المجموع : 21
أبا شمس الخلافة وهو نعت
أبا شمس الخلافة وهو نعت / يصدقه جبينك بالضياء
رأيت ندى بنانك وهو أندى / على العافين من ماء السماء
أبى حب الصحابة في الهدايا / ودان بحب أصحاب الكساء
تشيع جود كفك في العطايا / وعهدي بالتشيع في الولاء
نذرت لك العلا ونذرت بري
نذرت لك العلا ونذرت بري / وقد وفيت فليحسن وفاؤك
إذا كنت السماء وكنت أرضاً / ولم تمطر فلا كانت سماؤك
وإن لم يسق عودي منك ماء / فعودي يابس خجلاً وماؤك
فأما خجلتي فلسوء ظني / وأما أنت فالتقصير داؤك
أعندك أن وجدي واكتئابي
أعندك أن وجدي واكتئابي / تراجع مذ رجعت إلى اجتنابي
وأن الهجر أحدث لي سلواً / يسكن برده حر التهابي
وأن الأربعين إذ توالت / بريعان الصبا قبح التصابي
ولو لم ينهني شيب نهاني / صباح الشيب في ليل الشباب
وأيام لها في كل وقت / جنايات تجل عن العتاب
أقضيها وتحسب من حياتي / وقد أنفقتهن بلا حساب
تفيض همومها والسيل يطمر / إذا رفدته أفواه الثغاب
إذا أصلحتها فسدت كأني / أهيب بها إلى نغل الإهاب
أوابد لاتزال العون منها / تواصلني بأيدة كعاب
كأن الدهر يفرح أن يراني / على طول المدى قلق الركاب
كأن الدهر يفرح ألا يرضيه إلا / إراقة ماء وجهي في الطلاب
وكيف يهون ذلك عند نفس / تخاف العار من منن السحاب
وكم حر يعد الصاب شهدا / فيعذب عنده طعم العذاب
وقد حالت بنو رزيك بيني / وبين الدهر بالمنن الرغاب
تركت الاغتراب وكنت قدماً / أحن إلى ركوب الاغتراب
وزرت أغر من غسان يسلي / غريب الدار عن ذكر الإياب
ولولا الصالح انتاش القوافي / لكان الفضل مجتنب الجناب
وكنت وقد تخيره رجائي / كمن هجر السراب إلى الشراب
ولم يخفق بحمد الله سعيي / إلى مصر ولا خاب انتخابي
ولكن زرت أبلج يقتضيه / نداه عمارة الأمل الخراب
أزال حجابه عني وعيني / تراه من الجلالة في حجاب
وقربني تفضله ولكن / بعدت مهابة عند اقترابي
وعلمني اقتضاب المدح فيه / مكارم دائمات الاقتضاب
تزيد مثوبة وأزيد شكراً / وذلك دابها أبداً ودابي
قسمت مشاع مجدك وهو جم / على ضربين من ضرب وصاب
فنصف في جفون مهندات / ونصف في جفان كالجواب
وحين سموت قدراً أن تسامى / وعز الناس قدرك في الخطاب
أقمت الناصر المحيي فأحيى / رسوماً كن بالرسم اليباب
وبث العدل في الدنيا فأضحى / قطيع الشاء يأنس بالذئاب
وأنت شهاب حق وهو منه / بمنزلة الضياء من الشهاب
سعى مسعاك في كرم وبأس / وشب على خلائقك العذاب
فأصبح معلم الطرفين لما / حوى شرف انتساب واكتساب
وصنت الملك من عزمات بدر / بميمون النقيبة والركاب
بأروع لم يزل في كل ثغر / زعيم القب مضروب القباب
مخوف البأس في حرب وسلم / وحد السيف يخشى في القراب
إذا دعي المظفر نحو خطب / فما للخطب من ظفر وناب
وإن قدحت يداه نار حرب / فزند النصر زند غير كاب
حسام الناصر الماضي إذا ما / نبت بيض السيوف عن الضراب
وهضبة عزه والطود ينأى / عليك صعوده بين الهضاب
ألم تر آل رزيك أعادوا / وجوه المجد سافرة النقاب
ملوك أصبحوا سلماً وحرباً / غيوث مخيلة وليوث غاب
علوا باالصالح الهادي على من / مشى في عصرهم فوق التراب
سموا بأغر تفرده المعالي / وإن شركوه في النسب القراب
أسف جناح نعمته عليهم / وحلق مجده فوق الثقاب
كفيل أئمة أثنى عليهم / كلام الله في آي الكتاب
