تذكرت النسيم الحاجريا
تذكرت النسيم الحاجريا / فظلت في البَرَى تهوي هويّا
وألقتها إلى هَضَبَات نجدٍ / سنى برق أضاء لها عشيّا
فكان خزامها نشر الخزامى / ولمع البرق شائقها الوحيّا
فدعها أيها الحادي تباري / أزمتها وجنبها العِصِيَّا
ولا تحتثّها بالسوق واعلم / بأن الشوق يحتثّ المَطيّا
فكم قد عُلِّلت بنسيم نجد / فقرب وخدُها المرمى القصيّا
أما والعيس لو وجدت كوجدي / لما اسطاعت إلى أمد مضيّا
ويا بأبي عقائل من عقيل / نوافر تقنص اللُّب الأبيّا
إذا رنَّحن أعطافاً عطاشاً / وددت بضمها للقلب ريّا
سنَحْنَ مَهىً فيتبعهن قلبي / فصاد لقلبيَ الداء الدويّا
فقل ما شئت في صبّ وحانٍ / غدا يستنجد الدمع السخيّا
وبين بيوت ذاك الحيِّ خود / منعمة غدوت بها شقيّا
ترى عين الهدى فيها ضلالي / ورشدي أن أبيت بها غَوِيَّا
وما أبدت تجنبها إلى أن / رأت في الرأس شيباً أجنبيّا
وركب كالسهام رموا الفيافي / بها منسوعة تحكي القِسِيَّا
كأنهمُ على الأكوار باتوا / يعاطون الرحيق البابليّا
سروا يستمطرون حيا جواد / بوسميِّ الندى يصل الوليّا
فلم يجدوا لأبكار الأماني / كفيلاً في الأنام ولا كفيّا
فقلت لهم ووجه النجح باد / يدل عليهمُ العيش الرخيّا
أمامكم الغنى طلق المحيّا / يناجي منكم السرَّ الخفيّا
فقد وصل السرى بصباح يوم / أحلكمُ المقر الظاهريّا
فدونكم مُلِتَّ حيا الأيادي / كريم الخيم أبلج يوسفيّا
فثمَّ موارد النعماء تدعو / ظماء بني المنى فردوا هنيّا
فأموا معرق العلياء أحيت / مساعيه الفخار الناصريّا
فتى غمر الأنام ندىً وفضلاً / وعمَّ الأرض عدلاً كسرويّا
إذا الجاني توقع منه عفواً / أذاق السخط حلماً أحنفيّا
وفي بث العطايا والسرايا / حسبتهما عباباً أو أتيّا
ندىً يستغرق الأمل ابتداء / وبأس يُصْعِق البطل الكميّا
فأي أغر أبلج لا تراه / بما تبقى العلا إلا مليّا
تكاد العين يغشيها سناه / إذا نظرت محيّاه الحَيِيَّا
فتى لا يقتني إلا حساماً / سريجيّاً ولدناً سمهريّا
وطِرْفاً أعوجيّاً لا يبارى / إلى أمد وزغفاً سابريّا
هو البحر الذي يرجى ويخشى / فسل عنه المداجي والوليّا
كما يضحي الغنيّ به فقيراً / كذا يمسي الفقير به غنيّا
فيالله ماضي العزم يغدو / إلى الغايات أروع سمريّا
فيا ابن السامقين بناء مجد / أرانا صبح سعيهمُ الجليّا
لهم نسب كفخرهم قديم / إذا هرم الزمان بدا فتيّا
كفلت الملك بعدهمُ وحيداً / فكيف يضيع إذ كنت الوصيّا
رياحك كلهنّ صَبا لبيد / إذا ما السحب أمسكت السميّا
إذا كَلَح الزمان وزاد بخلاً / دعونا منك طلقاً أريحيّا
فأين أبو عقيل من جناب / جنيت به الغنى غضّاً جنيّا
دعوتك يوسفيَّ الخِيمِ لمّا / دعا ذاك ابن أَرْوَى عَبْشَمِيَّا
أتيتك مستجيراً من زماني / فنلت ببابك الشرف السَّنِيَّا
وكنت على أذى الأيام أغضي / ويرضى حظيَ النزر البكيّا
فنوه بي صنيعك وانتضاني / على أعداء ملكك مشرفيّا
وكم في الأرض من ملك فقير / إليك لضعفه اعتدّ القويّا
فدم ما دامت الآمال واسلم / ليوم يملأ الدنيا دويّا