سِهامُ نَواظرٍ تُصْمي الرَّمايا
سِهامُ نَواظرٍ تُصْمي الرَّمايا / وهُنَّ منَ الجوانحِ في الحَنايا
ومن عجَبٍ سهامٌ لم تُفارِقْ / حَناياها وقد أصْمَتْ حشايا
نَهيْتُك أن تُناضِلَها فإنّي / رمَيْتُ فلم يُصِبْ سَهْمي سِوايا
جعَلْتُ طليعتي طَرْفي سَفاهاً / فَدُلَّ على مَقاتِليَ الخَفايا
وهل يُحمَى حَريمٌ من عَدُوٍّ / إذا ما الجيشُ خانَتْه الرَّبايا
ويومَ عَرضتُ جيشَ الصَّبْرِ حتّى / أَشُنَّ به على وَجْدي سَرايا
هزَزْنَ من القُدودِ لنا رِماحاً / فخَلَّينا القلوبَ لها دَرايا
وأَبكَى البَيْنُ شَتّى مِن عُيونٍ / وكان سِوَى مَدامِعيَ البَكايا
ولي نَفَسٌ إذا ما امتدَّ شَوقاً / أطار القلبُ من حُرْقٍ شَظايا
ودمعٌ يَنصرُ الواشِين ظُلْماً / ويُظهرُ من سَرائريَ الخبايا
ومُحتكِمٍ على العُشّاقِ جَوْراً / وأينَ منَ الدُّمَى عَدْلُ القَضايا
يُرِيكَ بوَجْنَتَيْهِ الوَرْدَ غَضّاً / ونَورَ الأُقْحُوانِ منَ الثّنايا
تأمَّلْ منه تحت الصُّدْغِ خالاً / لتَعلمَ كم خَبايا في الزَّوايا
ولا تَلُمِ المُتيَّمَ في هواهُ / فعَذْلُ العاشِقينَ من الخَطايا
خَطبْتُ نوالَه المَمنوعَ حتّى / أَثَرْتُ به على نَفْسي بَلايا
فأرَّقَ مقلتي وجْداً وشَوقاً / وعذَّب مهجتي هَجراً ونايا
وأَتعبَ سائري أن رقَّ قلبي / وفي ضَعْفِ الملوكِ أذَى الرّعايا
غَريمُ الدّهرِ ليس له وفاءٌ / فلا تَدْفعْ نُقودَك بالنَّسايا
تَغنَّمْ صُحبتي يا صاحِ إنّي / نَزعْتُ عنِ الصِّبا إلاّ بَقايا
وخالفْ مَن تَنسَّك مِن رجالٍ / لَقُوكَ بأكبُدِ الإبِلِ الأَبايا
ولا تسلُكْ سِوى طُرُقي فإنّي / أنا ابْنُ جَلا وطَلاّع الثّنايا
وقُمْ نأخُذْ من الَّلذّاتِ حَظّاً / فإنّا سوف تُدرِكُنا المنايا
وساعِدْ زُمرةً ركَضوا إليها / فآبُوا بالنِّهابِ وبالسَّبايا
وأَهْدِ إلى الوزيرِ المدْحَ يَجْعَلْ / لكَ المِرباعَ منها والصَّفايا
وقُلْ للرّاحِلينَ إلى ذُراهُ / ألستمْ خيرَ مَن رَكِبَ المَطايا
بيُمْنِ مُعينِ دينِ اللهِ أضحَتْ / ديارُ المُلْكِ عاليةَ البِنايا
هو الفلَكُ المُطِلُّ عُلاً ولكنْ / كواكبُه إذا طلَع السَّجايا
هو المَلِكُ الّذي يُضْحي ويُمْسي / زِنادُ المُلكِ مِن يَدِه وَرايا
أجلُّ الناسِ إن فخَروا نِصاباً / وأكرمُهمْ إذا اخْتُبِروا سجايا
أبَى إلاّ السُّموَّ إلى المعالي / وقد دنَتِ النُّفوسُ من الدَّنايا
وصَدِّقْ كُلَّ ظنٍّ فيه جُوداً / وقد طُوِيتْ على البُخْلِ الطَّوايا
فتىً لو جادَ بالدّنيا لفَرْدٍ / توَهَّم أنّها أدنَى العَطايا