أجاب نداءهم لما دعوه / وقد خرس الكفاة عن الجواب
وحاط ذرى الشريعة فاستقرت / قواعد أمرها بعد اضطراب
وذب لسانه وظباه عنها / فأصبح روضها غرد الذباب
جلاد كل يوم أو جدال / يعدهما لخطب أو خطاب
وشاور في الجهاد شريف عرض / أشار بحسن صبر واحتساب
فأنفذ حكمه والدهر آب / وأمضى عزمه والسيف ناب
وأدمن قرع باب العز حتى / غدا والفتح يفتح كل باب
وأرسلها مسومة عراباً / تفيض من الوهاد على الروابي
تريك البر بحراً من حديد / عظيم الموج مصطخب العباب
كتائب إن سرت في ليل نقع / سرت ونجومها زرق الحراب
إن وقد الهجير فليس إلا / ظلال من عقاب أو عقاب
أذل بها ملوك الشرك ملك / يذلل شامس النوب الصعاب
مهيب البأس فياض العطايا / مليء بالثواب وبالعقاب
ترى الأملاك بني يديه صوراً / من الإشفاق خاضعة الرقاب
إذا ما افتر يغر الدست عنه / بدت لك عزة الملك اللباب
جنحت إلى الإقامة في ذراه / ولم أجنح إلى غير الصواب
فلا ماء الفرات بمورد لي / ولا أكناف دجلة من رحابي
ولما لم أجد عندي جزاء / لكم غير الثناء المستطاب
شفعت جواهر الألفاظ فيكم / بمرفوع الدعاء المستجاب
أرى حنك الوزارة صار سيفاً
أرى حنك الوزارة صار سيفاً / يجز بحده صيد الرقاب
كأنك رائد البلوى وإلا / بشير بالمنية والمصاب
أمنت من الغرام على فؤادي
أمنت من الغرام على فؤادي / ومن غي يغير على رشادي
ودرجت الفؤاد على التسلي / إلى أن صار من خلقي وعادي
وقومت التجارب ميل قدحي / بتسديد إلى طرق السداد
فما تغدو المذلة وهي قيدي / ولا أعطي أناملها قيادي
ولي من فارس الإسلام طود / شديد الركن في النوب الشداد
كريم لم أزره قد إلا / وأخصب رائدي وورى زنادي
تنزه ناظري في كل يوم / وفكري في مراد أو مراد
له بشر يهش إلى المصافي / وأخلاق تصد عن المصاد
سليم الصدر لا يخفي لخل / شرار الشر من تحت الرماد
شديد معاقد العزمات صعب / ولكن في الندى سلس القياد
متى نبهت عزمته لخطب / فقد نبهت حية بطن وادي
وإن تنظره في رهج المذاكي / نظرت إلى أبي شبلين عادي
تتيه به السيوف على العوالي / إذا ضاق المجال عن الطراد
ترى أبداً رؤوس معانديه / صعوداً في الأسنة والصعاد
وأثواب الحداد على بلاد / رماها بالمهندة الحداد
وأكثر ما تشاهده ثباتاً / إذا حاد الجليد عن الجلاد
أليس بقائد الجرد المذاكي / كأن وشيجها سيل العهاد
مسومة تسوم عداه خسفاً / إذا نزلت بساحات الأعادي
يغير بها احتساباً لا اكتساباً / عليهم واجتهاداً في الجهاد
وكم طرب الهدى ما تغنت / ظباه في الكواهل والهوادي
تناط معاقد العلياء منه / بعزمة رائح في المجد غادي
طويل الباع سبط الكف تزري / أياديه على الأيدي الجعاد
يجود ثرى الأماني منه جود / يبرد لوعة الغلل الصوادي
لقد مدحته ألسنة الجماد / لجود يديه في السنة الجماد
وعلمني المديح له أياد / يضيق بهن ذرع الاعتداد
فمن عثرت به قدم فإني / بمصر قد عثرت على المراد
حللت بنيلها فوجدت نيلاً / كفاني منه الوشل الثماد
ولما زاد عندي كل نقد / وميز بهرج الناس انتقادي
جعلت إلى بني رزيك قصدي / فأولوني الجميل بلا اقتصاد
بذلت لمجدهم غر القوافي / بما بذلوه من غرر الأيادي
لهم جعلوا لساني في العطايا / خطيب نداهم في كل ناد
فأغرب حين أعرب عن معان / غريبات المحاسن والبلاد
