المجموع : 7
قِفي يا أُختَ يوشَعَ خَبِّرينا
قِفي يا أُختَ يوشَعَ خَبِّرينا / أَحاديثَ القُرونِ الغابِرينا
وَقُصّي مِن مَصارِعِهِم عَلَينا / وَمِن دولاتِهِم ما تَعلَمينا
فَمِثلُكِ مَن رَوى الأَخبارَ طُرّاً / وَمَن نَسَبَ القَبائِلَ أَجمَعينا
نَرى لَكِ في السَماءِ خَضيبَ قَرنٍ / وَلا نُحصي عَلى الأَرضِ الطَعينا
مَشَيتِ عَلى الشَبابِ شَواظَ نارٍ / وَدُرتِ عَلى المَشيبِ رَحىً طَحونا
تُعينينَ المَوالِدَ وَالمَنايا / وَتَبنينَ الحَياةَ وَتَهدُمينا
فَيا لَكِ هِرَّةً أَكَلَت بَنيها / وَما وَلَدوا وَتَنتَظِرُ الجَنينا
أَأُمَّ المالِكينَ بَني أَمونٍ / لِيَهنِكِ أَنَّهُم نَزَعوا أَمونا
وَلِدتِ لَهُ المَآمينَ الدَواهي / وَلَم تَلِدي لَهُ قَطُّ الأَمينا
فَكانوا الشُهبَ حينَ الأَرضُ لَيلٌ / وَحينَ الناسُ جَدُّ مُضَلَّلينا
مَشَت بِمَنارِهِم في الأَرضِ روما / وَمِن أَنوارِهِم قَبَسَت أَثينا
مُلوكُ الدَهرِ بِالوادي أَقاموا / عَلى وادي المُلوكِ مُحَجَّبينا
فَرُبَّ مُصَفِّدٍ مِنهُم وَكانَت / تُساقُ لَهُ المُلوكُ مُصَفَّدينا
تَقَيَّدَ في التُرابِ بِغَيرِ قَيدٍ / وَحَلَّ عَلى جَوانِبِهِ رَهينا
تَعالى اللهُ كانَ السِحرُ فيهِم / أَلَيسوا لِلحِجارَةِ مُنطِقينا
غَدَوا يَبنونَ ما يَبقى وَراحوا / وَراءَ الآبِداتِ مُخَلَّدينا
إِذا عَمِدوا لِمَأثُرَةٍ أَعَدّوا / لَها الإِتقانَ وَالخُلقَ المَتينا
وَلَيسَ الخُلدُ مَرتَبَةً تَلَقّى / وَتُؤخَذُ مِن شِفاهِ الجاهِلينا
وَلَكِن مُنتَهى هِمَمٍ كِبارٍ / إِذا ذَهَبَت مَصادِرُها بَقينا
وَسِرُّ العَبقَرِيَّةِ حينَ يَسري / فَيَنتَظِمُ الصَنائِعَ وَالفُنونا
وَآثارُ الرِجالِ إِذا تَناهَت / إِلى التاريخِ خَيرُ الحاكِمينا
وَأَخذُكَ مِن فَمِ الدُنيا ثَناءً / وَتَركُكَ في مَسامِعِها طَنينا
فَغالي في بَنيكَ الصيدِ غالي / فَقَد حُبَّ الغُلُوُّ إِلى بَنينا
شَبابٌ قُنَّعٌ لا خَيرَ فيهِم / وَبورِكَ في الشَبابِ الطامِحينا
فَناجيهِم بِعَرشٍ كانَ صِنواً / لِعَرشِكَ في شَبيبَتِهِ سَنينا
وَكانَ العِزُّ حُليَتَهُ وَكانَت / قَوائِمُهُ الكَتائِبَ وَالسَفينا
وَتاجٍ مِن فَرائِدِهِ اِبنُ سيتى / وَمِن خَرَزاتِهِ خوفو وَمينا
عَلا خَدّاً بِهِ صَعَرٌ وَأَنفاً / تَرَفَّعَ في الحَوادِثِ أَن يَدينا
وَلَستُ بِقائِلٍ ظَلَموا وَجاروا / عَلى الأُجَراءِ أَو جَلَدوا القَطينا
فَإِنّا لَم نُوَقَّ النَقصَ حَتّى / نُطالِبَ بِالكَمالِ الأَوَّلينا
