القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : حسن الطّويراني الكل
المجموع : 162
إلهي أَنتَ تَفعل ما تشاء
إلهي أَنتَ تَفعل ما تشاء / بقدرتك انفردت وِبالإِرادهْ
وَقَسّمت الحُظوظَ فَذا شقيٌّ / وَذاكَ سَعيدُ وَالحُسنى زِياده
فَما مِن شَقوةٍ إِلّا وَكانَت / مُؤزلة كَتأزيل السَعاده
فَفيما يَزعم الجهال أني / تَخيرتُ الخسار وَالاِستفاده
لَقد جَهلوا الحَقائق حينَ ضَلوا / عَن الحَق الَّذي تَرضى اعتقاده
فَقالوا أَنتَ مُختار مريد / وَقُلت اللَه يفعل ما أَراده
مضى شهر الصيام فقل خليلي
مضى شهر الصيام فقل خليلي / بقلبٍ خاشعٍ أو شأنِ دامِ
أتيتَ كزائرٍ والى فولّى / كأنك كنت طيفاً في منام
رحلت مكرَّماً فعليك منا / سلام جل عن معنى السلام
أحبَّتَنا تعالوا ما فعلنا / نتوب فقد مضى شهر الصيام
فهل قضّيتموا من واجبات / وهل عظمتموه بالقيام
فاني قاصر عن كل هذا / ومالي غير ذنبٍ واجترام
ولكن آملٌ ظني جميلٌ / برب العرش في حسن الختام
لعل بجاه خير الخلق أحظى / بما أمّلت من نيل المرام
إلهي كم أمرتَ فما امتثلنا / وبدلنا الهداية بالظلام
إلهي طال سيري بالمعاصي / فماذا قد يكون غداً مقامي
إلهي الزاد بالتقوى قليل / على طول المراحل والمرامي
فوا ويلاه إن نشروا كتابي / وما قدمته أضحى أمامي
ووا خجلاه كيف العذر عنها / إذا ما أسفرت لي عن لثام
إلهي بالنبيْ والآل جمعاً / وبالأصحاب والرسل الكرام
إلهي بالموالين البواكي / إذا جنَّ الدجى تحت الظلام
إلهي بالسكارى من جمال / إلهي بالحيارى في الغرام
أرجِّي توبة من قبل موتي / وعفوك فهو خير الاغتنام
بحق نبيك المختار فينا / شفيع المذنبين من الأنام
عليه صلاتك الحسنى دواماً / إلى يوم القيام من الرجام
رسول اللَه مالي إِن تَوالتْ
رسول اللَه مالي إِن تَوالتْ / هُموم أَو تهان قد تولتْ
سِواك مؤمّل فادرك كروبي / وَحقِّك يا رَسول اللَه جلّتْ
أَيَنجو كَلب أَهل الكَهف مَعهم
أَيَنجو كَلب أَهل الكَهف مَعهم / وَيَهلك يا رَسول اللَه إِبنُكْ
عَزيز أن يَذل لَديك جارٌ / وَيضعفَ أَن يَقي الراجين رُكنُك
رَأَيت النَفس يَقتلها هَواها
رَأَيت النَفس يَقتلها هَواها / إِذا بَلغت وَيدهمها مُناها
أَرى الآمال تَسعى بِالمَعنّى / فَلا يَنهاه إِلّا مُنتهاها
ولو أَغنَت عَن المَرء المَساعي / لَما مَنعت نُفوس مشتهاها
وَلو دامَت غوايات لدامَت / أَوائلنا فَلم يَهرم صباها
نُفوس تَجهل العُقبى فَتَلهو / بِما اِختارَت وَزين مبتداها
فَلا كانَت أَمانيها الخَوالي / لَقَد أَبدى النَعيم بِها شقاها
فَيا كَم لَيلة أَغوى دجاها / وَأَيام وَأَغرانا ضحاها
تَركت العَزم فيها ذا اِنحِلال / وَعَين الحَزم يضحكني بُكاها
فَلم أَرَ في جَمال الدَهر إِلّا / أُموراً يَعقب الأَسف انقضاها
لذاك كبحت نَفسي عَن غُرور / وَقَد بَلغت ضَوامرها مَداها
