المجموع : 14
هل انعقدت أكاليل الزهور
هل انعقدت أكاليل الزهور / على غير الأهله والبدور
وهل سفرت براقع من شقيق / على الوجنات من نار ونور
خدود بالجمال موردات / وألحاظ فترن عن الفتور
وأجسام تكاد تذوب لطفا / بأكباد تقد من الصخور
أوانس من ظباء الحي تعدو / أنيسات المجالس غير نور
تبرجها الملاعب والملاهي / مفضضة المباسم والثغور
فما أدري ثغوراً من عقود / تفصل أم عقودا من ثغور
معاطفهن أغصان المغاني / وأوجههن أقمار الخدود
جزين الرمل في أحقاف رمل / تكاد تسل أثناء الخصور
وارجن الحمى بأريج مسك / ركبن حقاقه فوق الصدور
مراشفهن والمقل السواهي / تريك الحسن في حورٍ وحور
وفي وجناتهن رياض حسن / وأقمار فمن نورٍ ونور
فلم نعرف محولاً في ربوع / ولم ندرك سراراً في شهور
ومخطفة الحشا تختال تيهاً / كخطوط البان في كفي هصور
إذا برزت أذالت ليل شعر / فتبرز بالستور من الستور
ولو سفرت لجللها سناها / فتحجب بالسفور عن السفور
ترى نظري إذا طلعت إليها / على صدق الهوى نظر الغيور
تعاطيني على نغم الأغاني / وتنشدني على نطف الخمور
حمياً عتق العصار منها / مجددة البشاشة والسرور
أضأنا في سناها واستنرنا / فما ندري العشي من البكور
لقد لمعت بمر تبعي فأضحى / سواءً طور سيناء وطورى
وقد شفت فما ظهرت لراء / فكان خفاؤها الظهور
كأن حبابها أطفال در / ترقص فوق مهد من سعير
إذا نظرت نمير الماء قالت / فغض الطرف إنك من نميري
شربناها مشعشعة بكفي / فتاة كالهلال المستنير
فتاة تيمت قلبي دنوا / وصدت شيمة الظبي النفور
رأت أترابها كلفي ووجدي / فقلن لها احتكمت فلا تجوري
فقالت ما عليه فسوف يسلو / لقد قالت ولكن قول زور
فلا هي قبل ذلك أنذرتني / ولا أنا ذلك بالصبور
لئن ملت دنوي واستقلت / فلست أمل راحلتي وكوري
وإن أحزن لشحط من نواها / فبالمهدي مقتبل سروري
فتى عقد الكمال عليه تاجا / ترصعه المعالي بالحبور
تبينت المكارم منه قرما / طويل الباع ذا نسب قصير
أبا المهدي كنية مستطيل / على العلياء معدوم النظير
أزف لك التهاني نيرات / تنظم من طروس في سطور
حلفت بجازيات بطن وجٍّ / بأخفاف كأجنحة النسور
بأمثال النبال من الترامي / وأمثال القسي من الضمور
جزين الورد لم يشربن إلا / أعاصير الجنائب والدبور
طوت شقق الفلا حتى أنيخت / بمكة بين أهضاب وقور
وبالملأ الكرام تيمموها / على انضائهم شعت الشعور
إليك مصير كل علا وفضل / إذا ما الشيء صار إلى المصير
لك الحظ الصريح من المعالي / وحظ سواك مشتبه الأمور
وفضلك لا يرد وكان أرثاً / إذا ردت عواري المستعير
لك البيت المقيم بجانبيه / سنام المجد من كرم وخير
فرهطك خير رهط حيث كانوا / جحاجحة ودورك خير دور
إذا ما قيل أي الناس أتقى / فما تعدوكم كف المشير
تجر على المجرة منك ذيلاً / نقياً ما تدنس بالعثور
ولم تك أنت مختالاً فخوراً / فداؤك كل مختال فخور
ولكن قد شكرت فأنت أحرى / بعزة مؤمن وعلا شكور
أقمت شريعة الهادي فأضحت / ممنعة مسورة بسور
أبنت مدارك الأحكام حتى / أبنت لنا اللباب من القشور
أعر نسمات نشرك للنعامى / وعطرها بخلقك لا العبير
وهب للروض بشرك فهو أزهى / ببهجته من الروض النضير