وَما البَستيلُ إِلّا بِنتُ أَمسٍ / وَكَم أَكَلَ الحَديدُ بِها صَحينا
وَرُبَّةَ بَيعَةٍ عَزَّت وَطالَت / بَناها الناسُ أَمسُ مُسخِرينا
مُشَيَّدَةٍ لِشافي العُميِ عيسى / وَكَم سَمَلَ القَسوسُ بِها عُيونا
أَخا اللورداتِ مِثلُكَ مَن تَحَلّى / بِحِليَةِ آلِهِ المُتَطَوِّلينا
لَكَ الأَصلُ الَّذي نَبَتَت عَلَيهِ / فُروعُ المَجدِ مِن كِرنارَفونا
وَمالُكَ لا يُعَدُّ وَكُلُّ مالٍ / سَيَفنى أَو سَيُفني المالِكينا
وَجَدتَ مَذاقَ كُلِّ تَليدِ مَجدٍ / فَكَيفَ وَجَدتَ مَجدَ الكاسِبينا
نَشَرتَ صَفائِحاً فَجَزَتكَ مِصرٌ / صَحائِفَ سُؤدُدٍ لا يَنطَوينا
فَإِن تَكُ قَد فَتَحتَ لَها كُنوزاً / فَقَد فَتَحَت لَكَ الفَتحَ المُبينا
فَلَو قارونُ فَوقَ الأَرضِ إِلّا / تَمَنّى لَو رَضيتَ بِهِ قَرينا
سَبيلُ الخُلدِ كانَ عَلَيكَ سَهلاً / وَعادَتُهُ يَكُدُّ السالِكينا
رَأَيتَ تَنَكُّراً وَسَمِعتَ عَتباً / فَعُذراً لِلغِضابِ المُحنِقينا
أُبُوَّتُنا وَأَعظَمُهُم تُراثٌ / نُحاذِرُ أَن يَؤولَ لِآخَرينا
وَنَأبى أَن يَحُلَّ عَلَيهِ ضَيمٌ / وَيَذهَبَ نَهبَةً لِلناهِبينا
سَكَتَّ فَحامَ حَولَكَ كُلُّ ظَنٍّ / وَلَو صَرَّحَت لَم تُثِرِ الظُنونا
يَقولُ الناسُ في سِرٍّ وَجَهرٍ / وَمالَكَ حيلَةٌ في المُرجِفينا
أَمَن سَرَقَ الخَليفَةَ وَهوَ حَيٌّ / يَعِفُّ عَنِ المُلوكِ مُكَفَّنينا
خَليلَيَّ اِهبِطا الوادي وَميلا / إِلى غُرَفِ الشُموسِ الغارِبينا
وَسيرا في مَحاجِرِهِم رُوَيداً / وَطوفا بِالمَضاجِعِ خاشِعينا
وَخُصّا بِالعَمارِ وَبِالتَحايا / رُفاتَ المَجدِ مِن توتَنخَمينا
وَقَبراً كادَ مِن حُسنٍ وَطيبٍ / يُضيءُ حِجارَةً وَيَضوعُ طينا
يُخالُ لِرَوعَةِ التاريخِ قُدَّت / جَنادِلُهُ العُلا مِن طورِ سينا
وَكانَ نَزيلُهُ بِالمَلكِ يُدعى / فَصارَ يُلَقَّبُ الكَنزَ الثَمينا
وَقوما هاتِفَينِ بِهِ وَلَكِن / كَما كانَ الأَوائِلُ يَهتِفونا
فَثَمَّ جَلالَةٌ قَرَّت وَرامَت / عَلى مَرِّ القُرونِ الأَربَعينا
جَلالُ المُلكِ أَيّامٌ وَتَمضي / وَلا يَمضي جَلالُ الخالِدينا
وَقولا لِلنَزيلِ قُدومَ سَعدٍ / وَحَيّا اللَهُ مَقدَمَكَ اليَمينا
سَلامٌ يَومَ وارَتكَ المَنايا / بِواديها وَيَومَ ظَهَرتَ فينا
خَرَجتَ مِنَ القُبورِ خُروجَ عيسى / عَلَيكَ جَلالَةٌ في العالَمينا
يَجوبُ البَرقُ بِاِسمِكَ كُلَّ سَهلٍ / وَيَختَرِقُ البُخارُ بِهِ الحُزونا
