المجموع : 16
تَمَنَّت شيعَةُ الهَجَرِيَّ نَصراً
تَمَنَّت شيعَةُ الهَجَرِيَّ نَصراً / لَعَلَّ الدَهرَ يَسهُلُ فيهِ حَزنُ
وَقَد أَضحَت جَماعَتُهُم شَريداً / فَلا يَفنى لَهُم أَسَفٌ وَحُزنُ
وَقالوا إِنَّها سَتَعودُ يَوماً / فَيَنبُتُ ما سَقى الآفاقَ مُزنُ
وَبَيتُ الشِعرِ قُطِّعَ لا لِعَيبٍ / وَلَكِن عَنَّ تَصحيحٌ وَوَزنُ
إِذا أوتيتَ مالاً فَاِبذُلنَهُ / فَما يُبقيهِ تَوفيرٌ وَخَزنُ
سُكوناً خِلتُ أَقدَمَ مِن حَراكٍ
سُكوناً خِلتُ أَقدَمَ مِن حَراكٍ / فَكَيفَ بِقَولِنا حَدَثَ السُكونُ
وَما في الناسِ أَجهَلُ مِن غَبِيٍّ / يَدومَ لَهُ إِلى الدُنيا رُكونُ
مَنازِلُنا إِذا ما الطَيرُ صيدَت / فَما تَبكي مِنَ الأَسَفِ الوُكونُ
وَما كانَت نَوى فَنَذُمَّ بَيناً / وَلكِن بَعدَ أَيّامٍ تَكونُ
لَقَد طالَ الزَمانُ عَلَيَّ حَتّى
لَقَد طالَ الزَمانُ عَلَيَّ حَتّى / غَدَوتُ وَلي إِلى الدُنيا رُكونُ
فَلا أُغرَر إِذا أَجَلي خَطاني / سَيَأتي المَوتُ أَغفَلَ ما أَكونُ
وَيَلحَقُ بِالثَرى جَسَدٌ هَباءٌ / عَلى حَرَكاتِهِ وَرَدَ السُكونُ
أَتَحمِلُكَ الحَصانُ وَأَنتَ خالٍ
أَتَحمِلُكَ الحَصانُ وَأَنتَ خالٍ / وَفي الهَيجاءِ يَحمِلُكَ الحِصانُ
تَصونُ الخَيلَ تَحتَكَ مِن وَجاها / وَإِن جاءَ الحِمامُ فَما تُصانُ
لَأَمواهُ الشَبيبَةِ كَيفَ غِضنَه
لَأَمواهُ الشَبيبَةِ كَيفَ غِضنَه / وَرَوضاتُ الصِبا كَاليَبسِ إِضنَه
وَآمالُ النُفوسِ مُعَلِّلاتٌ / وَلَكِنَّ الحَوادِثَ يَعتَرِضنَه
فَلا الأَيّامُ تَغرَضُ مِن أَذاةٍ / وَلا المُهَجاتُ مِن عَيشٍ غَرَضنَه
وَأَسبابُ المُنى أَسبابُ شِعرٍ / كُفِّفنَ بِعِلمِ رَبِّكَ أَو قِبِضنَه
وَما الظَبِيّاتُ مِنّي خائِفاتٌ / وَرَدنَ عَلى الأَصائِلِ أَو رَبَضنَه
فَلا تَأخُذ وَدائِعَ ذاتِ ريشٍ / فَما لَكَ أَيُّها الإِنسانُ بِضنَه
فَراعِ اللَهَ وَاِلهَ عَنِ الغَواني / يَرُحنَ لِيَمتَشِطنَ وَيَرتَحِضنَه
وَطِئنَ السابِرِيِّ وَخُضنَ بَحرَ النَ / عيمِ وَهُنَّ في ذَهَبٍ يَخُضنَه
وَلِلسَمُراتِ في الأَشجارِ عَيبٌ / إِذا ماقالَ مُخبِرُهُنَّ حِضنَه
نَجائِبُ لِاِمرِئِ القَيسِ اِبنِ حُجرٍ / وَقَصنَ أَخا البَطالَةِ إِذ يَرُضنَه
وَخَيلُ اللَهوِ جامِحَةٌ عَلَينا / يُساقِطنَ الفَوارِسَ إِن رُكِضنَه
فَيا غَضّاً مِنَ الفِتيانِ خَيرٌ / مِنَ اللَحَظاتِ أَبصارٌ غُضِضنَه
فَفُضَّ زَكاةَ مالِكَ غَيرَ آبٍ / فَكُلُّ جُموعِ مالِكَ يَنفَضِضنَه
وَأَعجَزُ أَهلِ هَذي الأَرضِ غاوٍ / أَبانَ العَجزَ عَن خَمسٍ فُرِضنَه
وَصُم رَمَضانَ مُختاراً مُطيعاً / إِذِ الأَقدامُ مِن قَيظٍ رَمِضنَه
عُيونُ العالَمينَ إِلى اِغتِماضٍ / وَما خِلتُ الكَواكِبَ يَغتَمِضنَه
وَقَد سَرَّ المَعاشِرَ باقِياتٌ / مِنَ الأَنباءِ سِرنَ لِيَستَفِضنَه
أَرى الأَزمانَ أَوعِيَةً لِذِكرٍ / إِذا بُسطُ الأَوانِ لَهُ نُفِضنَه
قَدِ اِنقَرَضَت مَمالِكُ آلِ كِسرى / سِوى سِيَرٍ لَهُنَّ سَيَنقَرِضنَه
فَطِر إِن كُنتَ يَوماً ذا جَناحٍ / فَإِنَّ قَوادِمَ البازي يُهَضنَه
وَكَم طَيرٍ قُصِصنَ لِغَيرِ ذَنبٍ / وَأُلزِمنَ السُجونَ فَما نَهَضنَه
