المجموع : 17
أَصَحَّ اللَهُ جِسمَك ذو العَلاءِ
أَصَحَّ اللَهُ جِسمَك ذو العَلاءِ / وَأَعقَبكَ السَلامَةَ في الدَواءِ
وَأَبدَلَكَ الإِلهُ بِهِ صَلاحاً / وَعافِيَةً تُمَحِّقُ كُلَّ داءِ
وَأَلبَسَكَ المَليكُ رِداءَ عُمرٍ / عَلى الأَيّامِ مَمدودَ البَقاءِ
شَفاكَ اللَهُ طاوِيَ كُلِّ سقمِ / فإِنَّ العَيشَ في بِشرِ الشِفاءِ
فَقَد أُنزِلتَ مِن قَحطانَ بَيتاً / رَفيعَ السَمكِ مُتَّسِعَ الفناءِ
أَبَت غَفَلاتُ قَلبِكَ أَن تريحا
أَبَت غَفَلاتُ قَلبِكَ أَن تريحا / لِكَأسٍ ما تُفارِقُها صَبوحا
فَغضَّ عَنِ المَكارِمِ طَرفَ عَينٍ / إِلى اللَذّاتِ ذا شَوقٍ طَموحا
كَأَنَّكَ لا تَرى حَسَناً جَميلاً / بِعَينِكَ يا أَخي إِلّا قَبيحا
دَعَتكَ إِلى مَحاسِنِها المَعالي / فَلَم تَجِدِ المَعالي فيكَ روحا
أَمَجنونٌ فَلَيسَ عَلَيكَ عَتبٌ / وَلَست مُعاتِباً إِلّا صَحيحا
لَقَد قَرَعَت شَكاةُ أَبي عَلِيٍّ
لَقَد قَرَعَت شَكاةُ أَبي عَلِيٍّ / قُلوبَ مَعاشِرٍ كانَت صِحاحا
فَإِن يَدفَع لَنا الرَحمنُ عَنهُ / صُروفَ الدَهرِ وَالأَجَلَ المُتاحا
فَقَد أَمسى صَلاحُ أَبي عَلِيٍّ / لِأَهلِ الدينِ كُلِّهم صَلاحا
إِذا ما المَوتُ أَخطَأَهُ فَلَسنا / نُبالي المَوتَ حَيثُ غَدا وَراحا
مَرَرتُ عَلى عِظامِ أَبي زُبيدٍ
مَرَرتُ عَلى عِظامِ أَبي زُبيدٍ / وَقَد لاحَت بِبَلقَعَةٍ صَلودِ
وَكانَ لَهُ الوَليدُ نَديمَ صِدقٍ / فَنادَم قَبرُهُ قَبرَ الوَليدِ
أَنيسا ألفة ذَهَبَت فَأَمسَت / عِظامُهُما تَأَنَّسُ بِالصَعيدِ
وَما أَدري بِمَن تَبدَأُ المَنايا / بِأَحمَدَ أَو بِأَشجَعَ أَو يَزيدِ
قُصورُ الصالِحِيَّةِ كَالعَذارى
قُصورُ الصالِحِيَّةِ كَالعَذارى / لَبِسنَ ثِيابَهُنَّ لِيَومِ عُرسِ
مُطِلّاتٌ عَلى بَطنٍ كَسَتهُ / أَيادي الماءِ نَسجاً وَشيَ غَرسِ
إِذا ما الطَلُّ أَثَّرَ في ثَراهُ / تَنَفَّسَ نورُهُ مِن غَيرِ نَفسِ
تَعَبَّقُهُ السَماءُ بِصَبغِ وَرسٍ / وَتُصبحُهُ كُؤوسٌ غَيرُ شُمسِ
تَغَيَّرَتِ المَنازِلُ وَالرِباعُ
تَغَيَّرَتِ المَنازِلُ وَالرِباعُ / وَقيعانُ الأَراكَةِ وَالتِلاعُ
دِيارَ الحَيِّ ما لَكِ بَعدَ سَلمى / تَعَلّاكِ اِكتِئابٌ وَاِختِشاعُ
أَجارَ بِكِ الزَمانُ وَلا اِمتِناعٌ / لِما يَجني الزَمانُ وَلا دِفاعُ