وَإِني بَعدَ تَجربة اللَيالي / وَعرفاني الحَقائق مِن سَراها
بِخَير الخَلق لُذت فَزالَ بُؤسي / وَنَفسي وَطّدت حتماً رجاها
وَكَيفَ تذل آمالي بِيَأس / وَقَد بَلغت بي الحاجات طَه
يَعز عَلى رَسول اللَه أَني / وَثقت بِهِ وَأَعدم مِنهُ جاها
عَلَيهِ صَلاة رَبي ما تَجلت / شُموس ضحى وَما قمرٌ نلاها
أَخ وَالدَهر يَضطرب اِضطِرابا
أَخ وَالدَهر يَضطرب اِضطِرابا / وَخلّ وَهوَ يَقتضب اِقتِضابا
سفور وَالخطوب قَد اكفهرّت / تجرّد والظُبَى تَهوى القرابا
وَجاش عَلى ركود مِن زَمان / وَأَقبل وَالقَضا يبدي اِنقِلابا
وَدافع وَهيَ تقتحم اقتحاماً / وَأَوجَب وَهيَ تستلب استلابا
وَكرّ وَكرّت الأَقدار جَهراً / فَعز جوارها وَسما جنابا
وَدار وَدارَت الأَدوار حيناً / فَداراها وَقد رابَت وَرابا
وَشدّ وَشدّت الأَيام حَرباً / فَناواها لِما نابَت وَنابا
وَأَرسل في غيوب الأَمر فدّاً / مَع الآمال يَنساب اِنسيابا
وَمارس دَهره ليناً وَشدّاً / وَباراه اِبتِعاداً وَاقترابا
فَسالمه مِن الحدثان حَرب / وَأَرضته لياليه الغضابا
وَجرّب ما يُرجّيه وَيَخشى / فَلم يَحمد عَلى كره مآبا
إِلامَ تَصبُّراً وَإِلامَ لَبثا
إِلامَ تَصبُّراً وَإِلامَ لَبثا / وَغيرك جدَّ في هذا وَحَثّا
أَلم تَرَ للبغاث يَعود نسراً / إِذا ما فارق الوَكَنَ الأَرثّا
وَلَولا سَطوةٌ من لَيث غابٍ / لبال برأسه السرحان عَبْثا
قَنعتَ بذلها وَتركتَ عزاً / وَعفتَ سَمينها وَأَخدتَ غثّا
أراعك بُعدُ جيرانٍ وَدارٍ / أَم استخذلنك الأَجفان نَفثا
فَديتك ما اِعتزاز مثل هون / وَلا حَسناء إِن نادمت شعثا
تَخلى عَن هَوى صحب وَآل / وَدَع حبل الوَفاء فَقَد أَرَثّا
وَعش إِن عشت منفرداً وَحيداً / وَلا تَأمل فَيُبدي الدَهر نكثا
تطالبني المدامةُ وَالزجاجه
تطالبني المدامةُ وَالزجاجه / نعم في النَفس آمال وَحاجهْ
وَيغريني الشَباب بِلَيل أنس / وَأَخشى من مشيبي ابتلاجه
ولي نَفس تَهش إِلى النَدامى / إِذا ماروّق الساقي زجاجه
ولي في الغَيب آمال طوال / وَمَن لا يَرتجي يَرجو عِلاجه
فَيا تلك الطلول وَما عهدنا / سنقطع دوّها وَنَرى فجاجه
وَنترك منهلاً يَحلو لَدينا / إِلى مرّ وَلا نَأبى أَجاجه
وَإِن هوَ لَم يَسغ للنفس صرفاً / جَعلنا مِن دَم الجاني مزاجه
أَفي الأَوطان ينكرني عدوّ / وَنَحنَ القَوم قوّمنا اِعوِجاجه
سنجلبها إِلى سُوق المَنايا / وَنَطلب باستباحتها رواجه
وَتبدو بَعد مغربِها شُموسٌ / فَيطفئ ضوءُها قَهراً سراجه
أَنا السَيف الَّذي يُفني الأَعادي / وَإِن السَيف مَغموداً يُواجه
فَعلّ اللَه يا لَيلي معيني / وَأَبصر بعد ضيقي اِنفِراجه
أَبونا يافثٌ وَالمُلكُ فينا
أَبونا يافثٌ وَالمُلكُ فينا / وَرثناه شباباً عن شياخِ
فَنَحنُ الناس وَالدُنيا لدينا / فَطوبى للمصانع وَالمُواخي
حَنَونا إِذ شملناهم عليهم / حُنُوَّ المضرحيّ عَلى الفراخ
