المجموع : 19
أرى مِليا فتحسبني خَلِيّاً
أرى مِليا فتحسبني خَلِيّاً / وفي قلبي لها حبٌّ قديم
تسارقني التحيةَ بانحناءٍ / وما لي غيرها شيء مروم
كأن قوامها غصن نضيرٌ / تثنى حين قابله نسيم
خطيب الشرق لا تلوى العنانا
خطيب الشرق لا تلوى العنانا / فأنت المرء أوقرهم جنانا
وأمضاهم اذا كتبوا يراعاً / وأذلقهم أذا نطقوا لسانا
لقد دافعت دهراً عن بلاد / قد افتخرت بمدرهها زمانا
وكم رمت العلاء لقوم مصر / وكنت أشد من فيها حنانا
بقلب عاف ارزاء الليالي / كما عاف المذلة والهوانا
وجانبت الامير وأنت تنوي / فعالا لا يكون بها مدانا
وكم من فرقة صعبت فهانت / وكم من طارئ أخنى فهانا
وما دام الفراق لأجل قصد / شريف كان عزاً لا امتهانا
فزدنا مصطفى وازدد ثباتا / يزدك القوم شكراً وامتنانا
مدحتك لا لجائزة ولكن / وجدتك خير من يُهدى البيانا
هدية شاعر ما ظل يطرى / ويمدح فيك أخلاقاً حسانا
فكن للشرق ساعده المرجيّ / تزرك قصائدي آناً فآنا
وقائلة لك البشرى فقومي
وقائلة لك البشرى فقومي / على الاهرام شنوا كل غاره
فقلت وكيف صاحبها فقالت / أهانوه فقلت كفى بشاره
ألا قل للدعاة قفوا قليلاً
ألا قل للدعاة قفوا قليلاً / فليس أخو الجهالة كالخبير
هُمو جمعوا من البهتان حزباً / فبدَّدَ شمله صدق الأمير
بلونا الحب فاخترناه شرعاً
بلونا الحب فاخترناه شرعاً / رغبنا فيه عن دين ودنيا
وما مليا سوى خود خريد / رمتنا بالقلى ظلما وبغيا
وما العشاق الا خير قوم / أطاعوا للهوى أمراً ونهيا
أرقهمُ إذا ذكر التصابي / جميل بثينة ونسيم مليا
تهيبت المنون على ابتعاد
تهيبت المنون على ابتعاد / فكيف بها اذا اقترب البغاة
أفيقوا يا بني الدنيا أفيقوا / ففي هذا القصاص لكم حياة
هو الجاني وما للعدل ذنب
هو الجاني وما للعدل ذنب / ولا لقضاتهِ فيما جناه
أراق على يديه دماً بريئاً / فنال جزاءَ ما كسبت يداه
أبعد المدح ننشدك الرثاء
أبعد المدح ننشدك الرثاء / ويرضى الدهر فيك بان نساء
أنرثى العلم أم كرم السجايا / أم الفضل الغزير أم الاخاء
أنبكي الخير أم نبكي العطايا / أم الود الصريح أم السخاء
أليس من الرزايا ان ننادي / عليك ولا تجيب لنا نداء
ولو خيرتنا من قبل كانت / نفوس الخلق اجمعهم فداء
وسار النعش مثل الروض يزهو / وعين القوم تسقيهِ الدماء
فلو أبصرتهُ أبصرت ركباً / عليهِ الدهر قد خلع البهاء
وصحبك من رحيلك في ذهول / وراء النعش قد ملأُوا الفضاء
لقد كنت الدواء لكل داء / فمالك هجت في الأحشاء داء
أيرجى بعد من أودى شفاءٌ / وقد فقدَ العليلُ بهِ الدواء
نقولا نم بقبرك بين بر / ضمنت بهِ المثوبةَ والجزاء
ولازال الحيا يسقى ضريحاً / دفنا في جوانبهِ العلاء
أخصك بالرثاء ولا أعزى / سوى نفسي اذا طلبت عزاء
فأنت لديَّ مثلُ أخي وإني / لأَعظم من ذوي القربى بلاء
سيدركنا الحمام وبعد حين / نزايلها اقتداءً واقتفاء
وزير العلم رفقاً بالقوافي
وزير العلم رفقاً بالقوافي / فوصفك لا يحيط به ثناءُ
زجرت اليك طير الشعر حتى / يكون لها الى السعد اهتداء
ستفتخر المعارف يوم تعلى / لها شأنا كما افتخر القضاء
فانعم نظرة في حال قوم / اساء الجهل حالهم فساؤا
وفي مصر عقول لو سقتها / يد العرفان كان لها نماء
