القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 44
أذمّ إليك كَلْماً لَيس يؤْسى
أذمّ إليك كَلْماً لَيس يؤْسى / وداءً لَيسَ يَعرفهُ الطَبيبُ
وَدَهراً لا يُصيخُ إِلى نَصيحٍ / وَعَيشاً لا يَلَذُّ ولا يطيبُ
وَكَم لِي مِن أَخٍ أُوليهِ نُصحِي / وَما لي في نَصيحَتِهِ نصيبُ
له منّي البشاشةُ في التَّلاقِي / ولِي منه البَسارةُ والقُطوبُ
يَعيب تَجَنِّياً والعيب فيه / وقد نادت فأَسمعتِ العيوبُ
أَلا هَرباً مِنَ الإِخوانِ جَمعاً / فَما لكَ مِنهُمُ إِلّا النُّدُوبُ
وَلَولاهمْ لَما قَذِيتْ جفوني / وَلا سَقيتْ إِلى قلبي الكُروبُ
وَلا طُويتْ عَلى أَوَدٍ قناتي / وَغلّس في مفارِقيَ المشيبُ
وَلا خرقت مِنَ الأيّامِ جِلدي / أَظافرُ لا تقلَّمُ أو ينوبُ
وَلا عرفتْ مساكِنيَ الرّزايا / وَلا اِجتازَتْ عَلى رَبْعي الخُطوبُ
وَلمّا أَن أَبى حُكمي وَأَلْوى / وَشَبّتْ بَيننا منهُ الحروبُ
وَأَخرَسَني عَنِ الشّكوى ومنه / لِسانٌ لا يُفارقه كذوبُ
غَفَرتُ ذنوبهُ حتّى كأنّي / عَلِقتُ به وليس له ذنوبُ
إِياباً أَيّها المَولى إيابا
إِياباً أَيّها المَولى إيابا / فعبدٌ إنْ أَساء فَقد أَنابا
أَطاعكَ وَالشّبابُ له رداءٌ / فَكيفَ تَراه إِذ خلَع الشّبابا
وَكانَ على الهُدى حَدَثاً فإنّي / تظنّ بِه الضّلالة حينَ شابا
أبَعْدَ نَصيحَةٍ في الغَيب غِشّ / أَحَوْراً بعد كَوْرٍ وَاِنقلابا
أَلا قُل للأُلى زمّوا المَطايا / وَعالوها الهَوادجَ والقِبابا
وَقادوا الخيلَ عارِية الهَوادِي / وما أوْكوْا منَ العَجَلِ العِيابا
خُذوا مِنّا التحيّة وَاِقرَؤوها / وَإِن لَم تَسمَعوا عَنها جَوابا
عَلى ملكٍ تنَزّه أَن يحابِي / وَأَغنَتْه المَحامِدُ أَن يُحابى
وَلَمّا أَن تَحَجَّب بِالمَعالي / عَلى أَعدائِهِ رفع الحِجابا
وَقولوا لِلَّذينَ رَضوا زماناً / فَردَّهمُ الوشاةُ بِنا غِضابا
عَدَتنا عَن دِياركم العَوادي / وَرابَ مِنَ الزّيارَةِ ما أَرابا
فَلا جَوٌّ نَشيم بهِ بروقاً / وَلا أَرضٌ نشمّ لَها تُرابا
وَما كُنّا نَخافُ وَإِن جَنَينا / بِأَنَّ الهَجرَ كانَ لَنا عِقابا
أَقيلونا الذّنوبَ فَإِنَّ فيكُمْ / وَعِندَكُمُ لِمُجرِمِكُمْ متابا
وَلا تَستَبدِعوا خَطأَ المَوالي / فَإِنَّ العَبدَ يُبدع إِنْ أَصابا
بَعُدنا عَنكُمُ وَلَنا أعادٍ / يَزيدُهُمُ تَباعُدنا اِقتِرابا
فَرَوْنا بِالشِّفارِ فَما أكلّوا / لَهُم في فَرْينا ظُفْراً ونابا
وَكُنّا إِذ أَمِنّاهُمْ عَلَينا / رُعاةَ البهْمِ إِذْ أَمِنوا الذّئابا
أَيا ملكَ المُلوكِ أَصِخْ لقولٍ / أُجِلّكَ أَن يَكونَ لَكُمْ عِتابا
تُسَكّنُنِي المَهابَةُ عَنهُ طَوراً / وَيُؤمِنني وَفاؤُك أَن أَهابا
وَلَولا أَنَّ حِلمَك عِدْلُ رَضْوى / فَرَقْتُكَ أَن أُراجِعكَ الخِطابا
خَدمتك حينَ أَسلمكَ الأَداني / وَخلّى الجارُ نُصرَتنا وَهابا
وَكُنتُ أَخوضُ فيما تَرتَضيهِ / عَلى الأَعداءِ أَيّاماً صِعابا
أَخافُ الموتَ قدّاماً وخلفاً / وَأَرقُبُه مَجيئاً أَو ذَهابا
وَأَكرع مِن عدوّكَ كلَّ يومٍ / وَما اِستَسقيتُه صَبراً وصابا
وَكَم جَذب السُّعاة عَلَيكَ ضَبْعِي / فَما أَوسَعتُهم إلّا جِذابا
أَلا لا تَغبُننّ الحلمَ رأياً / صَواباً في اِمرِئٍ غبِنَ الصّوابا
وَقُلْ لِلمُجلِبينَ علَيَّ مهْلاً / فَقَد أَدركتُمُ فيهِ الطِّلابا
أَسُخطاً بَعدَ سُخطٍ وَاِزوِراراً / وَنأياً بَعد نأيٍ وَاِجتِنابا
وَأَنتَ أَرَيتَنا في كلِّ باغٍ / غَفرتَ ذنوبَهُ العَجَبَ العُجابا
فَما لِي لا تُسوّيني بِقَومٍ / رَقَوْا في كيدِ دَولَتك الهِضابا
وَدَرّوا بَعد ما رشحوا فَأَضحَوا / وَقَد مَلأوا مِنَ الشرّ الجِرابا