مَتى عَرَضَ الحِجى لِلَّهِ ضاقَت / مَذاهِبُهُ عَلَيهِ وَإِن عَرُضنَه
وَقَد كَذَبَ الَّذي يَغدو بِعَقلٍ / لِتَصحيحِ الشُروعِ إِذا مَرِضنَه
هِيَ الأَشباحُ كَالأَسماءِ يَجري ال / قَضاءُ فَيَرتَفِعنَ وَيَنخَفِضنَه
وَتِلكَ غَمائِمُ الدُنيا اللَواتي / يُسَفِّهنَ الحَليمَ إِذا وَمَضنَه
غَدَت حُجَجُ الكَلامِ حَجا غَديرٍ / وَشيكاً يَنعَقِدنَ وَيَنتَفِضنَه
لَعَلَّ الظاعِناتِ عَنِ البَرايا / مِنَ الأَرواحِ فُزنَ بِما اِستَعَضنَه
وَلِلأَشياءِ عِلّاتٌ وَلَولا / خُطوبٌ لِلجُسومِ لَما رُفِضنَه
وَغارَت لِاِنصِرامِ حَيّاً مِياهٌ / وَكُنَّ عَلى تَرادُفِهِ يَفِضنَه
تَهاوَنَ بِالظُنونِ وَما حَدَسنَه
تَهاوَنَ بِالظُنونِ وَما حَدَسنَه / وَلا تَخشَ الظِباءَ مَتى كَنَسنَه
وَأَوقاتُ الصِبا في كُلِّ عَصرٍ / أَراقِمُ وَالمَنِيَّةُ ما قَلَسنَه
يُجِدنَ بِهَينٍ وَيَعِدنَ فيهِ / أَلَيسَ بِعِلمِ رَبِّكَ قَد أَلَسنَه
يَلُسنَ شُخوصَ أَهلِ الأَرضِ حَتّى / يُسِخنَ وَراءَ ذَلِكَ ما يَلُسنَه
وَما أَنا وَالظَعائِنُ سائِراتٍ / أَغُرنَ مَعَ الغَوائِرِ أَو جَلَسنَه
ضَرَبَت لِجاهِلٍ مَثَلَ الغَواني / قَلَبنَ وَما رَأَينَ غَداةَ رُسنَه
هِيَ النيرانُ تُحسِنُ مِن بَعيدٍ / وَيُحرِقنَ الأَكُفَّ إِذا لَمَسنَه
أَخَذنَ اللُبَّ ظاعِناتٍ / فَعُدنَ وَما رَبَعنَ وَما خَمَسنَه
إِذا مَدَّت رَوامِقَها إِلَيها / قَوابِسَ لَم يَعُجنَ بِما قَبَسنَه
وَلَولا أَنَّهُنَّ أَذىً وَكَيدٌ / لَما أَصبَحنَ في كِلَلٍ حُبِسنَه
ثُغورُ مُحارِبٍ مَنَعَت هُجوعاً / ثُغوراً في مَضاحِكِها غُرِسنَه
تَشابَهَتِ الخَلائِقُ وَالبَرايا / وَإِن مازَتهُمُ صُوَرٌ رُكِسنَه
وَجُرمٌ في الحَقيقَةِ مِثلُ جَمرٍ / وَلَكِنَّ الحُروفَ بِهِ عُكِسنَه
غِنى زَيدٍ يَكونُ لِفَقرِ عَمرٍو / وَأحكامُ الحَوادِثِ لا يُقَسنَه
كَأَنَّكَ إِن بَقَيتَ عَلى اللَيالي / بِأَعلامِ الوُلاةِ وَقد نُكِسنَه
وَخَيرُ الرِزقِ ما وافاكَ عَفواً / فَخَلِّ فُضولَ أَموالٍ مُكِسنَه
وَلَيتَ نُفوسَنا وَالحَقُّ آتٍ / ذَهَبنَ كَما أَتَينَ وَما أَحَسنَه
قَدِمنا وَالقَوابِلُ ضاحِكاتٌ / وَسِرنا وَالمَدامِعُ يَنبَجِسنَه
عَناصِرُنا طَواهِرُ غَيرَ شَكٍّ / فَيا أَسَفا لِأَجسامٍ نَجِسنَه
وَيَرجو أَن يُزيلَ الغُلَّ صادٍ / إِذا سَمِعَ الرَواعِدَ يَرتَجِسنَه
وَقَد زَعَمَ الزَواعِمُ وَاِفتَكَرنا / فَوَيحٌ لِلخَواطِرِ ما هَجَسنَه
وَمَن يَتَأَمَّلِ الأَيّامَ تَسهُل / عَلَيهِ النائِباتُ وَإِن بَخِسنَه
وَلَو صُرِفَ الهُدى بِجَميلِ فِعلٍ / إِلى مُهَجٍ نَفِسنَ لِما نَفِسنَه
وَمَن يَحمَد لِعيشَتِهِ لِياناً / يَذُمَّ الغِبَّ أَخلاقاً شَرِسنَه
وَما الأَحراسُ إِلّا أُمَّهاتٌ / أَكَسنَ الناجِياتِ وَما أَكَسنَه
تَحاسَدَتِ العُيونُ عَلى مَنامٍ / عَرَفنَ كِذابَهُ وَأَردنَ حُسنَه
فَصَبراً إِن سَمِعتَ لِسانَ سوءٍ / مِن اِبنِ مَوَدَّةٍ وَتَوَقَّ لِسنَه
فَإِنَّ الوِردَ مِن مِلحٍ أُجاجٍ / أَجِئتَ لِشُربِهِ وَعَرفتَ أَسنَه
وَلَولا ضَعفُ أَرواحٍ أُعِرنا / سَفاهاً وَما اِبتَهَجنَ وَلا اِبتَأَسنَه
وَإِنَّ مُلوكَ غَسّانٍ تَقَضَّوا / وَلَم يُترَك لَهُم في المُلكِ غُسنَه
