القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أَبو الطَّيِّب المُتَنَبّي الكل
المجموع : 53
أَتُنكِرُ يا اِبنَ إِسحاقٍ إِخائي
أَتُنكِرُ يا اِبنَ إِسحاقٍ إِخائي / وَتَحسَبُ ماءَ غَيري مِن إِنائي
أَأَنطِقُ فيكَ هُجراً بَعدَ عِلمي / بِأَنَّكَ خَيرُ مَن تَحتَ السَماءِ
وَأَكرَهُ مِن ذُبابِ السَيفِ طَعماً / وَأَمضى في الأُمورِ مِنَ القَضاءِ
وَما أَربَت عَلى العِشرينَ سِنّي / فَكَيفَ مَلِلتُ مِن طولِ البَقاءِ
وَما اِستَغرَقتُ وَصفَكَ في مَديحي / فَأَنقُصَ مِنهُ شَيئاً بِالهِجاءِ
وَهَبني قُلتُ هَذا الصُبحُ لَيلٌ / أَيَعمى العالَمونَ عَنِ الضِياءِ
تُطيعُ الحاسِدينَ وَأَنتَ مَرءٌ / جُعِلتُ فِدائَهُ وَهُمُ فِدائي
وَهاجي نَفسِهِ مَن لَم يُمَيِّز / كَلامي مِن كَلامِهِمِ الهُراءِ
وَإِنَّ مِنَ العَجائِبِ أَن تَراني / فَتَعدِلَ بي أَقَلَّ مِنَ الهَباءِ
وَتُنكِرَ مَوتَهُم وَأَنا سُهَيلٌ / طَلَعتُ بِمَوتِ أَولادِ الزِناءِ
لَقَد نَسَبوا الخِيامَ إِلى عَلاءِ
لَقَد نَسَبوا الخِيامَ إِلى عَلاءِ / أَبَيتُ قَبولَهُ كُلَّ الإِباءِ
وَما سَلَّمتُ فَوقَكَ لِلثُرَيّا / وَلا سَلَّمتُ فَوقَكَ لِلسَماءِ
وَقَد أَوحَشتَ أَرضَ الشامِ حَتّى / سَلَبتَ رُبوعَها ثَوبَ البَهاءِ
تَنَفَّسُ وَالعَواصِمُ مِنكَ عَشرٌ / فَتَعرِفُ طيبَ ذَلِكَ في الهَواءِ
أَسامِرِيُّ ضُحكَةَ كُلِّ راءِ
أَسامِرِيُّ ضُحكَةَ كُلِّ راءِ / فَطِنتَ وَأَنتَ أَغبى الأَغبِياءِ
صَغُرتَ عَنِ المَديحِ فَقُلتَ أُهجى / كَأَنَّكَ ماصَغُرتَ عَنِ الهِجاءِ
وَما فَكَّرتُ قَبلَكَ في مُحالٍ / وَلا جَرَّبتُ سَيفي في هَباءِ
لِعَيني كُلَّ يَومٍ مِنكَ حَظٌّ
لِعَيني كُلَّ يَومٍ مِنكَ حَظٌّ / تَحَيَّرُ مِنهُ في أَمرٍ عُجابِ
حِمالَةُ ذا الحُسامِ عَلى حُسامٍ / وَمَوقِعُ ذا السَحابِ عَلى سَحابِ
تَجِفُّ الأَرضُ مِن هَذا الرَبابِ
تَجِفُّ الأَرضُ مِن هَذا الرَبابِ / وَيَخلُقُ ما كَساها مِن ثِيابِ
وَما يَنفَكُّ مِنكَ الدَهرُ رَطباً / وَلا يَنفَكُّ غَيثُكَ في اِنسِكابِ
تُسايِرُكَ السَواري وَالغَوادي / مُسايَرَةَ الأَحِبّاءِ الطِرابِ
تُفيدُ الجودَ مِنكَ فَتَحتَذيهِ / وَتَعجِزُ عَن خَلائِقِكَ العِذابِ
أَيَدري ما أَرابَكَ مَن يُريبُ
أَيَدري ما أَرابَكَ مَن يُريبُ / وَهَل تَرقى إِلى الفَلَكِ الخُطوبُ
وَجِسمُكَ فَوقَ هِمَّةِ كُلِّ داءٍ / فَقُربُ أَقَلِّها مِنهُ عَجيبُ
يُجَمِّشُكَ الزَمانُ هَوىً وَحُبّاً / وَقَد يُؤذي مِنَ المِقَةِ الحَبيبُ
وَكَيفَ تُعِلُّكَ الدُنيا بِشَيءٍ / وَأَنتَ لِعِلَّةِ الدُنيا طَبيبُ
وَكَيفَ تَنوبَكَ الشَكوى بِداءٍ / وَأَنتَ المُستَغاثُ لِما يَنوبُ
مَلِلتُ مُقامَ يَومٍ لَيسَ فيهِ / طِعانٌ صادِقٌ وَدَمٌ صَبيبُ
وَأَنتَ المَلكُ تُمرِضُهُ الحَشايا / لِهِمَّتِهِ وَتَشفيهِ الحُروبُ
وَما بِكَ غَيرُ حُبِّكَ أَن تَراها / وَعِثيَرُها لِأَرجُلِها جَنيبُ
مُجَلِّحَةً لَها أَرضُ الأَعادي / وَلِلسُمرِ المَناحِرُ وَالجُنوبُ
