المجموع : 25
حديث الدهر أصدقه الفناء
حديث الدهر أصدقه الفناء / وأكذب ما ينمقه البقاء
نؤمل في الزمان صفاء عيش / وما في هذه الدنيا صفاء
ولكنا رأيناها بعين / عليها من مساويها غطاء
هي الداء العضال وليس يرجى / بغير الاعتبار له شفاء
وما أيامها إلا ركاب / ونحن الركب والموت الحداء
ولو كان الخلود بها نعيماً / لفازت بالخلود الانبياء
وما يسترجع الباكي فقيدا / وان ادمى محاجره البكاء
الم تر كيف قوضت المنايا / بناء العلم فانتقض البناء
فقيد قد فقدنا الصبر عنه / فذل الدمع إذ عز العزاء
نسر بما سيلقي من نعيم / ولكنا لضيعتنا نساء
ولو سيم الفدا رخصت وهانت / نفوس كان يغليها الفداء
كأن مدامع الباكين مدت / بنائله فعم بها الرواء
فيا من قد رأى قمرا منيرا / يمد سنا الشموس له ضياء
غياث الملتجي في الخطب يلقي / لديه الأمن ان عظم البلاء
وغوث المرتجى يلقى لديه / وشيك النجح ان خاب الرجاء
منار هدى أضاء وكل سار / له في ضوء طلعته اهتداء
ودارت حوله العلماء شعثا / كما دارت على الورود الظماء
وشرع محمد يبكي حسيناً / بعين كان منه لها ضياء
ولا عجب وقد وسع البرايا / نداه ان يضيق بها الفضاء
وكانت تستعير ذكاء منه / سناً فاليوم كاسفة ذكاء
قطعت علائقي عن كل خل
قطعت علائقي عن كل خل / جدير بالمودة واصطفيتك
وان سعادتي أن ترتضيني / خليلا بالصفاء كما ارتضيك
زمان بالكرام يسيء صنعاً
زمان بالكرام يسيء صنعاً / ويجمع للئام المال جمعا
فكم من مشتكى قد ضاق ذرعا / وقائلة ارى الأيام تسعى
إلى اللؤماء بالسير الحثيث /
فقلت المال ذو شبه تمام / بقوم مثل وفرهم لئام
فليس على الليالي من ملام / رأت ان المكاسب من حرام
فجادت بالخبيث علىالخبيث /
وجيد الدهر بالفضلاء حالي / وذلك فخرهم في كل حال
وفخر الجاهلين ثراء مال / لهم حدث الغنى وأولوا المعالي
لهم من دهرهم حسن الحديث /
اشاقتك صبا نجد
اشاقتك صبا نجد / فهاجت لاعج الوجد
سرت مسكية الانفا / س تذكو بشذى الند
سقى الغيث مغانيها / التي طال بها عهدي
وما أنس فلا أنسى / زمان الاجرع الفرد
وقد مر كما مر / قصيرا زمن الورد
بسفح البان هيفاء / كغصن البان في القدّ
لها ريق على ما / شهد المسواك من شهد
ولما سرت العيس / بهم يوم اللوى تخدي
وفي الركب من الغيد / كعاب صلتة الخد
وهند دون لقيا / ها قنا الخط ضبا الهند
فتاة من بني سعد / بها حفت قنا سعد
وعز الورد ان يجنى / بمرأى الاسد الورد
ولم يبق سوى نظرة / ممنوع عن الورد
وترديد اشارات / من التسليم والرد
هوى من جفني الد / مع هويّ الدر من عقد
ارى طرفي والنجم / حليفين على السهد
الا الله ما لاقيت / من بين ومن صد
وقد أودى فهل يود / قتيل الحب عن عمد
ولم يقض لي الدين / ولم ينجز بهم وعدي
فقل للائم اللاحي / على اللوعة والجهد
فؤادي عند من اهوى / وما غير الهوى عندي
قضى دهري ان ابقى / رهين البين والبعد
وخصمي الحكم اليوم / فاي الناس استعدى
على ان لأيامي / جميل الصنع والرفد
بعود القاسم الوفر / وعرس الماجد الرشدي
فقد اشرق في أوج / المعالي قمر السعد
