القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد شَوقي الكل
المجموع : 7
قِفي يا أُختَ يوشَعَ خَبِّرينا
قِفي يا أُختَ يوشَعَ خَبِّرينا / أَحاديثَ القُرونِ الغابِرينا
وَقُصّي مِن مَصارِعِهِم عَلَينا / وَمِن دولاتِهِم ما تَعلَمينا
فَمِثلُكِ مَن رَوى الأَخبارَ طُرّاً / وَمَن نَسَبَ القَبائِلَ أَجمَعينا
نَرى لَكِ في السَماءِ خَضيبَ قَرنٍ / وَلا نُحصي عَلى الأَرضِ الطَعينا
مَشَيتِ عَلى الشَبابِ شَواظَ نارٍ / وَدُرتِ عَلى المَشيبِ رَحىً طَحونا
تُعينينَ المَوالِدَ وَالمَنايا / وَتَبنينَ الحَياةَ وَتَهدُمينا
فَيا لَكِ هِرَّةً أَكَلَت بَنيها / وَما وَلَدوا وَتَنتَظِرُ الجَنينا
أَأُمَّ المالِكينَ بَني أَمونٍ / لِيَهنِكِ أَنَّهُم نَزَعوا أَمونا
وَلِدتِ لَهُ المَآمينَ الدَواهي / وَلَم تَلِدي لَهُ قَطُّ الأَمينا
فَكانوا الشُهبَ حينَ الأَرضُ لَيلٌ / وَحينَ الناسُ جَدُّ مُضَلَّلينا
مَشَت بِمَنارِهِم في الأَرضِ روما / وَمِن أَنوارِهِم قَبَسَت أَثينا
مُلوكُ الدَهرِ بِالوادي أَقاموا / عَلى وادي المُلوكِ مُحَجَّبينا
فَرُبَّ مُصَفِّدٍ مِنهُم وَكانَت / تُساقُ لَهُ المُلوكُ مُصَفَّدينا
تَقَيَّدَ في التُرابِ بِغَيرِ قَيدٍ / وَحَلَّ عَلى جَوانِبِهِ رَهينا
تَعالى اللهُ كانَ السِحرُ فيهِم / أَلَيسوا لِلحِجارَةِ مُنطِقينا
غَدَوا يَبنونَ ما يَبقى وَراحوا / وَراءَ الآبِداتِ مُخَلَّدينا
إِذا عَمِدوا لِمَأثُرَةٍ أَعَدّوا / لَها الإِتقانَ وَالخُلقَ المَتينا
وَلَيسَ الخُلدُ مَرتَبَةً تَلَقّى / وَتُؤخَذُ مِن شِفاهِ الجاهِلينا
وَلَكِن مُنتَهى هِمَمٍ كِبارٍ / إِذا ذَهَبَت مَصادِرُها بَقينا
وَسِرُّ العَبقَرِيَّةِ حينَ يَسري / فَيَنتَظِمُ الصَنائِعَ وَالفُنونا
وَآثارُ الرِجالِ إِذا تَناهَت / إِلى التاريخِ خَيرُ الحاكِمينا
وَأَخذُكَ مِن فَمِ الدُنيا ثَناءً / وَتَركُكَ في مَسامِعِها طَنينا
فَغالي في بَنيكَ الصيدِ غالي / فَقَد حُبَّ الغُلُوُّ إِلى بَنينا
شَبابٌ قُنَّعٌ لا خَيرَ فيهِم / وَبورِكَ في الشَبابِ الطامِحينا
فَناجيهِم بِعَرشٍ كانَ صِنواً / لِعَرشِكَ في شَبيبَتِهِ سَنينا
وَكانَ العِزُّ حُليَتَهُ وَكانَت / قَوائِمُهُ الكَتائِبَ وَالسَفينا
وَتاجٍ مِن فَرائِدِهِ اِبنُ سيتى / وَمِن خَرَزاتِهِ خوفو وَمينا
عَلا خَدّاً بِهِ صَعَرٌ وَأَنفاً / تَرَفَّعَ في الحَوادِثِ أَن يَدينا
وَلَستُ بِقائِلٍ ظَلَموا وَجاروا / عَلى الأُجَراءِ أَو جَلَدوا القَطينا
