المجموع : 8
وَما عِشقي لَهُ وَحشاً لِأَنّي
وَما عِشقي لَهُ وَحشاً لِأَنّي / تَرَكتُ الحُسنَ واختَرتَ القَبيحا
وَلَكِن غِرتُ أَن أَهوى مَليحاً / وَكُلُّ الناسِ يَهوونَ المَليحا
أَرى دَهري تَفَضَّلَ واستِفادا
أَرى دَهري تَفَضَّلَ واستِفادا / بِنابِغَة نَسيَت بِهِ زِيادا
وَلما أَن مَضى عَنّا زِياد / لَنظم الشعر عَوَّضَنا زِنادا
وَحينَ أَتاكَ ذاكَ أَفادَ هَذا / فَأَنسى مَن أَتاكَ لمن أَفادا
وَما أَعني سِواكَ أَبا عَليِّ / فَكُن حَيثُ اشتُهيتَ تَكُن مُرادا
لَقَد حَلَّت قَصائِدُكَ المَعالي / صنوف الفَخرِ مَثنى أَو فُرادى
فَإِن أَغزلت كُنتَ لَها وِشاحاً / وَإِن أَجزَلت كُنتَ لَها نجادا
بهرن فَلو تَبَين عَلى حُسودٍ / لَقالَ بِغَيرِ شَهوَتِهِ أَجادا
سمت بِكَ هِمَّة لَم تَرضَ حَتّى / غَدا فَلكَ النُجومُ لَها جَوادا
يَكون لَها الهِلال اليوم نَعلاً / وَفي عَشرٍ يَكون لَها بِدادا
أَتاني عَنك ذكر لَو تَمادى / إِلى الأَمواتِ كانَ لَها معادا
ثَناءٌ أَم ثَنايا أَقحوانٍ / تَبَسَّم غِبَّ أَدمعها فَزادا
حَظيت بِهِ فكنت هُناك قُسّاً / وَكانَ الناس كلهم إِيادا
بَعَثتُ إِلَيكَ في ميدان طِرسي / مِنَ الأَلفاظِ مضمرة جِيادا
وَلَو اسطيع كانَ بَياض عيني / لَها طَرساً وأسودها مِدادا
وَقَد أَسَّستَ مكرمة فَشيد / فَمثلك من إِذا أَبدى أَعادا
شَقيت بِما جَمعت فَلَيتَ شِعري
شَقيت بِما جَمعت فَلَيتَ شِعري / وَرائي مَن يَكون بِهِ سَعيدا
أَعاين حَسرَةً أَهلي وَمالي / إِذا ما النَفس جاوَزَت الوَريدا
أُعِدُّ الزادَ مِن تَقوىً فَإِنّي / رَأَيتُ المَنِيَّة السفر البَعيدا
تَبَرّأَ صاحِبيَ في اللَحدِ مِنّي / وَهالَ عَلى مَناكِبي الصَعيدا
وَوَدَّعَني وَعَزَّ عَلَيهِ أَنّي / أُوَدِعَهُ وَداعاً لَن أَعودا
فَلَو أَبصَرتَني مِن بَعدِ عَشرٍ / رَأَيت مَحاسِني قَد صُرنَ دودا
وَحيداً مفرداً يا رَب عَفواً / لِعَبدِكَ حينَ تَترُكَهُ وَحيدا
سَأَطَّلب العلاء بِكُلِّ لَيثٍ
سَأَطَّلب العلاء بِكُلِّ لَيثٍ / لَهُ رأس بِذِكرِ اللَهِ وَحدَهُ
لَهُ مِن ما تَصوغُ الهند ناب / وَمن ما حاكَهُ داود لبده
يَردُّ الرُمحَ أَزرَق في إِحمِرارٍ / كَمُقلَةٍ أَزرَقٍ كُحلت برقده
سَقى دَمعي الأحبَة حَيثُ ساروا
سَقى دَمعي الأحبَة حَيثُ ساروا / فَما ترويهِمُ الدِيمُ الغزارُ