هَنيئاً يا مُلوكَ بَني بُويهٍ / بِأنّ بهاءَكُمْ ملك الرّقابا
وَحازَ المُلكَ لا إِرثاً وَلَكِنْ / بِحَدّ السيفِ قَسْراً وَاِغتِصابا
وَلَمّا أَن عَوى بِالسيفِ كَلبٌ / وَجَرَّ إِلى ضَلالَتهِ كِلابا
وَظنّكَ لاهياً عَنه ويُرمى / قَديماً بِالغَباوةِ مَن تَغابى
رَأى لِيناً عَليهِ فَظَنَّ خَيراً / وَيَلقَى اللّينَ من لَمس الحُبابا
دَلَفتَ إِلَيهِ في عُصَبِ المَنايا / إِذا أَمّوا طِعاناً أَو ضِرابا
وجوهاً مِن ندىً تُلفى رِقاقاً / وَعِندَ ردىً تُلاقيها صِلابا
وَأبصرها عَلى الأهوازِ شُعثاً / تَخال بِهنَّ مِن كَلَبٍ ذآبا
عَلَيها كُلّ أَروعَ شمّريٍّ / يهاب من الحميَّة أن يَهابا
فولّى في رهيطٍ كان دهراً / يُمنِّيهم فَأَورَدَهم شَرابا
وَتَحسَبُهم وَقَد زَحفوا لُيوثاً / فَلَمّا أَجفَلوا حسِبوا ذِئابا
أَعدّهُم لهُ صحباً فَكانوا / هُنالكَ في مَنيّتهِ صِحابا
فَأَصبَح لا يرى إِلّا اِبتِساماً / وَأَمسى لا يَرى إِلّا اِنتِحابا
وَباتَ معلّقاً في رَأسِ جذعٍ / إِهاباً لَو تركتَ لهُ إِهابا
وَحَلَّق شاحب الأَوصالِ حتّى / عُقابُ الجوّ تحسبهُ عُقابا
تعافُ الطّير جيفتَه وَتَأبى / عراقَتَه وإن كانت سِغابا
وَما تَرَكَ اِنتِقامُك فيه لمّا / سَطوتَ بِهِ طَعاماً أو شرابا
فَدُم يا تاجَ مُلكِ بَني بُويهٍ / تَخَطّاك المقادِرُ أن تُصابا
وَلا ملك الأَنامَ سِواك مولَى / وَلا قَصدوا سِوى نُعماكَ بابا
وَضلّتْ نائِبات الدّهر جَمْعاً / شِعابكَ أَن تلمّ بها شعابا
وَطابَت لي حَياتُكَ ثُمَّ طالَتْ / فَخَيرُ العَيشِ ما إِن طالَ طابا
إِذا لَم تَستطعْ للرزءِ دَفْعاً
إِذا لَم تَستطعْ للرزءِ دَفْعاً / فَصَبراً للرزيّةِ وَاِحتِسابا
فَما نالَ المُنى في العَيشِ إِلّا / غَبِيُّ القَومِ أَو فطنٌ تغابى
هِيَ الدّنيا نُغَرُّ بها خَدوعاً / ونُورَدُها على ظمأٍ سرابا
وَهَذا الدَّهر يُصبِحُ ثُمَّ يُمسي / يَقودُ إِلى الرَّدى مِنّا صِعابا
وَهَل أَحياؤُنا إِلّا تُرابٌ / بِظَهرِ الأرضِ يَنتظرُ التّرابا
صَدَعتَ بِما كَتبتَ صَميمَ قلبي / عَلى عَجلٍ فلم أُطِقِ الجوابا
فَلَو أَنّي اِستَطَعت حَمَلتُ وَحدي / وَلَم أهب الأَذى عنكَ المصابا
وَغَيرك من نعلّمهُ التعزّي / ونُذكره وقد ذَهَل الثَّوابا
فَلَو حابى الزّمان سِواك خَلْقاً / لَكانَ سَبيل مِثلك أَن يُحابى
عَلى شَجَرِ الأراكِ بَكيتُ لمّا
عَلى شَجَرِ الأراكِ بَكيتُ لمّا / مَررتُ بِهِ فَجاودتُ السّحابا
وَكَم نادَيتُ فيهِ مِن حَبيبٍ / عَهِدتُ بِهِ فَلَم أَسمَع جَوابا
فَواهاً لِلأَراكِ مَقيلَ صَبٍّ / فَقَدتُ بِهِ الأَحبّةَ والشّبابا
وَأَكنافاً لِغانِيَةٍ رِحاباً / وأفناناً لناعمةٍ رطابا
وَسَقياً لِلأَراكِ مَساءَ يَومٍ / نَزَلتُ بِهِ فَطبتُ لَه وَطابا
إِذا ساءَلْتَنِي فَخُذِ الجَوابا
إِذا ساءَلْتَنِي فَخُذِ الجَوابا / فَكَم فَتَحَ الكَلامُ عَليَّ بابا
عَتبتَ وَما اِجتَرمتُ إِلَيكَ جُرماً / فَأَحمِلُ فيهِ منكَ لِيَ العتابا
وَما كُنتُ اِستَرَبْتُ وَإِنْ أَرَتني / صُروفَ الدّهرِ عِندَكَ ما أَرابا
فُجِعت وَقَد تَخِذتكَ لي خليلاً / بِجرمي أَو حُرمت بِكَ الصّوابا
وَلَو أَنّي قَطَعتكَ لَم أُعنَّفْ / وَلم أقرع لِقربي منكَ نابا
وَلَمّا أَن ظَمِئت إِلَيك يوماً / وَردتُ ولَم أَرِدْ إِلّا سَرابا
فَإِنْ تَشحَط فَما أَهوى اِقتِراباً / وَإِن تَرحل فَما أَرجو إِيابا
وَلَستَ بِمُبصرٍ منّي رسولاً / وَلَستَ بِقارِئٍ عَنّي كِتابا
أَلا قَبحَ الإِلهُ وُجوهَ قومٍ / أَذلّوا في طِلابهمُ الرّقابا
أَراقوا مِن وجوهِهم حياءً / وَما أَخذوا بهِ إِلّا تُرابا
وَهُمْ مِن لُؤمِهم في قَعرِ وهدٍ / وَإِن رفعوا بدورِهم القِبابا