فَكانوا دوننا سَهلاً مهيداً / وَكنا فَوقَهُم مثل الشماخ
نحوطهمُ وَنقضي الحُكم فيهم / وَنَحمي الدين عن وَصم انتِساخ
سل الدُنيا وَمَن تَحويه عَنّا / لتسمع ما يصخ عَلى الصماخ
فإن قست الأَنام بنا فسوّي / مَقادير البغاث مع الرخاخ
نعم هم أَعدموا حزمي وَصَبري
نعم هم أَعدموا حزمي وَصَبري / بِما أَبدوه من غَدري وَهَجري
وَمالوا وَارتضوا عَني بَديلاً / وَإِني الخَيرُ مِن أَبناء دَهري
وَإِني سدتهم شهماً فشهماً / وَذل لعزتي جبار عَصري
وَكلهم يراني ذا ابتسام / إِذا يَبكي العَدوّ لهول قَهري
وَإِني إِن عَتا فخار قَوم / يَهون بِقَهر مَولانا لذكري
فَسيفي منطقي المَسلولُ دَوماً / يَصيب مقاتل الأَعدا فَيفري
فَأَيُّ أَخي ثَباتٍ قيل يَوماً / إِذا ناديتهُ لبَّى لكرّي
وَمِن عَجب أَذلّلُ كُلَّ شَهمٍ / فَيَعرف مَوقفي وَيُجلُّ قَدري
وَيَرضى مَن أَحَب مِن البَرايا / بَديلاً بي فَيا عَجَباً لِأَمري
وَكَيفَ وَلَيسَ يُنكرني جهاراً / وَلَيسَ بِجاهلٍ مَجدي وَفَخري
وَيَعلم كَنهُ صدقي في وِدادي / وَحسن طويتي وَعَفاف سرّي
عَلى أَني أَقول وَلَيسَ بدعاً / سَتردعه التجارب بعد نذر
وَإِني لَست أَيأس مِن وِصال / يَقدّره الإِلَه وَلَستُ أَدري
فَكَم يَسرٍ أتي مِن بَعد عسر / كَما عسرٌ أَتى مِن بَعد يسر
وَإِنَّ زَمانَ أَحزاني سيمضي / كَما قَد زالَ عن أَوقات بشري
فَدَعه يَختبر غَيري زَماناً / لِيَدري هَل وَفاه دُون غَدري
سَتبدو مِن بواطنهم إِلَيهِ / بِتجربة أُمورٌ تَحتَ ستر
وَدَعهُ قَد يَكُون بكل خَير / يباعدني وَيَدنو وَقت شر
فَإِني مثل ما يَرضى صَديق / أُلاقي دُونَهُ البَلوى بِصَدري
فَلا عز سِوى ذلي لَديهِ / وَتلكَ حَقيقَتي في طُول عُمري
نزعت إِلى العُلا وَحرصتُ جهدي
نزعت إِلى العُلا وَحرصتُ جهدي / وَلَكني قنعت من المعاش
فلست لغير من أَهوى أَسيراً / وَلَست لِغَير نُور الكاس عاشي
أَهيم إِذا شموس من كؤوس / تطفن عَلى الكبود من العطاش
وَيطربني مناد قال هَيا / إِلى أمّ الصَفا أُخت اِنتِعاش
أَقوم إِلى الطِّلا وَالكَرم جَوّي / وَشَمسي قَهوتي رَوضي فراشي
وَما عمر الفَتى إِلا سُرور / وَإِن فاتَ السُرور فذاكَ لا شي
وَلا عَجب إِذا ما يَسمو عَني / فَتى دُوني مِن القَوم الخشاش
فَإِن نسر عَلى النيران يَقوى / علا للظاه محترق الرياش
لعمرك ما قَعدتُ عَن المَعالي
لعمرك ما قَعدتُ عَن المَعالي / لذلة عاجز أو يأس خائفْ
وَلا سَعيي تَأَخر عَن مَداها / لقصر الباع أَو تَرك المَعارف
وَلا غَيري تقدمني لشيء / سِوى التَقدير في حسنِ التَصادف
نعم وَيسوءهم أني نَزيه / وَأني عارف ثُم ابن عارف
يَقول فَلاحنا وَنَرى خلافه
يَقول فَلاحنا وَنَرى خلافه / ذَليلٌ ظلَّ يَطمع في خلافهْ
وَكَيفَ يَرومها عَفواً وَتَأبى / عَزائمُ قَومه ما كانَ عافه