وَفارِسُ عَزَّ مِنها كُلَّ راعٍ / أُسودٌ لِلمَقادِرِ يَفتَرِسنَه
وَهَدَّ جِبالَها أَقيالُ فِهرٍ / فَتِلكَ رُبوعُها آياً طُمِسنَه
يُذيبونَ النُضارَ بِكُلِّ مَشتى / إِذا الأَمواهُ مِن قَرٍّ جَمَسنَه
وَقَد حَرَسَ المَمالِكَ حَيُّ لَخمٍ / فَغالَتهُم نَوائِبُ يَحتَرِسنَه
شَكا الرَكبُ السُهادَ فَلَم يُعيجوا / بِأَشباحٍ عَلى قَلَقٍ يُنِسنَه
وَكَم قَطَعَت سَواري الشُهبِ لَيلاً / سَواهِدَ ما هَجَعنَ وَلا نَعَسنَه
هَواكَ مُشابِهٌ فَرَساً جَموحاً / وَما أَلجَمَتهُ فَعَلَيكَ رَسنَه
وَلا يُعجِبكَ رَوضٌ باكَرَتهُ / غَمائِمُهُ وَأغصانٌ يَمِسنَه
وَلا الأَفواهُ تَضحَكُ عَن غَريضٍ / فَرائِدُ في مُدامَتِها غُمِسنَه
تَنَعَّمَتِ الخَوافِضُ في مَقامٍ / فَكَيفَ الناعِماتُ إِذا رُمِسنَه
فَأَينَ القائِلاتُ بِلا اِقتِصادٍ / أَأَلغَينَ التَكَلُّمَ أَم خَرِسنَه
مَلَأنَ مَواضِيَ الأَزمانِ قَولاً / وَأُلزِمنَ السُكوتَ فَما نَبَسنَه
أَلَم تَرَني حَمَيتُ بَناتِ صَدري / فَما زَوَّجتُهُنَّ وَقَد عَنَسنَه
وَلا أَبرَزتُهُنَّ إِلى أَنيسٍ / إِذا نورُ الوُحوشِ بِهِ أَنِسنَه
وَقالَ الفارِسونَ حَليفُ زُهدٍ / وَأَخطَأَتِ الظُنونُ بِما فَرَسنَه
وَرُضتُ صِعابَ آمالي فَكانَت / خُيولاً في مَراتِعِها شَمَسنَه
وَلَم أُعرِض عَنِ اللَذّاتِ إِلّا / لِأَنَّ خِيارَها عَنّي خَنَسنَه
وَلَم أَرَ في جِلاسِ الناسِ خَيراً / فَمَن لِيَ بِالنَوافِرِ إِن كَنَسنَه
وَقَد غابَت نُجومُ الهَديِ عَنّا / فَماجَ الناسُ الناسُ في ظُلَمٍ دَمَسنَه
وَقَد تَغشى السَعادَةُ غَيرَ نَدبٍ / فَيُشرِقُ بِالسُعودِ إِذا وَدَسنَه
وَتُقسَمُ حُظوَةٌ حَتّى صُخورٌ / يُزَرنَ فَيُستَلَمنَ وَيُلتَمَسنَه
كَذاتِ القُدسِ أَو رُكنَي قُرَيشٍ / وَأُسرَتُهُنَّ أَحجارٌ لُطِسنَه
يَحُجُّ مَقامَ إِبراهيمَ وَفدٌ / وَكَم أَمثالِ مَوقِفِهِ وَطَسنَه
تَشاءَمَ بِالعَواطِسِ أَهلُ جَهلٍ / إِن خَفَتنَ وَإِن عَطَسنَه
وَأَعمارُ الَّذينَ مَضَوا صِغاراً / كَأَثوابٍ بَلينَ وَما لُبِسنَه
وَهانَ عَلى الفَراقِدِ وَالثُرَيّا / شُخوصٌ في مَضاجِعِها دُرِسنَه
وَما حَفَلَت حَضارِ وَلا سُهَيلٌ / بِأَبشارٍ يَمانِيَةٍ يُدَسنَه
إِذا ما شِئتُمُ دَعَةً وَخَفضاً
إِذا ما شِئتُمُ دَعَةً وَخَفضاً / فَعيشوا في البَرِيَّةِ خامِلينا
وَلا يُعقَد لَكُم أَمَلٌ بِخَلقٍ / وَبيتوا لِلمُهَيمِن آمِلينا
وَرِفقاً بِالأَصاغِرِ كَي يَقولوا / غَدَونا بِالجَميلِ مُعامِلينا
فَأَطفالُ الأَكابِرِ إِن يُوَقّوا / يُرَوا يَوماً رِجالاً كامِلينا
وَنودوا في إِمارَتِهِم فَجَفّوا / وَعادوا لِلثَقائِلِ حامِلينا
وَلا تُبدوا عَداوَتَكُم لِقَومٍ / أَتَوكُم في الحَياةِ مُجامِلينا
وَلا تُرضَوا بِأَن تُدعَوا وُشاةً / وَتَسعَوا بِالأَقارِبِ نامِلينا
وَقَد جارَ القُضاةُ إِذا أَشاروا / بِأَيسَرِ نَظرَةٍ مُتَحامِلينا
لَعَلَّ مَعاشِراً في الأَرضِ جوزوا / بِما كانوا قَديماً عامِلينا
إِذا وَقتُ السَعادَةِ زالَ عَنّي
إِذا وَقتُ السَعادَةِ زالَ عَنّي / فَكِلني إِن أَرَدتَ وَلا تُكَنّي