وطاب العيش في ظل / من النعمة والرغد
ونيلت بأبي أحمد / آمال اخي الود
وثنى المجد عطفيه / بعود العلم الفرد
كريم الفرع والاصل / شريف الأب والجد
رحيب النفس والأ / ربع بالأضياف والوفد
له نار قرى يوقد / ها بالحسب العد
لها السنة تدعوا / لمداليج فتستهدي
فقل للراكب المدلج / من غور إلى نجد
وقد آنس ومضى / العرف فاستأنس بالوخد
هداك الله قد نلت / نجاحاً بأبي المهدي
فرد جدوى يمين / عن نداها البحر لا يجدي
له السبق إلى الغايا / ت عفواً غير ذي جهد
فما يملك من جاراه / غير الهم والكدّ
وهل يدرك شأو / البرق بالجري وبالشدّ
وأين الزهر والأوج / من الحصباء والوهد
هم السادة والقادة / من شيب ومن مرد
أناس لم تزل فيهم / رجال الحل والعقد
لهم في دور أيامهم / سلسلة المجد
على بيض أياديهم / جلاء الأوجه الربد
على مولودهم باد / دليل الفضل في المهد
ولا بدع ففي الأشبا / ل اشباه من الاسد
وقد لاقت به الايا / م ركناً غير منهد
ثبات الليث لا يلوي / على شيء سوى القصد
وكان الذهب الابر / يز في ذاكية الوقد
وهل يخشى على التبر / إذا هذب من نقد
حوى المدح فلم يأسف / على ما فات من وجد
وهل يحفل بالمال / فما عذر ذوي الحقد
وهل يبغض ضوء الشم / سِ غير الاعين الرمد
أبا أحمد لازلت من / العلياء في برد
عزيز النفس والجار / عزيز المثل والند
لك الأقبال والجد / من الاقبال والجد
بعرس دائم البهجة / زاه زاهر السعد
ودامت للتهاني نفحات / الشيخ والرند
فأنت الغصن اللدن
فأنت الغصن اللدن / ومنك السجع واللحن
رضاب لك قد ازرى / بما قد عتق الدن
فليست لك من سلوى / وان كان لك المن
إذا استرسلت في فن / مشى طوعاً لك الفن
حماة الدين والمجد الخطير
حماة الدين والمجد الخطير / نفيراً فالسعادة بالنفير
فقد زحمت من الغرب الدياجي / لتذهب بالضياء المستنير
وهذا دين خير الرسل طه / ينادي فيكم هل من نصير
بلاد السملمين بكل قطر / مهددة العواصم والثغور
فكيف وانتم الصيد الغيارى / ذوو الاحساب والعدد الكثير
صبرتم للبغاث فحام حوماً / على أوكان جارحة الصقور
وعاث بغابة الآساد وحش / قديماً كان يهزم بالزئير
فتلك ممالك الأسلام تشكو / حلول الويل منهم والثبور
فاصبحت الجوامع دارسات / بتعمير الكنائس والديور
وكم قد جاءنا منهم نذير / فلم تصغ المسامع للنذير
وليس كمثل هذا اليوم يوم / فقد جاؤا بقاصمة الظهور
أقول لسائلي عن سرّ حرب / أثيرت قد سقطت على الخبير
حديث الحرب يعرب عن شجون / وان كثرت أقاويل الغرور
فلا استعمار أرض حاولوه / ولا توسيع سلطان كبير
ولكن لأغتيال الدين جاؤا / ليطفوا من سناه أي نور
وقالوا لا يزال الغرب يسعى / من الإسلام في نهج عثور
وما للمسلمين من اهتمام / لهم الا ملاقات السفير
وما مثل الحسام لنا سفير / فان بحدّه حسم الامور
لقد بلغ الزبى سيل الاعادي / فضاق بسيلهم رحب الصدور
فهلا تصدقون القوم ضرباً / تسيل عليه أودية النحور
إذا الف الدني حياة ذل / فموت العز أولى بالغيور
لقد حلوا طرابلساً فاضحت / مرامي للشهاب المستطير
فقامت دونها عرب كرام / تجالد بالمهندة الذكور