تَوَلَّت ظعنُهُم وَالمَرءُ تنبو / بِهِ الأَحوال لا تَنبو الدِيارُ
لَهُنَّ مِن الحَيا نَحوي ابتِدارُ / كَما ابتَدَرت مِنَ الزَندِ الشَرارُ
فأَصمين الفؤاد فَقلت واهاً / أَتَرمي قَلب صائِدها الصَوارُ
أَقيدوني حآذركم فَقالوا / جِراحة كل عَجماء جَبارُ
وَطاعنة بِرُمحٍ مِن نُهودٍ / أَسِنة مِثلها الحَلمُ الصِغار
زَرعتُ بِخَدِّها رَوضاً بلثمي / فَفي وَجناتا مِنهُ اخضرارُ
كأَنَّ مَواقِع التَقبيل فيهِ / رَماد جامِدٌ وَالخَدِّ نارُ
لَيعينِكِ وخزة في كُلِّ قَلبٍ / أَأَشفارٌ جفونك أَم شفارُ
عَذَرتُكِ إِذ حجبتُ وَأَنتِ بَدرُ / لَهُ في كُلِّ أَوقاتِ سِرارُ
وَخوَّلَكِ النِفارُ وأي ريمٍ / يُرى أَبَداً وَلَيسَ لَهُ نِفارُ
تُجَرِّد منيَ الأَيّامُ نصلاً / لَهُ في كُلِّ ناحيَةٍ غِرارُ
يَظُنُّ أَناتيَ الجُهَلاءُ وَقراً / وَهَذا اللَوم أَكثره وِقارُ
وَلَو سادَ الصَبور بِغَيرِ حلم / إِذاً لاقتادَ قائِدَه الحِمارُ
أَطاعَ الناسُ أَرادهم وَهَذا / عَلى الإِسلامِ وَالعُلماءِ عارُ
لِكُلِّ بينهم هِمَمٌ وَقَدرٌ / لِعجلِ السامِريِّ له خُوارُ
فَذرني وَالطُغاة فبين رُمحي / وَبينَ قُلوبِ أَكثرهم سِرارُ
إِذا ما عَرَّس الخِطيُّ فيهم / فَإِنَّ رؤوسهم فيها نِثارُ
كأَنَّ رؤوسهم حَصَباتُ حَذفٍ / تَساقَط وَالفَضاء لَها جِمارُ
حَلَفتُ لأَنهَضَنَّ لَهُم بِأُسدٍ / لهم بِشعار دينِ اللَهِ زارُ
إِذا عَمِدوا ظَلامَ الشِركِ يَوماً / أَزالوهُ كَأَنَّهم نَهارُ
يؤدون النُفوسَ إِلى المَنايا / كَأَنَّ النَفسَ عِلٌ مُستَعارُ
إِذ بلغ الفَتى عِشرينَ عاماً / وَأعوزه العلاءُ فَذاكَ عارُ
إِذا ما أَوَّل الخِطِّيِّ أَخطا / فَما يُرجى بأخره انتِصارُ
أَلَمَّ خاليَها بَعد الهُجوعِ
أَلَمَّ خاليَها بَعد الهُجوعِ / فَعادَت إِذ رأَت سيفي ضَجيعي
وَهاجَت لي بِزَورتها زَفيراً / يَكادُ يُقيم مُعوَجَّ الضُلوعِ
فَباتَت بَينَ أَعناق المَطايا / تَردَّدُ في المَجيء وَفي الرُجوعِ
فَقُمتُ مُنادياً فَإِذا سُهَيل / مِنَ الخفقان كالقَلب المَروعِ
كَأَنَّ نُجوم لَيلك حينَ أَلقى / مَراسيَهُ مَسامير الدُروعِ
وَفي الحَيِّ الحِجازيين سِربٌ / كَأَنَّ وجوههم زهر لرَبيعِ
يَحُفُّ بأشنب الأَنياب أَحوى / كَأَنَّ رُضابَهُ ذوبُ الصَقيعِ