فَقَرِّطها الأَعِنَّةَ راجِعاتٍ / فَإِنَّ بَعيدَ ما طَلَبَت قَريبُ
أَذا داءٌ هَفا بُقراطُ عَنهُ / فَلَم يُعرَف لِصاحِبِهِ ضَريبُ
بِسَيفِ الدَولَةِ الوَضّاءِ تُمسي / جُفوني تَحتَ شَمسٍ ما تَغيبُ
فَأَغزو مَن غَزا وَبِهِ اِقتِداري / وَأَرمي مَن رَمى وَبِهِ أُصيبُ
وَلِلحُسّادِ عُذرٌ أَن يَشِحّوا / عَلى نَظَري إِلَيهِ وَأَن يَذوبوا
فَإِنّي قَد وَصَلتُ إِلى مَكانٍ / عَلَيهِ تَحسُدُ الحَدَقَ القُلوبُ
بِغَيرِكَ راعِياً عَبِثَ الذِئابُ
بِغَيرِكَ راعِياً عَبِثَ الذِئابُ / وَغَيرَكَ صارِماً ثَلَمَ الضِرابُ
وَتَملِكُ أَنفُسَ الثَقَلَينِ طُرّاً / فَكَيفَ تَحوزُ أَنفُسَها كِلابُ
وَما تَرَكوكَ مَعصِيَةً وَلَكِن / يُعافُ الوِردُ وَالمَوتُ الشَرابُ
طَلَبتَهُم عَلى الأَمواهِ حَتّى / تَخَوَّفَ أَن تُفَتِّشَهُ السَحابُ
فَبِتُّ لَيالِياً لا نَومَ فيها / تَخُبُّ بِكَ المُسَوَّمَةُ العِرابُ
يَهُزُّ الجَيشُ حَولَكَ جانِبَيهِ / كَما نَفَضَت جَناحَيها العُقابُ
وَتَسأَلُ عَنهُمُ الفَلَواتِ حَتّى / أَجابَكَ بَعضُها وَهُمُ الجَوابُ
فَقاتَلَ عَن حَريمِهِمِ وَفَرّوا / نَدى كَفَّيكَ وَالنَسَبُ القُرابُ
وَحِفظُكَ فيهِمِ سَلَفي مَعَدٍّ / وَأَنَّهُمُ العَشائِرُ وَالصِحابُ
تُكَفكِفُ عَنهُمُ صُمَّ العَوالي / وَقَد شَرِقَت بِظُعنِهِمِ الشَعابُ
وَأُسقِطَتِ الأَجِنَّةُ في الوَلايا / وَأُجهِضَتِ الحَوائِلُ وَالسِقابُ
وَعَمرٌ في مَيامِنِهِم عُمورٌ / وَكَعبٌ في مَياسِرِهِم كِعابُ
وَقَد خَذَلَت أَبو بَكرٍ بَنيها / وَخاذَلَها قُرَيظٌ وَالضِبابُ
إِذا ما سِرتَ في آثارِ قَومٍ / تَخاذَلَتِ الجَماجِمُ وَالرِقابُ
فَعُدنَ كَما أُخِذنَ مُكَرَّماتٍ / عَلَيهِنَّ القَلائِدُ وَالمَلابُ
يُثِبنَكَ بِالَّذي أَولَيتَ شُكراً / وَأَينَ مِنَ الَّذي تولي الثَوابُ
وَلَيسَ مَصيرُهُنَّ إِلَيكَ شَيناً / وَلا في صَونِهِنَّ لَدَيكَ عابُ
وَلا في فَقدِهِنَّ بَني كِلابٍ / إِذا أَبصَرنَ غُرَّتَكَ اِغتِرابُ
وَكَيفَ يَتِمُّ بَأسُكَ في أُناسٍ / تُصيبُهُمُ فَيُؤلِمُكَ المُصابُ
تَرَفَّق أَيُّها المَولى عَلَيهِم / فَإِنَّ الرِفقَ بِالجاني عِتابُ
وَإِنَّهُمُ عَبيدُكَ حَيثُ كانوا / إِذا تَدعو لِحادِثَةٍ أَجابوا
وَعَينُ المُخطِئينَ هُمُ وَلَيسوا / بِأَوَّلِ مَعشَرٍ خَطِئُوا فَتابوا
وَأَنتَ حَياتُهُم غَضِبَت عَلَيهِم / وَهَجرُ حَياتِهِم لَهُمُ عِقابُ
وَما جَهِلَت أَيادِيَكَ البَوادي / وَلَكِن رُبَّما خَفِيَ الصَوابُ
وَكَم ذَنبٍ مُوَلِّدُهُ دَلالٌ / وَكَم بُعدٍ مُوَلِّدُهُ اِقتِرابُ
وَجُرمٍ جَرَّهُ سُفَهاءُ قَومٍ / وَحَلَّ بِغَيرِ جارِمِهِ العَذابُ
فَإِن هابوا بِجُرمِهِمِ عَلِيّاً / فَقَد يَرجو عَلِيّاً مَن يَهابُ
وَإِن يَكُ سَيفَ دَولَةِ غَيرِ قَيسٍ / فَمِنهُ جُلودُ قَيسٍ وَالثِيابُ
وَتَحتَ رَبابِهِ نَبَتوا وَأَثّوا / وَفي أَيّامِهِ كَثُروا وَطابوا
وَتَحتَ لِوائِهِ ضَرَبوا الأَعادي / وَذَلَّ لَهُم مِنَ العَرَبِ الصِعابُ