والت غير حانئة بان لا / يكون لهم بها غير القبور
رجال طيبهم نقع المذاكي / كأن النقع نفاح العبير
إذا كلمت وجوه القوم خاضوا / غمار الموت مبتسمي الثغور
فكم حشدوا على ورد المنايا / كما حشد الظماء علىالنمير
اشعب الظالمين وذلك اسم / يبين عن مسماه الحقير
هجمت على طرابلس هجوماً / وسمت به أوربا بالشرور
وقالوا انما جئنا لعدل / فاجلى القول عن كذب وزور
فتلك بأرض ايران تجلت / براهين العدالة بالسفور
فحلت بالشمال الروس رغماص / عن استقلالها دهر الدهور
وسارت بالجنوب بغير عذر / جنود الانكليز ولا عذير
فسل تبريز عما كابدته / ففي انبائها جزع الصبور
كأني بالمدافع وهي ترمي / فتصعف بالجوامع والقصور
إذا رعدت اجابتها خفوقاً / قلوب الغيد ربات الخدور
فلهفي للخدور بغير حام / يذبّ عن الحريم ولا خفير
إذا فزع الصغير إلى كبير / اريق دم الصغير على الكبير
باعلام الهدى لما استجارت / رأت منهم غياث المتسجير
فقد قاموا اعتضاداً وانتصارا / لدين محمد الهادي البشير
دجى ليل النوائب فاستضيئوا / بانوار الكواكب والبدور
هم العلماء حقاً فاتبعوهم / فانهم على الحق المنير
أطيعوا أولياء الأمر منكم / ففيهم طاعة الملك القدير
فما دار السعادة غير قطب / بإسلام البسيطة مستدير
قصارى الحي في الدنيا فناء / فكيف نضن بالعمر القصير
بإحدى الحسنيين لنا وثوق / وفي كلتيهما نيل السرور
فاما بالشهادة وهي نعمى / واما بالسعادة والظهور
فتهضاً ملة الإسلام نهضاً / بكل مدجج اسد هصور
تراع الحرب منه بمستميت / يلاقي الموت في طرف قرير
ونفس قد شراها الله منه / بنعمى جنة ووصال حور
فقل للهاجمين حذار يوم / عبوس الوجه صعب قمطرير
بيوم ينهض الإسلام فيه / فيصرخ قائلا يا أرض مورى
هنالك لا يرون الهند الا / سيوف الهند ساطعة السعير
وتنقض ثورة القوقاس نقضاً / صروح الروس بالعزم المثير
وتبتدر الكتائب من بخارى / فمن افغان بالجم الغفير
وتنفي الاحتلاليين مصر / فتثبت مجدها بعد الدثور
فتونس فالجزائر سائرات / الينا سير منتصر ظهير
وتشعر بالذي لقيت وقاست / مراكش وهي غائبة الشعور
فيغدوا المغرب الاقصى قريباً / يواسي الشرق باليوم العسير
الا يا راكب الحرف
الا يا راكب الحرف / الأمون الاجد الجسره
مضت تطوي به الأ / جواز طي التاجر الحبره
فما أكرمه حرّاً / على عيدية حرّه
إذا ما جئت دار الحر / ب من جانبي البصره
فابلغ اسرة المجد / وأكرم بهم اسره
رجال في سبيل الله / خاضوا رهج الغمره
جزى الله المحامين / الذين استبقوا الكرّه
اجابوا داعي الله / وقاموا ساعة العسره
فان الخير مقرون / من النفس بما تكره
احبائي على القورنة / والأهواز والبصره
سقى عهدكم الغيث / وان اشبهتم قطره
اقضي الليل بالتذكا / ر واللوعة والحسرة
وفي القلب من الشو / ق أوار يصطلى حره
فكم حن لكم قلبي / بالآصال والبكره
وما ضمت ضلوعي الوجد / لكن ضمت الجمره
نفرتم وتخلفنا / فكانت لكم الأثره
وما الرافل في الحلة / كالرافل في النثره
وما الناشق للعنبر / كالناشق للغبره
وناضلتم عن الثغر / وقد أمكنت الثغره