قواف تقتفي آ ثار مجد / محاسنه تعود إلى المعاد
وكم قد بت في مدحي علاهم / أفر من الرقاد إلى السهاد
أؤلف بين أفراد المعاني / بألفاظ يؤلفها انفرادي
تبرز حين أبرزها فتمسي / تسير على المبادة والمبادي
وما أمنت ضلالة القصد إلا / ومن هادي الدعاة لهن هادي
نظمت بجيد دولته عقوداً / تولى نظمها حسن اعتقادي
أغر أفادني قصدي إليه / نفاق المدح من بعد الكساد
مطاع الأمر تقسم في يديه / على الآمال أرزاق العباد
ولولا الصالح الهادي بمصر / لما عرف الصلاح من الفساد
رفيع المجد من غسان ألوت / عواصف مجده ببني مناد
ولولا حد عزم منه ماض / إذا سلقوا بألسنة حداد
لقد رفع القواعد من عماد / لدولته بتقدمة العماد
وروى غصن دوحته بعرف / جنى من فرعه ثمر الوداد
وقلده ابن سبع سنين أمراً / تدين له الحواضر والبوادي
وليس بمنكر وأبوه بدر / إذا بلغ النهاية في المبادي
لئن سبق الكرام فغير بدع / إذا سبق الجواد بن الجواد
صفا كدر الشريعة واستقرا
صفا كدر الشريعة واستقرا / وأيد أمرها بك واستمرا
لئن أحيا سميك فرد ميت / فقد أحييت بالإسلام مصرا
أمالي من عذولكم عذير
أمالي من عذولكم عذير / ولا من جور صدكم مجير
علقت بغادر يهتز عطفاً / وردفاً مثلما اهتز الغدير
غرير ساعدتني في هواه / ليال شاقها من غزير
يجدد عهدها زفرات وجد / هي الجمرات قيل لها زفير
إذا صعدت من الأنفاس نار / فحد مطارها حد مطير
وكم حمي النسيم بنار وجدي / وقد بردت حلي بل ثغور
وشقت عن ودائعهن وهناً / خدور أشرقت منها بدور
ومالت فوق أرداف قدود / وجالت فوق أجياد شعور
ولما راقنا حسن أغرنا / عليه وكان ما كره الغيور
مجاج لا يدور به زجاج / ولكن الثغور هي المدير
هفا أرج الجمان على ثغور / إذا فاهت تأرَّجت الخمور
ولما هزنا طرب وأنس / وبان على أسرتنا السرور
نظمنا في ضياء الدين شعراً / على صفحاته للصدق نور
نشرفه بذكر علاك فيه / كما شرفت بقومك شهرزور
ونعلم أن مدحاً لم يقيد / به إحسانكم كذب وزور
وأم المكرمات لمن عداكم / من الأولاد مقلاة نزور
بكل قرارة للدين منكم / وللدنيا عميد أو وزير
تملك قاسم ودي وحمدي / بأخرق هي الروض النضير
فكم غناكم قلم وسيف / فأطربكم صليل أو صرير
وقل الناصرون بأرض مصر / فكان وداده نهم النصير
وتابع بره نحوي ولكن / كما يتتابع النوء المطير
رآني والعيون بها تعام / ومات الأعمى سواء والبصير
فكم كرم وإكرام وبشر / كأن طلوع طلعتها بشير
منايح بل مدائح ليس منا / جميعاً فيهما من يستعير
جميل من ندى وجميل ذكر / قليل أن يرى لهما نظير
فضائل من فضائلك استمدت / كما فاضت على الخلج البحور
من الفقر التي تبني المعالي / ويستغني بها الحسب الفقير
شكرت بها ودادك وهو شكر / يزورك بعد أوله أخير
فلا تسأل بجود يديه غيري
فلا تسأل بجود يديه غيري / فإنك قد سقطت على الخبير
هو الركن الذي أسندت ظهري / إليه فكان أقوى من ثبير
ولست أخاف أيامي ونجم / مجيري في زمان بني المجير
حملت على نداه ثقيل همي / فقام به وخفف عن ضميري
فقالت ما دليلك قلت أضحت
فقالت ما دليلك قلت أضحت / بهمته كلوم الدهر توسى
تناولت المكارم والمساعي
تناولت المكارم والمساعي / بأقوى ساعد وأتم باع
أبى تاج الخلافة قول من لا / يراقب في علاك ولا يراعي
بأي سجية يا ورد أثني / عليك بها من الشرف المشاع
