المجموع : 4
إذا لم تَقْدِرا أَنْ تُسعداني
إذا لم تَقْدِرا أَنْ تُسعداني / على شَجَني فَسِيرا واتْرُكاني
دَعاني من مَلامِكُما سَفاهاً / فداعي الشَّوقِ دُونكُما دَعاني
وأينَ منَ الملامِ لقَى هُمومٍ / يَبيتُ ونِضْوُه مُلْقَى الجِران
يَشيمُ البرقَ وهْو ضجيعُ عَضْبٍ / ففي الجَفْنَينِ منه يَمانيان
وقفْتُ ولم تَقِفْ منّي دُموعٌ / لأجفاني تُعاتِبُ مَنْ جَفاني
ولا أَنسَى وإنْ نُسِيَتْ عُهودي / غداةَ حدا الرِّكابَ الحادِيان
فماج إلى الوَداعِ كثيبُ رَمْلٍ / ومال إلى العناقِ قضيبُ بان
وحاول منه تَذكرةً مشوقٌ / فأعطى خدَّهُ عِقْدَيْ جُمان
ودرَّعَ قلْبَهُ بالصّبْرِ حتّى / رماني بالصَّبابةِ واتَّقاني
أميلُ عن السُّلُوِّ وفيه بُرْؤٌ / وأعلَقَ بالغرامِ وقد بَراني
وتَعجبُ من حنيني في التّنائي / وأعجبُ من صُدودِكَ في التَّداني
ألا للهِ ما صنعَتْ بعَقْلي / عَقائلُ ذلك الحَيِّ اليَماني
نَواعمُ ينْتَقِبْنَ على شَقيقٍ / يَرِفُّ ويبْتَسِمْنَ عنِ اقْحُوان
دنَوْنَ عشيّةَ التّوديعِ منّي / ولي عينانِ بالدّمِ تَجْريان
فلم يَمْسحْنَ إكراماً جُفوني / ولكنْ رُمْنَ تَخْضيبَ البنان
وكم إلْفٍ حَواني البُعْدُ عنه / وأضلاعي على كمَدٍ حَوان
أذُمُّ إليه أيّامُ التّنائي / وإن لم أحظَ أيّامَ التّداني
وأجعَلُ لو قَدَرْتُ على جُفوني / طريقَ الطّارقينَ إلى جِفاني
وليلٍ خِلْتُ لَمْعَ الشُّهْبِ فيه / شَرارَ غضاً تَطايرَ في دُخان
طَرقْتُ الحيَّ فيه على سَبوحٍ / يلوحُ أمامَ غُرَّتِه سِناني
كأنّ بَريقَ ذا وبياضَ هذي / إذا اقْترنا بلَيْلٍ كَوكبان
ودهْرٍ ضاعَ فيه مَضاءُ حَدّي / ضياعَ السَّيفِ في كفِّ الجَبان
أُكابدُ فيه كُلَّ وضيعِ قومٍ / إذا بهرَتْهُ رِفْعتيَ ازْدَراني
يُطَيْلِسُ منه رأْساً فيه أوفَى / وأكثرُ من خُيوطِ الطَّيْلَسان
وفي الكُمِّ العريضِ له يمينٌ / حقيقٌ أنْ تُقطَّعَ باليَماني
أقولُ إذا همُ حَسدوا مكان / تعالَيْ فانْظُري بمَن ابتلاني
ولو عَزّوا أهنْتُهمُ انْتِقاماً / ولكنْ لا إهانةَ للمُهان
زمانُكَ ليس فيه سِواكَ عَيْبٌ / وعيبٌ ليس فيَّ سِوى زَماني
وركْبٍ آنسوا أمَداً فحَثّوا / إليه العِيسَ تَمرَحُ في المَثاني
بآمالٍ كما قَطَعوا طِوالٍ / إليه ومثْلما عَقَدوا مِتان
ضَمِنْتُ لها وَشيكَ النُّجْحِ لكنْ / على كفَّيْكَ تَحقيقُ الضَّمان
بيُمْنِ الصَّاحبِ المأمولِ أَضحَتْ / دِيارُ المُلْكِ آهلةَ المَغاني
وعادَتْ بَهجةُ الدُّنيا إليها / وكانَتْ مِن أكاذيبِ الأماني