يَنوبُ بِوَجهِهِ عَن كُلِّ شَمسٍ / يَغيب من الغُروبِ إِلى الطُلوعِ
شَفعتُ إِلَيهِ في نَومي فأعيا / فَجاءَ بِهِ المَنامُ بِلا شَفيعِ
وَلا أَنسى بروضِ الحُزنِ ريماً / يَبُثُّ الوَجدَ عَن قَلبٍ وَجيعِ
وَأَحداقُ الحدائِقِ ناظِراتٌ / إِليَّ بأعيُنِ الزَهرِ البَديعِ
تَرَقرَقَ لؤلؤ الأَنداء فيها / كَما امتلأت عُيونُ من دُموعِ
وَلست بِواثِق بِجُفون عيني / وَقَد أَظهرن ما أَخفت ضُلوعي
وَمن يستكتم الأَجفان حُباً / فَقَد أَظهرن ما أَخفَت ضُلوعي
سَقى اللَهُ الحيا نَجداً فَإِنّي / لذو قَلبٍ إِلى نجد نَزوعِ
سَقاه وابِلٌ غَدقٌ ملتُّ / لَهُ جود كَجودِ أَبي المَنيعِ
وَلَو يَحكي أَنامله سَحابٌ / لَكانَ الدَهرُ منهُ في رَبيعِ
نَزَلتُ بِهِ فَقابَلَني بِوَجهٍ / أَغَرَّ كَغُرَّةِ الفَجرِ الصَديعِ
وَماءٍ من بشاشته زُلالٍ / وروض من مَكارِمِهِ مُريعِ
لَهُ يَدُ مُحسِنٍ وَحياء جانٍ / وجود مبَذِّرٍ وَعُلى جُموعِ
وَرأي مجرِّبٍ وقتال غِرٍ / وَذمَّةُ حافِظٍ وَنَدى مُضيعِ
إِذا ذُكِرَ النَوال اهتَزَّ شَوقاً / إِلَيهِ كَهِزَّة السَيفِ الصَنيعِ
يحنُّ إِلى العَطاء حنين قَيسٍ / إِلى لَيلى لعرفان الرُبوعِ
فَلا تَحمده في بَذلِ العَطايا / فَلَيسَ لِغَيرِ ذاكَ بِمُستَطيعِ
فَمِقبَضُ سَيفه مَجرى العَطايا / ومضربُ سيفهِ مَجرى النَجيعِ
مُنىً وَمَنيَّةٍ كالصِلِ يَطوي / عَلى الدِرياقِ وَالسُمِّ النَقيعِ
وَلَو بارى بِجودِ يَدَيهِ بَحراً / لآل البَحرُ كالآلِ المروعِ
إِذا وازَنتُهُ بِالناسِ طُراً / رأَيت البَعض يَعدل بِالجَميعِ
يُناطُ بِالرّأي منه بأَلمعيٍّ / يَرى الحِدثانِ من قبل الوقوعِ
بِذي حُلُمٍ أَصَمُّ عَن الدَنايا / وَذي جودٍ لسائِلِهِ سَميعِ
مفيدٍ متلفٍ حُلو مُمِرٍّ / عَلى العالّات ضَرّارٍ نَفوعِ
بِصَدرٍ مثل ساحتِهِ رَحيبٍ / وَبَذلٍ مثل نائِله سَريعِ
إِذا لاحَت بَنوه لنا شهدنا / لِطيب الأَصل مِن طيبِ الفُروعِ
نُجومٌ سَبعة عدد الثُريّا / وَموضعُها من الحَسَبِ الرَفيعِ
فَلا زالوا كأَنجُمها إِئتِلافاً / مِنَ الحِدثانِ في حِصنٍ مَنيعِ
تَراهُ وَحَولَهُ مِنهُمُ لُيوثٌ / إِذا نهل القَنا في كُلِّ رَوعِ
حَكوهُ شَمائِلاً وَعُلىً وَجوداً / وَبأَساً عِندَ مُعترِك الجُموعِ
تَراهُمُ مِثلَما اطَّردَت كعوب / وَراء سنانها الماضي الرَفيع
يَهُزُّ أَبو المَنيع بهم سُيوفاً / لِتَقويم المُخالِفِ وَالمُضيع