وَلَو غَيرُ الأَميرِ غَزا كِلاباً / ثَناهُ عَن شُموسِهِمِ ضَبابُ
وَلاقى دونَ ثايِهِمِ طِعاناً / يُلاقي عِندَهُ الذِئبَ الغُرابُ
وَخَيلاً تَغتَذي ريحَ المَوامي / وَيَكفيها مِنَ الماءِ السَرابُ
وَلَكِن رَبُّهُم أَسرى إِلَيهِم / فَما نَفَعَ الوُقوفُ وَلا الذَهابُ
وَلا لَيلٌ أَجَنَّ وَلا نَهارٌ / وَلا خَيلٌ حَمَلنَ وَلا رِكابُ
رَمَيتَهُمُ بِبَحرٍ مِن حَديدٍ / لَهُ في البَرِّ خَلفَهُمُ عُبابُ
فَمَسّاهُم وَبُسطُهُمُ حَريرٌ / وَصَبَّحَهُم وَبُسطُهُمُ تُرابُ
وَمَن في كَفِّهِ مِنهُم قَناةٌ / كَمَن في كَفِّهِ مِنهُم خِضابُ
بَنو قَتلى أَبيكَ بِأَرضِ نَجدٍ / وَمَن أَبقى وَأَبقَتهُ الحِرابُ
عَفا عَنهُم وَأَعتَقَهُم صِغارا / وَفي أَعناقِ أَكثَرِهِم سِخابُ
وَكُلُّكُمُ أَتى مَأتى أَبيهِ / فَكُلُّ فَعالِ كُلِّكُمُ عُجابُ
كَذا فَليَسرِ مَن طَلَبَ الأَعادي / وَمِثلَ سُراكَ فَليَكُنِ الطِلابُ
أَلَم تَرَ أَيُّها المَلِكُ المُرَجّى
أَلَم تَرَ أَيُّها المَلِكُ المُرَجّى / عَجائِبَ ما رَأَيتُ مِنَ السَحابِ
تَشَكّى الأَرضُ غَيبَتَهُ إِلَيهِ / وَتَرشُفُ ماءَهُ رَشفَ الرُضابِ
وَأَوهِمُ أَنَّ في الشِطرَنجِ هَمّي / وَفيكَ تَأَمُّلي وَلَكَ اِنتِصابي
سَأَمضي وَالسَلامُ عَلَيكَ مِنّي / مَغيبي لَيلَتي وَغَداً إِيابي
ضُروبُ الناسِ عُشّاقٌ ضُروبا
ضُروبُ الناسِ عُشّاقٌ ضُروبا / فَأَعذَرُهُم أَشَفُّهُمُ حَبيباً
وَما سَكَني سِوى قَتلِ الأَعادي / فَهَل مِن زَورَةٍ تَشفي القُلوبا
تَظَلُّ الطَيرُ مِنها في حَديثٍ / تَرُدُّ بِهِ الصَراصِرَ وَالنَعيبا
وَقَد لَبِسَت دِمائَهُمُ عَلَيهِم / حِداداً لَم تَشُقَّ لَها جُيوباً
أَدَمنا طَعنَهُم وَالقَتلَ حَتّى / خَلَطنا في عِظامِهِمِ الكُعوبا
كَأَنَّ خُيولَنا كانَت قَديماً / تُسَقّى في قُحوفِهِمِ الحَليباً
فَمَرَّت غَيرَ نافِرَةٍ عَلَيهِم / تَدوسُ بِنا الجَماجِمَ وَالتَريبا
يُقَدِّمُها وَقَد خُضِبَت شَواها / فَتىً تَرمي الحُروبُ بِهِ الحُروبا
شَديدُ الخُنزُوانَةِ لا يُبالي / أَصابَ إِذا تَنَمَّرَ أَم أُصيبا
أَعَزمي طالَ هَذا اللَيلُ فَاِنظُر / أَمِنكَ الصُبحُ يَفرَقُ أَن يَؤوبا
كَأَنَّ الفَجرَ حِبٌّ مُستَزارٌ / يُراعي مِن دُجُنَّتِهِ رَقيبا
كَأَنَّ نُجومَهُ حَليٌ عَلَيهِ / وَقَد حُذِيَت قَوائِمُهُ الجُبوبا
كَأَنَّ الجَوَّ قاسى ما أُقاسي / فَصارَ سَوادُهُ فيهِ شُحوبا
كَأَنَّ دُجاهُ يَجذِبُها سُهادي / فَلَيسَ تَغيبُ إِلّا أَن يَغيبا
أُقَلِّبُ فيهِ أَجفاني كَأَنّي / أَعُدُّ بِهِ عَلى الدَهرِ الذُنوبا
وَما لَيلٌ بِأَطوَلَ مِن نَهارٍ / يَظَلُّ بِلَحظِ حُسّادي مَشوبا
وَما مَوتٌ بِأَبغَضَ مِن حَياةٍ / أَرى لَهُمُ مَعي فيها نَصيبا
عَرَفتُ نَوائِبَ الحَدَثانِ حَتّى / لَوِ اِنتَسَبَت لَكُنتُ لَها نَقيبا
وَلَمّا قَلَّتِ الإِبلُ اِمتَطينا / إِلى اِبنِ أَبي سُلَيمانَ الخُطوبا
مَطايا لا تَذِلُّ لِمَن عَلَيها / وَلا يَبغي لَها أَحَدٌ رُكوبا
