المجموع : 11
قِفي قَبلَ التَفَرُّقِ يا ضُباعا
قِفي قَبلَ التَفَرُّقِ يا ضُباعا / ولا يَكُ مَوقِفٌ مِنك الوَداعا
قفي فادي أسيرَكِ إنَّ قَومي / وَقَومَك لا أرى لهُمُ اجتماعا
وكيف تجامُعٌ مَعَ ما استحلاَّ / مِن الحُرَمِ العِظامِ وما أضاعا
ألم يَحزُنكِ أنَّ حبالَ قَيسٍ / وَتغلِبَ قد تبايَنَت انقطاعا
يُطيعونَ الغُواةَ وكان شَرّاً / لمُؤتَمِرِ الغُوايةِ أن يُطاعا
ألم يُحزنكِ أنَّ ابني نِزارٍ / أسالا من دمائهما التَّلاعا
وصارا ما تَغُبُّهما أمورٌ / تزيدُ سنى حريقهما ارتفاعا
كما العَظمُ الكسيرُ يُهاضُ حتى / يُبَتَّ وانما بَدَأَ انصداعا
فأَصبَحَ سيلُ ذلك قد تَرَقّى / إِلى مَن كان مَنزِلُهُ ياقفا
وكنت أظنُّ أنَّ لذاك يَوماً / يَبُرُّ عن المخبّأةِ القِناعا
وَيَومَ تلاقَتِ الفِئتانِ ضَرباً / وطَعناً يَبطَحُ البَطَلَ الشُّجاعا
ترى منه صُدورَ الخيلِ زُوَراً / كأنَّ به نُحازاً أو دُكاعا
وَظَلَّت تَعبِطُ الايدي كلوماً / تَمُجُّ عُروقُها عَلَقاً متاعا
قوارِشَ بالرماحِ كأنَّ فيها / شواطِنَ يُنتَزَعنَ بها انتزِاعا
كأنَّ الناسَ كلَّهم لأُمٍّ / ونحن لعِلَّةٍ عَلت ارتفاعا
فهم يتبيَّنون سنى سيوفٍ / شَهَرنَاهُنَّ أياماً تباعا
فكلُّ قبيلةٍ نظروا إلينا / وَحَلّوا بيننا كرِهوا الوقاعا
ثبتنا ما من الحيّينِ إِلا / يَظَلُّ يرى لكوكبهِ شعاعا
وكنا كالحريقِ أصابَ غاباً / فيخبو ساعةً وَيَهُبُّ ساعا
فلا تبعد دماءُ ابني نِزارٍ / ولا تقرر عيونُك يا قُضاعا
أمورٌ لو تدبرها حليمٌ / إذَن لنهى وهيَّبَ ما استطاعا
ولكنَّ الأديمَ إذا تفرَّى / بِلىً وتَعيُّناً غَلَبَ الصَّناعا
ومَعصيةُ الشفيقِ عليك مما / يَزيدُك مَرَّةً منه استماعا
وَخيرُ الأمرِ ما استقبلتَ منه / وليس بأن تَتَبعَهُ اتِّباعا
كذاكَ وما رأيت النَّاسَ إِلاَّ / إِلىما جَرَّ غاوِيَهم سِراعا
تراهُم يغمِزون مَن استركّوا / ويجتنبونَ مَن صَدَقَ المصاعا
وأما يومَ قلتُ لعبدِ قيسٍ / كلاماً ما أريدُ له خِداعا
تَعَلَّم أنَّ الغَيَّ رُشداً / وأنَّ لهذهِ الغُمَمِ انقِشاعا
ولو يُستخبرُ العلماءُ عَنَّا / وَمَن شَهِدَ الملاحِمَ والوَقاعا
بتغلِبَ في الحروبِ ألَم يكونوا / أشَدَّ قبائِلَ العَرَبِ امتناعا
زمانَ الجاهليةِ كُلُّ حيٍّ / أبَرنا من فصيلتِهِ لِماعا
أليسوا بالالى قَسَطوا قديماً / على النُعمانِ وابتَدروا السِطاعا
وَهم وَرَدوا الكلابَ على تميمٍ / بجيشٍ يَبلَعُ الناسَ ابتلاعا
فما جبنوا ولكنَّا أُناسٌ / نُقيمُ لَمن يُقارِعُنا القِراعا
