المجموع : 6
أَرى لي كُلَّ يَومٍ مَع زَماني
أَرى لي كُلَّ يَومٍ مَع زَماني / عِتاباً في البِعادِ وَفي التَداني
يُريدُ مَذَلَّتي وَيَدورُ هَولي / بِجَيشِ النائِباتِ إِذا رَآني
كَأَنّي قَد كَبِرتُ وَشابَ رَأسي / وَقَلَّ تَجَلُّدي وَوَهى جَناني
أَلا يا دَهرُ يَومي مِثلُ أَمسي / وَأَعظَمُ هَيبَةً لِمَنِ اِلتَقاني
وَمَكروبٍ كَشَفتُ الكَربَ عَنهُ / بِضَربَةِ فَيصَلٍ لَمّا دَعاني
دَعاني دَعوَةً وَالخَيلُ تَردي / فَما أَدري أَبِاِسمي أَم كَناني
فَلَم أُمسِك بِسَمعي إِذ دَعاني / وَلَكِن قَد أَبانَ لَهُ لِساني
فَفَرَّقتُ المَواكِبَ عَنهُ قَهراً / بِطَعنٍ يَسبُقُ البَرقَ اليَماني
وَما لَبَّيتُهُ إِلّا وَسَيفي / وَرُمحي في الوَغى فَرَسا رِهانِ
وَكانَ إِجابَتي إِيّاهُ أَنّي / عَطَفتُ عَلَيهِ خَوّارَ العِنانِ
بِأَسمَرَ مِن رِماحِ الخَطِّ لَدنٍ / وَأَبيَضَ صارِمٍ ذَكَرٍ يَمانِ
وَقِرنٍ قَد تَرَكتُ لَدى مَكَرٍّ / عَلَيهِ سَبائِبا كَالأُرجُوانِ
تَرَكتُ الطَيرَ عاكِفَةً عَلَيهِ / كَما تَردي إِلى العُرسِ البَواني
وَتَمنَعُهُنَّ أَن يَأكُلنَ مِنهُ / حَياةُ يَدٍ وَرِجلٍ تَركُضانِ
فَما أَوهى مِراسُ الحَربِ رُكني / وَلَكِن ما تَقادَمَ مِن زَمانِ
وَما دانَيتُ شَخصَ المَوتِ إِلّا / كَما يَدنو الشُجاعُ مِنَ الجَبانِ
وَقَد عَلِمَت بَنو عَبسٍ بِأَنّي / أَهُشُّ إِذا دُعيتُ إِلى الطَعانِ
وَأَنَّ المَوتَ طَوعُ يَدي إِذا ما / وَصَلتُ بَنانَها بِالهِندُواني
وَنِعمَ فَوارِسُ الهَيجاءِ قَومي / إِذا عَلِقوا الأَعِنَّةَ بِالبَنانِ
هُمُ قَتَلوا لَقيطاً وَاِبنَ حُجرٍ / وَأَردَوا حاجِباً وَاِبني أَبانِ
أُحِبُّكِ يا ظَلومُ فَأَنتِ عِندي
أُحِبُّكِ يا ظَلومُ فَأَنتِ عِندي / مَكانَ الروحِ مِن جَسَدِ الجَبانِ
وَلَو أَنّي أَقولُ مَكانَ روحي / خَشيتُ عَلَيكِ بادِرَةَ الطِعانِ
إِذا خَصمي تَقاضاني بِدَينِ
إِذا خَصمي تَقاضاني بِدَينِ / قَضَيتُ الدَينَ بِالرُمحِ الرُدَيني
وَحَدُّ السَيفِ يُرضينا جَميعاً / وَيَحكُمُ بَينَكُم عَدلاً وَبَيني
جَهِلتُم يا بَني الأَنذالِ قَدري / وَقَد عَرَفَتهُ أَهلُ الخافِقينَ
وَما هَدَمَت يَدُ الحِدثانِ رُكني / وَلا اِمتَدَّت إِلَيَّ بَنانُ حَيني
عَلَوتُ بِصارِمي وَسِنانِ رُمحي / عَلى أُفقِ السُها وَالفَرقَدَينِ
وَغادَرتُ المُبارِزَ وَسطَ قَفرٍ / يُعَفِّرُ خَدَّهُ وَالعارِضينَ
وَكَم مِن فارِسٍ أَضحى بِسَيفي / هَشيمَ الرَأسِ مَخضوبَ اليَدَينِ
يَحومُ عَلَيهِ عِقبانُ المَنايا / وَتَحجُلُ حَولَهُ غِربانُ بَينِ
وَآخَرُ هارِبٌ مِن هَولِ شَخصي / وَقَد أَجرى دُموعَ المُقلَتَينِ
وَسَوفَ أُبيدُ جَمعَكُمُ بِصَبري / وَيَطفا لاعِجي وَتَقَرُّ عَيني
سَلي يا عَبلَةُ الجَبَلَينِ عَنّا
سَلي يا عَبلَةُ الجَبَلَينِ عَنّا / وَما لاقَت بَنو الأَعجامِ مِنّا
أَبَدنا جَمعَهُم لَمّا أَتَونا / تَموجُ مَواكِبٌ إِنساً وَجِنّا
وَراموا أَكلَنا مِن غَيرِ جوعٍ / فَأَشبَعناهُمُ ضَرباً وَطَعنا
ضَرَبناهُم بِبيضٍ مُرهَفاتٍ / تَقُدُّ جُسومَهُم ظَهراً وَبَطنا
وَفَرَّقنا المَواكِبَ عَن نِساءٍ / يَزِدنَ عَلى نِساءِ الأَرضِ حُسنا