وما زلتم اشدّاء / على القلة والكثره
فتحتم وعليكم انزل / الله بها نصره
وحيا الله بالرضوان / تلك الأوجه النضره
جنيتم من ثمار الحرب / حلواً وهي المره
صبوتم لوصال الحو / ر لا الآرام من وجره
فمن نشوان من قانى / دم الأعداء لا الخمره
ومن ابلج وضاح / المحيا مائس الوفره
طروب يلتقى والموت / بالبهجة والبشرة
بلثم السيف يرتاح / كلثم الخد ذي الطره
كأن البندقيات / عليه تنثر الدره
هنيئاً لكم المجد / الذي خلدتم ذكره
هنيئاًٍ لكم يوم / ملكتم دوننا فخره
فقل للانكليزيين / لا انعشت العثره
سفهتم حين عرّضتم / ضواحي النحر للشفره
وسارت علماء الدين / للبصرة بالنصره
وقامت ساسة الشرع / من الأشياخ والعتره
بأقلامهم أضحت / على سمر القنا أمره
فأضحت بهم الهيجاء / دار العلم والهجره
بها يدرس فن الحرب / درساً عن أولي الخبره
نداء السيف ترخيم / لأهل الكيد والغدره
فما يعرب للخصم / بغير الجزم والكسره
وما يرقم الا الضرب / للهامة والغفره
إذا تسأل عن داري
إذا تسأل عن داري / فبين البحر والشط
وقد كنت من الناس / فأصبحت من البط
إذا زحفت هموم النفس تترى
إذا زحفت هموم النفس تترى / عليك فكان ما لا يستطاع
فحاربها بكاذبة الأماني / فإن الحرب عندهم خداع
اصدر الدين يا شمس المعارف
اصدر الدين يا شمس المعارف / ويا بحر الفواضل والعوارف
لقد ارخت للأسلام مجداً / به اعترف الموافق والمخالف
بتأليف كترصيف اللئالي / فما أبهى لئاليه الرصائف
حدائقه النواضر مثمرات / بها ابتهجت نواظرنا القواطف
فأنت البحر جوهره ثمين / نمير الورد يروي كل راشف
جمعت به الفوائد باختصار / فقد راقت فوائده الطرائف
وقد أحسنت في نشر المزايا / وترتيب الخصائص للخلائف
يشوق المسلمين إذا تلوه / لأيام العلى الغر السوالف
وخير الكتب اثاراً كتاب / به تذكو الظمائر والعواطف
فدام ضياء علمك وهو يجلو / ظلام الجهل حيث الجهل عاكف
فالأسلام منك اجل ذخر / ويا نعم المساعد والمساعف
وقالوا يا قبيح الوجه تهوى
وقالوا يا قبيح الوجه تهوى / رشا كملت محاسنه الرقاق
وكيف عشقت في وجه ذميم / مليحا دونه السمر الرقاق
فقلت وهل أنا الا اديب / بانواع البديع له اشتياق
وفي عشق المليح ارى طباقاً / فكيف يفوتني هذا الطباق
اقمتم بالمسيب يا رفاق
اقمتم بالمسيب يا رفاق / ودون لقائنا حال الفراق
فليس يروق لي في البعد عيش / نعم دمعي لبعدكم يراق
فان تك كربلا غدرت وخانت / فلا عجب فقد خان العراق
جمالك ليس يسمح بالجميل
جمالك ليس يسمح بالجميل / وقلبي ليس يرضى بالبديل
بقانون المحبة قد قبلنا / وهل يسع المحب سوى القبول
فكيف رفضت لائحة المعنى / بمؤتمر الهوى قبل المثول
وكان بها صلاح من فساد / وكان بها شفاء من غليل
بأي سياسة نحظى بوصل / لقد حيرت ارباب العقول
ترد دليل حبي واشتياقي / وتصغي للوشاة بلا دليل
اتسمع قول واش مستبد / وأنت الحر ذو الرأي الأصيل
ملكت بحسنك الأحرار لكن / جهلت ادارة الملك الجليل
بطلعتك استضاء الشرق نوراً / فصن هذا الطلوع عن الافول
اسيل الخد ما طلت دماء / تضرع وجنة الخد الأسيل
