القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو العَتاهية الكل
المجموع : 67
أَذَلَّ الحِرصُ وَالطَمَعُ الرِقابا
أَذَلَّ الحِرصُ وَالطَمَعُ الرِقابا / وَقَد يَعفو الكَريمُ إِذا اِستَرابا
إِذا اِتَّضَحَ الصَوابُ فَلا تَدَعهُ / فَإِنَّكَ كُلَّما ذُقتَ الصَوابا
وَجَدتَ لَهُ عَلى اللَهَواتِ بَرداً / كَبَردِ الماءِ حينَ صَفا وَطابا
وَلَيسَ بِحاكِمٍ مَن لا يُبالي / أَأَخطَأَ في الحُكومَةِ أَم أَصابا
وَإِنَّ لِكُلِّ تَلخيصٍ لَوَجهاً / وَإِنَّ لِكُلِّ مَسأَلَةٍ جَوابا
وَإِنَّ لِكُلِّ حادِثَةٍ لَوَقتاً / وَإِنَّ لِكُلِّ ذي عَمَلٍ حِسابا
وَإِنَّ لِكُلِّ مُطَّلَعٍ لَحَدّاً / وَإِنَّ لِكُلِّ ذي عَمَلٍ حِسابا
وَكُلُّ سَلامَةٍ تَعِدُ المَنايا / وَكُلُّ عِمارَةٍ تَعِدُ الخَرابا
وَكُلُّ مُمَلَّكٍ سَيَصيرُ يَوماً / وَما مَلَكَت يَداهُ مَعاً تَبابا
أَبَت طَرَفاتُ كُلِّ قَريرِ عَينٍ / بِها إِلّا اِضطِراباً وَاِنقِلابا
كَأَنَّ مَحاسِنَ الدُنيا سَرابٌ / وَأَيُّ يَدٍ تَناوَلتِ السَرابا
وَإِن تَكُ مُنيَةٌ عَجِلَت بِشَيءٍ / تُسَرُّ بِهِ فَإِنَّ لَها ذَهابا
فَيا عَجَباً تَموتُ وَأَنتَ تَبني / وَتَتَّخِذُ المَصانِعَ وَالقِبابا
أَراكَ وَكُلَّما أَغلَقتَ باباً / مِنَ الدُنيا فَتَحتَ عَلَيكَ بابا
أَلَم تَرَ أَنَّ كُلَّ صَباحِ يَومٍ / يَزيدُكَ مِن مَنِيَّتِكَ اِقتِرابا
وَحَقَّ لِموقِنٍ بِالمَوتِ أَلّا / يُسَوِّغَهُ الطَعامَ وَلا الشَرابا
يُدَبِّرُ ما نَرى مَلِكٌ عَزيزٌ / بِهِ شَهِدَت هَوادِثُهُ وَغابا
أَلَيسَ اللَهُ مِن كُلِّ قَريباً / بَلى مِن حَيثُ ما نودي أَجابا
وَلَم تَرَ سائِلاً لِلَّهِ أَكدى / وَلَم تَرَ راجِياً لِلَّهِ خابا
رَأَيتُ الروحَ جَدبَ العَيشِ لَمّا / عَرَفتُ العَيشَ مَخضاً وَاِحتِلابا
وَلَستَ بِغالِبِ الشَهَواتِ حَتّى / تُعِدَّ لَهُنَّ صَبراً وَاِحتِسابا
فَكُلُّ مُصيبَةٍ عَظُمَت وَجَلَّت / تَخِفُّ إِذا رَجَوتَ لَها ثَوابا
كَبِرنا أَيُّها الأَترابُ حَتّى / كَأَنّا لَم نَكُن حيناً شَبابا
وَكُنّا كَالغُصونِ إِذا تَثَنَّت / مِنَ الرَيحانِ مونِقَةً رِطابا
إِلى كَم طولُ صَبوَتِنا بِدارٍ / رَأَيتُ لَها اِغتِصاباً وَاِستِلابا