أبالمنن التي لا من فيها / فكم لك في أياد واصطناع
أم الخلق الذي أمسى وأضحى / كريماً عند ضيق واتساع
أم الهمم التي في الملك ألوت / بهمة ذي رعين والكلاع
أم النوب التي أغنيت فيها / غناء المشرفي عن اليراع
وأيقنت الشجاعة ورداً / أحق فتي يلقب بالشجاع
وكم نادت ظباه إلى قلوب / وقد خفقت رويدك لن تراعي
فدى لأبي الحسام ولا أحاشي / رجالاً جانبوا كرم الطباع
تفضله مناقبه عليهم / كما فضل العيان على السماع
أرى يا ورد ضدك في انخفاض / وجدك في علو وارتفاع
ونارك في دجنة كل خطب / ومكرمة تشب على اليفاع
فللمغتر والمعتز منها / شهاب للقرى أو للقراع
وحق علاك فهو أجل عندي / إذا أقسمت من ملق الخداع
لقد أحببت مدحك لا لشيء / يعود بوجه ضري وانتفاعي
ولكن لاختراعك في المعالي / خلائق لم تدنس باختراع
رعاك الله من ملك هجان / فإنك للمكارم خير راع
إذا سارت جيادك والمطايا / فيا زمع القلوب مع الزماع
ومن لم يفتجع لنواك منا / فذاك يعد من سقط المتاع
وأصعب نائبات الدهر عندي / فجيعة فرقة بعد اجتماع
ولاسيما فراق أشم كانت / عقارب رأيه غصص الأفاعي
يدافع دون ملك أبي شجاع / إذا قعد الكفاة عن الدفاع
وداع ركابك السامي دعاني / إلى ذم التفريق والوداع
حفظت نم الضياع بلاد قوم / وأوقعنا افتراقك في الضياع
ستفقد منك أنفسنا حياة / وما فقد الحياة بمستطاع
فلا زالت عزائمك المواضي / تسوس الدهر بالأمر المطاع
أبن لي عن نهارك كيف ظلا
أبن لي عن نهارك كيف ظلا / أوبلاً كان أم صادفت طلا
وخمراً صافياً فيهون عتبي / على الهجران أم صادفت خلا
رجونا قطع هجرك بالوصال
رجونا قطع هجرك بالوصال / فأخرجك الدلال إلى الملال
وهب نسيم عاذلك المعنى / فمال وغصن قدك في الميال
رحلت إلى الصبا فنزلت منه / بمجتمع المحاسن والجمال
فجودي قبل رحلته وعودي / فقاطنه سريع الانتقال
وهذا الورد يذبل في خدود / تناهى مثل شعشعة الذبال
وما ظل الشباب وإن تمادت / لياليه بمأمون الزوال
عذرتك في جفائك لي فإني / رأيت الغدر من خلق الليالي
طرقن بشيب رأسي منك طرقاً / كأن قذاء لحظك من قذالي
يقلقلني سواد في فؤادي / فبالي من سواد الهم بالي
ولو حمل الزمان ثقيل همي / على متنيه ضج من الكلال
وكم لي في بنيه من خليل / يراودني بعين الاحتيال
أهيب إلى الوفاء به فيأبى / ويعدل عن طريق الاعتدال
صبرت عليه محتملاً إلى أن / تعلم حسن صبري واحتمالي
وقلت له أرحها من مراح / يؤول به السمين إلى الهزال
وأمطيها وأنشطها فإنا / مللنا من عقال واعتقال
أبارك في مباركها بياتاً / تبيت عراصه ملقى الرحال
ومن عمر عمارة كل ظن / خراب ألحقته كل تال
ومن لم يغن ملجؤه فإني / إلى عمر بن لاجين مآلي
أراد علو منزلة وقدر
أراد علو منزلة وقدر / فأصبح فوق جذع وهو عالي
ومد على صليب الجذع منه / يميناً لا تطول على الشمال
ونكس رأسه لعتاب قلب / دعاه إلى الغواية والضلال
مضى بدر فأغنى عنه طي
مضى بدر فأغنى عنه طي / بما أولى الكرام من الجزيل
وقدماً كنت أمدح للعطايا / فقد أصبحت أمدح للسبيل
لقد طلعت علي الشمس لما / عدمت وقاية الظل الظليل
أمعتسف المهامه والموامي
أمعتسف المهامه والموامي / على قلص سواهم كالسهام
أبن لي ما حداك إلى مرام / تركت به المطايا كالمرامي
أعن مصر أجد بك انتجاع / وطامي النيل يروي كل ظامي
