المجموع : 4
مِراحَكَ إنّهُ البَرْقُ اليَماني
مِراحَكَ إنّهُ البَرْقُ اليَماني / على عَذَبِ الحِمى مُلقَى الجِرانِ
تطلَّعَ مِنْ حَشى الظَّلْماءِ وَهْناً / خُلوصَ النّارِ منْ طُرَرِ الدُّخانِ
فلا تَلعَبْ بعِطْفِكِ مُسْتَنيماً / إِلى خُدَعٍ تَطورُ بِها الأماني
فإنّ وَميضَهُ قَمِنٌ بِخُلْفٍ / كَما ابْتَسَمَتْ إِلى الشُّمْطِ الغَواني
ولا تَجْثِمْ بمَدْرَجَةِ الهُوَيْنَى / تُقَعقِعُ للنّوائِبِ بالشِّنانِ
إذا ذلَّتْ حَياتُكَ في مَكانٍ / فَمُتْ لطِلابِ عِزِّكَ في مَكانِ
أبى لي أن أُضامَ أبي ونَفْسي / ورُمْحي والحُسامُ الهِنْدُواني
وَشُوسٌ في الذّوائِبِ مِنْ قُرَيْشٍ / ذوو النّخَواتِ والغُرَرِ الحِسانِ
وأموالٌ تَخوَّنَها هُزالٌ / تُبَدَّدُ دونَ أعْراضٍ سِمانِ
إذا حَفَزَتْهُمُ الهَيْجاءُ لاذوا / بأطْرافِ المُثقَّفَةِ اللِّدانِ
وطارَتْ كُلُّ سَلْهَبَةٍ مِزاقٍ / ببِزَّةِ كُلِّ مُنْتَجَبٍ هِجانِ
يَقدُّونَ الدُّروعَ بمُرْهَفاتٍ / تُجَعْجِعُ بالخَميسِ الأُدْجُوانِ
ويَطْوونَ الضُّلوعَ على طَواها / ويأْكُلُ جارُهُمْ أُنُفَ الجِفانِ
تَناوَشَهُمْ صُروفُ الدّهْرِ حتّى / أُتيحَ لهُمْ بَنو عَبْدِ المَدانِ
زَعانِفُ لا يَزالُ لهمْ خَطيبٌ / غَداةَ الفَخْرِ مُسْتَرَقَ اللِّسانِ
يروحُ إليهمُ النَّعَمُ المندىً / وقد عَصَفَتْ بِنا نُوَبُ الزّمانِ
ودَبّتْ نَشْوَةُ الخُيَلاءِ فيهمْ / دَبيبَ النّارِ في سَعَفِ الإهانِ
وكيفَ يَعِزُّ شِرْذِمَةٌ لِئامٌ / على صَفَحاتِهِمْ سِمَةُ الهَوانِ
أُراقِبُ ليلَةً فيهمْ عَماساً / تمَخّضُ لي بيَوْمٍ أرْوَنانِ
وأخْدَعُهُمْ ولي عَزْمٌ شُجاعٌ / بمُخْتَلَقٍ منَ الكَلِمِ الجَبانِ
سأخْبطُهُمْ بِداهِيَةٍ نَآدٍ / فليسَ لهمْ بنائِبَةٍ يَدانِ
ولا حَسَبٌ يُقَدِّمُهُمْ ولكنْ / أرى الأُنْبوبَ قُدّامَ السِّنانِ
فإنّ ضياءَ دينِ اللهِ جاري / عشيّةَ تَلْتَقي حَلَقُ البِطانِ
حَذارِ فدونَ ما تَسْمو إليهِ / أسامَةُ وَهْوَ مُفتَرِشُ اللَّبانِ
وإنّ أخا أُمَيّةَ في ذَراهُ / لَكالنَّمَرِيّ جارِ الزِّبْرِقانِ
لدى مُتوَقِّدِ العَزَماتِ طَلْقِ ال / خَليقَةِ والمُحَيّا والبَنانِ