فَإِنّا لَم نُوَقَّ النَقصَ حَتّى / نُطالِبَ بِالكَمالِ الأَوَّلينا
وَما البَستيلُ إِلّا بِنتُ أَمسٍ / وَكَم أَكَلَ الحَديدُ بِها صَحينا
وَرُبَّةَ بَيعَةٍ عَزَّت وَطالَت / بَناها الناسُ أَمسُ مُسخِرينا
مُشَيَّدَةٍ لِشافي العُميِ عيسى / وَكَم سَمَلَ القَسوسُ بِها عُيونا
أَخا اللورداتِ مِثلُكَ مَن تَحَلّى / بِحِليَةِ آلِهِ المُتَطَوِّلينا
لَكَ الأَصلُ الَّذي نَبَتَت عَلَيهِ / فُروعُ المَجدِ مِن كِرنارَفونا
وَمالُكَ لا يُعَدُّ وَكُلُّ مالٍ / سَيَفنى أَو سَيُفني المالِكينا
وَجَدتَ مَذاقَ كُلِّ تَليدِ مَجدٍ / فَكَيفَ وَجَدتَ مَجدَ الكاسِبينا
نَشَرتَ صَفائِحاً فَجَزَتكَ مِصرٌ / صَحائِفَ سُؤدُدٍ لا يَنطَوينا
فَإِن تَكُ قَد فَتَحتَ لَها كُنوزاً / فَقَد فَتَحَت لَكَ الفَتحَ المُبينا
فَلَو قارونُ فَوقَ الأَرضِ إِلّا / تَمَنّى لَو رَضيتَ بِهِ قَرينا
سَبيلُ الخُلدِ كانَ عَلَيكَ سَهلاً / وَعادَتُهُ يَكُدُّ السالِكينا
رَأَيتَ تَنَكُّراً وَسَمِعتَ عَتباً / فَعُذراً لِلغِضابِ المُحنِقينا
أُبُوَّتُنا وَأَعظَمُهُم تُراثٌ / نُحاذِرُ أَن يَؤولَ لِآخَرينا
وَنَأبى أَن يَحُلَّ عَلَيهِ ضَيمٌ / وَيَذهَبَ نَهبَةً لِلناهِبينا
سَكَتَّ فَحامَ حَولَكَ كُلُّ ظَنٍّ / وَلَو صَرَّحَت لَم تُثِرِ الظُنونا
يَقولُ الناسُ في سِرٍّ وَجَهرٍ / وَمالَكَ حيلَةٌ في المُرجِفينا
أَمَن سَرَقَ الخَليفَةَ وَهوَ حَيٌّ / يَعِفُّ عَنِ المُلوكِ مُكَفَّنينا
خَليلَيَّ اِهبِطا الوادي وَميلا / إِلى غُرَفِ الشُموسِ الغارِبينا
وَسيرا في مَحاجِرِهِم رُوَيداً / وَطوفا بِالمَضاجِعِ خاشِعينا
وَخُصّا بِالعَمارِ وَبِالتَحايا / رُفاتَ المَجدِ مِن توتَنخَمينا
وَقَبراً كادَ مِن حُسنٍ وَطيبٍ / يُضيءُ حِجارَةً وَيَضوعُ طينا
يُخالُ لِرَوعَةِ التاريخِ قُدَّت / جَنادِلُهُ العُلا مِن طورِ سينا
وَكانَ نَزيلُهُ بِالمَلكِ يُدعى / فَصارَ يُلَقَّبُ الكَنزَ الثَمينا
وَقوما هاتِفَينِ بِهِ وَلَكِن / كَما كانَ الأَوائِلُ يَهتِفونا
فَثَمَّ جَلالَةٌ قَرَّت وَرامَت / عَلى مَرِّ القُرونِ الأَربَعينا
جَلالُ المُلكِ أَيّامٌ وَتَمضي / وَلا يَمضي جَلالُ الخالِدينا
وَقولا لِلنَزيلِ قُدومَ سَعدٍ / وَحَيّا اللَهُ مَقدَمَكَ اليَمينا
سَلامٌ يَومَ وارَتكَ المَنايا / بِواديها وَيَومَ ظَهَرتَ فينا
خَرَجتَ مِنَ القُبورِ خُروجَ عيسى / عَلَيكَ جَلالَةٌ في العالَمينا
يَجوبُ البَرقُ بِاِسمِكَ كُلَّ سَهلٍ / وَيَختَرِقُ البُخارُ بِهِ الحُزونا
