المجموع : 162
إلهي أَنتَ تَفعل ما تشاء
إلهي أَنتَ تَفعل ما تشاء / بقدرتك انفردت وِبالإِرادهْ
وَقَسّمت الحُظوظَ فَذا شقيٌّ / وَذاكَ سَعيدُ وَالحُسنى زِياده
فَما مِن شَقوةٍ إِلّا وَكانَت / مُؤزلة كَتأزيل السَعاده
فَفيما يَزعم الجهال أني / تَخيرتُ الخسار وَالاِستفاده
لَقد جَهلوا الحَقائق حينَ ضَلوا / عَن الحَق الَّذي تَرضى اعتقاده
فَقالوا أَنتَ مُختار مريد / وَقُلت اللَه يفعل ما أَراده
مضى شهر الصيام فقل خليلي
مضى شهر الصيام فقل خليلي / بقلبٍ خاشعٍ أو شأنِ دامِ
أتيتَ كزائرٍ والى فولّى / كأنك كنت طيفاً في منام
رحلت مكرَّماً فعليك منا / سلام جل عن معنى السلام
أحبَّتَنا تعالوا ما فعلنا / نتوب فقد مضى شهر الصيام
فهل قضّيتموا من واجبات / وهل عظمتموه بالقيام
فاني قاصر عن كل هذا / ومالي غير ذنبٍ واجترام
ولكن آملٌ ظني جميلٌ / برب العرش في حسن الختام
لعل بجاه خير الخلق أحظى / بما أمّلت من نيل المرام
إلهي كم أمرتَ فما امتثلنا / وبدلنا الهداية بالظلام
إلهي طال سيري بالمعاصي / فماذا قد يكون غداً مقامي
إلهي الزاد بالتقوى قليل / على طول المراحل والمرامي
فوا ويلاه إن نشروا كتابي / وما قدمته أضحى أمامي
ووا خجلاه كيف العذر عنها / إذا ما أسفرت لي عن لثام
إلهي بالنبيْ والآل جمعاً / وبالأصحاب والرسل الكرام
إلهي بالموالين البواكي / إذا جنَّ الدجى تحت الظلام
إلهي بالسكارى من جمال / إلهي بالحيارى في الغرام
أرجِّي توبة من قبل موتي / وعفوك فهو خير الاغتنام
بحق نبيك المختار فينا / شفيع المذنبين من الأنام
عليه صلاتك الحسنى دواماً / إلى يوم القيام من الرجام
رسول اللَه مالي إِن تَوالتْ
رسول اللَه مالي إِن تَوالتْ / هُموم أَو تهان قد تولتْ
سِواك مؤمّل فادرك كروبي / وَحقِّك يا رَسول اللَه جلّتْ
أَيَنجو كَلب أَهل الكَهف مَعهم
أَيَنجو كَلب أَهل الكَهف مَعهم / وَيَهلك يا رَسول اللَه إِبنُكْ
عَزيز أن يَذل لَديك جارٌ / وَيضعفَ أَن يَقي الراجين رُكنُك
رَأَيت النَفس يَقتلها هَواها
رَأَيت النَفس يَقتلها هَواها / إِذا بَلغت وَيدهمها مُناها
أَرى الآمال تَسعى بِالمَعنّى / فَلا يَنهاه إِلّا مُنتهاها
ولو أَغنَت عَن المَرء المَساعي / لَما مَنعت نُفوس مشتهاها
وَلو دامَت غوايات لدامَت / أَوائلنا فَلم يَهرم صباها
نُفوس تَجهل العُقبى فَتَلهو / بِما اِختارَت وَزين مبتداها
فَلا كانَت أَمانيها الخَوالي / لَقَد أَبدى النَعيم بِها شقاها
فَيا كَم لَيلة أَغوى دجاها / وَأَيام وَأَغرانا ضحاها
تَركت العَزم فيها ذا اِنحِلال / وَعَين الحَزم يضحكني بُكاها
فَلم أَرَ في جَمال الدَهر إِلّا / أُموراً يَعقب الأَسف انقضاها
لذاك كبحت نَفسي عَن غُرور / وَقَد بَلغت ضَوامرها مَداها
وَإِني بَعدَ تَجربة اللَيالي / وَعرفاني الحَقائق مِن سَراها