أَلا ما لِلكُهولِ وَلِلتَصابي / إِذا ما اِغتَرَّ مُكتَهِلُ تَصابى
فَزِعتُ إِلى خِضابِ الشَيبِ مِنهُ / وَإِنَّ نُصولَهُ فَضَحَ الخِضابا
مَضى عَنّي الشَبابُ بِغَيرِ وُدّي / فَعِندَ اللَهِ أَحتَسِبُ الشَبابا
وَما مِن غايَةٍ إِلّا المَنايا / لِمَن خَلِقَت شَبيبَتُهُ وَشابا
وَما مِنكَ الشَبابُ وَلَستَ مِنهُ / إِذا سَأَلَتكَ لِحيَتُكَ الخِضابا
أَلا لِلَّهِ أَنتَ مَتى تَتوبُ
أَلا لِلَّهِ أَنتَ مَتى تَتوبُ / وَقَد صَبَغَت ذَوائِبَكَ الخُطوبُ
كَأَنَّكَ لَستَ تَعلَمُ أَيُّ حَثٍّ / يَحُثُّ بِكَ الشُروقُ وَلا الغُروبُ
أَلَستَ تَراكَ كُلَّ صَباحِ يَومٍ / تُقابِلُ وَجهَ نائِبَةٌ تَنوبُ
لَعَمرُكَ ما تَهُبُّ الريحُ إِلّا / نَعاكَ مُصَرِّحاً ذاكَ الهُبوبُ
إِلا لِلَّهِ أَنتَ فَتىً وَكَهلاً / تَلوحُ عَلى مَفارِقِهِ الذُنوبُ
هُوَ المَوتُ الَّذي لا بُدَّ مِنهُ / فَلا تَلعَب بِكَ الأَمَلُ الكَذوبُ
وَكَيفَ تُريدُ أَن تُدعى حَكيماً / وَأَنتَ لِكُلِّ ما تَهوى رَكوبُ
وَما تَعمى العُيونُ عَنِ الخَطايا / وَلَكِن إِنَّما تَعمى القُلوبُ
وَتُصبِحُ صاحِكاً ظَهراً لِبَطنٍ / وَتَذكُر ما اِجتَرَمتَ فَلا تَذوبُ
أَلَم تَرَ إِنَّما الدُنيا حُطامٌ / تَوَقَّدُ بَينَنا فيها الحُروبُ
إِذا نافَستَ فيهِ كَساكَ ذُلّاً / وَمَسَّكَ في مُطالِبِهِ اللُغوبُ
أَراكَ تَغيبُ ثُمَّ تَأوبُ يَوماً / وَيوشِكُ أَن تَغيبَ وَلا تَأوبُ
أَتَطلُبُ صاحِباً لا عَيبَ فيهِ / وَأَيُّ الناسِ لَيسَ لَهُ عُيوبُ
رَأَيتُ الناسَ صالِحُهُم قَليلٌ / وَهُم وَاللَهُ مَحمودٌ ضُروبُ
وَلَستُ مُسَمِّياً بَشَراً وَهوباً / وَلَكِنَّ الإِلَهَ هُوَ الوَهوبُ
فَحاشَ لِرَبِّنا عَن كُلِّ نَقصٍ / وَحاشَ لِسائِليهِ أَن يَخيبوا
بَكيتُ عَلى الشَبابِ بِدَمعِ عَيني
بَكيتُ عَلى الشَبابِ بِدَمعِ عَيني / فَلَم يُغنِ البُكاءُ وَلا النَحيبُ
فَيا أَسَفا أَسِفتُ عَلى شَبابِ / نَعاهُ الشَيبُ وَالرَأسُ الخَضيبُ
عَريتُ مِنَ الشَبابِ وَكانَ غَضّاً / كَما يَعرى مِنَ الوَرَقِ القَضيبُ
فَيا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يَوماً / فَأُخبِرُهُ بِما صَنَعَ المَشيبُ