وَأُقسِمُ كُنتَ في لَوزانَ شُغلاً / وَكُنتَ عَجيبَةَ المُتَفاوِضينا
أَتَعلَمُ أَنَّهُم صَلِفوا وَتاهوا / وَصَدّوا البابَ عَنّا موصِدينا
وَلَو كُنّا نَجُرُّ هُناكَ سَيفاً / وَجَدنا عِندَهُم عَطفاً وَلينا
سَيَقضي كِرزُنٌ بِالأَمرِ عَنّا / وَحاجاتُ الكِنانَةِ ما قُضينا
تَعالَ اليَومَ خَبِّرنا أَكانَت / نَواكَ سِناتِ نَومٍ أَم سِنينا
وَماذا جُبتَ مِن ظُلُماتِ لَيلٍ / بَعيدِ الصُبحِ يُنضي المُدلِجينا
وَهَل تَبقى النُفوسُ إِذا أَقامَت / هَياكِلُها وَتَبلى إِن بَلينا
وَما تِلكَ القِبابُ وَأَينَ كانَت / وَكَيفَ أَضَلَّ حافِرُها القُرونا
مُمَرَّدَةَ البِناءِ تُخالُ بُرجاً / بِبَطنِ الأَرضِ مَحظوظاً دَفينا
تَغَطّى بِالأَثاثِ فَكانَ قَصراً / وَبِالصُوَرِ العِتاقِ فَكانَ زونا
حَمَلتَ العَرشَ فيهِ فَهَل تُرَجّي / وَتَأمَلُ دَولَةً في الغابِرينا
وَهَل تَلقى المُهَيمِنَ فَوقَ عَرشٍ / وَيَلقاهُ المَلا مُتَرَجِّلينا
وَما بالُ الطَعامِ يَكادُ يَقدى / كَما تَرَكَتهُ أَيدي الصانِعينا
وَلَم تَكُ أَمسُ تَصبُرُ عَنهُ يَوماً / فَكَيفَ صَبِرتَ أَحقاباً مَئينا
لَقَد كانَ الَّذي حَذِرَ الأَوالي / وَخافَ بَنو زَمانِكَ أَن يَكونا
يُحِبُّ المَرءُ نَبشَ أَخيهِ حَيّاً / وَيَنبُشُهُ وَلَو في الهالِكينا
سُلِلتَ مِنَ الحَفائِرِ قَبلَ يَومٍ / يَسُلُّ مِنَ التُرابِ الهامِدينا
فَإِن تَكُ عِندَ بَعثٍ فيهِ شَكٌّ / فَإِنَّ وَراءَهُ البَعثَ اليَقينا
وَلَو لَم يَعصِموكَ لَكانَ خَيراً / كَفى بِالمَوتِ مُعتَصِماً حَصينا
يُضَرُّ أَخو الحَياةِ وَلَيسَ شَيءٌ / بِضائِرِهِ إِذا صَحِبَ المَنونا
زَمانُ الفَردِ يا فِرعَونُ وَلّى / وَدالَت دَولَةُ المُتَجَبِّرينا
وَأَصبَحَتِ الرُعاةُ بِكُلِّ أَرضٍ / عَلى حُكمِ الرَعِيَّةِ نازِلينا
بِحَمدِ اللَهِ رَبِّ العالَمينا
بِحَمدِ اللَهِ رَبِّ العالَمينا / وَحَمدِكَ يا أَميرَ المُؤمِنينا
لَقينا في عَدُوِّكَ ما لَقينا / لَقينا الفَتحَ وَالنَصرَ المُبينا
هُمُ شَهَروا أَذىً وَشَهَرتَ حَرباً / فَكُنتَ أَجَلَّ إِقداماً وَضَربا
أَخَذتَ حُدودَهُم شَرقاً وَغَرباً / وَطَهَّرتَ المَواقِعَ وَالحُصونا
وَقَبلَ الحَربِ حَربٌ مِنكَ كانَت / نَتائِجُها لَنا ظَهَرَت وَبانَت
أَلَنتَ الحادِثاتِ بِها فَلانَت / وَغادَرتَ القَياصِرَ حائِرينا
جَمَعتَ لَنا المَمالِكَ وَالشُعوبا / وَكانَت في سِياسَتِها ضُروبا
فَلَمّا هَبَّ جورجِيَهُم هُبوباً / تَلَفَّتَ لا يُصيبُ لَهُ مَعينا