وعمَّ الأرضَ إحساناً وعَدْلاً / طُلوعُ أغرَّ مَنْصورٍ مُعان
وباهَى طَلْعةَ السَّعْدَيْنِ منه / بسَعْدٍ ما لَهُ في النّاسِ ثان
ولم يَكُ لو تأدَّبتِ اللّيالي / ليُوسَمَ باسْمِ مَوْلىً خادمان
له يومان يومٌ للعَطايا / يُفَرِّقُها ويومٌ للطّعان
فَداهُ مَنْ سعَى يَبْغي مَداهُ / كما قُرِنَ الهَجينُ إلى الهِجان
وقال النَّجْمُ لا تَطمَحْ إلى مَنْ / أراهُ في العُلُوِّ كما تَراني
تُباريه وبينكما قياساً / تَفاوُتُ ما تَعُدُّ الخِنْصِران
بَسطْتَ قِوامَ دينِ اللهِ كَفّاً / تَمُنُّ على العُفاةِ بلا امْتنان
وتأتي أسطُرُ التَّوقيعِ منها / وقد أُوتينَ من سِحْر البَيان
بأحسنَ من خُطوطٍ للغَوالي / لوائحَ في خُدودٍ للغواني
إذا افتخرَتْ مُلوكُ الأرضِ قِدْماً / بآثارٍ تُخَلِّفُها حِسان
قَلعْتَ القلعةَ العَلْياءَ بأساً / أحلَّ قطينَها دارَ الهَوان
وكانتْ للطّعامِ قُعودَ عِيٍّ / وقد مَلكوا لها طَرَفَ العِنان
فلم يَترجَّلوا عنها إلى أنْ / تَلاقَتْ حولَها حَلَقُ البِطان
فَتحْتَ الحِصْنَ ثُمّ جعَلْتَ منه / بثأْرِ الحِصْنِ تَخْريبَ المباني
فظلَّ تَدُقُّ أيْدي الخيلِ منها / مَراقيَ أعيَتِ الحَدَقَ الرَّواني
مَلكْتَ قِيادَ طاعتِهمْ برَأيٍ / مَزَجْتَ له الخُشونةَ باللُّيان
وشابَه فتْحَ مكّةَ حينَ أعطَى / رسولُ اللهِ مَطْلوبَ الأمان
فما دَرَجَ الزّمانُ بها قليلاً / وللكُفّارِ تُطْرِقُ مُقْلَتان
نعَمْ فَتحوا ولكنْ من رُقادٍ / عُيونَهمُ إلى شَرِّ امْتِحان
شكَوا جَدْباً فأعشَبَ بالأفاعي / لهمُ مُلْسُ الثَّنايا والرِّعان
وطاعنَهمْ لكَ الإقبالُ منها / بأقْتلَ من شبَا الصُّمِّ اللِّدان
بحيّاتِ الصِّمام الصُّمِّ لمّا / رَقَوا بالسَّلْمِ حيَّاتِ الطِّعان
كأنّ الطّودَ غَيْظاً حينَ ألقَى / بإفكِهمُ الجَهولَ أخا افْتِتان
رَماهمْ منه كلَّ مكانِ كَفٍّ / لتَلْتقِفَ الطّغاةَ بأُفْعُوان
تثَعْبَنَ كلُّ صَعْبٍ منه لمّا / تفَرْعَن كلُّ عِلْج ذي امْتِهان
وزارَكَ في زمانِ الفَتْحِ عيدٌ / كما ابتدَر المدَى فَرَسا رِهان
فهذا للمدائحِ يَجْتليها / مُدَبَّجةً وهذا للأغاني
فلا زالتْ لكَ الأيّامُ طُرّاً / مُتوَّجةَ المطالعِ بالتَّهاني
أعِرْ نظَراً هلالَ العيدِ يَبْدو / على أُفُقِ السَّماءِ كسَطْرِ حان
كأنّك إذ شدَدْتَ مهادَ عِزٍّ / لسُلْطانِ الوَرى فوقَ العِيان
وسَمْتَ بنُونِ سُلْطانٍ مَجيداً / أديمَ سمائهِ وَسْمَ الحِصان
