المجموع : 43
أَقولُ لَها وَدَمعُ العَينِ يَجري
أَقولُ لَها وَدَمعُ العَينِ يَجري / سَبيلُ الحَقِّ لَيسَ بِهِ خَفاءُ
إِذا كانَ التَعَتُّبُ مِن خَليلٍ / لِمَوجِدَةٍ فَلَيسَ لَهُ بَقاءُ
وَلَكِن إِن تَجَنّى الذَنبَ عَمداً / أَزالَ الوِدَّ وَانقَطَعَ الرَجاءُ
وَما هَجَروكَ مِن ذَنبٍ إِلَّيهِم
وَما هَجَروكَ مِن ذَنبٍ إِلَّيهِم / وَلَكِن قَلَّ في الناسِ الوَفاءُ
وَغَيَّرَ عَهدَهُم مَرُّ اللَيالي / وَحانَ لِمُدَّةِ الوَصلِ انقِضاءُ
سَرابيلُ المُلوكِ لَها جَمالٌ / وَلَيسَ لَها إِذا لُبِسَت بَقاءُ
وَإِنَّ العَطفَ بَعدَ العَتبِ يُرجى / وَإِنَّ المَلَّةَ الداءُ العَياءُ
رَأَيتُ اليَأسَ يُلبِسُني خُشوعاً / وَأَرجوها فَيُعوِزُني الرَجاءُ
إِذا هُجِرَ المُحِبُّ بَكى وَأَبدى
إِذا هُجِرَ المُحِبُّ بَكى وَأَبدى / عِتاباً كَي يَراحَ مِنَ العِتابِ
وَإِن رامَ اِجتِناباً لَم يُطِقهُ / وَلا يَقوى المُحِبُّ عَلى اِجتِنابِ
أَلَستَ تَرى الرَسولَ كَما تَراهُ / يُبَلِّغُها وَيَأتي بِالجَوابِ
وَيَذهَبُ بِالكِتابِ بِما أُلاقي / فَتَلثِمُهُ فَطوبى لِلكِتابِ
وِصالُكِ مُظلِمٌ فيهِ التِباسٌ
وِصالُكِ مُظلِمٌ فيهِ التِباسٌ / وَعِندَكِ لَو أَرَدتِ لَهُ شِهابُ
وَقَد حُمِّلتُ مِن حُبَّيكِ ما لَو / تَقَسَّمَ بَينَ أَهلِ الأَرضِ شابوا
أَفيقي مِن عِتابِكِ في أُناسٍ / شَهِدتِ الحَظَّ مِن قَلبي وَغابوا
يَظُنُّ الناسُ بي وَبِهِم وَأَنتُم / لَكُم صَفوُ المَوَدَّةِ وَاللُبابُ
وَكُنتُ إِذا كَتَبتُ إِلَيكِ أَشكو / ظَلَمتِ وَقُلتِ لَيسَ لَهُ جَوابُ
فَعِشتُ أَقوتُ نَفسي بِالأَماني / أَقولُ لِكُلِّ جامِحَةٍ إِيابُ
وَصِرتُ إِذا اِنتَهى مِنّي كِتابٌ / إِلَيكِ لِتَعطِفي نُبِذَ الكِتابُ
وَهَيَّأتِ القَطيعَةَ لي فَأَمسى / جَوابَ تَحيَتي مِنكِ السِبابُ
وَإِنَّ الوُدَّ لَيسَ يَكادُ يَبقى / إِذا كَثُرَ التَجَنّي وَالعِتابُ
خَفَضتُ لِمَن يَلوذُ بِكُم جَناحي / وَتَلقَوني كَأَنَكُمُ غِضابُ
فُؤادي بَينَ أَضلاعي غَريبُ
فُؤادي بَينَ أَضلاعي غَريبُ / يُنادي مَن يُحِبُّ فَلا يُجيبُ
أَحاطَ بِهِ البَلاءُ فَكُلَّ يَومٍ / تُعاوِدُهُ الصَبابَةُ وَالكُروبُ
لَقَد جَلَبَ البَلاءَ عَلَيَّ قَلبي / وَقَلبي ما عَلِقتُ بِهِ جَلوبُ
فَإِن تَكُنِ القُلوبُ مِثالَ قَلبي / فَلا كانَت إِذاً تِلكَ القُلوبُ
كَتَبتُ إِلى ظَلومَ فَلَم تُجِبني
كَتَبتُ إِلى ظَلومَ فَلَم تُجِبني / وَقالَت ما لَهُ عِندي جَوابُ