رَأى كَيفَ السَبيلُ إِلى كَريدٍ / وَكَيفَ عَواقِبُ الطَيشِ المَزيدِ
وَكَيفَ تَنامُ يا عَبدَ الحَميدِ / وَتَغفُلُ عَن دِماءِ العالَمينا
وَلا وَاللَهِ وَالرُسلِ الكِرامِ / وَبَيتِكَ خَيرُ بَيتٍ في الأَنامِ
لَما كانوا وَسَيفُكَ ذو اِنتِقامٍ / يُعادِلُ جَمعُهُم مِنّا جَنينا
رَأَيتَ الحِلمَ لَمّا زادَ غَرّا / وَجَرَّأَ مَلكَهُم حَتّى تَجَرّا
فَجاءَتكَ الدَعاوى مِنهُ تَترى / وَجاءَتهُ جُنودُكَ مُبطِلينا
بِخَيلٍ في الهِضابِ وَفي الرَوابي / وَنارٍ في القِلاعِ وَفي الطَوابي
وَسَيفٍ لا يَلينُ وَلا يُحابي / إِذا الآجالُ رَجَّت مِنهُ لينا
وَجَيشٍ مِن غُزاةٍ عَن غُزاةٍ / هُمُ الأَبطالُ في ماضٍ وَآتي
وَمِن كَرَمٍ أَذَلّوا كُلَّ عاتي / وَذَلّوا في قِتالِ المُؤمِنينا
أَبَعدَ بَلائِهِم في كُلِّ حَربٍ / وَضَربٍ في المَمالِكِ أَيِّ ضَربِ
تُحاوِلُ صِبيَةٌ في زِيِّ شَعبٍ / وَتَطمَعُ أَن تَدوسَ لَهُم عَرينا
جُنودٌ لِلجِراحِ الدَهرَ مِرهَم / يُدَبِّرُها البَعيدُ الصيتِ أَدهَم
فَأَنجَدَ في تَسالِيَةٍ وَأَتهَم / وَكانَت لِلعِدا حِصناً حَصينا
أَروتَرُ لا تَدُسَّ السُمَّ دَسّاً / وَمَهلاً في التَهَوُّسِ يا هَوَسا
سَلِ اليونانَ هَل ثَبَتَت لِرِسّا / وَهَل حُفِظَ الطَريقُ إِلى أَثينا
مَعاذَ اللَهِ كَلّا ثُمَّ كَلّا / هُمُ البَحّارَةُ الغُرُّ الأَجِلّا
وَما أُسطولُهُم في البَحرِ إِلّا / شَخاشِخُ ما يَرُحنَ وَما يَجينا
وَكَم بَعَثوا جُيوشاً مِن أَماني / أَتَت دارَ السَعادَةِ في أَمانِ
وَما سارَت سِوى يَومَي زَمانٍ / فَأَهلاً بِالغُزاةِ الفاتِحينا
وَكَم باتوا عَلى هَرجٍ وَمَرجِ / وَقالوا المالُ مَبذولٌ لِجورجي
وَكُلُّ المالِ مِن دَخلٍ وَخَرجٍ / دُيونٌ لا تُقَدِّرُها دُيونا
وَكَم فَتَحوا الثُغورَ بِلا تَواني / وَبِالأُسطولِ جاؤوا مِن مَواني
وَلِلبُسفورِ طاروا في ثَواني / فَأَهلاً بِالأَوَزِّ العائِمينا
وَفي الآسِتانَةِ اِنتَصَروا اِنتِصاراً / وَبُطرُسبُرجَ دَكّوها حِصارا
فَيا لِلمُسلِمينَ وَلِلنَصارى / وَقَيصَرَ وَالمُلوكِ الآخَرينا
وَيا غَليومُ أَينَ لَكَ الفِرارُ / إِذا جورجي وَعَسكَرَهُ أَغاروا
فَضاقَت عَن سَفينِهِمُ البِحارُ / وَضاقَ البَرُّ عَنهُمُ واجِفينا
أُمورٌ تَضحَكُ الصِبيانُ مِنها / وَلا تَدري لَها العُقَلاءُ كُنها
فَسَل روتَر وَسَل هافاسَ عَنها / فَإِنَّ لَدَيهِما الخَبَرَ اليَقينا
وَيَومَ مَلَونَ إِذ صِحنا وَصاحوا / ذَكَرنا اللَهَ مِن فَرَحٍ وَناحوا