لئن جف الثماد فأنت مروٍ / وأن صلد الزمان فأنت موري
وأروع يستجير المجد فيه / أجل طه مجير المستجير
إذا ذكر التقى فإليه يعزى / وإلا فهو تسويل الغرور
يخال من العبادة خوط بانٍ / يميل بعطفه صوم الهجير
تجلبب كل مكرمة فزرت / عليه مطارف الشرف الخطير
إليك زففت حالية القوافي / محبرة تطرز بالحبور
عوان اللفظ أبكار المعاني / جموح النظم شاردة الشطور
بقيت بقاء مجدك وهو باق / بقاء النيرات على الدهور
ولا زالت ربوعك حاليات / ببشرك بالعشي وبالبكور
أعار الحسن وجنته لهيبا
أعار الحسن وجنته لهيبا / ليمنع نمل عارضه دبيبا
وأفرغه الصبا قمراً فلما / تلظت نار وجنته أذيبا
إذا استرشفت من برد الثنايا / أخاف عليه من نفسي لهيبا
إذا ما افتر شمت وميض برق / وإن سميته الثغر الشنيبا
تغنى حجله فحسبت غصنا / ثنته صبا فأوقع عندليبا
إذا هضم الصبا كشحيه أوفى / بردف ماج مرتجاً كثيبا
فها أنا منثنٍ أدنو إليه / إذا ما اهتز معتدلاً رطيبا
وهل أنا راجع بعناق ظبي / رشا قد تيم الرشأ الربيبا
فأنعم من على الغبراء عيشا / محب باب معتنقاً حبيبا
سفرت لناظري زهراً مندى / فدع لي طيب نشرك أن يطيبا
إذا منه أنست غريب حسن / أتاك بغيره حسناً غريبا
وتحسب وجهه قمراً فيرنو / فتحسب لحظه سيفاً قشيبا
إذا رمت السلو اشتد وجدي / وزاد على الوجيب به وجيبا
وعيشك أيها الرشأ المفدى / لعيشي دون وصلك لن يطيبا
ولست أمد لي أمداً بعيدا / إذا ما كنت لي فيه قريبا
فذات الطوق لو نظرت إليه / لأصبح جيدها منه سليبا
وصور قرطه صنما فخرت / له الأصداغ تعبده صليبا
متى ما كافر الظلماء يدعى / لمرسل شعره لبى مجيبا
فإما لاح حير كل لب / فلم تر عند مرآه لبيبا
رشا تعشو النواظر منه نورا / فلا أخشى بنظرته الرقيبا
أغار الشمس لما واجهته / بمطلعها فودت أن تغيبا
وأخجل قرصها فاحمر حتى / حسبت شعاعها الكف الخضيبا
ولاح لها بمطلعها اضطراب / اتنحو الأفق أم تنحو المغيبا
هوى قد ضاق صدر الصب فيه / ولازمه فعاد به رحيبا
أقام بعينه فغدا سهادا / وحل بقلبه فغدا وجيبا
ووإني قد قرضت الشعر حبا / لذكرك لا لأن أدعى أديبا
فلست ترى به لفظاً غريباً / ولا معنى به إلا غريبا
ولست كسائر الشعراء شعري / تعود أن يثاب ولا يثيبا
ولست أقول هذا العشر إلا / فخاراً أو عتاباً أو نسيبا
لقد سفرت به الظلماء حتى / غدا وضح الصباح به قشيبا
فعرسنا بأروع هاشمي / يريض بسيبه البلد الجديبا
لو الغيث استعار نداه مجرى / لما عرف الورى بلداً جديبا
وأمطر ثم عن برد وتبر / وأسبل برقه غيثاً صبيبا
فتى قد عرقت عدنان فيه / وذاك العرق أحرى أن يطيبا
رأته الباسم العباس يوماً / ويوماً مستماحاً أو مهيبا
فتى ما شب عن طوق علاه / ولكن ساد شبانا وشيبا
لقد ضمت مخايله مزايا / له أبت النقيبة أن يخيبا
فقم هن به الحسن المفدى / زعيم المجد والروض الخصيبا
فتى شرع المكارم للبرايا / فكان هناك أوفرهم نصيبا
ترف عليه ألوية المعالي / إذا ما سار يملكها جنيبا
ألم يعلم مقبل راحتيه / بأيهما حياً يهمي صبيبا
دموعي وهي حمرٌ مرسلات
دموعي وهي حمرٌ مرسلات / وشت بي عند أهلك لا الوشاة