ألا يا أشرفَ الوزراء طُرّاً / إذا عُدُّ الأقاصي والأداني
خُلِقتَ مؤيَّداً بعُلُوِّ شَأنٍ / يُذِلُّ منَ الورى لك كُلُّ شان
إذا شُنَّتْ سُطاكَ على عَدُوٍّ / فلا يَنْجو بقَعْقَمةٍ الشِّنان
ولا بِنزالِ أرْعَنَ ذي جيادٍ / ولا بنُزولِ أجْيدَ ذي رِعان
رمَيتَ بها بني الإلْحادِ حتّى / تركتهمُ بمدرجةِ التّفاني
رجَوا حكْمَ الِقران ورُحْتَ فيهمْ / بسَيْفِكَ مُمْضياً حُكْمَ القُران
ليَهْنِكَ مَوْقفٌ أظهرتَ فيه / لدينِ اللهِ إعزازَ المكان
وعَقْدُكَ مجلسَ النَّظَرِ افْتِخاراً / ومالكَ يومَ مكرُمةٍ مُدان
ومُجتمَعُ الأئمّةِ في نَدىٍّ / وقَد وافَوْكَ من قاصٍ ودان
كأنّهمُ النُّجومُ وأنتَ بدْرٌ / إذا نظَرتْ إليكمْ مُقْلَتان
إذا غمَضَتْ مَسائلُهمْ تَهدَّى / بضوء جَبينِكَ المُتناظِران
تَرى الخَصْمَيْنِ يَسْتَبِقانِ فيها / كما طلَب المدَى فَرسا رِهان
وليس منَ العجيبِ وأنتَ بحْرٌ / إذا غاصوا على دُرَرِ المَعاني
لهمْ في كُلِّ مسألةٍ خِلافٌ / يَقومُ بحُجَّتَيْهِ الجانبان
فأمّا حُبُّهمْ لك حينَ تَبْلو / فَمُتّفِقٌ عليهِ المَذْهبان
فلا زال اجْتماعُ الشَّمْلِ منكمْ / من الدَّهرِ المُفَرِّقِ في أمان
فهمْ لكَ في أبيكَ أجَلُّ إرْثٍ / وأعلَى سُؤْدَدٍ يَبْنيهِ بان
صلاةُ اللهِ دائمةٌ عليه / مُبوِّئةً له زُلَفَ الجِنان
فلا بَرِحَت لك الأيّامُ غُرّاً / مُتوَّجةَ المطالعِ بالتَّهاني
فكم يا أيُّها المَولَى تُراني / أُعاني للحوادثِ ما أُعاني
وأستَحْيي زماناً أنت فيه / إذا أرخَيْتُ للشَّكْوَى عِناني
فأوجِدْني خَلاصاً من يدَيْهِ / وأوجِدْهُ خَلاصاً من لِساني
وكُنْ لي كالمُؤيَّدِ في اصطناعي / لِيُعْضَدَ أوّلٌ منكمْ بِثان
بقولٍ قصيدةٍ أبدَعْتُ فيه / رجَعْتُ لها بألْفٍ قد حَباني
ولو أعملْتَ فكْرَكَ في حُقوقي / رَعيْتَنيَ الغداةَ كما رَعاني
فأدنى نظرةٍ لكَ ألْفَ عامٍ / تَعيشُ به وتُطلِقُ ألْفَ عان
وهل رأتِ الملوكُ خلالَ حُلْمٍ / نظائرَ ما تُرِينا في العِيان
وأنت حلَلْتَ عُقْدةَ شاهِديزٍ / وأنتَ عَقْدْتَ سِكْرَ المَسْرُتان
هَمُ بدأوا وأنت تُتِمُّ كُلاًّ / فلم يَكُ بالتّمامِ لهمْ يَدان
لعسكرِ مُكْرَمٍ حَقُّ اخْتصاصٍ / فلا يَكُ في مَصالحها تَوان
فَمُرْ بعمارةِ الدُّولابِ فيها / تكُنْ إحدى صَنائِعكَ الحِسان
لقد زَيَّنْتَ عَصْركَ بالمعالي / كما زَيّنْتَ شِعريَ بالمعاني
يَضيعُ بأرضِ خُوزِستانَ مِثْلي / ضَياعَ السّيْفِ في كَفِّ الجَبان
