المجموع : 22
جُفونٌ تستَهِلُّ دَمَا
جُفونٌ تستَهِلُّ دَمَا / وجسمٌ مُشْعَرٌ سَقَمَا
وأنّةُ مُوجَعٍ تُبدِي / من الأشْجانِ مَا كَتَمَا
وقلبٌ لو فُرِي بِميا / سِمِ النّيرانِ ما عَلِمَا
وحالٌ لو رآها شَا / مِتٌ أو حاسِدٌ رَحِما
مُحيّاً ما أَرَى أَم بَدرُ دَجنِ
مُحيّاً ما أَرَى أَم بَدرُ دَجنِ / وَبارِقُ مَبسمٍ أَم بَرقُ مُزنِ
وثَغرٌ أَم لآلٍ أَم أَقاحٍ / وَريقٌ أَم رِحيقٌ بِنتُ دَنِّ
وَلَحظٌ أَم سِنانٌ ركَّبُوهُ / بأَسمَرَ مِن نَباتِ الخَطِّ لَدنِ
وأَينَ مِنَ الظِّبا أَلحاظُ ظَبيٍ / ثَنانِي عن سُلُوِّي بالتّثَنِّي
إِذا جاءَ الملالُ لَهُ بِجُرمٍ / مَحاهُ وَجهُهُ بِشَفيعِ حُسنِ
فيا مَن مِنهُ قَلبي في سَعيرٍ / وَعَيني مِنهُ فِي جنّاتِ عَدنِ
حَباكَ هَوايَ منِّي مَحضَ وُدٍّ / تَنَزَّهَ عن مُداجَاةٍ وضِغنِ
وقَبْلَكَ ما تَملَّكَهُ حَبيبٌ / وَلا سَمَحَتْ بهِ نَفْسِي لِخِدْنِ
أَحينَ خَلَبتَني ومَلَكتَ قلبي / قَلبتَ لخُلَّتي ظَهرَ المِجَنِّ
فَهَلاّ قَبلَ يَعلَقُ في فُؤادي / هَواكَ وقبلَ يَغلَقُ فيكَ رَهْنِي
تُساوِرُني هُمومِي بعدَ وَهْنٍ / فَترمِي كلَّ جَارِحَةٍ بَوَهْنِ
أَلَم يكْفِ العواذلَ مِنكَ هجري / وقلبَكَ ما يُجنُّ مِنَ التّجنّي
إِذا فكَّرتُ في إِنفاقِ عُمري / ضَياعاً في هَواكَ قَرعتُ سِنّي
وآسَفُ كيفَ أَخْلَقَ عَهدُ وُدِّي / وآسَى كَيفَ أَخلفَ فيكَ ظَنّي
وأَوجَعُ ما لَقيتُ مِنَ الليالِي / وأَيُّ فِعالِها بي لم يَسُؤني
تَقلُّبُ قَلبِ مَن مَثواهُ قَلبِي / وَجفوةُ مَن طَبَقْتُ عَليهِ جَفْنِي
سَهِرتُ بخرتَبِرتَ فطال لَيْلِي
سَهِرتُ بخرتَبِرتَ فطال لَيْلِي / عليّ ولم يَطُلْ ليلُ النّيَامِ
أفكِّرُ في مُفارقَتِي رِجالاً / همُ الكُرَمَاءُ أبناءُ الكِرامِ
كأنّي السّهمُ يُفْردُ باعتمادٍ / لنَزعِ القوسِ من بينِ السهِامِ
أَبَا البركاتِ لي مولىً جَوادٌ
أَبَا البركاتِ لي مولىً جَوادٌ / مواهبُهُ كمُنهلِّ السّحابِ
يُحكِّمٌ في مكارِمهِ الأمانِي / ولو كلّفْتَهُ ردّ الشّبابِ
فَما بَالي أرَى ما أَبتغِيهِ / بعيداً عند مُنقَطِعِ السّرابِ
وعذرُكَ في قضا شُغلِي قضاءٌ / يُصرِّفُهُ فَما عُذْرُ الجَوابِ
وما أشكُو تلَوُّنَ أهلِ وُدّي
وما أشكُو تلَوُّنَ أهلِ وُدّي / ولو أجْدَتْ شَكَّيتُهم شكوْتُ
مَلِلْتُ عتابَهم ويئستُ منهُم / فما أرجوهُمُ فِمين رَجوتُ
إذا أدْمَتْ قَوارِصُهُم فؤادي / كَظَمتُ على أَذَاهم وانطويْتُ
ورُحتُ عليهِمُ طَلْقَ المُحَيَّا / كأَنّي ما سمِعتُ ولا رأيتُ
تجنَّوْا لِي ذُنوباً ما جنتْها / يَدايَ ولا أَمرتُ ولا نَهيتُ
ولا واللّهِ ما أضمرتُ غدْراً / كما قد أظهَروهُ ولا نَويتُ
ويومُ الحشرِ موعدُنا وتَبدُو / صحيفةُ ما جنَوْهُ وما جنيتُ