فَلَمّا اِستَيأَسَت نَفسي أَتاني / وَقَد غَفَلَ الوشاةُ لَها كِتابُ
كِتابٌ جاءَ وَالرُقَباءُ حَولي / إِذا ما مَرَّ طَيرٌ بي اِستَرابوا
أَما عَلِمَت يَقيناً أَنَّ أَهلي / عَلَيَّ لَهُم عُيونٌ وَاِرتِقابُ
سَأُعطيكِ الرِضا وَأَموتُ غَماً
سَأُعطيكِ الرِضا وَأَموتُ غَماً / وَأَسكُتُ لا أَغُمُّكِ بِالعِتابِ
رَأَيتُكِ مَرَّةً تَهوَينَ وَصلي / وَأَنتِ اليَومَ تَهوَينَ اِجتِنابي
وَغَيَّرَكِ الزَمانُ وَكُلُّ شَيءٍ / يَصيرُ إِلى التَغَيُّرِ وَالذَهابِ
فَإِن يَكُنِ الصَوابُ لَدَيكِ قَتلي / فَعَمّاكِ الإِلَهُ عَنِ الصَوابِ
مِنَ الدَنِفِ الَّذي يُمسي حَزيناً
مِنَ الدَنِفِ الَّذي يُمسي حَزيناً / وَبَينَ ضُلوعِهِ قَلبٌ مُصابُ
إِلى الخَودِ الَّتي سَلَبَت فُؤادي / فَأَمسى ما يَسوغُ لَهُ شَرابُ
يَنامُ الهاجِعونَ وَنَومُ عَيني / إِذا هَجَعوا بُكاءٌ وَاِنتِحابُ
فَلَو نَطَقَ الكِتابُ فَدَتكِ نَفسي / بَكى قَلَقاً ليَرحَمَني الكِتابُ
أَقَمتُ بِبَلدةٍ وَرَحَلتِ عَنها
أَقَمتُ بِبَلدةٍ وَرَحَلتِ عَنها / كِلانا بَعدَ صاحِبِهِ غَريبُ
أَقَلُّ الناسِ بِالدُنيا سُروراً / حَبيبٌ قَد نَأى عَنهُ حَبيبُ
أَتَيناكُم وَقَد كُنّا غِضابا
أَتَيناكُم وَقَد كُنّا غِضابا / نُصالِحُكُم وَما نَبغي العِتابا
وَقَد كُنّا اِجتَنَبناكُم فَعُدنا / إِلَيكُم حينَ لَم نُطِقِ اِجتِنابا
مَتى كانَت ظَلومُ إِذا أَتاها / كِتابٌ لا تَرُدُّ لَهُ جَوابا
تَناساني الحَبيبُ وَمَلَّ وَصلي / وَصَدَّ فَلا رَسولَ وَلا كِتابا
غَضِبتُ عَلَيكِ سَيِّدَتي
غَضِبتُ عَلَيكِ سَيِّدَتي / وَما لِلعَبدِ وَالغَضَبِ
هَجَرتُكِ عادياً طَوري / فَلَم أَرشُد وَلَم أُصِبِ
أَما وَاللَهِ رَبِّ البَي / تِ وَالأَستارِ وَالحُجُبِ
لَقَد طابَت بِكِ الدُنيا / وَلَولا أَنتِ لَم تَطِبِ
كَتَبتُ إِلَيكِ أَشكو ما أُلاقي
كَتَبتُ إِلَيكِ أَشكو ما أُلاقي / مِنَ الشَوقِ المُبَرِّحِ في الكِتابِ
وَأَمَّلتُ الجَوابَ وَلَستُ أَدري / بِأَنَّ المَوتَ يَأتي في الجَوابِ
فَلَمّا جاءَني أَيقَنتُ لَمّا / فَضَضتُ خِتامَهُ أَنّي لَما بي
وَقَد كانَ الرَجاءُ يَرُدُّ روحي / وَيَشفي ذِكرُهُ أَلَمَ اِرتِقابي
فَقَبَّحتِ الخِطابَ وَلَستُ أَدري / لِأَيَّ جِنايَةٍ قُبحُ الخِطابِ
بَكى وَشَكا لِغُربَتِهِ الغَريبُ
بَكى وَشَكا لِغُربَتِهِ الغَريبُ / وَطالَ بِهِ عَلى النَأيِ المَغيبُ
وَما هَذا بِأَعجَبَ مِن خُروجي / وَتَركي بَلدَةً فيها الحَبيبُ
تَهيجُ لِيَ الصَبابَةَ كُلُّ ريحٍ / وَيَهدي لي نَسيمَكُمُ الجَنوبُ
