هيَ الجَرعاءُ صاديَةٌ رُباها
هيَ الجَرعاءُ صاديَةٌ رُباها / فَزُرها يا هُذَيمُ أَما تَراها
وَخَلِّ بِها دموعَكَ واكِفاتٍ / وَكِيفَ السُّحْبِ واهيَةً كُلاها
وَلا تَذعَر بِها أَدماءَ تُزجِي / بِرَوْقَيها عَلى لَغَبٍ طَلاها
أَتَنسى قَولَ صَحبِكَ إِذ تَراءَتْ / هيَ ابنَةُ وائِلٍ لَولا شَواها
فَأَنتَ تَخالُها ظَمياءَ تَمشي / عَلى خَفَرٍ وَقَد فَقَدَت حُلاها
وَما فَتخاءُ تَنفُضُ كُلَّ أَرضٍ / بِعَينٍ إِن رَنَتْ بَلَغَتْ مَداها
جَريمَةُ ناهِضٍ يَشكو طَواهُ / إِلَيها وَهْيَ شاكيَةٌ طَواها
فَطارَت وَالفؤادُ لَهُ التِفاتٌ / إِلَيهِ وَقَد عَناهُ ما عَناها
تَصيدُ وَلا تَحيدُ وَلَو تَمَطَّى / بِها ما حاوَلَتهُ إِلى رَداها
فَيُسِّرَ نُجحُها وَلِكُلِّ نَفسٍ / مِنَ الطَلَبِ المَنيَّةُ أَو مُناها
وَعادَتْ تَبتَغيهِ وَلَم تَجِدهُ / وَكادَ يُذيبُ مُهجَتَها جَواها
وَباتَت وَهي تَنشُدُهُ بِعَينٍ / مُؤرَّقَةٍ يُصارِمُها كَراها
بِأَبرَحِ مِن أَخيكَ أَسىً وَوَجداً / إِذا الحَسناء شَطَّ بِها نَواها
نَبيلَةُ ما تواري الأُزرُ مِنها / صَموتٌ حَجلُها خَفِقٌ حَشاها
لَها بَيتٌ رَفيعُ السَّمكِ ضَخمٌ / بِهِ تُزهى إِذا اِنتَسَبَتْ أَباها
أَظُنُّ الخَمرَ ريقَتَها وَظَنِّي / تُحَقِّقُهُ إِذا قَبَّلتُ فاها
مَتى اِبتَسَمَت تَكَشَّفَ عَن أَقاحٍ / تُقَرِّطُهُنَّ ساريَةٌ نَداها
أُحِبُّ لِحُبِّها تَلَعاتِ نَجدٍ / وَما شَغَفي بِها لَولا هَواها
أَما وَالرَّاقِصاتِ تُقِلُّ رَكْباً / كَأَنَّهُمُ الصُّقورُ عَلى مَطاها
لَتَرتَميَنَّ بي وَاللَّيلُ داجٍ / إِليها العيسُ مائِلَةً طُلاها
فَإِنَّ بِها أَوانِسَ ناضَلَتْنِي / بِأَلحاظٍ تَغيظُ بِها مَهاها
وَمُرتَبَعاً بِهِ الغُدرانُ تَخدي / إِلَيها الناجياتُ عَلى وَجاها
وَتَلصِقُ صِحَّةً بِالدَّاءِ مِنها / إِذا اِعتَنَقَتْ كَلاكِلُها ثَراها