أرى بغداد من بعد أغبرار
أرى بغداد من بعد أغبرار / زهت بقدوم شاعرها الزهاوي
زهت بكبيرها أدباً وعلماً / زهت بطبيب علّتها المداوي
وكادت مصر تسبقها فَخاراً / به لو ظلّ وهو هناك ثاو
ولكن عاد مُحتَقباً إليها / فَخار الأرض والشرف السماوي
فأهلاً بالحكيم وألف أهل / بمَن لازال مُرشِد كل غاو
وما الآداب في بغداد لولا / يراع جميلها إلاّ دعاو
إذا ما قال في بغداد شعراً / رواه له بأقصى الأرض راو
تفرَّد في بديع الشعر معنىً / فجَلّ عن المُعادل والمُساوي
أُعيذك يا جميل الشعر مِن أن / يسوءك نقد أرباب المَساوي
يداوون السقيم من المعاني / بفَهم كان أجدرَ بالتداوي
ألا لا تعجبَنّ وهم ذئاب / إذا هم أفزعوك بصوت عاو
لقد نقدوا قريضك نقد أعمى / يدُلّ على الضغائن في المطاوي
فأحم لهم حديد الشعر حتى / تُذيق نفوسهم حرّ المكاوي
فهم قوم يرون الحِلم عَجْزاً / إذا ما ناوءوك ولم تناو
ولا تضربهم أن شئت إلاّ / بضِغْث من نبات الشعر ذاو
فهل مثل الذباب يطير ذُعْراً / بهزّ مِذَبّة وهُوِىّ هاو
وليسوا مُحوِجيك إلى مُعين / وهم ما بين مهزول وضاو
فنَفْخ منك يجعلهم هباءً / ويُسقِطهم إلى سُفلى المهاوي
وما أحتاج القويّ إلى مُعين / إذا كان الضعيف هو المُقاوي