المجموع : 10
سَقَى اللهُ الدَّوَافِعَ مِن حَفِيرٍ
سَقَى اللهُ الدَّوَافِعَ مِن حَفِيرٍ / وَمَا يُغنِينَ مِنكَ وَإِن سُقِينَا
أَتَستَسقِى وَأَنتَ بِبَطنٍ قَوٍّ / أَروبَةَ أَرضِ قَومٍ آخَرِينَا
قَضَينا اليَومَ حاجاتٍ أَلمَّت / فَمَن لِغَدٍ وحاجاتٍ بَقِينَا
وَحاجاتُ النُّفُوسِ تَكُونُ دَاءً / وَيَبرَأُ داؤُهُنَّ إِذا قُضِينَا
فَنَقضِى حاجةً وَتُلِمُّ أُخرَى / وَلَولا كَرُّهُنَّ لقَد فَنِينَا
أَما وَاللهِ ثُمَّ اللهِ حَقّا / يَمِيناً ثُمَّ أُتبِعُهَا يَمِينَا
لَقَد نَزَلَت أُمَيمَةُ مِن فُؤَادِى / تِلاعاً ما أُبِحنَ وَما رُعِينَا
وَلَكِنَّ الخَلِيلَ إِذا جَفانا / وَآثَرَ بالمَوَدَّةِ آخَرِينَا
صَدَدتُ تَكَرُّماً عَنهُ بِنَفسِى / وَإِن كانَ الفُؤَادُ بِهِ ضَنِينَا
أظَلُّ وَما أَبُثُّ النَّاسَ بَثِّى / وَلا يَخفَى الَّذِى بِى مُستَكِينَا
أَذُودُ النَّفسَ عَن لَيلَى وَإِنِّى / لَتَعصِينِى شَوَاجِرُ قَد صَدِينَا
يَرَينَ مَشَارِباً وَيُذَدنَ عَنها / ويُكثِرنَ الصُّدُورَ وما رَوِينَا
وبِيضٍ كالظّباءِ مُنَعَّماتٍ
وبِيضٍ كالظّباءِ مُنَعَّماتٍ / يَصِدنَكَ جَهرَةً غَيرَ اغتِرَارِ
إِذا حاوَلنَنى فَاَصَدنَ قَلبِى / جَعَلتُ الوُدَّ مِنهُنَّ انتِصارِى
وَصَرَّفتُ الحَدِيثَ لَهُنَّ حَتَّى / اُصافِىَ وُدَّهُنَّ عَلَى اقتِدَارِ
فَإِن تَكُنِ الحَوادِيثُ وَقَّرَتنِى / وَعَدَّى الشَّيبُ عَن طَلبِ الجَوارِى
فَقَد عاوَرتُهُنَّ ثِيابَ لَهوٍ / لَبِسناهُنَّ وَالمَحرُومُ عارِى
لَيالَى لا يُغَيِّرُ حُبَّ لَيلَى وَوُدِّها / وَما أَنا مِن حُبِّ لِلَيلَى بِتائِبِ
وَواضِحَةِ المُقَلَّدِ أُمِّ خِشفٍ
وَواضِحَةِ المُقَلَّدِ أُمِّ خِشفٍ / تُذَكِّرُنِى سُلَيمَى مُقلَتَاهَا
إِذا نَظَرَت عَرَفتُ النَّحرُ مِنهَا / وعَينَيها وَلَم أَعرِف سِواهَا
صَدَرتُ بِصُحبَتِى أَن يَذعَرُوهَا / بِمَحنِيَةٍ تَرُودُ إِلى طَلاهَا
كَرِهنا اَن نَرَوّعَها وَقُلنا / اَشَلَّ اللهُ كَفَّى مَن رَماهَا
أُقُولُ وَقَد أَجَدَّ رَحيلُ صَحبِي
أُقُولُ وَقَد أَجَدَّ رَحيلُ صَحبِي / لِحَادِيَّ اهدِيا هَدياً جَمِيلا