فأما طيِّءٌ فإذا أتاها / نذائِرُ جيشنا ولجوا القِلاعا
وأما الحيُّ من كَلبٍ فإنّا / نُحلُّهم السواحِلَ والتِلاعا
ومن يكُن استلامَ إِلى ثَويِّ / فقد اكرمتَ يا زُفَرُ المتاعا
أكُفرَاً بعد رَدِّ المَوتِ عني / وبَعدَ عَطائِكَ المائةَ الرِّتاعا
فلو بيدي سواك غَداةَ زَلَّت / بيَ القدمانِ لم أرجُ اطِّلاعا
إذَن لَهَلَكتُ لو كانت صغاراً / من الاخلاقِ تُبتَدَعُ ابتداعا
فلم أرَ منعمينَ أقلَّ منا / واكرمَ عندما اصطنعوا اصطناعا
من البيضِ الوجوهِ بني نُفَيل / أَبَت أخلاقُهم إِلاَّ اتساعا
بني القَرمِ الذي علِمَت مَعَدٍّ / تَفَضَّل فوقها سعةً وباعا
وظهرِ تنوفةٍ حدباءَ تَمشي / بها الركبانُ خائفةً سِراعا
قِذافٍ بذاتِ الواحٍ تراها / ولا يرجو بها القومُ اضطجاعا
قطعت بذاتِ الواحٍ تراها / أمامَ القومِ تَندَرِعُ اندراعا
وكانت ضربةً من شدقميٍّ / إذا ما استَنَّت الابلُ استناعا
ومن عَيرانةٍ عَقَدَت عليها / لِقاحاً ثم ما كسرت رجاعا
لأولِ قَرعةٍ سَبَقت اليها / من الذَودِ المرابيعَ الضباعا
فلما رَدَّها في الشَّولِ شالت / بذيَّالٍ يكونُ لها لِفاعا
فَتَمَّ الحَولُ ثمَّتَ اتبعتها / ولمّا ينتج الناسُ الرِباعا
فصافَت في بناتِ مَخاضِ شَولٍ / يَخَلنَ أمامَها قرعاً نِزاعا
وصافَ غلامُنا رجلاً عليها / إرادةَ أن يفوّقَها ارتضاعا
فلما أَن مَضَت سنتانِ عنها / وصارَت حِقَّةً تعلو الجذاعا
عرفنا ما يرى البُصَراءُ منها / فآلينا عليها أن تُباعا
وقُلنا مهِّلوا لثنِيَّتَيهَا / لكي تزدادَ للسَّفرِ اضطلاعا
فلما أن جَرى سِمَنٌ عليها / كما بطّنت بالفَدَنِ السياعا
أمَرتُ بها الرجالَ ليأخذوها / ونحن نظن أن لن تُستطاعا
إذا التيّازُ ذو العضلاتِ قلنا / إليكَ اليكَ ضاق بها ذراعا
فلأياً بعد لأيِ أَدرَكوها / على ما كانَ إذ طَرَحوا الرقاعا
فما انقلبَت من الروّاضِ حتى / اعارَته الاخادعَ والنخاعا
وسارت سيرةً نُرضيكض منها / يكادُ وسيجُها يُشفي الصُّداعا
كأنَّ نُسوعَ رحلي حين ضمَّت / حوالِبَ غُرَّزاً وَمِعاً جياعا
على وَحشيةٍ خَذَلَت خَلوجٍ / وكان لها طلا طِفلٌ فضاعا
فكرَّت عند فيقتها اليه / فألفَت عندَ مَربضهِ السباعا
لَعِبنَ به فلم يترُكنَ إِلاَّ / إهاباً قد تَمَزَّقَ أو كراعا
فَسافَتهُ قليلاً ثمَّ وَلَّت / لها لَهَبٌ تثيرُ به النقاعا
أَجَدَّ بها النجاءُ فأصحبتها / قوائمُ قلمَّا اشتكت الظُلاعا
كأنَّ سبيبةً من سابريٍّ / أُعِيرَتها رِداءً أو قناعا
وما غَرَّ الغواةُ بعنبسيٍّ / يُشرِّدُ عن فرائسِهِ السَّباعا