وآمُلُ من شُمولِ العَدلِ أنّي / أُعانُ على عجائبِ ما أُعاني
وأُرغِمُ حُسَّدي فَقَدِ اسْتَطالوا / ولولا أنت ما حَسدوا مكاني
رأوْا عِرْضي كعِرضهم ولكنْ / على حالَيْنِ لا يَتَقاربان
رَماني العَيبُ لمّا قلّ مالي / على أدبي وهمْ عَيبُ الزَّمان
أقولُ لهمْ إذا عَرضَوا لذَمّي / تعالَيْ فانْظُري بمَنِ ابْتلاني
وأُقسِمُ ما فِرِنْدٌ في حُسامٍ / بأشْرفَ من مَديحِكَ في لساني
وخُذْها من فَمِ الرّاوي نَشيداً / ألذَّ منَ الرَّحيقِ الخُسْرُواني
بلا لفظٍ على الأسماعِ بكْرٍ / إذا جُليَتْ ولا مَعْنىً عَوان
ومَنْ يُرضي علاءكَ في ثَناءٍ / ولو نُظِمَتْ له سَبْعٌ مَثان
ودينُ مُحمّدٍ في كُلِّ حالٍ / ومُلْكُ مُحمّدٍ لكَ شاكران
فدامَ ودُمْتَ في نَعَمٍ جِسامٍ / كذلكَ ما تَواخَى الفَرْقَدان
ولم يَكُ فِيَّ مِنْ عَيْبٍ
ولم يَكُ فِيَّ مِنْ عَيْبٍ / أُعابُ بهِ فَيَنقُصَني
فإنّي قد صَحِبْتُ النّا / سَ فيما مَرَّ من زَمني
فلم أحسُدْ أخا نِعَم / ولم أشْمَتْ بمُمْتَحَن
لذاكَ اللهُ يَرعاني / ويَكْفيني ويَحْرُسُني
سبَى منّي الفؤادَ لحاظُ فاتِنْ
سبَى منّي الفؤادَ لحاظُ فاتِنْ / وعَذَّبني فِراق أغَرَّ شادنْ
وعَوَّضني خيالاً منه طَرْفي / وما أرضَى به عِوَضاً ولكِن
ألا يا حَبّذا بُرْجُ اغْتِماضٍ / لطَيْفي طَيْفُكمْ فيه يُقارِن
وعَيْنٌ عندَها في كُلِّ مُمْسىً / مُقيمٌ لا يَزالُ خَيالُ ظاعن
وعَيْبُ الطّيفِ أَنَّ الوَصْلَ منه / لظاهرِه منَ الهِجْرانِ باطن
وآخِرُ عَهْدِهمْ يومَ اسْتَشاروا / جُيوشَ الحُسْنِ فيه منَ المَكامن
غداةَ غدَوا يَزُمّونَ المَطايا / وقد هَمَّ الخليطُ بأنْ يُباين
وفي أَحَدِ الهوادجِ بَدْرُ تمٍ / ففي أَنوارِه تَسْري الظَّعائن
يَبيتُ كأنّه وكأنَّ عِيساً / تَعومُ برَكبها عَوْمَ السَّفائن
شَقيقٌ لابنِ يامينَ استقلَّتْ / بأُسرتهِ سَفينٌ لابْنِ يامِن
نظرتُ إلى الحُمولِ غداةَ سارَتْ / بطَرْفٍ غيرِ سافٍ وهْو سافن
وبيضُ الهِنْدِ من وَجْدي هَوازٍ / بإحدَى البيضِ من عُلْيا هَوازن
وقد عَرَض الرّماحَ على الهَوادي / لها فُرسانَ يَربوع ومازن
تَميمٌ خالُها والعَمُّ قَيْسٌ / فدونَ لقائها كلٌّ يُطاعن
تُطارُ لها الجَماجمُ كلَّ يَومٍ / وسُمْرُ الخَطِّ تُحطَمُ في الجَناجِن
وهذا الدَّهْرُ من أَعْدَى الأعادي / فما قَدْرُ المُعادي والمُضاغِن
إلامَ أَذودُ صادِيةَ الأماني / وماءُ مُهنَّدي في الغِمْدِ آجن
وقد نفَتِ الحِفاظَ رجالُ عَصْري / فَمرَّ كما نُفي الوَلَدُ المُلاعن
