المجموع : 148
أُحبُّ المِهْرَجانَ لأنَّ فيهِ
أُحبُّ المِهْرَجانَ لأنَّ فيهِ / سروراً للملوكِ ذوي السَناءِ
وباباً للمصير إلى أوانٍ / تُفتَّح فيه أبوابُ السماءِ
أُشبِّههُ إذا أَفضَى حميداً / بإفضاءِ المَصيفِ إلى الشتاءِ
رجاءَ مؤمِّليكَ إذا تناهَى / بهم بعد البلاءِ إلى الرخاءِ
فَمَهرِجْ فيه تحت ظلال عيشٍ / ممدَّدةٍ على عيشٍ فضاءِ
أخا نِعَمٍ تتمُّ بلا فناءٍ / إذا كان التمامُ أخا الفناءِ
يزيدُ اللَّه فيها كلَّ يومٍ / فلا تنفكُّ دائمةَ النَّماءِ
ويُصْحبُك الإلهُ على الأَعادي / مساعدةَ المَقادرِ والقضاءِ
شهدتُ لقد لهوتَ وأنت عفُّ / مصونُ الدِّين مبذولُ العطاءِ
تَغَنَّتك القيانُ فما تغنَّتْ / سوى محمولِ مدحِك من غِناءِ
وأحسَنُ ما تغنّاك المغنِّي / غناءٌ صاغَهُ لك من ثناءِ
كَمُلْتَ فلستُ أسألُ فيك شيئاً / يَزيدُكَهُ المَليكُ سوى البقاءِ
وبعدُ فإنّ عذري في قصوري / عن الباب المحجَّب ذي البهاءِ
حدوثُ حوادثٍ منها حريقٌ / تَحيَّف ما جمعت من الثراءِ
فلم أسألْ له خَلَفاً ولكنْ / دعوتُ اللَّه مجتهدَ الدعاءِ
ليجعَلَه فداءَك إنْ رآه / فداءك أيها الغالي الفداءِ
وأما قبلَ ذاك فلم يكن لي / قَرارٌ في الصباح ولا المساءِ
أعاني ضيعةً ما زلتُ منها / بِحمدِ اللَّه قِدْماً في عناءِ
فرأيَك مُنعِماً بالصفحِ عنِّي / فما لي غيرَ صفحِك من عَزاءِ
ولا تعتب عليَّ فداك أهلي / فتُضعِفَ ما لقيتُ من البلاءِ
ألم تَرَ لابن بلبلَ إذ حماني
ألم تَرَ لابن بلبلَ إذ حماني / مَواردَهُ وأَوْرادِي ظِماءُ
سألت الأرضَ تنكيراً عليه / فلم تفعلْ فنكَّرتِ السماءُ
وصاعدُ ما تَصعَّدَ بل تَهَاوَى / ولكنْ جادَ ما صَعِد الدعاءُ
رعى هذا الأنامَ فكان ذئباً / أحصَّ وما الذئابُ وما الرِّعاءُ
إذا ما المدح سار بلا ثواب
إذا ما المدح سار بلا ثواب / من الممدوح فهو لهُ هجاءُ
لأن الناس لا يخفى عليهم / أمنعٌ كان منهُ أم عطاءُ
مُخفَّفةٌ مُثَقَّلةٌ تراها
مُخفَّفةٌ مُثَقَّلةٌ تراها / كأنْ لم يَغْذُ نِصْفَيها غِذاءُ
إذا الإغبابُ جَدَّد حسنَ شيءٍ / من الأشياءِ جَدَّدها اللقاءُ
لها ريقٌ تَشِفُّ له الثنايا / وتَروِي عنه لا مِنه الظِّماءُ
وأنفاسٌ كأنفاسِ الخُزامَى / قبيلَ الصبحِ بَلَّتها السماءُ
تنفّسَ نشرُها سحَراً فجاءت / به سَحَريّةُ المَسْرَى رُخاءُ
يقول القائلون ضَويتَ جِدّاً
يقول القائلون ضَويتَ جِدّاً / ولم تُنْضِجْكَ أرحامُ النِّساءِ
ومن إنضاجها إياي أعْرت / عظامي من لحومِهمُ الوِطاءِ
إذا ما كنتُ ذا عودٍ صليب / فيكفيني القليلُ من اللِّحاءِ