لِدوا لِلمَوتِ وَاِبنوا لِلخَرابِ
لِدوا لِلمَوتِ وَاِبنوا لِلخَرابِ / فَكُلُّكُمُ يَصيرُ إِلى ذَهابِ
لِمَن نَبني وَنَحنُ إِلى تُرابٍ / نَصيرُ كَما خُلِقنا مِن تُرابِ
أَلا يا مَوتُ لَم أَرَ مِنكَ بُدّاً / أَبيتَ فَلا تَحيفُ وَلا تُحابي
كَأَنَّكَ قَد هَجَمتَ عَلى مَشيبي / كَما هَجَمَ المَشيبُ عَلى شَبابي
وَيا دُنيايَ ما لي لا أَراني / أَسومُكِ مَنزِلاً إِلّا نَبا بي
أَلا وَأَراكَ تَبذُلُ يا زَماني / لي الدُنيا وَتَسرِعُ بِاِستِلابي
وَإِنَّكَ يا زَمانُ لَذو صُروفٍ / وَإِنَّكَ يا زَمانُ لَذو اِنقِلابِ
وَمالي لَستُ أَحلُبُ مِنكَ شَطراً / فَأَحمَدَ غِبَّ عاقِبَةِ الحِلابِ
وَمالي لا أُلِحُّ عَلَيكَ إِلّا / بَعَثتَ الهَمَّ لي مِن كُلِّ بابِ
أَراكَ وَإِن طُلِبتَ بِكُلِّ وَجهٍ / كَحُلمِ النَومِ أَو ظِلَّ السَحابِ
أَوِ الأَمسِ الَّذي وَلّى ذَهاباً / فَلَيسَ يَعودُ أَو لَمعِ السَرابِ
وَهَذا الخَلقُ مِنكَ عَلى وَفازٍ / وَأَرجُلُهُم جَميعاً في الرِكابِ
وَمَوعِدُ كُلِّ ذي عَمَلٍ وَسَعيٍ / بِما أَسدى غَداً دارُ الثَوابِ
تَقَلَّدتُ العِظامَ مِنَ الخَطايا / كَأَنّي قَد أَمِنتُ مِنَ العِقابِ
وَمَهما دَمتُ في الدُنيا حَريصاً / فَإِنّي لا أُوَفَّقُ لِلصَوابِ
سَأَسأَلُ عَن أُمورٍ كُنتُ فيها / فَما عُذري هُناكَ وَما جَوابي
بِأَيِّ حُجَّةٍ أَحتَجُّ يَومَ ال / حِسابِ إِذا ذُعيتُ إِلى الحِسابِ
هُما أَمرانِ يوضِحُ عَنهُما لي / كِتابي حينَ أَنظُرُ في كِتابي
فَإِمّا أَن أُخَلَّدَ في نَعيمٍ / وَإِمّا أَن أُخَلَّدَ في عَذابِ
نَسيتُ المَوتَ فيما قَد نَسيتُ
نَسيتُ المَوتَ فيما قَد نَسيتُ / كَأَنّي لا أَرى أَحَداً يَموتُ
أَلَيسَ المَوتُ غايَةَ كُلِّ حَيٍّ / فَما لي لا أُبادِرُ ما يَفوتُ
كَأَنَّكَ في أُهَيلِكَ قَد أُتيتا
كَأَنَّكَ في أُهَيلِكَ قَد أُتيتا / وَفي الجيرانِ وَيحَكَ قَد نُعيتا
كَأَنَّكَ كُنتَ بَينَهُم غَريباً / بِكَأسِ المَوتِ صِرفاً قَد سَقيتا
أَصبَحتِ المَساكِنُ مِنكَ قَفراً / كَأَنَّكَ لَم تَكُن فيها غَنيتا
كَأَنَّكَ وَالحُتوفُ لَها سِهامٌ / مُفَوَّقَةٌ بِسَهمِكَ قَد رُميتا
وَإِنَّكَ إِذ خُلِقتَ خُلِقتَ فَرداً / إِلى أَجَلٍ تُجيبُ إِذا دُعيتا