وَتَرتَعُ دونَ نَبتِ الأَرضِ فينا / فَما فارَقتُها إِلّا جَديبا
إِلى ذي شيمَةٍ شَعَفَت فُؤادي / فَلَولاهُ لَقُلتُ بِها النَسيبا
تُنازِعُني هَواها كُلُّ نَفسٍ / وَإِن لَم تُشبِهِ الرَشَأَ الرَبيبا
عَجيبٌ في الزَمانِ وَما عَجيبٌ / أَتى مِن آلِ سَيّارٍ عَجيبا
وَشَيخٌ في الشَبابِ وَلَيسَ شَيخاً / يُسَمّى كُلُّ مَن بَلَغَ المَشيبا
قَسا فَالأُسدُ تَفزَعُ مِن قُواهُ / وَرَقَّ فَنَحنُ نَفزَعُ أَن يَذوبا
أَشَدُّ مِنَ الرِياحِ الهوجِ بَطشاً / وَأَسرَعُ في النَدى مِنها هُبوبا
وَقالوا ذاكَ أَرمى مَن رَأَينا / فَقُلتُ رَأَيتُمُ الغَرَضَ القَريبا
وَهَل يُخطي بِأَسهُمِهِ الرَمايا / وَما يُخطي بِما ظَنَّ الغُيوبا
إِذا نُكِبَت كِنانَتُهُ اِستَبَنّا / بِأَنصُلِها لِأَنصُلِها نُدوبا
يُصيبُ بِبَعضِها أَفواقَ بَعضٍ / فَلَولا الكَسرُ لَاِتَصَلَت قَضيبا
بِكُلِّ مُقَوَّمٍ لَم يَعصِ أَمراً / لَهُ حَتّى ظَنَنّاهُ لَبيبا
يُريكَ النَزعُ بَينَ القَوسِ مِنهُ / وَبَينَ رَمِيِّهِ الهَدَفَ المَهيبا
أَلَستَ اِبنَ الأُلى سَعِدوا وَسادوا / وَلَم يَلِدوا اِمرَءً إِلّا نَجيبا
وَنالوا ما اِشتَهَوا بِالحَزمِ هَوناً / وَصادَ الوَحشَ نَملُهُمُ دَبيبا
وَما ريحُ الرِياضِ لَها وَلَكِن / كَساها دَفنُهُم في التُربِ طيبا
أَيا مَن عادَ روحُ المَجدِ فيهِ / وَعادَ زَمانُهُ التالي قَشيبا
تَيَمَّمَني وَكيلُكَ مادِحاً لي / وَأَنشَدَني مِنَ الشِعرِ الغَريبا
فَآجَرَكَ الإِلَهُ عَلى عَليلٍ / بَعَثتَ إِلى المَسيحِ بِهِ طَبيبا
وَلَستُ بِمُنكِرٍ مِنكَ الهَدايا / وَلَكِن زِدتَني فيها أَديبا
فَلا زالَت دِيارُكَ مُشرِقاتٍ / وَلا دانَيتَ يا شَمسُ الغُروبا
لِأَصبِحَ آمِناً فيكَ الرَزايا / كَما أَنا آمِنٌ فيكَ العُيوبا
تَعَرَّضَ لي السَحابُ وَقَد قَفَلنا
تَعَرَّضَ لي السَحابُ وَقَد قَفَلنا / فَقُلتُ إِلَيكَ إِنَّ مَعي السَحابا
فَشِم في القُبَّةِ المِلكَ المُرَجّى / فَأَمسَكَ بَعدَ ما عَزَمَ اِنسِكابا
فَدَتكَ الخَيلُ وَهيَ مُسَوَّماتُ
فَدَتكَ الخَيلُ وَهيَ مُسَوَّماتُ / وَبيضُ الهِندِ وَهيَ مُجَرَّداتُ
وَصَفتُكَ في قَوافٍ سائِراتٍ / وَقَد بَقِيَت وَإِن كَثُرَت صِفاتُ
أَفاعيلُ الوَرى مِن قَبلُ دُهمٌ / وَفِعلُكَ في فِعالِهِمِ شِياتُ
لِهَذا اليَومِ بَعدَ غَدٍ أَريجٍ
لِهَذا اليَومِ بَعدَ غَدٍ أَريجٍ / وَنارٌ في العَدوِّ لَها أَجيجُ
تَبيتُ بِها الحَواصِنُ آمِناتٍ / وَتَسلَمُ في مَسالِكِها الحَجيجُ
فَلا زالَت عُداتُكَ حَيثُ كانَت / فَرائِسَ أَيُّها الأَسَدُ المَهيجُ
عَرَفتُكَ وَالصُفوفُ مُعَبَّآتٌ / وَأَنتَ بِغَيرِ سَيفِكَ لا تَعيجُ
وَوَجهُ البَحرِ يُعرَفُ مِن بَعيدٍ / إِذا يَسجو فَكَيفَ إِذا يَموجُ
بِأَرضٍ تَهلِكُ الأَشواطُ فيها / إِذا مُلِئَت مِنَ الرَكضِ الفُروجُ
تُحاوِلُ نَفسَ مَلكِ الرومِ فيها / فَتَفديهِ رَعِيَّتُهُ العُلوجُ
أَبِالغَمَراتِ توعِدُنا النَصارى / وَنَحنُ نُجومُها وَهِيَ البُروجُ
وَفينا السَيفُ حَملَتُهُ صَدوقٌ / إِذا لاقى وَغارَتُهُ لَجوجُ