رأيتُك لا تَلَذُّ لطعمِ شيءٍ
رأيتُك لا تَلَذُّ لطعمِ شيءٍ / تَطعَّمُهُ سوى طعمِ العطاءِ
وما أُهدي إليك من امتياحي / أحبَّ إليك مِن حُسْن الثناءِ
فما لي عند تحكيكي مديحي / أُجشِّمُ خاطري ثقل العناءِ
ولكني أُلقِّي العُرْفَ عُرْفاً / وإن كنت الغنيَّ عن الجزاءِ
عَذَرْنَا النَّخل في إبداء شوكٍ
عَذَرْنَا النَّخل في إبداء شوكٍ / يذودُ به الأناملَ عن جناهُ
فما للعَوْسج الملعون أبدى / لنا شوكاً بلا ثمرٍ نراهُ
تُراه ظنَّ فيه جَنىً كريماً / فأظهر عُدَّةً تحمي حماهُ
فلا يتسلَّحنَّ لدفع كفٍّ / كَفاه لُؤْمُ مَجناه كفاهُ
طويتَ بسيطَ آمالي برفدٍ
طويتَ بسيطَ آمالي برفدٍ / كفاني أنْ أُؤمِّلَ ما سواهُ
أقولُ وقد طويتُ به رجائي / ليطوِ كذا رجائي مَنْ طواهُ
وذي وُدٍّ تَغيَّظ إذ جفاني
وذي وُدٍّ تَغيَّظ إذ جفاني / أبو حفصٍ فقلت له فداهُ
ألم ترني وقفتُ عليه عِرضي / وأمكَنني بذلك من قَفاهُ
فلستُ الدهرَ هاجِيَهُ حياتي / ولكنِّي سأهجو مَنْ هجاهُ
إذا كافأتُهُ سُوءاً بسوءٍ / فمن لِيدي ونُزهتِها سِواهُ
أبيتُم أن تُفيدوا شكرَ مثلي
أبيتُم أن تُفيدوا شكرَ مثلي / بل اللَّهُ الذي خلق الإباءَ
رآني اللَّه أرفعَ من جَداكم / وأنَّى تُمْطِر الأرضُ والسماءَ
رأيتُ أذاكُمُ وإنِ اعتزلتُم
رأيتُ أذاكُمُ وإنِ اعتزلتُم / جَنوباً تستديرُ على ذُراها
فأما لؤْمكُمْ عن كل خيرٍ / فعينُ الفَهْد لا تَقضِي كَراها
لَنعمَ اليومُ يومُ السبت حقاً
لَنعمَ اليومُ يومُ السبت حقاً / لصيدٍ إن أردت بلا امتراءِ
وفي الأحدِ البناءُ فإن فيه / بدا الرحمنُ في خلق السماءِ
وفي الإثنين إن سافرت فيه / تَنبأ بالنجاح وبالنجاءِ
وإن رمت الحجامة فالثلاثا / فذاك اليوم مهراقُ الدماءِ
وإن رام امرؤٌ يوماً دواءً / فنعم اليومُ يوم الأربعاءِ
وفي يومِ الخميسِ قضاء خيرٍ / ففيه الله يأذن بالقضاءِ
ويوم الجمعة التنعيمُ فيه / وتزويج الرجالِ مع النساءِ
طلابُكَ للحظوظِ من العناءِ
طلابُكَ للحظوظِ من العناءِ / فدعْها للسفاهةِ والجِباءِ
وكِدْ دُنْياكَ ما بُقِّيتَ فيها / بصافيةٍ أرقَّ من الهواءِ
ولا تُتْبِع حُمَيَّاً الكأس نُقْلاً / سوى أعراضِ أولادِ الزناءِ
أبا حسنٍ وأنت فتىً أديبُ
أبا حسنٍ وأنت فتىً أديبُ / له في كل مَكْرُمَةٍ نصيبُ
أترضى أن تكونَ من المعالي / بمَدْعَى مُستغاثٍ لا يُجيبُ
أسأتَ فهل تنيب إليَّ أم لا / فها أنا ذو الإساءة والمنيبُ
لقد ولدتك آباءٌ كرامٌ / من الآباء ليس لهم ضَريبُ
