القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِيليا أَبو ماضي الكل
المجموع : 3
وقائلة: هجرت الشعر حتى
وقائلة: هجرت الشعر حتى / تغنّى بالسخافات المغنّي
أتى زمن الربيع وأنت لاهٍ / وقد ولّى ولم تهتف بلحن
ونفسك كالصّدى في قاع بئر / ومثل الفجر ملتحفا بدجن
فما لك ليس يستهويك حسن / وأنت لمرء تعشق كلّ حسن؟
أتسكت والشباب عليك ضاف / وحولك للهوى جنّلت عدن؟
ركود الماء يورثه فسادا! / فقلت لها : استكيني واطمئني
فما حطمت يد الأيام روحي / وإن حطمت أباريقي ودنّي
ولم أعقد على خوف لساني / ولا ضنّا على الدنيا بفنّي
ولكنّي امرؤ للناس ضحكي / ولي وحدي تباريحي وحزني
إذا أشكو إلى خدن همومي / وفي وسعي السكوت ظلمت خدني
وتأبى كبريائي أن يراني / فتى مغرورقا بالدمع جفني
فأستر عبرتي عنه نئلا / يضيق بها وإن هي أحرقتني
ويبكي صاحبي فإخال أني / أنا الجاني وإن لم يتّهمني
فأمسح أدمعا في مقلتيه / وإن حكت اللهب وإن كوتني
لأني كلما رفّهت عنه / طربت كأنني رفّهت عنّي
كذلك كان شأني بين قومي / وهذا بين كلّ الناس شأني
أقول لكلّ نوّاح رويدا / فإنّ الحزن لا يغني ويضني
وجدت الدمع بالأحرار يزري / فليت الدمع لم يخلق بجفن!
سبيل العز أن تبني وتعلي / فلا تقنع بأنّ سواك يبني
ولا تك عالة في عنق جدّ / رميم العظم أو عبئا على ابن
فمن يغرس لكي يجني سواه / يعش ويموت من يحيا ليجني!
ألائمتي اتركيني في سكوني / ولومي من يضجّ بغير طحن
إذا صار السماع بلا قياس / فلا عجب إذا سكت المغني
أنا ولئن سكتّ وقال غيري / وجعجع صاب الصوت الأرنّ
إذا أنا لم أجد حقلا مريعا / خلقت الحقل في روحي وذهني
فكادت تملأ الأثمار كفّي / ويعيق بالشّذى الفوّاح ردني
أبعدك يعرف الصّبر الحزين
أبعدك يعرف الصّبر الحزين / وقد طاحت بهجته المنون ؟
رمتك يد الزمان بشرّ سهم / فلمّا أن قضيت بكى الخؤون
رماك و أنت حبّه كلّ قلب / شريف فالقلوب له رنين
و لم يك للزمان عليك ثار / و لم يك في خلالك ما يشين
و لكن كنت ذا خلق رضيّ / على خلق لغيرك لا يكون
و كنت تحيط علما بالخفايا / و تمنع أن تحيط بك الظنون
كأنّك قد قتلت الدّهر بحثا / فعندك سرّه الخافي مبين
حكيت البدر في عمر و لكن / ذكاؤك لا تكوّنه قرون
عجيب أن تعيش بنا الأماني / و أنّا للأماني نستكين
و ما أرواحنا إلاّ أسارى / و ما أجسادنا إلاّ سجون
و ما الكون مثل الكون فان / كما تفنى الدّيار كذا القطين
لقد علقتك أسباب المنايا / وفيّا لا يخان و لا يخون
أيدري النعش أيّ فتى يواري / و هذا القبر أيّ فتى يصون ؟
فتى جمعت ضروب الحسن فيه / و كانت فيه للحسنى فنون
فبعض صفاته ليث و بدر / و بعض خلاله شمم و لين
أمارات الشّباب عليه تبدو / و في أثوابه كهل رزين
ألا لا يشمت الأعداء منّا / فكلّ فتى بمصرعه رهين
أيا نور العيون بعدت عنّا / و لمّا تمتليء منك العيون
و عاجلك الحمام فلم تودّع / و بنت و لم يودّعك القرين
و ما عفت الوداع قلى و لكن / أردت و لم يرد دهر ضنين
فيا لهفي لأمّك حين يدوّي / نعيّك بعد ما طال السّكون
و لهف شقيقك النّائي بعيدا / إذا ما جاءه الخبر اليقين
ستبكيك الكواكب في الدّياجي / كما تبكيك في الرّوض الغصون
و يبكي أخوة قد غبت عنهم / و أمّ ثاكل و أب حزين