نُعَوِّذُهُ مِنَ الأَعيانِ بَأساً / وَيَكثُرُ بِالدُعاءِ لَهُ الضَجيجُ
رَضينا وَالدُمُستُقُ غَيرُ راضٍ / بِما حَكَمَ القَواضِبُ وَالوَشيجُ
فَإِن يُقدِم فَقَد زُرنا سَمَندو / وَإِن يُحجِم فَمَوعِدُهُ الخَليجُ
يُقاتِلُني عَلَيكَ اللَيلُ جِدّاً
يُقاتِلُني عَلَيكَ اللَيلُ جِدّاً / وَمُنصَرَفي لَهُ أَمضى السِلاحِ
لِأَنّي كُلَّما فارَقتُ طَرفي / بَعيدٌ بَينَ جَفني وَالصَباحِ
أَباعِث كُلِّ مَكرُمَةٍ طُموحُ
أَباعِث كُلِّ مَكرُمَةٍ طُموحُ / وَفارِسَ كُلِّ سَلهَبَةٍ سَبوحِ
وَطاعِنَ كُلِّ نَجلاءٍ غَموسٍ / وَعاصِيَ كُلِّ عَذّالٍ نَصيحِ
سَقاني اللَهُ قَبلَ المَوتِ يَوماً / دَمَ الأَعداءِ مِن جَوفِ الجُروحِ
وَطائِرَةٍ تَتَبَّعُها المَنايا
وَطائِرَةٍ تَتَبَّعُها المَنايا / عَلى آثارِها زَجِلُ الجَناحِ
كَأَنَّ الريشَ مِنهُ في سِهامٍ / عَلى جَسَدٍ تَجَسَّمَ مِن رِياحِ
كَأَنَّ رُؤوسَ أَقلامٍ غِلاظٍ / مُسِحنَ بِريشِ جُؤجُؤَةِ الصِحاحِ
فَأَقعَصَها بِحُجنٍ تَحتَ صُفرٍ / لَها فِعلُ الأَسِنَّةِ وَالصِفاحِ
فَقُلتُ لِكُلِّ حَيٍّ يَومُ مَوتٍ / وَإِن حَرَصَ النُفوسُ عَلى الفَلاحِ
أُحادٌ أَم سُداسٌ في أُحادِ
أُحادٌ أَم سُداسٌ في أُحادِ / لُيَيلَتُنا المَنوطَةُ بِالتَنادِ
كَأَنَّ بَناتِ نَعشٍ في دُجاها / خَرائِدُ سافِراتٌ في حِدادِ
أُفَكِّرُ في مُعاقَرَةِ المَنايا / وَقودِ الخَيلِ مُشرِفَةَ الهَوادي
زَعيمٌ لِلقَنا الخَطِّيِّ عَزمي / بِسَفكِ دَمِ الحَواضِرِ وَالبَوادي
إِلى كَم ذا التَخَلُّفُ وَالتَواني / وَكَم هَذا التَمادي في التَمادي
وَشُغلُ النَفسِ عَن طَلَبِ المَعالي / بِبَيعِ الشِعرِ في سوقِ الكَسادِ
وَما ماضي الشَبابِ بِمُستَرَدٍّ / وَلا يَومٌ يَمُرُّ بِمُستَعادِ
مَتى لَحَظَت بَياضَ الشَيبِ عَيني / فَقَد وَجَدَتهُ مِنها في السَوادِ
مَتى ما اِزدَدتُ مِن بَعدِ التَناهي / فَقَد وَقَعَ اِنتِقاصي في اِزدِيادي
أَأَرضى أَن أَعيشَ وَلا أُكافي / عَلى ما لِلأَميرِ مِنَ الأَيادي
جَزى اللَهُ المَسيرَ إِلَيهِ خَيراً / وَإِن تَرَكَ المَطايا كَالمَزادِ
فَلَم تَلقَ اِبنَ إِبراهيمَ عَنسي / وَفيها قوتُ يَومٍ لِلقُرادِ
أَلَم يَكُ بَينَنا بَلَدٌ بَعيدٌ / فَصَيَّرَ طولَهُ عَرضَ النِجادِ
وَأَبعَدَ بُعدَنا بُعدَ التَداني / وَقَرَّبَ قُربَنا قُربَ البِعادِ
فَلَمّا جِئتُهُ أَعلى مَحَلّي / وَأَجلَسَني عَلى السَبعِ الشِدادِ
تَهَلَّلَ قَبلَ تَسليمي عَلَيهِ / وَأَلقى مالَهُ قَبلَ الوِسادِ
نَلومُكَ يا عَلِيُّ لِغَيرِ ذَنبٍ / لِأَنَّكَ قَد زَرَيتَ عَلى العِبادِ
وَأَنَّكَ لا تَجودُ عَلى جَوادٍ / هِباتُكَ أَن يُلَقَّبَ بِالجَوادِ
كَأَنَّ سَخاءَكَ الإِسلامُ تَخشى / إِذا ما حُلتَ عاقِبَةَ اِرتِدادِ
كَأَنَّ الهامَ في الهَيجا عُيونٌ / وَقَد طُبِعَت سُيوفُكَ مِن رُقادِ
وَقَد صُغتَ الأَسِنَّةَ مِن هُمومٍ / فَما يَخطُرنَ إِلّا في فُؤادِ
وَيَومَ جَلَبتَها شُعثَ النَواصي / مُعَقَّدَةَ السَبائِبِ لِلطِرادِ