فَدامَ لهم بِهِ وَلَهُ سُرورٌ / بِهِم حَتّى المَماتِ بِلا فَجيعِ
أَلَم بِمَضجَعي بعد الكَلالِ
أَلَم بِمَضجَعي بعد الكَلالِ / خَيالٌ من هِلالِ بَني هِلالِ
بِمُنطَمسِ الصوى لَو حارَ طَيفٌ / لحار بِجَوِّهِ طيف الخَيالِ
فَأَحيا ذكر وَجدٍ وَهوَ مَيت / وَجَدَّدَ رسمَ شوق وَهوَ بالي
فَتاة ما تُنال وكل شيء / نَفيسُ القَدرِ مُمتَنِعُ المَنالِ
وَما تندى لِسائِلها بِوَصلٍ / وَقَد يندى البَخيل عَلى السُؤالِ
وَيَحجُبُ بَينَها أَبَداً وَبَيني / ظَلام النَد أَو غيم الحِجالِ
بِمُقلَتِها لعمر أَبيك سِحرٌ / بِهِ تَصطادُ أَفئدة الرِجالِ
سَمِعنا بِالعُجابِ وَما سَمِعنا / بِأَنَّ اللَيثَ مِن قَنصِ الغَزالِ
لَقَد بَذَلَ الفراق لنا رَخيصاً / لِقاء العامِريَّة وَهوَ غالي
وَأَبدى من محيّاها نَهاراً / يُجاوِر من ذَوائبها لَيالي
أَحن إِلى الفِراقِ لِكَي أَراها / وَإِن كانَ الفِراق عَليَّ لا لي
أَشارَت بِالوَداعِ وَقَد تَلاقَت / عُقودُ الثَغر وَالدَمعِ المُسالِ
وَأَبكاني الفِراقُ لَها فَقالَت / بكاءُ مُتيَّمٍ وَرَحيل قالي
فَقُلتُ لَها أُوَدِّع منك شَمساً / إِلى شمس الهُدى شمس المَعالي
فَتىً عَمَّ المُلوكَ فمن سواهِم / نَوالاً مِنهُ منسكِبُ العزالي
كَذاك الغيث إِن أَرسى بِأَرضٍ / تجلَّلَ كُل مُنخَفِضٍ وَعالي
تَرى في سرجِهِ لَيثاً وَغَيثاً / وعند الغَيثِ صاعِقَة تُلالي
مَلىءٌ بِالعَطايا وَالرَزايا / وَبِالنِعم السَوابِغِ وَالنِكالِ
تبوا الجودُ يُمناهُ محلاً / فَلَيسَ يَهُمُّ عَنها بارتَحالِ
كَأَنَّ الجود بعض الكفِّ منه / فَما لِلبَعضِ عَنها من زَوالِ
يُصافِحُ مِنهُ كَفّاً من عَطايا / تَحفُّ بِها بَنانٌ من نَوالِ
وَلَم أَرَ قَبلَهُ أَسَداً يُلَبّي / إِلى الهَيجاءِ إِن دعيت نَزالِ
أظافره من البيضِ المَواضي / ولبدَته مِن الزَردِ المذالِ
تَراهُ إِذا تَشاجَرَت العَوالي / يفرُّ من الفرارِ إِلى القِتالِ
وَكَم كسبته جُرد الخَيلِ مَجداً / وَلَيسَ لَهُنَّ مِنهُ سِوى الكَلالِ
توسَّطها الوَشيجُ وَفي كِلاها / أَنابيب مِنَ الأُسُلِ الطِوالِ
يُتابِعُ جوده وَيظن بُخلاً / وَفوق الجودِ أَمراسُ الفِعالِ
كأَنَّ صِلاتَهُ لَهُمُ صَلاة / فَلَيسَ تَتِمُّ إِلّا أَن يوالي
مَكارِمُ ما أَلَمَّ بِها كَريم / سِواه ولا خَطَرنَ لَهُ بِبالِ
