هَل الأَقدارُ تَمنَعُ ما يَكونُ
هَل الأَقدارُ تَمنَعُ ما يَكونُ / إِذا حَكَمَت بِها تِلكَ الجُفونُ
فَلا وَأَبيكَ لَم تملك حِراكاً / وَلَم يَسكن لَها أَبَداً أَنينُ
يُقاضيني الغَريم وَلي عليه / ديون ما تَقاضاها المَدينُ
وَيرسل لي بنظرته سِهاماً / لَها في كلّ جارِحَة رَنينُ
يُساومنا قُلوباً غالياتٍ / فيرخص عنده الغالي الثَمينُ
وَنرهن مثلها في كُلِّ يَومٍ / وَنَعلَم لا تردُّ لَنا الرهونُ
وَكَم عِندَ الزَمان لَنا ديونٌ / وَلا نَدري مَتى تقضى الديونُ
عهدتك يا عَميد تَذوب وَجداً / إِذا مَرّت بخاطرك العيونُ
وَتأَخذك اللحون جوى وَشَوقاً / إِذا عزفت بساحتك اللحونُ
فَما لك لا تَميل إِلى التَصابي / وَما لَت بالبدور لك الغُصونُ
وَما لك لا يهزّك ذكر عَهدٍ / به سنحت لَنا حورٌ وَعينُ
إِذا ما قلت لا يشجيك ذكرٌ / فَما لكَ لا تزايلك الشجونُ
وَتلهجُ بالحَبيب وَلا حَبيبٌ / وَتَرتاد القطين وَلا قطينُ
لَقَد ظعن الخَليط وَكنت أَدعو / وَلَكِن لا تجاوِبني الظعونُ
أَقولُ أَحبّتي وأردّ طَرفي / وَلا خِلٌّ يَردُّ وَلا خدينُ
أَحنُّ لهم وَلي شجنٌ مُقيمٌ / وَهَل يجدي أَخا شجنٍ حنينُ
وَأَرجع وَالبَلابِل مشعلات / وَوبل الدمع منهمل هتونُ
وَكَيفَ يبلّ جرّ الوجد دَمعٌ / وَماء الجفن كَيفَ جَرى سخينُ
إِذا ما قيل صبٌّ أَو ضنينٌ / فَها أَنا ذلك الصبّ الضَنينُ
أحبّ العاشقين وَلست منهم / إِذا في العشق منقصة تَكونُ
وَإِنّي إِن عشقت فَلا أُبالي / يَطير اللوم أَو تقع المنونُ
فَلا تَتَبَيّنوا سرّا لمثلي / فسرّي في الخَواطر لا يبينُ
إِذا أُودِعتُ سِرّاً ماتَ عِندي / وساد عَلى تحرّكه السكونُ
إِذا أَشرجت أَضلاعي عليه / أَتَدري ما الَّذي فيها دَفينُ
يَميناً بالحجون وَبالمصلّى / وَما ضمّ المصلّى وَالحجونُ
فَما أَنا بالضَنين ببذل روحي / ولكن باِسم من أَهوى ضنينُ
دَعوني أَستَبِدُّ به دَعوني / لَكم دين وَلي في الحبّ دينُ
هبوا أَنّي ضنيت وَطالعَتني / مِن الأَحداث أَبكار وَعونُ
فَهَل أَنا لِلزَمان أَذلّ عنقي / وَهَل أَنا لليالي أَستَكينُ
فَكَم سَلَّت عَليّ بَنات دَهري / صفاحاً لَم تصافحها العُيونُ
سيوفاً إِن تهمُّ إِلى وتيني / تزايل قَبلَ أَن تَصِل الوَتينُ
وَكَم قَد أَشرعت فيها اللَيالي / رِماحاً لا يبل لَها طعينُ
وَكَم حشدت عليّ مِن اللَيالي / جيوش أَسىً يشيب لَها الجَنينُ
فَلا وَاللَه ما لانَت قَناتي / لنازلة وَلا كادَت تَلينُ
هُوَ البدر المُنير لكلّ أفقٍ / وَهَل للبدر غير ذكا قرينُ
يشعُّ سَناهُ في الآفاق حَتّى / تَزول به الحنادسة الدجونُ
وَيظهر للأنام فتجتليهِ / وَتنكص خشّعاً عَنه العيونُ
فَيا لِلَّه أَيّ سناً شَهِدنا / شَهِدنا الشمس وَالآفاق جونُ
شَهِدنا كلّ مكرمة وَفضلٍ / يَفيض عَلَيهما كرم ولينُ
فَخُذ ما شئت من دنياً وَدينا / فملء ردائه دنياً وَدينُ
فَهَل يَخفى لَنا عدل مُبينٌ / وَها هُوَ في الوَرى عدل مبينُ
وَكنت إخال إِنّ الأمن وَصف / إِذا هُوَ شخصك الملك الأَمينُ
فَيا قَمَراً له الأَحشاء أَوج / وَيا أَسَداً له الدنيا عَرينُ
بمعقلك الحصين نقرّ عَيناً / بعين اللَه معقلك الحَصينُ
أَرى الدُنيا هدوناً واِضطراباً / وَدنيانا به أَبَداً هدونُ
وَأَلفيت المَكارِم وَالمَعالي / تهلّل فوقها ذاكَ الجَبينُ
تُساوي حكمه حَتّى تَساوَت / وَهادَ الناس فيه والرعونُ
وَساس الملك وَهوَ فتيُّ سنٍّ / وَلَكِنّ الحجا كهل رَصينُ
فَأَضحى الملك طلق الوجه لَمّا / تهلّل فوقه ذاكَ الجَبينُ
أَقول وَقَولَتي شرف وَنبل / وَبعض القَول بَينَ الناس هونُ
لأصدقك الوداد وعزّ فردٌ / يصرّح بالوداد وَلا يَمينُ
ستَختَرِق القَوافي طامِحات / إِلَيكَ خيول أَفكار صفونُ
وَتَضرب في فَيافي القَول حَتّى / تَضيق بها الأَباطِح وَالحزونُ
كآساد الشَرى تَنزو وَلَكِن / فَرائسها الهَواجِس وَالظنونُ
ضمنت سراحها إِما اِطمأنَّت / بِبابك حيث بابك لي ضَمينُ
إِذا زأرت بذكرك في البَرايا / فَقُل زأر الأُسود غَدا طنينُ
فَعدها بالرضا وَعداً أَكيداً / يعد سلساً بمصعبه الحزون
شحنت سفائن الآمال نجحاً / إِذا وَقفت بساحلك السفينُ
وَحقّقت الظنون وَلَم تخيَّب / فبظن ظنوننا أَبَداً بطينُ
وَكَم قالوا وَلَم أَسمَع مَقالاً / وَلَكنّي بِما قالوا فَطينُ
وَعدت أَشكّ فيما قلت حَتّى / يَعود الشكّ وَهوَ بِها يَقينُ
فَما عانى المُلوك أَقلّ شرّ / إِذا ما كنت أَنتَ لَها معينُ
وَما اِفتَقرت إِلى عون المَواضي / إِذا كانَت بعزمك تَستَعينُ