له نِعَمٌ يُراحُ لهُنّ عافٍ / إِلى نِقَمٍ يُهيبُ بهِنَّ جانِ
وفَيْضُ يَدٍ تُجَنُّ على سَماحٍ / وأخرى تَسْتَريحُ إِلى طِعانِ
تَلوذُ بحِقْوِهِ أيْدي الرّعايا / لِياذَ المَضْرَحِيَّةِ بالرِّعانِ
هنيئاً والسُّعودُ لَها دَواعٍ / قُدومٌ تَسْتَطيلُ بهِ التّهاني
لأرْوَعَ حَجَّ بيتَ اللهِ يَطْوي / إليهِ نِياطَ أغْبَرَ صَحْصَحانِ
ويَفْري بُرْدَةَ الظّلْماءِ حتى / يُفيقَ الأعْوَجيُّ منَ الحِرانِ
ويُصْبِحُ كلُّ ناجِيَةٍ ذَمولٍ / بهادِيَةٍ كَخُوطِ الخَيْزُرانِ
فلما شارَفَ الحَرَمَ اسْتَنارَتْ / بهِ سُرَرُ الأباطِحِ والمَحاني
تَساوى الشَّوْطُ بينكما بِشأْوٍ / كأنّكما لدَيْهِ الفَرْقَدانِ
فشَيَّدَ ما بَناهُ أوَّلُوهُ / ورَوْقُ شَبابِهِ في العُنْفُوانِ
أتُخْطِئُهُ العُلا ويُدِلُّ فيها / بعِرْقٍ من شُيوخِكَ غيرِ وانِ
جَرى وجَرَيْتَ مُستَبِقَيْنِ حتى / دَنا طَرَفُ العِنانِ منَ العِنانِ
وَحَمَّاءِ العِلاطِ إِذا تَغَنَّتْ
وَحَمَّاءِ العِلاطِ إِذا تَغَنَّتْ / فَكَمْ طَرَبٍ يُخالِطُهُ أَنينُ
وَأُرْعِيها مَسامِعَ لَمْ يُمِلْها / إِلى نَغَماتِها إِلَّا الرَّنينُ
وَبَيْنَ جَوانِحي مِمَّا أُعانِي / تَباريحٌ يُلَقِّحُها الحَنينُ
بَكَتْ وَجُفُونُها ما صَافَحَتْها / دُمُوعٌ وَالغَرامُ بِها يَبِينُ
وَلي طَرْفٌ أَلَحَّ عَلَيهِ دَمْعٌ / تَتابَعَ فَيْضُهُ فَمَنِ الحَزينُ
سِوايَ يَجُرُّ هَفْوَتَهُ التَّظَنِّي
سِوايَ يَجُرُّ هَفْوَتَهُ التَّظَنِّي / وَيُرْخِي عَقْدَ حَبْوَتِهِ التَّمَنِّي
وَيُلْبِسُ جِيَدَهُ أَطْواقَ نُعْمَى / يَشِفُّ وَراءَها أَغْلالُ مَنِّ
إِذا ما ساَمَهُ اللؤَماءُ ضَيْماً / تَمَرَّغَ في الأذى ظَهْراً لِبَطْنِ
وَظَلَّ نَديمَ غَاطِيَةٍ وَرَوُضٍ / وَبَاتَ صَريعَ باطِيَةٍ وَدَنِّ
وَأَشْعَرَ قَلْبَهُ فَرَقَ المنايا / وَأَوْدَعَ سَمْعَهُ نَغَمَ المُغَنِّي
وَصَلْصَلةُ اللِّجامِ لَدَيَّ أَحْرى / بِعِزٍّ في مَباءَتِهِ مُبِنِّ
فَلَسْتُ لِحاصِنٍ إِنْ لَمْ أَقُدْها / عَوابِسَ تَحْتَ أَغْلِمَةٍ كَجِنِّ
أُقُرِّطُها الأعِنَّةَ في مُلاءٍ / يُنَشِّرُها مُثارُ النَّقْعِ دُكْنِ
وَأَمْلأُ مِنْ عَصِيِّ الدَّمْعِ قَسْرا / مَحاجِرَ كلِّ طَيّعَةِ التَّثَنّي