أَيا مَن لا يُجيبُ إِذا كَتَبنا
أَيا مَن لا يُجيبُ إِذا كَتَبنا / وَلا هُوَ يَبتَدينا بِالكِتابِ
أَما في حَقِّ حُرمَتِنا لَدَيكُم / وَحَقِّ إِخائِنا رَدُّ الجَوابِ
كَتَبتُ فَلَيتَني مُنّيتُ وَصلاً
كَتَبتُ فَلَيتَني مُنّيتُ وَصلاً / وَلَم أَكتُب إِلَيكِ بِما كَتَبتُ
كَتَبتُ وَقَد شَرِبتُ الراحَ صِرفاً / فَلا كانَ الشَرابُ وَلا شَرِبتُ
فَلا تَستَنكِروا غَضَبي عَلَيكُم / فَلَو هُنتُم عَلَيَّ لَما غَضِبتُ
نَصيري اللَهُ مِنكِ إِذا اِعتَدَيتِ
نَصيري اللَهُ مِنكِ إِذا اِعتَدَيتِ / وَقَد عذَّبتِ قَلبي إِذ جَفَوتِ
فَإِن يَكُ ذا مُغايَظَةً لِحِقدٍ / فَقَد وَاللَهِ يا أَمَلي اِشتَفَيتِ
قَضى بِالسَبكِ حُبُّكِ في عِظامي / وَصَيَّرَني هَواكِ كَما اِشتَهَيتِ
فَلَو شاءَ الَّذي بِكُمُ اِبتَلاني / لَعَجَّلَ راحَتي مِنكُم بِمَوتي
أَهاجَكَ صَوتُ قُمريٍّ يَنوحُ
أَهاجَكَ صَوتُ قُمريٍّ يَنوحُ / نَعَم فَالدَمعُ مُطَّرِدٌ سَفوحُ
يَلّومُ العاذِلونَ عَلى التَصابي / وَقَد يَهدي إِلى الرُشدِ النَصيحُ
أَلا ما لي وَلِلرُقَباءِ ما لي / وَما لَهُمُ أَأَسكُتُ أَم أَصيحُ
وَلَولا حِطَّةٌ لَخَلَعَتُ جَهراً / عِذاري في الهَوى إِنّي جَموحُ
لَحوني في القَريضِ فَقُلتُ أَلهو / وَما مِنّي الهِجاءُ وَلا المَديحُ
يَقولُ الناسُ بُحتَ بِكُلِّ هَذا / فَقُلتُ وَمَن بِهَذا لا يَبوحُ
أَقَر اللَهُ عَيني أَن أَراني / أَعيشُ وَحُبُّنا مَحضٌ صَريحُ
لَها قَلبي الغَداةَ وَقَلبُها لي / فَنَحنُ كَذاكَ في جَسَدَينِ روحُ
فَلَيتَ الوَصلَ دامَ لَنا سَليماً / وَعِشنا مِثلَ ما قَد عاشَ نوحُ
فَنَحيا عُمرَنا كَلِفَين حَتّى / إِذا مُتنا تَضَمَّنَنا ضَريحُ
أَلَمَّ خَيالُ فَوزٍ وَالثُرَيّا / قُبَيلَ الصُبحِ غائِرَةٌ جَنوحُ
بِأَحسَنِ صورَةٍ وَأَتَمَّ خَلقٍ / يُزَيِّنُ حُسنَها دَلٌ مَليحُ
فَتاةٌ قَد كَساها الحُسنُ تاجاً / يُلَجلَجُ حينَ يُبصِرُها الفَصيحُ
كَدُميَةِ بيعَةٍ بِالرومِ أَضحَت / يُعَظَّمُ عِندَ رُؤيَتِها المَسيحُ
أَيا لَكِ نَظرَةً أَودَت بِقَلبي
أَيا لَكِ نَظرَةً أَودَت بِقَلبي / وَغادَرَ سَهمُها جِسمي جَريحا
فَلَيتَ أَميرَتي جادَت بِأُخرى / فَكانَت بَعضَ ما يَنكا القُروحا
فَإِمّا أَن يَكونَ بِها شِفائي / وَإِمّا أَن أَموتَ فَأَستَريحا
تَجافى مِرفَقايَ عَنِ الوِسادِ
تَجافى مِرفَقايَ عَنِ الوِسادِ / كَأَنَّ بِهِ مَنابِتَ لِلقَتادِ
فَيا مَن يَشتَري أَرَقاً بِنَومٍ / فَيَسلُبَ عَينَهُ ثَوبَ الرُقادِ
