَ قَلبي / فَحينَ مَلَكتَ مِلتَ عَنِ الوِدادِ
وَسَحّارِ الجُفونِ يُريكَ ناراً
وَسَحّارِ الجُفونِ يُريكَ ناراً / بِأَمواهِ البِحارِ تَزيدُ وَقدا
وَفي الظِلِّ الحَرورِ وَفي الفِيافي / بِلا ظِلٍّ لِحَرِّ الشَمسِ بَردا
وَكُلُّ الكُلِّ في الأَبعاضِ بَعضاً / وَقَبلَ القَبلِ بَعدَ البُعدِ بُعدا
فَأَربابُ العَلاءِ لَهُ عَبيدٌ / وَلي وَلَهُ غَدا مَولىً وَعَبدا
وَأَعجَبُ حالِهِ في القُربِ مِنهُ / إِلى رائيهِ عَنهُ يَزيدُ بُعدا
فَمِنهُ بِالجُنونِ مُنِحتُ عَقلاً / وَفيهِ بِالضَلالِ وَجدتُ رُشدا
لِذاكَ حِماهُ غَدَت سَبيلي / سَبيلاً مَن تَعَدّاها تَعَدّا
لِأَنَّ وَلِيَّ أَمري في زَماني / عَلى أَهلِ التَحَدّي قَد تَحَدّا
فَمَوعودُ المُنى مِنهُ لِغَيري / بِحالِ الوَقتِ لي قَد صارَ نَقدا
لِقَلبي عَن مُطاوَعَةِ اللَواحي
لِقَلبي عَن مُطاوَعَةِ اللَواحي / عَلى وَلَهي إِذا نَصَحوا نُشوزُ
وَأَهوى في مَحَبَّتِكُم تُلافي / وَما تَلَفي عَلى كَلَفي عَزيزُ
أَيا مَن ضَيَّعوا عَهدي وَعِندي / لِحِفظِ عُهودِهِم حَرِزٌ حَريزُ
رَمَزتُ صَبابَتي بِكُمُ وَدَمعي / تُحَلُّ بِهِ لَعُذّالي الرُموزُ
مَدارُ الحَقِّ مَركَزُهُ
مَدارُ الحَقِّ مَركَزُهُ / وَأَوسَطُهُ وَحَيَّزُه
وَما في الكَونِ مِن كَونٍ / بِهِ وَلَهُ وَمُعجِزُه
لِأَنَّ الخَلقَ عَن خُلُقٍ / لِأَمرٍ جَلَّ مُبرِزُه
وَأَنَّ الاِسمَ مِن عِزٍّ / بِهِ يُدعى مُعَزِّزُه
وَعَنهُ تَمَّ ما تَمَّ / بِخَلقٍ لَيسَ يَعجِزُه
وَكانَ العالَمُ الثاني / بِأَوصافٍ يُمَيِّزُه
مَتى لَم تُنسِني ذِكراكَ نَفسي
مَتى لَم تُنسِني ذِكراكَ نَفسي / بِغَيبي فيكَ عَن عَقلي وَحِسّي
وَأَرغَبُ عَن خُروجي في دُخولي / بِبابِ الزُهدِ في جِنٍّ وَإِنسِ
فَلا غَرُبَت بِشَرقٍ مِنكَ روحي / وَلا بَزَغَت بِغَربٍ مِنكَ شَمسي
يُحَدِّثُ عَن سِواكَ سِوايَ زَوراً
يُحَدِّثُ عَن سِواكَ سِوايَ زَوراً / وَاِكتُم مِنكَ ما حُدِّثَتُ صِدقا
لِأَنّي لَم أَجِد مِثلي كَتوماً / لِسِرِّكَ إِن رَأى الكِتمانَ حَقّا
إِذا كانَ الخَلا مِنهُ مَحالاً
إِذا كانَ الخَلا مِنهُ مَحالاً / فَغَيبَةُ عِلمِهِ عَنّا مَحالُ