بها سقم وانت له طبيب / وادواء وانت لها دواء
وكم من أمة قطعت سراها / على جهل فادركها الفناء
وضعنا فيك آمالاً كبارا / يضيق لرحبها هذا الفضاء
فإن حققتها أحييت قوماً / لهم من قبلُ بالعلم ارتقاء
شديد الحزن من هول المصاب
شديد الحزن من هول المصاب / وما دمعي سوى قلب مذاب
وما المحيا سوى أمل ويأس / وما الدنيا سوى دار اكتئاب
وما خبر المنون لدى البرايا / سوى وقع أشدَّ من الحراب
فما للأرض مادت بالرواسي / وما للكون أصبح في اضطراب
وما للعين قد هجرت كراها / وما للنوم بالغ في اجتنابي
عهدت الدمع في عيني نقيا / فكيف أراه يجمل للخضاب
ومن يستعذب الايام حينا / تذقه المرَّ في كأس العذاب
ومن يترك عتاب الدهر يوماً / يجد أن لا مناص من العتاب
فزل يا موت عن عيني بعيداً / فما يرضي الورى لك باقتراب
وعدت الخلق يوم تزور حزنا / ووعدك جاءَ في قول صواب
وشر القول عند الناس وعد / أصاب الصدق في النوب الصعاب
حسبت الملك يحمى مالكيهِ / ولم تكن المنية في الحساب
أمرّ على الجلال فلا أراه / وما عهدي به طول الغياب
وليس من العجيب لدى المنايا / ذكاء تختفي تحت التراب
فديتك ربة الدنيا رويدا / فما لك بعد بينكِ من اياب
وما للملك غيركِ من كفيل / ولا للسيف بعدكِ من ضراب
وكنت البحر في رفد وجود / وليس لغير بحرك من عباب
وقومكُ خير قوم لم يزالوا / ليوث الحرب في قور وغاب
تمشت في جنازتكُ البرايا / بوجه لاشتداد الحزن كاب
وكلٌّ خافض عينيه حزناً / لفقدكِ من بكاء وانتحاب
على سلطانة درجت وكانت / قبيل الموت أمنع من عقاب
عليكِ صلاة ربكِ كل يوم / وما هطلت شآبيب السحاب
لقد غادرت عرشك في جلال / ونضرة ملك نجلك في شباب
فيا ملك الملوك لك التعزي / جميل بالدعاء المستجاب
فثق باللَه واستنجد بصبر / تنل من عنده حسن الثواب
رأيتك في الورى ملكاً وحيداً / وليس لها سواك بلا ارتياب
فخذ من شاعر النيل امتداحاً / يثير حفائظ القوم الغضاب
لقد أصبحت أحقر من عليها
لقد أصبحت أحقر من عليها / فلا تطمح الى الشرف الخطيرِ
اذا ذَكرت قريش في المعالي / فلا في العير انت ولا النفير
رأيت السيد البكريّ يمشي
رأيت السيد البكريّ يمشي / وكمَّا برده متدليان
دلالة ان شيخنا في قباء / له في كل داهية يدان
أرى ابن عتيق سبى غادة / واغرى ابن يسَّى على خطفها
وقد كان من قبله جده / يقود الثريا الى إلفها
عهدت السيد البكريّ شيخا / يحلل في المحارم كل مذهب
أتى بشريعة لبنات مصر / فمن تعضل الى البكريّ تذهب
أفيقوا وانظروا البكريّ يرجو / براءة ذلك الشيخ الاثيم
أناس همهم هتك الغواني / أولئك يعرضون على الجحيم
أيا شيخ المشايخ جئت ادّاً / ونكرا لا يسوغ ولا يجوز
لقد حقدت عليك بنات مصر / كما حقدت عليك الانكليز
ألا فليخفق العلم الجديد
ألا فليخفق العلم الجديد / يمينا ان طالعه سعيد
أيا علم البلاد عليك مني / سلام اللَه ما خفقت بنود
أرى الأعلام معقلها بناء / ومعقلك الجوانح والكبود
وقبلك لم أجد علما خفوقاً / كرام الكاتبين له جنود
سلاحهم يراع لا حسام / وعدتهم لك الرأي السديد
بربك خبر الاقوام عني / بما تنوي الوزارة والعميد
اذا اصطدما وكان الامر خلفاً / فعن أي تناضل او تذود