إذ رأسٌ رأيتَ به طِماحاً / شدوت له الغمائِمَ والصِّقاعا
وَمَن تكُنِ الحضارةُ أَعجَبَتهُ
وَمَن تكُنِ الحضارةُ أَعجَبَتهُ / فأيَّ أناسِ باديةِ تَرَانا
وَمَن رَبَطَ الجِحاشَ فإنَّ فينا / قناَ سُلباً وأفراساً حِسانا
وكُنَّ اذا أَغَرنَ على جَنابٍ / وأَعوَزهُنَّ كوزٌ حيث كانا
أغرنَ من الضَّبابِ على حَلالِ / وضبةَ إنَّهُ مَن حانَ حانا
وأحياناً على بَكرٍ أخينا / إذا ما لم نَجِد إِلا أخانا
عفا من آلِ فاطمةَ الفُراتُ
عفا من آلِ فاطمةَ الفُراتُ / فَشَطّا ذي حماسِ فحائِلاتُ
وبالصحراءِ والثَمَدينِ مِنها / منازلُ لم تعفَّ وعافيات
واسرَع في امرىءِ القيس بنِ تيمٍ / نوى قذفٌ وأبطأت السّعاةُ
تَعمَّدَها وأنتَ لها سفيحٌ / وخيرُ أُمورِك المتعمداتُ
ألا مَن مُبلِغٌ زَفرَ بنَ عَمروٍ
ألا مَن مُبلِغٌ زَفرَ بنَ عَمروٍ / وَخيرُ القَولِ ما نَطَقَ الحكيمُ
ألَم تَرَ كالنعامةِ يَدَّريني / ولم يَكُ يَدَّري مثلي الحليمُ
اتختُلُني وتحسَبُني كخِشفٍ / من الغِزلانِ اغفلَ ما يريمُ
يُقحّمُ في الخبارِ ويختليني / وضغثُ المختلي كَلأٌ وَخيمُ
لَعلَّ الصيدَ سوف يصيرُ شئناً / يُبيّننُ حينَ يَنهِم أو يقومُ
هِزَبراً ترهَبُ الأَقرانُ منهُ / من اللائي يبيتُ لها نئيمُ
ابنَّ موارِدَ الغَمرينِ عَصراً / وطَوراً في مساكِنهِ القَصيمُ
أذلك أم رياضةُ راسِ قرمٍ / تخمَّط وهو تركبُهُ الهمومُ
من العُصلِ الشوابِكِ نَشرُ حربٍ / عَلندَى المنكبينِ بهِ العصيمُ
اذا سَمِعَت له القَعدانُ عزفاً / ذَرَفنَ وَهُنَّ من فَزَعٍ كظومُ
مُعرّى فهو يربضُ حيث أمسى / من الاهمالِ تعرفُهُ النجومُ
تبيت الغُولُ تهزجُ أن تراه / وصنج الجنَ من طَرب يهيمُ
أبيّ ماي قادُ الدهرَ قسراً / ولا لهوى المصرِّفِ يَستقيمُ
تصدُّ عَضارِطَ الركبانِ عَنهُ / وشَهراً من تَخَمُّطِهِ يَصُومُ
أنوفٌ حينَ يغضبُ مستعزّ / جنوحٌ يستبدُّ به الغريمُ
وقبلَ ابنِ النعامةِ كنت نِكلاً / ملداً حين تنتطحُ الخصومُ
فما أدنى نعامَةَ من أبينَا / اذا عُدَّ الخؤولَةُ والعمومُ
فخالي الشيخُ صعصعةُ بنُ سعدٍ / وتننميني لاكرمِها تميمُ
وترفِدُني الاراقمُ كلَّ رفدٍ / وشيبانُ بنُ ثعلبةًَ القرومُ
ابي عنه وَرِثتُ سوامَ مَجدٍ / وكلُّ أبِ سيورِثُ ما يسومُ
فما آلُ الحُبابِ الى نفيلٍ / اذا عُدّ الممهلُ والقديمُ
كأنَّ أبا الحُبابِ الى نفيلٍ / حمارٌ عَضَّهُ فَرَسٌ عَذومُ
بنى لك عامِرٌ وبنو كلابٍ / أروماً ما يوازِنُهُ أرومُ
اذا عدَّت هوازنُ أو سُليمٌ / فأنتم فَرعُها الشرفُ الصميمُ
وَجَدنا الصعقَ كبشَ بني نَفيلٍ / حرى بالمجدِ قد علمَ العليمُ