وَكَيفَ يَروم قوّة دار ملك / وَقَد وَلّى حَفيظته ضعافه
دَسائس مصر ما تُغني إِذا ما / رأَيت السَيف يَقترف اِقتِرافه
فَأَيّ فَتى يدافع عن دِيار / إِذا ما رامَها عَدم اِنتِصافه
وَأَيّ يَد تمدّ إِلى عَدوّ / وَقَلب ممدّها يَخشى اِنصِرافه
فَدَع أَبناء مَصر لغير هَذا / لِتَحسين المَلابس وَالقيافه
فمن ردّوه عَنهُم قَبل هَذا / وَهَذا القطر كَم جانٍ أَخافه
فَكَم من قائل يا خلّ عَنها / فَكَم دُون الأَماني مِن المَخافه
وَدون العز أَيّ دم عَزيز / وَدُون الملك كَم هولٍ وَآفه
فَدَع نيل العلا لقناً وَسَيفٍ / فَلَيست بِالخلاعة وَاللطافه
وَلا تَقضوا بزخرفة الأَماني / وَأَنتُم تَأنفون مِن الخرافه
وَعيشوا بِالحَقارة وَاستَطيبوا / مَرير الذل يُمزج بِالسلافه
فَثمَّ مِن الرِجال إِذا اِستَعدوا / وَكَأس المَوت ساقيهم أَطافه
يَرون الرُمح قَدّاً قَد تَثنّى / لَدى الهَيجا فَيهوون اِنعِطافه
يَرون السَيف مبتسماً كَبَرق / يَسرُّهمو فَيَبغون اِختِطافه
أَلا لا تخطبوا خَطباً جَسيماً / يُصيب فَلَست تُدرك إِنكفافه
فَهُم في يَوم سلم أَيّ جَيش / خَميس عرمرم تَخشى اِصطِفافه
وَلَكن يَوم دمدمة وَحرب / كنون الجَمع في حال الإِضافة
وَأَخشى إِن أَصابك يَوم سوء / تَكون عدمتهم وَجلبت آفه
أَأَخشى أَم تخوّفني المَهالكْ
أَأَخشى أَم تخوّفني المَهالكْ / وَهَل في الكَون شَيءٌ غَير هالكْ
إلهي إن يَكن يدنو مماتي / فَما بَينَ البَواتر وَالنَيازك
بِحَيث الرمح يَلمع وَهوَ دام / وَحَيث السَيف يَبكي وَهوَ ضاحك
بِحَيث أَرى القتام دَجَى وَغَشَّى / وَحَيث الزُهر بارقة السَنابك
بِحَيث أَرى النَعيم لَدى يَميني / وَعَن يسراي نيران المَعارك
بِحَيث يَكون فَصلي عَن جَواد / وَصالاً يُبتغَى بِعُلى جوارك
وَلا تَجعل مماتي حتف أَنفي / فَيسأم عائدي وَيملّ تارك
رِجالُ الرُوم تَهوى الكبرَ حَتّى
رِجالُ الرُوم تَهوى الكبرَ حَتّى / جبالهمُ تتيه بكبرياها
جبال يصبح الهادي مضلاً / بِها وَالمورُ يُحجَبُ عَن سَماها
كَأَن الشَمس من تَحتَ الأَراضي / لِذلك لا تَرى أَبَداً ضياها
فَهَل من مخبر عَني صحابي / بِأَني وَالجَواد عَلى ذراها
أَظنّ العُمر يبلغ بِالنِهايهْ
أَظنّ العُمر يبلغ بِالنِهايهْ / وَخطب الدَهر يطلبني بِغايهْ
وَلا يَسمو منار لي بعلمي / وَلو أُوتي الدِراية وَالهِدايه
فَما أَرجو السُرور وُكُل همّ / مِن الأَيّام أَرعاه رِعايه
وَإِن يَك قَدّر المَولى فَما لي / بِدَفع قَضاه حَولٌ وَلا حِمايه
أَقول وَلَست عَن جَهل مَقالي / وَلا مللٍ هُناك وَلا شِكايه
رَأَيت الهمّ وَالبَلوى عَياناً / فَلا يَحتاج مثلي للحكايه
يَقول العاذلون فَتى خمولٌ / وَلى في كُل ما يَبغون آيه
فَلو عدّوا المَكارم أَنصفوني / وَقام دَليلُنا وَبِهِ الكِفايه
بقدر الفضل تعتز الرياسهْ
بقدر الفضل تعتز الرياسهْ / وَباب النصر تفتحه السياسهْ
