أهب ببيانِكَ الصافي تدفق
أهب ببيانِكَ الصافي تدفق / وقف بالقدس واهتف في رباهُ
وقم نقضي الحقوقَ إذا دعينا / أليسَ الشرق يجمعنا حِمَاهُ
سلام الله من أبناءِ مصر / إلى أرض البسالة والفتوَّة
من المهدِ الذي هز البرايا / إلى مهدِ القداسة والنبوَّة
من الوطنِ الكريمِ على الليالي / إلى الوطنِ الكريمِ على الجوارِ
من الوادي الخصيبِ بلا نظير / إلى الوادي المكلّلِ بالوقارِ
وقد رقَّت حواشيه إلى أن / رأيتُ الطودَ يخضرُّ اخضرارَا
لقد فاضَ الجلالُ عليه حتى / كأن عليه من نورٍ إزارَا
تهبُّ به النسائمُ ساحراتٍ / كأنَّ أريجَها أنفاسُ موسَى
وتأتلق الحياةُ على الروابي / كأنَّ على الربى كفّ عيسى
وتنظر روعةَ الإِسلام فيه / وقد غَمَرَ المدائنَ واليبابَا
فحيث تديرُ في الأنحاءِ عيناً / فنورُ محمد ملأ الرحابَا
حللنا في ذراكم يومَ عيدٍ / بعدنا فيه عن مصر مزارَا
فألفينا لديكم ألفَ عيدٍ / تُنَسّينا الأحبةَ والديارَا
وكم عبرت بلا فرحٍ ليالٍ / وكم بالله أعيادٌ تمرُّ
وكيفَ تطيب أعيادٌ وتحلو / لصادٍ والفمُ المحروم مُرُّ
وكيف تطيب أعيادٌ وتحلو / إذا عزَّ التعاهدُ واللقاءُ
فإن العيدَّ عيدٌ يومَ تدنو / ويجمعنا التفاهمُ والإِخاءُ
بني القدس التفت فسر قلبي / جهودٌ بالشدائِد لا تبالي
أرى روحَ الحياة تفيض فيكم / وعزمكمو يفيض على الليالي
أرى أملاً وقلباً حيث أمشي / وأعثر بالحياة إذا التقيتُ
إلى أن قالَ قائلكم لديكم / بأقصى الأرض بحرٌ وهو مَيتُ
خرجنا أمس في ركبٍ جليلٍ / نؤدي للمنية ما علينا
فلما أن بلغناه جميعاً / وقر الركب عند الشطِّ عينَا
عجبتُ لمن يسمي ذاك مَيتاً / وقلتُ يمين ربي ذا افتئاتُ
أميتُ من يحيينا ابتساماً / وتشرقُ في جوانبه الحياةُ
نزلنا فارحين على ذراهُ / فراشاتٍ تحومُ فيه وَثبَا
يكاد المرءُ يشربه سروراً / كأن الملحَ فيه صارَ عَذبَا
أراغب قمتُ أهدي عن عليّ / تحياتِ الكريمِ إلى الكريمِ
وإن أشكر يداً لك وَهيَ تسدي / فتلكَ يدُ العظيمِ إلى العظيمِ