نَبَذتُ نَصيحَتي أَن رَثَّ جِسمي / وَكَم نَقَعَ الغَليلَ خَبيءُ شَنِّ
وَقَد عَدِمَ التَيَقُّنُ في زَمانٍ / حَصَلنا مِن حِجاهُ عَلى التَظَنّي
فَقُلنا لِهِزبَرِ أَأَنتَ لَيثٌ / فَشَكَّ وَقالَ عَلَيَّ أَو كَأَنّي
وَضَعتُ عَلى قَرا الأَيّامِ رَحلي / فَما أَنا لِلمُقامِ بِمُطمَئِنِّ
وَلاقَتبي عَلى العَودِ المُزَجّى / وَلا سَرجي عَلى الفَرَسِ الأَدَنِّ
وَلَكِن تَرقُلُ الساعاتُ تَحتي / بَرِئنَ مِنَ التَمَكُّثِ وَالتَأَنّي
أَحِنُّ وَما أَجُنُّ سِوى غَرامٍ / بِغَيرِ الحَقِّ مِن حِنٍّ وَجِنِّ
نَصَحتُكِ ناقَتي سَلَبي وَنَفسي / وَنُحرِكُ في الحَنينِ فَلا تَحِنّي
أَضَيفَ الفَقرِ ضَيفَنُكَ اِدِّلاجٌ / فَهَل لَكَ مِن ذُؤالَةَ في ضِفَنِّ
غِنىً وَتَصَعلُكٌ وَكَرىً وَسُهدٌ / فَقَضَّينا الحَياةَ بِكُلِّ فَنِّ
زَمانٌ لا يَنالُ بَنوهُ خَيراً / إِذا لَم يَلحَظوهُ مِنَ التَمَنّي
عَرَفتُ صُروفَهُ فَأَزَمتُ مِنها / عَلى سِنِّ اِبنِ تَجرِبَةٍ مُسِنِّ
وَأَفقَرَني إِلى مَن لَيسَ مِثلي / كَما اِفتَقَرَ السِنانُ إِلى المِسَنِّ
أَنا اِبنُ التُربِ ما نَسَبي سِواهُ / قَلَلتُ عَنِ التَسَمّي وَالتَكَنّي
إِذا أَلهَمَتنِيَ الغَبراءُ يَوماً / فَقَد أَمِنَ التَجَنُّبُ وَالتَجَنّي
وَما أَهلُ التَحَنُّؤُ وَالتَحَلّي / إِلى أَهلِ التَحَلُوِّ وَالتَحَنّي
وَيَكفيكَ التَقَنُّعُ مِن قَريبٍ / عَظائِمَ لَيسَ تُبلَغُ بِالتَوَنّي
صَريرَ الرُمحِ في زَرَدٍ مَنيعٍ / وَوَقعَ المَشرَفِيِّ عَلى المِجَنِّ
وَحَملَ مُهَنَّدٍ يَسطو بِعَيرٍ / وَفورٍ لَيسَ بِالأَشِرِ المُرِنِّ
وَلا شَلّالِ عاناتٍ خِماصٍ / وَلَكِن خَيلِ جَيشٍ مُرجَحَنِّ
يَرى عَذمَ الأَوابِدِ غَيرَ حِلٍّ / وَيَعذِمُ هامَةَ البَطَلِ الرِفَنِّ
وَما يَنَفكُّ مُحتَمِلاً ذُباباً / أَبى التَغريدُ في الخَضِرِ المُغَنِّ
تَذوبُ حِذارَهُ زُرقُ الأَعادي / وَيَسخى بِالحَياةِ حَليفُ ضَنِّ
وَيَنفُثُ في فَمِ الحَيّاتِ سُمّاً / وَيَملَأُ ذِلَّةً أَنفَ المِصِنِّ
وَخَرقُ مَفازَةٍ كُسِيَت سَراباً / يُعَرّي الذِئبَ مِن وَبَرٍ مُكِنِّ
شَكَت سَحَراً مِنَ السَبَراتِ قُرّاً / فَأَوسَعَها الهَجيرُ مِنَ القُطُنِّ
وَتَعزِفُ جِنُّها وَاللَيلُ داجٍ / إِذا خَلَتِ الجَنادِبُ مِن تَغَنّي
يَخالُ الغِرُّ سَرحَ بَني أُقَيشٍ / يُؤَنَّقُ في مَراتِعِها بِسَنِّ
أَراكَ إِذا اِنفَرَدتَ كُفيتَ شَرّاً / مِنَ الخَلِّ المُعاشِرِ وَالمِعَنِّ
وَمَن يَحمِل حُقوقَ الناسِ يوجَد / لَدى الأَغراضِ كَالفَرَسِ المُعَنِّ
أَتَعجَبُ مِن مُلوكِ الأَرضِ أَمسَوا / لِلَذّاتِ النُفوسِ عَبيدَ قِنِّ
فَإِن دانَيتُهُم لَم تَعدُ ظُلَماً / وَمَنّاً في الأُمورِ بِغَيرِ مَنِّ
نَهَيتُكَ عَن خِلاطِ الناسِ فَاِحذَر / أَقارِبَكَ الأَداني وَاِحذَرَنّي
وَإِن أَنا قُلتُ لا تَحمِل جُرازاً / فَهُزَّ أَخا السَفاسِقِ وَاِضرِبَنّي
فَنَصلُ السَيفِ وَهوَ اللُجُّ يَرمي / غَريقاً فَوقَ سَيفٍ مُرفَئِنِّ
وَضاحيهِ يُزيلُ غُضونَ وَجهٍ / وَيَبسُطُ مِن وِدادِ المُكبَئِنِّ
فَما حَمَلَت يَداهُ بِهِ خَؤوناً / وَلا نَبَراتُهُ نَبَراتُ وَنِّ