وكم حارَبْتُ سُلطانَ اللّيالي / فهاأنَذا أُسالمُ أَو أُهادِن
أَهُمُّ بمَطْلبي وأَرَى زماناً / أَنامِلُه بما أَبْغي ضَنائن
ولي أَبناءُ دَهْرٍ أَشْبَهوهُ / فكُلٌّ منهم كأبيهِ خائن
وقد حالوا عنِ المَعْهودِ طُرّاً / وَأَبْدَوْا عن ذَميماتِ الدَّفائن
فصَبْراً فالزَّمانُ كما تُعاني / وصَمْتاً فالأنامُ كما تُعايِن
وممّا شَفّني أَنْ مَرَّ عنّي / زمانُ صِباً وتلْكَ من الغَبائن
وظَنَّ الشّيْبُ أَنّ العَزْمَ وَاهٍ / إلى طَرَبٍ وأَنَّ العَظْمَ واهن
وفيَّ بَقيّةٌ بقيَتْ لوَجدٍ / ومَن يَصْحو معَ الحَدَقِ الفَواتن
فيا رشَأً تَعرَّضَ يومَ جَمْع / وولَّى والقلوبُ له رَهائن
ليَهْنكَ أَنْ سكنْتَ القلبَ منّي / وقَبلَك لم يكُنْ قلبي بساكن
وأَنّك لو أَجلْتَ الطّرفَ فيه / لَما صادفْتَ غيرَك فيه قاطن
وغيرُ وَلاءِ زَيْنِ الدينِ صدْقاً / فَداكَ به بدِينِ اللهِ دائن
إمامُ هُدّى لدِينِ اللهِ منه / على أَعدائه أَعلَى مَعاوِن
دَعُوهُ زَيْنَه فازدانَ معنىً / وكم يُدعَى بزَيْنٍ غَيرُ زائن
أَغرُّ من المكارمِ والمعالي / أَبوه أَحلَّه أَعلَى الأماكن
وصَفوةُ سُؤْدَدٍ خلَصتْ عُلاه / منَ الرِّيَبِ الشّوائبِ والشّوائن
له في الدّهرِ آثارٌ حسانٌ / إذا اخْتُبرَتْ وأخلاقٌ أحاسن
وحالٌ غيرُ حائلةٍ وطَبْعٌ / بلا طَبَعٍ وشأْنٌ غيرُ شائن
هُمامٌ ظَلَّ للإسلامِ تاجاً / فقَلَّ له المُوازي والمُوازن
ومَغْشيُّ الرِّواقِ لعُظْمِ قَدْرٍ / يَغَصُّ ذُراهُ بالخيلِ الصّوافن
مُذيلٌ مالَه حَزْماً ولكنْ / نَداهُ لدِينهِ والعِرْض صائن
إذا خُبئَتْ له الأموالُ يَوماً / فأيدي السائلين له المَخازن
فتىً يحبو ولكنْ لا يُحابي / إذا فصَلَ القضاءُ ولا يُداهن
ويأوي رُكْنُ دينِ اللهِ منه / إلى حَرَمٍ منَ الشُّبُهاتِ آمن
ألا يا أخطبَ الخُطباء طُرّاً / كما شَهِدَ المُصادِقُ والمُشاحن
وأعدلَ مَن قضَى في الدّهرِ يوماً / إذا أَضحَى يُلايِنُ أَو يُخاشن
لقد حُزْتَ المعاليَ والمعاني / وعُدَّ لك المَزايا والمَزاين
وأصبحتِ المَحاسنُ لِلآلى / لذاك كَنَوا أَباك أَبا المَحاسن
لِيَهْنِكَ أنّ خُوزِستانَ أَلْقَى / إلى يَدِكَ العِنانَ على المَيامن
فَثقِّفْ منه مُنْآدَ القضايا / وأبرِزْ أَخْزَميّاتِ الشّنائن
وكلُّ مُجازِفٍ من قَبلُ أَمسَى / وأَصبحَ وهْو بالقسطاسِ وازِن
كأنّ المجلسَ الرُّكنيَّ رامٍ / رمَى غرضَ العُلا وهْو المُراهن
فلم يَخْتَرْ سِواك إليه سَهْماً / وبينَ يدَيْهِ قد نُثرَ الكَنائن