تَطاوَلَ بي سُهادُ اللَيلِ حَتّى / رَسَت عَينايَ في بَحرِ السُهادِ
وَباتَت تُمطِرُ العَبَراتِ عَيني / وَعينُ الدَمعِ تَنبُعُ مِن فُؤادي
كَأَنَّ جُفونَ عَيني قَد تَواصَت / بِأَن لا تَلتَقي حَتّى التَنادِ
فَلَو أَنَّ الرُقادَ يُباعُ بَيعاً / لَأَغلَيتُ الرُقادَ عَلى العِبادِ
لَعَمرُكَ ما هَناكَ قُدومُ فَوزٍ / وَلا جادَت عَلَيكَ بِطيبِ زادِ
يُجَدَّدُ صَرمُها في كُلِّ يَومٍ / وَلَكِن لا يَطولُ بِهِ التَمادي
وَلَو جَدَّ القِلى لَرَحلتُ عَنها / وَلَم نَسكُن جَميعاً في بِلادِ
مَخافَةَ أَن يَقولَ الناسُ إِنّا / خَتَمنا الوُدَّ مِنّا بِالفَسادِ
وَكانَت بِالحِجازِ فَكُنتُ أَرجو / لِرَجعَتِها مُحافَظَةَ الوَدادِ
وَلَو خِفتُ القَطيعَةَ حَيثُ حَلَّت / رَضيتُ بِأَن تُقيمَ عَلى البُعادِ
فَيا حَزَني لِنَفسي بَعدَ فَوزٍ / وَيا طولَ اِغتِرابي وَاِنفِرادي
كَأَنّي لَم أَخُض غَمَراتِ هَولٍ / لِكالِئِها مِنَ اللَحَظاتِ هادِ
أُبادِرُ دونَها عَجَانَ أَمشي / رُوَيدَ المَشيِ مُضطَرِبَ النِجادِ
وَكُنّا عاشِقَينِ ذَوَي صَفاءٍ / وَوَريٍ في الجَوانِحِ ذي اِتِّقادِ
وَكُنّا لا نَبيتُ الدَهرَ حَتّى / نَكونَ مِنَ اللِقاءِ عَلى اِتِّعادِ
فَغيَّرَها الزَمانُ وَكُلُّ شَيءٍ / يَصيرُ إِلى التَغيُّرِ وَالنَفادِ
أَما وَالراقِصاتِ بِكُلِّ فَجٍّ / تَؤُمُّ البَيتَ في خَرقٍ وَوادِ
لَقَد ظَفِرَت مَوَدَّتُكُم بِقَلبي / فَحَلَّت في الشَغافِ وَفي الفُؤادي
وَلَو أَنّي أَشاءُ لَواصَلَتني / ذَواتُ حِجىً إِلى وَصلي صَوادِ
عَقائِلُ مِن بَناتِ أَبيكِ صُوَرٌّ / إِليَّ ذَواتُ عَطفٍ وَاِنقيادِ
فَجِئتُكُمُ عَلى ظَمَإٍ لِأَروى / فَلَم يَكُ عِندَكُم بَلَلٌ لِصادِ
وَما جَهلاً تَرَكتُ البَحرَ خَلفي / وَجِئتُكُمُ إِلى مَصِّ الثِمادِ
وَقَد قَلَبَ الزَمانُ عَلَيَّ يُمناً / وَكانَ إِلى شَفاعَتِها عِمادي
وَباحَ بِسِرِّيَ المَكنونِ عيسى / فَأَصبَحَ وَهوَ مِن حَدَثِ الأَعادي
وَأَصبَحتِ العَواشِقُ شامِتاتٍ / وَكُنتُ مِن العَواشِقِ في جِهادِ
تَقولُ وَقَد كَشَفتُ المِرطَ عَنها
تَقولُ وَقَد كَشَفتُ المِرطَ عَنها / وَذَلِكَ لَو ظَفِرتُ بِهِ الخُلودُ
تَنَاوَل ما بَدا لَكَ غَيرَ هَذا / فَفيما دونَ ذا قُتِلَ الوَليدُ
أَرى طَرفي يُشَوِّقُني إِلَيها / كَأَنَّ القَلبَ يَعلمُ ما أُريدُ
تَغارُ عَلَيَّ أَن سَمِعَت بِأُخرى / وَأَطلُبُ أَن تَجودَ فَلا تَجودُ
إِذا اِمتَنَعَ القَريبُ فَلَم تَنَلهُ / عَلى قُربٍ فَذاكَ هُوَ البَعيدُ