أتنكر يا أخا القمرين لثمي / وفي خديك من شفتي سمات
فسل عطفيك كم طعنا فؤادي / إذا علمت بموقعها القناة
أتحكي السمر قدك باعتدال / وما ثقفت وهن مثقفات
وسل كبدي ففي كبدي سهام / بأهداب الجفون مريشات
فلو نزعت لحاظك عن قسي / لما حملت سواهن الرماة
لقد وقعت على كبدي كأني / لأحداق المها عندي ترات
فصلني إن وصلت أخا غرام / فشملي كاد يصدعه الشتات
وإن نظر الزمان إلي شزراً / وكادت أن تفارقني الحياة
فقد أحيا بوصلك لي وتحيا / بجود محمد الحسن العفاة
فعنعن في مدائحه حديثاً / فذاك أصح ما نقل الرواة
قد اختلفت طباع الناس نوعاً / كما اختلفت بألسنها اللغات
فكان أجلها شأناً همام / تغنت في مدائحه الحداة
فتى قد أعوزت كفاه شبها / وإن زعمته دجلة والفرات
هما قد شرقا سيراً فخصا / مسيلاً لم تسل منه الفلاة
وقد عمت بداه الكون جوداً / قد امتلأت به الست الجهات
طما نهر المجرة من نداه / فأنجمه أقاحٍ نابتات
هلا خبر الحمى لمن استهلا
هلا خبر الحمى لمن استهلا / فهلهل بالبراعة مستهلا
أعد ذكر الحمى ليعود أنسي / وكرره علي فلن يملا
وشبب في أهيل منى قصيدي / معرضة بسكان المصلى
وصرح لي بعذرك لي حنوا / فقد أضجرتني فندا وعذلا
فلي بين القباب فتاة خدر / يمد لها القنا الخطي ظلا
تريك تقاليا وتسر حبا / فتحسن منظراً وتسوء فعلا
إذا وصلت فقد وعدتك هجرا / وإن هجرت فما وعدتك وصلا
صبا لك يا ابنة البكري قلبي / فمهلاً لا عدمت هواك مهلا
جعلت لك القضا أمراً ونهيا / فما شئت أحكمي جوراً وعدلا
وقلت فتاك مقتول فقالت / إذا ما الحب أفراط كان قتلا
بروحي من بروحي أفتديها / وقل لها الفدى مالا وأهلا
إذا عانقتها عانقت خوداً / منعمة رشوف الثغر كحلا
كأن الأقحوانة قبلتها / بمبسمها فأبقت فيه شكلا
وإن سفرت فقد أبدت شقيقا / أجادته يد النعمان صقلا
تريك الصبح غرتها انبلاجا / إذا ما الليل طرتها أطلا
إذا خطرت وإن نظرت نظرنا / لها ولجفنها رمحاً ونصلا
كأن ببردها نقوي كثيب / يهزان القوام إذا استقلا
وإن نزعت حواجبها قسيا / رمتك فواتر الألحاظ نبلا
تصوغ التبر منطقة وطوقا / وأقراطاً وأسورة وحجلا
فجاءت كالأراكة أثقلتها / ثمار الحلي فهي تنوء ثقلا
حبسنا دونها الألحاظ خوفا / على تلك المحاسن إن تسلا
أرق من الحميا في يديها / وأطيب من مذاقتها وأحلى
بحيث الزهر ترضعه الغوادي / بحجر خميلة حضنته طفلا
وقامت فيه ما شطة النعامى / تسرح من جعود آلاس جثلا
وثغر الأقحوان افتر حسنا / لأعين نرجس ينظرن نجلا
وأعطاف الأراك مرنحات / كأعطاف الحسان تميل دلا
فكم خاتلت ثم وخاتلتني / جآذر ما ظفرت بهن ختلا
فيا شهب الثريا سامريني / فلو كان السمير سواك ملا
كأن الصبح سيف في جفير / تقلده الجبان فلن يسلا
ولو أني تصدقني الأماني / لكنت اليوم أجمع منك شملا
مضى زمن الوصال وكان وافي / كظل غمامة ثم اضمحلا
فقرب صاح عنسك واعتقدها / مخبسة تعد الحزن سهلا
متوقة علنداتا أمونا / جسوراً ذعلبا ختماء بزلا
تمثل لي بأوب من يديها / يدي نصفٍ تجيد اللطم ثكلى
ولي بك حاجة فقف أتنظرني / كلوث البرد عمرك أو أقلا
تحملها رسالة مستهام / يكلف من نسيم الريح رسلا