سَنا العَيشِ الخُمولُ فَلا تَقولوا / دَفينُ الصيتِ كَالمَيتِ المُجَنِّ
وَتُؤثِرُ حالَةَ الزِمّيتِ نَفسي / وَأَكرَهُ شيمَةَ الرَجُلِ المِفَنِّ
كَفى حُزناً رَحيلُ القَومِ عَنّي / وَلَيسَ تَخَيُّري وَطَنَ المِبِنِّ
تَبَنَّوا خَيمَهُم فَوُقوا هَجيراً / وَأَعوَزَني مَكانٌ لِلتَبَنّي
يُصافِحُ راحَةً بِاليَأسِ قَلبي / وَلَدنُ الشَرخِ حُوِّلَ مِن لَدُنّي
وَما أَنا وَالبُكاءَ لِغَيرِ خَطبٍ / أَعينُ بِذاكَ لِمَن لَم يَسَتَعِنّي
حَسِبتُكَ لَو تُوازِنُ بي ثَبيراً / وَرَضوى في المَكارِمِ لَم تَزِنّي
وَما أَبغي كِفاءَكَ عَن جَميلٍ / وَأَمّا بِالقَبيحِ فَلا تَدِنّي
وَلا تَكُ جازِياً بِالخَيرِ شَرّاً / وَإِن أَنا خُنتُ في سَبَبٍ فَخُنّي
جَليسي ما هَويتُ لَكَ اِقتِراباً / وَصُنتُكَ عَن مُعاشَرَتي فَصُنّي
أَرى الأَقوامَ خَيرُهُمُ سَوامٌ / وَإِن أُهِنِ اِبنَ حادِثَةٍ يُهِنّي
إِذا قُتِلَ الفَتى الشِرّيبُ مِنهُم / فَلا يَهِجِ الغَرامَ كَسيرُ دَنِّ
رَأَيتُ بَني النَضيرِ مِن آلِ موسى / أَعارَهُمُ الشَقاءُ حَطيمَ ثِنِّ
سَعَوا وَسَعَت أَوائِلُهُم لِأَمرٍ / فَما رَبِحوا سِوى دَأبٍ مُعَنّي
إِذا هاجَت أَخا أَسَفٍ دِيارٌ
إِذا هاجَت أَخا أَسَفٍ دِيارٌ / فَلَيتَ طُلولُ دارِكَ لَم تَهِجني
إِذا خَلَجَت بَوارِقُ في هَزيعٍ / دَعَوتُ فَقُلتُ يا مَوتُ اِختَلِجني
أَتَأسى النَفسُ لِلجُثمانِ يَبلى / وَهَل أَسِيَ الحَيا لِفِراقِ دَجنِ
وَما ضَرَّ الحَمامَةَ كَسرُ ضَنكٍ / مِنَ الأَقفاصِ كانَ أَضَرَّ سِجِنِ
أَعوذُ بِخالِقي مِن أَن يَراني / كَشاكِ النَبتِ لا يُجنى وَيَجني
كَمَمطورِ القَتادَةِ يَتَّقينا / بِآلاتٍ مُقَوَّسَةٍ وَحُجنِ
أُزَجّي العَيشَ مُعتَرِفاً بِضُعفٍ / أُنافي القَولَ في عَرَبٍ وَهُجنِ
فَإِنَّ الطَيرَ يُقنِعُهُنَّ وِردٌ / عَلى ما كانَ مِن صَفوٍ وَأَجنِ
ذَمَمتُكِ أُمَّ دَفرٍ فَاِسمَعيني
ذَمَمتُكِ أُمَّ دَفرٍ فَاِسمَعيني / وَجازيني بِذَلِكَ أَو دَعيني
فَما كُنتُ الحَبيبَ إِلَيكَ يَوماً / فَأَقرُبُ في الثَوِيِّ لِتَخدَعيني
لَعَنتُكَ جاهِداً وَقَد اِشتَبَهنا / كِلانا راحَ في بُردَي لَعينِ
عَلى خُلقِ العَجوز غَدا بَنوها / لَهُم وِردٌ مِنَ الغَدرِ المَعينِ
إِذا ما الأَربَعونَ مَضَت كَمالاً / فَما لِلمَرءِ مِن أَربٍ لِعينِ
وَغِشيانُ النِساءِ إِذا تَقَضَّت / لِسُلطانِ المَنِيَّةِ كَالمُعينِ
كَأَنَّ الدَهرَ بَحرٌ نَحنُ فيهِ
كَأَنَّ الدَهرَ بَحرٌ نَحنُ فيهِ / عَلى خَطَرٍ كَرُكّابِ السَفينِ
بَكى جَزَعاً لِمَيِّتِهِ كَفورٌ / فَجاءَ بِمُنتَهى الرَأيِ الأَفينِ
مُصيبَةُ دينِهِ لَو كانَ يَدري / أَجَلُّ مِنَ المُصيبَةِ بِالدَفينِ
قَدِ اِستَخفَيتُ كَالجَسدِ المُواري / وَلَكِنَّ الطَوارِقَ تَختَفيني
عَفا أَثَري الزَمانُ وَما أَغَبَّت / ضِباعٌ في المَحَلَّةِ تَعتَفيني
أَجارِحي الَّذي أَدمى أَساني
أَجارِحي الَّذي أَدمى أَساني / وَسالِبُ حُلَّتي عَنّي كَساني
فَما لي لا أَقولُ وَلي لِسانٌ / وَقَد نَطَقَ الزَمانُ بِلا لِسانِ
عَسى عَمرٌ عَنِ الطَوقِ المُعَرّي / فَقد جانَبتُ عَلِيَّ أَو عَساني
وَبيعَت بِالفُلوسِ لِكُلِّ خَزيٍ / وُجوهٌ كَالدَنانيرِ الحِسانِ