وَأُقسِمُ كُنتَ في لَوزانَ شُغلاً / وَكُنتَ عَجيبَةَ المُتَفاوِضينا
أَتَعلَمُ أَنَّهُم صَلِفوا وَتاهوا / وَصَدّوا البابَ عَنّا موصِدينا
وَلَو كُنّا نَجُرُّ هُناكَ سَيفاً / وَجَدنا عِندَهُم عَطفاً وَلينا
سَيَقضي كِرزُنٌ بِالأَمرِ عَنّا / وَحاجاتُ الكِنانَةِ ما قُضينا
تَعالَ اليَومَ خَبِّرنا أَكانَت / نَواكَ سِناتِ نَومٍ أَم سِنينا
وَماذا جُبتَ مِن ظُلُماتِ لَيلٍ / بَعيدِ الصُبحِ يُنضي المُدلِجينا
وَهَل تَبقى النُفوسُ إِذا أَقامَت / هَياكِلُها وَتَبلى إِن بَلينا
وَما تِلكَ القِبابُ وَأَينَ كانَت / وَكَيفَ أَضَلَّ حافِرُها القُرونا
مُمَرَّدَةَ البِناءِ تُخالُ بُرجاً / بِبَطنِ الأَرضِ مَحظوظاً دَفينا
تَغَطّى بِالأَثاثِ فَكانَ قَصراً / وَبِالصُوَرِ العِتاقِ فَكانَ زونا
حَمَلتَ العَرشَ فيهِ فَهَل تُرَجّي / وَتَأمَلُ دَولَةً في الغابِرينا
وَهَل تَلقى المُهَيمِنَ فَوقَ عَرشٍ / وَيَلقاهُ المَلا مُتَرَجِّلينا
وَما بالُ الطَعامِ يَكادُ يَقدى / كَما تَرَكَتهُ أَيدي الصانِعينا
وَلَم تَكُ أَمسُ تَصبُرُ عَنهُ يَوماً / فَكَيفَ صَبِرتَ أَحقاباً مَئينا
لَقَد كانَ الَّذي حَذِرَ الأَوالي / وَخافَ بَنو زَمانِكَ أَن يَكونا
يُحِبُّ المَرءُ نَبشَ أَخيهِ حَيّاً / وَيَنبُشُهُ وَلَو في الهالِكينا
سُلِلتَ مِنَ الحَفائِرِ قَبلَ يَومٍ / يَسُلُّ مِنَ التُرابِ الهامِدينا
فَإِن تَكُ عِندَ بَعثٍ فيهِ شَكٌّ / فَإِنَّ وَراءَهُ البَعثَ اليَقينا
وَلَو لَم يَعصِموكَ لَكانَ خَيراً / كَفى بِالمَوتِ مُعتَصِماً حَصينا
يُضَرُّ أَخو الحَياةِ وَلَيسَ شَيءٌ / بِضائِرِهِ إِذا صَحِبَ المَنونا
زَمانُ الفَردِ يا فِرعَونُ وَلّى / وَدالَت دَولَةُ المُتَجَبِّرينا
وَأَصبَحَتِ الرُعاةُ بِكُلِّ أَرضٍ / عَلى حُكمِ الرَعِيَّةِ نازِلينا
بِحَمدِ اللَهِ رَبِّ العالَمينا
بِحَمدِ اللَهِ رَبِّ العالَمينا / وَحَمدِكَ يا أَميرَ المُؤمِنينا
لَقينا في عَدُوِّكَ ما لَقينا / لَقينا الفَتحَ وَالنَصرَ المُبينا
هُمُ شَهَروا أَذىً وَشَهَرتَ حَرباً / فَكُنتَ أَجَلَّ إِقداماً وَضَربا
أَخَذتَ حُدودَهُم شَرقاً وَغَرباً / وَطَهَّرتَ المَواقِعَ وَالحُصونا
وَقَبلَ الحَربِ حَربٌ مِنكَ كانَت / نَتائِجُها لَنا ظَهَرَت وَبانَت
أَلَنتَ الحادِثاتِ بِها فَلانَت / وَغادَرتَ القَياصِرَ حائِرينا
جَمَعتَ لَنا المَمالِكَ وَالشُعوبا / وَكانَت في سِياسَتِها ضُروبا
فَلَمّا هَبَّ جورجِيَهُم هُبوباً / تَلَفَّتَ لا يُصيبُ لَهُ مَعينا