على الحسن الزكي سلام صب / مقيم ما أقام وما استقلا
محضت لك المودة يا ابن ودي / وقد أشهدت قلباً منك عدلا
ألست مطيل أبنية المعالي / وخير قبيلها فرعا وأصلا
لك الفرس المسوم حيث يسمو / رعيل الخيل والسيف المحلى
فحزت رهانها في كل مجرى / وفزت هناك بالقدح المعلى
يحيي الوافدين نداك غيثا / فيحيي ممحلاً ويميت محلا
طلعت عليهم طلق المحيا / كأنك منهم أوتيت سؤلا
ولم تمنن وإن أعطيت جماً / وقد أوسعتهم بشراً وبذلا
كأنك إذ تجيز الوفد تقضي / ديوناً أسلفوك بهن قبلا
أخو ورعٍ أو يسي وفهم / أياسي وحد لن يفلا
وخلق كالأزاهر باكرتها / يد الأنواء فهي ترش طلا
وقد نطقت شواهد بيناتٍ / بأنك عيلم العلماء فضلا
لك القلم المترجم عن علوم / يهتك سترها نقلاً وعقلا
إذا مشيته في الطرس رضيعا / فإن فطم استكن وعاد حملا
إذا اعتنق الأنامل أولدته / على مهد من القرطاس نسلا
تراه لدق قامته كصبٍ / أضر به المقام فما أبلا
بقيت فهاكها غراء يحلو / بمدحك جيدها ويروق شكلا
قصيد زفها لعلاك فكري / فها هي كالعروس لديك تجلى
وإن ينل القبول فخير مهر / به أصدقتها كرما وفضلا
أصهباء تروق لنا مزاجاً
أصهباء تروق لنا مزاجاً / جبينك كان يورثها انبلاجا
أم الروض الأريض سقاه نوء / من الأنواء فابتهج ابتهاجا
ولو سالت لرقتها طباع / لأفعمنا برقتك الزجاج
على أن الروادف منك ماجت / فكن كجدول بالبرد ماجا
مرض بلحظك الأحشاء لكن / رضابك كان للمرضى علاجا
أعرت الغصن ليناً والحميا / عذوبة فيك والقمر ابتلاجا
فرفقاً يا رشيق القد رفقا / فقلبي فيك للزفرات هاجا
بهرت بقدك الغصن انعطافا / ورعت بردفك الحقف ارتجاجا
ومذ ناسبت لطف الروح كادت / بك الأرواح تمتزج امتزاجا
ولما فاح خالك وهو مسك / علمنا حق ندك كان عاجا
فقم بي نغتنم للهو ربحا / فسوق مواسم اللذات راجا
أراق الدمع وهو دم عبيط
أراق الدمع وهو دم عبيط / غداة عن الحمى بكر الخليط
فودع بالركائب كل أحوى / له كفل يميل به الغبيط
وأما شق مبسمه رداء / من الظلماء ذوائبه تخيط
كأن حدوجهم في الأرض سفن / وجاري أدمعي بحر محيط
تبسم وافضح البرقا
تبسم وافضح البرقا / ودع قلبي وما يلقى
لعمرك هل رأت عين / سعيداً في الهوى يشقى
ركبنا لجة البحر / وعدنا بالهوى غرقى
فدع عني السلافة ليس شيء
فدع عني السلافة ليس شيء / أعل لغلتي من شرب قهوة
أدرها واسقنيها لا دهاقاً / ولكن حسوة من بعد حسوة
تضعضع جانب الحرم انصداعا
تضعضع جانب الحرم انصداعا / أحقاً ركن كعبته تداعى
وخر السمك فانثل انثلالا / وماد البيت فانهزع انهزاعا
وعم المشعرين شعار حزن / أشاع ببطن مكة ما أشاعا
وقام بحجر إسماعيل روعاً / بلى ومقام إبراهيم راعا
هو الرزء الجليل فلا تعده / على سمع يضيق له استماعاً
أسد مسامعي بيد وأخرى / أسد بها فم الناعي ارتياعا
إلى أن أرعشت كفى رزايا / تساقط ساعداي لها انخلاعا
تسف رواسي الأرض انقلابا / وتنسف شامخ الهضب انقلاعا
ألا يا صاح من صاح استهلي / مدامنا انهمالاً وانعماعا
ألا من صاح يا أعلام زولي / فإن ركينك الراسي تداعى
ومن عزم النوى ومن المسجى / تزوده أحبته الوداعا
ومن حملوا على الأعواد صبحا / تحف به الملائكة اتباعا