إِلى أَجَلٍ تُعَدُّ لَكَ اللَيالي / إِذا وَفَّيتَ عِدَّتَها فَنيتا
وَكُلُّ فَتىً تُغافِصُهُ المَنايا / وَيُبليهِ الزَمانُ كَما بَليتا
فَكَم مِن موجَعٍ يَبكيكَ شَجواً / وَمَسرورِ الفُؤادِ بِما لَقيتا
تَمَسَّك بِالتُقى حَتّى تَموتا
تَمَسَّك بِالتُقى حَتّى تَموتا / وَلا تَدَعِ الكَلامَ أَوِ السُكوتا
وَقُل حَسَناً وَأَمسِك عَن قَبيحِ / وَلا تَنفَكَّ عَن سوءٍ صَموتا
لَكَ الدُنيا بِأَجمَعِها كَمالاً / إِذا عوفيتَ ثُمَّ أَصَبتَ قوتا
إِذا لَم تَحتَفِظ بِالشَيءِ يَوماً / فَلا تَأمَن عَلَيهِ أَن يَفوتا
يُعَلِّلُني الطَبيبُ إِلى قَضاءٍ / فَإِمّا أَن أُعافى أَو أَموتا
سَقى اللَهُ القُبورَ وَساكِنيها / مَحَلّاً أَصبَحوا فيها خُفوتا
أُؤَمِّلُ أَن أَخَلَّدَ وَالمَنايا
أُؤَمِّلُ أَن أَخَلَّدَ وَالمَنايا / يَثِبنَ عَلَيَّ مِن كُلِّ النَواحي
وَما أَدري إِذا أَمسَيتُ حَيّاً / لَعَلّي لا أَعيشُ إِلى الصَباحِ
طَلَبتُ المُستَقَرَّ بِكُلِّ أَرضٍ
طَلَبتُ المُستَقَرَّ بِكُلِّ أَرضٍ / فَلَم أَرَ لي بِأَرضٍ مُستَقَرّا
أَطَعتُ مَطامِعي فَاِستَعبَدَتني / وَلَو أَنّي قَنِعتُ لَكُنتُ حُرّا
أَلا يا نَفسُ ما أَرجو بِدارِ
أَلا يا نَفسُ ما أَرجو بِدارِ / أَرى مَن حَلَّها قَلِقَ القَرارِ
بِدارِ إِنَّما اللَذّاتُ فيها / مُعَلَّقَةٌ بِأَيّامٍ قِصارِ
نَرى الأَموالَ أَرباباً عَلَينا / وَما هِيَ بَينَنا إِلّا عِوارِ
كَأَنّي قَد أَخَذتُ مِنَ المَنايا / أَماناً في رَواحي وَاِبتِكاري
إِذا ما المَرءُ لَم يَقنَع بِعَيشٍ / تَقَنَّعَ بِالمَذَلَّةِ وَالصِغارِ
لِأَمرٍ ما خُلِقتَ فَما الغُرورُ
لِأَمرٍ ما خُلِقتَ فَما الغُرورُ / لِأَمرٍ ما تُحَثُّ بِكَ الشُهورُ
أَلَستَ تَرى الخُطوبَ لَها رَواحٌ / عَلَيكَ بِصَرفِها وَلَها بُكورُ
أَتَدري ما يَنوبُكَ في اللَيالي / وَمَركَبُكَ الجَموحُ بِكَ العَثورُ
كَأَنَّكَ لا تَرى في كُلِّ وَجهٍ / رَحى الحَدَثانِ دائِرَةً تَدورُ
أَلا تَأتي القُبورَ صَباحَ يَومٍ / فَتَسمَعَ ما تُخَبِّرُكَ القُبورُ
فَإِنَّ سُكونَها حَرَكٌ يُناجي / كَأَنَّ بُطونَ غائِبِها ظُهورُ