أَنابَكَ عنه بدْراً وهْو شَمسٌ / فنُورُكما الّذي شَمَلَ المَدائن
ألا ففَداكما من كلِّ سَوءٍ / غداةَ عُلاكُما أركانُ كائن
ولا عَدتِ العِدا غِيَرُ اللّيالي / إذا زمَنٌ تحَرَّكَ منه ساكن
أيا مَن ما لفُلْكِ رَجاء قَومٍ / سِوى مأْلوفِ جُودِ يدَيْكَ شاحن
كما طَوَّقْتَني المِنَنَ البَوادي / لقد أَقْرَطْتُك الدُّرَر الثّمائن
ثَناءٌ تعبَقُ الآفاقُ منه / ولستُ لمَنْ شَرَى شُكْري بغابن
لغَيْرِكَ تَضْمَنُ الأموالُ غَيْري / ولكنّي بحُسْنِ الذَّكرِ ضامن
فما عُهِدَ المطامعُ قَطُّ فيكمْ / ولا فيمَنْ تُولّونَ المَطاعن
وما أَنا غيرَ عَضْبٍ تَنْتَضيه / على عُنُقِ العَدُوُّ لكَ المُباين
وكم من حائدٍ عنكمْ تَمادَتْ / غَوايتُه فأصبحَ وهْو حائن
مَرنْتُ على عَدُوِّكمُ إلى أنْ / قَدِمْتُ برَغْمِ هاتيكَ المَوارن
ولو أنّي قدَرْتُ لكان منّي / سِنانٌ في نُحورِ البيدِ طاعن
أَمامَ السّائرِين إليك شَوقاً / يُرقِّصُ كُلَّ مَلئِ النِّسْعِ بادن
ولكنْ هُمْ نَوَوْا لذُراكَ حَجّاً / وكانوا في القَصيِّ منَ المَواطن
فسرْتَ وأَنت بُغْيَتُهمْ إليهمْ / فقد حَجّوا وما بَرِحوا الأماكن
فها أنا في فنائكَ كُلَّ يَومٍ / أَروحُ بعُمْرةٍ للحجِّ قارِن
ولا أَرْضَى لتَهْنئتي نِثاراً / إذا عُدَّ الذي حَوتِ الخَزائن
سوى الدُّرِّ الّذي قَلَمي وفكْري / وأَلسنةُ الرُّواةِ لها مَعادن
ولي في الأرضِ غُرٌّ سائراتٌ / تَهاداها الأياسِرُ والأيامن
وما سَيّارةُ الأفْلاكِ إلاّ / حَواسِدُها المُسِرّاتُ الضَّغائن
وكانتْ سَبعةً من قَبْلِ عَصْري / فشِعْري راحَ وهْو لَهُنَّ ثامن
على أَنَّي وإنْ أَغرَبْتُ قَوْلاً / عليمٌ أنّني في الفعْلِ لاحن
كَبُرْتَ عنِ المديح فلا لِسانٌ / له إعْظامُ قَدْرِكَ غَيْر شاحن
فتَعليقُ المدائح من بليغٍ / عليك تَميمةٌ من عَيْنِ عائن
ستَملِكُ رِقَّ أهلِ الأرضِ طُرّاً / وهذا الشِّعْرُ للكُرَماء كاهن
وتَبْلو الخُوزَ مثْلَ الخُوزِ شَتىً / وكم ضَيْفٍ سيَتْبَعُه ضَيافن
وتَحكُمُ في الأقاليمِ البَواقي / وها أَنا للبَيانِ بذاكَ راهِن
فطالَعَكَ السُّعودُ بكلِّ أَرْضٍ / ظَلِلْتَ بها وصَبّحَك المَيامن
ودُمْتَ دَوامَ ذِكْرِ أَبيكَ غَضّاً / وجادَتْ عهدَه السُّحُبُ الهَواتن
أَعِدْ نظَراً فما في الخَدِّ نَبْتٌ
أَعِدْ نظَراً فما في الخَدِّ نَبْتٌ / حَماهُ اللهُ من رَيْبِ المَنونِ
ولكنْ رقَّ ماءُ الخَدِّ حتّى / أَراك خَيالَ أَهدابِ الجُفون