سريرك قد تضمن سر قدس / ولم أغل ولم أقل ابتداعا
جناجن أحمد وحشا علي / وجملة ما أسرا أو أذاعا
لقد فجعت بصالحها قريش / وأوسعها إذا نزلت رباعا
وأقصرها لدى النسب انتسابا / وأطولها غداة الطول باعا
تفنن في الرزايا الدهر حتى / أراناها ابتكاراً واختراعا
نزلت إلى الردى فطواك أم قد / رقى كرقيك الحتف اطلاعا
ولم أعجب له أن رام صعبا / ولكن كيف لا كيف استطاعا
وكيف أطعت جائرة الليالي / ألست نعدك الملك المطاعا
سريت فضاق رحب الأرض لما / عزمت سراك واغبرت بقاعا
فإنك كنت فارشها ابتهاجاً / وإنك كنت باسطها اتساعا
فرب عويصة تبكيك شوقاً / لتكشف عن محياها القناعا
ورب مؤمل جدواك أضحى / يخرم أنفه الحزن اجتداعا
فمن للناس من خاشٍ وراجٍ / يراقب منه خيراً وانتفاعا
زهدت فلم تجد ديناك شيئاً / له ثمن فيشري أو يباعا
ولم تغررك أن أبدت سرابا / بقيعتها تخادعنا انخداعا
فليس متاعها إلا قليلاً / وليس قليلها متاعا
احبتنا الذين قد استقلوا / رويدكم التحمل والزماعا
فإخوة يوسف خلصوا نجيباً / وقد صحبوا فؤادي لا الصواعا
فلو عاجوا علي لكان عندي / لهم شأن إذا اعتنقوا وداعا
إذا أغرقت عيسهم بدمع / طغى لججاً فما أخطأت قاعا
ولو فرشت بقربهم العوالي / هدأت على أسنتها اضطجاعا
أحبتنا وأوقات التلاقي / نراها لا توافقنا اجتماعا
فنسبقها إذا جاءت بطاءً / وتسبقنا إذا جاءت سراعا
أمرتجع لنا ما فات منها / ومن يرجو لما فات ارتجاعا
أبا الهادي وأي هدى لسارٍ / إذا لم تبد غرتك التماعا
نحاول منك قرباً واتصالاً / فنلقى منك بعداً وانقطاعا
تكلفني السول وذاك مر / أحاوله فيجهدني امتناعا
فليت هوى الأحبة كان عدلاً / فحمل كل قلب ما استطاعا
أراك بكل نيرة جليسا / كأنك قد رسمت بها انطباعا
فشخصك ليس يبرح نصب عيني / لدى الست الجهات شأى وشاعا
ومن يرنو بنيك يراك فيهم / وشبل الليث يشبهه لباعا
دعوتك يا ابن زمزم والمصلى / ومن لي أن تصيخ لي استماعا
تمام الحج أن تقف المطايا / على مثواك تلثمه بقاعا
أرى لقياك حجاً واعتمارا / ولم يك ذاك حجا مستطاعا
فصبراً يا محمد خير درع /
تولى فارج الكربات سودا / ومتعس جد عاديها ارتداعا
بأمن لم يدع نهجاً مخوفا / وحفظ لم يدع حقاً مضاعا
وأبقى منك للحدثان عضباً / رهيف الحد ما مل القراعا
وقمت اعوجاج قناك لما / خشيت على اسنتها انتزاعا
سما اليوم مثل سماء أمس / وما نقصت سموا وارتفاعا
وليس بضائر المسك استتارا / إذا ما عرفه الداري ضاعا
وما غب البطاح السيل إلا / مذ أخضرت بمجراه بقاعا
وحسبك بالحسين شقيق فضل / محاسن فضله سفرت قناعا
إذا الفضلاء قد بحثوا وردوا / إليه نزاعهم قطع النزاعا
إذا أوحى لنا علماً شككنا / ولم نر فيه للوحي انقطاعا
ولو قد قسته بسواه فضلا / لقست بأصبع الكف الذراعا
ولو أن الكواكب طاولته / لحطت منه خفضا واتضاعا
أضاف على أهلتها هلالا / وزاد على أشعتها شعاعا
ومن كمحمد مرتاد حمد / يمت إليه بالعرف اصطناعا
بكف كاليراع ترى قناها / وتبلغ في يراعتها القراعا
كأن يراعها كانت قناة / وأن قناتها أضحت يراعا
كأن بنانها أخلاف ضرع / يديم فم الغمام لها ارتضاعا