أَلِمّا قَبلَ ببَينِكُما بِسَلمَى / فَقُولا أَنتِ ضامِنَةٌ قَتِيلا
رَجا مِنكِ النَّوالَ فَلَم تُنِيلِى / وَقَد أَورثتِهِ سُقماً طَوِيلا
فَإِن وصَلَتكُما سَلمَى فَإِنَّا / نَرَى فِى الحَقِّ أن نَصِلَ الوَصُولا
وَإِن آنستُما بُخلاً فَلَسنَا / بِأَوَّلِ مَن رَجا حَرَجاً بَخِيلا
أَطَعتِ الآمِرِيكِ بِقَطعِ حَبلِى
أَطَعتِ الآمِرِيكِ بِقَطعِ حَبلِى / مُرِيهِم فِى أَحِبَّتِهِم بِذَاكِ
فَإن هُم طاوعُوكِ فطَاوِعِيهِم / وَإِن عَاصَوكِ فاعصِي مَن عَصَاكِ
أَمَا وَالرَّاقِصاتِ بِكُلِّ فَجٍّ / وَمَن صَلَّى بِنَعمانِ الأراكِ
لَقَد أَضمَرتُ حُبَّكِ فِى فُؤَادِى / وَما أَضمَرتُ حُبّاً مِن سِواكِ
أَلاَ طَرَقَت أُمَيمَةُ بَعد هَدْءٍ
أَلاَ طَرَقَت أُمَيمَةُ بَعد هَدْءٍ / أخا سَفرٍ شَباريقَ القَميصِ
ومِن أَنَّى اهتَدَيتِ إِلى طَريدٍ / وَأرضُ الأُسدِ دونَكِ واللُّصُوصِ
تَوَسَّدَ فى اليَمِينِ زِمَامَ حَرفٍ / كَنازِ اللَّحمش اَيِّدَةِ الفُصُوصِ
قَلِيلُ البَزِّ إِلاّ رَيطَتَيهِ / وصافٍ حَدُّهُ باقى الخُلوصِ
وَأخلاَقَ الشَّليلِ وَجِلبَ رَحلٍ / وَحَطَّ المَيسِ مِن نِسع بَرِيصِ
وما كانت بِمِدلاجِ خَروج / وَلاَ عَجلى بمَنطِقها هَبوصِ
وما كانت بجَافِيَةِ السَّجايا / وَلاَ صِفرِ الثِّيَابِ وَلا نَحُوصِ
ولكن غَيرُ جَافيةٍ فَتُقلى / ثقالُ المَشىِ ذَاتُ حَشاً خَميصِ
مُبَتَّلَةٌ مُنَعّمَةٌ ثَقالٌ / تَبَسَّمُ عَن أَشانِبَ غَيرِ قِيصِ
لَها جِيدُ الغَزالِ وَمُقلتاهُ / وعالِى النَّبتِ مَيّالُ العُقُوصِ
كأنَّ رُضابَها عَسَلٌ مُصَفًّى / بماءِ نَقًا بساريَةٍ عَرُوصِ
سَلِى عَنّى إِذَا هَابَ المُرَجَّى / وأُوزِغَتِ الخَصَائلُ بالفَرِيصِ
وَتَمشِى حينَ تَأتِى جارتَيها / تَأَوَّدُ مِشيَةَ الوَحِلِ الوَهِيصِ
وَلاَحٍ فى أُمَيمَةَ لَم أُطِعهُ / بِها أو سائلٍ عَنها مُلِيصِ
إذا ما قُلتُ أَسلُو عَن هَواها / تَدَاوىَ مُبتغِى طِبٍّ حَرِيصِ
أَبَت إِلا تَعُودُكَ مِن هَواها / دَوَاعِ يَستَقيمُ لها عَويِصى
أَلَم تَساَل عَنَ أصحابى الذى هُم / لَدى خَفضِ المَعِيشَةِ والشُّخُوصِ