وَما لَكِ يا طُلول دِيارِ سَلمى / جَوابُ مُسَلّمينَ وَلا اِستِماعُ
أَيَنصَرِمُ الزَمانُ وَلَم تَعودي / إِلى دُنياكِ أَيَّتُها البِقاعُ
بِها بَسطُ الغُيوثُ مُتَوارِث / كَما نَسَجَت يَمانِيَةٌ صَناعُ
إِذا نامَ الخَلِيُّ فَلا مَنام / يَطيفُ بِمُقلَتَيَّ وَلا اِضطجاعُ
وَكانَ القُربُ يوصِلُ لي سُروراً / فَفَرَّقَهُ ثَناءٌ وَاِنقِطاعُ
فَلَمّا أَن رَأَيتُ الصَفوَ كَدراً / وَفي العالي مِنَ العيشِ اِتِّضاعُ
بَعَثتُ العيسَ تُسرِعُ بِالفَيافي / قَوائِمُها المُقَوَّمَةُ السِراعُ
إِلى مَلكٍ يَدينُ المالُ مِنهُ / سَماحٌ لا يَطيفُ بِهِ اِمتِناعُ
لَهُ القدمُ الَّتي سَبَقَت سِواهُ / إِلى العَلياءِ وَالشَرَفِ اليَفاعُ
مُقَدّمُ كُلِّ ذي قُدمٍ وَمَجدٍ / وَطالَ لَهُ عَلى الأَبواعِ باعُ
مُجيرٍ حينَ لا يُرجى مُجيرٌ / وَمسطيعٍ لِما لا يُستَطاعُ
كَريمٍ في مَواقِعِ راحَتَيهِ / يَنالُ الريَّ وَالشَبعَ الجِياعُ
يَحوطُ وَدائِعَ الأَسرارِ مِنهُ / بِصَدرٍ فيهِ إِن ضاقوا اِتِّساعُ
إِذا اِلتَفَّت أَضالِعُهُ عَلَيهِ / فَلَيسَ عَلَيهِ لِلأُذنِ اِطِّلاعُ
وَمُضطَرِبِ الوِشاحِ لِمُقلَتَيهِ / عَلائِقُ ما لِوَصلَتِها اِنقِطاعُ
يُعَرِّضُ لي بِنَظرَة ذي دَلالٍ / يُريعُ بِمُقلَتَيهِ وَلا يُراعُ
لِحاظٌ لَيسَ تحجَبُ عَن قُلوبٍ / وَأَمرٌ في الَّذي يَهوى مُطاعُ
وَوُسعي ضَيِّقٌ عَنهُ وَمالي / وَضيقُ الأَمرِ يَتبَعُهُ اِتِّساعُ
وَتَعويلي عَلى مالِ اِبنِ يَحيى / إِلَيهِ حَنَّ شَوقي وِالنِزاعُ
وَثِقتُ بِجَعفَرٍ في كُلِّ خَطب / فَلا هلكٌ يُخافُ وَلا ضَياعُ
وَيَومٍ يَغمُرُ الأَيّامَ فَضلاً / لِأَفواهِ الحُروبِ بِهِ اِبتِلاعُ
حَلَبتُ بِهِ الحلوقَ دَماً نَجيعاً / بِحَيثُ يَدرُّ لِلحَلبِ النُخاعُ
نَزَعتَ مَلابِسَ العينِ السَوافي / وَقَد أَعيا المُلوكَ لَها اِنتِزاعُ
بِسَيفِكَ نَجعَة مِن كُلِّ عاصٍ / وَلِلفُقَراءِ مِن يَدِكَ اِنتِجاعُ
فَأَرضُ الشامِ خِصبٌ بَعدَ جَدبٍ / لَها مِن بَعدِ فُرقَتِها اِجتِماعُ
وَلَستُ بِخائِفٍ لِأَبي عَلي
وَلَستُ بِخائِفٍ لِأَبي عَلي / وَمَن خافَ الإِله فَلَن يَخافا
وُقوفاً بِالمَطيِّ وَلَو قَليلا
وُقوفاً بِالمَطيِّ وَلَو قَليلا / وَهَل فيما تَجودُ بِهِ قَليلُ
عَسى يُطفي الوَداعُ عَلَيكَ شَوقي / وَهَل يُطفي مِنَ الشَوقِ الغَليلُ
مَدَحناهُم فَلَم نُدرِك بِمَدحٍ