وَحامَ بِها الهَلاكُ عَلى أُناسِ / لَهُم بِاللاذِقِيَّةِ بَغيُ عادِ
فَكانَ الغَربُ بَحراً مِن مِياهٍ / وَكانَ الشَرقُ بَحراً مِن جِيادِ
وَقَد خَفَقَت لَكَ الراياتُ فيهِ / فَظَلَّ يَموجُ بِالبيضِ الحِدادِ
لَقوكَ بِأَكبُدِ الإِبلِ الأَبايا / فَسُقتَهُمُ وَحَدُّ السَيفِ حادِ
وَقَد مَزَّقتَ ثَوبَ الغَيِّ عَنهُم / وَقَد أَلبَستُهُم ثَوبَ الرَشادِ
فَما تَرَكوا الإِمارَةَ لِاِختِيارٍ / وَلا اِنتَحَلوا وِدادَكَ مِن وِدادِ
وَلا اِستَفَلوا لِزُهدٍ في التَعالي / وَلا اِنقادوا سُروراً بِاِنقِيادِ
وَلَكِن هَبَّ خَوفُكَ في حَشاهُم / هُبوبَ الريحِ في رِجلِ الجَرادِ
وَماتوا قَبلَ مَوتِهِمُ فَلَمّا / مَنَنتَ أَعَدتَهُم قَبلَ المَعادِ
غَمَدتَ صَوارِماً لَو لَم يَتوبوا / مَحَوتَهُمُ بِها مَحوَ المِدادِ
وَما الغَضَبُ الطَريفُ وَإِن تَقَوّى / بِمُنتَصِفٍ مِنَ الكَرَمِ التِلادِ
فَلا تَغرُركَ أَلسِنَةٌ مَوالٍ / تُقَلِّبُهُنَّ أَفإِدَةٌ أَعادي
وَكُن كَالمَوتِ لا يَرثي لِباكٍ / بَكى مِنهُ وَيَروي وَهوَ صادِ
فَإِنَّ الجُرحَ يَنفِرُ بَعدَ حينٍ / إِذا كانَ البِناءُ عَلى فَسادِ
وَإِنَّ الماءَ يَجري مِن جَمادٍ / وَإِنَّ النارَ تَخرُجُ مِن زِنادِ
وَكَيفَ يَبيتُ مُضطَجِعاً جَبانٌ / فَرَشتَ لِجِنبِهِ شَوكَ القَتادِ
يَرى في النَومِ رُمحَكَ في كُلاهُ / وَيَخشى أَن يَراهُ في السُهادِ
أَشَرتَ أَبا الحُسَينِ بِمَدحِ قَومٍ / نَزَلتُ بِهِم فَسِرتُ بِغَيرِ زادِ
وَظَنّوني مَدَحتُهُم قَديماً / وَأَنتَ بِما مَدَحتُهُمُ مُرادي
وَإِنّي عَنكَ بَعدَ غَدٍ لَغادِ / وَقَلبي عَن فِنائِكَ غَيرُ غادِ
مُحِبُّكَ حَيثُما اِتَّجَهَت رِكابي / وَضَيفُكَ حَيثُ كُنتُ مِنَ البِلادِ
أَتُنكِرُ ما نَطَقتُ بِهِ بَديهاً
أَتُنكِرُ ما نَطَقتُ بِهِ بَديهاً / وَلَيسَ بِمُنكَرٍ سَبقُ الجَوادِ
أُراكِضُ مُعوِصاتِ الشِعرِ قَسراً / فَأَقتُلُها وَغَيري في الطِرادِ
طِوالُ قَناً تُطاعِنُها قِصارُ
طِوالُ قَناً تُطاعِنُها قِصارُ / وَقَطرُكَ في نَدىً وَوَغىً بِحارُ
وَفيكَ إِذا جَنى الجاني أَناةٌ / تُظَنُّ كَرامَةً وَهِيَ اِحتِقارُ
وَأَخذٌ لِلحَواصِرِ وَالبَوادي / بِضَبطٍ لَم تُعَوَّدهُ نِزارُ
تَشَمَّمُهُ شَميمَ الوَحشِ إِنساً / وَتُنكِرُهُ فَيَعروها نِفارُ
وَما اِنقادَت لِغَيرِكَ في زَمانٍ / فَتَدري ما المَقادَةَ وَالصِغارُ
فَقَرَّحتِ المَقاوِدُ ذِفرَيَيها / وَصَعَّرَ خَدَّها هَذا العِذارُ
وَأَطمَعَ عامِرَ البُقيا عَلَيها / وَنَزَّقَها اِحتِمالُكَ وَالوَقارُ
وَغَيَّرَها التَراسُلُ وَالتَشاكي / وَأَعجَبَها التَلَبُّبُ وَالمُغارُ
جِيادٌ تَعجِزُ الأَرسانُ عَنها / وَفُرسانٌ تَضيقُ بِها الدِيارُ
وَكانَت بِالتَوَقُّفِ عَن رَداها / نُفوساً في رَداها تُستَشارُ
وَكُنتَ السَيفَ قائِمُهُ إِلَيهِم / وَفي الأَعداءِ حَدُّكَ وَالغِرارُ
فَأَمسَت بِالبَدِيَّةِ شَفرَتاهُ / وَأَمسى خَلفَ قائِمِهِ الحِيارُ