حجت فاعلن الأعداء حرباً / فكائن حول خدرك من قتيل
وحول الثغر قد حاموا عطاشى / إلى ورد الزلال السلسبيل
فجرد دون ثغرك سيف لحظ / رهيف الحد ليس بذي فلول
ويا ريماً تعرض لاقتناص / حذارك من اخي قنص خنول
تغزلنا بحسنك فاستبانت / مزاياه وكانت في خمول
نجاهد في هواك وأنت تحمى / على أهل الهوى نهج السبيل
اقام ذووك في جدل ورحنا / ضحايا من صريع أو جريل
فنحن اصول مفخرك الزواكي / فكيف الفرع يهزأ بالأصول
عذارك أيها الرشأ المفدى / صحافي الفرع يهزأ بالأصول
سرى والشمس عال مجتلاها / ظلام العارض الساري العجول
تدب نماله من حول ثغر / جنى الشهد معلول الشمول
اغرب العارضين حللت شرفا / من الخدين جل عن الحلول
وكان الخد بالتوحيد أولى / فما معنى مشاركة الحلول
يظن اللحظ كل وللمنايا / مكان في شبا اللحظ الكليل
وما ألحاظه الا نصول / حذار حذار من تلك النصول
بعثنا بالنسيم لهم رسولا / فخان وما رعى شرف الرسول
وما نقل الحديث لهم صحيحاً / وهل يرجى الصحيح من العليل
فحسن عندهم وصل المعادي / وحسن عندهم هجر الخليل
فجامعة سعي فيها رمتنا / بتفريق العشيرة والقبيل
وقد برح الخفاء لكل عين / فما يغني اعتذار المستقيل
تستر بالدجى فبدا هلال / فبين موقف الداء الدخيل
فقل للكنك ان النيل وافى / يسومك خطة العاني الذليل
ولست بتارك هندا وسعدى / على ضغط المراقب والعذول
باكناف الحمى وطن سقينا / ثراه بعارض الدمع الهطول
سألناه فلم يسمح برد / سوى ان قال للعبرات سيلى
عهدت به الظباء العين قدماً / ممنعة الكناس بأسد غيل
غيارى لا يكاد الطيف وهناً / يلم بذلك السرب الخذول
وللراجي به غيث الايادي / وللاجى به حرم النزيل
فقد اضحى حماه مستباحاً / كأن العز آذن بالرحيل
حياة المرء اشبه بالظلال
حياة المرء اشبه بالظلال / وهل ظل يكون بلا زوال
وما تخفى الحقيقة غير أنا / نفر من اليقين إلى المحال
لنا من هذه الدنيا خدوع / تجمل وهي فاقدة الجمال
تنغص خشية الهجران وصلا / تجود به فنشقى بالوصال
يظن سرابها الظمأن مآء / وكم غر الظماء وميض آل
فمن ظمآن لم ينقع غليلا / واخر غص بالماء الزلال
وفي الأيام موعظة وذكرى / تفيد العارفين من الرجال
اهابت بالملوك فأسلمتهم / قصورهم إلى عفر الرمال
وقد سلبوا نعيم العيش قسراً / فمر كانه طيف الخيال
وما ردت حمام الموت عنهم / شفار البيض والسمر العوالي
متى تسأل ديار القوم عنهم / يرد لك الصدى عين السؤال
فتلك الألسن الماضي شباها / رمتهن المنية بالكلال
فهاهة باقل نزلت بقس / وكان يسيل سيلا بالمقال
أأرباب اللسان لأي أمر / تخليتم عن السحر الحلال
على ان ليس يعجزكم بيان / إذا حدثتم بلسان حال
وعظتم غير أنا قد لهونا / فلم يخطر لكم وعظ ببال
نغالي بالنفوس وتعترينا / منايانا فترخص كل غال
نجهز بالرجاء وبالأماني / جيوشا غير صادقة النضال
وكيف يفوز للامال جيش / تطارده فتهزمه الليالي
فكم فجعت محبا في حبيب / ففارقه كئيباً غير سال
له من لاعج التذكار قلب / لنيران الأسى والحزن صال
كان دموعه لما استقلت / ظعون الحي منهل العزالي