مَدَحناهُم فَلَم نُدرِك بِمَدحٍ / مَآثِرَهُم وَلَم نَترُك مَقالا
أَجَدَّ لَهُ الهَوى سَقماً
أَجَدَّ لَهُ الهَوى سَقماً / وَضَمَّنَ قَلبَهُ أَلَما
فَأَصبَحَ بِالجَزيرَةِ لا / يَرى قَصداً وَلا أمَما
فَإِن تَردُد لَهُ الأَيّا / مُ شَملاً كانَ مُلتَئِما
فَلَن يَنفَكَّ بِالبَدرِ ال / لَذي يَهواهُ مُعتَصِماً
بِنَفسي مَن مَحاسِنُهُ / تُجِدُّ لِقَلبيَ السَقما
وَأَبهى الناسَ سالِفَةً / وَمُبتَسماً وُمُلتَزما
وَأَحسَنُ مَن يُرى عَيناً / وَجيداً واضِحاً وَفَما
كَأَنَّ مَحاسِنَ الدُنيا / تَبسَّمُ إِن هُوَ اِبتَسَما
وَأُشَبِّههُ وَأَظلمهُ / إِذا شَبَّهتُهُ الصَنَما
رَحَلنا اليَعملاتِ وَلَم / نَهَب خَفضاً وَلا أَكما
إِلى مَلكٍ أَنامِلُهُ / تُميتُ الهَمَّ وَالعَدَما
لَهُ شيمٌ مُجاوِزَةٌ / يُشايِعُ فَضلُهُ الشِيَما
أَتى البَلدَ الشامي في / لِباسِ الحَربِ مُستَلِما
فَكانَ بِغَيرِ حُكمِ الأَش / عَريِّ هُناكَ ما حُكما
أَذاقَ المَوتَ أَقواماً / بِظُلمِهِم وَما ظُلِما
وَقَوماً أَلبَسَتهُم را / حَتاهُ العَفوَ وَالنعَما
بِسَيفٍ يَخفِضُ النَجوى / وَجودٍ يَرفَعُ الهِمَما
أَماتَ اللُؤمَ نائِلُهُ / وَأَحيا الجودَ وَالكَرَما
وَما حَفِظ الحُقوقَ كَجَع / فَرَ أَحَدٌ وَلا الذِمَما
وَلا أَخطَت سَحائِبُ جو / دِهِ عَرَباً وَلا عَجَما
يُقَدِّمُ جَعفَر أنساً / عَلى أَصحابِهِ قَحما
وَحَقّ لَهُ يُقدِّمُهُ / عَلى رَغمِ الَّذي رغما
فَلَستَ تَرى لَهُ عَن شُك / رِهِ خرساً وَلا صَمَما
وَلا يُبدي لَهُ نُصحاً / يُخالِفُ غَيرَ ما كَتَما
إِذا أَخَذَت أَنامِلُهُ / تَبينُ فَضله القَلَما
وَحَسبُكَ مِن عَليمٍ يَت / تَقي الأَلفاظَ وَالكَلِما
تَطَأطَأَ كُلُّ مُرتَفَعٍ / مِنَ الكِتابِ إِذا نَجما
وَأَصبَحَ كُلُّ ذي عِلمٍ / يَرى أَنسابَهُ عَلما
سَريعٌ في تَيَقُّنِهِ / يُضيءُ بِرَأيِهِ الظُلَما
وَوقاّف لِذي شبهٍ / يَقولُ بِقَدرِ ما عَلِما
إِمامٌ قامَ حينَ مَضى إِمامُ
إِمامٌ قامَ حينَ مَضى إِمامُ / نِظامٌ لَيسَ يَنقَطِعُ النِظامُ
بَكى ذاكَ الأَنامُ أَسىً وَوَجداً / وَسُرّ بِذا الَّذي قامَ الأَنامُ
مَضى الماضي وَكانَ لَنا قَواماً / وَهذا بَعدَ ذاكَ لَنا إِمامُ
إِمامانِ اِستَقَرَّ بِذا قَرارٌ / وَحَولَ ذاكَ فَاِختَرمَ الحمامُ