وكان اذا يَعَضُّ سفيه قومٍ / عصى الراقينَ في الحُمة السليمُ
بعضةِ رأسِ اقرعَ ذي لغامٍ / يُسكَرُ أو يسَنَّيهِ العليمُ
أرِقتُ ومُعرِضاتُ الليلِ دوني
أرِقتُ ومُعرِضاتُ الليلِ دوني / لِبَرقِ باتَ يَستَعِرُ استِعارا
تواضَعَ للسجاسجِ من مُنيمٍ / وجادَ العينَ وافترشَ الغمارا
وبات يَحُطُّ من جبلي نِزارٍ / غواربَ سيلِهِ حُزَماً كِبارا
بسحٍّ تغرقُ النجواتُ منه / ويبعثُ من مرابِعها الصُّوارا
ويصطادُ الرِّئالَ اذا علاها / وإن أمعَنَّ من فَزَعٍ فِرارا
وحَبلٌ من جُمانَةَ مستجدٌ / أبيتُ لأهلِهِ إِلا ادِّكارا
يُطالعُني بدَومةَ يا لَقومي / اذا ما قلتُ قد نَهضَ استحارا
فما غراءُ في دَمثٍ هيامٍ / أراد بها السهولةَ والقرارا
بأحسنَ من جُمانَةَ يومَ ردوا / جمالَ البينِ وارتحلوا نهارا
وقِيدَ الى الظعينةِ ارحَبيٌّ / جلالٌ هيكَلٌ يصفُ القطارا
فقلنَ لها اركبي لا تحبسينا / أبت خَفَراً وخالَطَت انبِهارا
تهدُّ محالَ آدمَ دوسريٍّ / تجوزُ بها ملاطاه القفاراَ
تدافع بالمناكبِ من بعيدٍ / وتسترُ بالمطارفِ أن تضارا
ترى السمكَ الطوالَ يَحدنَ عنها / وتبهرُ في المقاومةِ القِصارا
فلما قامَ كبّرَ من يليها / وقالوا خالطَ الجملُ انكسارا
فما ذكري جُمانةَ غيرَ أَني / كصاحبِ خِلعةٍ ذكرَ القمارا
وخُصّي في الحوادثِ أَن قيساً / أصابوا بعد خُضبِهمُ الغيارا
وتغلِبُ جَدَّعَ السرواتِ منها / وذاقَت من تَخَمطِها البوارا
وما كلبٌ بجازيةٍ بنعمى / ولا بهراءُ تَطَلعُ الديارا
فلولا الخيلُ من غاري كلابٍ / وحيٌّ بني الحُبابِ ومن أجارا
لما دُعِيَت غداةَ الروعِ قيسٌ / ولا كانَت نِزارُهُمُ نِزارا
وإنّا يومَ نازَلَهُم شُعيبٌ / كليثِ الغابِ أَصحَرَ فاستغارا
ظلَلنا ما من الحَيينِ الا / يرى الصَّبرَ التجملَ والفخارا
بضرب تنعسُ الابطالُ منه / وتمتكرُ اللحى منه امتكارا
تجدَّلَ كاهلٌ ونجا ابنُ بدرٍ / نجاءً من اسنَّتِنا فِرارا
وغودر هوَبرٌ وبنو مليكٍ / كمن قد ماتَ في زمنٍ فبارا
فلا شَمِتَ الاعادي في شبيبٍ / ومن قاسى ومن بالسرو غارا
فاني قد وجدت بني نفيلٍ / يشنون القنابلَ والغوارا
على كلبٍ وأَهلِ الشامِ طراً / كشدّ الاسدِ غَصباً واهتصارا
أَمِن طَرَبٍ بكيتُ وذكرِ أهلٍ
أَمِن طَرَبٍ بكيتُ وذكرِ أهلٍ / وللطربِ المُتاحِ لَكَ إدِّكارُ
وأطلالٌ عَفَت من بعدِ أنسٍ / ودارُ الحي منكرةٌ قفارُ
خَلَت غيرُ الظباءِ بها وعينٌ / وظلمانُ النعامِ لها عِرارُ
وإنَّ بكلِ محنيةٍ وسفحٍ / مقابلَ منظرٍ فيها صوارُ