وَمَن يَكُ عارِياً مِن كُلِّ خَيرٍ / فَما يُغنيهِ أَن لَبِسَ الثيابا
إِذا سارتْ بنا خُوصُ الرِّكابِ
إِذا سارتْ بنا خُوصُ الرِّكابِ / ورُحنا بالهوادج والقِبابِ
دعي ما لا يردّ عليكِ شيئاً / وقومِي فاِنظري مِنّي إيابي
فإنْ فُجِعتْ يمينُك بي اِرتحالاً / فقد فجعتْ يَميني بالشّبابِ
فما يُجدي زفيري إذْ توالى / ولا يُغني بكائي واِنتحابي
ذعَرْتُ به المَها وأَرقْتُ لمّا / لبستُ قميصَه ماءَ التَّصابي
ونكّب عاذلي عن دارِ عَذْلِي / فتاركني وأقصرَ عن عتابي
فلستُ أحنّ والبيضاءُ عندي / إلى البيضاء والرُّودِ الكعابِ
ولا تَقتادني بُرَحاءُ وجْدِي / إلى ذاتِ القلائِد والسِّخابِ
فَقُلْ لِصَقيلة الخدّين حُسناً / دَعيني من ثناياك العِذابِ
فَما لي فوق جِيدِكِ من عِناقٍ / وَما لي مِن رُضابِكِ من شرابِ
وَلا لي منكِ والشّعرات بيضُ / بُعَيْدَ سوادِها غير اِجتنابِ
نِقابَكِ والبعادَ اليومَ منّي / فقد صار المشيبُ بها نِقابي
ضَللتُ عن الهُدى زمناً بسودِي / فَأَرشَدني المَشيبُ إلى الصّوابِ
أَلَمْ تَرني مُقيماً في سِراعٍ / إِلى خَطأٍ بطاء عن صوابِ
طعامي فيهمُ وعدٌ خَلِيٌّ / عَنِ الجَدوى وَشُربي من سَرابِ
لَهمْ غدرٌ بجارِهُمُ وَمكْرٌ / بِه خافٍ ولا مكرُ الذّئابِ
وَقَد مَزجوا دَهاءً بالتَّداهي / كَما خَلطوا الغَباوَة بالتّغابي
وَحبُّهُمُ الّذي لا أَرتضيهِ / فَأنفقُ فيه من جِدّي لِعابي
فَقُل لِمَعاشرٍ رجموا حِمامي / أَروني مَن يَنوب لَكمْ مَنابي
وَمَن يشفيكُمُ كَلِماً وكلْماً / لدى غَمَراتِ خطبٍ أو خطابِ
وَقَد طَرد الرّدى عنكمْ قِراعي / كما طرح النّدى فيكمْ سحابي
فأين حضيضُكمْ من رأسِ نِيقِي / ومِن أوشالكمْ أبداً عُبابي
وَما للعار في طَرَفِي مجالٌ / وأنتمْ في يَدَيْ عارٍ وعابِ
فَلا تَستَوطِنوا إلّا وِهاداً / فَإِنّ لِغيركمْ قُلَلَ الرّوابي
وَممّا ضرّمَ الأعداءَ ناراً / حلولِي من قريشٍ في اللّبابِ
وَأنّ إِلى نبيٍّ أو وصيٍّ / نُسِبتُ فمن له مثلُ اِنتسابي
وفي بيتي النبُوّةُ ما عَدَتْنِي / وقانونُ الإمامةِ في نِصابي
أَجِلْ عَينيك في مَجدي تَجدْني / وَلَجْتُ إلى العلا من كلّ بابِ
فما طُوِيتْ على لَعِبٍ ثيابي / ولا حُدِيَتْ إلى طَرَبٍ رِكابي
هو الزّمنُ الّذي يُدْني ويُنئِي / ويُقعِي حين يُقعِي للوِثابِ
جَمَعتمْ يا بني الدّنيا حطاماً / يُرى من بعدكمْ بيدِ النِّهابِ
وَقَد أَذلَلتُ ما أَعززتموهُ / فَدأبكُمُ بني الدنيا ودابي
لَقد طَلب العدى منّي معاباً / فَما وَجدوا وَقد وجدوا معابي
وَلا رجّوا ولا حذروا جميعاً / سِوى عقبي ثَوابي أو عقابي
وَمن ذا كانَ لِلخلفاءِ مِثلي / وقد مسّتْ أسِرَّتهم ثيابي
وَقَد عَتِبوا عليَّ وليس يخلو ال / عَدُوُّ ولا الوليُّ من العتابِ
فَما طَرحوا لذي أرَبٍ سؤالي / وَلا تَركوا جَوابي عن خطابي
وَما لِي بَينهمْ إِلّا ليالٍ / عذُبْنَ وغير أيّامٍ طِيابِ
وكمْ يومٍ نصرتُهُمُ وفَرْشِي / قَرا الجُرْدِ المطهّمةِ العِرابِ
كأنّي شامِخٌ في رأس طَوْدٍ / وفي الإسراعِ فوق قطاةِ جابِ
وفي كفّي صقيلٌ لا بصقلٍ / له عهدٌ طويل بالقِرابِ
إذا حَمَلَتْهُ كفّي في هِياجٍ / فويلٌ للجماجمِ والرّقابِ
وقد جمجمتُ عمّا في ضميري / فإنْ بُقّيتُ قلتُ ولم أحابِ
نَبَتْ عينا أُمامةَ عن مشيبي
نَبَتْ عينا أُمامةَ عن مشيبي / وعدّتْ شيبَ رأسي من ذنوبي
وقالتْ لو سترتَ الشَيبَ عنّي / فكم أخفَى التّستّرُ من عيوبِ
فقلتُ لها أُجِلُّ صريح وُدِّي / وإخلاصي عن الشَّعرِ الخضيبِ
وما لَكِ يا أُمامُ مع اللّيالي / إذا طاولْنَ بدٌّ مِنْ مشيبِ
وما تدليس شيبِ الرأس إلّا / كتدليس الوِدادِ على الحبيبِ
فلا تلْحي عليهِ فذاكَ داءٌ / عَياءٌ ضلّ عن حيلِ الطبيبِ
