المجموع : 28
أبحتُ أبا الحسين صميم ودي
أبحتُ أبا الحسين صميم ودي / فداعبني بألفاظٍ عِذابِ
رأيتُ جلوسَه عندي كعرسٍ / فجُدت له بتمسيك الثيابِ
وبغضي للمشيب أعد عندي / كُميتاً لونه لونُ الخضابِ
وإن كان التقزز منه فخراً / فلِمْ يُكنَى الوصيُّ أبا ترابِ
أتوني بالطبيب فساءَلُوه
أتوني بالطبيب فساءَلُوه / فلم يدرِ الطبيبُ بما يجيبُ
سقاني شربةً لم تُغنِ شيئاً / سوى أن زاد في القلب اللَّهيبُ
فقلتُ له ألا دعني لدائي / وقم واذهب لشأنك يا طبيبُ
دوائي في يدَي من كان دائي / فقال وما الدَّوا قلتُ الحبيبُ
رجوتُ الصبرَ عنك فراث صبري
رجوتُ الصبرَ عنك فراث صبري / وقدماً كان صبري لا يريثُ
فقلتُ تمثُّلاً لك ليت شعري / متى يأتي غياثُك مَن تغيثُ
وسكران اللواحظ وهو صاحي
وسكران اللواحظ وهو صاحي / لهَا بالراح عن طلب الرواحِ
فَمَن مثلي ويمناه وسادي / معانقةً ويسراه وشاحي
سُتِرت بظُلمتَي ليلٍ وشعرٍ / وعانقتُ الصباحَ إلى الصباحِ
دعا الداعي بحَيَّ على الفلاحِ / وحَيَّ على سرورٍ وافتراحِ
أراكَ منعتَ دَرَّكَ فاصطبرنا
أراكَ منعتَ دَرَّكَ فاصطبرنا / وقد أقبلتَ تمنع دَرَّ غيرِك
ومَن يخضع لسرِّكَ وهو عانٍ / فإن رجوعه لرجاء خيرِك
جعلتُك في التحية لي إماماً / فدع أيري يصلي خلف أيرِك
فإنك سوف تعلم كيف صبري / إذا سلكت عصاي بعَقد سَيرِك
ستسمع ثمَّ ناقُوس النصارى / إذا ما باتَ شماسٌ بديرِك
كتابك كان فاتحة السرورِ
كتابك كان فاتحة السرورِ / وبشِّرني بإتمام الأمورِ
كأني كنت مأسوراً أتاهُ / بفكِّ الأسر توقيعُ الأميرِ
وقلبي كان أعمى عن هُداه / فأبصر بالكتاب المستنيرِ
كيعقوب النبيِّ جَلا عَماهُ / موافاةُ القميص مع البشيرِ
ولم أرَ مثل مِيلك وهو نِقسٌ / تغشّى ناظري ببياض نُورِ
وكان الفوز لو بُشِّرت فيه / بأنك زائري أو مستزيري
لخلوة مجلسٍ ولأنس وصلٍ / تُضَمُّ به النحورُ إلى النحورِ
كتبتُ إليك والعبرات تمحو / كتابي بالأنين وبالزفيرِ
ويشهدُ لي على ما في ضميري / سطورُ الدمع ما بين السطورِ
كتمنا ما بنا حتّى أبانت / صدور الكتب عمّا في الضميرِ
دعي لومي فلستُ بذي اعتذارِ
دعي لومي فلستُ بذي اعتذارِ / فما في الحبِّ من لومٍ وعارِ
أتنفع ذي الملامةُ مستحيراً / وحشو القلب مني حرُّ نار
وكأس قد سُقيت على وجوهٍ / بَهيَّاتٍ بكفي جلَّنارِ
بكف مدلَّهٍ بجمال حُسنٍ / يفوق مثاله درّاً بقارِ
فما ندري أغرَّتُه تُرينا / بياض الصُّبح أم لون العقارِ
يقول الناس لم يصدقكَ فيما
يقول الناس لم يصدقكَ فيما / يجمجم مثل ذي مرحٍ وسكرِ
فكيف وقد رأيناه كذوباً / يجيء بكلِّ بهتانٍ وكفرِ
أما لو كنتُ مُهدِيَ ملكِ مِصرٍ
أما لو كنتُ مُهدِيَ ملكِ مِصرٍ / إليك لَقَلَّ عن مقدار شُكرِكْ
فأهديتُ القليلَ ببسط أُنسي / وأسألك القبول بِبَسط عذرِكْ
ألا يا مَن إذا وَلَّوهُ جارا
ألا يا مَن إذا وَلَّوهُ جارا / ألستَ ترى محبَّك كيف صارا
ويا قمراً ينير الحيل ليلاً / وشمساً تشرق الكلا نهارا
فديتُك لم أقسكَ بغصن بانٍ / ولا شَبَّهتُ خدَّك جلَّنارا
وكيف وأنت معدن كلِّ حسنٍ / إذا ما عُدَّ كنتَ له قرارا
وليس يتمُّ حُسنُ الخَلق إن لم / يكن من بعض حسنك مستعارا
لخلقك نسخة في اللوح كانت / تَخَيَّرَها مُكوِّنُها اختيارا
فكيف وقد نشأتَ اليوم فينا / تطيق قلوبنا عنك اصطبارا
فمَن تجفوه لن يرجو حياةً / ومَن واصلتَه لم يخشَ عارا
بحبِّك صار عاشقُك المُعَنّى / على العشّاق يفتخر افتخارا
إذا ما عَيَّروني فيك قالوا / حبيبك لا يزور ولن يُزَار