وَلَيسَ يُرَدّ عن أَملٍ مليكٌ / لَهُ فَضل الحزامة وَالكياسه
حَكيم عالم يقضي بفكر / له من نور مولاه فراسه
يبيت يعانق الآمال ليلاً / وَيصبح هاجراً رَوضاً وَطاسه
يؤم من العلا شأواً فشأواً / بعزم تتقي الأَيام باسه
فطوراً فوق سرحوبٍ أَغرٍّ / وَطوراً قَدَّ خطّارٍ أَماسه
وَطوراً صدر إيوان جليل / يحلل من عنا الأَمر التباسه
وَما هو غير إِسماعيل حقاً / وَما اِسماعيل ما يدريك باسه
أَقام الملك وَاستعلى وَعالى / فَشيد ركنه وبني أساسه
وَحلّى جيد مصر فمن يباهي / بهاتيك اللطائف وَالنفاسه
وَسوّغ منهل الآمال فيها / لواردها فَما يَخشى احتباسه
أَقام الدَهر بين يديه عَبداً / يَروّيه الثَنا وَيسرّ ناسه
وَحدّث عَنهُ أَقلامٌ وَكتبٌ / وَما أَحد تَرى بِسواه قاسه
وَسار مخبّراً عنه البَرايا / لِسانُ السَيف حَتّى أَرض كاسه
سَلوه عَن بَوادره وَماذا / دَهى الأَحباش إِذ دَعَت الحماسه
بغوا فدهتهمُ منه جيوشٌ / كِرامٌ كَالليوث ذوو افتراسه
بأَعلام يَلوح النصر منها / كَأَحلام كفتهم عن حراسه
فَيا للّه من يَوم عَصيب / تَزلزل إِذ دَرى الجبار باسه
أَتوا وَالبَغي يقدمهم وولوا / عَلى علم أَصاب الخزيُ راسه
وَذل عَزيزهم وَمشى الهوينا / عَلى استحيائه بعد الشراسه
وَردّ جماحه خيل وَرجْلٌ / أَلانت صعبه وَمحت شماسه
وَكان اليَوم يَوماً مكفهراً / جَليدُ القَوم أَنكر فيهِ باسه
فَكَم بطل عَلى طلل طَريح / كَأَن المور أَلبسه لباسه
وَكَم شَهم تبختر باغترار / دَهاه أَسمر فذرى اِنتِهاسه
فَما أَغنى صَليبٌ عَن قَتيلٍ / تحضّنه عَلى يَأس وَباسه
وَلا نادى منادي القَوم جَهراً / وَلا ليلاً دَرى جفنٌ نعاسه
فَلا تعجب لَهذا الفَوز وَاعلم / بقدر الفضل تعتز الرياسه
سرور شامل أَولى المَنايحْ
سرور شامل أَولى المَنايحْ / وَأَنس جامع للصدر شارحْ
فَظبي القَصر بَين عرين ضار / وَشَمس العز قارن بدر لايح
فَيا قَلب انشرح وَاطرب وَهنّي / وَقل ما شئت يا رَب المَدايح
فَإِن الدَهر جاد وَقال أَرّخ / هَنائي ثابت لزفاف صالح
أَغار مِن الغُصون عَلى القُدودِ
أَغار مِن الغُصون عَلى القُدودِ / وَمِن وَرد الجِنان عَلى الخُدودِ
وَمِن رمّانها أَخشى فَإِني / أَرى فيهِ مشابهة النُهود
وَمِن بَدر السَماء إِذ تَجلّى / عَلَينا وَهوَ في أُفق السُعود
وَأحسب أَن يَزرني في مَنامي / بِأَن الدين وَالدُنيا حسودي
وَأَطرب لَو يبادرني بكأس / وَلو مزج الطِّلا بدم الوَريد
حَبيب جلّ عَن شبه وَمثل / فَريد قَد تَعالى عَن نَديد
إِذا ما ماس من عجبٍ وَتيهٍ / تَرى الأَغصان تومي بِالسُجود
وَإِن يَرنو إِليّ يسلّ سَيفاً / كَليلاً صال بالغرب الحَديد
سَقيمٌ شاطرٌ في فتك قَلبي / ضَعيف وَهوَ ذو بَطش شَديد
يكلمنا فكم قلب كَليم / وَكَم عَين تجود لَهُ بِجُود
مَتى يَدنو أَرى عَدمي وُجوداً / وَإِن يبعد ففي عدم وُجودي