وحينَ أُصاحبُ الفِتيانَ صَبراً / عَلَى مَطوِيّةِ الأَقرَابِ خُوصِ
ولَم أَبخَل عَلَى ضَيفى وجارى / بِغالِى ما أُفيدُ ولا الرَّخِيصِ
بذلك كانَ أَوصانى جُدُودِى / فأَرعَى عَهدَهُم والجَدُّ مُوصِى
وَقَومٍ قَد حَمَلناهُم أُعَادٍ / عَلَى حُدبٍ شَناشِنُهَا قَمُوصِ
بِعاديةٍ كأَنَّ البِيضَ فيها / تَلهَّبُ أَو سَنا بَرقٍ عَروصِ
أَلاَ يا سَلمَ عُوجِى تُخبِرِينَا
أَلاَ يا سَلمَ عُوجِى تُخبِرِينَا / مَتَى تُمضِينَ وَعدَكِ وَاصدُقِينَا
وَإِن صَرَّمتِنِى فَلِمثلِ وَصلِى / إِذا رَجَّمتُ بِالغَيبِ الظُّنونَا
أَمِيناً عِندَ سِرِّكِ أَن يُعَانَى / بِما استَودَعتِنى حَصِراً ضَنِينَا
فَلا مِثلِى يُعَلَّلُ بِالأَمانِى / وَلا يُسقَى بِكأسِ المُترَفِينَا
وَلاَ مِثلِى يُوَافِقُهُ خَلِيلٌ / إذا كانَت مَوَدَّتُهُ فُنُونَا
فَسَلمَى مِثلُ شاء الرّملِ إِلاّ / ذَوَائِبَها وما حُلِىَ البُرِينَا
وَدِعصاً رابِياً فِى المِرطِ مِنها / وحُسنَ الدَّلِّ وَالكَعبَ الدَّفِينَا
حَصَانُ الجَنبِ لَم تُرضِع صَبِيَّا / بِثَديَيهَا وَلَم تَحمِل جَنِينَا
وَمَا عَسَلٌ مُصَفّىً فِى زُجَاجٍ / بِرَاحٍ لَذَّةٍ لِلشَّاربِينَا
بِاَطيَبَ مَوهِناً مِن رِيقِ سَلمَى / إِذا عَصَبَ الكَرَى بِالسَّامِرينَأ
بِلا عِلمٍ بِهِ إِلاّ افتِياقا / خَلاءً مَنظَرَ المُتَأَمِّلِينَا
أَلاَ يا أَيُّها المُعتَدُّ فَخراً / هَلُمَّ أَلاَ أُخَبِّرُكَ اليَقينَا
فَإِنَّكَ إِن فَخَرتَ وَلَم تُصَدِّق / حَدِيثَكَ آيةً لِلسَّائِلِينَا
وِإنَّكَ إِن فَخَرتَ بِغَيرِ شَيءٍ / تَرُدُّ بِهِ حَديثَ المُبطِلِينَا
فَإِنَّ لِخَثعَمٍ آياتِ نُعمَى / أَماراتِ الهُدَى نوراً مُبينَا
وَمِن آياتِ رَبِّك أَن تَرَانَأ / بِمَسكَنَةِ القَبائِلِ مارَضِينَأ
وَإِنَّكَ إِن تَرَى منّا فَقيراً / يُضيفُ غِنىَّ قَومٍ آخَرِينا
وَإِنَّ الجَارَ يَنبُتُ فى ثَرَانَا / ونُعجِلُ بالقِرَى لِلنَّازِلِينا
وِإنّا لَن نُصاحِبَ رَكبَ قَومٍ / وَلاَ أَصحابَ سِجنٍ ما حَيِينَأ
فَيَختلِطُوا بِنا إِلاّ افتَرَقنَا / عَلَيهِم بِالسَّماحَةِ مُفضِلينَا