بِخَير الخَلق لُذت فَزالَ بُؤسي / وَنَفسي وَطّدت حتماً رجاها
وَكَيفَ تذل آمالي بِيَأس / وَقَد بَلغت بي الحاجات طَه
يَعز عَلى رَسول اللَه أَني / وَثقت بِهِ وَأَعدم مِنهُ جاها
عَلَيهِ صَلاة رَبي ما تَجلت / شُموس ضحى وَما قمرٌ نلاها
أَخ وَالدَهر يَضطرب اِضطِرابا
أَخ وَالدَهر يَضطرب اِضطِرابا / وَخلّ وَهوَ يَقتضب اِقتِضابا
سفور وَالخطوب قَد اكفهرّت / تجرّد والظُبَى تَهوى القرابا
وَجاش عَلى ركود مِن زَمان / وَأَقبل وَالقَضا يبدي اِنقِلابا
وَدافع وَهيَ تقتحم اقتحاماً / وَأَوجَب وَهيَ تستلب استلابا
وَكرّ وَكرّت الأَقدار جَهراً / فَعز جوارها وَسما جنابا
وَدار وَدارَت الأَدوار حيناً / فَداراها وَقد رابَت وَرابا
وَشدّ وَشدّت الأَيام حَرباً / فَناواها لِما نابَت وَنابا
وَأَرسل في غيوب الأَمر فدّاً / مَع الآمال يَنساب اِنسيابا
وَمارس دَهره ليناً وَشدّاً / وَباراه اِبتِعاداً وَاقترابا
فَسالمه مِن الحدثان حَرب / وَأَرضته لياليه الغضابا
وَجرّب ما يُرجّيه وَيَخشى / فَلم يَحمد عَلى كره مآبا
إِلامَ تَصبُّراً وَإِلامَ لَبثا
إِلامَ تَصبُّراً وَإِلامَ لَبثا / وَغيرك جدَّ في هذا وَحَثّا
أَلم تَرَ للبغاث يَعود نسراً / إِذا ما فارق الوَكَنَ الأَرثّا
وَلَولا سَطوةٌ من لَيث غابٍ / لبال برأسه السرحان عَبْثا
قَنعتَ بذلها وَتركتَ عزاً / وَعفتَ سَمينها وَأَخدتَ غثّا
أراعك بُعدُ جيرانٍ وَدارٍ / أَم استخذلنك الأَجفان نَفثا
فَديتك ما اِعتزاز مثل هون / وَلا حَسناء إِن نادمت شعثا
تَخلى عَن هَوى صحب وَآل / وَدَع حبل الوَفاء فَقَد أَرَثّا
وَعش إِن عشت منفرداً وَحيداً / وَلا تَأمل فَيُبدي الدَهر نكثا
تطالبني المدامةُ وَالزجاجه
تطالبني المدامةُ وَالزجاجه / نعم في النَفس آمال وَحاجهْ
وَيغريني الشَباب بِلَيل أنس / وَأَخشى من مشيبي ابتلاجه
ولي نَفس تَهش إِلى النَدامى / إِذا ماروّق الساقي زجاجه
ولي في الغَيب آمال طوال / وَمَن لا يَرتجي يَرجو عِلاجه
فَيا تلك الطلول وَما عهدنا / سنقطع دوّها وَنَرى فجاجه
وَنترك منهلاً يَحلو لَدينا / إِلى مرّ وَلا نَأبى أَجاجه
وَإِن هوَ لَم يَسغ للنفس صرفاً / جَعلنا مِن دَم الجاني مزاجه
أَفي الأَوطان ينكرني عدوّ / وَنَحنَ القَوم قوّمنا اِعوِجاجه
سنجلبها إِلى سُوق المَنايا / وَنَطلب باستباحتها رواجه
وَتبدو بَعد مغربِها شُموسٌ / فَيطفئ ضوءُها قَهراً سراجه
أَنا السَيف الَّذي يُفني الأَعادي / وَإِن السَيف مَغموداً يُواجه
فَعلّ اللَه يا لَيلي معيني / وَأَبصر بعد ضيقي اِنفِراجه
أَبونا يافثٌ وَالمُلكُ فينا
أَبونا يافثٌ وَالمُلكُ فينا / وَرثناه شباباً عن شياخِ
فَنَحنُ الناس وَالدُنيا لدينا / فَطوبى للمصانع وَالمُواخي
حَنَونا إِذ شملناهم عليهم / حُنُوَّ المضرحيّ عَلى الفراخ
