المجموع : 3
دعا فأجابه الدمع العصيُّ
دعا فأجابه الدمع العصيُّ / غداة سرت بمن يهوى المطيّ
وبان الصبر عنه والتأسي / فبان بدمعه السر الخفيّ
أخو سقم براه الشوق حتى / ألبّ بقلبه الداء الدويّ
غدا غرضا لسهم البين حتى / رمته من رزاياه قسيّ
ومعتدل يجور على ضعيف / ولا عدل إذا جار القويّ
ويأنفُ أن أكون له محبّا / ويغضب جاهدا وأنا رضيّ
سطا وسلاحه قدّر شيق / بصول به وطرف با يليّ
فذاك القدّ أسمر سمهريّ / وذاك اللحظ أبيض مشرفيّ
جنى طرفي فعذّب بالتجني / فؤادي وهو من جرم عريّ
لئن خان العهود وصدّ تيها / فقلبي في محبّته وفيّ
ومما زاد بثي واكتئابي / مطوقة لها قلب شجيّ
إذ أناحت على عند بات بان / تبين سرّ دمعيَ الخفيّ
وهل يطيع ذو البث اكتتاما / وشى بغرامه جمر ذكيّ
سقاه الحب كأس الحب صرفاً / ففي أحشائه لهواهُ ريّ
وكيف يروم وصلا واقترابا / محبّ حبه النائي القصيّ
له من حر لوعته رقيب / ومن زفراته واش غريّ
ألا يا جيرة الحدباء قلبي / بودّكم وإن تناؤوا مليّ
لئن فارقتكم كرها فقلبي / لكم طوع بحبّكم حفيّ
وما فارقت قومي إن رآني / بعين رضىً أبو حسن عليّ
مليكٌ وعرّت سهل المعالي / يداه فجود راحته الأتيّ
به غفرت إساآت الليالي / وراح يجيدها منه حليّ
وأثل مجده حتى تساوى ال / عليم بما يشيد والغبيّ
ردى وندى بكفيه فهذا / لشانيه وفاز بذا الوليّ
فكلّ أريحي يوم سلمٍ / وقلب في الكريهة اصمعيّ
جلا صدأ المماليك باعتزامٍ / له في كل فادحة مضيّ
فقوك فيصل ونهىً تناهى / لغايته ورأي لوذعي
على دقّت عن الأفهام حتى آس / توى منها المبلّد والذكيّ
إذا ما الحرب جاشت جانباها / فمنه لأهلها الموت الوحيّ
وإن صلّ المهنّد في يديه / بها صلى لهيبته الكميّ
حمى وهمى بجود وانتقام / فوجه الدين والدنيا بهيّ
فعزّ الدين وهوله ولي / كعزّ الأرض وهو لها وليّ
تؤثّل مجدهُ جردُ المذاكي / غداة الروع لا النشر الذكيّ
أيا ملكا مطاولهُ قصيرٌ / ويا سيفا مضاربه عييّ
لقد طابت فروعك في المعالي / وشاهد طيبها الأصل الزكيّ
إليك ترحّلي وبك اعتلاقي / وبابك مقصدي الرحب الدنيّ
فإن أظفر بما أمّلت منكم / جلا وجه الدنا فضلي الجليّ
فقلّدني مهمّا واتخذني / صفيّا إنني نعم الصفيّ
وكان الدهر قبلك بي جموحا / فعاودوا هولي طوع رحيّ
قتاب الخطب عني اليوم ناب / وسوء الدهر في حقي سويّ
تهنّ بعندة العيد المهنّى / بمجدك إذ له الخطّ الوفيّ
فلا عدمت مغانيك التهاني / ودام لمجدكَ الجدّ العليّ
وداعاً أيّها القلبُ الحزينُ
وداعاً أيّها القلبُ الحزينُ / وصبراً كل مقضيّ يكون
ولا تجزع إذا فارقت إلفا / نأى وأبانه الزمن الخؤون
سيبدلك اجتماعا بعد بي / فعقبى كل تحريك سكون
جمال الدين إن تبعد فنومي / حكاك فليس تعرفه الجفون
فنار البين تضرم في فؤادي / ودمعي تستهلّ به الشؤون
وددت فراق روحي عن فراقي / لشخصك كان إذ روحي تهون