خواذلَ من مصاحبةٍ وفردٍ / كَبُلقِ الخيلِ يتبعُها المهارُ
وقد دَرَسَت سوى آثارِ نؤيٍ / وآريٍّ تنصَّفَهُ الغبارُ
وكلِّ جَذَمِّهِ خَرِبٍ محيلٍ / كأنّ بقيةً منه جدارُ
وأَورقَ كالحمامَةٍ مقشعِرٍّ / وشُعثٍ سجَّحَتهنَّ الفِهارُ
ومحتدمِ القدورِ على ثلاثٍ / كأنَّ مناكبَ الأحجارِ قارُ
وملعبِ وبربٍ أدمٍ هجانٍ / نوادٍ عند مشيتِها انفتارُ
بوارقَ ترقد الصبحاتُ خردٍ / بهن من الشَّبابِ ضحى انبهارُ
ونادينا الرسومَ وهُنَّ صُمٌّ / ومنطقُها المعاجمُ والسّطارُ
وكان الصّبرُ أجملَ فانصرفنا / وَدمعُ العينَِ البثُهُ انحدارُ
وعارضت المطيةُ وهي تهوي / وأهونُ سيرِها منها انسجارُ
وقلت لصاحبيَّ الا اصبحاني / لتسلي عبرتي خَمرٌ عقارُ
فَشَعشَعَ بالأداوةِ شَرمحيٌّ / وليس بنا ولو جهدَ انتظارُ
ونحن على قلامِسَ يعملاتِ / أضَرَّ بها الترحُّلُ والسّفارُ
كأنّ لغامَهُنَّ سبيخُ قطنٍ / على المعزاءِ تَندِفُهُ الوتارُ
وتسمعُ من أسادِسِها صريفاً / كما صاحَت على الحَدَبِ الصقارُ
سواهم تغتلي في كلِّ فرعٍ / كما يَرمي مدى الغَرضِ القِتارُ
وبشَّرَنا البشيرُ بنغمِ طيرٍ / ومما أن تقبَّلنا البشارُ
بظعنٍ لجَّجَت في يومِ صيفٍ / وقالوا ليس بالأنهى قِطارُ
دَعتهنَّ الهواجرُ نحو نجدٍ / وصابَ الهيفُ فابتدرَ الغمارُ
فشمَّرت الحداةُ بكل رَسلٍ / علاه الرّيطُ اشعَلَه احمِرارُ
فلمّا أن لحقنا بَعدَ لأيٍ / ببيضِ في محاجِرها احوِرارُ
تنازَعنا الحديثَ فحدَّثتنا / عطابيلٌ تُقتَّلُ مَن يَغَارُ
وجدنَ بفديةٍ قصدت الينا / وطرفِ يعافرٍ فيه انكسارُ
وعُجنَ سوالِفاً وقدت عليها / قلائدُها كما تقِدُ الجمارُ
اذا ما احتلَّ بالبطحاءِ حَيٌّ / بَدَت غُرَرٌ تُرادِفُها البشارُ
أذاك هديت أم ما بالُ ضيفٍ / تضمَّنُهُ المضاجعُ والشعارُ
وأرَّقني بدائِعُ من مَعَدٍّ / أراها اليومَ ليس لها ازدجارُ
اذا ما قلت قد جُبِرَت صدوعٌ / تُهاضُ وليس للهَيضِ انجبارُ
كذاك المُفسِدونَ اذا تولوا / على شيءٍ فأمرُهم التَّبارُ
فأينَ ذوو البطاحِ ذرى قريشٍ / وأحلامٌ لَهُم ما تستعارُ
ونحن رعِيةٌ وهم رُعاةٌ / ولولا رَعيُهُم شنع الشنارُ
فإن لم تأتَمِر رُشداً قريشٌ / فليس لسائرِ العَرَبِ ائتمارُ
وفضلُهُمُ باذنِ اللهِ صَبرٌ / وضَرسٌ للاعادي واحتقارُ
فيا قومي هَلُمَّ الى جميعٍ / وفيما قد مضى لكم اعتبارُ
الم يُخز التفرقُ جيشَ كِسرى / ونُحّوا عن مدائنهم فطاروا
وشُقَّ البَحرُ عن اصحابِ موسى / وغُرِّقَت الفراعِنةُ الكفارُ
فكَم مِن مُدَّةٍ سَبَقَت لقومٍ / زَماناً ثم يلحقها انبتارُ