لِأَنَّ مُفيدَ أَنفُسِنا هُداها / مُجانِبُ ذاتِهِ عَنّا الضَلالُ
تَبَدّى كَالهِلالِ وَصارَ بَدراً
تَبَدّى كَالهِلالِ وَصارَ بَدراً / وَسارَ إِلى السَرارِ بِلا زَوالِ
لِنَشهَدَ شَهرَهُ وَالصَومَ فيهِ / وَعيدَ الفِطرِ في يَومِ المَآلِ
وَيَبدو نورُهُ في الظِلِّ مِنّا / كَضَوءِ البَدرِ في ظُلمِ اللَيالي
إِذا المَولى لِعَبدٍ صارَ سَمعاً
إِذا المَولى لِعَبدٍ صارَ سَمعاً / وَعَيناً في الرِضى وَيَداً وَرِجلا
فَلَم ذا في الأَحَبِّ إِلَيهِ يَنفي / مَقالَةَ مَن يَقولُ بِهِ تَجَلّى
وَلَستُ بِذا أُدينُ وَإِن أَدنى / مَقالي فيهِ مِن ذا القَولِ أَعلى
لِأَنّي مُذ تَأَتّى مِنهُ سَمعي / تَجَلّى عَنهُ طَرفي ما تَجَلّى
وَهَل أَقصى وَبِالأَقصى رَآهُ / فُؤادي بِالدُنُوِّ وَقَد تَدَلّى
حَرامُ دَمي لِمَن أَهواهُ حِلُّ
حَرامُ دَمي لِمَن أَهواهُ حِلُّ / وَفي قَتلي بِهِ لِلمَوتِ قَتلُ
وَكَالثَمَرِ الَّذي يَبدو مَريراً / وَيَحلو فيهِ عَقبَ الصَبرِ يَحلو
وَتَعذيبي بِهِ عَذبٌ كَعَيشٍ / بِأَوطارِ الشَبيبَةِ لا يُمَلُّ
وَكَالإِقدامِ في خَوضِ المَنايا / إِلى العَلياءِ فيهِ الجَهلُ عَقلُ
تَجَلّى لي فَجَلّاني لِعَيني / كَما لي صورَتي المِرآةُ تَجلو
وَمَثَّلَ لي الحَقيقَةَ في خَيالٍ / كَما في النورِ يَحكي الشَخصَ ظِلُّ
وَأَوجَدَني وَأَفقَدَني وُجودي / كَمَهجورٍ لَهُ في النَومِ وَصلُ
تَضَمَّنَ جودُهُ مِنّي وُجودي / كَما يَتَضَمَّنَ الأَجزاءَ كُلُّ
فَمِنهُ لي وُجوبي مِثلُ نَوعٍ / تَجَنَّسَ عَنهُ في الإِمانِ فَصلُ
أَزيدُ بِهِ وَأَنقُصُ كُلَّ يَومٍ / كَما يَبدو الهِلالُ وَيَضمَحِلُّ
وَفيهِ أَنا وَفِيَّ غَدا كَشَبَحي / أَراهُ وَمالَهُ مِنّي مَحَلُّ
فَمَن مِثلي وَقَد أَصبَحتُ مَولىً / لِمَولىً مالَهُ في الخَلقِ مِثلُ
عَزيزٌ عَزَّني صَبري عَلَيهِ / لِأَنَّ هَواهُ عَن مِثلي يَجَلُّ
لَهُ عَنّي بِمالي فيهِ فَرقٌ / وَفيهِ مِنهُ جَمعٌ لَيسَ يَخلو
لِئِن شَغَلَ المُغَيِّبَ عَنكَ وَهمٌ / فَلي بِكَ عَن ذَوي الأَوهامِ شُغلُ
فَغَيري مِن سِواكَ لَهُ دَليلٌ / وَلَيسَ عَلَيكَ غَيرُكَ مَن يَدِلُّ