شجاها من عهودك ما شجاها
شجاها من عهودك ما شجاها / وجنّ الليل فأدركت أساها
هفت لشبابها و صبت إليه / ورقّ لها النصيح فما لحاها
و هيهات الشباب و أين منه / منى للنّفس تعثر في وجاها
كبا و ركائب الأعوام فيه / من العشرين لم تنقل خطاها
أيخذلني الشباب ضنى و سقما / أفول الشمس تغرب في ضحاها
و ما عذر الشباب كبرت فيه / و لي نفس فتيّات مناها
سقاها من سلافته كؤوسا / و حنّت للمزيد فما سقاها
يراخي بالعنان لها وريدا / فإن وثبت لغايتها ثناها
و تدعوها الفتون و هنّ سحر / فتطرق لا تلبّي من دعاها
تريد و لا يرد و كلّ نفس / يجاريها الشباب على هواها
يريها للمنى صورا ملاحا / فما همّت بها إلاّ أباها
فبا ظلّ الشباب أتتك غرثى / فكان أذى القطيعة من قراها
أطلّت هوانها فاذهب حبيبا / رعته على المغيب و ما رعاها
و ضمّ إليك عقدك و هو درّ / لأزين من سوارك معصماها
معذّبة إذا لمحت جمالا / هفت و جدا و عاودها ضناها
و تنشد حبّها الأسمى و تأوي / إذا عيي السهاد إلى كراها
فتلمح في الرؤى حسنا طريفا / و جلّ الحسن تخلقه روءاها
تبّنته فجاء يهزّ عطفا / ببردتها و يخطر في حلاها
و كدت و سحره سحر خفيّ / أرى فيه المحبّب من صباها
هداها الله من حيرى أضاعت / لبانتها و بارك من هداها
نسائل عن أخيها من تلاقي / و كلّ أخيّة وجدت أخاها
و أحسب أنّه أغفى كلالا / و مرّت في الظلام فما رآها
أأخت الدّوح حسبك لا تغنّي / فأخت السّرب قد فقدت طلاها
و يا نفسي عبدتك عن يقين / و حسبي قد عبدت بك الإلها
أحبّ الحسن في الحدق الرّواني / و في ثغر الفتاة و في لماها
و في عطف يثير هوى ملحّا / إذا رفّت عليه ذوءابتاها
و في نهدي منعّمة لعوب / و في ماء الخدود و في لظاها
و في ضحك الطفولة و هو سحر / و في مرح الصّغار و في دماها
أعانق قامة فيه و غصنا / و ألثم فيه سالفة وفاها
برئت إلى الحقيقة من غواة / تفرّ من الصباح إلى دجاها
تريد رضاك تقييدا و أسرا / و أين رضاك ربّي من رضاها
و أنكر قدرة الخلاّق روح / رأى صور الجمال و ما اشتهاها
لمن جليت بزينتها عروسا / و فيم أحبّها و لمن براها
عبدتك في الجمال و لا أبالي / ضلال النفس ذلك أم هداها
ففي نفسي جحيمك من سيصلى / بها لشقائه و من اصطلاها
و في نفسي السماء و فرقداها / و من سمك السماء و من رقاها
و هل من أنّة خفيت و دقّت / أسى إلاّ و في نفسي صداها
فيا لك من عمى و سلمت عينا / لو اختارت لما تركت عماها
و يا لك حيرة عرضت لموسى / فضلّ سبيل غايتها و تاها
أراد جلاءها نفر كريم / فجلّلها الغموض و ما جلاها
فتحت سريرتي صفحات نور / و قد خبر الصحيفة من تلاها
و زحزحت الحجاب عن الخفايا / و قلنا شقوة بلغت مداها