المجموع : 8
كتبتَ لنا بذاك البُرِّ برا
كتبتَ لنا بذاك البُرِّ برا / وقَصداً في الثناء وفي الثوابِ
فكدَّر صَفوَةُ الكيَّالُ حتَّى / بَقينا منه في أمر عُجَاب
وجدناه عَتِيقاً وارتضينا / به إذ عاد وهو أبو تُراب
أرى الإسكندريَّة ذات حُسنٍ
أرى الإسكندريَّة ذات حُسنٍ / بديعٍ ما عليهِ من مزيد
هِيَ الثغر الذي يُبدي ابتساماً / لتَقبيل العُفَاةِ من الوفود
إذا وافَيتَها لم تُبقِ هَمّا / بِقَلبِكَ مُذ تَراها من بَعيد
حَلَلت بظاهرٍ منها كأني / حَلَلتُ هناك جَنَّاتِ الخلودِ
فلا بئرٌ مُعَطَّلَةٌ وكم قد / رَأَيتُ هناك من قَصرٍ مَشيد
بياضٌ يملأ الآفاقَ نوراً / يُبَشِّرُ بَرقُهُ بسَحابِ جُود
وأُقسِمُ لو رأتها مِصرُ يوماً / لكادت أن تَغيبَ من الوجودِ
وكم قَصرِ بها أضحى كحِصن / منيعٍ لا كَزَربٍ من جريدِ
بَرُصُّ فصوصَهُ بانيه رصاً / يُفَصِّلهُ على نَظمِ العُقُودِ
لها سورٌ إذا لاقى الأعادي / يُقابلهم بوجهٍ من حديدِ
هو الفلكُ استَدار بها وكم قد / رأينا فيه من بُرجٍ سَعيدِ
أحاط بسُورها بَحرٌ أجاجٌ / ومَنهَلُ أهلِها عَذبُ الورودِ
همُ السادات لا يُخشى ويُرجى / سواهم عند وَعدٍ أو وعيد
وحسبك أنَّ صدر الدين منها / وذا من مدحها بَيتُ القصيد
إمامٌ جلَّ قدراً أن يُهَنَّى / بشهرٍ أو بعشرٍ أو بعيد
لأن الدهرَ عبدٌ والموالى / لعَمرُك لا تُهَنَّأ بالعَبيد
وما شيءُ له نفسٌ ونفسٌ
وما شيءُ له نفسٌ ونفسٌ / ويؤكلُ عظمُه ويُحَكُّ جلدُه
يَودَّ به الفتى إدراك سُؤل / وقد يلقى به ما لا يؤدُّه
ويؤخَذُ منه أكثره بِحقٍّ / ولكن عند آخره يَرُدُّه
قَطَعتُ شَبيبَتي وأَضَعتُ عُمري
قَطَعتُ شَبيبَتي وأَضَعتُ عُمري / وقد أَتعَبتُ في الهَذَيانِ فكري
وما لي أجرةٌ فيه ولا لي / إذا ما متُّ يوما بَعضُ أجر
قرأتُ النحوَ تبياناً وفَهماً / إلى أن كُعتُ منه وضاق صدري
فما استنبَطتُ منه سوى محال / يُحَال بِه على زَيدٍ وعَمرِو
فكان النصب فيه عليَّ نصباً / وكان الرفَّعُ فيه لغير قدري
وكان الخفضُ فيه جلَّ حَظِّى / وكان الجزم فيه لقطع ذكري
وفي علمِ العَرُوض دخلتُ جَهلا / وعُمتُ بخفَّتي في كلِّ بَحرٍ
فأذكرَني به التفعيلُ بَيتاً / تضمَّنَ نصفَهُ الشَيخُ المَعَرِّى
مُفَاعَلُّن مُفَاعَلَتُن فعُولن / حَديثُ خُرَافةٍ يا أمَّ عَمرو
وكم يومٍ بِبَيعِ اللَّحمِ عندي / يُعَدُّ من البَوَارِ بأَلفِ شَهرِ
ولما أن غَدَا لا بَيعَ فيه / مع الميزان أشبَهَ يَومَ حَشرِ
ودُكَّاني جَهَنَّمُ إذ زُبُونيَّ / زَبَانِيَةٌ بهم تعذيبُ سرِّى
وفيها زَفرَةٌ من غير لَحمِ / وقد وُضِعَت سلاسلُها بنَحري
وقد طال العذابُ عليَّ فيها / لمَا قَدَّمتُ من بَخسِ ووِزرِ
فإن لام الغدول أقول دعني / أنا في ضيعة في وسطِ عُمرِي
وعَمِّي قد غَدَا غَمِّي وأمسَى / يحطُّ ببخلِهِ قدري وقَدرِي
وإِنَّ الشِّعرَ دون عُلاهُ قَدراً / ولا سيَما إذا ما كان شعري
لأني ما قرأتُ لهُ صحاحاً / ولا نحوا على الشيخ ابن بَرِّي
وقد شاركتُ في لُغَةٍ ونحو / بلا علمٍ وشاعَ بذاك ذِكري
وعيشك لستُ أَدري ما طَحَاها / وقد أَقرَرتُ أني لستُ أدري
وذا خبري ولو كشَّفت عني / لصغَّرَهُ بعلم الجهل خُبرى
كأني مثلُ بعض الناس لما / تعلَّم آيتين فصار مُقرِى
وكم قابلتُ تزكيّا بمدحي
وكم قابلتُ تزكيّا بمدحي / فكادَ لما أُحاولُ منه يُخنَق
ويلطُمني إذا ما قُلتُ ألطَن / ويرمقني إذا ما قلتُ بِرَمق
وتسقُطُ حُرمتي أبدا لديهِ / فلو أني عَطشتُ لقال بشمَق
لقد أغنيتني في كلِّ حالِ
لقد أغنيتني في كلِّ حالِ / بما أوليتَ من جاه ومالِ
وقد آمنتني من كلِّ خوفٍ / يُراقبُ من مقامٍ أو مقالِ
فلا الأيام تُضمرِ لي عِناداً / لكوني في ذَراك ولا الليالي
أَصَدرَ الدين دعوةَ مُستَجيرٍ / بحبِّك من مباغضة الرجال
جعلتَ الناسَ حُسَّادي جميعاً / بما أوليتنيهِ من النَّوالِ
وكم في مصرَ عندي من غنى / وفقري لا يمرُّ له ببالِ
يقابلني على مدحي بشكرٍ / فأقنع بالمحال عن المُحَالِ
وبي ضعفٌ مدى الأيام يقوى / على جسمٍ ضعيفٍ كالخلال
وحُمَّى قد غدا كانواُ عندي / بها تَمُّوزَ من غير انتقال
وبي جَرَبٌ إذا أدماهُ حكّى / جرى منه العقيقُ على اللآلي
وقد ماتت حياتي في خمولٍ / تنبَّه لي وقد صَحَّ اعتلالي
ألا قُل للذي يسألُ
ألا قُل للذي يسألُ / عن قومي وعن أهلي
قد تسأَلُ عن قومٍ / كرام الفَرعِ والأصلِ
يُرجِّيهم بنو كَلبٍ / ويخشَاهُم بنو عجلِ
وزيرٌ ما تقلَّدَ قطُّ وزراً
وزيرٌ ما تقلَّدَ قطُّ وزراً / ولا داناهُ في مثوىً أثامُ
وجلُّ فعاله صَاداتُ بِرٍّ / صِلاتٌ أو صَلاةٌ أو صِيَامُ