فلا تَخْلُفْهُمُ في أمر مثلي / خِلافةَ من أُطيبَ وما يَطيبُ
أحالَ المُنجِبون عليك أمري / فلم يَقْبل حَوَالتهم نجيبُ
وقلتَ وَرِثْتُ مجدَهُمُ فحسبي / بإرثِهمُ وذلك ما أعيبُ
ألا إنَّ الحسيبَ لَغيرُ حيٍّ / غدا وعمادُهُ مَيْتٌ حسيبُ
أترضى أن يقولَ لكَ المُرجِّي / لأَنت المرءُ راجيه يخيبُ
رضيتَ إذاً بما لا يرتضيهِ / من القومِ الكريمُ ولا اللبيبُ
أتأمنُ أن تُواقِعك القوافي / ويومُ وِقاعِها يوم عصيبُ
أَبنْ لي ما الذي تَأوِي إليه / إذا ما القَذْعُ صَدَّره النسيبُ
أمعتصِمٌ بأنك ذو صِحابٍ / من الشعراء نصرُهُمُ قريبُ
وما تُجدي عليك ليوثٌ غابٍ / بنُصرتها إذا دمَّاك ذيبُ
تَوقِّي الداء خيرٌ من تَصَدٍّ / لأيسرِهِ وإن قَرُبَ الطبيبُ
أذلكَ أم تُدِلُّ بعزِّ قومٍ / قد انقرضوا فما منهم عَريبُ
ألا نادِ البرامكة انصروني / على الشعراء وانظر هل مُجيبُ
وكيف يُجيبك الشخص المُوارى / وكيف يُعزُّك الخدُّ التريبُ
ولو نُشروا لما نصروا وقالوا / أرَبْتَ فكان حقُّك ما يُريبُ
أتدعونا إلى حَرْب القوافي / لِتَحرُبَنا السلامةَ يا حريبُ
ألم تَرَ بذلَنا المعروفَ قِدْماً / مخافةَ أن يقومَ بنا خطيبُ
أذَلْنا دون ذلك كل عِلْقٍ / ومُلْتمِسُ السلامة لا يخيبُ
عليك ببذل عُرفك فاستجرْهُ / كذلك يفعل الرجل الأريبُ
وَقَتْكَ يدُ الإله أبا عليٍّ
وَقَتْكَ يدُ الإله أبا عليٍّ / ولا جَنحتْ بساحتك الخطوبُ
وزُحزحَتِ المكارهُ عنك طُرّاً / ونُفِّسَتِ الشدائدُ والكروبُ
شَرِكتك في البلاء المرِّ حتى / لكاد القلب من ألمٍ يذوبُ
ولم أمنُنْ بذاك وكيف مَنِّي / على من عُرفه عندي ضُروبُ
ولكني شكوتُ إليك شكوَى / أخي كُرَبٍ تضيق بها الجُنُوبُ
وكيف الصبرُ والقاضي وقيذ / أبَى لي ذلك الجزعُ الغَلُوبُ
تَطَرَّقتِ النوائبُ منه شخصاً / بعيداً أن تَطَرَّقَهُ العيوبُ
ولكنْ في دفاع اللَّه كافٍ / وإن شُبَّتْ لنائرةٍ حروبُ
وفي المعروف واقيةٌ لشاكٍ / وللسراء غائبةٌ تؤوبُ
وقد يُخْفِي ضياءَ الشمسِ دَجْنٌ / تزول ولم يَحُنْ منها غروبُ
فقل للحاكم العدلِ القضايا / فِداه من يجور ومن يحوبُ
أبا إسحاق مُحِّقَتِ الخطايا / بما تشكو ومُحِّصَتِ الذنوبُ
ولُقِّيتَ الإقالَةَ من قريبٍ / موقّىً كلَّ نائبةٍ تنوبُ
فإنك ما اعتللتَ بل المعالي / وإنك ما مَرِضْتَ بل القلوبُ
وحقُّك أن تقال فأنت آسٍ / له رِفْق إذا دَمِيَتْ نُدُوبُ
تُصيبُ إذا حكمتَ وإنْ طلبنا / لديك العُرفَ كنت حَياً تَصُوبُ
هنيئاً آلَ حمادٍ هنيئاً / فقد زَكَتِ الشواهدُ والغيوبُ
متى تُوضعْ جُنُوبُكُمُ بشكوٍ / فما فيكم لنازلةٍ هَيُوبُ