إذا نزل القبائل بطن واد / تخيت الظواهر واليفاعا
فإن أبطحت زنت لهم بطاحا / وإن أتلعت زنت لهم تلاعا
بني الزهراء فيكم صغت شعري / فكان التبر سبكاً وانطباعا
شرعتكم شرعة الجود ابتكارا / فجاد الناس بعدكم ابتداعا
وحزتم دونهم قصبات سبق / ترد عراب خيلهم ابتداعا
فأولهم لأولكم تولى / وآخرهم لآخركم أطاعا
ولا برحت لصالح صالحات / من الأعمال تألفه اضطجاعا
ولا برحت جفون من غواد / تباكره اصطيافاً وارتباعا
بعيني من يروق العين حسناً
بعيني من يروق العين حسناً / رشا من وجنتيه الورد يجنى
ثقيل الردف رجرجه التثني / بنفسي ما ترجرج أو تثني
إذا خف القوام به نهوضاً / تقول له روادفه تأنا
ترنحه النسائم حيث هبت / ويرقصه الحمام إذا تغنى
فإما لاح فهو يلوح شمسا / وأما ماس فهو يميس غصنا
فإن عبدتك رهبان النصارى / فقد الفوا لديك جليل معنى
وأن أقض بحبك مستهاما / فكم قبلي قضى صبح معنىً
قضى القيسان قبلي قيس ليلى / من الهجر الطويل وقيس لبنى
شجاني إن شممت رياحا نجد / وشمت بها وميض البرق هنا
أصات الركب تغليسا
أصات الركب تغليسا / وزجوا للسرى العيسا
فهل يسطيع سائقهم / يرد العيس تنكيسا
ويلويهن مبتدلاً / عن الإدلاج تعريسا
فيا لله من صنمٍ / لم أصبحت قسيسا
رميت القلب في كرب / فهل تسطيع تنفيسا
رويداً سائق النوق
رويداً سائق النوق / فما ودعت معشوقي
فبالأحداج لي رشأ / رمى سهماً بلا فوق
بسهم اللحظ يرشقني / وقلبي جد مرشوق
كأن القلب يوم سرى / هوى من فوق عيوق
فليت العيس لا رحلت / ولا قامت على سوق
فقد خفت بمنبلج / من اللألاء مخلوق
فذي علي وذي نهلي / ومصبوحي ومغبوقي
إشارتي لها أبداً / ومفهومي ومنطوقي
فإن هبت روائحها / سباني عرف منشوق
كمسك أو كغالية / بفهر الحي مسحوق
فليت العين ما نظرت / غزالاً مر في السوق
رماني سهم ناظره / وما ارتد على فوق
فذي الأشراك تعلقني / وما كنت بمعلوق
بكيت فلا بكت ورقاء فرع
بكيت فلا بكت ورقاء فرع / لتسعدني على دمع بدمع
وليلة شاقني سكان جمع /
أرقت فهل لنائحة بسلع / هجوع فوق مشتبك الغصون
مولهة طواها الوجد طيا / تؤرق في مناحتها الشجيا
عداها الغمض كم طفقت عشيا /
تردد بالنياحة والثريا / بافق الجو ترقبها عيوني
تؤم لألفها نجداً وغورا / ولم تر من ذوات الطوق زورا
فها هي إذ رماها البين جورا /
تنوح لألفها طوراً وطوراً / لأكناف المحصب والحجون
أنوح كنوحها طرفي ظلام / وما وجدت كوجدي من غرامي
لقد ناح الحمام على حمام /
ونحت لمعشر غرٍّ كرام / سروا بالقلب عن شبح قطين
جنت في إلفها مر التجني / فما أغنت فتيلاً إذ تغني
على أفنانها في كل فن /
تطارحني الهديل وبيد أني / مذاب حشاشتي رعفت جفوني
تنوح ومدمعي طوفان نوح / ولي كبد تضج من الجروح
لئن علمت الحان الصدوح /
فيا بنت الأراكة لا تنوحي / فلي كبد تقطع بالحنين
أما والبيت والسبع المثاني
أما والبيت والسبع المثاني / لقد حكم الغرام على جناني
وفي برج الجمال من الحسان /
لنا قمر سماوي المعاني / تشكل للعيون بشكل ريم
تملك بالجمال على البرايا / وأصبحت القلوب لها رعايا
به اختلفت عناوين القضايا /
على عينيه عنوان المنايا / وفي خديه ترجمه النعيم