فَيالَكَ رَقدَةً في غِبِّ كَأسٍ / لِشارِبِها بَلىً وَلَهُ نُشورُ
لَعَمرُكَ ما يَنالُ الفَضلَ إِلّا / تَقِيُّ القَلبِ مُحتَسِبٌ صَبورُ
أُخَيَّ أَما تَرى دُنياكَ داراً / تَموجُ بِأَهلِها وَلَها بُحورُ
فَلا تَنسَ الوَقارَ إِذا اِستَخَفَّ ال / حِجى حَدَثٌ يَطيشُ لَهُ الوَقورُ
وَرُبَّ مُهَرِّشٍ لَكَ في سُكونٍ / كَأَنَّ لِسانَهُ السَبُعُ العَقورُ
لِبَغيِ الناسِ بَينَهُمُ دَبيبٌ / تَضايَقُ عَن وَساوِسِهِ الصُدورُ
أُعيذُكَ أَن تُسَرَّ بِعَيشِ دارٍ / قَليلاً ما يَدومُ بِها سُرورُ
بِدارٍ ما تَزالُ لِساكِنِيها / تُهَتَّكُ عَن فَضائِحِها السُتورُ
أَلا إِنَّ اليَقينَ عَلَيهِ نورٌ / وَإِنَّ الشَكَّ لَيسَ عَلَيهِ نورُ
وَإِنَّ اللَهَ لا يَبقى سِواهُ / وَإِن تَكُ مُذنِباً فَهُوَ الغَفورُ
وَكَم عايَنتَ مِن مَلِكٍ عَزيزٍ / تَخَلّى الأَهلُ عَنهُ وَهُم حُضورُ
وَكَم عايَنتَ مُستَلِباً عَزيزاً / تَكَشَّفُ عَن حَلائِلِهِ الخُدورُ
وَدُمِّيَتِ الخُدودُ عَلَيهِ لَطماً / وَعُصِّبَتِ المَعاصِمُ وَالنُحورُ
أَلَم تَرَ أَنَّما الدُنيا حُطامٌ / وَأَنَّ جَميعَ ما فيها غُرورُ
أَلا يا أَيُّها البَشَرُ
أَلا يا أَيُّها البَشَرُ / لَكُم في المَوتِ مُعتَبَرُ
لِأَمرٍ ما بَني حَوّا / ءَ ما نُصِبَت لَكُم صَقَرُ
أَلَيسَ المَوتُ غايَتَنا / فَأَينَ الخَوفُ وَالحَذَرُ
رَأَيتُ المَوتَ لا يُبقي / عَلى أَحَدٍ وَلا يَذَرُ
لِحَثِّ تَقارُبِ الآجا / لِ تَجري الشَمسُ وَالقَمَرُ
تَعالى اللَهُ ماذا تَص / نَعُ الأَيّامُ وَالغِيَرُ
وَما يَبقى عَلى الحَدَثا / نِ لا صِغَرٌ وَلا كِبَرُ
وَما يَنفَكُّ نَعشُ جَنا / زَةٍ يَمشي بِهِ نَفَرُ
رَأَيتُ عَساكِرَ المَوتى / فَهاجَ لِعَينِيَ العِبَرُ
مَحَلٌّ ما عَلَيهِم في / هِ أَردِيَةٌ وَلا حُجَرُ
سُقوفُ بُيوتِهِم فيما / هُناكَ الطينُ وَالمَدَرُ
عُراةً رُبَّما غابوا / وَكانوا طالَما حَضَروا
وَكانوا طالَما راحوا / إِلى اللَذّاتِ وَابتَكَروا
فَقَد جَدَّ الرَحيلُ بِهِم / إِلى سَفَرٍ هُوَ السَفَرُ
وَقَد أَضحَوا بِمَنزِلَةٍ / يُرَجَّمُ دونَها الخَبَرُ
وَكانوا طالَما أَشِروا / وَكانوا طالَما بَطِروا
وَقَد خَرِبَت مَنازِلُهُم / فَلا عَينٌ وَلا أَثَرُ
