المجموع : 6
صَبَوْتُ إِلَى المُدَامَةِ وَالْغَوَانِي
صَبَوْتُ إِلَى المُدَامَةِ وَالْغَوَانِي / وَحَكَّمْتُ الْغَوَايَةَ فِي عِنَانِي
وَقُلْتُ لِعِفَّتِي بَعْدَ امْتِنَاعٍ / إِلَيْكِ فَقَدْ عَنَانِي مَا عَنَانِي
فَمَا لِي عَنْ هَوَى الْحَسْنَاءِ صَبْرٌ / يُوقّرُ عِنْدَ سَوْرَتِهِ جَنَانِي
وَكَيْفَ يَضِيقُ مَنْ دَارَتْ عَلَيْهِ / كُؤُوسُ هَوَىً مِن الْحَدْقِ الْحِسَانِ
أَعَاذِلُ خَلَّنِي وَشُؤُونَ قَلْبِي / وَخُذْ مَا شِئْتَهُ فِي أَيِّ شَانِ
فَقَدْ شَبَّ الْهَوَى مَنْ رَامَ نُصْحِي / وَأَغْرَى فِي الْمَحَبَّةِ مَنْ نَهَانِي
رَضِيتُ مِنَ الْهَوَى بِنُحُولِ جِسْمِي / وَمِنْ صِلَةِ الْبَخِيلَةِ بِالأَمَانِي
وَلَسْتُ بِطَالِبٍ فِي النَّاسِ خِلّاً / يُنَاصِحُنِي فَعَقْلِي قَدْ كَفَانِي
بَلَوْتُ النَّاسَ وَاسْتَخْبَرْتُ عَنْهُمْ / صُرُوفَ الدَّهْرِ آناً بَعْدَ آنِ
فَمَا أَبْصَرْتُ غَيْرَ أَخِي كِذَابٍ / خَلُوبِ الْوُدِّ مَصنُوعِ الْحَنانِ
يُصَرِّحُ بِالْعَدَاوَةِ وَهْوَ نَاءٍ / وَيَمْذُقُ فِي الْمَحَبَّةِ وَهْوَ دَانِي
لَهُ فِي كُلِّ جَارِحَةٍ لِسَانٌ / يَدُورُ بِهِ عَلَى حُكْمِ الزَّمَانِ
فَلا تَأْمَنْ عَلَى نَجْوَاكَ صَدْرَاً / فَرُبَّ خَدِيعَةٍ تَحْتَ الأَمَانِ
وَلا يَغْرُرْكَ قَوْلٌ دُونَ فِعْلٍ / فَإِنَّ الْحُسْنَ قبْحٌ فِي الْجَبَانِ
وَمَا أَنَا وَالطِّبَاعُ لَهَا انْخِدَاعٌ / بِذِي تَرَفٍ يُرَوَّعُ بِالشِّنَانِ
رَغِبْتُ بِشِيمَتِي وَعَرَفْتُ نَفْسِي / وَلَمْ أَدْخُلْ لَعَمْرُكَ فِي قِرَانِ
وَمَا شُرْبِي الْمُدَامَ هَوىً وَلَكِنْ / عَقَدْتُ بِحَدِّ سَوْرَتِهَا لِسَانِي
مَخَافَةَ أَنْ تَهِيجَ بَنَاتِ صَدْرِي / فَيَظْهَرَ بَعْضُ سِرِّي لِلْعيانِ
وَفِيمَ وَقَدْ بَلَوْتُ الدَّهْرَ أَبْغِي / صَدِيقاً أَوْ أَحِنُّ إِلَى مَكَانِ
وَلَسْتُ أَرَى سِوَى صُبْحٍ وَجُنْحٍ / إِلَيْنَا بِالرَّدَى يَتَسَابَقَانِ
فَيَا مَنْ ظَنَّ بِالأَيَّامِ خَيْرَاً / رُوَيْدَكَ فَهْيَ أَقْرَبُ لِلْحِرَانِ
أَتَرْغَبُ فِي السَّلامَةِ وَهْيَ دَاءٌ / وَتَجْمَعُ لِلْبَقَاءِ وَأَنْتَ فَانِي
دَعِ الدُّنْيَا وَسَلِّ الْهَمَّ عَنْهَا / إِذَا اعْتَكَرَتْ بِصَافِيَةِ الدِّنَانِ