وإن تُرفعْ جنوبُكُمُ ببُرءٍ / فما فيكم لفاحشةٍ رَكُوبُ
وليس على صريعِ اللَّه عَتْبٌ / وفيه عن محارمه نُكُوبُ
أُحبّكُمُ وأشكر أنْ صفوتمْ / عليَّ وسائرُ الدنيا مَشوبُ
نسيمي منكُمُ أبداً شَمَالٌ / وريحي حين أستسقي جَنُوبُ
ولا يُلْفَى بساحتكم شقيٌّ / ولا يُغرى بمدحِكُمُ كذوبُ
سأُثْلِجُ باصطناع العُرف صدري
سأُثْلِجُ باصطناع العُرف صدري / وأُعدِمُ كاهلي ثِقَلَ الذُّنوبِ
وأُحسِنُ لا بحظِّك بل بحظي / ولَلْإحسانُ آنسُ للقلوبِ
إذا ذَكرتْ أياديَها نفوس / أفاقت من مُعالجة الكروبِ
وآمنُ ما يكونُ المرءُ يوماً / إذا لبس الحذارَ من الخطوبِ
أمورٌ أقبلتْ بعد التَّوَلِّي / وشمسٌ أشرقت بعد الغروبِ
ومن يكُ ذُخرُهُ رمحاً وسيفاً / فنصرُ اللَّهِ ذُخرِي للحروبِ
إذا بَرَّكتَ في صومٍ لقومٍ
إذا بَرَّكتَ في صومٍ لقومٍ / دعوتَ لهم بتطويل العذابِ
وما التبريكُ في شَهرٍ طويلٍ / يُطاولُ يومُهُ يوم الحسابِ
فليت الليلَ فيه كان شهراً / ومرَّ نهارُهُ مرَّ السحابِ
فلا أهلاً بمانعِ كُلِّ خيرٍ / وأهلاً بالطعام وبالشرابِ
أسالمُ قد سلمتَ من العيوبِ
أسالمُ قد سلمتَ من العيوبِ / ألا فاسلمْ كذاك من الخطوبِ
وقد حُسِّنتَ أخلاقاً وخَلْقاً / فقد أصبحتَ مصباحَ القلوبِ
مُصدِّقَ كنيةٍ حسناءَ واسمٍ / وكم سمةٍ مكذَّبةٍ كذوبِ
فيا قمراً ينير بلا أفولٍ / ويا شمساً تضيء بلا غروبِ
أغْثني يا أبا حسنٍ أغثني / فأنت المستغاث لدى الكروبِ
أجِرني من نقائصَ قد أضرَّت / بعبدك يا ربيعَ ذوي الجُدوبِ
وما وجهُ استقائي من غديرٍ / وأنت البحرُ ذوالموج الغضوبِ
وأنَّى تستمِدُّ من السواقي / لتُنضبهَا ولستَ بذي نضوبِ
أينقُصُ كاملٌ عُرْفاً أتاه / إلى حُرٍّ وليس بذي ذُنوبِ
أبى النقصانَ فعلُ أخي كمالٍ / يجِلُّ عن المَناقص والعيوبِ
جوادٍ بالتلاد وللمعالي / كسوبٍ أو يزيد على الكسوبِ
أُعيذك أن تخفف من دروعي / فإني من زماني في حروبِ
وما تلك الدروعُ سوى هباتٍ / تجودُ عليَّ من يدِكَ الوَهوبِ
أصونُ بها المَقاتلَ من زمانٍ / على الأحرار عَداَّءٍ وَثوبِ
فلا تُوسِعْ له في جيب درعي / فقد تؤتىَ الحصونُ من النقوبِ
أترضى أن أُراعَ وأنت جارِي / بأشباهِ الغُصوبِ أو الغُصوبِ
وجارك حين يَغْشى الضيمُ جاراً / أَعزُّ من المحلِّقةِ الطَّلوبِ
تُروِّعني النقائص كلَّ شهرٍ / مع التعبِ المبرِّحِ والدّؤوبِ
كأَني حين أذكرهنَّ أُرمَى / بسهمٍ في فؤادي ذي نشوبِ
وحسبي رائعاً أهوالُ بحرٍ / يظل العقلُ منها ذا عُزوبِ