رَأَتْني في أَوائِلِها مُشِيحاً / أُلَهِّبُ جَمْرَتَيْ ضَرْبٍ وَطَعْنِ
وَأَسْطو سَطْوَةَ الأَسَدِ المُحامِي / وَتَنْفِرُ نَفْرَةَ الرَّشَأِ الأَغَنِّ
وَحَوْلَ خِبائِها أَشْلاءُ قَتْلى / رَفَعْنَ عَقِيرَةَ الطَّيْرِ المُرِنِّ
وَسِرْبالي مُضاعَفَةٌ أُفِيضَتْ / على نَزَقِ الشَّبابِ المُرْجَحِنِّ
كَأَنِّي خَائِضٌ مِنْها غَدِيراً / يَشُبُّ النّارَ فيهِ خَبيءُ جَفْنِ
إِذا غَدَرَ السِّنانُ وَفَى بِضَرْبٍ / هَزَزْتُ لَهُ شَباهُ فَلَمْ يَخُنِّي
وَمَجْنَى العِزِّ مِنْ بِيضٍ رِقاقٍ / وَسُمْرٍ تَخْلِسُ المُهَجاتِ لُدْنِ
فَما لَكِ يَا بْنَةَ القُرَشِيِّ مُلْقىً / قِناعُكِ وَالفُؤَادُ مُسِرُّ حُزْنِ
ذَريني وَالحُسامَ أُفِدْكِ مَالاً / فَراحَةُ مَنْ يَعولُكِ في التَّعَنِّي
وَغَيْرُ أَخيكَ يَرْقُبُ مُجْتَديهِ / تَبَسُّمَ بارِقٍ وَعُبوسَ دَجْنِ
فَها أَنَا أَوْسَعُ الثَّقَلَيْنِ صَدراً / وَلَكِنَّ الزَّمانَ يَضيقُ عَنِّي
أَقولُ لِصاحِبي وَالوَجدُ يَمري
أَقولُ لِصاحِبي وَالوَجدُ يَمري / بِوَجرَةَ أَدمُعاً تَطأُ الجُفونا
أَقِلَّ مِنَ البُكاءِ فإِنَّ نِضوي / يَكادُ الشَّوقُ يُورِثُهُ الجُنونا
فأَرَّقَنا قُبَيلَ الفَجرِ وُرقٌ / بِها تَقري مَسامِعَنا لُحونا
وَبِتُّ وَباتَ مُنتَزَعَينِ مِمّا / يُطيلُ هَوى سُعادَ بِهِ الحَنينا
رُمينَ بِأَسهُمٍ يَقطُرنَ حَتفاً / وَلا رَشَّحنَ فَرخاً ما بَقينا
أَمِن حُبِّ القُدودِ وَهُنَّ تَحكي / غُصونَ البانِ يألَفنَ الغُصونا
وَمِن شَوقٍ بَكَينَ عَلى فَقيدٍ / فإِنَّ الشَّوقَ يَستَبكي الحَزينا
وَأَصدَقُنا هَوىً مَن كانَ يُذري الدْ / دُموعَ فأَيُّنا أَندى عُيونا
وَما تَدري الحَمائِمُ أَيُّ شَيءٍ / عَلى الأَثَلاتِ يُلهمُنا الرَّنينا
وَأَكظِمُ زَفرَةً لَو باتَ يَلقى / بِها أَطواقَها نَفَسي مُحينا
وَهاتِفَةٍ بَكَت بِالقُربِ مِنّي / فَقالَ لَها سَجيري أَسعِدينا
وَنوحي ما بَدا لكِ أَن تَنوحي / وَحِنّي ما اِستَطَعتِ وَشَوِّقينا
فَقَد ذَكَّرتِنا شَجَناً قَديماً / وَأَيَّ هَوىً عَلى إِضَمٍ نَسينا
أَنَنسى لا وَمَن حَجَّتْ قُرَيشٌ / بَنِيَّتَهُ الحَبيبَ وَتَذكُرينا