وإنّ بَعيدَ شيبكِ وهو آتٍ / نظيرُ بياض مفرقيَ القريبِ
فَإنْ تأبي فَقومي ميّزي لِي / نصيبَكِ فيه يوماً من نصيبي
هَجرتُكِ خوفَ أقوال الوشاةِ
هَجرتُكِ خوفَ أقوال الوشاةِ / وهجرُكِ مثلُ هجرانِ الحياةِ
وأنتِ كرامةً عندي كعيني / وما تنجو العيونُ من القَذاةِ
ولولا الحبُّ ما سهلتْ حُزوني / ولا لانتْ بأيديكمْ صفاتي
وَقالوا قَد عشقتَ فقلت عِشقٌ / كَما اِقتَرح الهوى فمن المؤاتي
بِنَفسي مَن إِذا ما رمتُ وصفاً / لِحُسنٍ فيهِ أَعيَتنِي صِفاتي
وَلَو أَغنى عنِ العشّاقِ شَيءٌ / وَدافَع عنهُمُ أغنتْ حُماتي
أَمِنْكِ الشّوقُ أرّقنِي فَهاجا
أَمِنْكِ الشّوقُ أرّقنِي فَهاجا / وقد جَزَعتْ ركائبُنا النّباجا
وطيفُكِ كيف زارَ بذاتِ عِرْقٍ / مضاجعَ فِتْيةٍ وَلَجوا الفِجاجا
تَطرَّقَنا ونحن نخالُ إلّا / يَعوجَ بِنا منَ البَلوى فَعاجا
فأوْهَمنا اللِّقاءَ ولا لقاءٌ / وناجى لو بصدقٍ منه ناجي
ألَمَّ بنا وما رَكبَ المطايا / ولا أَسرى ولا اِدّلجَ اِدّلاجا
ومُعتَكِرِ الغدائرِ باتَ وَهْناً / يُسقّيني بريقتهِ مُجاجا
أَضاءَتْ لي صَباحتُهُ فكانتْ / وَجُنحُ الليلِ مُلتبسٌ سِراجا
وَمُنتسبٍ إِلى كرمِ البوادِي / خبرْتُ فكانَ ألْأَمَ مَنْ يُفاجا
غذاهُ اللؤْمَ صِرْفاً والداهُ / فضمَّ إليهِ من صَلَفٍ مِزاجا
وَكَفٍّ لا تُمدُّ إلى جميلٍ / كَأنَّ بِها وَما شَنجتْ شناجا
عَدانِي بِالطّفيفةِ مِن حقوقي / وَأَطبقَ دون ضفَّتِيَ الرِّتاجا
وَقَد حَاججتُهُ فيها مبيناً / فما أرعى مسامعَهُ الحِجاجا
يَلجُّ وَكَم أَدالَ اللّه ممّنْ / عَلى غُلَوائِهِ ركب اللَّجاجا
ألا قلْ للأجادِلِ من بُوَيْهٍ / أرى أوَداً شديداً وَاِعوِجاجا
ومُثْقَلَةً كؤوداً لا تُرادى / وداهيةً صموتاً لا تُناجى
ديارُكُمُ لكمْ قولاً ويَجْبِي / سِواكمْ من جَوانبها الخَراجا
وَفي أَرجاءِ دِجْلَةَ مؤْبِداتٌ / وَأَدواءٌ تريد لَها عِلاجا
رَعانا بَعْدَكمْ مَن كانَ يَرعى / عَلى الغِيطانِ إِبْلاً أو نِعاجا
وذُؤبانٌ تخطّفُ كلَّ يومٍ / لكمْ ما خفّ من نَعَمٍ وَراجا
فَمن عَنّا يُبلِّغُكمْ خطوباً / إذا ذُكِرتْ يَصَمُّ لها المُناجى
تَملّكنا ببُعدِكُمُ الأعادي / وعاد نميرُنا مِلْحاً أُجاجا
فَما نَرجُو لِتيهَتِنا رشاداً / وَلا نَرجو لِضيقتنا اِنفِراجا
وَإنَّ بِنا وَما يَدري المعافى / شَجىً في الصّدرِ يَعتلجُ اِعتِلاجا
وإنَّ السّرحَ تحمِيهِ أسودٌ / فلا دَرّاً نصيبُ ولا نِتاجا
ونحن وغيرُكمْ والٍ علينا / كظالِعةٍ نطالبها الرّواجا
ومَنْ ضربَ القليبَ ببطنِ سَجْلٍ / ولم يشدُدْ إلى وَذَمٍ عِناجا
أَرونا النّصْفَ فيمنْ جارَ دهراً / فإنّ بنا إلى الإنصافِ حاجا
فإنّكُمُ الشّفاءُ لكلِّ داءٍ / وَيَأبْى كيُّكُمْ إلّا نِضاجا
وَصونوا الدّولةَ الغرّاءَ ممّنْ / يُداجِي بالعداوةِ أو يُداجى
يريمُ كصلِّ رَمْلةِ بَطن وادٍ / فإمّا فرصةٌ هاجتْهُ هاجا
ولا تنتظّروا في الحرب منهمْ / تماماً طالما نُتِجَتْ خِداجا
فما زالوا متى قُرِعوا صخوراً / مُلَمْلَمَةً وإنْ صُدعوا زجاجا
لعلِّي أن أراها عن قريبٍ / على الزّوراءِ تمترقُ العَجاجا
عليها كلُّ أرْوَعَ من رجالٍ / كرامٍ طالما شَهِدوا الهِياجا
تَراهمْ يولغون ظُبا المَواضي / ويُرْوُونَ الأسنّةَ والزّجاجا
وَتَلقاهمْ كأنّ بِهمْ أُواماً / إِلى أَن يَبْزلوا بدمٍ وِداجا
فَدونَك يا شقيقَ اللؤْمِ قولاً / يَسوؤك ثمَّ يوسِعنا اِبتِهاجا
وخذْ ما هِجتَ من كَلِمٍ بواقٍ / فما حقُّ المُفَوَّهِ أن يُهاجا
وَما مَرحُ الفتى تَزْوَرُّ عنه
وَما مَرحُ الفتى تَزْوَرُّ عنه / حُدودُ البِيضِ بالحَدَقِ المِلاحِ
ويُصبِحُ بين إعراضٍ مُبينٍ / بلا سببٍ وهجرانٍ صَراحِ