ولو وهَب النُّجومَ لسائليهِ / رآها من مَواهبِه نفايا
وحُسنُ الذّكْرِ في الدُّنيا غِراسٌ / تَنالُ ثمارَها الأيدي السَّخايا
إليك أَثَرْتُ من بُعُدٍ خُطاها / فجاءتْ وهْي ضامرةٌ رَذايا
وهُنّ وقد أَتَتْكَ بنا خِفافاً / بأنْ يَرجِعْنَ مُثقلَةً حَرايا
قِسِيُّ سُرًى وأَرْكَبَها سِهامٌ / رَميْنَ بِهنَّ أغراضاً قَصايا
لِيَهْنِكَ ما تَجدَّد من جَلالٍ / بما أَولاك سُلطانُ البَرايا
فقد غَدَتِ المَمالكُ وهْي تُزْهَى / بعَدْلك من خَلائقِك الوَضايا
وعَسكرُ مُكرَمٍ عَرِيَتْ رُباها / لِما صنَعتْ بها العُصَبُ الغَوايا
ولم تَرَ في بلادِ اللهِ طُرّاً / كسُوق الجَسْرِ سُوقاً مُقلتايا
ولا كتدفُّقِ الدُّولابِ فيها / رأتْ عينايَ واغترَفَتْ يَدايا
فهاهيَ قد خلَتْ تلك المَغاني / بها وتَقوَّضتْ تلكَ البنايا
فَجرِّدْ للمَصالحِ منك عَزْماً / ألا يا أيمنَ الوزراءِ رايا
تَنالُ به لَواحِقَ حُسنِ صيتٍ / لَهُنَّ على سَوابقه مَزايا
يَعُدْ فَلكاً يدورُ وفيه شُهْبٌ / تَقاذَفُ من جوانبهِ القَضايا
وباكيةٍ تَحِنُّ لغَيْرِ وَجْدٍ / وتَندُبُ في الغُدُوِّ وفي العَشايا
وكان بكاؤها ضَحِكاً لقومٍ / فلمّا أَن رقَتْ بكَتِ البَرايا
وليس من البدائعِ حينَ تُمْحَى / بجُودِ يَديْكَ آثارُ الرّزايا
ولو أنّي مَلكتُ عنانَ أمري / وأجراني الزّمانُ على هَوايا
لسِرْتُ إذَنْ على بَصَري إليكمْ / وما ألِمَ المَسيرَ ولا تَعايا
أَطَلْتُ ببابِكَ العالي مُقامي / مُصاحِبَ هذهِ الشِّيَمِ الرَّضايا
ولكنْ لا أزالُ كأنّ دَهْري / يُبِرُّ من الإساءةِ بي ألايا
وما هذا الزّمانُ وأنت فيه / بأهْلٍ أن يؤاخَذَ بالجَنايا
وأَيّة بَلْدةٍ حَلّتْ رِكابي / تَلَوْتُ بها لشُكرِ نَداكَ آيا
وليس الشِّعْرُ لي شَرفاً ولكنْ / أُحبِّرُ للكرامِ به تَحايا
وأحوِي منه للكُبَراء ودّاً / تَقطَّعُ للحسودِ به الحَوايا
ولولا شكرُ مثْلِك بالقوافي / لَما عَلِقتْ أعِنّتَها يَدايا
فلا بَرِحَتْ بك الأيّامُ غُرّاً / ولا بلَغتْ لك الحُسّادُ غَايا
فدُمْ في أنعُمٍ للخَلْقِ تَبْقَى / على مَرِّ السِّنينَ بها فَتايا
وعيِّدْ في السّعادةِ ألفَ عامٍ / وعشْ ما شئتَ في نِعَمٍ سَنايا
وخُذْها فهْيَ والمهدونَ شَتّى / نَفيسةُ ما مَلكْتُ من الهدايا
إذا القاضي كمالُ المُلكِ يوماً / عليك جلا مَعانيَها الجَلايا
لِمَنْ صُغْتُ المديحَ ومَن رَواهُ / شَهْدتُ لقد تَعالَى مُرْتقايا
مُنظَّمةً من الدُّرِّ الغَوالي / مُحَبّرةً من الكَلِمِ العَلايا
رجَتْ منك القَبولَ لها فتاهَتْ / وما كُلُّ الملائحِ بالحَظايا