رفعت لنا وبالابصار شك / من الشبهات والايام سود
فجئنا من لدنك بكل فأل / تحداه التيمن والسعود
وإن كنا نرى الاعلام شتى / فانت وربك العلم الفريد
أيا علم البلاد ارى احتلالاً / كأنا عنده نفر عبيد
أصر على الجفاء ونحن شعب / أضر به التعسف والوعيد
وكم من جذوة في القلب شبت / فلم يدرك تأججها الخمود
فقل لهم اثيروا كل عسف / فريح العاسفين لها ركود
متى ينأي احتلال النيل عنا / وتصدق منه هاتيك الوعود
قضوا فينا بما شاؤا وصدوا / كما راموا فهل نفع الصدود
لقد فرحوا بما أوتوا فجاروا / وللباغي اذا عقلوا حدود
ضروب في المكايد يوم تحصى / عليهم ليس يحصيها العديد
يخيفون الامير من الرعايا / كأنهم له الخصم اللدود
وقد بصر الامير بما اسروا / وادرك أننا الشعب الودود
يرومون الفناءَ لنا ليبقوا / كما لقيته عاد أو ثمود
وكم ودوا الشقاء لاهل مصر / كما شقيت بظلمهم الهنود
مكايد يفزع التاريخ منها / ويصدف عن اعادتها المعيد
أقول الحق لا اخشى انتقاما / يهمّ اليه طاغية مريد
أإن انّ المضيم فقال رفقا / تشد له السلاسل والقيود
إذا مدوا حبال السوء يوما / فان اللَه يومئذ شهيد
لنحن أحق بالشكران منهم / ولكن شيمة الباغي الجحود
أيا علم البلاد اليك شعراً / تردده التهائم والنجود
ودونك عقد نظم من جمان / ومن درر يقال لها قصيد
يريد الشامتون بنا نكالا / ويأبى اللَه الا ما يريد
فكن في الحق مثل الحق يمضي / يكن لك بينهم بأس شديد
ولا تتبع هواهم بعد علم / يضلوا في الغواية أو يزيدوا
فليس بنافع فيهم رشاد / ولا من بينهم رجل رشيد
خطوب ما لها ابداً نصير
خطوب ما لها ابداً نصير / وأمر حل في مصر خطير
ابيت اللعن هل يرجي احتفاء / بهذا الركب ان حجب الامير
لئن كرهت حياة الشعب يوماً / فخير لو تفتحت القبور
أيا رب الاريكة قد رضينا / بأنك لا تزار ولا تزور
وهبنا نطلب الدستور جهراً / الا يرضيك ذياك الشعور
نراك وهل يرى ملك مفدى / سواك على مصالحنا غيور
أغيرك في الملوك وأنت أدرى / له شعب على البلوى صبور
فهل خدعتك بالبهتان ناس / أرادوا أن يسوء بنا المصير
أمور يضحك السفهاء منها / ويبكي من عواقبها الخبير
رويدك أيها النائي الجليل
رويدك أيها النائي الجليل / يعز على الورى هذا الرحيل
لقد كنت المثال لكل فضل / فلا عجب اذا عز المثيل
نودع منك نوراً ليس يخبو / وبدراً ليس يعروه الأفول
نودع منك سيفاً يوم ينضي / يفل بحده العضب الصقيل
نوجع منك ضرغاماً هصورا / يهاب لقاءَه الاسد الصؤول
بنيت على النزاهة منك طودا / تزول الراسيات ولا يزول
وكم أديت من حق مصون / به اغتبط المهيمن والرسول
تحول الارض يوم تحول قسرا / وانا عن ودادك لا نحول
ترفق بالقلوب فكل قلب / يكاد من الجوانح يستقيل
وسر باليمن في طلب المعالي / وربك بالذي ترضي كفيل
إلى الدستور في البرد القشيب
إلى الدستور في البرد القشيب / تحية شاعر لبق أديب
تحية شاعر يهدى إليه / بديع اللفظ في المعنى العجيب
يفضل في القريض على جرير / ويؤثر في البيان على حبيب
ويغبطه ابن قيس في التصابي / ويحسده جميل في النسيب
كأن صحيفة الدستور روض / بهيج الزهر ذوا ارج وطيب
فمن أدب يروق الى أديب / ومن علم يروق الى أريب
ومن نظر الى فكر سديد / الى حجج الى رأي صليب