وقالوا لا جُناحَ فقلتُ كلّا / مشيبِي وحْدَهُ فيكمْ جُناحي
أَلَيسَ الشّيبُ يُدْنِي من مماتِي / وَيُطمِعُ مَنْ قَلانِي في رواحِي
مَشيبٌ شُنَّ في شَعَرٍ سليمٍ / كشنِّ العُرِّ في الإبلِ الصّحاحِ
كأنّي بعد زَوْرَتِهِ مَهِيضٌ / أدِفّ على الوظيفِ بلا جَناحِ
أو العانِي تورّط في الأعادِي / فَسُدَّ عليه مُطَّلعُ السّراحِ
سَقى اللَّه الشّبابَ الغضّ راحاً / عتيقاً أو زلالاً مثلَ راحِ
ليالِيَ لَيسَ لِي خُلقٌ مَعِيبٌ / فلا جِدِّي يُذمُّ ولا مِزاحي
وَإِذْ أَنا من بَطالاتِ التَّصابِي / ونَشواتِ الغواني غيرُ صاحِ
وَإِذْ أسْماعهُنَّ إليَّ مِيلٌ / يُصِخْنَ إِلى اِختِياري وَاِقتِراحِي
فَدونكَها اِبنَ حَمْدٍ ناقضاتٍ / لقولِ فتىً تجلّدَ للّواحِي
فقال وليس حقّاً كلُّ قولٍ / أهذا الشّيبُ يمنعني مراحِي
وَقاني اللَّه فَقدَك من خليلٍ / ثَنَتْ مِنِّي مودّتُهُ جِماحِي
فكان على قَذى الأيّامِ صفوِي / وكان على حَنادِسها صباحِي
ألا يا قومُ للقَدَرِ المُتاحِ
ألا يا قومُ للقَدَرِ المُتاحِ / وللأيّامِ ترغبُ عن جِراحي
وللدّنيا تماطلُ بالرّزايا / مِطالَ الجُربِ للإبلِ الصِّحاحِ
تُسالمنِي ولِي فيها خَبِئ / أَغَضُّ عليه بالعَذْبِ القَراحِ
ويا لِمُلِمَّةٍ نَزَعتْ يميني / وَحَصَّتْ بالقوادِمِ مِنْ جَناحي
فُتِنْتَ بها ومنظرُها قبيحٌ / كما فُتِنَ المُتَيَّمُ بالملاحِ
أَلا قُلْ للأَخايرِ من قريشٍ / وسُكَّانِ الظّواهِرِ والبِطاحِ
هَوى مِن بَينِكمْ جبلُ المعالِي / وعِرْنينُ والمكارِمِ والسَّماحِ
وَجبَّ اللَّهُ غارِبَكمْ فَكونوا / كَظالعةٍ تحيد عن المَراحِ
يُدَفِّعُها مُسوّقها المُعَنّى / وقَد شَحَطَ الكَلالُ عن البُرَاحِ
وَغضّوا اللّحْظَ عن شَغَفٍ إليهِ / فما لكُمُ العَشيَّة مِنْ طَماحِ
غُلِبْناهُ كَما غُلِبَ ابنُ ليلٍ / وقد سَئِمَ السُّهادَ على الصَّباحِ
فَقُلْ لِمَعاشرٍ رهبوا شَباتِي / وما تجني رماحِي أو صفاحِي
رِدُوا من حيثُما شِئتم جِمامِي / فإنّي اليومَ للأعداءِ ضاحِ
ورُومونِي وَلا تخشَوْا قِراعِي / فقد أصبحتُ مُستَلَبَ السِّلاحِ
وقودونِي فما أَنَا في يديكمْ / عَلى ما تَعهَدون من الجِماحِ
وَلا تَتنظَّروا منِّي اِرتِياحاً / فَقَد ذَهَب ابنُ موسى بِاِرتياحِي
فَللسّببِ الّذي يُشجِي اِلتِزامِي / وَلِلسّببِ الّذي يُسلِي اِطّراحي
لَوانِي ما لَوانِي عن مُرادِي / وحالَ الدّهرُ دونَ مَدَى اِقتراحِي
فلا دَوٌّ تَخُبُّ به رِكابي / ولا جَوٌّ تَهُبُّ به رِياحي
فَمَنْ للخيلِ يقدِمُها مُغِذّاً / يُنازعْنَ الأعنّةَ كالقِداحِ
ومَنْ للبيضِ يُولِغُها نجيعاً / مِنَ الأعداءِ في يَومِ الكفاحِ
ومَنْ للحربِ يُوقِد في لَظاها / إِذا اِحتدَمَتْ أنابيبَ الرّماحِ
ومَنْ لِمُسَرْبَلٍ في القِدِّ عانٍ / على وَجَلٍ يُذادُ عن السَّراحِ
وَمَن للمالِ يَعْصِي فيه بَذْلاً / أساطيرَ العواذلِ واللّواحي
وَمَن لِمُسَوَّفٍ بالوعدِ يُلوى / وَمَطروحٍ عَنِ الجَدوى مُزاحِ
هِيَ الدّنيا تُجَمْجِمُ ثُمَّ تَأْتي / مِنَ الأمرِ المبرّحِ بالصِّراحِ
تُنيلُ عَطيّةً وتردُّ أخرى / وتَطوِي الجِدَّ في عينِ المزاحِ
فمنْ يُعدِي على أُمِّ الرّزايا / إذا جاءتْ بقاسيةِ الجِراحِ
سَلامُ اللّه تنقلُهُ اللّيالِي / ويُهديهِ الغُدوُّ إلى الرّواحِ
على جَدَثٍ تشبّث من لُؤَيٍّ / بِيَنبوعِ العِبادَةِ والصَّلاحِ
فَتىً لم يَرْوَ إلّا مِن حَلالٍ / وَلَم يكُ زادُهُ غير المُباحِ
وَلا دَنِسَتْ لَهُ أُزُرٌ بعارٍ / ولا عَلِقَتْ له راحٌ براحِ
خَفيفُ الظّهرِ مِن حَمْلِ الخَطايا / وَعُريانُ الصّحيفةِ من جُناحِ
مَسوقٌ في الأمورِ إِلى هُداها / وَمَدْلولٌ على بابِ النّجاحِ
مِنَ القومِ الّذين لَهُمْ قلوبٌ / بِذِكرِ اللَّهِ عامرةُ النّواحي
