أطالوا الحرب طاحنة زَبونا
أطالوا الحرب طاحنة زَبونا / فعدُّوا بالشهور لها السنينا
وقد زحفت لهم فيها جيوش / تجاوزت الألوف مع المئينا
لقد خربوا البلاد ودوّخوها / وجُنّوا في تناحُرهم جنونا
ولم تُرِد الشعوب لها اتّقاداً / فأوقد نارها المترئّسونا
أولاك هم الجُناة بها علينا / أولاك هم البُغاة الطامعونا
إذا ذكر الورى جشعاً وحرصاً / ف شرشل أكبر المتجشّعينا
وما رزفلت فيها غير جانٍ / يزوّر في إطالتها المُيونا
أعان على الهياج وقال حِيدي / حَيادِ فأعجب المتكذّبينا
فما دعواه في الحَيَدان إلا / كدعوى العفّةِ المتهتّكونا
كذلك ساسة الأقوام فيما / به من أمرهم يتقوّلونا
خِداع لا يراه ذووه شَيْناً / ولا يُمسي به أحد مَشِينا
بسنغافورة اليابان شبُّوا / على أعدائهم حرباً طَحونا
لهم فيها طوائر صاعقات / لها قصف تدكّ به الحصونا
رواعد تملأ رُعباً / وترسل في تهزُّمها المنونا
تزلزلت الحصون بها وكانت / تطاول في مناعتها القرونا
حصون تستخفّ بكلّ طَوْدٍ / وتستعشي برؤيتها العيونا
لقد سكتت مدافعها وجوماً / لجيش حلّ مَرصَفها الحصينا
على بحر بلُجّته أقاموا / لفلق البحر من نار كُرينا
وقد بثُّوا البوارج فاسبَطَّرت / تجول به فوارد أو ثُبينا
ترى الحيان فيه قد اشرأبّت / تردّد فوقه نظراً شَفونا
وتطفو تارةً وتغوص أخرى / وتُبدي من تماقُلها فنونا
وتضرب بالزعانف جانبَيْها / فتنقلب الظهور بها بطونا
بحيث يقول من يرنو إليها / لعلّ بهنّ صرعاً أو جنونا
وبحر الهند أصبح في اضطراب / يرجّم في عواقبه الظنونا
أيُفتَح بابه فيكون حرّاً / لمن يُزجي بلجّته السفينا
ويُمسي الهند عندئذ طليقاً / من الأسر الذي قطع الوَتينا
فبشرى للبلاد إذن وبشرى / لمصر و العراق بما هوينا
فسوف تكفّ عنهن الليالي / مطامع ساسة متحكمينا
هنالك حفرة الأطماع يُمسي / خِداع الانكليز بها دفينا
وتحتدم الحفائظ في البرايا / فتُضرم فوق مدفنه أُتونا
وتتسع السياسة للتصافي / فيستصفي الخدين بها الخدينا
ويُصبح كل تمويه وغِشّ / لأنظار البرية مستبينا
ويصبح كل خدّاع كذوب / رجيماً في سياسته لعينا
ويصبح كل شعب مستقلاً / عزيزاً لن يذِلّ ولن يهونا
ويمسي الناس قاطبةً سواءً / بدين أُخُوةٍ متدينينا
يعاون بعضهم بعضاً ويؤوي / قويّهم الضعيف المستكينا
تسير بها شرائع عادلات / إلى أوح السعادة مرتقينا
جميعاً لا يفرّقهم لسان / ولا دين به يتعبّدونا
فما من سائدٍ أو من مَسودٍ / ولا من دائن يُربي الديونا
ويصبح كل محتَرَث مُشاعاً / لمن فيه ثَوَوا متواطنينا
وما أهل البلاد سوى عيالٍ / على العمل الذي هم يحسنونا