وَلَو أَنّي أُعَدُّ بِأَلفِ بَحرٍ / لَمَرَّ عَلَّيَّ مَوتٌ فَاِحتَساني
ظَلامي وَالنَهارُ قَدِ اِستَمَرّا / عَلَيَّ كَما تَتابَعَ فارِسانِ
طَلَبتُ مَكارِماً فَأَجدتُ لَفظاً
طَلَبتُ مَكارِماً فَأَجدتُ لَفظاً / كَأَنّا خالِدانِ عَلى الزَمانِ
سَيُنسى كُلُّ ما الأَحياءُ فيهِ / وَيَختَلِطُ الشَآمي بِاليَماني
وَرُمتُ تَجَمُّلاً فَكُسيتُ شَيناً / وَمَن لَكَ مِن شُرورِكَ بِالأَمانِ
وَإِنَّ حَوادِثَ الأَيّامِ نُكدٌ / يُصَيِّرنَ الحَقائِقَ كَالأَماني
ضَماني أَن سَيَنفَدُ كُلُّ شَيءٍ / سِوى مَن لَيسَ يَدخُلُ في الضَمانِ
وَما خِلتُ السِماكَ وَلا أَخاهُ / عَلى خَلقَيهِما لا يَهرَمانِ
وَما أَدري أَعِلمُهُما كَعِلمي / بِهَذا الأَمرِ أَم لا يَعلَمانِ
فَهَل لِلفَرقَدَينِ سُلافُ راحٍ / عَلى كاساتِها يَتَنادَمانِ
وَإِن فَهِما خِطابَ الدَهرِ مِثلي / فَما سَعِدا بِما يَمنيهِ مانِ
وَأَروَحُ مِنهُما حادي ثَلاثٍ / يَسوقَهُنَّ أَو حادي ثَمانِ
وَمَن لي أَن أَكونَ طَريدَ سِربٍ / سَما لي خِدنُ سِنبِسَ أَو رَماني
أَلَم تَرَني كَمَيتُ الناسَ نَفسي / فَأَظهَرَني القَضاءُ وَما كَماني
مَعانٌ مِن أحِبّتِنَا مَعَانُ
مَعانٌ مِن أحِبّتِنَا مَعَانُ / تُجِيبُ الصاهِلاتِ به القِيانُ
وقفْتُ به لصَوْنِ الوُدّ حتى / أذَلْتُ دموعَ جَفْنٍ ما تُصانُ
ولاحَتْ مِن بُرُوجِ البَدرِ بُعْداً / بُدورُ مَهاً تَبَرّجُها اكْتِنانُ
فلو سمَحَ الزّمانُ بها لضَنّتْ / ولو سَمَحَتْ لضَنّ بها الزّمانُ
رُزِقْنَ تَمَكنّاً مِن كلّ قلْبٍ / فليسَ لغيرِهِنّ به مَكانُ
وفَيْتُ وقد جُزِيتُ بِمِثْلِ فِعْلي / فها أنا لا أخُونُ ولا أُخانُ
وعيشَتي الشّبابُ وليسَ منها / صِبايَ ولا ذَوائِبيَ الهِجانُ
وكالنّارِ الحَيَاةُ فمِنْ رَمادٍ / أواخِرُهَا وأوّلُها دُخانُ
إلامَ وفيمَ تَنْقُلُنا رِكابٌ / وتأمُلُ أن يكُونَ لنا أوَان
فنَجْزِيهَا على الحُسنى وأهْلٌ / لما ظَنّتْ خَلائقُك الحِسانُ
وكانَتْ كالنّخِيلِ فظَلّ كلّ / ومُشْبِهُه من الضُّمْرِ الإهانُ
تخَيّلتِ الصّبَاحَ مَعِينَ مَاءٍ / فما صَدَقَتْ ولا كذَبَ العِيانُ
فكاد الفَجْرُ تَشْرَبُه المَطَايا / وتُمْلأ منه أسْقِيهٌ شِنانُ
وقد دَقّتْ هَوادِيهِنّ حتى / كأنّ رقابَهُنّ الخَيْزرانُ
إذا شربَتْ رأيْتَ الماءَ فِيها / أُزَيْرِقَ ليس يَسْتُرُهُ الجِرَانُ
ستَرْجِعُ عنكَ وهْيَ أعَزّ إبْلٍ / إذا إبِلٌ أضَرّ بها امْتِهانُ
لها فَرَحاً فُوَيْقَ الأرضِ أرْضٌ / ومِن تحْتِ اللُّجَينِ لها لِجانُ
تَرَى ما نالت الأضْيافُ نَزْراً / ولو مُلِئَتْ من الذّهَبِ الجِفانُ
ويُطلَبُ منكَ ما هوَ فيكَ طبْعٌ / ومَطْلُوبٌ من اللّسِنِ البَيانُ
ومُمْتحِنٍ لقاءكَ وهو موْتٌ / وهل يُنْبي عن المَوْتِ امْتِحانُ
ومُضْطَغِنٍ عليكَ وليس يُجْدي / ولا يُعْدي على الشمس اضْطِغانُ
ورُبّ مُساتِرٍ بهَوَاكَ عَزّتْ / سَرائرُه وكُلُّ هوىً هَوَانُ
أحَبّكَ في ضَمائِرِهِ ونادى / ليُعْلِنَها وقد فاتَ العِلانُ
وَصَلّى ثُمّ أذّنَ مُسْتقِيلاً / وقَبْلَ صَلاتِهِ وَجَبَ الأذانُ
تَضَمّنُ منْكَ ذي الدنيا مَليكاً / عليه لكلّ مَكْرُمَةٍ ضَمانُ