أشَمسَ الدّولةِ اُسمعْ بثَّ شَوقٍ
أشَمسَ الدّولةِ اُسمعْ بثَّ شَوقٍ / يَضيقُ بمثِله ذَرعُ الصّبُورِ
لقد أوحَشْتَ دُنيا كُنتَ أُنسِي / بها وسَلَبْتَني رَغَدَ السّرورِ
إذا ما الشّمسُ لم تظهرْ بأرضٍ / فما طيبُ الحياةِ بغيرِ نُورِ
وإن أصبحتَ في خَلَدِي مُقيماً / بحيثُ يَجولُ فِكرِي من ضَمِيرِي
نظامَ الدّينِ لا سُقَيا لخَطبٍ
نظامَ الدّينِ لا سُقَيا لخَطبٍ / رَمانَا بالنّوَى بعدَ اجتماعِ
عدَا حتّى على حُسنِ اصْطبارِي / وضَنّ عليّ حتّى بالوَداعِ
فمَا قلبي لسُلوانٍ مُطيعٌ / ولا السّلوان عنك بمستطاعِ
ولو أَمَّلتُ أَن أَلقاكَ حتَّى / أَبثُّكَ مضمرَ القلبِ الشَّعاعِ
لسرّتْنِي الأمانِي أو لسرّتْ / جَوَى قلبي لبُعدك واُلْتِيَاعي
نظامَ الدّينِ كم فارقتُ خِلاًّ
نظامَ الدّينِ كم فارقتُ خِلاًّ / وكم صَلِيَتْ حشَاي لَظَى اشتياقِ
فلم أجزَعْ لِفَجْئَاتِ التّنائِي / ولم أفْرَقَ لروْعاتِ الفِراقِ
وهأَنذَا لِبُعدكَ إلفُ هَمٍّ / تَفِيضُ له النّفوسُ من المآقي
أُمَنّي قَلبِيَ الخفَّاقَ شوقاً / إليكَ بِقُرْبِ أيّامِ التّلاقي
أبا الحارِثِ اُسلَم من حوادِث دهرِنَا / ومن حَرِّ أنفاسِ المشُوقِ المُفارِقِ
أَذُمُّ إليكَ البينَ إنَّ وشِيكَه / رَمَى كلَّ عظمٍ من عِظَامي بعَارِقَ
وأضللتُ شَمسِي ثم أصبحتُ نَاشداً / لها وهي في غرْبٍ بأرضِ المشَارقِ
أروحُ وأغدُو في هُمومٍ تَعودُني / فيا ليَ من همّيْنِ غادٍ وطَارقِ
إذا صاحبتَ عَمْراً في طريقٍ
إذا صاحبتَ عَمْراً في طريقٍ / فقد سَايَرْتَ ظِلَّكَ في الطّرِيقِ
فإن لم تلقَ إنساناً سِواهُ / تُرافِقُهُ فأنتَ بلاَ رَفِيقِ
نزلتُ بأرضِ بَالْوَا وهي حِصنٌ
نزلتُ بأرضِ بَالْوَا وهي حِصنٌ / عَلاَ حتّى تمنطَقَ بالنّجومِ
برُومٍ لا تلائمُهُم طِباعِي / وما العَربيُّ ذَو إلفٍ بِرُومِ
سَلامُهُمُ هَزَارْ بَاِريكَ مَاذَا / شبيهُ سَلامِ خُزَّانِ النّعِيمِ
وإن كلَّمتَهم قالوا اشكَدِ يمُ / ولستُ بعَالِمٍ معنَى اشكَدِيمِ
وما تَسوَى لُغَى كُومٍ وإنْ هِي / سَجَا لَيلي بهَا وصَفَا نَسيمي
وبَرْدُ ميَاهها وجَنَى جِنَانٍ / تُحيطُ بها ويانعةُ الكُرومِ
مُقامِي بَينَ قَومٍ إنْ تَداعَوْا / سمعتُ دعاءَ أصداءِ وبُومِ
عَتيقٌ كالهلالِ إذا تَبدَّى
عَتيقٌ كالهلالِ إذا تَبدَّى / لسارِي اللّيلِ مِن تحتِ الغُيومِ
تقولُ إذا به الأترابُ حَفُّوا / أهذا البدرُ ما بَينَ النّجومِ
سأرحَلُ عن جَنابِكَ غيرَ قالٍ
سأرحَلُ عن جَنابِكَ غيرَ قالٍ / بِشُكرٍ يفْغَمُ الآفاقَ نَشْرَا
وما شُكرِي لِما أوليتَ كُفءٌ / ولكنّي سأُبلي فيهِ عُذرَا
إلى كَم ترتجي عطفَ الملولِ
إلى كَم ترتجي عطفَ الملولِ / وتستَجْدي نوالاً مِن بَخيلِ
كأنّكَ في الّذي حاولتَ ساعٍ / لجمعِ ضُحى نهارِك بالأَصِيلِ