بِأَجسامٍ منَ التّقوى مِراضٍ / لِمبصرها وأديانٍ صِحاحِ
بَنِي الآباءِ قوموا فَاِنْدُبوهُ / بِأَلِسنَةٍ بِما تُثْنِي فِصاحِ
وَإِنْ شِئتمْ لَه عَقْراً فشُلُّوا / نفوسَ ذوِي اللِّقاحِ عن اللِّقاحِ
أَصابَكَ كلُّ مُنْهَمِرٍ دَلوحٍ / وحاملُ كلِّ مُثقَلَةٍ رَداحِ
وَروّاكَ الغمامُ الجَونُ يسرِي / بطيءَ الخَطْوِ كالإبلِ الرِّزاحِ
تُرابٌ طابَ ساكنُهُ فباتتْ / تأرّجُ فيه أنفاسُ الرّياحِ
غَنِيٌّ أنْ تجاورَهُ الخُزامى / وتُوقد حوله سُرجُ الأقاحِي
أوَدُّ بأنّنِي أبقى ويبقى
أوَدُّ بأنّنِي أبقى ويبقى / لِيَ الوَلَدُ المحبَّبُ والتِّلادُ
ولا أُقذى ولا أُوذى بشيءٍ / وأوّلُ خائبٍ هذا الوِدادُ
وأنِّي بين أثناءِ الّليالِي / صلاحٌ لا يخالطه فسادُ
سَقى اللَّهُ الّتي طَردتْ وسادي
سَقى اللَّهُ الّتي طَردتْ وسادي / وكانتْ لِي معاصمُها وسادا
جعلتُ وقد خلعتُ نِجادَ سيفي / غدائرَها لعاتِقِيَ النّجادا
فإنْ يكُ مُنْصُلِي عَضْباً حَديداً / فإنَّ لحسنها نُصُلاً حِدادا
فما أدرِي وقد قضّيت نَحْبِي / أَغيَّاً كانَ ذلكَ أَمْ رَشادا
أَتَدري مَن بها تلك الديارُ
أَتَدري مَن بها تلك الديارُ / وتعلم ما غطا ذاك الخمارُ
أقامتْ ضرّةُ القمرين فيها / فكلُّ بلاد ساكنها نهارُ
فتاة حُكّمتْ في كلّ حسنٍ / وليس لغيرها فيه الخيارُ
ففي كلّ القلوب لها وجيبٌ / كما كلُّ القلوبِ لها ديارُ
فحسبك يا زمانُ فمنك عندي / قبيحٌ لا يحسّنهُ اِعتذارُ
أَأَنسى الغدرَ منك وَأنت إلْفِي / وغِشَّكَ لي وَأنتَ المُستشارُ
وعندي من حديثك ما لوَ اِنّي / سمرتُ به لشاب له الصّغارُ
خيالُك يا أُميمَةُ كيف زارا
خيالُك يا أُميمَةُ كيف زارا / على عَجَلٍ وما أمِنَ الحِذارا
سرى يطأ الحتوفَ إليَّ وهْناً / ومن تبع الهوى ركب الخِطارا
أتى ومضى ولم يَنقَعْ غليلاً / سوى أن هاج للقلبِ اِدّكارا
وكم من ليلةٍ نادمتُ فيها / سَنا قمرٍ كُفيتُ به السِّرارا
جلوتُ بصبح طلعته الدّياجي / فعاد اللّيلُ من وَضَحٍ نهارا
ولمّا أن رجوتُ له اِنعطافاً / وَلم أَخَفِ اِنحرافاً وَاِزوِرارا
نَظرتُ إِليه نَظرةَ مُستميحٍ / أحالتْ وردَ وجْنَتِه بَهارا
دعِ الدِّرّاتِ يحلبُها اِحتكاراً / رجالٌ لا يرون الذُّلَّ عارا
وعدِّ عن المطامع في حقيرٍ / يَزيدك عندَ واهبهِ اِحتِقارا
وَإِن كانَ اليَسارُ يجرّ مَنّاً / عليك به فلا تُرِدِ اليَسارا
وَلا تَخشَ اِلتواءَ الدّهر يوماً / فإنّ الدّهرَ يَرجعُ ما أعارا
عَلى ملكِ الملوك سلامُ مولىً / يَخوضُ إِلى وِلايتهِ الغِمارا
تقلقلَ دهره في النّاس حتّى / علقتَ به فكنتَ له القَرارا
حلفتُ بمعشرٍ شُعثِ النّواصي / غداةَ النّحرِ يرمون الجِمارا
ومضطجعِ النّحائر عند وادٍ / أُمِيرَ نجيعِهنّ به فمارا
ومن رَفعتْ لزائره قريشٌ / سراعاً عن بنيّتهِ السِّتارا
ومَن لبّى على عرفات حتّى / توارى من ذُكاءٍ ما توارى
لقد فُقتَ الأُلى سلفوا ملوكاً / كما فاقتْ يمينُهُمُ اليَسارا
وجُزتَهُمُ وما كانوا بِطاءً / وطُلتَهُمُ وما كانوا قِصارا
وَكانَ الملكُ قَبلك في أناسٍ / وَما بَلَغوا الّذي لِيديك صارا
وَلو أَنّ الأُلى مِن آلِ كسرى / رَأوك تَسوس بالدّنيا اِقتِدارا
لما عَقدوا على فَوْدَيهِ تاجاً / ولا جعلوا بمِعصَمِه السِّوارا
وأنتَ أشفُّهُمْ خَلْقاً وخُلقاً / وأكرمُهمْ وأزكاهمْ نِجارا
وأظهرهم وقد ظفروا اِمتناناً / وأطهرهم وقد قدروا إزارا
وَأطلقهمْ يداً بندىً وبؤسٍ / وأمنعهمْ وأحماهمْ ذِمارا
وأَطعَنهمْ بذي خَطَلٍ وريداً / وأضربُهمْ بذي فِقَرٍ فِقارا
فَللّهِ اِنصلاتك نحو خَطبٍ / خلعتَ إلى تداركه العِذارا
وحولك كلُّ أبّاءٍ حَرونٍ / يُحرّم في معاركه الفِرارا