وَمِن آياتِ رَبِّكَ مُحكَماتٍ / مَواثِلَ مَادَرَسنَ وَما نَسِينَا
مَغَاوِرُ مِن فَوارِسَ مِن كِلابٍ / وَعَمرٍو يَعتَرِفنَ وَيَشتَكِينَا
بِأَنَّ الحَىَّ خَثعَمَ غادَرَتهُم / كَلِيلاً حَدُّهُم مُتَضَعضِعِينا
لَيالِيَ عامرٌ تَلحَى كِلاباً / عَلَى جَهدٍ وَلَيسُوا مُؤتَلِينَا
وكانَ مُلاعِباً حَتَّى التقَينَا / فَجَدَّ بِهِ وَكُنَّا اللاّعِبِينَا
وَغادرَنا فَوارِسَهُ وَرِعلاً / بِفَيفِ الرِّيحِ غَيرَ مُوَسَّدِينَا
وَنَحنُ التّارِكُونَ عَلَى سَلِيلٍ / مَعَ الطَّيرِ الخَوامِعَ يَعتَرِينَا
كأَنَّ بِخَدِّهِ وَالجِيدِ مَنهُ / مِن الجِريالِ مَحلُوباً رَقِينَا
كأنَّ الطَّيرَ عاكِفَةً عَلَيهِم / جُنُودٌ مِن سَوادِ الأَعجَمِينَا
وَنَحنُ الوازِعُونَ الخَيلَ تَردَى / بِفِتيانِ الصَّباحِ المُعلِمِينَا
مِنَ السَّندِ المُقَابِلِ ذَا مُرَيخٍ / إِلَى السّاقَينِ ساقَى ذِى قِضِينَا
فَأَدرَكنَا الضِّبابَ وَقَد تَمَنَّوا / لِقاءَ الجَمعِ مِنّا مُشتَهِينَا
يَسُوقُونَ النِّهابَ فَغَادَرَتهُم / فَوَارِسُنا كَشَختِ العَاضِدِينَا
فَقُدنا الخَيلَ تَعثُرُ فى قَناها / عَوَابِسَ كَالسَّعالِى قَد وجِينَا
تَخَطَّى عامراً حَتَّى أَصَبنَا / بِهِ أَهلَ السّديفِ مُبصَبِّحِينَا
بِطاحِنةٍ كأَنَّ البِيضَ فيها / نُجُومُ اللَّيلِ أَو نقب البِلينَا
بِبُرقَةِ جامرٍ ضَرباً وطَعناً / نَوَافِذَ مِن حُصُونِ الدَّارِعِينَا
فَعَسكَرنا بِهِم حَتَّى قَطَعنا / عَدامِلَ قَد وَرَدناها مَعينَا
ثَلاثَةَ أَشهُرٍ حَتّى استَجَبنا / شُعُوباً مِن هَوازِنَ أَجمَعِينَا
بِسُرَّةِ دَارِهِم ضَرباً وَنَهباً / جَوَانِحَ ما ثَأرنَ وَلا ثُنِينَا
تَرَكنا عامِراً وابنَى شُتَيرٍ / وَشَغلَى بِالسُّيُوفِ مُرَعبَلِينا
وَهَزّانَ المقامر قَد قَتلَنا / وَغادَرنا ابنَ هُوذَةَ مُستَكِينَا
وعبّاساً أخا رعلٍ قَطَعنا / بِأَبيَضَ لَهذَمٍ مِنهُ الوَتِينَا
وَفِى أَنَسٍ معانِدَةٌ وَأُخرَى / فَرَت عَن أُمَّ هامَتِهِ الشُّؤُونَا
وَقَد صَبَرُوا القَنا والخَيلَ حَتَّى / عَلَوناها كِرَاماً مُعذِرِينَا