يطالع طرفه زهر الدراري / كان من الغرام بها امالي
يؤرقه الوميض إذا تجلى / سنا برق بذي سلم وضال
وتصبيه منازل آل ليلى / إذا لاحت منازلها الخوالي
نعم كل اجتماع لافتراق / وغاية كل وصل لانفصالا
رمى أم البنين الزهر خطب / يعز على المكارم والمعالي
محجبة تمثل من حجاها / وستر عفافها اسنى مثال
تضمنت الخدور لها المزايا / فاضحت وهي اصداف اللئالي
تحلت بالفخار فما عليها / إذا عطلت وجيد الفخر حال
نقي جيبها ارج شذاها / بطيب شذا المحامد لا الغوالي
ولولا الفضل ما كانت لتحظى / بمدح ذوي الحجى ذات الحجال
ولكن الفضيلة ذات شأن / سواء في النساء وفي الرجال
كريمة معشر ولدت كراما / هم للمكرمات اعز ال
وكلهم جدير ان يردى / بأردية السيادة والجلال
وابلج يستخف ندى يديه / نطاف المزن والسحب الثقال
يحيى وفده طلق المحيا / مصون المجد ذا وفر مذال
ثمال المرتجي يأوي إليه / إذا يأس الرجاء من الثمال
وفي السنة الجماد له يمين / تجير المجدبين على الشمال
تسد على النقيصة كل نهج / نقيبته فتسمو بالكمال
تلم به النوائب لا المت / بساحة لا الجزوع ولا المبالي
فليس يعد في الأيام رزء / وحاشاه سوى رزء المعالي
نماه كل ابلج من قريش / يضيء هداه داجية الضلال
كأن جبينه والخطب داج / عمود الصبح أو قوس الهلال
من النفر الألى رفعو مناراً / من الايمان ساطعة الذبال
فهم سلكوا بنا نهج المساعي / وهم سنوا لنا كرم الفعال
اخذنا الصبر عنهم في الرزايا / وان يك صبرهم صعب المنال
فيا خير الفروع الست أولى / بما شرع الأصول من الخصال
قتلت حوادث الدهر اختبارا / فما تلقى الحوادث باحتفال
وعزمك دونه البيض المواضي / وحلمك دونه شم الجبال
تعز ففي عزاء الله روح / وفوز بالجزيل من النوال
وكل رزية جلل إذا ما / بقيت لنا بسعد واقتبال
طلعت بغرة تحكي الهلالا
طلعت بغرة تحكي الهلالا / بأرض كنت أنت لها جمالا
فأهلا بالمكارم والمعالي / نحييها ابتهاجا واحتفالا
نعيم قد اتى من بعد بؤس / وهجر منك اعقبنا وصالا
فنحن اليوم في عيش رغيد / صفا سلساله وضفا ظلالا
بشمل مثل ما نهوى جميع / وعهد مسرة وافى اقتبالا
فيا أرض الطفوف سموت قدراً / بطلعة قاسم وسعدت حالا
بأبيض في الذوائب من معد / اعدته المؤمل والثمالا
بأكرمهم واحفظهم عهوداً / وأحسنهم واطيبهم فعالا
تعين المادحين له صفات / لذلك يحسنون به المقالا
اهان المال وهو اعز شيء / وأكرم نفسه شرفا وغالي
وما ان غيرت منك الليالي / شمائلك الكريمة والخصالا
تغادر بلدة وتحل اخرى / فتحوي الحمر حلا وارتحالا
ففي سورية ابقيت ذكرا / على الشام العراق به استطالا
وفي دار السلام حللت داراً / تشد الوافدون لها الرحالا
يمين منك قد خلقت لجوج / تسح ندى إذا هبت شمالا
ولاقيت الشدائد باصطبار / وحلم قد وزنت به الجبال
ومثلك في الزمان إذا تجنى / يكون لكل مكرمة مثالا
أصاب الدهر رشدا بعد غي / وكانت عثرة ثم استقالا
وفي نقد الحوادث زدت فضلا / وصرف الدهر ينتقد الرجالا
أعاد الله أيام التلاقي / وجمع شمل ألفتنا اتصالا
فمنا من دنا بعد انتزاح / عن الأوطان أعواماً طوالا