إذا ما هجتَه هيّجتَ منه / وقد حَدَق العُداة به قِطارا
وَإِنْ أَيقظتَه في ليل شَغْبٍ / فقد أوقدتَ منه فيه نارا
عِمادَ الدّين خلِّ عنِ الهوينى / فإنّ لكلّ جاثمةٍ مَطارا
وَداوِ الدّاءَ قبل تقول فيه / طبيبُ الدّاءِ أعيا فَاِستَطارا
فَإنّ الحربَ منشؤُها حديثٌ / وكان الشرُّ مبدؤه ضِمارا
وربَّ ضغائنٍ حَقُرتْ لقومٍ / رَأينا مِن نَتائِجها الكبارا
فَماذا غرّهم وَسِواك ممَّنْ / يَزيد به مجرِّبه اِغتِرارا
وَقَد شَهِدوا بفارسَ منك يوماً / ومِرجَلُ قومها بالبغيِ فارا
جَنوا حَرباً وَظنَّوا الرِّبح فيها / وكم ربحٍ جَررتَ به الخسارا
شَكا الظّمأَ الحديدُ ضحىً فرَوَّتْ / بسالتُك الأسنَّةَ والشِّفارا
وصُلتَ على جموعِهُمُ بجُرْدٍ / أطارتهم سَنابِكُها غُبارا
قتيلهُمُ رأى الموتَ اِغتِناماً / وأمُّ قتيلهمْ تهوى الإسارا
أزَرْتُك يا مليكَ الأرض منِّي / ثناءً ما اِستلبتُ به الفَخارا
فَمدحُك قد كَساني الفخرَ بُرداً / وأسكنني من العَلْياءِ دارا
يخال النَّاظرون إليَّ أنّي / كَرَعْتُ وقد سمعت به عُقارا
فدونك كلَّ سيَّارٍ شرودٍ / يزيد على مدى الدهرِ اِنتِشارا
تُطيف به الرُّواةُ فكلُّ يومٍ / يَرون له خَبيئاً مُستثارا
إِذا شَربوه كانَ لَهمْ زلالاً / وإن نَقَدوه كان لهمْ نُضارا
وإنْ قرنوه يوماً بالقوافي / مضى سَبْقاً وولّاها العِثارا
أَدام اللَّهُ ما أَعطاك فينا / وخوَّلك المحبّةَ والخيارا
ولا زالت نواريزُ اللّيالي / تعود لما تُرجّيه مزارا
وأسعدك الإلهُ بكلِّ يومٍ / سعوداً لا تُحطّ له مَنارا
وَلا أَعرى لكم أبداً شعاراً / ولا أقوى ولا أخلى ديارا
ولا أمضى بغير رضاك حُكماً / ولا أجري به فَلَكاً مُدارا
سألتُك ربّةَ الوجه النّضيرِ
سألتُك ربّةَ الوجه النّضيرِ / وذاتَ الدَّلِّ والطَّرْفِ السَّحورِ
صِلِي دَنِفاً ببذلِكُمُ مُعنّىً / وَيُقنِعهُ القَليلُ منَ الكثيرِ
أَيحسُنُ صدُّكمْ وبكمْ حياتي / وأنْ أظما وعندكُمُ غديري
وَإِنّي أَستطيل إِذا هَجرتمْ / وسادي مدّةً اللّيلِ القصيرِ
وجأشُكمُ كما تهوون منِّي / وجأشي منكُم قلقُ الضّميرِ
إذا لَم أَستَجِرْ بكُمُ فمن ذا / يَكون عَلى صَبابتكمْ مُجيري
حَذِرتُكُمُ وكم للّهِ عندي
حَذِرتُكُمُ وكم للّهِ عندي / صنيعٌ في كفايتِهِ حِذاري
وَلَو أنّي أشاءُ لَكنتْ مِنكمْ / مكانَ النّجمِ في الفلك المُدارِ
وَلَم أَرَ مِنكُمُ إلّا خُطوباً / فَلولا الشّيبُ شاب لها عذاري
رَددتم رَبَّ آمالٍ طِوالٍ / يلوذ بكمْ بآمالٍ قصارِ
وَكُنتُ وَقَد حَططتُ بكمْ رِحالي / نزلتُ بكمْ على غير اِختيارِ
فَلا خَصِبَتْ بلادُكُمُ بجَدْبٍ / ولا جيدَتْ بأنواءٍ غِزارِ
ولا نظرتْ عيونٌ مُدْلِجاتٌ / بهنّ على الظّلام ضِياءَ نارِ
وإنّي آملٌ فيكمْ وشيكاً / وإنْ موطلتُ عنه بلوغَ ثاري
أَلا إِنّي وَهبتُ اليومَ نفسي
أَلا إِنّي وَهبتُ اليومَ نفسي / لمن هو في المودّةِ مثلُ نفسي
وَمَن لَولاه لاِستَوْبأتُ وِرْدِي / وَلاِستَخشَنتُ مَسِّي عند لَمْسِي
فَتىً ناط الإلهُ به فروعي / ولفَّ بأصلِهِ أصلي وجنسي
أصولُ بهِ على كَلَبِ الأعادي / وآوي منهُ في هَضَباتِ قُدْسِ
وَضوءُ جَبينهِ لَيلاً وصُبحاً / إِذا قابلتُهُ بدري وشمسِي
فَقُل لِلزينبيّ مقالَ خِلٍّ / صريحِ الوُدِّ لم يُلْبَسْ بلَبْسِ
أتذكرُ إِذْ هبطنا ذاتَ عِرْقٍ / ونحن معاً على أقتادِ عَنْسِ
على هوجاءَ يُخرجها التَّنَزِّي / أمامَ اليَعْملاتِ بغير حِلْسِ
وَإِذْ سالتْ إِلينا من هُذَيلٍ / شعابُ الواديين بغير بَخْسِ
رِجالٌ لا يُبالونَ المَنايا / تُصبّحهمْ نهاراً أو تُمَسِّي
بألسِنَةٍ خُلقن لغير ذوقٍ / وأفواهٍ شُققن لغير نَهْسِ
يُشيعون الطعامَ النَّزْرَ فيهمْ / إذا ما الزّادُ أمكن كلَّ حَرْسِ