فلا تك مثل منتجع جهاماً / يخلف خلفه صوب الغمام
أملتمساً نوالاً أو ثواباً / تعدهما لفقر أو أثام
علي العاضد الهادي قدير / على الغفران والمنن الجسام
فألق عصا الإقامة في مقام / كرامته تزيد على المقام
ترى الجبهات والأقدام فيه / تفضل بالسجود وبالقيام
ولولا الحظ من أجر وفخر / لما رغمت أنوف في الرغام
وسلم بالسجود على إمام / يجل عن التحية بالسلام
وقبل ترب ساحته فمنها / عرفنا حرمة البيت الحرام
وإن أذنت جلالته عليه / فزاحم إن قدرت على الزحام
لعلك أن ترى في الدست وجهاً / به تشفى العيون من السقام
إذا رفعت ستور الملك عنه / رأيت البدر في الغيم الركام
فهن به الشهور ولا تخصص / بذلك شهر فطر أو صيام
فلولا نص عترته عليها / لما صارت مواسم للأنام
وإن من الغباوة أن تهنى / وأنت الشمس نوراً بالضرام
وهل شهر الصيام سوى هلال / يزورك وافداً في كل عام
جعلت له على شعبان فضلاً / بتحريم المباح من الطعام
وبينهما على التحقيق بون / بعيد لا يؤول إلى التئام
إذا ما تم أدركه محاق / ووجهك دائماً بدر التمام
يعود من الكمال إلى انتقاص / ويصحبك الكمال على الدوام
ولو ذهب المحاق به عرفنا / برؤيتك الحلال من الحرام
سموت على الهناء بكل شيء / سوى أيام كافلك الهمام
فإن حياته أسنى العطايا / إذا عدنا لتحقيق الكلام
لئن نظمت ليالي الملك عقداً / عليك فإنه سلك النظام
وإن شرفت صفاتك فهو منها / بمنزلة الوفاء من الذمام
رعى حرم الخلافة منه طرف / طريف عنده خبر المنام
وحاط سوامها من كل خطب / فيا لله من راعي سوام
وباشر عند نصرتها المنايا / مباشرة اصطلاء واصطلام
وناط وراءها بعرى وفاء / تصان عن انفصال وانفصام
جعلت زمام أمرك في يديه / فرد عليك تدبير الزمام
وأسندت الأمور إلى عظيم / يكشف غمة الكرب العظام
فأصلح فاسد الأيام حتى / أعاد قطوبهن إلى ابتسام
وداوى علة الدنيا بعزم / شفى الدنيا من الداء العقام
وأيد ملكه بأبي شجاع / وذلك من تمام الاهتمام
فأسفر وجه ملك عاضدي / يشار به إلى عضد الإمام
تعطلت العلى منه إلى من / يشرف سامي الرتب السوامي
بنى بالناصر المحيي مناراً / تقطع دونه نفس الكرام
ولم يك نص والده عليه / بذلك رمية من غير رام
وذلك رأي محتبك خبير / يجلي رأيه سدف الظلام
يرى الأشياء من أمم بفكر / يريه كل خلف من أمام
تبيت بأمره الأقدار فينا / توزع بين عفو وانتقام
إذا ما الحلم خفض من سطاه / مشت بين السكينة والعرام
به طالت بنو رزيك باعاً / على الحيين من يمن وشام
ملوك علموا همم القوافي / ترفعها عن النفر اللئام
اقصر من عنان المدح فيهم / فيغلبني ويجمح بي لجامي
وأستر شكرهم خجلاً فيبدو / وعرف المسك ينفح في الختام
لقد حسنت بدولتهم ليال / كأن الناس منها في منام
فلا أشرفن قط على انصراف / ولا أفضين قط على انصرام
سأعذركم وأحفظ ما أضعتم
سأعذركم وأحفظ ما أضعتم / من الحرمات والود القديم
ويأتيكم على بعدي وقربي / سلام الله من قلب سليم
وليس يذم أهل الفضل عندي / إذا عذروا سوى الرجل الذميم
محلك لا يسام ولا يسامى
محلك لا يسام ولا يسامى / وقدرك لا يرام ولا يرامى
وناديك الكريم أجل ناد / يحج إليه من صلى وصاما
إذا البيت الحرام نأى فإنا / نزور بدارك البيت الحراما