رَأى كَيفَ السَبيلُ إِلى كَريدٍ / وَكَيفَ عَواقِبُ الطَيشِ المَزيدِ
وَكَيفَ تَنامُ يا عَبدَ الحَميدِ / وَتَغفُلُ عَن دِماءِ العالَمينا
وَلا وَاللَهِ وَالرُسلِ الكِرامِ / وَبَيتِكَ خَيرُ بَيتٍ في الأَنامِ
لَما كانوا وَسَيفُكَ ذو اِنتِقامٍ / يُعادِلُ جَمعُهُم مِنّا جَنينا
رَأَيتَ الحِلمَ لَمّا زادَ غَرّا / وَجَرَّأَ مَلكَهُم حَتّى تَجَرّا
فَجاءَتكَ الدَعاوى مِنهُ تَترى / وَجاءَتهُ جُنودُكَ مُبطِلينا
بِخَيلٍ في الهِضابِ وَفي الرَوابي / وَنارٍ في القِلاعِ وَفي الطَوابي
وَسَيفٍ لا يَلينُ وَلا يُحابي / إِذا الآجالُ رَجَّت مِنهُ لينا
وَجَيشٍ مِن غُزاةٍ عَن غُزاةٍ / هُمُ الأَبطالُ في ماضٍ وَآتي
وَمِن كَرَمٍ أَذَلّوا كُلَّ عاتي / وَذَلّوا في قِتالِ المُؤمِنينا
أَبَعدَ بَلائِهِم في كُلِّ حَربٍ / وَضَربٍ في المَمالِكِ أَيِّ ضَربِ
تُحاوِلُ صِبيَةٌ في زِيِّ شَعبٍ / وَتَطمَعُ أَن تَدوسَ لَهُم عَرينا
جُنودٌ لِلجِراحِ الدَهرَ مِرهَم / يُدَبِّرُها البَعيدُ الصيتِ أَدهَم
فَأَنجَدَ في تَسالِيَةٍ وَأَتهَم / وَكانَت لِلعِدا حِصناً حَصينا
أَروتَرُ لا تَدُسَّ السُمَّ دَسّاً / وَمَهلاً في التَهَوُّسِ يا هَوَسا
سَلِ اليونانَ هَل ثَبَتَت لِرِسّا / وَهَل حُفِظَ الطَريقُ إِلى أَثينا
مَعاذَ اللَهِ كَلّا ثُمَّ كَلّا / هُمُ البَحّارَةُ الغُرُّ الأَجِلّا
وَما أُسطولُهُم في البَحرِ إِلّا / شَخاشِخُ ما يَرُحنَ وَما يَجينا
وَكَم بَعَثوا جُيوشاً مِن أَماني / أَتَت دارَ السَعادَةِ في أَمانِ
وَما سارَت سِوى يَومَي زَمانٍ / فَأَهلاً بِالغُزاةِ الفاتِحينا
وَكَم باتوا عَلى هَرجٍ وَمَرجِ / وَقالوا المالُ مَبذولٌ لِجورجي
وَكُلُّ المالِ مِن دَخلٍ وَخَرجٍ / دُيونٌ لا تُقَدِّرُها دُيونا
وَكَم فَتَحوا الثُغورَ بِلا تَواني / وَبِالأُسطولِ جاؤوا مِن مَواني
وَلِلبُسفورِ طاروا في ثَواني / فَأَهلاً بِالأَوَزِّ العائِمينا
وَفي الآسِتانَةِ اِنتَصَروا اِنتِصاراً / وَبُطرُسبُرجَ دَكّوها حِصارا
فَيا لِلمُسلِمينَ وَلِلنَصارى / وَقَيصَرَ وَالمُلوكِ الآخَرينا
وَيا غَليومُ أَينَ لَكَ الفِرارُ / إِذا جورجي وَعَسكَرَهُ أَغاروا
فَضاقَت عَن سَفينِهِمُ البِحارُ / وَضاقَ البَرُّ عَنهُمُ واجِفينا
أُمورٌ تَضحَكُ الصِبيانُ مِنها / وَلا تَدري لَها العُقَلاءُ كُنها
فَسَل روتَر وَسَل هافاسَ عَنها / فَإِنَّ لَدَيهِما الخَبَرَ اليَقينا
وَيَومَ مَلَونَ إِذ صِحنا وَصاحوا / ذَكَرنا اللَهَ مِن فَرَحٍ وَناحوا