ومن عظة تثقف ناشديها / وعقل في رمايته مصيب
فريد أقم من البرهان حقاً / يزعزع كل نمام كذوب
ومد يداً الى محمود حتى / تردا بطش غائلة الخطوب
أنيس القوم ان فقدوا انيساً / يخفف عنهم بؤس الكروب
وأموجهم لدى النعمى نوالا / اذا انتسبوا الى سمح وهوب
وأجرأهم لدى الجلى جناناً / اذا افتخروا بمقدام مهيب
بربكما افيضا النصح حتى / تكونا الذخر لليوم العصيب
ففي مصر احتلال كالرواسي / يضارع ثقل رضوى أو عسيب
ولم تجد السياسة فيه الا / باحياء العواطف والقلوب
هم حكموا باعنات كأنا / حرام ان نكون من الشعوب
فمن ارث هم اغتصبوه منا / ومن حق بلا حق سليب
وهم وأدوا الصحافة في صباها / وقيدها العميد بلا ذنوب
وكم نشروا علينا من صنوف / تجر الى الدمار ومن ضروب
يحبون الثناء على نكير / ويبغون المديح على معيب
وان وجد العميد بمصر حزباً / أناخ عليه بالامر الخريب
يؤَجج بينه فتناً تحاكي / شبوب النار في الوادي الحطيب
يرينا في سياسته خلاباً / يمثل كل خادعة خلوب
لقد ظهرت نواياه الينا / كأن حشاه واضحة الثقوب
ولولا خصب مصر ما اقاموا / ورب البيت في بلد جديب
ولا قطعوا المفاوز والفيافي / عطاشاً بالذميل وبالحبيب
ولو عدلوا لما سدوا علينا / مفتحة المسالك والدروب
ولا بثوا العيون بكل فج / علينا في المجيء وفي الذهوب
ولا شقوا الجموع اذا تضامت / لامر بالمشاة وبالركوب
ولا شرعوا أسنتهم وساروا / الى الارهاق بالركب الرهيب
يقودون الصوافن والمذاكي / وينضون المهند ذا الشطوب
فموخوز بسن من قناة / ومضروب بحد من ضريب
ولا انسابت خراطمهم نهاراً / لرش القوم بالوبل السكوب
وظنوا ما جنوه من المخازي / عقاباً للمشاغب والصخوب
ولا جعلوا الكرام وتابعيهم / اسارى في الكهوف وفي اللصوب
جنود قادها هارفي فسارت / كرجل النحل تهدي بالعسوب
يقودهم بوجه مكفهر / على مصر واهليها غضوب
كأن الاحتلال رأى قطيعاً / فهم اليه من نمر وذيب
وكم أدى لخوض الحتف ظلم / وكم جر الشعوب الى الحروب
فما ارتدوا عن الطاغين الا / بسيف من دمائهم خضيب
يرون حمامهم أشهى لديهم / اذا ذاقوه من حكم الغريب
وخاضوا النائبات فلم يبالوا / بكأداء الوعور أو السهوب
وابرقت الصوارم بين نقع / توكف غيمه بدم صبيب
وكشفت الحمية عن اكيل / أعد نيوبه او عن شريب
كلا البطلين يأكل من لحوم / ويشرب من دم عند اللغوب
واظلمت السماء بما تدلى / وبان الجو عن وجه قطوب
تكاد الشمس تبكي في دجاه / وتشكو فيه من طول الشحوب
ولو اضحى لهذي الارض قلب / سمعنا منه رجفان الوجيب
حياة الشعب تسري في الغواني / وتلمح بين ولدان وشيب
تدب الى عروقهم فنغلي / كما للخندريس من الدبيب
اذا وثبوا حسبتهم ليوثاً / كواسر لاتمل من الوثوب
شكونا الفادحات فما وجدنا / حنانا من بعيد أو قريب
كأنا أمة هانت فصارت / سواء في الصعود وفي الصبوب
فما للسعد فيها من طلوع / وما للنحس عنها من مغيب
وكم ندعو الحماة لدى الدواهي / وما غير التخلي من مجيب
نبيت كاننا في النار نصلي / لما بين الاضالع والجنوب
هموم لو رأيت القلب فيها / ظننت بانه بين اللهيب
ومن نكد الحياة حياة شعب / غريب في مواطنه جنيب
وما في مصر غير فتى مضيم / جبان القلب ذي فرق هيوب
اليف الهم مهتضم حزين / قريح العين مظلوم كئيب