عَلى خدّيهِ ماء الحُسن يَجري / كَجري الطلّ في وَردٍ نَضيد
وَفي أَعطافه لينٌ وَشدّ / عَلى حُكم المَناطق وَالبُنود
كَأَنّ بثغره خَمراً عَتيقاً / يَطوف لَنا عَلى الوَرد الجَديد
وَلَولا أَن أَرجي مِنهُ وَصلاً / وَبي شَوقاً إِلى أَمل مَديد
لَما غَنّت مطوّقة سُحيراً / بِغير تَرنمي وَسِوى نَشيدي
وَلا لذت لي الخَمراء يَوماً / وَلا ناديتها هَل مِن مَزيد
وَلا قُلت اسقنيها يا نَديمي / وَهات بِها عَلى نايٍ وَعُود
وَلا منت لي الأَفراح نَفساً / وَلا هشت إِلى قصر مشيد
وَلَكن لي مِن الدُنيا أَمانٌ / وَأَرجو أَن تَفي لي بِالوُعود
وَلم أَيأس مِن العَليا ليأسٍ / فَإِنّ الغَيث مِن بَعد الرُعود
وَربّ مفند الأَفكار خال / يَلوم صَبابةَ القَلب العَميد
وَلو ذاقَ الهَوى وَهوى وَلاقى / كما أَلقى وَكَم يَنأى مبيدي
فَبات بمهجة حرّاء شَوقاً / وَطرف هامع دامٍ سهيد
لَما عابَ الهَوى وَالراح تُجلَى / عَلى شرّابها في كف غيد
وَما كل القُلوب محل وَجد / وَلا كُل الدُخان دُخان عُود
فَما في الناس إِلا مَن تَفانى / عَلى حُب المصادق وَالوَدود
وَقالَ لذي التقى حِد عَن طَريقي / وَقال لذي الهَوى خذ يا مريدي
وَفي حُب الجَمال أَضاع رُوحاً / وَراحَ مروّعاً بنُهَى جليد
وَآثر نار خدّيهِ نعيماً / عَلى لذّات جنات الخُلود
وَإِن يَردى بِسَيفٍ مَن لحاظٍ / يَجدْ مِن نَفسهِ بُشرى الشَهيد
يروّعه الغَرام بكل عَزمٍ / يَكاد يُشيب ناصيةَ الوَليد
وَتَرميهِ الظُبى بِسهام غمزٍ / معوّدةٍ عَلى صَيد الأُسود
وَلَيسَ يردّه عَنها التَردّي / وَلَيسَ يَصدّه طُولُ الصُدود
وَما لذَّ الهَوى إِلا لحرٍّ / تَذلل للهوى ذلَّ العَبيد
كَأَنّ سُروره بِهواه أُنسي / بشبلٍ جاءَنا مِن لَيث صيد
سُروري ما يُسَرُّ بِهِ صَديقي / نَزيه الطَبع ذُو الخَلق الحَميد
فَهات عَلى السُرور فَإِن رَبي / لَأَحمَد جاد بِالنَجل السَعيد
أَأَحمد دم وَنَجلك دام يَرقى / بِطارفه عَلى شَرَف تَليد
فَإِنك للظُبى وَالسمر رَبٌّ / وَللآداب وَالرَأي السَديد
وَإِنك شَمس دارات المَعالي / وَنَجلك بَدر هالات الوُجود
يَهنّئك الزَمان وَقَد يُهنَّى / بِمَولود فَريد مِن فَريد
يَقول مَع الهَنا يا عزُّ أَرّخ / تحلّ حسين في شَرَف مَجيد
بَدا شَوقي لحسنك وَهو ظاهرْ
بَدا شَوقي لحسنك وَهو ظاهرْ / وَراق الأنسُ قَلبي وَالنَواظرْ
وَأَطربت التَهاني بِالتَداني / فُؤادي وَهِيَ تخطرُ لي بخاطر
فقلت أَتك شَعشعةُ الحُميّا / يَطوف بِها كحيلُ اللحظ ساحر
وَهَذا مَجلسٌ أَم رَوض أَنسٍ / وَهاتيك الأَزاهر أَم زَواهر
فَقالوا لا وَلَكنّ التَهاني / بِمَولود الأَمير لَها بَشائر
فَقُلت يَعيش شبلاً في عَرينٍ / بعزِّ أَبيه في العليا يفاخر
وَقلت مع الصَفا يا مَجد أَرّخ / قُدوم محمدٍ بالخير زاهر

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025