تَفَكَّر أَيُّها المَغرو / رُ قَبلَ تَفوتُكَ الفِكَرُ
فَإِنَّ جَميعَ ما عَظَّم / تَ عِندَ المَوتِ مُحتَقَرُ
وَلا تَغتَرَّ بِالدُنيا / فَإِنَّ جَميعَها غَرَرُ
وَقُل لِذَوي الغُرورِ بِها / رُوَيدَكُمُ أَلا انتَظِروا
فَأَقصى غايَةِ الميعا / دِ فيما بَينَنا الحُفَرُ
كَذاكَ تَصَرُّفُ الأَيّا / مِ فيها الصَفوُ وَالكَدَرُ
نَسيتُ مَنِيَّتي وَخَدَعتُ نَفسي
نَسيتُ مَنِيَّتي وَخَدَعتُ نَفسي / وَطالَ عَلَيَّ تَعميري وَغَرسي
وَكُلُّ ثَمينَةٍ أَصبَحتُ أُغلي / بِها سَتُباعُ مِن بَعدي بِوَكسِ
وَما أَدري وَإِن أَمَّلتُ عُمراً / لَعَلّي حينَ أُصبِحُ لَستُ أُمسي
وَساعَةُ ميتَتي لا بُدَّ مِنها / تُعَجِّلُ نُقلَتي وَتُحِلُّ حَبسي
أَموتُ وَيَكرَهُ الأَحبابُ قُربي / وَتَحضُرُ وَحشَتي وَيغيبُ أُنسي
أَلا يا ساكِنَ البَيتِ المُوَشّى / سَتُسكِنُكَ المَنِيَّةُ بَطنَ رَمسِ
رَأَيتُكَ تَذكُرُ الدُنيا كَثيراً / وَكَثرَةُ ذِكرِها لِلقَلبِ تُقسي
كَأَنَّكَ لا تَرى بِالخَلقِ نَقصاً / وَأَنتَ تَراهُ كُلَّ شُروقِ شَمسِ
وَطالِبِ حاجَةٍ أَعيا وَأَكدى / وَمُدرِكِ حاجَةٍ في لينِ مَسِّ
أَلا وَلَقَلَّ ما تَلقى شَجِيّاً / يَضيعُ صَجاهُ إِلّا بِالتَأَسّي
أَلا لِلمَوتِ كَأسٌ أَيُّ كاسِ
أَلا لِلمَوتِ كَأسٌ أَيُّ كاسِ / وَأَنتَ لِكَأسِهِ لا بُدَّ حاسِ
إِلى كَم وَالمَعادُ إِلى قَريبٍ / تُذَكِّرُ بِالمِعادِ وَأَنتَ ناسِ
وَكَم مِن عِبرَةٍ أَصبَحتَ فيها / يَلينُ لَها الحَديدُ وَأَنتَ قاسِ
بِأَيِّ قُوىً تَظُنُّكَ لَيسَ تَبلى / وَقَد بَلِيَت عَلى الزَمَنِ الرَواسي
وَما كُلُّ الظُنونِ تَكونُ حَقّا / وَلا كُلُّ الصَوابِ عَلى القِياسِ
وَكُلُّ مَخيلَةٍ رُفِعَت لِعَينٍ / لَها وَجهانِ مِن طَمَعٍ وَياسِ
وَفي حُسنِ السَريرَةِ كُلُّ أُنسٍ / وَفي خُبثِ السَريرَةِ كُلُّ باسِ
وَلَم يَكُ مُضمِرٌ حَسَداً وَبَغياً / لِيَنجُوَ مِنهُما رَأساً بِراسِ
وَما شَيءٌ بِأَخلَقَ أَن تَراهُ / قَليلاً مِن أَخي ثِقَةٍ مُؤاسِ
وَما تَنفَكُّ مِن دُوَلٍ تَراها / تَنَقَّلُ مِن أُناسٍ في أُناسِ
لِطائِرِ كُلَّ حادِثَةٍ وُقوعُ
لِطائِرِ كُلَّ حادِثَةٍ وُقوعُ / وَلِلدُنيا بِصاحِبِها وَلوعُ