وَدارَت بَينَهُم بِالراحِ راحُ / وَدارَت راحَةُ الإيمانِ فينا
عَلَى الجَبَلَينِ قَد بِتنا وَباتوا / وَقُتناهُم مَنِيَّتَهُم وَقاتوا
وَقَد مِتنا ثَباتاً وَاِستَماتوا / وَما البُسَلاءُ كَالمُستَبسِلينا
خَسَفنا بِالحُصونِ الأَرضَ خَسفاً / تَزيدُ تَأَبِّياً فَنَزيدُ قَذفا
بِنارٍ تَنسُفُ الأَجيالَ نَسفاً / وَتَلقَفُ نارَهُم وَالمُطلِقينا
مَدافِعُ ما تَثوبُ بِغَيرِ زادٍ / بَراكينٌ تَصوبُ بِلا نَفادِ
نَصَبناها لَهُم في كُلِّ وادي / فَكُنَّ المَوتَ أَو أَهدى عُيونا
جَعَلنا الأَرضَ تَحتَهُمُ دِماءَ / وَصَيَّرنا الدُخانَ لَهُم سَماءَ
وَإِذ راموا مِنَ النارِ اِحتِماءَ / حَمَت أَسيافُنا مِنهُم مِئينا
وَرُبَّ مُجاهِدٍ شَيخٍ مُبَجَّل / تَرَجَّلَتِ الجِبالُ وَما تَرَجَّل
أَرادَ لِيَركَبَ المَوتَ المُحَجَّل / إِلى أَجدادِهِ المُستَشهِدينا
وَفى لِجَوادِهِ وَحَنا عَلَيهِ / وَقَد شَخَصَت بَنادِقُهُم إِلَيهِ
وَصابَ رَصاصُها يُدمي يَدَيهِ / وَأَوشَكَتِ السَواعِدُ أَن تَخونا
تَعَوَّدَ أَن يُصيبَ وَأَن يُصابا / فَخوطِبَ في النُزولِ فَما أَجابا
وَقالَ وَقَد قَضى قَولاً صَوابا / هُنا فَليَطلُبِ المَرءُ المَنونا
وَقَد زادَ البَسالَةَ مِن وَقارِ / هِزَبرٌ مِن لُيوثِ التُركِ ضاري
تَقَدَّمَ نَحوَ نارٍ أَيُّ نارِ / لِيَسبِقَ نَحوَ خالِقِهِ القَرينا
جَرى فَأَذَلَّ هاتيكَ الأُلوفا / وَزَحزَحَ عَن مَواضِعِها الصُفوفا
فَخاضَ إِلى مَكامِنِها الحُتوفا / وَما هابَ الرُماةَ مُسَدِّدينا
دَعا لِلَّهِ في وَجهِ الأَعادي / كَلَيثٍ زائِرٍ في بَطنِ وادي
فَلَبَّتهُ الفَيالِقُ وَالأَرادي / وَدارَ هِلالُ رايَتِنا يَمينا
فَلَمّا أَذعَنوا أَنّا المَنايا / وَأَنّا خَيرُ مَن قادَ السَرايا
تَفَرَّقَ جَمعُهُم إِلّا بَقايا / عَلى قُلَلِ الجِبالِ مُجَندِلينا
صَلاةُ اللَهِ رَبّي وَالسَلامُ / عَلى قَتلى بِفِرسالو أَقاموا
هُمُ الشُهَداءُ حَولَ اللَهِ حاموا / فَأَدناهُم وَكانوا الفائِزينا
أَنالوا المُلكَ فَتحاً أَيَّ فَتحٍ / وَشادوا لِلخِلافَةِ أَيَّ صَرحِ
وَجاؤوا رَبَّهُم مِنهُم بِذَبحٍ / تَقَبَّلَهُ وَكانَ بِهِ ضَنينا
سَلاماً سَفحَ فِرسالو سَلاما / وَكُن خَيرَ المُقامِ لِمَن أَقاما
وَضَنَّ بِها وَإِن بَلِيَت عِظاماً / تُطيفُ بِها المَلائِكُ حائِمينا
أَأَدهَمُ هَكَذا تُقنى المَعالي / وَتُقنى بِالقَواضِبِ وَالعَوالي