ورثت الفَضلَ عَن جِدٍ فَجدٍ / إِلى هود النَبيِّ عَلى التَوالي
تنقَّل مِن كَريم في كَريم / كَما ارتمت المَنازِل بِالهِلالِ
نَصرتَ ابن النَبيِّ كَما نَصَرتُم / أَباهُ لَقَد حذوتَ عَلى مِثالِ
فَإِن حارَبت فيه فَرُبَّ حَربٍ / لَكُم في نُصرَةِ التَقوى سِجالِ
فَزَيَّنَ مَجدُكَ الِقبَ البَواقي / وَمَجدُ جُدودِكَ الحَقبِ الخَوالي
وَجود الناس مِن مَوجودِ طيٍ / وجودهُم لِجودِ بَنيك تالي
يَسومونَ النُفوس بِكُلِّ عَضبٍ / يكل فَيرخِصَ المُهجَ الغَوالي
إِذا أَبصرتَهُم فَوقَ المذاكي / رأيتَ الأسد من فَوقِ السَعالي
كَأَنَّهُم عَلَيها وَهيَ تَغدو / لُؤامَ الرِيش مِن فَوق النِبالِ
إِذا ابتَدَروا إِلى الهَيجاءِ قُلنا / سِهامٌ يَبتدرنَ إِلى نِصالِ
بأَيمانٍ كَأَبحُرِها غزار / وَأَحلام كأجبلِها ثِقالِ
رَأَيتُ الناسَ مِثلَ كُعوب رُمحٍ / فَمنهُنَّ السَوافِل وَالعوالي
وَمَن ذا يَستَطيع وأيُّ قَلبٍ / لِجَيش الفَخرِ يَفخَرُ في مَقالِ
وَحاتِم طيٍّ لك عَن يَمينٍ / وزيد الخَيلَ منك عَلى الشِمالِ
وَهَذانِ اللَذانِ يُقرُّ طوعاً / بِفَضلِهما المخالف وَالموالي
وَفيكَ عَن القَديمِ غِنىً ويُغني / ضِياءَ الصُبحِ عَن شعل الذُبالِ
إِذا ما جاءَ شمس الدين غَطّى / سَناهُ كل شَمسٍ أَو هِلالِ
ثأرت بقاتلي عمرو بن هِندٍ / وَما أَنساكَهُ طولُ اللَيالي
صَفوتَ خَلائِقاً وَندىً وَأَصلاً / فَقَد أَزريتَ بِالماءِ الزُلالِ
وَلَو يَحلو كَماء المزنِ خَلقٌ / لما شَرَقَ امرؤ فيهِ بِحالِ
أَرجّي في ظِلالِكَ أَن أُرَجّى / وَيجني العزَّ قَوم في ظِلالي
فَفَضلك قَد غَدا لِلفَضلِ جيداً / وَهَذا المَدح عقدٌ مِن لآلي
وَقَد يسبيك جيد الخودِ عطلاً / وَنَسَبي ضعف ذَلِك وَهوَ حالي
رأَيت العَرضَ يحسُنُ بِالقَوافي / كَما حَسُنَ المُهَنَّد بِالصِقالِ
بِغَير مفرج تَبغي كَريماً / لَقَد حدَّثت نفسك بِالمُحالِ
أَقول إِذا ملأت العَينَ مِنهُ / وَقاكَ اللَهَ مِن عَينِ الكَمالِ
بَعثنَ غداةَ تَقويضِ الخِيامِ
بَعثنَ غداةَ تَقويضِ الخِيامِ / مَنيَّة كُلَّ صَبٍ مُستَهامِ
وَمِلنَ إِلى الوَداعِ وكل جَفنٍ / يُفيضُ الدَمع كالقدح الجِمامِ
جَرَت عبراتُهُنَّ عَلى عَبير / كَما اِصطَفقَ الحُباب عي المُدامِ
ظِباءٌ صادَها قَنّاصُ بَينٍ / فَأَبدَلَها الهَوادِج بِالخِيامِ