خلوت وقد رحلت من العطايا / فدهري ليس لي منه مُعين
واضحت أربع الجدباء قفرا / من العلياء فالأيام جون
ومن لم يبك بعدك لاسقاه / من النعماء مدراء هتون
ولو إني استطعت صحبت سعيا / ركابك إنّني بكم قمين
عمرت بجود كفّك في فؤادي / وداداً لا تغيّرهُ الشؤون
وأرغمت الأعادي بالعطايا / فشكري عند جودكم رهين
فما أرجو سواك ومن أرجي / وكل فتى بما يحوي ضنين
ورأفيك في ملمات الرزايا / إذا ما أعضلت رأيٌ رصين
فما لك مشبه والخلق كلّ / لكلّ منهم أبدا قرينُ
ومن يأتي بأجدادٍ كرامٍ / وجدّك أحمد الثقة الأمين
هدى للحقّ هذا الخلق طرّا / نبيّ اللّه والسر المصون
وحيدر والبتول الطهر حقّا / هما أبواك والنبأ المبين
نجوت بهم ففي الأولى ملاذ / وفي الأخرى همُ السبب المتين
ومن يفخر بفوة في البرايا / فخرت وعند همّتك الفنونُ
ولم تسمع بمثلكم البرايا / ولم تنظر شبيهكمُ العيونُ
ومن ذا يستطيع لكم مديحا / إذا ذكرته ياسينُ دنونُ
جمال الدين إن حاولت شيئاً / من الأشياء فاطلبه يكون
وأنّى أمّ عزمكم مكانا / فسهل الأرض دونك والحزون
كأنّ لكم على الأقدار حكما / مطاعا أو لكم منها يمين
أقام نداك سوقا للمعالي / وأنباء الزمان له زبون
ولولا جود كفّك لم تصدّق / من العافين في الدنيا ظنون
أودعكم وأودعكم فؤاداً / لودّك لا يضيع ولا يخون
وقال الله حادثة الليالي / ولا برحت لك الدنيا تعين
فلم يأت الزمان لكم بمثلٍ / ولا يأتي به من بعد حينُ
هناءً أيها الملك السعيد
هناءً أيها الملك السعيد / توافت في إرادتك السعود
تجدّد منك أثواب المعالي / ومجدك بن مناقبه جديد
لكم من كل مكرمة طريق / وفيكم كل معروف تليد
فإعدام الفتى عدم حقيق / وجودكم لمن يعفو وجود
أأحمد إن حمدت بكل قول / ففعلك بالذي تولي حميد
بنيت على على الجوزاء حقا / له يعنو بناظره الحسود
ومن ذا يستطيع لكم مراما / إلى العليا وشأوكم بعيد
وما يحوي المدائح فيك شعر / ولا يحصي منافيك العديد
ولو جاز الخلود لنفس حي / من الدنيا لحقّ لك الخلود
وإني عبد عبدك غير شك / وكل الناس لي طرّا عبيد
وقلبي قد أحطت به اختباراً / بودٍّ لا يكدّره الصدود
أبا أسد الدنا والدين طرّاً / ومَن دانت لهيبته الأسود
إلى جدوال أضحى الناس صورا / وشخصك قبلتي ولك السجود
ولما جاء من غيري قصيد / وما وافى لكم مني قصيد
نظمت من البديهة سمط در / ولم يصلح له إلاك جبد
ولما كنت في شعري مجيدا / أنصّ لمدحني ملك مجيد
وما ألم ألم بكم فعادت / له الأيام وهي لذاك سود
ويا فرح الأنام له بعيد / ولكن السلامة منك عيد
هنيئا للبرية منك ملك / فريد جوده أبدا فريد
إذا انطقت معاليه بوصفٍ / ومكرمة له خرسَ الوفود
وإن بدأت يمين يديه جودا / فإن شماله حقا تعيد
فلا زالت عطاياكم سجاما / سجاياكم أبدا شهود
ودمت موفّقا في كل أمر / فأنت بكل ما تأتي حميد