فَكانوا دوننا سَهلاً مهيداً / وَكنا فَوقَهُم مثل الشماخ
نحوطهمُ وَنقضي الحُكم فيهم / وَنَحمي الدين عن وَصم انتِساخ
سل الدُنيا وَمَن تَحويه عَنّا / لتسمع ما يصخ عَلى الصماخ
فإن قست الأَنام بنا فسوّي / مَقادير البغاث مع الرخاخ
نعم هم أَعدموا حزمي وَصَبري
نعم هم أَعدموا حزمي وَصَبري / بِما أَبدوه من غَدري وَهَجري
وَمالوا وَارتضوا عَني بَديلاً / وَإِني الخَيرُ مِن أَبناء دَهري
وَإِني سدتهم شهماً فشهماً / وَذل لعزتي جبار عَصري
وَكلهم يراني ذا ابتسام / إِذا يَبكي العَدوّ لهول قَهري
وَإِني إِن عَتا فخار قَوم / يَهون بِقَهر مَولانا لذكري
فَسيفي منطقي المَسلولُ دَوماً / يَصيب مقاتل الأَعدا فَيفري
فَأَيُّ أَخي ثَباتٍ قيل يَوماً / إِذا ناديتهُ لبَّى لكرّي
وَمِن عَجب أَذلّلُ كُلَّ شَهمٍ / فَيَعرف مَوقفي وَيُجلُّ قَدري
وَيَرضى مَن أَحَب مِن البَرايا / بَديلاً بي فَيا عَجَباً لِأَمري
وَكَيفَ وَلَيسَ يُنكرني جهاراً / وَلَيسَ بِجاهلٍ مَجدي وَفَخري
وَيَعلم كَنهُ صدقي في وِدادي / وَحسن طويتي وَعَفاف سرّي
عَلى أَني أَقول وَلَيسَ بدعاً / سَتردعه التجارب بعد نذر
وَإِني لَست أَيأس مِن وِصال / يَقدّره الإِلَه وَلَستُ أَدري
فَكَم يَسرٍ أتي مِن بَعد عسر / كَما عسرٌ أَتى مِن بَعد يسر
وَإِنَّ زَمانَ أَحزاني سيمضي / كَما قَد زالَ عن أَوقات بشري
فَدَعه يَختبر غَيري زَماناً / لِيَدري هَل وَفاه دُون غَدري
سَتبدو مِن بواطنهم إِلَيهِ / بِتجربة أُمورٌ تَحتَ ستر
وَدَعهُ قَد يَكُون بكل خَير / يباعدني وَيَدنو وَقت شر
فَإِني مثل ما يَرضى صَديق / أُلاقي دُونَهُ البَلوى بِصَدري
فَلا عز سِوى ذلي لَديهِ / وَتلكَ حَقيقَتي في طُول عُمري
نزعت إِلى العُلا وَحرصتُ جهدي
نزعت إِلى العُلا وَحرصتُ جهدي / وَلَكني قنعت من المعاش
فلست لغير من أَهوى أَسيراً / وَلَست لِغَير نُور الكاس عاشي
أَهيم إِذا شموس من كؤوس / تطفن عَلى الكبود من العطاش
وَيطربني مناد قال هَيا / إِلى أمّ الصَفا أُخت اِنتِعاش
أَقوم إِلى الطِّلا وَالكَرم جَوّي / وَشَمسي قَهوتي رَوضي فراشي
وَما عمر الفَتى إِلا سُرور / وَإِن فاتَ السُرور فذاكَ لا شي
وَلا عَجب إِذا ما يَسمو عَني / فَتى دُوني مِن القَوم الخشاش
فَإِن نسر عَلى النيران يَقوى / علا للظاه محترق الرياش
لعمرك ما قَعدتُ عَن المَعالي
لعمرك ما قَعدتُ عَن المَعالي / لذلة عاجز أو يأس خائفْ
وَلا سَعيي تَأَخر عَن مَداها / لقصر الباع أَو تَرك المَعارف
وَلا غَيري تقدمني لشيء / سِوى التَقدير في حسنِ التَصادف
نعم وَيسوءهم أني نَزيه / وَأني عارف ثُم ابن عارف
يَقول فَلاحنا وَنَرى خلافه
يَقول فَلاحنا وَنَرى خلافه / ذَليلٌ ظلَّ يَطمع في خلافهْ
وَكَيفَ يَرومها عَفواً وَتَأبى / عَزائمُ قَومه ما كانَ عافه
وَكَيفَ يَروم قوّة دار ملك / وَقَد وَلّى حَفيظته ضعافه