فناء لا تزال العين تلقى / لأعيان الملوك به زحاما
وتذهلنا المهابة منه حتى / كأنا قط لم نرد المقاما
ولولا ما نشاهده لخلنا / من الإجلال يقظتنا مناما
يجل عن السلام علاً وقدراً / فنهدي بالسجود له السلاما
وكم شمنا سناء كاملياً / فلاح نعائماً وجرى نعاما
وشرفنا بمدحك كل معنى / أطلناه وقصرنا الكلاما
حديث من حديث علاك أغنى / فلم نذكر قديمك والقدامى
فكيف وبيت شاور خير بيت / تغار له الوزارة أن يساما
إذا مرح الملوك غداة فخر / وجدناكم لجامحها لجاما
وإن عميت بصائرهم رددتم / إلى نور البصيرة من تعامى
متى ما تذكروا نسيت علاهم / وعند المسك نطرح الخزاما
ألم تر شاوراً ألقت يداه / من الدنيا إلى يدك الزماما
ورشحت الوزارة منك شبلاً / حمى حرم الخلافة أن يضاما
مهيباً كف عادية الليالي / عظيماً كشف الكرب العظاما
رأت مصر أباك لها مسيحاً / فأنشر عدله فيها رماما
وأشفى ملكها سقماً فداوى / دخيلة دائها وشفى السقاما
بنيت أبا الفوارس من علاه / ذرى قعد الزمان بها وقاما
وكنت كشاور خلقاً وخلقاً / ومكرمة وعزماً واهتماما
لئن كفلت عزائمه الإماما / لقد كفلت مواهبك الأناما
وقد كان الزمان لنا عبوساً / فعلمه نداك الابتساما
فلازالت مدائحنا تهني / بكم أعيادنا عاماً فعاما
لئن خدمتك في عشر ونحر / فقد خدمتك فطراً بل صياما
لها قوت مصت سنة عليه / وعدة أشهر أيضاً تماما
وليس بمنكر للعيد يوماً / من المولى إذا طلب الطعاما
إذا كان الولاء عليك يلوي
إذا كان الولاء عليك يلوي / علائقه فأهون بالكلام
سلام رائح أبداً وغاد / عليك إذا ونت همم السلام
رأيتك في المنام بعثت نحوي
رأيتك في المنام بعثت نحوي / بحاملة الحيا وهي الغمامة
فأولت الحياء حياك مني / وصحفت الغمامة بالعمامة
فانفذ لي بأطول من حسابي / إذا أحضرت في يوم القيامة
ولا تك يا خطير فدتك نفسي / قديمة مدة لحقت قدامة
وأرسلها وضم الشرب فيها / كخود فوق وجنتها عرامة
كأن بياضها وجه نقي / وحسن الرقم فوق الخد شامة
ولا تبعث بقيمتها فإني / أراه من التكلف والغرامة
وليس القصد إلا تاج فخر / يطول قامة ويصون هامة
وما هذا المديح إلا أذان / فقل لنداك حي على الإقامة
أيا سفح المقطم كم سفحنا
أيا سفح المقطم كم سفحنا / على مجراك من دمع هتون
وقفت على مجر حصاك أجري / على خدي جمر غضا الجفون
هوت فيك الشوامخ من حصوني / ذوت فيك البواذخ من غصوني
وكم لي في القرافة من حبيب / قريب وهو رهن نوى شطون
أو سده اليمين وكنت أرجو / وآمل أو يوسدني يميني
دفين زادني في الوجد أني / شكرت له على الصبر الدفين
سمحت به على رغم وكنا / إذا فارقته فارقت ديني
فيا ولدي ويا كبدي تيقن / بأن أباك مغلوب اليقين
أسلي النفس عنك وكيف أسلو / وبي ظمأ إلى العذب المعين
لئن أبلت لك الدنيا جبيناً / فثكلي فيك قد أبلى جبيني
كأنك يا محمد لم تدافع / صدور نوائب الأيام دوني
ولم تلق الخطوب وقد عرتني / فيطردها زئيرك عن عريني
ولا وثقت ظنوني أن سري / لديك وديعة الثقة الأمين
رزقتك بعد إدراكي بعام / فلم تبعد سنينك عن سنيني
فكنت إذا العيون رنت إلينا / أخي في كل عين أو قريني
وكنت أرى الحنانة ضعف عزم / فآنسني فراقك بالحنين
فلا فقدت ضلوعي فيك وجداً / عوازبه تثور من الكمين
ولا عدمت بك الأنفاس ناراً / تذيل ودائع الدمع المصون