وَكَم مِن سَيِّدٍ أَضحى بِسَيفي / خَضيبَ الراحَتَينِ بِغَيرِ حِنّا
وَكَم بَطَلٍ تَرَكتُ نِساهُ تَبكي / يُرَدِّدنَ النُواحَ عَلَيهِ حُزنا
وَحَجّارٌ رَأى طَعني فَنادى / تَأَنّى يا اِبنَ شَدّادٍ تَأَنّى
خُلِقتُ مِنَ الجِبالِ أَشَدَّ قَلباً / وَقَد تَفنى الجِبالُ وَلَستُ أَفنى
أَنا الحِصنُ المَشيدُ لِآلِ عَبسٍ / إِذا ما شادَتِ الأَبطالُ حِصنا
شَبيهُ اللَيلِ لَوني غَيرَ أَنّي / بِفِعلي مِن بَياضِ الصُبحِ أَسنى
جَوادي نِسبَتي وَأَبي وَأُمّي / حُسامي وَالسِنانُ إِذا اِنتَسَبنا
طَرِبتُ وَهاجَني البَرقُ اليَماني
طَرِبتُ وَهاجَني البَرقُ اليَماني / وَذَكَّرَني المَنازِلَ وَالمَغاني
وَأَضرَمَ في صَميمِ القَلبِ ناراً / كَضَربي بِالحُسامِ الهُندُواني
لَعَمرُكَ ما رِماحُ بَني بَغيضٍ / تَخونُ أَكُفَّهُم يَومَ الطِعانِ
وَلا أَسيافُهُم في الحَربِ تَنبو / إِذا عُرِفَ الشُجاعُ مِنَ الجَبانِ
وَلَكِن يَضرِبونَ الجَيشَ ضَرباً / وَيَقرونَ النُسورَ بِلا جِفانِ
وَيَقتَحِمونَ أَهوالَ المَنايا / غَداةَ الكَرِّ في الحَربِ العَوانِ
أَعَبلَةُ لَو سَأَلتِ الرُمحَ عَنّي / أَجابَكِ وَهوَ مُنطَلِقُ اللِسانِ
بِأَنّي قَد طَرَقتُ ديارَ تَيمٍ / بِكُلِّ غَضَنفَرٍ ثَبتِ الجَنانِ
وَخُضتُ غُبارَها وَالخَيلُ تَهوي / وَسَيفي وَالقَنا فَرَسا رِهانِ
وَإِن طَرِبَ الرِجالُ بِشُربِ خَمرٍ / وَغَيَّبَ رُشدَهُم خَمرُ الدِنانِ
فَرُشدي لا يُغَيِّبُهُ مُدامٌ / وَلا أُصغي لِقَهقَهَةِ القَناني
وَبَدرٌ قَد تَرَكناهُ طَريحاً / كَأَنَّ عَلَيهِ حُلَّةَ أُرجُوانِ
شَكَكتُ فُؤادَهُ لَمّا تَوَلّى / بِصَدرِ مُثَقَّفٍ ماضي السِنانِ
فَخَرَّ عَلى صَعيدِ الأَرضِ مُلقىً / عَفيرَ الخَدِّ مَخضوبَ البَنانِ
وَعُدنا وَالفَخارُ لَنا لِباسٌ / نَسودُ بِهِ عَلى أَهلِ الزَمانِ
ذَكَرتُ صَبابَتي مِن بَعدِ حينِ
ذَكَرتُ صَبابَتي مِن بَعدِ حينِ / فَعادَ لِيَ القَديمُ مِنَ الجُنونِ
وَحَنَّ إِلى الحِجازِ القَلبُ مِنّي / فَهاجَ غَرامُهُ بَعدَ السُكونِ
أَيَطلُبُ عَبلَةً مِنّي رِجالٌ / أَقَلُّ الناسِ عِلماً بِاليَقينِ
رُوَيداً إِنَّ أَفعالي خُطوبٌ / تَشيبُ لِهَولِها روسُ القُرونِ
فَكَم لَيلٍ رَكِبتُ بِهِ جَواداً / وَقَد أَصبَحتُ في حِصنٍ حَصينِ
وَناداني عِنانٌ في شِمالي / وَعاتَبَني حُسامٌ في يَميني
أَيَأخُذُ عَبلَةً وَغدٌ ذَميمٌ / وَيَحظى بِالغِنى وَالمالِ دوني
فَكَم يَشكو كَريمٌ مِن لَئيمٍ / وَكَم يَلقى هِجانٌ مِن هَجينِ
وَما وَجَدَ الأَعادي فِيَّ عَيباً / فَعابوني بِلَونٍ في العُيونِ
وَما لي في الشَدائِدِ مِن مُعينٍ / سِوى قَيسَ الَّذي مِنهُ يَقيني
كَريمٌ في النَوائِبِ أَرتَجيهِ / كَما هُوَ لِلمَعامِعِ يَصطَفيني
لَقَد أَضحى مَتيناً حَبلُ راجٍ / تَمَسَّكَ مِنهُ بِالحَبلِ المَتينِ
مِنَ القَومِ الكِرامِ وَهُم شُموسٌ / وَلَكِن لا تُوارى بِالدُجونِ
إِذا شَهِدوا هِياجاً قُلتَ أُسدٌ / مِنَ السُمرِ الذَوابِلِ في عَرينِ
أَيا مَلِكاً حَوى رُتَبَ المَعالي / إِلَيكَ قَدِ اِلتَجَأتُ فَكُن مُعيني
حَلَلتَ مِنَ السَعادَةِ في مَكانٍ / رَفيعِ القَدرِ مُنقَطِعِ القَرينِ
فَمَن عاداكَ في ذُلٍّ شَديدٍ / وَمَن والاكَ في عِزٍّ مُبينِ