يسهد طرفه في اللَه يدعو / اليه دعاء أواه منيب
وهل ينجي البلاد سوى كميّ / ذكيّ القلب او لسن خطيب
صدوق العزم لا يثنيه يأس / بعيد الشأو ذي كد دؤوب
فكم من يابس فرع نضير / وكم بالاثل دوح من قضيب
وكم من عقدة صعبت فهانت / اذا ما حلها لب اللبيب
أكلت دما اذا رضيت قبيلي / حياة في الشعوب بلا نصيب
أجلك يا فريد وليس بدعا / اذا اجللت ذا الباع الرحيب
جرى فينا هواك وانت تدري / كجري الماء في العود الرطيب
اليك شكوت من داء كمين / كما تشكي السقام الى الطبيب
ولو ان الذي اشكو اليه / وضيع القدر لم اشك الذي بي
شكاية شاعر يزجي خريداً / من الاشعار كالبكر العروب
غنيّ النفس ان اضحى لفقر / جديبا فهو في خلق خصيب
ابيّ في مودته وفيّ / كريم في مرؤته رغيب
كثير الدأب في طلب المعالي / ولو قصمته أيام المشيب
لغير مثوبة يلقاك شعر / ترفع عن اديب مستثيب
بليغ يوم انشده بدار / يفتح كل باب للاديب
وخير الشعر شعر من عريق / يطأطئ عنده شعر الجليب
فانشدنا من الاخلاص آيا / ترتل في الشروق وفي الغروب
تَجلَّى العام فاستجلوا الهلالا
تَجلَّى العام فاستجلوا الهلالا / فإني شِمتُه للسعد فالا
سأطريه متى عزّت بلادي / وقد رُزقت كما رُزق الكمالا
وأمدحه متى قمنا بمصر / وأرجعنا لها ذاك الجلالا
فأما والبلاد وساكنوها / يزيد الدهر حالتهم نكالا
فلست بناظم فيه قريضاً / ولا أنا قائل فيه مقالا
إلام نطالب الأعوام خيراً / ولم تنعم لنا الأعوام بالا
تمر وتنقضي منها ليال / بأرزاء الزمان غَدَت حُبالى
وتلك ممالك الإسلام كادت / صروف الدهر تخبلها خبالا
فلست أخصها بالذكر عنا / ونحن من البلاء أشد حالا
أيا عاماً تقضى بئسَ سهمٌ / رميت به الغواني والرجالا
فقالوا هل صروف العام كانت / نزاعاً قلت بل كانت نِزالا
همومٌ لو رَشَقت بها فؤاداً / لكانت في جوانبه نبالا
لقد حمّلتنا للضيم عبئا / ثقيلاً لا نطيق له احتمالا
وقد أجريت دمع القوم حتى / كأنَّا كلنا قوم ثكالى
ولولا ذكر أحمد كل عام / لما صُغنا لك الذكر الحلالا
أرى فِرَقاً قد افترقت بمصر
أرى فِرَقاً قد افترقت بمصر / ورامت عن أواصلها انفصالا
أناس أخلصوا من بعد زيغ / وثابوا بعد أن ألِفوا الضلالا
وأقوام قد أرتدوا جهاراً / فساءوا في عواقبهم مآلا
وقال الناكصون كفى غُلوّاً / وإلّا ذقتم منه الوبالا
خلائق في المكارم لم يمدوا / يميناً للفعال ولا شمالا
أولئك عصبة بالخزي باءوا / فسمّوا الخزي والجبن اعتدالا
أنابتةَ البلاد وخيرَ نشء
أنابتةَ البلاد وخيرَ نشء / غَدَوا للنشء بعدهم مثالا
عليكم بالإخاء ولا تَفلّوا / عرى القُربى فتنخذلوا انخذالا
سينجب حظه الوطن المفدى / إذا لم تحسنوا عنه النضالا
فجدّوا في علومكم صغارا / ولا تشكوا السآمة والكلالا
فمن رام الكواكب والدراري / بلا علم فقد رام المحالا
وإن صرتم رجالَ النيل يوماً / فلا تنسوا بربكم القتالا
وذودوا عنه مااسطعتم برأي / حصيف واجعلوا الحسنى جدالا
وما زال الرئيس لكم كفيلا / على رغم الخطوب ولن يزالا
وكونوا للأجانب خير عون / تزيدوا عروة الود اتصالا
إذا عشتم وإِياهم بخير / مَحَوتم عنكم قيلاً وقالا
لقد أوجزت خيفة أن يقولوا / نسيم في قصيدته تغالى