دَسائس مصر ما تُغني إِذا ما / رأَيت السَيف يَقترف اِقتِرافه
فَأَيّ فَتى يدافع عن دِيار / إِذا ما رامَها عَدم اِنتِصافه
وَأَيّ يَد تمدّ إِلى عَدوّ / وَقَلب ممدّها يَخشى اِنصِرافه
فَدَع أَبناء مَصر لغير هَذا / لِتَحسين المَلابس وَالقيافه
فمن ردّوه عَنهُم قَبل هَذا / وَهَذا القطر كَم جانٍ أَخافه
فَكَم من قائل يا خلّ عَنها / فَكَم دُون الأَماني مِن المَخافه
وَدون العز أَيّ دم عَزيز / وَدُون الملك كَم هولٍ وَآفه
فَدَع نيل العلا لقناً وَسَيفٍ / فَلَيست بِالخلاعة وَاللطافه
وَلا تَقضوا بزخرفة الأَماني / وَأَنتُم تَأنفون مِن الخرافه
وَعيشوا بِالحَقارة وَاستَطيبوا / مَرير الذل يُمزج بِالسلافه
فَثمَّ مِن الرِجال إِذا اِستَعدوا / وَكَأس المَوت ساقيهم أَطافه
يَرون الرُمح قَدّاً قَد تَثنّى / لَدى الهَيجا فَيهوون اِنعِطافه
يَرون السَيف مبتسماً كَبَرق / يَسرُّهمو فَيَبغون اِختِطافه
أَلا لا تخطبوا خَطباً جَسيماً / يُصيب فَلَست تُدرك إِنكفافه
فَهُم في يَوم سلم أَيّ جَيش / خَميس عرمرم تَخشى اِصطِفافه
وَلَكن يَوم دمدمة وَحرب / كنون الجَمع في حال الإِضافة
وَأَخشى إِن أَصابك يَوم سوء / تَكون عدمتهم وَجلبت آفه
أَأَخشى أَم تخوّفني المَهالكْ
أَأَخشى أَم تخوّفني المَهالكْ / وَهَل في الكَون شَيءٌ غَير هالكْ
إلهي إن يَكن يدنو مماتي / فَما بَينَ البَواتر وَالنَيازك
بِحَيث الرمح يَلمع وَهوَ دام / وَحَيث السَيف يَبكي وَهوَ ضاحك
بِحَيث أَرى القتام دَجَى وَغَشَّى / وَحَيث الزُهر بارقة السَنابك
بِحَيث أَرى النَعيم لَدى يَميني / وَعَن يسراي نيران المَعارك
بِحَيث يَكون فَصلي عَن جَواد / وَصالاً يُبتغَى بِعُلى جوارك
وَلا تَجعل مماتي حتف أَنفي / فَيسأم عائدي وَيملّ تارك
رِجالُ الرُوم تَهوى الكبرَ حَتّى
رِجالُ الرُوم تَهوى الكبرَ حَتّى / جبالهمُ تتيه بكبرياها
جبال يصبح الهادي مضلاً / بِها وَالمورُ يُحجَبُ عَن سَماها
كَأَن الشَمس من تَحتَ الأَراضي / لِذلك لا تَرى أَبَداً ضياها
فَهَل من مخبر عَني صحابي / بِأَني وَالجَواد عَلى ذراها
أَظنّ العُمر يبلغ بِالنِهايهْ
أَظنّ العُمر يبلغ بِالنِهايهْ / وَخطب الدَهر يطلبني بِغايهْ
وَلا يَسمو منار لي بعلمي / وَلو أُوتي الدِراية وَالهِدايه
فَما أَرجو السُرور وُكُل همّ / مِن الأَيّام أَرعاه رِعايه
وَإِن يَك قَدّر المَولى فَما لي / بِدَفع قَضاه حَولٌ وَلا حِمايه
أَقول وَلَست عَن جَهل مَقالي / وَلا مللٍ هُناك وَلا شِكايه
رَأَيت الهمّ وَالبَلوى عَياناً / فَلا يَحتاج مثلي للحكايه
يَقول العاذلون فَتى خمولٌ / وَلى في كُل ما يَبغون آيه
فَلو عدّوا المَكارم أَنصفوني / وَقام دَليلُنا وَبِهِ الكِفايه
بقدر الفضل تعتز الرياسهْ
بقدر الفضل تعتز الرياسهْ / وَباب النصر تفتحه السياسهْ