وَنَحنُ الضَّارِبُونَ بِكُلِّ عَضبٍ / يَقُدُّ الَبيضَ وَالحَلَقَ الحَصِينَا
بِشَطَّى أَخرُبٍ ضَرباً تَرَكنا / شَنُوءَةَ بَعدَهُ مُتَخَشِّعِينَا
وَأَقبَلَتِ الفَوَارِسُ مِن ثَقِيفٍ / لِنَصرٍ عِندَ ذَلِكَ مُجلِبِينَا
فَلمَّا واجَهُونا أَسلَمُوهُم / وَهَابُوا جانِباً مِنها زَبُونَا
وأَيتَمنَا رَبِيعَةَ مِن أَبيهِ / وَبِالشَّدّاخِ بَكَينَا العُيُونَا
وَقَتَّلنَا سَرَاةَ بَنِى جِحَاشِ / وَأَثكَلنَا نِسَاءَهُمُ البَنِينَا
وَهَامَ الأَخنَسَينِ مَعاً ضَرَبنَا / بِبِيضِ كُلِّ عَظمٍ يَختَلِينَا
فَغَادَرناهُمُ لَحماً عَلَيهِ / عَوَائِدُ يَختَلِفنَ ويَلتَقِينَا
وَأَتبَعنَا القَنَا فِى ابنَى دُخَانٍ / وقَد عَرَضُوا لَنَا مُستَلئِمِينَا
وَفِى أَشيَاعِهِم حَتَّى انثَنَينَا / بِعَالِيهِنَّ مَخضُوباً دَهِينَا
فَيَومَ القَرنِ نَصَّت أَلفَ قَيسٍ / ثَلاثُونَا فأَجلَوا نَادِمِيناَ
وَعَدَّ النَّاسُ قَتلاَهُم وَكانُوا / عَلَى مَا عُدَّ مِنَّا مُضعِفِينَا
وَمِنهُم خَالِدٌ طاحَت يَدَاهُ / وَهَامَةُ جَابِرٍ لَمّا انتُضِينَا
وَأَبرَهَةُ بنُ صَبّاحٍ فَجَعنَا / بِهِ أَصحَابَهُ المُتَجَبِّرِينَا
وَمِن قَتَلاهُمُ قَطَنٌ وَمِنهُم / غَنِىٌّ فِى كُماةٍ مُقعَصِينَا
وأَنقَذنا قَبائلَ كان يجَبِى / يُحابِرُ مِنهُمُ حُمراً وَجُونَا
وَأَسرَعنا لَعَمرِو بَنِى زُبَيدٍ / فأَحرَزَهُ نَجاءُ الهارِبِينا
وَقُدنا أُمَّهُ حَتَّى قَرَنّا / بِها صَفَّينِ مِن حِزَقٍ حَوِينَا
إِلَى الأَعناقِ ثُمَّ تَنازَعاهَا / بِرجلَيها يَجُرَّانِ الجَنِينَا
وَيَومَ القاعِ مِن سَفّانَ جاءَت / بَكِيلُ وحاشِدٌ مُتَأَلِّبِينَا
وَجِئنا فِى مُقَدَّمَةٍ طَحُونٍ / لها زَجَلٌ يُصِمُّ السّامِعِينَأ
كأَنَّ هَرِيرَ حَملَتِنا عَلَيهِم / هَرِيرُ النّارِ أَشعَلَت العَرِينَا
تَطَايَحُ هامُهُم بالبِيضِ شَتَّى / وُنتبِعُهُنَّ حَتَّى يَنثَنِينَا
بِأَسيافٍ سَقَتهَا الجِنُّ مَلساً / بأَيدِيها وَأَخلَصَتِ المُتُونَا
وَعَن ذِى مهدَمِ لَمَّا تَعَدَّى / مَزَقنا تاجَ مُلكِ المُعتَدِينا