فما تندى لنا أبدا ضلوع / عليك و ما تجفّ لنا شؤون
قد ازدانت بك الفتيان طفلا / كما يزدان بالتّاج الجبين
ذهبت بزينه الدّنيا جميعا / فما في الدهر بعدك ما يزين
و كنت لنا الرجاء فلا رجاء / و كنت لنا المعين فلا معين
أبعدك يا أخي أبغي عزاء / إذا شلّت يساري و اليمين ؟
يهون الرزء إلاّ عند مثلي / بمثلك فهو رزء لا يهون
عليك تقطّع الحسرات نفسي / و فيك أطاعني الدّمع الحرون
فملء جوانحي حزن مذيب / و ملء محاجري دمع سخين
و ما أبقى المصاب على فؤادي / فأزعم أنّه دام طغين
يذود الدمع عين عيني كراها / و تأبى أن تفارقه الجفون
لقد طال السّهاد و طال ليلي / فلا أدري الرّقاد متى يكون
كأنّ الصبح قد لبس الدّياجي / عليك أسى لذلك ما يبين
أباعثة المطايا من حديد
أباعثة المطايا من حديد / كأسراب القطا للعالمينا
ركائب في فجاج الأرض تسري / تقلّ الذاهبين الأيبينا
تقصّ على المدائن و القرايا / حكاية قومك المستنبطينا
و كيف العقل يخلق من زريّ / مهين لا زريّ و لا مهينا
و ينفخ في الجماد قوى وحسّا / فيركش تارة و يطير حينا
و يهتف بالقصائد و الأغاني / و قد ذهب الردى بالمنشدينا
لقد حسدتك أمّ الفنّ " روما " / كما حسدتك ضرّتها " أثينا "
فمجدك فوق مجدها علاء / و حسنك فوق حسنها فتونا
نزلنا في حماك فقرّبينا / و باركنا ثراك قباركينا
فما لطماعة بنضار " فورد " / و فضّته إليك اليوم جينا
فما هو في سماحته " كمعن " / و ليست نوقه للذابحينا
و لكن فيك إخوان هوينا / لأجلهم جميع الساكنينا
أحبّونا كأنّهم ذوونا / و أنسونا بلطفهم ذوينا
و عاهدناهم إذ عاهدونا / فلم ننكث و لا نكثوا يمينا
إذا غضبوا على الدنيا غضبنا / و إن رضوا على الدنيا رضينا
دعاهم للعلى و الخير داع / من " الوادي " فلبّوا أجمعينا
أيخذل " جارة الوادي " بنوها ؟ / معاذ الله هذا لن يكونا
فما لاقيت " زحليّا " جبانا / و لا لاقيت " زحليّا " ضنينا
تأمّل كيف أضحى " تلّ شيحا " / يحاكي في الجلالة " طورسينا "
فعن هذا تحدذرت الوصايا / و في هذا وجدنا المحسنينا
على جنباته و على ذراه / جمال يبهر المتأمّلينا
فلم مثله للخير دنيا / و لم أر مثله فتحا مبينا
فيا أشبال " لبنان " المفدّى / و يا إخواننا و بني أبينا
ترنّح عصركم فخرا و هشّت / لصنعكم عظام المائتينا
تبارى الناس في طلب المعالي / فكنتم في المجال السابقينا
بنى الأهرام " فرعون " فدامت / لتخبر كيف كان الظالمونا
و كم أشقى الجموع الفرد منهم / و كم طمس الألوف لكي يبينا
وشدتم معهدا في " تلّ شيحا " / سيبقى ملجأ للبائسينا
يطلّ الفجر مبتسما عليه / و يرجع مطمئنّا مستكينا
و يمضي يملأ الوادي ثناء / عليكم و الأباطح و الحزونا
أرى غيثين يستبقان جودا / هما مطر السّما و الغائثونا
لئن حجب الغمام الشّمس عنّا / فلم يطمس ضياء الله فينا
و لم يستر سبيل الخير عنكم / و لم يقبض أكفّ الباذلينا
وجدت المرء حبّ الخير فيه / فإن يفقده صار المرء طينا
تكمّش في الحقول الشوك بخلا / فذلّ و عاش مكتئبا حزينا
و أسنى الورد إذ أعطى شذاه / مكانته فكن في الواهبينا
سألت الشعر أن يثني عليكم / فقالت لي القوافي : قد عيينا
سيجزيهم عم البؤساء ربّ / يكافيء بالجميل المحسنينا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025