عَلى ذاكَ السَلامُ غَداةَ وَلّى / وَدامَ لِذا السَلامَةُ وَالسَلامُ
سِهامُ المَوتِ تَقصِدُ كُلَّ حَيٍّ / وَمَن ذا لَيسَ تَقصِدُهُ السِهامُ
أَميرُ المُؤمِنينَ ثَوى ضَريحاً / بِطوس فَلا يُحَسُّ وَلا يُرامُ
كَأَن لَم تَغنَ في الدُنيا وَتَغدو / إِلى أَبوابِهِ العَصبُ الكِرامُ
وَلَم يَنحَر بِمَكَّةَ يَومَ نَحرٍ / وَلَم يَبهَج بِهِ البَلَدُ الحَرامُ
وَلَم يَلقَ العَدُوُّ بِمُقرَباتِ / يَهيمُ أَمامَها جَيشٌ لهامُ
أَقولُ لِساكِنٍ قَبراً بِطوسٍ / سَقاكَ وَلا سَقى طوسَ الغَمامُ
لا ظُلمَ كُلِّ ذي نورٍ وَلكِن / بِوَجهِ مُحَمَّد كُشِفَ الظَلامُ
وَلَولا مُلكِه إِذ غِبتَ عَنّا / لَما ساغَ الشَرابُ وَلا الطَعامُ
فَقَد حَيَّ الحَلالُ بِهِ فَدَرَّت / لَنا التَقوى وَماتَ بِهِ الحَرامُ
عَلى قَبرٍ بِجُرجانَ السَلامُ
عَلى قَبرٍ بِجُرجانَ السَلامُ / وَإِن بَعُدَ الملامُ فَلا ملامُ
عَلى قَبرٍ بِهِ أَشلاء بَدرٍ / أُصيبَ بِهِ مِنَ الشَرفِ السَنامُ
أَقولُ لِصاحِبَيَّ وَخَبِّراني / بِحَيثُ القَبرُ وَالمُلكُ اللِهامُ
صَلاةُ اللَهِ رَبّكُما وَرَبّي / عَلى قَبرٍ بِهِ تِلكَ العِظامُ
بِمَصرَعِ أَحمَدٍ عزَّ الأَعادي / وَذلَّ الرُمحُ وَالسَيفُ الحُسامُ
فَلَم أَرَ مِثلَ أَحمَدَ يَومَ وَلّى / حَمامٌ نالَ مُهجَتَهُ الحمامُ
عَلَيكَ وَلا عَلى جَرجانَ مني / سَلامُ اللَهِ ما بَقيَ السَلامُ
أَقَمتَ بِغُربَةٍ في ظِلِّ دارٍ / يَطولُ بِها التَغَرُّب وَالمَقامُ
وَكُنّا ناظِريكَ بِكُلِّ فَجٍّ / كَما لِلغَيثِ يَنتَظِرُ الغَمامُ
أَبَعدَكَ تُتّقى نوبُ اللَيالي / لَقَد صَغُرَت بِكَ النَكب العِظامُ
عَزيزُ بَني سليم أَقصَدَتهُ / سِهامُ المَوتِ وَهيَ لَهُ سِهامُ
أَمُفسِدَةٌ سُعادُ عَلَيَّ ديني
أَمُفسِدَةٌ سُعادُ عَلَيَّ ديني / وَلائِمَتي عَلى طولِ الحَنينِ
وَما تَدري سُعادُ إِذا تَخَلَّت / مِنَ الأَشجانِ كَيفَ أَخو الشُجونِ
تَنامُ وَلا أَنامُ لِطولِ حُزني / وَأَينَ أَخو السُرورِ مِنَ الحَزينِ
لَقَد راعَتكَ عِندَ قَطينِ سُعدى / رَواحِلَ غادِياتٍ بِالقطينِ
كَأَنَّ دُموعَ عَيني يَومَ بانوا / جَداوِلَ مِن ذُرى وَشلٍ مَعينِ
لَقَد هَزَّت سِنانَ القَولِ مِنّي / رِجالُ وَقيعَةٍ لَم يَعرِفوني
هُم جازوا حِجابَكَ يا اِبنَ يَحيى / فَقالوا بالَّذي يَهوونَ دوني