تُريدُ الأَمنَ في دارِ البَلايا / وَما تَنفَكُّ مِن حَدَثٍ يَروعُ
وَقَد يَسلو المَصائِبَ مَن تَعَزّى / وَقَد يَزدادُ في الحُزنِ الجَزوعُ
هِيَ الآجالُ وَالأَقدارُ تَجري / بِقَدرِ الدَرَّ تُحتَلَبُ الضُروعُ
هِيَ الأَعراقُ بِالأَخلاقِ تَنمي / بِقَدرِ أُصولِها تَزكو الفُروعُ
هِيَ الأَيّامُ تَحصِدُ كُلَّ زَرعٍ / لِيَومِ حِصادِها زُرِعَ الزُروعُ
تَشَهّى النَفسُ وَالشَهَواتُ تَنمي / فَلَيسَ لِقَلبِ صاحِبِها خُشوعُ
وَما تَنفَكُّ دائِرَةً بِخَطبٍ / وَما يَنفَكُّ جَمّاعٌ مَنوعُ
مُعَلَّقَةً بِثُغرَتِهِ المَنايا / وَفَوقَ جَبينِهِ الأَجَلُ الخَدوعُ
رَأَيتُ المَرءَ مُغتَرِماً يُسامي / وَرائِحَةُ البِلى مِنهُ تَضوعُ
عَجِبتُ لِمَن يَموتُ وَلَيسَ يَبكي / عَجِبتُ لِمَن تَجِفُّ لَهُ دُموعُ
أَلَم تَرَ أَنَّ لِلأَيّامِ وَقعا
أَلَم تَرَ أَنَّ لِلأَيّامِ وَقعا / وَأَنَّ لِوَقعِها عَقراً وَجَدعا
وَأَنَّ الحادِثاتِ إِذا تَوالَت / جَذَبنَ بِقُوَّةٍ وَصَرَعنَ صَرعا
أَلَم تَعلَم بِأَنَّكَ يا أَخانا / طُبِعتَ عَلى البَلى وَالنَقصِ طَبعا
وَأَنَّ خُطا الزَمانِ مُواصِلاتٌ / وَأَنَّ لِكُلِّ ما واصَلنَ قَطعا
إِذا اِنقَلَبَ الزَمانُ أَذَلَّ عِزّا / وَأَخلَقَ جِدَّةً وَأَبادَ جَمعا
أَراكَ تُدافِعُ الأَيّامَ يَوماً / فَيَوماً بِالمُنى دَفعاً فَدَفعا
أُخَيَّ إِذا الجَديدانِ اِستَدارا / أَرَتكَ يَداهُما حَصداً وَزَرعا
إِذا كَرَّ الزَمانُ بِناطِحَيهِ / فَإِنَّ لِكَرِّهِ خَفضاً وَرَفعا
وَلَستَ الدَهرَ مُتَّسِعاً لِفَضلِ / إِذا ما ضِقتَ بِالإِنصافِ ذَرعا
إِذا ما المَرءُ لَم يَنفَعكَ حَيّاً / فَلَو قَد ماتَ كانَ أَقَلَّ نَفعا
سَكِرتَ بِإِمرَةِ السُلطانِ جِدّاً
سَكِرتَ بِإِمرَةِ السُلطانِ جِدّاً / فَلَم تَعرِف عَدُوُّكَ مِن صَديقِك
رُوَيدَكَ في طَريقٍ سِرتُ فيها / فَإِنَّ الحادِثاتِ عَلى طَريقِك
خُذِ الدُنيا بِأَيسَرِها عَلَيكا
خُذِ الدُنيا بِأَيسَرِها عَلَيكا / وَمِل عَنها إِذا قَصَدَت إِلَيكا
فَإِنَّ جَميعَ ما خُوِّلتَ مِنها / سَتَنفُضُهُ جَميعاً مِن يَدَيكا
كَأَن قَد عَجَّلَ الأَقوامُ غَسلَك