أَراميهنَّ بِاللحظات خَلساً / فَترجع نَحوَ مَقتَلَتي سِهامي
برودٌ رِيقُهنَّ وَكَيف يَحمى / وَمَجراهُ عَلى برَدٍ تُؤَامِ
هَجَرتُ رِضابهنَّ لأَنَّ فيهِ / بُعَيدَ النَومِ أَوصاف المُدامِ
وَأقسمُ ما مُقتَّقةٌ شَمولٌ / ثَوَت في الدَن عاماً بَعدَ عامِ
إِذا ما شاربُ القوم اِحتَساها / أَحَسَّ لَها دَبيباً في العِظامِ
بِأَطَيبِ من مُجاجتهنَّ طَعماً / إِذا استيقظنَ من سِنَةِ المَنامِ
وَلَم أَرشَف لَهُنَّ جَنىً وَلكن / شَهدنَ بِذاك أَعواد البشامِ
إِذا شفَّت بَراقِعُهنَّ قُلنا / ضياء البدر من تحت الجِهامِ
سِقام جفونهنَّ سِقام قَلبي / وَهَل يَبرى السِقامُ مِنَ السِقامِ
وَإِنّي عند مَقدِرَتي وَوَجدي / بهنَّ مَع الشَبيبَة وَالغَرامِ
أَعَفُّ عَن الخَنا عند اِنتِباهي / وَأَحلُمُ عنه في حال المَنامِ
هَوىً لا عيب فيهِ وَلا أَثامِ / إِذا ما الحُبُّ أُفسِدَ بِالأَثامِ
وأقسم صادِقاً لَو هَمَّ قَلبي / بِفعلِ دَنيَّةٍ خَذلت عِظامي
وَأَظلمهنَّ إِن ناديتُ يَوماً / بِإِحداهِنَّ يا بَدرُ التَمامِ
كَما ظَلَمَ النَدى مَن قاسَ يَوماً / نَدى كَفَّ المفرِّج بِالغَمامِ
فَتىً جُبلت يَداهُ عَلى العَطايا / كَما جُبِلَ اللِسانِ عَلى الكَلامِ
نَزَلت بِهِ فَقرَّبني كَريمٌ / تقسَّمه العلى خَيرَ اِقتِسامِ
فَيُسراهُ لنَيلٍ أَو عنانٍ / وَيُمناهُ لِرُمحٍ أَو حُسامِ
وَطَوَّقني صَنائِع لَيسَ تَخفى / وَكَيفَ خَفاء أَطواق الحِمامِ
لَقَد أَحيا المَكارِمَ بَعدَ مَوتٍ / وَشادَ بِناءها بَعدَ اِنهِدامِ
وَيقسمُ ماله في كِلِّ وَفدٍ / كَلَحمِ البُدنِ في البلَدِ الحَرامِ
بِصَفحَةِ خَدِّهِ لِلبشرِ ماء / كَمِثلِ الماء في صَفح الحُسامِ
وَلَم أَرَ قَبلَهُ أَسَداً يُلاقي / ضُيوفاً بِالتَحيَّةِ والسَلامِ
يَزرَّ الدِرعَ منه عَلى هِزَبرٍ / أَبي شِبلٍ مَخالبه دَوامي
فَتىً لقيَ الوَغى قَبلَ اِثِّغارٍ / وَقادَ جُيوشها قَبلَ اِحتِلامِ
فَلَيسَ يَراع لِلغمَراتِ حَتّى / يراع الحوت في اللُجَجِ العِظامِ
يُغادِرُ قِرنَهُ وَالرُمحُ فيهِ / صَليباً بَينَ رُهبان قِيامِ
تكفِّنهُ البَواتِرُ في دِماء / وتدفنه الحَوافِرُ في القَتامِ
تَفيض دَم العِدى مِن كُلِّ دِرع / كَفَيضِ الخَمرِ مِن خَلَلِ الفَدامِ
وَتُسمِعُهم كَلام المَوت جَهراً / بِآذانٍ مِنَ الطَعنِ التُؤامِ