لَقَد بَيَّضتَ لِلمُلكِ اللَيالي / بِسَيفٍ يَفضَحُ الفَجرَ المُبينا
أَخَذتَ النَصرَ بِالجَبَلَينِ غَصباً / وَكُنتَ اللَيثَ تَخطاراً وَوَثبا
حَمَلتَ فَماجَتِ الحُملانُ رُعباً / يَظُنُّهُمُ الجَهولُ مُقاتِلينا
وَفي فِرسالَ قَد جِئتَ العُجابا / بَسَطتَ الجَيشَ تَقرَؤُهُ كِتابا
وَقَد أَحصَيتَهُ باباً فَبابا / وَكانوا عَن كِتابِكَ غافِلينا
ثَبَتَّ مُؤَمِّلاً مِنكَ الثَباتُ / تُوافيكَ الرَسائِلُ وَالسُعاةُ
وَحَولَكَ أَهلُ شوراكَ الثُقاتُ / تَسوسونَ الجُيوشَ مُظَفَّرينا
هُناكَ الصُحفُ سارَت حاكِياتٍ / وَطَيَّرَتِ البُروقُ مُحَدِّثاتِ
وَحَدَّثَتِ المَمالِكُ آخِذاتِ / عُلومَ الحَربِ عَنكُمُ وَالفُنونا
بَني عُثمانَ إِنّا قَد قَدَرنا / فُتوحَكُمُ الكِبارَ وَقَد شَكَرنا
سَأَلنا اللَهَ نَصراً فَاِنتَصَرنا / بِكُم وَاللَهُ خَيرُ الناصِرينا
سَمِعتُ بِأَنَّ طاووساً
سَمِعتُ بِأَنَّ طاووساً / أَتى يَوماً سُلَيمانا
يُجَرِّرُ دونَ وَفدِ الطَي / رِ أَذيالاً وَأَردانا
وَيُظهِرُ ريشَهُ طَوراً / وَيُخفي الريشَ أَحيانا
فَقالَ لَدَيَّ مَسأَلَةٌ / أَظُنُّ أَوانَها آنا
وَها قَد جِئتُ أَعرضُها / عَلى أَعتابِ مَولانا
أَلَستُ الرَوضَ بِالأَزها / رِ وَالأَنوارِ مُزدانا
أَلَم أَستَوفِ آيَ الظَر / فِ أَشكالاً وَأَلوانا
أَلَم أُصبِح بِبابِكُم / لِجَمعِ الطَيرِ سُلطانا
فَكَيفَ يَليقُ أَن أَبقى / وَقَومي الغُرُّ أَوثانا
فَحُسنُ الصَوتِ قَد أَمسى / نَصيبي مِنهُ حِرمانا
فَما تَيَّمتُ أَفئِدَةً / وَلا أَسكَرتُ آذانا
وَهَذي الطَيرُ أَحقَرها / يَزيدُ الصَبَّ أَشجانا
وَتَهتَزُّ المُلوكُ لَهُ / إِذا ما هَزَّ عيدانا
فَقالَ لَهُ سُلَيمانٌ / لَقَد كانَ الَّذي كانا
تَعالَت حِكمَةُ الباري / وَجَلَّ صَنيعُهُ شانا
لَقَد صَغَّرتَ يا مَغرو / رُ نُعمى اللَهِ كُفرانا
وَمُلكُ الطَيرِ لَم تَحفِل / بِهِ كِبراً وَطُغيانا
فَلَو أَصبَحتَ ذا صَوتٍ / لَما كَلَّمتَ إِنسانا
ألا هل لي بلقياه يدانِ
ألا هل لي بلقياه يدانِ / حبيب شأنه عجب وشأني
إذا دنت الديار به فناء / وإن نأت الديار به فداني
يودّ الليل لو ندنو كلانا / ويدخر النهار لنا التهاني
وتأتي شقوتي بالذنب عندي / لها لا للزمان ولا المكان
جلوسك أم سلام العالمينا
جلوسك أم سلام العالمينا / وتاجك أم هلال العز فينا
ملكت فكنت خير المالكينا / وأنت أجلهم دنيا ودينا
سرير لم يكن بالمطمئن / وملك غادروه بغير ركن
نهضت تقيم مائله وتبنى / فكنت الركن والسبب المتينا