وَلَيسَ يُرَدّ عن أَملٍ مليكٌ / لَهُ فَضل الحزامة وَالكياسه
حَكيم عالم يقضي بفكر / له من نور مولاه فراسه
يبيت يعانق الآمال ليلاً / وَيصبح هاجراً رَوضاً وَطاسه
يؤم من العلا شأواً فشأواً / بعزم تتقي الأَيام باسه
فطوراً فوق سرحوبٍ أَغرٍّ / وَطوراً قَدَّ خطّارٍ أَماسه
وَطوراً صدر إيوان جليل / يحلل من عنا الأَمر التباسه
وَما هو غير إِسماعيل حقاً / وَما اِسماعيل ما يدريك باسه
أَقام الملك وَاستعلى وَعالى / فَشيد ركنه وبني أساسه
وَحلّى جيد مصر فمن يباهي / بهاتيك اللطائف وَالنفاسه
وَسوّغ منهل الآمال فيها / لواردها فَما يَخشى احتباسه
أَقام الدَهر بين يديه عَبداً / يَروّيه الثَنا وَيسرّ ناسه
وَحدّث عَنهُ أَقلامٌ وَكتبٌ / وَما أَحد تَرى بِسواه قاسه
وَسار مخبّراً عنه البَرايا / لِسانُ السَيف حَتّى أَرض كاسه
سَلوه عَن بَوادره وَماذا / دَهى الأَحباش إِذ دَعَت الحماسه
بغوا فدهتهمُ منه جيوشٌ / كِرامٌ كَالليوث ذوو افتراسه
بأَعلام يَلوح النصر منها / كَأَحلام كفتهم عن حراسه
فَيا للّه من يَوم عَصيب / تَزلزل إِذ دَرى الجبار باسه
أَتوا وَالبَغي يقدمهم وولوا / عَلى علم أَصاب الخزيُ راسه
وَذل عَزيزهم وَمشى الهوينا / عَلى استحيائه بعد الشراسه
وَردّ جماحه خيل وَرجْلٌ / أَلانت صعبه وَمحت شماسه
وَكان اليَوم يَوماً مكفهراً / جَليدُ القَوم أَنكر فيهِ باسه
فَكَم بطل عَلى طلل طَريح / كَأَن المور أَلبسه لباسه
وَكَم شَهم تبختر باغترار / دَهاه أَسمر فذرى اِنتِهاسه
فَما أَغنى صَليبٌ عَن قَتيلٍ / تحضّنه عَلى يَأس وَباسه
وَلا نادى منادي القَوم جَهراً / وَلا ليلاً دَرى جفنٌ نعاسه
فَلا تعجب لَهذا الفَوز وَاعلم / بقدر الفضل تعتز الرياسه
سرور شامل أَولى المَنايحْ
سرور شامل أَولى المَنايحْ / وَأَنس جامع للصدر شارحْ
فَظبي القَصر بَين عرين ضار / وَشَمس العز قارن بدر لايح
فَيا قَلب انشرح وَاطرب وَهنّي / وَقل ما شئت يا رَب المَدايح
فَإِن الدَهر جاد وَقال أَرّخ / هَنائي ثابت لزفاف صالح
أَغار مِن الغُصون عَلى القُدودِ
أَغار مِن الغُصون عَلى القُدودِ / وَمِن وَرد الجِنان عَلى الخُدودِ
وَمِن رمّانها أَخشى فَإِني / أَرى فيهِ مشابهة النُهود
وَمِن بَدر السَماء إِذ تَجلّى / عَلَينا وَهوَ في أُفق السُعود
وَأحسب أَن يَزرني في مَنامي / بِأَن الدين وَالدُنيا حسودي
وَأَطرب لَو يبادرني بكأس / وَلو مزج الطِّلا بدم الوَريد
حَبيب جلّ عَن شبه وَمثل / فَريد قَد تَعالى عَن نَديد
إِذا ما ماس من عجبٍ وَتيهٍ / تَرى الأَغصان تومي بِالسُجود
وَإِن يَرنو إِليّ يسلّ سَيفاً / كَليلاً صال بالغرب الحَديد
سَقيمٌ شاطرٌ في فتك قَلبي / ضَعيف وَهوَ ذو بَطش شَديد
يكلمنا فكم قلب كَليم / وَكَم عَين تجود لَهُ بِجُود