لقد أوقَعتَ قلبكَ في عَناءٍ / كبيرٍ في رجاءِ جَدَىً قَليلِ
وفي الأطماعِ للمُعتزِّ ذُلٌّ / وحُسنُ اليأسِ عِزٌّ للذَّليلِ
فلا تَعصِ النُّهى فالحزمُ ناهٍ / لمثلكَ عن طِلابِ المستحيلِ
تَناسَوْا أو نَسُوا عهدي ومالُوا / إلى جَحْد الهوى كلَّ المَميلِ
ولمّا أن رَأَوا حَسَني قبيحاً / رأوا غَمْطَ الجميلِ من الجميلِ
سَلَوا وتبدَّلوا بكَ فاُسْلُ عنهُمْ / ودَعْ ما رابَ منهم للبديلِ
ولا تتطلَّبِ الأعواضَ عنهُم / فكلُّ الناسِ من أبناءِ جيلِ
ولا تجزَعْ لغَدرٍ من خَليلٍ / فقد نُسِخَ الوفاءُ مِن الخليلِ
وأَغْضِ على القَذى عيناً وسَكِّنْ / حشاكَ على جَوَى الهَمِّ الدَّخيلِ
صديقٌ لي تَنَكَّرَ بعد وُدٍّ
صديقٌ لي تَنَكَّرَ بعد وُدٍّ / وأُمُّ الغَدرِ في الدُّنيا وَلودُ
أراهُ مَلالُه حَسَني قبيحاً / فصدَّ وأيسَرُ الغَدرِ الصُّدودُ
وذَمّ اليومَ ما حَمدتْه منّي / تجارِبُه وأمس بِه شهيدُ
ولستُ ألومُه فيما أَتَاهُ / أساءَ فرابَهُ الفِعلُ الحميدُ
وقد يَجِدُ المريضُ الماءَ مرّاً / بفيهِ وهْو سلسالٌ بَرودُ
أَراني أستطيلُ مَدى حَياتي
أَراني أستطيلُ مَدى حَياتي / وما في مَفرِقي للشيبِ وَخْطُ
ولو أسْقَطْتُ منه زَمانِ همِّي / لقال الناسُ هذا الشَّخصُ سقْطُ
أفكّرُ في فُرَيَّةَ ما تُلاقي
أفكّرُ في فُرَيَّةَ ما تُلاقي / من الدّنيا فتغشانِي الهُمومُ
وتَصعدُ زفرتِي أسفاً لعلمي / بما يَلقَى من البؤسِ اليتيمُ
وقد أودعتُها رَبّاً كريماً / وما يَنْسَى وديعتَه الكريمُ
نهار الشيب يكشف كل ريب
نهار الشيب يكشف كل ريب / تكفل ستره ليل الشباب
ينم على المعايب والمساوي / كما نم النصول على الخضاب
فهل لي بعد أن أضحى بفودي / نهار الشيب عذر في التصابي
غرضت من الحياة فكل عمري
غرضت من الحياة فكل عمري / تصرم بالحوادث والخطوب
فما طفرت يدي بسرور يوم / بغير هموم حادثة مشوب
صبا كالسكر أعقبه شباب / تقضى بالوقائع والحروب
ووافى بعده شيب بغيض / فلا سقيا لأيام المشيب
أراني طيب لذاتي ولهوي / يعد من الجهالة والعيوب
وأداني إلى كبر وضعف / وأدواء خفين على الطبيب
إذا رمت النهوض ظننت أني / حملت ذرى الشناخب من عسيب
فإن أنا قمت بعد الجهد أمشي / فمشي حين أعجل كالدبيب
تسيرني العصا هونا وخلفي / مسير الموت كالريح الهبوب
وأفنى الموت إخواني وقومي / وأترابي فها أنا كالغريب
وفيما قد لقيت ردى وموت / ولكن ليس قلبي كالقلوب
أبى لي أن أبالي بالرزايا
أبى لي أن أبالي بالرزايا / فؤاد لا يروع بالخطوب
ونفس لا تسف لمستفاد / ولا تأسى على وفر سليب
وعلمي أن ما أهوى وأخشى / يزول بغير شك عن قريب
شكا ألم الفراق الناس قلبي
شكا ألم الفراق الناس قلبي / وروع بالنوى حي وميت
وأما مثل ما ضمت ضلوعي / فإني ما سمعت ولا رأيت