وَلِيتَ الأمر أقدرَ من يليه / تخاف الله فيه وترتجيه
وتمحو آية العهد السفيه / وتجمع كلمة المتفرّقينا
بوقت فيه للمك انقلاب / وللعرش اهتزاز وأضطراب
فقمت فقرّ في يدك العباب / وأوشكت العواصف أن تدينا
بوقت فيه للأعدا دبيب / إذا ما راح ذيب جاء ذيب
لكل حزبه وبه يريب / وكنت لربك الحزب الأمينا
عداوات ينشن الملك لدًَّا / وأحزاب من الأتراك أعدى
تخذت البعض ضدا البعض جندا / فغال المفسدون المفسدينا
تغيرت الرجال فلا رجال / وزَيَّنَ للغَرورين الضلال
فراموا والذي راموا محال / ومن يرم المحال فلن يكونا
تمنوا للعدو كما تمنى / ولما يسألوا الأحياء عنا
فلا تتشبهوا يا قوم إنا / عرفنا مصر المتشبهينا
حجابك عند يلدزك الجلال / وأنت لها وللدنيا جمال
تنال الخافقين ولا تُنال / إذا قلبتَ في الأفق الجفونا
يرفِّعك المقام عن أبتذال / وعن عبث الحوادث والرجال
ومن يك ملكه حرب الليالي / يجد لصروفها وله شؤونا
تعالجهنِّ في سلم وحرب / وتلقاهنِّ في شرق وغرب
وتدفعهنّ من بعد وقرب / وتثنيهن حتى ينثنينا
وحيدا تستعان ولا تعان / كأنك في تفرّدك الزمان
ولكن أنت منه لنا أمان / وأكبر أن تخون وأن تمينا
تلذ بما يشقّ على العباد / وتنعم بانفرادك والسهاد
رويدا في جفونك والفؤاد / ومهلا يا أمير المؤمنينا
وقبلك لم يُنم عمرَ الأنام / وقد سهرت رعيته الكرام
وقومك عند مرقدهم نيام / فهل تحصى على القوم السنينا
تردّ على الليالي كل سهم / ولا يرددن سهمك حين ترمى
تجير على حوادثها وتحمى / ولا يحمين منك المحتمينا
وكم كرب كشفت وعظم هول / بفعل منك لم يسبق بقول
وأسطول رددت بغير حول / تشيِّعه الخلائق ساخرينا
جمعت الأمر حين الأمر فوضى / وشرَّفتَ اللواء وكان أرضا
وحصنت القرى طولا وعرضا / بآساد يهيبِّن العرينا
وكم لك من فيالق من طراز / غدوا خير الجنود لخير غاز
إذا زحموا الضياغم في مجاز / أبادوها وكانوا العابرينا
سلاح من سلاح الموت أمضى / إذا الإيمان يوم الروع أنضى
وبأس ينزل الأجبال أرضا / ويركبها إلى الهيجا متونا
نظمت الجيش بالقلم الحميد / كنظمي فيك أبيات النشيد
فإن فتشت عن بيت القصيد / قرأت الفتح والنصر المبينا
وفتح في العدوّ لنا جليل / شفعناه من الصفح الجميل
بأجمل منه من فعل الجميل / فكنا القادرين الصافحينا
بطشت فلم تدع لهمو وجودا / وكان البطش إشفاقا وجودا
صدقت قياصر العصر الوعودا / تريهم كيف عهد الظافرينا
وقائع في الزمان هي الجسام / إذا ذكرت لنا سأل الأنام
أجيش للخليفة أم غمام / أظلَّ تساليا سمحا هتونا