كأنّ بحارَها الحيوانُ فيها / وقُرْبُكَ خُلْدُها وهْيَ الجِنانُ
وتُعْذَلُ حينَ لم تُجْنَنْ سُرُوراً / وتُعْذَرُ حيثُ ليس لها جَنَانُ
ولو طَرِبَ الجَمادُ لكَانَ أوْلى / شُرُوبِ الرّاحِ بالطّرَبِ الدّنانُ
ولمّا دالَتِ العَرَبُ اغْتِصَاباً / وأضْحَتْ جُلُّ طاعتِها دِهانُ
وعادتْ جاهِلِيَتُها إليها / فصارتْ لا تَدينُ ولا تُدانُ
سَطَوْتَ ففي وَظيفِ الصّعْبِ قيْدٌ / بذاكَ وفي وَتيرَتِهِ عِرانُ
وقد يَنْمي كبيرٌ مِن صَغِيرٍ / ويَنْبُتُ من نَوَى القَسْبِ اللِّيانُ
وعَنّتْ في سَماءِ بَني عَدِيٍّ / نُجُومٌ ما يُغَبّيها عَنانُ
فما عَبَدَتْ سِوَى الرّحمن رَبّاً / إذِ المعْبودُ نَسْرٌ والمُدانُ
إذا البِرْجِيسُ والمِرّيخُ رامَا / سِوَى ما رُمتَ خانهُما الكِيانُ
هُما العَبْدانِ إنْ بَغَياكَ غَدْراً / فما فَعَلا إبَاقٌ أو دِفانُ
تُقارِنُ بين أشْتاتِ المَنايا / بضَرْبٍ ليس يُحْسِنُه قِرانُ
ولولا قوْلُكَ الخَلاّقُ رَبّي / لكان لنَا بطَلْعَتكَ افْتِتَانُ
تَخُبّ بكَ الجيادُ كأنّ جَوْناً / على لَبّاتِهِنّ الأرْجُوانُ
مُضَمَّرَةً كأنّ الحِجْرَ منها / اذاما آنَسَتْ فَزَعاً حِصانُ
بَناتُ الخَيْلِ تَعْرِفُها دَلوكٌ / وصارخَةٌ وآلِسُ واللُّقانُ
كأنّ قَطاةَ أعْجَزِهَا قَطاةٌ / أُديفَ بمَحْجِرَيها الزّعْفرانُ
كأنّ جَناحَها قلْبُ المُعادي / وَلِيَّكَ كلّما اعْتَكَرَ الجَنانُ
مُعِيدٌ مُبْدِئٌ فالأمّ ممّا / فعَلْتَ البِكْرُ وابْنَتُها العَوانُ
وكائنْ قد وَرَدْتَ بها غَدِيراً / ولِلْمُهُجاتِ بالرّيّ ارْتِهَانُ
به غَرْقَى النّجُومِ فبيْنَ طافٍ / ورَاسٍ يَسْتَسِرّ ويُسْتَبانُ
أجَدَّ به غَواني الجِنّ لَعْباً / فأعْجَلَها الصّبَاحُ وفيه جانُ
فَصِيمٌ نِصْفُهُ في الماء بادٍ / ونِصْفٌ في السّماء به تُزانُ
كأنّ اللّيلَ حارَبَها ففِيهِ / هِلالٌ مِثْل ما انعَطَفَ السّنانُ
ومِن أُمّ النّجُومِ عليه دِرْعٌ / يُحاذِرُ أن يُمَزّقَها الطّعَانُ
وقد بَسَطَتْ إلى الغَرْبِ الثرَيّا / يداً غُلقَتْ بأنْمُلِهَا الرّهانُ
كأنّ يَمِينَها سَرَقَتْكَ شيئاً / ومَقْطوعٌ على السَّرَقِ البَنانُ
إذا ضُرِبَتْ خِيامُكَ في مَكانٍ / فذلك حيثُ يُلتَقَطُ الجُمانُ
وتَدّخِرُ الكَواعِبُ من حَصاهُ / وحُقّ لها ادّخارٌ واخْتِزَانُ
كِلا كفّيْكَ في سَلْمٍ وحَرْبٍ / يكُونُ الخوْفُ مِنها والأمانُ
فليس بشاغِلِ اليُمْنى حُسامٌ / وليس بشاغِلِ اليُسْرَى عِنانُ
فكُنْ في كلّ نائِبَةٍ جَريئاً / تُصِبْ في الرّأيِ إن خُطِئَ الهِدانُ
وَسائلْ من تَنَطّسَ في التّوَقّي / لأيّةِ عِلّةٍ ماتَ الجَبان
فإنَّ تعاوُنَ الأمْلاكِ جَهْلٌ / على مَلِكٍ بخالِقِهِ يُعانُ
يُعَبِّرُ سَيْفُه لفْظَ المَنايا / كما شَرَحَ الكلامَ التّرْجُمانُ
ويَسْلُكُ رُمْحُه في كلّ باغٍ / كما سَلَكَ المَضِيقَ الأُفْعُوانُ
ويُكْنَى باسْمِهِ عن كلّ مجْدٍ / وكلُّ اسْمٍ كِنايَتُهُ فُلانُ
ويُعْدَمُ عنْدَه في الجودِ مَطْلٌ / ومُعْدُومٌ مع العِتْقِ الحِرَانُ
إذا سَمَيْتَهُ في أرْضِ جَدْبٍ / نَزَلْتَ وكلُّ رابيَةٍ خِوانُ
تَطاوَلَتِ الوِهادُ هوىً وشوْقاً / إليه كما تَقَاصَرَتِ الرِّعانُ