فأَشعَرنا حَشاهُ زَعبِيّاً / مِنَ الهِندىِّ مَطرُوراً سَننِينَا
وَقَد علِمَ القَبائِلُ مِن مَعَدٍّ / وَذِى يَمَنٍ شِفاءِ الجائِرِينَا
بِأَنّا المُعتَدُونَ إِذا غَضِبنا / وأنّا المُفضِلُونَ إِذا رَضِينَا
وأَنّا لا نَمُوتُ وَلَوغُشِينَا / عَلَى العِلاّتِ إِلاّ مُقبِلِينَا
وَأَنَّا صادِقُونَ إِذا فَخَرنَا / بَذَخنا فَوقَ بَذخِ البَاذِخِينا
بِمَأَثَرَةٍ يُبِينَ الصِّدقُ عَنها / وَيُبطِلُ بِدعَةَ المُتَأَشِّبِينَا
حَمَت ما بَينَ حَرَّةِ فَرعِ قَيسٍ / إِلَى الأًفراطِ إِلاّ الصّائِفِينَا
لَها مِنها كَتائِبُ لَو رَمَينَا / بِطَمحَتِها جُمُوعَ العَالَمِينا
معاً وَالجِنَّ طَوعاً غادَرَتهُم / لأَوَّلِ وَقعَةٍ مِنهُم طَحِينَا
زَمانَ الشِّركِ حَتَّى قامَ فِينَا / رَسُولُ اللهِ مَرضِيّا أَمِينَا
فَلمّا عَزَّ دِينُ الحَقِّ فِينَا / صَرَفنا حَدَّها لِلكافِرينَا
وَقَتَّلنا مُلُوكَ الرُّومِ حَتَّى / سَكَنّا حَيثُ كانُوا يَسكُنُونَا
وَقَدَّمنا كَتائِبَها فَجَاسَت / مَواخِيرَ الفُجُورِ المُشركينَا
وَمَا عَودٌ تضَّمنَ بَطنُ عِرضٍ
وَمَا عَودٌ تضَّمنَ بَطنُ عِرضٍ / يَمانِى الشَّوقِ مُضطمِرٌ غَلِيلا
يَحِنُّ إِذَا الرَّكائِبُ باكرتهُ / ضُحَيًّا أَو هَبَبنَ لهُ أَصِيلا
بِوادٍ لاَ يُفارقُ عُدوَتَيهِ / أَسنَّ بهِ وكانَ بهِ فَصِيلا
فَبُدِّلَ مَشرَباً مِن ذَاكَ مِلحاً / وَظِمأً بَعدَ قصرَتِهِ طويلا
وَبُدِّلَ حَرَّةً وَجَمَادض أَرضٍ / يُمارِسُ في حَرَارَتِهَا الكُبولا
بِأَنكرَ لَوعَةً مِنّى وَوَجداً / عَلَى إِضمارِىَ الهَجرَ الطَّوِيلا
أَشاقَتكَ الهَوادِجُ والخُدُورُ
أَشاقَتكَ الهَوادِجُ والخُدُورُ / وَبَينُ الحَىِّ والظُّعُنُ البُكُورُ
وَبِيضٌ يَرتَمِينَ إِذا التَقَينا / قُلُوبَ القَومِ أَعيُنُهُنَّ حُورُ
هِجانُ اللَّونِ أَبكارٌ وَعُونٌ / عَلَيهِنَّ المَجاسِدُ وَالحَرِيرُ
إِذا طَرَدَت فُنُونُ الرِّيحِ فِيهِ / تَوَشَّى المِسكُ يأرَجُ وَالعَبِيرُ
بَدَونَ كأَنَّهُنَّ غَمامُ صَيفٍ / تَهَلَّلَ وَاكفَهَرَّ لَهُ صَبِيرُ
فَلَمّا أن رَكِبنَ تَنَكَّبَتنَا / جَوافلُ مِن ذَوِى الحاجاتِ زُورُ