ومنا مطلق من بعد اسر / يكابد فيه سجناً واعتقالا
فلم يدنس علي سفر وسجن / لنا عرض ولم نركب ضلالا
وقد كنا خفافا للمساعي / وان كنا على بعض ثقالا
ارى حساد مجدك في عناء / تضم صدورهم داء عضالا
إذا راموا محلك وهو سام / فأنهم يرومون المحالا
إذا ياسرت احرزت المعلى / وان اجريت احرزت المجالا
هنيئا أيها الأضحى هنيئا / فبالأشراق بشرك قد توالى
بقيت لنا بقاء البدر يسمو / سناً وتضيء طلعته كمالا
وتهتز البشائر والتهاني / بربعك وهي تختال اختيالا
إذا شئت السلامة من عدو
إذا شئت السلامة من عدو / له عمل المكائد والغوائل
فعاجله بفعل الشر تسلم / فما في الفعل تأثير لعامل
أدار الحي باكرك الغمام
أدار الحي باكرك الغمام / وان أقوى محلك والمقام
ولو لم تنزف الأشجان دمعي / لقلت سقتك ادمعي السجام
مررت بدارهم فاستوقفتني / على الدار الصبابة والغرام
فيا عهد الأنيس عليك منى / وان حلت التحية والسلام
أسائلها ولي قلب كليم / وهل تدرى المنازل ما الكلام
أعائدة لنا أيام وصل / فينعم بالوصال المستهام
بزهر كواكب وشموس حسن / وأقمار مطالعها الخيام
متى يسلو صبابته كئيب / بليته اللواحظ والقوام
إذا ملك الهوى قلب المعنى / فأيسر ما يعانيه الملام
يهيج لي الغرام شذى نسيم / يشم وومض بارقة تشام
ويشجين الحمام إذا تغنى / وكل شج يهيجه الحمام
ويقدح لي الأسى يوم أصيبت / به أبناء فاطمة الكرام
وخطب قادح في كل قلب / بقادحة الجوى فيه ضرام
فيابن الضاربين رواق فخر / سمت فوق الضراح له دعام
أيخضب بالسهام وبالمواضي / محياً دونه البدر التمام
فليت البيض قد فلت شباها / وطاشت عن مراميها السهام
كأنك منهل والبيض ظمأى / لها في ورد مهجتك ازدحام
ألا قل للشبيبة وهي تسمو
ألا قل للشبيبة وهي تسمو / وترقى بالفنون وبالعلوم
وجوهكم للنجوم ولست أرضى / لكم الا مطاولة النجوم
لكم سلف به الدنيا اضاءت / وأنتم صفوة السلف الكريم
فكونوا مثله شرفا وعلماً / فما يغني الحديث عن القديم
يؤمل منكم الوطن المفدى / نجاحاً فهو ذو أمل عظيم
اكابد في دجى ليل التمام
اكابد في دجى ليل التمام / تباريح الصبابة والغرام
فيمسي جامع الضدين جفني / سخاء الدمع في بخل المنام
غليل في الحشا يزداد وقداً / بمنهل من الدمع السجام
وذكرى جيرة نزحوا وشطوا / عن الصب المشوق المستهاوز
رعى الله الأحبة حيث كانوا / بتحقيق الاماني والمرام
كرائم في ذمام الله ساروا / وكل العز في هذا الذمام
اميل لذكرهم طرباً كاني / شربت وحاش لي كاس المدام
اراجعة لنا أيام وصل / زهت زهو الربى غب الغمام
وكان بقربهم ليلي قصيراً / فطال لبعدهم بجوى الأوام
إذا ادنى السلام نوى فحيا / حسينا ذا العلى ارج السلام
حسين حل من أوج المعالي / محلا لا يساميه مسامي
خضم فضائل وسحاب فضل / وروض محاسن زهر وسام
إذا جن الظلام علي أبدي
إذا جن الظلام علي أبدي / من الشوق المبرح ما اجن
واذكر عهدكم فاكاد شوقا / على اني الرصين حجى اجن
أيرجع بالطفوف زمان وصل / فيرجع عيشنا البهج الاغن
أحن وهل يلام أخو غرام / إلى أحبابه شوقا يحن