تَسامى فيه أمواجٌ صِعابٌ / كأنَّ زُهاءهنَّ زُهاءُ لُوبِ
أظل إذا اصطفقتُ على ذُراها / أهلِّلُ من محاذرة الرسوبِ
تَلاعبُ بي تلاعبَ ذات جدٍّ / غَواربُ متنِ مِجدادٍ لَعوبِ
أُعيدُ ركوبَهُ صُبحاً ومسْياً / وما هو بالذلولِ ولا الرَّكوبِ
وكم يومٍ أراني الموتَ فيه / جُنونُ الموجِ في هَوَجِ الجنوبِ
وقاني شرَّهُ من بعد يأسٍ / دِفاعُ الله دَفّاعِ الرُّيوبِ
فمن يَطَربْ إذا هبّتْ جنوبٌ / فلستُ لها وعيشك بالطَّروبِ
ولكني لها مذ كنت قالٍ / قِلَى المملوك للوالي الضَّروبِ
ولو حيَّتْ بريَّا الروض أنفي / ولو جاءت بكل حَياً سَكوبِ
إذا سقطت خشيت لها هُبوباً / وإن هبت جَزعتُ من الهبوبِ
ولمْ لا وهْيَ زَلزلةٌ ولكنْ / بركب الماء لا ركبِ السُّهوبِ
وَبَلبلةٌ لأهل البَرِّ تجري / فكلٌّ من أذاها في ضُروبِ
تثيرُ عَجاجةً وتثيرُ حُمَّى / لعذبِ الماء طُرّاً والشَّروبِ
وَتَذْهَبُ بالعقول إذا تداعتْ / أَزاملُ جَوِّها الزَّجِلِ الصَّخوبِ
ويُضحي ما اكتستهُ كلُّ أرضٍ / يميدُ مرنّحاً مَيْد الشُّروبِ
ويُمسي النخل والشَّجراء منها / وجُلُّهما صريعٌ للجُنوبِ
فتلك الرّيحُ ممّا أجتويهِ / وعَلّامِ المشاهدِ والغيوبِ
ومما أشتهيه دُرورُ رزقي / وأن أُعطَاه موفورَ الذَّنوبِ
وأن ألقاهُ يضحك من بعيدٍ / نَقيَّ الصفحتين من الشُّحوبِ
وليس بواجبٍ ما أشتهيهِ / ولكنْ إن تَطَوَّلَ ذو وجوبِ
تسنَّم ظهرَ مَكرُمَةٍ أنيختْ / لتركبها ولا تكُ بالهَيوبِ
وما ينحو بك العافون إلّا / طريقاً لستَ عنه بذي نُكوبِ
عدوُّكَ من صديقك مستفادٌ
عدوُّكَ من صديقك مستفادٌ / فلا تستكثرنَّ من الصِّحابَ
فإن الداءَ أكثرَ ما تراهُ / يحولُ من الطعام أو الشرابِ
إذا انقلبَ الصديقُ غدا عدواً / مُبيناً والأمورُ إلى انقلابِ
ولو كان الكثيرُ يَطيبُ كانتْ / مُصاحبةُ الكثير من الصوابِ
ولكن قلَّ ما استكثرتَ إلّا / سقطتَ على ذئابٍ في ثيابِ
فدعْ عنك الكثير فكم كثيرٍ / يُعافُ وكم قليلٍ مُستطابِ
وما اللُّجَجُ المِلاحُ بمُروياتٍ / وتلقى الرِّيّ في النُّطَفِ العِذابِ
لغيرك لا لكَ التفسيرُ أنَّى
لغيرك لا لكَ التفسيرُ أنَّى / يُفسَّرُ لابن بجدتها الغريبُ
كلامُك ما أُترجِمُ لا كلامي / وإن أصبحتُ لي فيه نصيبُ
أأعرفُهُ ولستُ له نسيباً / وتجهلُهُ وأنتَ له نسيبُ
معاذَ اللَّه ليس يَظُنُّ هذا / من القوم الأديبُ ولا الأريبُ
بلى ترجمتُ عن شعري لقومٍ / فصيحُ الشعر عندهُم جليبُ
عساهم أن يُجيلوا الطرف فيه / فإن سألوا أجابهمُ مجيبُ
وإن ضلوا فمُرشدُهُم قريبٌ / وإن سألوه ألفوه يجيبُ