فَإِنَّ الرَّاحَ رَاحَةُ كُلِّ نَفْسٍ / إِذَا دَارَتْ عَلَى نَغَمِ الْقِيَانِ
مِنَ الْخَمْرِ الَّتِي دَرَجَتْ عَلَيْهَا / أَفَانِينٌ مِنَ الْعُصُرِ الْفَوَانِي
تَخَالُ وَمِيضَهَا فِي الْكَأْسِ نَارَاً / فَتَلْمِسُهَا بِأَطْرَافِ الْبَنَانِ
فَخُذْهَا غَيْرَ مُدَّخِرٍ نَفِيساً / فَلَيْسَ الْعُمْرُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ
وَخَلِّ النَّاسَ عَنْكَ فَلَيْسَ فِيهِمْ / سَلِيمُ الْقَلْبِ عِنْدَ الاِمْتِحَانِ
تَمَاثِيلٌ تَدُورُ بِلا عُقُولٍ / وَأَلْفَاظٌ تَمُرُّ بِلا مَعَانِي
تَشَابَهَتِ الأَسَافِلُ بِالأَعَالِي / فَمَا يُدْرَى الْهَجِينُ مِنَ الْهِجَانِ
تَرَى كُلَّ ابْنِ أُنْثَى لا يُبَالِي / بِمَا جَرَّتْ عَلَيْهِ مِنَ الْهَوَانِ
يُدلُّ بِنَفْسِهِ إِنْ غِبْتُ عَنْهُ / وَيشْرقُ بِالزُّلالِ إِذَا رَآنِي
فَمَنْ لِي وَالأَمَانِي كَاذِبَاتٌ / بِيَوْمٍ فِي الْكَرِيهَةِ أَرْوَنَانِ
أُلاعِبُ فِيهِ أَطْرَافَ الْعَوَالِي / وَأُطْلِقُ بَيْنَ هَبْوَتِهِ حِصَانِي
تَرَانِي فِيهِ أَوَّلَ كُلِّ دَاعٍ / وَيَرْتَفِعُ الْغُبَارُ فَلا تَرَانِي
إِلَى أَنْ تَنْجَلِي الْغَمَرَاتُ عَنْهُ / وَيَعْرِفَنِي بِفَتْكِي مَنْ بَلانِي
أَنَا ابْنُ اللَّيْلِ وَالْخَيْلِ الْمَذَاكِي / وَبِيضِ الْهِنْدِ وَالسُّمْرِ اللِّدَانِ
إِذَا عَيْنٌ أَجَدَّ بِهَا طِمَاحٌ / جَعَلْتُ مَكَانَ حَبَّتِهَا سِنَانِي
أَطَعْتُ الْغَيَّ فِي حُبِّ الْغَوَانِي
أَطَعْتُ الْغَيَّ فِي حُبِّ الْغَوَانِي / وَلَمْ أَحْفِلْ مَقَالَةَ مَنْ نَهَانِي
وَمَا لِي لا أَهيمُ وَكُلُّ شَهْمٍ / بِحُبِّ الْغِيدِ مَشْغُوفُ الْجَنَانِ
وَلِي فِي الأَرْبَعِينَ مَجَالُ لَهْوٍ / تَنَالُ يَدِي بِهِ عَقْدَ الرِّهَانِ
فَكَيْفَ أَذُودُ عَنْ نَفْسِي غَرَامَاً / تَضَيَّفَ مُهْجَتِي بِاسْمِ الْحِسَانِ
أَبَحْتُ لَهُ الْفُؤَادَ فَعَاثَ فِيهِ / وَحَقُّ الضَّيْفِ إِعْزَازُ الْمَكَانِ
فَدَعْنِي مِنْ مَلامِكَ إِنَّ قَلْبِي / أَبِيٌّ لا يَقُرُّ عَلَى الْهَوَانِ
فَمَا بِالْحُبِّ عَارٌ أَتَّقِيهِ / وَإِنْ أَخْنَى عَلَى دَمْعِي زَمَانِي
رَضِيتُ مِنَ الْهَوَى بِنُحُولِ جِسْمِي / وَمِنْ صِلَةِ الْبَخِيلَةِ بِالأَمَانِي
