ومضطغن على الألباب قاس
ومضطغن على الألباب قاس / يرى ويقول بالرأي القديم
يحدِّث عن أب فأب مجوس / إلى هابيل كالليل البهيم
أبوه أخوه وهو أخو بنيه / ولا السّيْرانِ قدَّا من أديم
له في النور والظلمات عقد / بطيء الحل ممنوع الأديم
تخير من أديم الحزن أرضاً / عذاة الترب طيبة الأروم
وعَرَّش فوقنا فالطرف فيها / يسير على صراط مستقيم
وحصَّنها بعيدان طوال / وزينها بقضبان الكروم
وحاز لها من الأنهار فحلاً / فأهداها إلى كفؤ كريم
فأولدها بنين ولم تخنه / وَرُبَّتَ لائم فيها مليم
وأقبل ربها يسعى إليها / ضحى في سمت لقمان الحكيم
فأبصر غِلمة كالصبح بيضاً / لهن وغلمة مثل الصريم
فصعر خده غضباً عليها / وزناها ببهتان عظيم
قضى بسواد ذا وبياض هذا / كما ولد الصبيح من الدميم
فقال جزى العواهر ما جزاها / وسمن كل جانية ظلوم
ألم ترضين أن تزنين حتى / تَماريتُن في علم النجوم
وجرَّد مدية كالماء أبقت / على أوداجها أثر الكلوم
فما أرعى على أم ثكول / ولا أبقى على ولد يتيم
وجاء بهن أمثال السبايا / على لونين من حبش وروم
فداس بطونهن بِرَكْل علج / أشق كظل شيطان رجيم
فسالت بالدم الأنهار حتى / تركن القاع أحمر كالديم
ولما أن قضى الأوطار منها / وميزت الدماء من اللحوم
أشار بحسها لتزيد غماً / على ما حملته من الغموم
فأودعها من المغشى سموماً / تطابق تحت أعراق النجوم
فوافاها من النجدين شيخ / ترى ما لا ترى عين النديم
فقص عليه قصة ما أجابت / وقال ولم تدعها كالهشيم
حلفت لنشربن دم الزواني / وننتصرنّ للدين القديم
وفض الختم عن صافي الْحُمَيّا / ورد الطين في داني النسيم
ولما ذاقها والطعم مر / وقوس الظهر ظاهرة الوضوم
أعادت سِنه جَذَعاً وردت / ضراءة ذلك العظم الرميم
وجازته عن السوءَى بحسنى / فيا للّه للطبع الكريم
وفتيان كمجتمع الثريا / على طرف من العيش الرخيم
يساقيهم من الفتيان أحوى غضي / ض الطرف ذو كشح هضيم
تنادوا للمدام وعنفوني / وقالوا هاك حظك من نعيم
فقلت أخاف عقباها ولكن / أشيعكم إلى باب الجحيم