وَدارَت بَينَهُم بِالراحِ راحُ / وَدارَت راحَةُ الإيمانِ فينا
عَلَى الجَبَلَينِ قَد بِتنا وَباتوا / وَقُتناهُم مَنِيَّتَهُم وَقاتوا
وَقَد مِتنا ثَباتاً وَاِستَماتوا / وَما البُسَلاءُ كَالمُستَبسِلينا
خَسَفنا بِالحُصونِ الأَرضَ خَسفاً / تَزيدُ تَأَبِّياً فَنَزيدُ قَذفا
بِنارٍ تَنسُفُ الأَجيالَ نَسفاً / وَتَلقَفُ نارَهُم وَالمُطلِقينا
مَدافِعُ ما تَثوبُ بِغَيرِ زادٍ / بَراكينٌ تَصوبُ بِلا نَفادِ
نَصَبناها لَهُم في كُلِّ وادي / فَكُنَّ المَوتَ أَو أَهدى عُيونا
جَعَلنا الأَرضَ تَحتَهُمُ دِماءَ / وَصَيَّرنا الدُخانَ لَهُم سَماءَ
وَإِذ راموا مِنَ النارِ اِحتِماءَ / حَمَت أَسيافُنا مِنهُم مِئينا
وَرُبَّ مُجاهِدٍ شَيخٍ مُبَجَّل / تَرَجَّلَتِ الجِبالُ وَما تَرَجَّل
أَرادَ لِيَركَبَ المَوتَ المُحَجَّل / إِلى أَجدادِهِ المُستَشهِدينا
وَفى لِجَوادِهِ وَحَنا عَلَيهِ / وَقَد شَخَصَت بَنادِقُهُم إِلَيهِ
وَصابَ رَصاصُها يُدمي يَدَيهِ / وَأَوشَكَتِ السَواعِدُ أَن تَخونا
تَعَوَّدَ أَن يُصيبَ وَأَن يُصابا / فَخوطِبَ في النُزولِ فَما أَجابا
وَقالَ وَقَد قَضى قَولاً صَوابا / هُنا فَليَطلُبِ المَرءُ المَنونا
وَقَد زادَ البَسالَةَ مِن وَقارِ / هِزَبرٌ مِن لُيوثِ التُركِ ضاري
تَقَدَّمَ نَحوَ نارٍ أَيُّ نارِ / لِيَسبِقَ نَحوَ خالِقِهِ القَرينا
جَرى فَأَذَلَّ هاتيكَ الأُلوفا / وَزَحزَحَ عَن مَواضِعِها الصُفوفا
فَخاضَ إِلى مَكامِنِها الحُتوفا / وَما هابَ الرُماةَ مُسَدِّدينا
دَعا لِلَّهِ في وَجهِ الأَعادي / كَلَيثٍ زائِرٍ في بَطنِ وادي
فَلَبَّتهُ الفَيالِقُ وَالأَرادي / وَدارَ هِلالُ رايَتِنا يَمينا
فَلَمّا أَذعَنوا أَنّا المَنايا / وَأَنّا خَيرُ مَن قادَ السَرايا
تَفَرَّقَ جَمعُهُم إِلّا بَقايا / عَلى قُلَلِ الجِبالِ مُجَندِلينا
صَلاةُ اللَهِ رَبّي وَالسَلامُ / عَلى قَتلى بِفِرسالو أَقاموا
هُمُ الشُهَداءُ حَولَ اللَهِ حاموا / فَأَدناهُم وَكانوا الفائِزينا
أَنالوا المُلكَ فَتحاً أَيَّ فَتحٍ / وَشادوا لِلخِلافَةِ أَيَّ صَرحِ
وَجاؤوا رَبَّهُم مِنهُم بِذَبحٍ / تَقَبَّلَهُ وَكانَ بِهِ ضَنينا
سَلاماً سَفحَ فِرسالو سَلاما / وَكُن خَيرَ المُقامِ لِمَن أَقاما
وَضَنَّ بِها وَإِن بَلِيَت عِظاماً / تُطيفُ بِها المَلائِكُ حائِمينا
أَأَدهَمُ هَكَذا تُقنى المَعالي / وَتُقنى بِالقَواضِبِ وَالعَوالي
لَقَد بَيَّضتَ لِلمُلكِ اللَيالي / بِسَيفٍ يَفضَحُ الفَجرَ المُبينا