أَطافوا بي لَدَيكَ وَغِبتُ عَنهُم / وَلَو أَدنَيتَني لَتَجَنَّبوني
وَقَد شَهِدَت عُيونُهُم فَقالَت / عَلى وَغيبت عَنهُم عُيوني
وَلَمّا أَن كَتَبتُ بِما أَرادوا / تَدرَّع كُلُّ ذي غَمرٍ دَفينِ
كَفَفتُ عَنِ المقاتِلِ بادِياتٍ / وَقَد هَيَّأت صَخرَةَ مَنجَنونِ
وَلَو أَرسَلتها دَمَغَت رِجالاً / وَصالَت في الأَحِشَّةِ وَالشُؤونِ
وَكُنتُ إِذا هَزَزت حُسام قَولٍ / قَطَعَت بَحجة عَلق الوَتينِ
لَعَلَّ الدَهرَ يُطلِقُ مِن لِساني / لَهُم يَوماً وَيَبسُطُ مِن يَميني
فَأَقضي دَينَهم بِوَفاءِ قَولٍ / وَأثقلهُم لِصِدقي بِالدُيونِ
وَقَد عَلِموا جَميعاً أَنَّ قَولي / قَريبٌ حينَ أَدعوهُ يَجيني
وَكُنتُ إِذا هَجَوتُ رَئيسَ قَومٍ / وَسَمتُ عَلى الذؤابَةِ وَالجَبينِ
بِخَطٍّ مِثلَ حَرقِ النارِ باقٍ / يَلوحُ عَلى الحَواجِبِ وَالعُيونِ
أَمائِلَةٌ بِوُدِّكَ يا اِبنَ يَحيى / رِجالاتٌ ذَوو ضَغنٍ كَمينِ
يَشيمونَ السُيوفَ إِذا رَأَوني / وَإِن وَلَّيتُ سُلَّتُ مِن جُفونِ
وَلَو كُشِفَت سَرائِرُنا جَميعاً / عَلِمتُ مِنَ البَريءُ مِنَ الظَنينِ
عَلامَ وَأَنتَ تَعرِفُ نُصحَ حُبّي / وَأَخذي مِنكَ بِالسَبَبِ المَتينِ
وَعَسفي كُلَّ مهمَهَةٍ خلاءٍ / إِلَيكَ بِكُلِّ يَعملَةٍ أَمونِ
وَإِحيائي الدُجى لَكَ بِالقَوافي / أُقيمُ صُدورَهُنَّ عَلى المُتونِ
وَإِيصالي إِلى أَقصى صلاتي / بِمَكَّةَ بَينَ زَمزَمِ وَالحجونِ
تُقرِّبُ مِنكَ أَعدائي وَأَنأَى / وَتُجلِسُ مَجلِسي مَن لا يَليني
وَلَو عايَنتَ نَفسَكَ في مَكاني / إِذَن لَنَزَلتُ عِندَكَ بِاليَمينِ
وَلكِنَّ الشُكوكَ نَأَينَ عَنّي / بِوُدِّكَ وَالمَصيرُ إِلى اليَقينِ
وَإِن أَنصَفتَني أَحرَقتُ مِنهُم / بِنُضجِ الكَيِّ أَثباجَ البُطونِ
بِأَكنافِ الحِجازِ هَوىً دَفينُ
بِأَكنافِ الحِجازِ هَوىً دَفينُ / يُؤَرِّقُني إِذا هَدَتِ العُيونُ
أَحنُّ إِلى الحِجازِ حَنينَ إِلفٍ / قَرينِ الحُبِّ فارَقَهُ القَرينُ
وَأَبكي حينَ تَرقُدُ كُلُّ عَينٍ / بُكاءً بَينَ زَفرَتِهِ أَنينُ
أَمَرَّ عَلى طَبيبِ العيسِ نَأيٌ / خَلوج بِالهَوى الأَدنى شَطونُ
فَإِن بَعُدَ الهَوى وَبَعدتُ عَنهُ / وَفي بُعدِ الهَوى تَبدو الشُجونُ
فأعذَرُ مِن رَأَيتُ عَلى بُكاءٍ / غَريبٌ عَن أَحِبَّتِهِ حَزينُ