وَلَم يَكُ طَعنه أَذناً وَلَكِن / يَكون السَمعُ من قَرع الكَلامِ
وَيَهرتُ في الطِلى أَشداقُ عنسٍ / تُحلَّب بِالدِماء بدل اللَغامِ
لَهُ مِن نَفسِهِ أَبَداً مُنادٍ / يُناديهِ إِلى الرُتَبِ الجِسامِ
فَيَومُ الجودِ حَيَّ عَلى العَطايا / وَيَومُ الحَربِ حيَّ عَلى الزِحامِ
لَو أَنَّ المَجدَ يُدرِك بِالهُوَينا / لما فَضُلَ الكِرام عَلى اللِئامِ
تُجمِّل كل مملكة يَداهُ / وَإِن كانَت جَمالاً للأَنامِ
كَذاكَ الدُرّ أَحسَن ما تَراهُ / عَلى عُنُقِ الخَريدَةِ في النِظامِ
ونعمةُ غيرِهِ عارٌ عَلَيهِ / كَمِثلِ الخُلي لِلسَّيفِ الكِهامِ
رآهُ اللَهَ لِلعَلياءِ أَهلاً / فَأَعلاهُ عَلى قِمَمِ الكِرامِ
فَقابَلَ فَضلَ خالِقِهِ بِشُكرِ / وَإِنَّ الشُكرَ داعِيَة الدَوامِ
بَنوه لِجَيشِهِ أَبَداً إِمام / بِمَنزِلَةِ النُصولِ مِنَ السِهامِ
فَبورِكَ ولدُهُ أَبَداً سِهاماً / وَبورِكَ سَهمُ دين اللَهِ رامي
سِواءٌ فيهُمُ قَول المُنادي / هَلِمّوا لِلطِّعان أَو الطَعامِ
نَزَلتُم طَيِّباً حرماً وَكُنتُم / مَكانَ الرُكنِ منها وَالمَقامِ
أَتَتكَ رَسائِل السُلطانِ تَرضى / وَتقنع من هِباتِكَ بِالرَمامِ
أَتاكَ رَسولُ مَولانا نِزارٍ / بِخاتِمه المُعَظَّم في الأَنامِ
أَماناً مِن جَميعِ الناس طُرّاً / فَأَنعَم بِالأَمانِ وَبِالدَوامِ
وَأَلقاباً مُكرَّمَة حِساناً / وَحيّاً بِالتَحيَّةِ وَالسَلامِ
إِذا خافَ الإِمام سَطاكَ يَوماً / فَكَيفَ يَكونَ مَن دونَ الإِمامِ
وَمَن كانَ الإِلَهُ لَهُ مُعيناً / فَكَيفَ يَخاف ما دونَ الأَنامِ
إِلَيكَ جَعَلتُ صَدر المُهرِ سِلكاً / أَسدُّ بِهِ المَوامي بِالمَوامي
إِذا وَرَدَ القَرارَة بَعدَ أَينٍ / حَشا فاهُ عَلى فاس اللِجامِ
فَكَم مَلِكٍ أُغادِرُ عَن يَميني / وَعَن يُسرايَ إِذ كُنتُم أَمامي
وَلَستُ بِذي عَمىً عَن رزق سُوءٍ / أُغادِرُهُ وَلَكِن عَن تَعامي
إِذا قَنِعَ الهِزَبرُ بقوت كَلبٍ / فَلَيسَ الفَرقُ إِلّا في الأَسامي
رَضَعتَ الجودَ قَبلَ الدَر طِفلاً / وَما لِرَضاع جودِكَ مِن فِطامِ
فَجودُ سواك رَمَيةُ غَير رامٍ / وَجودك رَمية من كَفِّ رامِ
فَعِش واسلَم قَريرَ العَينَ تَعلو / وَتبلغ زا تُؤمِّل مِن مَرامِ
سَعيد الجَدِّ ما زَهرت نُجوم / وَقَدَّ الصُبح جِلبابَ الظَلامِ