أَخَذتَ النَصرَ بِالجَبَلَينِ غَصباً / وَكُنتَ اللَيثَ تَخطاراً وَوَثبا
حَمَلتَ فَماجَتِ الحُملانُ رُعباً / يَظُنُّهُمُ الجَهولُ مُقاتِلينا
وَفي فِرسالَ قَد جِئتَ العُجابا / بَسَطتَ الجَيشَ تَقرَؤُهُ كِتابا
وَقَد أَحصَيتَهُ باباً فَبابا / وَكانوا عَن كِتابِكَ غافِلينا
ثَبَتَّ مُؤَمِّلاً مِنكَ الثَباتُ / تُوافيكَ الرَسائِلُ وَالسُعاةُ
وَحَولَكَ أَهلُ شوراكَ الثُقاتُ / تَسوسونَ الجُيوشَ مُظَفَّرينا
هُناكَ الصُحفُ سارَت حاكِياتٍ / وَطَيَّرَتِ البُروقُ مُحَدِّثاتِ
وَحَدَّثَتِ المَمالِكُ آخِذاتِ / عُلومَ الحَربِ عَنكُمُ وَالفُنونا
بَني عُثمانَ إِنّا قَد قَدَرنا / فُتوحَكُمُ الكِبارَ وَقَد شَكَرنا
سَأَلنا اللَهَ نَصراً فَاِنتَصَرنا / بِكُم وَاللَهُ خَيرُ الناصِرينا
سَمِعتُ بِأَنَّ طاووساً
سَمِعتُ بِأَنَّ طاووساً / أَتى يَوماً سُلَيمانا
يُجَرِّرُ دونَ وَفدِ الطَي / رِ أَذيالاً وَأَردانا
وَيُظهِرُ ريشَهُ طَوراً / وَيُخفي الريشَ أَحيانا
فَقالَ لَدَيَّ مَسأَلَةٌ / أَظُنُّ أَوانَها آنا
وَها قَد جِئتُ أَعرضُها / عَلى أَعتابِ مَولانا
أَلَستُ الرَوضَ بِالأَزها / رِ وَالأَنوارِ مُزدانا
أَلَم أَستَوفِ آيَ الظَر / فِ أَشكالاً وَأَلوانا
أَلَم أُصبِح بِبابِكُم / لِجَمعِ الطَيرِ سُلطانا
فَكَيفَ يَليقُ أَن أَبقى / وَقَومي الغُرُّ أَوثانا
فَحُسنُ الصَوتِ قَد أَمسى / نَصيبي مِنهُ حِرمانا
فَما تَيَّمتُ أَفئِدَةً / وَلا أَسكَرتُ آذانا
وَهَذي الطَيرُ أَحقَرها / يَزيدُ الصَبَّ أَشجانا
وَتَهتَزُّ المُلوكُ لَهُ / إِذا ما هَزَّ عيدانا
فَقالَ لَهُ سُلَيمانٌ / لَقَد كانَ الَّذي كانا
تَعالَت حِكمَةُ الباري / وَجَلَّ صَنيعُهُ شانا
لَقَد صَغَّرتَ يا مَغرو / رُ نُعمى اللَهِ كُفرانا
وَمُلكُ الطَيرِ لَم تَحفِل / بِهِ كِبراً وَطُغيانا
فَلَو أَصبَحتَ ذا صَوتٍ / لَما كَلَّمتَ إِنسانا
ألا هل لي بلقياه يدانِ
ألا هل لي بلقياه يدانِ / حبيب شأنه عجب وشأني
إذا دنت الديار به فناء / وإن نأت الديار به فداني
يودّ الليل لو ندنو كلانا / ويدخر النهار لنا التهاني
وتأتي شقوتي بالذنب عندي / لها لا للزمان ولا المكان
جلوسك أم سلام العالمينا
جلوسك أم سلام العالمينا / وتاجك أم هلال العز فينا
ملكت فكنت خير المالكينا / وأنت أجلهم دنيا ودينا
سرير لم يكن بالمطمئن / وملك غادروه بغير ركن
نهضت تقيم مائله وتبنى / فكنت الركن والسبب المتينا