فقلتُ لهم رضيتُ به حبيباً / ولا وحياتِه ما ذاقَ عارا
مضت عنك الملاحةُ والعفافُ
مضت عنك الملاحةُ والعفافُ / وأردى غصنَ بهجتك القطافُ
فأنت اليوم عينٌ ثم لامٌ / تُعَلَّقُ تحت تلك اللام قافُ
وما يشفي الذي بك غير نونٍ / يكون تمامَها ياءٌ وكافُ
سينصرف التدلُّل عنك يوماً / وهذا الداء ليس له انصرافُ
مَليحُ القَدِّ والحَدَقَهْ
مَليحُ القَدِّ والحَدَقَهْ / بديعٌ والذي خلقَهْ
له خالٌ بوجنته / يقطِّع قلبَ مَن عشِقَه
له صُدغانِ من حُسنٍ / على الخدينِ كالحَلَقَه
تراه الدهرَ يُنصفني / ويُوليني من الشَّفَقَه
أخيَّ أذابَني هَمٌّ قديمٌ
أخيَّ أذابَني هَمٌّ قديمٌ / وصيَّرني كعرجونٍ قديمِ
وخفتُ من الهموم ذهابَ عقلي / فطارِدني بطاردة الهمومِ
على أن ليس لي فيها نديمٌ / ولكن ذِكرُ مَن أهوى نديمي
هبوني قد أسأتُ أنا ال
هبوني قد أسأتُ أنا ال / مُقِرُّ به كما زعما
تراه يريد سفكَ دمي / بلا جرمٍ لقد ظَلما
فلستُ بجاعلٍ اللَ / هَ فيما بيننا حَكَما
حذارٍ أن يعاقِبَه / فيُصبح هالكاً نِقَما
تشاكينا بألحاظ الجفونِ
تشاكينا بألحاظ الجفونِ / لبُقيانا على الودِّ المصونِ
إذا خفنا ظنوناً نتَّقيها / تَجمَّلنا لتكذيب الظنونِ
نعارض بالصدود ظنونَ قومٍ / فتعترض الشكوك على اليقينِ
ولم نأمن سوى اللحظات رُسلاً / حذاراً من حسود أو خؤونِ
ولم نكن اطحر إذا تحاشا / لنأتمن الشمال على اليمين
أكاد لفرط إشفاقي أُوَقيّ / حبيبي من إشارات الظنونِ
أرى حُبِّيكَ فيه ضروب عقلٍ / وحُبُّ الناس ضربٌ من جنونِ
فمن يك بالإذاعة مستغيثاً / فليس على الأحبَّة من أمينِ
أيحسن يا حبيب بأن تراني / أُصافيك الوداد وتجتويني
فيا مَن صِيغ من طيبٍ ونور / وكلُّ الناس من ماءٍ وطينِ
معاذ اللَه ما هذي المعاني / وهذا الحسن من ماءٍ مهينِ
ولكن أنتَ من نورٍ صفيٍّ / وطيبٍ شِيبَ بالماء المَعينِ
فإن تكُ مِثلَنا بشراً سَويّاً / فماذا النور في هذا الجَبينِ
فوجهك مُعلَمٌ بطراز شكلٍ / وجسمك مُرتَدٍ برداء لينِ
كأنَّ تثنيَ الأعطافِ منه / نسيم الريح يلعب بالغصونِ
غزال البَرِّ بزَّ الصبرُ قلبي / لعلي أصطفيك وتصطفيني
فإن كنّا تشاكينا جميعاً / فمما أتَّقيك وتتقيني
مليح في الملاحة ما يُوازي
مليح في الملاحة ما يُوازي / تملك مهجتي ودمي وحازا
بذلتُ له المودَّةَ من فؤادي / فجازاني بأحسن ما يُجازي
عروسُ ملاحةٍ جُلِيت علينا / وقد نُفِل الجمالُ لها جهازا
غلائل خدِّها صُبِغَت بوَردٍ / وقد جُعِل النهارُ لها طِرازا
لنا في وجهه بستان حسنٍ
لنا في وجهه بستان حسنٍ / متاح للعيون بلا مساسِ
سقاني الراحَ من يده سُحَيراً / وفي عينيه من مرض النعاسِ
فيُمناه مُقَرَّطة بكوبٍ / ويسراه متوَّجة بكاسِ
أُقاسي في الهوى ما لا تقاسي
أُقاسي في الهوى ما لا تقاسي / وأذكر عهدنا إذ كنتَ ناسِ
فعهدك في الغرور كعهد وردٍ / وعهديَ في الإسار كعهد آسِ
وما أنسى إشارات المعاني / أُسارِقُها وألحظ باختلاسِ
وغرَّتني محاسنُ منك رقَّت / ولم أعلم بأن القلب قاسِ
وأعجبُ من جفائك لي وعسري
وأعجبُ من جفائك لي وعسري / ويسرك وارتفاعك وانخفاضي
سروري أن تدوم لك الليالي / بما تهوى كأني عنك راضِ
جُعِلتُ فداك من بؤسٍ وضُرِّ
جُعِلتُ فداك من بؤسٍ وضُرِّ / ومن مكروه حادِث كلِّ دهرِ
تعجَّلَ منك إلطافٌ وبرٌّ / وأبطأ عنك إلطافي وبرّي
بغير تغافلٍ منّي ولكن / لقول الناس في بدوٍ وحَضرِ
إذا أهدى الهديَّةَ مبتديها / فإسراعُ المُكافئِ ضِيقُ صَدرِ