وداعاً أيّها القلبُ الحزينُ
وداعاً أيّها القلبُ الحزينُ / وصبراً كل مقضيّ يكون
ولا تجزع إذا فارقت إلفا / نأى وأبانه الزمن الخؤون
سيبدلك اجتماعا بعد بي / فعقبى كل تحريك سكون
جمال الدين إن تبعد فنومي / حكاك فليس تعرفه الجفون
فنار البين تضرم في فؤادي / ودمعي تستهلّ به الشؤون
وددت فراق روحي عن فراقي / لشخصك كان إذ روحي تهون
خلوت وقد رحلت من العطايا / فدهري ليس لي منه مُعين
واضحت أربع الجدباء قفرا / من العلياء فالأيام جون
ومن لم يبك بعدك لاسقاه / من النعماء مدراء هتون
ولو إني استطعت صحبت سعيا / ركابك إنّني بكم قمين
عمرت بجود كفّك في فؤادي / وداداً لا تغيّرهُ الشؤون
وأرغمت الأعادي بالعطايا / فشكري عند جودكم رهين
فما أرجو سواك ومن أرجي / وكل فتى بما يحوي ضنين
ورأفيك في ملمات الرزايا / إذا ما أعضلت رأيٌ رصين
فما لك مشبه والخلق كلّ / لكلّ منهم أبدا قرينُ
ومن يأتي بأجدادٍ كرامٍ / وجدّك أحمد الثقة الأمين
هدى للحقّ هذا الخلق طرّا / نبيّ اللّه والسر المصون
وحيدر والبتول الطهر حقّا / هما أبواك والنبأ المبين
نجوت بهم ففي الأولى ملاذ / وفي الأخرى همُ السبب المتين
ومن يفخر بفوة في البرايا / فخرت وعند همّتك الفنونُ
ولم تسمع بمثلكم البرايا / ولم تنظر شبيهكمُ العيونُ
ومن ذا يستطيع لكم مديحا / إذا ذكرته ياسينُ دنونُ
جمال الدين إن حاولت شيئاً / من الأشياء فاطلبه يكون
وأنّى أمّ عزمكم مكانا / فسهل الأرض دونك والحزون
كأنّ لكم على الأقدار حكما / مطاعا أو لكم منها يمين
أقام نداك سوقا للمعالي / وأنباء الزمان له زبون
ولولا جود كفّك لم تصدّق / من العافين في الدنيا ظنون
أودعكم وأودعكم فؤاداً / لودّك لا يضيع ولا يخون
وقال الله حادثة الليالي / ولا برحت لك الدنيا تعين
فلم يأت الزمان لكم بمثلٍ / ولا يأتي به من بعد حينُ