وَكانَ بَنو كِلابٍ حَيثُ كَعبٌ / فَخافوا أَن يَصيروا حَيثُ صاروا
تَلَقَّوا عِزَّ مَولاهُم بِذُلٍّ / وَسارَ إِلى بَني كَعبٍ وَساروا
فَأَقبَلَها المُروجَ مُسَوَّماتٍ / ضَوامِرَ لا هِزالَ وَلا شِيارُ
تُثيرُ عَلى سَلَميَةَ مُسبَطِرّاً / تَناكَرُ نَحتَهُ لَولا الشِعارُ
عَجاجاً تَعثُرُ العِقبانُ فيهِ / كَأَنَّ الجَوَّ وَعثٌ أَو خَبارُ
وَظَلَّ الطَعنُ في الخَيلَينِ خَلساً / كَأَنَّ المَوتَ بَينَهُما اِختِصارُ
فَلَزَّهُمُ الطِرادُ إِلى قِتالٍ / أَحَدُّ سِلاحِهِم فيهِ الفِرارُ
مَضَوا مُتَسابِقي الأَعضاءِ فيهِ / لِأرؤسِهِم بِأَرجُلِهِم عِثارُ
يَشُلُّهُمُ بِكُلِّ أَقَبَّ نَهدٍ / لِفارِسِهِ عَلى الخَيلِ الخِيارُ
وَكُلِّ أَصَمَّ يَعسِلُ جانِباهُ / عَلى الكَعبَينِ مِنهُ دَمٌ مُمارُ
يُغادِرُ كُلَّ مُلتَفِتٍ إِلَيهِ / وَلَبَّتُهُ لِثَعلَبِهِ وَجارُ
إِذا صَرَفَ النَهارُ الضَوءَ عَنهُم / دَجا لَيلانِ لَيلٌ وَالغُبارُ
وَإِن جُنحُ الظَلامِ اِنجابَ عَنهُم / أَضاءَ المَشرَفِيَّةُ وَالنَهارُ
يُبَكّي خَلفَهُم دَثرٌ بُكاهُ / رُغاءٌ أَو ثُؤاجٌ أَو يُعارُ
غَطا بِالعِثيَرِ البَيداءَ حَتّى / تَحَيَّرَتِ المَتالي وَالعِشارُ
وَمَرّوا بِالجَباةِ يَضُمُّ فيها / كِلا الجَيشَينِ مِن نَقعٍ إِزارُ
وَجاؤوا الصَحصَحانَ بِلا سُروجٍ / وَقَد سَقَطَ العِمامَةُ وَالخِمارُ
وَأُرهِقَتِ العَذارى مُردَفاتٍ / وَأَوطِئَتِ الأُصَيبِيَةُ الصِغارُ
وَقَد نُزِحَ الغُوَيرُ فَلا غُوَيرٌ / وَنِهيا وَالبُيَيضَةُ وَالجِفارُ
وَلَيسَ بِغَيرِ تَدمُرَ مُستَغاثٌ / وَتَدمُرُ كَاِسمِها لَهُمُ دَمارُ
أَرادوا أَن يُديروا الرَأيَ فيها / فَصَبَّحَهُم بِرَأيٍ لا يُدارُ
وَجَيشٍ كُلَّما حاروا بِأَرضٍ / وَأَقبَلَ أَقبَلَت فيهِ تَحارُ
يَحُفُّ أَغَرَّ لا قَوَدٌ عَلَيهِ / وَلا دِيَةٌ تُساقُ وَلا اِعتِذارُ
تُريقُ سُيوفُهُ مُهَجَ الأَعادي / وَكُلُّ دَمٍ أَراقَتهُ جُبارُ
فَكانوا الأُسدَ لَيسَ لَها مَصالٌ / عَلى طَيرٍ وَلَيسَ لَها مَطارُ
إِذا فاتوا الرِماحَ تَناوَلَتهُم / بِأَرماحٍ مِنَ العَطَشِ القِفارُ
يَرَونَ المَوتَ قُدّاماً وَخَلفاً / فَيَختارونَ وَالمَوتُ اِضطِرارُ
إِذا سَلَكَ السَماوَةَ غَيرُ هادٍ / فَقَتلاهُم لِعَينَيهِ مَنارُ
وَلَو لَم تُبقِ لَم تَعِشِ البَقايا / وَفي الماضي لِمَن بَقِيَ اِعتِبارُ
إِذا لَم يُرعِ سَيِّدُهُم عَلَيهِم / فَمَن يُرعي عَلَيهِم أَو يَغارُ
تُفَرِّقُهُم وَإِيّاهُ السَجايا / وَيَجمَعُهُم وَإِيّاهُ النِجارُ
وَمالَ بِها عَلى أَرَكٍ وَعُرضٍ / وَأَهلُ الرَقَّتَينِ لَها مَزارُ
وَأَجفَلَ بِالفُراتِ بَنو نُمَيرٍ / وَزَأرُهُمُ الَّذي زَأَروا خُوارُ
فَهُم حِزَقٌ عَلى الخابورِ صَرعى / بِهِم مِن شُربِ غَيرِهِمِ خُمارُ
فَلَم يَسرَح لَهُم في الصُبحِ مالٌ / وَلَم توقَد لَهُم بِاللَيلِ نارُ
حِذارَ فَتىً إِذا لَم يَرضَ عَنهُم / فَلَيسَ بِنافِعٍ لَهُمُ الحِذارُ
تَبيتُ وُفودُهُم تَسري إِلَيهِ / وَجَدواهُ الَّتي سَأَلوا اِغتِفارُ