نَعَم فَبَدا المُجَمجَمُ مِن فُؤَادِى / وَكادَ القَلبُ مِن وَجدٍ يَطِيرُ
يُكَلِّفُنِى عَلَى الحَدَثانِ قَلبِى / نَوًى لِلحَىِّ مَطلَبُهَا عَسِيرُ
عَلَى حِينَ اندَمَلَتُ وَثابَ حِلمِى / وَلاحَ عَلَى مَفارِقِىَ القَتِيرُ
كأَنَّ القَلبَ عِندَ دِيارِ سَلمَى / سَلِيمٌ أو رَهِينُ دَمٍ أسِيرُ
كذَلكَ مِن أُمامةَ قَبلَ هذا / لَيالَى أَنتَ مُقتَبَلٌ غَرِيرُ
إِذِ المُتَهانِفُ الغُرنُوقُ يَهوى / زِيارَتنا وَيَكرَهُنا الغَيورُ
وَعِندَ الغانِياتِ لَنا دُيونٌ / وَفِى مَأوَى القُلُوبِ هَوىً ضَمِيرُ
تُرِيكَ مُفَلَّجاً عَذبَ الثَّنايا / كَلَونِ الأُقحُوَانِ لَهُ أُشُورُ
وَعَينَى ظَبيَةٍ بِجِواءِ رَملٍ / يَصُوعُ فُؤَادَها رَشَأٌ صَغِيرُ
فَلَو تُولِينَنِى لَعَلِمتِ أَبِّى / بِمَعرُوفٍ لِفاعِلِهِ شَكُورُ
أُدِيمُ لَكِ المَوَدَّةَ إِنَّ وَصلِى / بِأَحسَنِ ما ظَنَنتِ بِهِ جَدِيرُ
وَأَمنَحُكِ التِى لا عارَ فِيها / كَأَنَّ نَسِيبَها بُردٌ حَبِيرُ
أتانا بِالمَلاَ كَلِمٌ حَدَاهُ / حِجازِىٌّ بِطِينَتِهِ فَخُورُ
عَدُوٌّ لا يَنامُ ولا تَرَاهُ / وَلَو أَبدَى عَدَاوَتَهُ بَصيرُ
وَلَو جاوَبتَنِى لَقَصَرتَ عَنِّى / وَأَنتَ عَنِ المَدَى نَاءٍ حَسِيرُ
وَلَو عاوَدتَنِى لَرَأَيتَ قَومِى / هُمُ الأَشرافُ وَالعَدَدُ الكَثِيرُ
إِذا الجَوزاءُ أَردَفَتِ الثُّرَيا / وَعَزَّ القَطرُ وافتُقِدَ الصَّبِيرُ
وَبَاتَت فِى مكامِنِهَا الأَفاعِى / وَلَم يَتَكَلَّمِ الكَلبُ العَقُورُ
وَجَدتَ بَقِيَّةَ المَعرُوفِ فِينَا / مُقِيماً ما ثَوَى بِمِنىً ثَبِيرُ
أَمُصعَبُ قد نَجَوتَ مِنَ الأعادى
أَمُصعَبُ قد نَجَوتَ مِنَ الأعادى / ولم تُصبح بِمُعتَرَكٍ قتيلا
ثَأَرتَ مُزَاحِماً وسَرَرتَ قَيساً / وكُنتَ لِمَا هَمَمتَ بِه فَعولا
دعوتُ بأَكلُبٍ ودَعَوتَ قَيساً / فلا كُشُفاً دَعَوتَ ولا قليلا
ونادى مُصعَبٌ قيساً فجاءت / ونادَيتُ المُرَجّى والخَذولا
فلا تَشلَل يداهُ ولا تَزالا / تُفيَدانِ الغَنائمَ والجَزيلا
ولو كانَ ابنُ عَبدِ اللهِ حيّاً / لَصَبَّحَ في مَنازلِها سَلولا