يَموتُ الصَبُّ وَالكِتمانُ عَنهُ / إِذا حَسُنَ التَذَكُّرُ وَالحَنينُ
وَظاعِنَة بِقَلبِكَ يَومَ وَلَّت / لَها بِشَر يَلينُ وَلا تَلينُ
إِذا قَطَعَت مِنَ الصَمانِ سهباً / تَمَطّى بَعدَهُ سَهبٌ بَطينُ
أُجاذِبُها النَجاءَ بِكُلِّ حَرفٍ / أَمونٍ في تَسَرُّعِها جنونُ
وَما نَشَرَ البِلاد وَلا طَواها / كَرعبلَةٍ يَضيقُ بِها الوَتينُ
فَقُل لِلعَبدِ يَعصي جانِبَيهِ / إِذا أَعطَتكَ طاعَتها الأَمونُ
إِلَيكَ خَبَطنَ أَرضَ الدوّ عِشقاً / وَأَنتَ لِكُلِّ خابِطَةٍ ضَمينُ
وَما بَعُدَت بِلادٌ أَنتَ فيها / وَلا كَذَبَت مُؤمِّلكَ الظُنونُ
وَما نالَ الغِنى مَن لَم تَنُلهُ / شمالٌ مِن عَطائِكَ أَو يَمينُ
إِذا غابَ اِبنُ يَحيى عَن بِلادٍ / فَلَيسَ عَلى الزَمانِ بِها مُعينُ
يَقيهِ لَدى الحُروبِ حُسامُ حَتفٍ / أَعارَتهُ جَسارَتَها المَنونُ
أَنيسٌ حينَ يغمِدُهُ وَوَحشٌ / إِذا لاقَت مَضارِبَها الشُؤونُ
حِياضُ البَرمَكيّ عذابُ وردٍ / تَفيضُ لَها بِنائِلِهِ عُيونُ
إِذا ما جاءَها وَفدٌ خَميصٌ / تَرَوَّحَ وَهوَ مُمتَلئٌ بَطينُ
يُهينُ المالَ أَقوامٌ كِرامٌ / وَمالُ الباخِلينَ لَهُم مُهينُ
وَما يُفني الكَريمَ فَناءُ مالٍ / وَلا يَبقى لِما يُبقي الضَنينُ
لَئِنَ جَرَحَت شكاتُكَ كُلَّ قَلبٍ
لَئِنَ جَرَحَت شكاتُكَ كُلَّ قَلبٍ / لَقَد قَرَّت بِصِحَّتِكَ العُيونُ
يَبيتُ مِنَ الحِذارِ بَنو سُليمٍ / عَلَيكَ وَكُلُّهُم وَجِلٌ حَزينُ
وَحُقَّ لَها بِأَن تَخشى المَنايا / عَلَيكَ وَأَنتَ مَنكِبُها اليَمينُ
فَأَنتَ لَها إِذا خانَت مُلوكٌ / وَفِيٌّ بِالزَمانِ لَها أَمينُ
وَسَيفُكَ فيهِ يَختَرِقُ المَنايا / وَبَحرُ نداكَ مَورودٌ مَعينُ
وَلَو فَقَدَتكَ قيسٌ يا فَتاها / إِذاً لَتَضَعضَعَت مِنها المُتونُ
وَلَو أَنَّ المَنونَ بَدَت لِقيسٍ / لَما نالَتكَ أَو تَفنى المَنونُ
رُوَيدَكَ إِنَّ عِزَّ الفَقرِ أَدنى
رُوَيدَكَ إِنَّ عِزَّ الفَقرِ أَدنى / إِلَيَّ مِنَ الثَراءِ مَعَ الهَوانِ
وَماذا تَبلُغُ الأَيّامُ مِنّي / بِرَيبِ صُروفِها وَمَعي لِساني
بَديهَتُهُ وَفِكرَتُهُ سَواءٌ
بَديهَتُهُ وَفِكرَتُهُ سَواءٌ / إِذا ما نابهُ الخَطبُ الكَبيرُ
وَأَحزَمُ ما يَكونُ الدَهرَ رَأياً / إِذا عي المُشاوِرُ وَالمُثيرُ
وَصَدرٌ فيهِ لِلهَمِّ اِتِّساعٌ / إِذا ضاقَت بِما تَحوي الصُدورُ