وَلِيتَ الأمر أقدرَ من يليه / تخاف الله فيه وترتجيه
وتمحو آية العهد السفيه / وتجمع كلمة المتفرّقينا
بوقت فيه للمك انقلاب / وللعرش اهتزاز وأضطراب
فقمت فقرّ في يدك العباب / وأوشكت العواصف أن تدينا
بوقت فيه للأعدا دبيب / إذا ما راح ذيب جاء ذيب
لكل حزبه وبه يريب / وكنت لربك الحزب الأمينا
عداوات ينشن الملك لدًَّا / وأحزاب من الأتراك أعدى
تخذت البعض ضدا البعض جندا / فغال المفسدون المفسدينا
تغيرت الرجال فلا رجال / وزَيَّنَ للغَرورين الضلال
فراموا والذي راموا محال / ومن يرم المحال فلن يكونا
تمنوا للعدو كما تمنى / ولما يسألوا الأحياء عنا
فلا تتشبهوا يا قوم إنا / عرفنا مصر المتشبهينا
حجابك عند يلدزك الجلال / وأنت لها وللدنيا جمال
تنال الخافقين ولا تُنال / إذا قلبتَ في الأفق الجفونا
يرفِّعك المقام عن أبتذال / وعن عبث الحوادث والرجال
ومن يك ملكه حرب الليالي / يجد لصروفها وله شؤونا
تعالجهنِّ في سلم وحرب / وتلقاهنِّ في شرق وغرب
وتدفعهنّ من بعد وقرب / وتثنيهن حتى ينثنينا
وحيدا تستعان ولا تعان / كأنك في تفرّدك الزمان
ولكن أنت منه لنا أمان / وأكبر أن تخون وأن تمينا
تلذ بما يشقّ على العباد / وتنعم بانفرادك والسهاد
رويدا في جفونك والفؤاد / ومهلا يا أمير المؤمنينا
وقبلك لم يُنم عمرَ الأنام / وقد سهرت رعيته الكرام
وقومك عند مرقدهم نيام / فهل تحصى على القوم السنينا
تردّ على الليالي كل سهم / ولا يرددن سهمك حين ترمى
تجير على حوادثها وتحمى / ولا يحمين منك المحتمينا
وكم كرب كشفت وعظم هول / بفعل منك لم يسبق بقول
وأسطول رددت بغير حول / تشيِّعه الخلائق ساخرينا
جمعت الأمر حين الأمر فوضى / وشرَّفتَ اللواء وكان أرضا
وحصنت القرى طولا وعرضا / بآساد يهيبِّن العرينا
وكم لك من فيالق من طراز / غدوا خير الجنود لخير غاز
إذا زحموا الضياغم في مجاز / أبادوها وكانوا العابرينا
سلاح من سلاح الموت أمضى / إذا الإيمان يوم الروع أنضى
وبأس ينزل الأجبال أرضا / ويركبها إلى الهيجا متونا
نظمت الجيش بالقلم الحميد / كنظمي فيك أبيات النشيد
فإن فتشت عن بيت القصيد / قرأت الفتح والنصر المبينا
وفتح في العدوّ لنا جليل / شفعناه من الصفح الجميل
بأجمل منه من فعل الجميل / فكنا القادرين الصافحينا
بطشت فلم تدع لهمو وجودا / وكان البطش إشفاقا وجودا
صدقت قياصر العصر الوعودا / تريهم كيف عهد الظافرينا
وقائع في الزمان هي الجسام / إذا ذكرت لنا سأل الأنام
أجيش للخليفة أم غمام / أظلَّ تساليا سمحا هتونا