ستَفْديكَ المكارِمُ راضِياتٍ / وما مِنها بفِدْيتِكَ امْتِنانُ
إذا صَالَتْ فأنْتَ لها يَمِينٌ / وإنْ نَطَقَتْ فأنتَ لها لِسانُ
رَأتْني بالمَطِيرَةِ لا رَأتْني
رَأتْني بالمَطِيرَةِ لا رَأتْني / قَريباً والمَخِيلَةُ قد نأتْني
وأَخْلَقْتُ الشبابَ وكان بُرْدي / وفارَقْتُ الحُسامَ وكان حِتْني
كأني لم أرُدّ الخَيْلَ تَرْدي / إذا اسْتَسْقَيْتُها عَلَقاً سَقَتْني
أُلاقي الدّارِعينَ بغيرِ دِرْعٍ / وأدْعو بالمُدَجَّجِ لا تَفُتْني
كأنّ جِيادَهُمْ أسرابُ وَحْشٍ / أُصَرّعُهُن مِن رُبْدٍ وأُتْنِ
وما أُعْجِلْتُ عن زَرَدٍ حِذاراً / ولكِنّ المُفاضَةَ أَثْقَلَتْني
أكَلَتْ مَنْكبي سُمْرُ العوَالي / وحَمْلُ السابرِيّ أكَلَّ مَتْني
وقد أغْدو بها قَضّاءَ زَغْفاً / وتَكْفيني المَهابَةُ ما كَفَتْني
وتحْتي الكَرُّ إدْماجاً وفوْقي / نَظيرُ الكَرّ في دِيَمٍ وهَتْنِ
أعاذِل طالَ ما أتلَفْتُ مالي / ولكنّ الحَوادِثَ أتْلَفَتْني
عليكَ السّابِغاتِ فإنّهُنّهْ
عليكَ السّابِغاتِ فإنّهُنّهْ / يُدافِعْنَ الصّوارِمَ والأسِنّهْ
ومَنْ شَهِدَ الوَغى وعليه دِرْعٌ / تَلَقّاها بنَفْسٍ مُطْمَئِنّهْ
وحَبّاتُ القُلوبِ يَكُنّ حَبّاً / إذا دارَتْ رَحاها المُرْجَحِنّه
على أنّ الحَوادثَ كائِناتٌ / وما تُغْني مِن القَدَرِ الأكِنّه
ونِعْمَ ذخيرَةُ البَدَوِيّ زَغْفٌ / أوانَ البِيضُ يُسْقِطْنَ الأجِنّه
ولم يَتْرُكْ أبُوكُ سِوى قَناةٍ / وسَيْفٍ آزِرٍ فَرَساً وَجُنّه
فحِنّ إلى المَكارِمِ والمَعالي / ولا تُثْقِلْ مَطاكَ بعِبْءِ حَنّه
فإنّي قد كبِرْتُ وما كَعابٌ / مُلائِمَةً عَجوزاً مُقْسَئِنّه
تَرى تَنّومَها وتَرى ثُغامي / فتَهْزَأُ مِن مُنَهْبَلَةٍ مُسِنّه
فإنْ يبْيَضّ بالحِدْثانِ فَوْدي / فقد أغْدُو بفَوْدٍ كالدُّجُنّه
إذا ما السارِحاتُ نَظَرْنَ فيه / عَجِبْنَ لِما سَرَحْنَ وما دَهَنّه
إذا وَقَعَتْ مَدَارِيها عليه / سُتِرْنَ بجُنْحِ ليْلٍ أو دُفِنّه
فلا تُطِعِ الدّوا لِفَ مُرْسَلاتٍ / فكمْ أوْقَعْنَ في أرْضٍ مَجَنّه
يَقُلْنَ فُلانَةُ ابْنَةُ خَيرِ قوْمٍ / شِفاءُ للعُيونِ إذا شَفَنّه
لها خَدَمٌ وأقْرِطَةٌ ووُشْحٌ / وأسْوِرَةٌ ثَقَائِلُ إنْ وُزِنّه
فبادِرْ أَخْذَها الخُطّابَ واحْذَرْ / فَواتِكَ إنّها عِلْقُ المَضَنّه
رَزَانُ الحِلْمِ لو رُزِئَتْ سُهَيْلاً / أوِ الجَوْزاءَ ما نَهَضَتْ مُرِنّه
رَجَاحٌ لا تُحَدِّثُ جارَتَيْها / بنجْوَى من حديثِكَ مُسْتَكِنّه
كأنّ رُضابَها مِسْكٌ شَنينٌ / على راحٍ تُخالِطُ ماءَ شَنّه
فلا تَسْتَكْثِرِ الهَجَماتِ فيها / فإعْراسٌ بتلكَ دُخولُ جَنّه
إذا قَبّلْتَها قابَلْتَ منها / أريجَ النَّوْرِ في زُهْرٍ مُغِنّه
تغَنّتْ مِن غِنى مالٍ وصَبْرٍ / وأمّا بالقَريضِ فلمْ تَغَنّه
وليستْ بالمِعَنّةِ في جِدالٍ / وإنْ جُدِلَتْ كما جُدِلَ الأعِنّه
أولئكَ ما أتَيْنَ بنُصْحِ خِلٍّ / ولا دِنَّ المَليكَ ولا يَدِنّه
وقد أمّلْنَ أنْ يأخُذْنَ يوْماً / رُشاكَ ولم يَقُمْنَ بما ضَمِنّه
ولو طاوَعْتَهُنّ لَجِئْنَ يوْماً / بأُخْتِ الغُولِ والنَّصَفِ الضِّفَنّه
إذا حاوَرْتُها نَبَذَتْ حِواري / وإلاّ تُلْفِ لي ذَنْباً تَجَنّه