فما من جِدَّةٍ الا ستَبلى / ويبقى بعد جِدَّتها الحبارُ
وأنذُرُكم مصائرَ قوم نوحٍ / وكانت أمةً فيها انتشارُ
وكان يسبّحُ الرحمنَ شكراً / وللهِ المحامدُ والوقارُ
فلما أَن أرادَ اللهُ أمراً / مضى والمُشرِكونَ لهم جؤارُ
ونادى صاحِبُ التنورِ نُوحاً / وصُبَّ عليهِمُ منهُ الوَبارُ
وضجوا عند جيئتِهِ اليهم / ولا يُنجي من القدرِ الحذارُ
وجاشَ الماءُ مُنهَمِراً اليهم / كأنّ غثاءَه خرقٌ نشارُ
وعامَت وهي قاصِدَةٌ بإذنٍ / ولولا اللهُ جارَ بها الجوارُ
الى الجوديِّ حتى صار حجراً / وحان لتالِك الغمر الخسارُ
فهذا فيه موعِظَةٌ وحُكمٌ / ولكني امرؤٌ فيَّ افتِخارُ
مِن الفتيانِ اقذفُ كلَّ عَبدٍ / بحربٍ ليس فيهنّ اعتِذارُ
وعندَ الحقِ تعتزلُ الموالي / اذا ما أُوقدَت للحَربِ نارُ
اكلبُ هلمّ نحنُ بني أبيكُم / ودعوى الزورِ مَنقَصةٌ وعارُ
وقد علمت كهولهم القدامى / اذا قعدوا كأنهم النسارُ
بان قُضاعةَ الاولى معدٍّ / لقرمٍ لا تَغُطُّ بهِ البِكارُ
اذا هدرت شقاشِقُهُ ونَشبَت / له الاظفارُ تركَ له المدارُ
ومَن يَتَوَلَّ للرحمن نَصراً / يفرّثُ من مدامِعِهِ انتثارُ
اذا اصطَكَّا بارَعنَ مكفهرٍ / تفارَطَ أن تناوله القصارُ
هلم فعندنا عَدلٌ ونَصفٌ / وأحكامٌ تسدُّ بها الثِغارُ
وإن يعطفكُمُ نَسَبٌ الينا / فليسَ عليكم منها ظهارُ
أبونا فارسُ الفرسانِ عَلقَت / بكفته الاعنةُ والغوارُ
وأفضلُ ما اقتنينا من سوامٍ / ذكورُ الخيلِ والاسلُ الحرارُ
ورَثِنا الخيلَ قد عَلِمَت مَعَدٍّ / ومن عاداتهِنَّ لنا اختيارُ
تراثاً عن أبي صدقٍ أيادٍ / وعِيلانٍ وخندفِها الكثارُ
اباعرةٌ فكلٌّ ساقَ نهباً / له منه العرارةُ والخيارُ
فصارت بالجدودِ بنو نِزارٍ / فَسِدناهم واثعلت المضارُ
فكان لنا وللمضرين حظٌّ / وللحُسّادِ في الأثَرِ الغبارُ
فصار العِزّ والبَسَطات فينا / واعلامٌ قدامِسَةٌ كبارُ
ومنا الأنبياءُ وكُلٌّ مَلكٍ / وحُكّامُ الائمةِ حيثُ صاروا
غَلَبنا الناسَ في الدنيا بفضل / ونرجو أن يكونَ لنا المحارُ
واسماعيلُ بعد اللهِ يقضي / لنا بالحقِّ اذ رُفِعَ الخطارُ
فعندي الفصلُ للجهالِ منكم / كمنهاجِ الطريقِ به المنارُ
قضاعةُ كان حزباً من معدٍ / تَصِر تبعاً وللتَبَعِ الصَّغارُ
ويلقوا ثَرَّ شَخبٍ من مَعَدٍّ / يَدُرُّ لِمَن يشاركُه الغرارُ
وتعرفُ من بني قحطانَ بُعداً / وتظلم وهي ليس لها انتصارُ
ومَن يكُ يومَ دعوتِهِ غريباً / يخُنهُ من جناحَيهِ انكسارُ
ونصرُ ذوي الاباعدِ منك رَيثٌ / واحشاءُ ابنِ عمِّكَ تُستطارُ
ومن يَنزَع أرومَتَه لأخرى / فذاك لثابتِ الأصلِ اعتقارُ