وقبل النصر نصر قد تجلى / عُلاً في العصر آثارا وجلّى
ظهرت على الحوادث وهي جُلى / وأكمدت العدا والشامتينا
تخبط قومه فيك الخطيب / يريبك في المجامع ما يريب
فما سمع الهلال ولا الصليب / بغيرك في عقاب المعتدينا
يزيد سفاهة فتزيد حلما / لأنت أجل أخلاقا وأسمى
فكنت لساكن البلقان سلما / وكان محرّك الشر الكمينا
كفيت الخلق نارا قد أثارا / وللشرف الرفيع أخذت ثارا
وقد يمحو بك الإسلام عارا / إذا الإسلام في يوم أُهينا
بحزم ليس من قال وقيل / وعز ليس بالرجل العليل
وبطش من يدَى سمح منيل / كريم معرق في الأكرمينا
أسود الترك هبى ثم هبى / وهزى الأرض في شرق وغرب
بمن يزجي الجيوش ومن يعبى / ومن يحمى المواقع والحصونا
وحيِّى من أقامك يا قلاع / ومن لك تحت رايته أمتناع
فليس كهذه بشرى تذاع / ولا كجلوس ربك تعلنينا
أشيري يا أرامل للسماء / ويا أيتام ضجوا بالدعاء
ويا شهداء ناجوا بالبقاء / إذا سُمع الملائك هاتفينا
إذا شاقتكم الأوطان يوما / أو أشتقتم بها أهلا وقوما
فناموا في أمان الله نوما / فكل عند خير الكافلينا
أربَّ العيد هذا العيد يُجلَى / وكم لك من دعاء فيه يتلى
ولكن شاعر الإسلام أعلى / وأوقع في نفوس المسلمينا
لقد بيضت للملك الليالي / فليل الملك بالزينات حالي
وكم لك في القلوب من احتفال / يكاد الجسم عنه أن يبينا
وهذى مصر باسطة اليدين / تؤدّى من ولائك خير دين
وتلحظ عيدك الأسنى بعين / تفاجى بالهوى تلك العيونا
فهل عند الإمام لها قبول / وهل نحو الإمام لها وصول
فتشكو من جراح ما تزول / وكيف يزول ما بلغ الوتينا
أتتك تغض من طرف الحياء / تتوب إليك من ماضي الرياء
وتبسط في ثراك يد الرجاء / وتُلقى فيه آمال البنينا
فقابلها بعطفك والنوال / وأنزلها بسوحك والظلال
أدام الله ذاتك للمعالي / وأيَّد تاجها ورعى الجبينا
يقول اليوم بطرس يا لقومي
يقول اليوم بطرس يا لقومي / تعالوا بالصدارة هنئوني
لئن أنكرتمو منى أمروا / متى أضع العمامة تعرفوني
دع الأبرق والبانا
دع الأبرق والبانا / وخذ واد حمّانا
هو الفردوس قد قام / به الشاغور رضوانا
إذا استرسل أو شف / رأيت الحسن عريانا
وإن صوّت أو رنّ / وجدت القاع آذانا
تراه في الضحى ماسا / وفي الآصال عقبانا
وطير العشق لا يأوى / سوى الشاغور بستانا
فما حلّق أو صفق / إلا اصطاد إنسانا
يحس القلب للقلب / صبابات وأشجانا
ترى في منزل ميا / وفي آخر غيلانا
وذى سلمى وذا حمدى / يبثانك ما كانا
رواياتهما زادت / أحاديث الهوى شانا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025