وَلَسْتُ بِطَالِبٍ فِي النَّاسِ خِلاً / يُنَاصِحُنِي فَعَقْلِي قَدْ كَفَانِي
فَإِنْ يَكُنِ الْهَوَى قَدْ رَاضَ نَفْسِي / فَلَسْتُ لِغَيْرِهِ سَلِسَ الْعِنَانِ
أَشَدُّ مِنَ الصُّخُورِ الصُّمِّ قَلْبِي / وَأَرْهَفُ مِنْ شَبَا سَيْفِي لِسَانِي
وَلَوْ كَانَ الْغَرَامُ يَخَافُ بَأْسَاً / أَمَلْتُ إِلَيْهِ كَفِّي بِالسنَانِ
فَكَمْ بَطَلٍ خَضَبْتُ الأَرْضَ مِنْهُ / بِأَحْمَرَ مِنْ دَمِ التَّأْمُورِ قَانِي
وَمَا أَنَا بِالذَّلِيلِ أَرَدْتُ خَتْلاً / وَلَكِنِّي أَزِفُّ إِلَى الطِّعَانِ
وَلِي فِي سَرْنَسُوفَ مَقَامُ صِدْقٍ / أَقَرَّ بِهِ إِلَيَّ الْخَافِقَانِ
وَمَا أَبْقَتْ بِهِ الأَشْوَاقُ مِنِّي / سِوَى رَمَقٍ تَجُولُ بِهِ الأَمَانِي
وَيَسْلُبُ أَنْفُسَ الأَبْطَالِ سَيْفِي / وَتَسْلُبُ مُهْجَتِي حَدَقُ الْحِسَانِ
فَلَوْ بَرَزَ الْحِمَامُ إِلَيَّ شَخْصَاً / دَلَفْتُ إِلَيْهِ بِالسَّيْفِ الْيَمَانِي
وَمَلْمَسِ عِفَّةٍ قَدْ نِلْتُ مِنْهُ
وَمَلْمَسِ عِفَّةٍ قَدْ نِلْتُ مِنْهُ / بِأَيْدِي اللَّهْوِ مَا شَاءَ التَّمَنِّي
مَلَكْتُ بِهِ عِنَانَ الشَّوْقِ حَتَّى / قَضَيْتُ لُبَانَتِي وَأَرَحْتُ ظَنِّي
فَلا تَسْأَلْ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ / وَلا تَسْأَلْ عَلَى مَا كَانَ مِنِّي
فَلَوْلا أَنَّ جُنْدَ الصُّبْحِ وَافَتْ / طَلائِعُهُ وَزَالَ اللَّيْلُ عَنِّي
لَدُمْتُ عَلَى مُعَاقَرَةِ الأَمَانِي / وَلَكِنْ رُبَّمَا عَاوَدْتُ فَنِّي
وَذِي وَجْهَيْنِ تَلْقَاهُ طَلِيقاً
وَذِي وَجْهَيْنِ تَلْقَاهُ طَلِيقاً / مُحَيَّاهُ وَبَاطِنُهُ حَزِينُ
يُعَاطِيكَ الْمُنَى بِلَحَاظِ رِيمٍ / وَبَيْنَ ضُلُوعِهِ ضَبٌّ كَمِينُ
إِذَا مَا الْمَرْءُ أَعْقَبَ ثُمَّ أَوْدَى
إِذَا مَا الْمَرْءُ أَعْقَبَ ثُمَّ أَوْدَى / تَعَادَلَ فَهْوَ مَوْجُودٌ وَفَانِي
وَمَا الدُّنْيَا سِوَى أَخْذٍ وَرَدٍّ / وَهَدْمٍ نَابَ عَنْهُ بِنَاءُ بَانِي
كَتَمْتُ هَوَاكِ حَتَّى لَيْسَ يَدْرِي
كَتَمْتُ هَوَاكِ حَتَّى لَيْسَ يَدْرِي / لِسَانِي مَا تَضَمَّنَهُ جَنَانِي
وَلِي بَيْنَ الْجَوَانِحِ مِنْكِ سِرٌّ / خَفِيٌّ لا يَعِيهِ الْكَاتِبَانِ
وَكَيْفَ يَخُطُّهُ الْمَلَكَانِ عَنِّي / وَلَمْ يَنْطِقْ بِغَامِضِهِ لِسَانِي