كأنَهُمُ على الحَرّاتِ منها / وقد طلعوا عليك بغير لُبْسِ
نَفَيْتَهُمُ وقد دَلَفوا إلينا / بزوراءِ المناكبِ ذاتِ عَجْسِ
كأنّ حنينَها للنّزعِ فيها / حنينُ مُسنَّةٍ فُجِعَتْ بخَمْسِ
ولمّا أنْ لَقوا منّا جميعاً / شفاءَ الهمَّ في ضربٍ ودَعْسِ
علَوْا قُلَلاً لكلِّ أشمّ طَوْدٍ / على طُرُقٍ منَ الآثار طُمْسِ
كَأنَّ غروبَ قَرْنِ الشَمسِ يَطْلِي / ذوائبَه وأعلاهُ بوَرْسِ
فِداؤك أيّها المحتلُّ قلبي / حياةُ مُرَوَّعِ الأحشاء نُكسِ
يُعَرِّدُ قبلَ بارقَةِ المَنايا / وَيتَّخذُ الهَزيمة شرَّ تُرْسِ
فَكَم شاهدتُ قَبلك من رجالٍ / ودِدْتُ لأجلهمْ ما كان حِسّي
حَدَستُ بِأَنّ عقْدَهُمُ ضعيفٌ / وكانوا في الرّكاكةِ فوقَ حَدْسي
بأَجلادٍ من التَّتْريفِ بيضِ / وأعراضٍ من التَّقْريف غُبْسِ
كأنّ مَقامَ جارِهِمُ عليهمْ / مقامُ مؤمّلٍ لرجوع أمسِ
ينادي منهُمُ مَن صمَّ عنه / كما رجعتْ تُندِّبُ أهلُ رَمْسِ
ولمّا أنْ نزلتُ بهمْ قَرَوْنِي / جِفانَ خديعةٍ وكؤوسَ ألْسِ
وعدتُ وليس في كفَّيَّ لمّا / شريتهُمُ سوى وَكسي ونَحْسي
يُسوِّمُها مسوِّقُها الرَّكايا / وفي الأحشاء حاجٌ ليس يُنسي
يُشاطرك الهمومَ إذا ألمّتْ / ويُوسعك التقيُّلَ والتأسِّي
وغُصنُك من مودّتِهِ وَرِيقٌ / وغرسُك في ثراهُ خيرُ غَرْسِ
وَقاني اللّهُ ما أَخشاه فيمنْ / به من بين هذا الخلق أُنْسِي
وَنكّبَ فيه عَن قَلبي الرّزايا / فأُصبِحُ آمناً أبداً وأُمسِي
أَلا ماذا يُريُبك مِن هُمومي
أَلا ماذا يُريُبك مِن هُمومي / ومن نَبواتِ جنبي عن فراشِي
وَلِي في كلّ شارقةٍ خليلٌ / أفارقُهُ بلا نَزَواتِ واشِ
وَأَنزعُ وَصلَهُ بالرّغم منِّي / كَما نَزعتْ يدي عنّي رِياشي
إِلى كَم ذا التّتابعُ والتّمادي / وكم هذا التّصاممُ والتّغاشي
وَكم شَنِفٍ يُنكِّدُ لا يُحابِي / وصُمٍّ كالأراقم لا تُحاشي
يَكونُ بِها اِنحِطاطي وَاِرتِفاعي / وَمِن يدها اِنتكاسي واِرتِعاشي
وَما هذا العكوفُ على حقيرٍ / يُساق إلى التحلّلِ والتّلاشي
فَضربٌ بالرّؤوسِ بلا نَجيعٍ / وطعنٌ في النّحورِ بلا رَشاشِ
تُشيك أخامصي منه خطوبٌ / إذا ما شِكْنَ يمنعنَ اِنتعاشي
وَيفدِي واهناً فيه بنَدْبٍ / ويُسبِق راكباً ممّا يماشي
وَكَم أَنجى فتىً خاضَ المَنايا / وَأَرداهُ على ثَبَجِ الفراشِ
فَيا متنَظِّراً مِنّي اِحتِراشاً / مَتى يَأتي عَلى يدك اِحتراشي
فُجِعتُ بُمشبعِ السَّغَباتِ جوداً / وناقعِ غُلَّةِ الهيمِ العِطاشِ
وَوهّابِ اللُّها في يومِ سلمٍ / وضرّابِ الكُلى يومَ الهِراش
تغلغلَ حبُّهُ في أُمِّ رأسي / وخاض ودادُه منّي مُشاشِي
وَأَفرَشني القَتَادَ أسىً عليهِ / فَليتَ لِغَيرِه كانَ اِفتِراشي
وَكنت عَلى الرّزايا ذا إِباءٍ / فَقَد قادتْ رزيّتُه خِشاشِي
وَقلتُ لِمن لَحا سَفَهاً عليه / وراجٍ في الملامةِ مثلُ خاشِ
تُعنِّفُنِي وَبالُك غيرُ بالي / وَتعذلِني وجأْشُك غيرُ جاشي
وَلستُ سواه متّخذاً خليلاً / وَلا يغشى هواي سِواه غاشِ
فَإنّي إِنْ فزعتُ إلى بَديلٍ / فزعتُ إلى الأُجاج من العِطاشِ
فَما لِي بعد فقدك طيبُ نفسٍ / وَلا جَذَل بِشيءٍ من معاشِي
أُؤمّلُ أَن أَعيش ودونَ عَيشي
أُؤمّلُ أَن أَعيش ودونَ عَيشي / كما أهوى مقاديرٌ عِراضُ
وَهَل لي مِن نَجاءٍ في اللّيالي / وحولي للرّدى أُسْدٌ رِباضُ
وَقَد أَقرضتَ في الدّنيا سروراً / فلا تجزعْ إذا رُدّ القِراضُ
وَكُنْ مِثلَ الأُلى دَرَجوا وأبقَوْا / حديثاً ما لزهرته الرّياضُ
هُمُ قَذَعوا نفوسَهُمُ ولوَّوْا / أعِنَّتَها إلى التّقوى وراضوا
فأمّا نُبْلُهمْ فلهمْ نفوسٌ / صحيحاتٌ وأجسامٌ مِراضُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025