كَأَن قَد عَجَّلَ الأَقوامُ غَسلَك / وَقامَ الناسُ يَبتَدِرونَ حَملَك
وَنُجِّدَ بِالثَرى لَكَ بَيتُ هَجرٍ / وَأَسرَعَتِ الأَكُفُّ إِلَيهِ نَقلَك
وَأَسلَمَكَ اِبنُ عَمِّكَ فيهِ فَرداً / وَأَرسَلَ مِن يَدَيهِ أَخوكَ حَبلَك
وَحاوَلَتِ القُلوبُ سِواكَ ذِكراً / أَنِسنَ بِوَصلِهِ وَنَسينَ وَصلَك
وَصارَ الوارِثونَ وَأَنتَ صِفرٌ / مِنَ الدُنيا لِمالِكَ مِنكَ أَملَك
إِذا لَم تَتَّخِذ لِلمَوتِ زاداً / وَلَم تَجعَل بِذِكرِ المَوتِ شُغلَك
فَقَد ضَيَّعتَ حَظَّكَ يَومَ تُدعى / وَأَصلَكَ حينَ تَنسُبُهُ وَفَضلَك
أَراكَ تَغُرُّكَ الشَهَواتُ قِدماً / وَكَم قَد غَرَّتِ الشَهَواتِ مِثلَك
أَما وَلَتَذهَبَنَّ بِكَ المَنايا / كَما ذَهَبَت بِمَن قَد كانَ قَبلَك
بَخِلتُ بِما مَلَكتَ فَقِف رُوَيداً / كَأَنَّكَ قَد وَهَبتَ فَلَم يَجُز لَك
كَأَنَّكَ عَن قَريبٍ بِالمَنايا / وَقَد شَتَّتنَ بَعدَ الجَمعِ شَملَك
أَلا لِلَّهِ أَنتَ مَحَلُّ عِلمٍ / رَأَيتَ العِلمَ لَيسَ يَكُفُّ جَهلَك
أَلا لِلَّهِ أَنتَ حَسَبتَ فِعلي / عَلَيَّ فَعِبتَهُ وَنَسيتَ فِعلَك
أَلا لِلَّهِ أَنتَ دَعِ التَمَنّي / وَلا تَأمَن عَواقِبَهُ فَتَهلَك
وَخُذ في عَذلِ نَفسِكَ كُلَّ يَومٍ / لَعَلَّ النَفسَ تَقبَلُ مِنكَ عَذلَك
أَلَم تَرَ جِدَّةَ الأَيّامِ تَبلى / وَأَنَّ الحادِثاتِ يُرِدنَ قَتلَك
أَلا فَاِخرُج مِنَ الدُنيا مُخِفّاً / وَقَدِّم عَنكَ بَينَ يَدَيكَ ثِقلَك
رَأَيتُ المَوتَ مَسلَكَ كُلِّ حَيٍّ / وَلَم أَرَ دونَهُ لِلحَيِّ مَسلَك
كَأَنَّ يَقينَنا بِالمَوتِ شَكٌّ
كَأَنَّ يَقينَنا بِالمَوتِ شَكٌّ / وَما عَقلٌ عَلى الشَهَواتِ يَزكو
نَرى الشَهَواتِ غالِبَةً عَلَينا / وَعِندَ المُتَّقينَ لَهُنَّ تَركُ
لَهَونا وَالحَوادِثُ واثِباتٌ / لَهُنَّ بِمَن قَصَدنَ إِلَيهِ فَتكُ
وَفي الأَجداثِ مِن أَهلِ المَلاهي / رَهائِنُ ما تَفوتُ وَلا تُفَكُّ
وَلِلدُنيا عِداتٌ بِالتَمَنّي / وَكُلُّ عِداتِها كَذِبٌ وَإِفكٌ
وَما مُلكٌ لِذي مُلكٍ بِباقٍ / وَهَل يَبقى عَلى الحَدَثانِ مُلكُ
أَلا إِنَّ العِبادَ غَداً رَميمٌ / وَإِنَّ الأَرضَ بَعدَهُمُ تُدَكُّ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025