كما الزيتونُ لا يَمّازُ نخلاً / ولا الجبارُ تبدلُه الصحارُ
ولا التمرُ المكمَّمُ حولَ حِمصٍ / اذا ماحانَ من هَجَرِ الجزارُ
وآنَفُ أن يكونَ اخي تبيعاً / لدى يمنٍ وقد قُهِرت نزارُ
ويأبى الصيدُ من سلفى نزارٍ / وأرفادٍ محالبُها غِزارُ
اذا الرِّيحُ الشّآميةُ استحنّت / وَلَعبض بها مع الليلِ العصارُ
فأُدبَتُنا الجوافِلُ كلَّ يومٍ / وبعضُ الناسِ أُدبَتُه انتقارُ
وقولُ المرءِ ينفذُ بعبدَ حينٍ / اماكنَ لا تجاوُرها الابارُ
أميرُ المؤمنين هدىً ونورٌ / كما جلّى دجى الظلمِ النهارُ
قريعُ بني أميةَ من قريشٍ / همُ السَّرُ المهذبُ والنضارُ
وعبدُ المَلكِ للفقراء طَعمٌ / وحِرزٌ ليس معقلُه يُضارُ
وقد حَمَلَ الخِلافَةَ ثم حَلَّ / بها عند ابنِ مروانَ القرارُ
وقلت لذي الكلاعِ وذي رعينٍ / أَحَقَّ قولُ حميرَ أم جوارُ
تدعّيهم قضاعَةُ بَعدَ دَهرٍ / وفي الدَّهرِ التَّقَلُّبُ والغيارُ
وانمارُ بنُ بجلةَ قال قِيلاً / وليس له اذا عدوا غدارُ
متى ترعش الى الالجامِ يوماً / يَقُم سوقُ الطعانِ لها تجارُ
ومعقلُنا السيوفُ اذا انخنا / وقد طارَ القنازعُ والشرارُ
بضَربٍ تَبصُرُ العميانُ منه / وتعشى دونَه الحَدَقُ البِصارُ
واسحاقٌ اخونا قد علمتُم / علينا من مواسِمِه النجارُ
نَهُزُّ المشرفيةَ ثم نعدوا / وليس بنا عن العادي ازورارُ
إذا ماتَ ابنُ خارجةَ بنِ حِصنٍ
إذا ماتَ ابنُ خارجةَ بنِ حِصنٍ / فلا مَطَرَت على الأرضِ السَّماءُ
ولا رَجَع البَريدُ بغُنمٍ خيرٍ / ولا حَمَلت على الظَّهرِ النَّساءُ
ألا أَبلِغ سَراةَ بني زهيرٍ
ألا أَبلِغ سَراةَ بني زهيرٍ / وحياً للأخاطِل والخزازِ
فقد أبليتُمُ خوراً وجُبناً / غداةَ الرَّوعِ اذ عزّ المنازي
كفينا الحيَّ من جُشَم بنِ بكرٍ / سُليماً والفوارسَ من معازِ
لعمرُ ابيك ما جشَم بنُ بكرٍ / بعزٍ في الحوادِثِ لاعتزازِ
صَبَرنا الخيلَ اذ جشمُ بنُ بكرٍ / تيَسَّرَ في الحوادِثِ لانحيازِ
وما دَهرٌ يمنيني ولكن / جزتكُم يا بني جُشَمَ الجوازي
تَصلينا بهم وسعى سِوانا / الى النعمِ المسيبِ والمعازِ
تتلو عنا الفوارِسَ من سُليمٍ / وَأهلَ الطلحِ من خيلِ الحجازِ
أكُنَّا الايمنينَ اذا اتجهنا / بأيدينا الصوارمُ للنجازِ
يُسارِقنَ الكلامَ اليّ لما
يُسارِقنَ الكلامَ اليّ لما / حَسُنَّ حذارَ مرتقبٍ شفونِ
ومطَّردِ الكعوبِ كأنَّ فيه
ومطَّردِ الكعوبِ كأنَّ فيه / قدامى ذي مناكبَ مضرحيِّ
لعمرُ بني شِهابٍ ما اقاموا
لعمرُ بني شِهابٍ ما اقاموا / صدورَ الخيلِ والاسلَ النياعا