مَتى يَدنو أَرى عَدمي وُجوداً / وَإِن يبعد ففي عدم وُجودي
عَلى خدّيهِ ماء الحُسن يَجري / كَجري الطلّ في وَردٍ نَضيد
وَفي أَعطافه لينٌ وَشدّ / عَلى حُكم المَناطق وَالبُنود
كَأَنّ بثغره خَمراً عَتيقاً / يَطوف لَنا عَلى الوَرد الجَديد
وَلَولا أَن أَرجي مِنهُ وَصلاً / وَبي شَوقاً إِلى أَمل مَديد
لَما غَنّت مطوّقة سُحيراً / بِغير تَرنمي وَسِوى نَشيدي
وَلا لذت لي الخَمراء يَوماً / وَلا ناديتها هَل مِن مَزيد
وَلا قُلت اسقنيها يا نَديمي / وَهات بِها عَلى نايٍ وَعُود
وَلا منت لي الأَفراح نَفساً / وَلا هشت إِلى قصر مشيد
وَلَكن لي مِن الدُنيا أَمانٌ / وَأَرجو أَن تَفي لي بِالوُعود
وَلم أَيأس مِن العَليا ليأسٍ / فَإِنّ الغَيث مِن بَعد الرُعود
وَربّ مفند الأَفكار خال / يَلوم صَبابةَ القَلب العَميد
وَلو ذاقَ الهَوى وَهوى وَلاقى / كما أَلقى وَكَم يَنأى مبيدي
فَبات بمهجة حرّاء شَوقاً / وَطرف هامع دامٍ سهيد
لَما عابَ الهَوى وَالراح تُجلَى / عَلى شرّابها في كف غيد
وَما كل القُلوب محل وَجد / وَلا كُل الدُخان دُخان عُود
فَما في الناس إِلا مَن تَفانى / عَلى حُب المصادق وَالوَدود
وَقالَ لذي التقى حِد عَن طَريقي / وَقال لذي الهَوى خذ يا مريدي
وَفي حُب الجَمال أَضاع رُوحاً / وَراحَ مروّعاً بنُهَى جليد
وَآثر نار خدّيهِ نعيماً / عَلى لذّات جنات الخُلود
وَإِن يَردى بِسَيفٍ مَن لحاظٍ / يَجدْ مِن نَفسهِ بُشرى الشَهيد
يروّعه الغَرام بكل عَزمٍ / يَكاد يُشيب ناصيةَ الوَليد
وَتَرميهِ الظُبى بِسهام غمزٍ / معوّدةٍ عَلى صَيد الأُسود
وَلَيسَ يردّه عَنها التَردّي / وَلَيسَ يَصدّه طُولُ الصُدود
وَما لذَّ الهَوى إِلا لحرٍّ / تَذلل للهوى ذلَّ العَبيد
كَأَنّ سُروره بِهواه أُنسي / بشبلٍ جاءَنا مِن لَيث صيد
سُروري ما يُسَرُّ بِهِ صَديقي / نَزيه الطَبع ذُو الخَلق الحَميد
فَهات عَلى السُرور فَإِن رَبي / لَأَحمَد جاد بِالنَجل السَعيد
أَأَحمد دم وَنَجلك دام يَرقى / بِطارفه عَلى شَرَف تَليد
فَإِنك للظُبى وَالسمر رَبٌّ / وَللآداب وَالرَأي السَديد
وَإِنك شَمس دارات المَعالي / وَنَجلك بَدر هالات الوُجود
يَهنّئك الزَمان وَقَد يُهنَّى / بِمَولود فَريد مِن فَريد
يَقول مَع الهَنا يا عزُّ أَرّخ / تحلّ حسين في شَرَف مَجيد
بَدا شَوقي لحسنك وَهو ظاهرْ
بَدا شَوقي لحسنك وَهو ظاهرْ / وَراق الأنسُ قَلبي وَالنَواظرْ
وَأَطربت التَهاني بِالتَداني / فُؤادي وَهِيَ تخطرُ لي بخاطر
فقلت أَتك شَعشعةُ الحُميّا / يَطوف بِها كحيلُ اللحظ ساحر
وَهَذا مَجلسٌ أَم رَوض أَنسٍ / وَهاتيك الأَزاهر أَم زَواهر
فَقالوا لا وَلَكنّ التَهاني / بِمَولود الأَمير لَها بَشائر
فَقُلت يَعيش شبلاً في عَرينٍ / بعزِّ أَبيه في العليا يفاخر
وَقلت مع الصَفا يا مَجد أَرّخ / قُدوم محمدٍ بالخير زاهر