فَخَلَّفَهُم بِرَدِّ البيضِ عَنهُم / وَهامُهُمُ لَهُ مَعَهُم مُعارُ
وَهُم مِمَّن أَذَمَّ لَهُم عَلَيهِ / كَريمُ العِرقِ وَالحَسَبُ النُضارُ
فَأَصبَحَ بِالعَواصِمِ مُستَقِرّاً / وَلَيسَ لِبَحرِ نائِلِهِ قَرارُ
وَأَضحى ذِكرُهُ في كُلِّ أَرضٍ / تُدارُ عَلى الغِناءِ بِهِ العُقارُ
تَخِرُّ لَهُ القَبائِلُ ساجِداتٍ / وَتَحمَدُهُ الأَسِنَّةُ وَالشِفارُ
كَأَنَّ شُعاعَ عَينِ الشَمسِ فيهِ / فَفي أَبصارِنا مِنهُ اِنكِسارُ
فَمَن طَلَبَ الطِعانَ فَذا عَلِيٌّ / وَخَيلُ اللَهِ وَالأَسَلُ الحِرارُ
يَراهُ الناسُ حَيثُ رَأَتهُ كَعبٌ / بِأَرضٍ ما لِنازِلِها اِستِتارُ
يُوَسِّطُهُ المَفاوِزَ كُلَّ يَومٍ / طِلابُ الطالِبينَ لا الاِنتِظارُ
تَصاهَلُ خَيلُهُ مُتَجاوِباتٍ / وَما مِن عادَةِ الخَيلِ السِرارُ
بَنو كَعبٍ وَما أَثَّرتَ فيهِم / يَدٌ لَم يُدمِها إِلّا السِوارُ
بِها مِن قِطعَةٍ أَلَمٌ وَنَقصٌ / وَفيها مِن جَلالَتِهِ اِفتِخارُ
لَهُم حَقٌّ بِشِركِكَ في نِزارٍ / وَأَدنى الشِركِ في أَصلٍ جِوارُ
لَعَلَّ بَنيهِمِ لِبَنيكَ جُندٌ / فَأَوَّلُ قُرَّحِ الخَيلِ المِهارُ
وَأَنتَ أَبَرُّ مَن لَو عُقَّ أَفنى / وَأَعفى مِن عُقوبَتِهِ البَوارُ
وَأَقدَرُ مَن يُهَيِّجُهُ اِنتِصارٌ / وَأَحلَمُ مَن يُحَلِّمُهُ اِقتِدارُ
وَما في سَطوَةِ الأَربابِ عَيبٌ / وَلا في ذِلَّةِ العُبدانِ عارُ
عَذيري مِن عَذارى مِن أُمورِ
عَذيري مِن عَذارى مِن أُمورِ / سَكَنَّ جَوانِحي بَدَلَ الخُدورِ
وَمُبتَسِماتِ هَيجاواتِ عَصرٍ / عَنِ الأَسيافِ لَيسَ عَنِ الثُغورِ
رَكِبتُ مُشَمِّراً قَدَمي إِلَيها / وَكُلَّ عُذافِرٍ قَلِقِ الضُفورِ
أَواناً في بُيوتِ البَدوِ رَحلي / وَآوِنَةً عَلى قَتَدِ البَعيرِ
أُعَرِّضُ لِلرِماحِ الصُمِّ نَحري / وَأَنصِبُ حُرَّ وَجهي لِلهَجيرِ
وَأَسري في ظَلامِ اللَيلِ وَحدي / كَأَنّي مِنهُ في قَمَرٍ مُنيرِ
فَقُل في حاجَةٍ لَم أَقضِ مِنها / عَلى شَغَفي بِها شَروى نَقيرِ
وَنَفسٍ لا تُجيبُ إِلى خَسيسِ / وَعَينٍ لا تُدارُ عَلى نَظيرِ
وَكَفٍّ لا تُنازِعُ مَن أَتاني / يُنازِعُني سِوى شَرَفي وَخَيري
وَقِلَّةِ ناصِرٍ جوزيتَ عَنّي / بِشَرٍّ مِنكَ يا شَرَّ الدُهورِ
عَدُوّي كُلُّ شَيءٍ فيكَ حَتّى / لَخِلتُ الأُكمَ موغَرَةَ الصُدورِ
فَلَو أَنّي حُسِدتُ عَلى نَفيسٍ / لَجُدتَ بِهِ لِذي الجَدِّ العَثورِ
وَلَكِنّي حُسِدتُ عَلى حَياتي / وَما خَيرُ الحَياةِ بِلا سُرورِ
فَيا اِبنَ كَرَوَّسٍ يا نِصفَ أَعمى / وَإِن تَفخَر فَيا نِصفَ البَصيرِ
تُعادينا لِأَنّا غَيرُ لُكنٍ / وَتُبغِضُنا لِأَنّا غَيرُ عورِ
فَلَو كُنتَ اِمرَأً يُهجى هَجَونا / وَلَكِن ضاقَ فِترٌ عَن مَسيرِ
أَلا أَذِّن فَما أَذكَرتَ ناسي
أَلا أَذِّن فَما أَذكَرتَ ناسي / وَلا لَيَّنتَ قَلباً وَهوَ قاسِ
وَلا شُغِلَ الأَميرُ عَنِ المَعالي / وَلا عَن حَقِّ خالِقِهِ بِكاسِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025