وقبل النصر نصر قد تجلى / عُلاً في العصر آثارا وجلّى
ظهرت على الحوادث وهي جُلى / وأكمدت العدا والشامتينا
تخبط قومه فيك الخطيب / يريبك في المجامع ما يريب
فما سمع الهلال ولا الصليب / بغيرك في عقاب المعتدينا
يزيد سفاهة فتزيد حلما / لأنت أجل أخلاقا وأسمى
فكنت لساكن البلقان سلما / وكان محرّك الشر الكمينا
كفيت الخلق نارا قد أثارا / وللشرف الرفيع أخذت ثارا
وقد يمحو بك الإسلام عارا / إذا الإسلام في يوم أُهينا
بحزم ليس من قال وقيل / وعز ليس بالرجل العليل
وبطش من يدَى سمح منيل / كريم معرق في الأكرمينا
أسود الترك هبى ثم هبى / وهزى الأرض في شرق وغرب
بمن يزجي الجيوش ومن يعبى / ومن يحمى المواقع والحصونا
وحيِّى من أقامك يا قلاع / ومن لك تحت رايته أمتناع
فليس كهذه بشرى تذاع / ولا كجلوس ربك تعلنينا
أشيري يا أرامل للسماء / ويا أيتام ضجوا بالدعاء
ويا شهداء ناجوا بالبقاء / إذا سُمع الملائك هاتفينا
إذا شاقتكم الأوطان يوما / أو أشتقتم بها أهلا وقوما
فناموا في أمان الله نوما / فكل عند خير الكافلينا
أربَّ العيد هذا العيد يُجلَى / وكم لك من دعاء فيه يتلى
ولكن شاعر الإسلام أعلى / وأوقع في نفوس المسلمينا
لقد بيضت للملك الليالي / فليل الملك بالزينات حالي
وكم لك في القلوب من احتفال / يكاد الجسم عنه أن يبينا
وهذى مصر باسطة اليدين / تؤدّى من ولائك خير دين
وتلحظ عيدك الأسنى بعين / تفاجى بالهوى تلك العيونا
فهل عند الإمام لها قبول / وهل نحو الإمام لها وصول
فتشكو من جراح ما تزول / وكيف يزول ما بلغ الوتينا
أتتك تغض من طرف الحياء / تتوب إليك من ماضي الرياء
وتبسط في ثراك يد الرجاء / وتُلقى فيه آمال البنينا
فقابلها بعطفك والنوال / وأنزلها بسوحك والظلال
أدام الله ذاتك للمعالي / وأيَّد تاجها ورعى الجبينا
يقول اليوم بطرس يا لقومي
يقول اليوم بطرس يا لقومي / تعالوا بالصدارة هنئوني
لئن أنكرتمو منى أمروا / متى أضع العمامة تعرفوني
دع الأبرق والبانا
دع الأبرق والبانا / وخذ واد حمّانا
هو الفردوس قد قام / به الشاغور رضوانا
إذا استرسل أو شف / رأيت الحسن عريانا
وإن صوّت أو رنّ / وجدت القاع آذانا
تراه في الضحى ماسا / وفي الآصال عقبانا
وطير العشق لا يأوى / سوى الشاغور بستانا
فما حلّق أو صفق / إلا اصطاد إنسانا
يحس القلب للقلب / صبابات وأشجانا
ترى في منزل ميا / وفي آخر غيلانا
وذى سلمى وذا حمدى / يبثانك ما كانا
رواياتهما زادت / أحاديث الهوى شانا