المجموع : 4
أَراكَ وَأَنتَ نَبتُ اليَومِ تَمشي
أَراكَ وَأَنتَ نَبتُ اليَومِ تَمشي / بِشِعرِكَ فَوقَ هامِ الأَوَّلينا
وَأوتيتَ النُبُوَّةَ في المَعاني / وَما دانَيتَ حَدَّ الأَربَعينا
فَزِن تاجَ الرِئاسَةِ بَعدَ سامي / كَما زانَت فَرائِدُهُ الجَبينا
وَهَذا الصَولَجانُ فَكُن حَريصاً / عَلى مُلكِ القَريضِ وَكُن أَمينا
فَحَسبُكَ أَنَّ مُطرِيَكَ اِبنُ هاني / وَأَنَّكَ قَد غَدَوتَ لَهُ قَرينا
أَعيدوا مَجدَنا دُنيا وَدينا
أَعيدوا مَجدَنا دُنيا وَدينا / وَذودوا عَن تُراثِ المُسلِمينا
فَمَن يَعنو لِغَيرِ اللَهِ فينا / وَنَحنُ بَنو الغُزاةِ الفاتِحينا
مَلَكنا الأَمرَ فَوقَ الأَرضِ دَهراً / وَخَلَّدنا عَلى الأَيّامِ ذِكرى
أَتى عُمَرٌ فَأَنسى عَدلَ كِسرى / كَذَلِكَ كانَ عَهدُ الراشِدينا
جَبَينا السُحبَ في عَهدِ الرَشيدِ / وَباتَ الناسُ في عَيشٍ رَغيدِ
وَطَوَّقَتِ العَوارِفُ كُلَّ جيدِ / وَكانَ شِعارُنا رِفقاً وَلينا
سَلوا بَغدادَ وَالإِسلامَ دينُ / أَكانَ لَها عَلى الدُنيا قَرينُ
رِجالٌ لِلحَوادِثِ لا تَلينُ / وَعِلمٌ أَيَّدَ الفَتحَ المُبينا
فَلَسنا مِنهُمُ وَالشَرقُ عانى / إِذا لَم نَكفِهِ عَنَتَ الزَمانِ
وَنَرفَعُهُ إِلى أَعلى مَكانٍ / كَما رَفَعوهُ أَو نَلقى المَنونا
أَلَم تَرَ في الطَريقِ إِلى كِيادِ
أَلَم تَرَ في الطَريقِ إِلى كِيادِ / تَصيدُ البَطَّ بُؤسَ العالَمينا
أَلَم تَلمَح دُموعَ الناسِ تَجري / مِنَ البَلوى أَلَم تَسمَع أَنينا
أَلَم تُخبِر بَني التاميزِ عَنّا / وَقَد بَعَثوكَ مَندوباً أَمينا
بِأَنّا قَد لَمَسنا الغَدرَ لَمساً / وَأَصبَحَ ظَنُّنا فيكُم يَقينا
كَشَفنا عَن نَواياكُم فَلَستُم / وَقَد بَرِحَ الخَفاءُ مُحايِدينا
سَنُجمِعُ أَمرَنا وَتَرَونَ مِنّا / لَدى الجُلّى كِراماً صابِرينا
وَنَأخُذُ حَقَّنا رَغمَ العَوادي / تُطيفُ بِنا وَرَغمَ القاسِطينا
ضَرَبتُم حَولَ قادَتِنا نِطاقاً / مِنَ النيرانِ يُعيي الدارِعينا
عَلى رَغمِ المُروءَةِ قَد ظَفِرتُم / وَلَكِن بِالأُسودِ مُصَفَّدينا
مَضَيتَ وَنَحنُ أَحوَجُ ما نَكونُ
مَضَيتَ وَنَحنُ أَحوَجُ ما نَكونُ / إِلَيكَ وَمِثلُ خَطبِكَ لا يَهونُ
بِرَغمِ النيلِ أَن عَدَتِ العَوادي / عَلَيكَ وَأَنتَ خادِمُهُ الأَمينُ
بِرَغمِ الثَغرِ أَن غُيِّبتَ عَنهُ / وَأَن نَزَلَت بِساحَتِكَ المَنونُ
أَجَلُّ مُناهُ لَو يَحويكَ مَيتاً / لِيَجبُرَ كَسرَهُ ذاكَ الدَفينُ
أَسالَ مِنَ الدُموعِ عَلَيكَ بَحراً / تَكادُ بِلُجِّهِ تَجري السَفينُ
وَقامَ النادِباتُ بِكُلِّ دارٍ / وَكَبَّرَ في مَآذِنِهِ الأَذينُ
أُصيبَ بِذي مَضاءٍ أَريَحِيٍّ / بِهِ عِندَ الشَدائِدِ يَستَعينُ
فَتى الفِتيانِ غالَتكَ المَنايا / وَغُصنُكَ لا تُطاوِلُهُ غُصونُ
صَحِبتُكَ حِقبَةً فَصَحِبتُ حُرّاً / أَبِيّاً لا يُهانُ وَلا يُهينُ
نَبيلَ الطَبعِ لا يَغتابُ خِلّاً / وَلا يُؤذي العَشيرَ وَلا يَمينُ
تَطَوَّعَ في الجِهادِ لِوَجهِ مِصرٍ / فَما حامَت حَوالَيهِ الظُنونُ
وَلَم يَثنِ الوَعيدُ لَهُ عِناناً / وَلَم تَحنَث لَهُ أَبَداً يَمينُ
وَلَم تَنزِل بِعِزَّتِهِ الدَنايا / وَلَم يَعلَق بِهِ ذُلٌّ وَهونُ
مَضى لِسَبيلِهِ لَم يَحنِ رَأساً / وَلَم يَبرَح سَريرَتَهُ اليَقينُ
تَرَكتَ أَليفَةً تَرجو مُعيناً / وَلَيسَ سِوى الدُموعِ لَها مُعينُ
تَنوحُ عَلى القَرينِ وَأَينَ مِنها / وَقَد غالَ الرَدى ذاكَ القَرينُ
سَمِعتُ أَنينَها وَاللَيلُ ساجٍ / فَمَزَّقَ مُهجَتي ذاكَ الأَنينُ
فَقَد عانَيتُ قِدماً ما يُعاني / عَلى عِلّاتِهِ القَلبُ الحَزينُ
مِنَ الخَفِراتِ قَد نَعِمَت بِزَوجٍ / سَما بِجَلالِهِ أَدَبٌ وَدينُ
أَقامَت في النَعيمِ وَلَم تُرَوَّع / فَكُلُّ حَياتِها رَغَدٌ وَلينُ
لَقَد نَسَجَ العَفافُ لَها رِداءً / وَزانَ رِداءَها الخِدرُ المَصونُ
دَهاها المَوتُ في الإِلفِ المُفَدّى / وَكَدَّرَ صَفوَها الدَهرُ الخَؤونُ
فَكادَ مُصابُها يَأتي عَلَيها / لِساعَتِها وَتَقتُلُها الشُجونُ
رَبيبَةُ نِعمَةٍ لَم تَبلُ حُزناً / وَلَم تَشرَق بِأَدمُعِها الجُفونُ
وَفَت لِأَليفِها حَيّاً وَمَيتاً / كَذاكَ كَريمَةُ اللَوزِي تَكونُ
سَتَكفيها العِنايَةُ كُلَّ شَرٍّ / وَيَحرُسُ خِدرَها الروحُ الأَمينُ