المجموع : 5
لفقدِ أخٍ كفقدِ البدرِ لمَّا
لفقدِ أخٍ كفقدِ البدرِ لمَّا / تكاملَ واستوى بين النُّجومِ
تصاحَبْنَا على حُبٍّ عفيفٍ / فصار بنا إِلى وُدٍّ كريمِ
ولم يكُ شكلُه شكلي ولكنْ / جناياتُ القلوبِ على الجُسومِ
رَضِيتُ به من الدنيا نصِيباً / فصار الدهرُ فيهِ من خصومي
بَنَيْتُ بها فما استكملتُ عُرْسِي
بَنَيْتُ بها فما استكملتُ عُرْسِي / إِلى أن قيلَ مأتمُها أُقِيما
يعزُّ عليَّ أنْ آنستِ قبراً / حللتِ به وأوحشتِ الحريما
فيا لَكَ منزلاً قد عادَ قَفْراً / ويا لكِ جنّةً صارت جحيما
وكنتُ إِذا اعتراني الهمُّ آوي / إِلى بيتي فيُنْسيني الهُموما
فصِرتُ إِذا أوَيتُ على نشاطٍ / إليهِ هاجَ لي وجداً قديما
فلو أنَّ الدموعَ كلمنَ خَدَّاً / تركن بصفحتَيْ خدِّي كُلوما
ولو أنَّ الهمومَ جلبنَ حَتْفَاً / بعيداً كنتُ مُذْ زمنٍ رَمِيما
وجادَ لنا الزمانُ بجمعِ شملٍ
وجادَ لنا الزمانُ بجمعِ شملٍ / تألَّفَ بعدَ ما انقطعَ النِظامُ
مُدامٌ تُشبهُ التفاحَ ذوباً / وتُفاحٌ كما جَمدَ المُدُامُ
ومن نسجِ الربيعِ محبَّراتٌ / تأنَّقَ في حواشيها الغَمامُ
وأصوات المثالثِ والمثاني / كما سجَعتْ على الأيكِ الحمامُ
وريّانُ الصِبّا للحُسْنِ فيهِ / بدائعُ لا يُحيطُ بها الكلامُ
له من فتلِ صدغيهِ نجادٌ / ومن ألحاظِ عينيهِ حُسَامُ
ومجلسُنا على ما فيه يُرمَى / بنُقصانٍ وأنتَ له تَمامُ
ولا تعتلَّ بالأشغالِ واحضرْ / على عَجَلٍ وإِلّا فالسلامُ
متى ما تَلْقَ دهْرَكَ وهو حربٌ
متى ما تَلْقَ دهْرَكَ وهو حربٌ / فإِن أخاك درعُكَ والحُسَامُ
يُضامُ المرءُ منفرداً وحيداً / وينصُرهُ أخوهُ ولا يُضَامُ
كذاك القِدْحُ يُكْسَرُ وهو فَرْدٌ / ويُشفَعُ بالقِداحِ فلا يُرامُ
عليك أقمتُ أرسالَ الكلامِ
عليك أقمتُ أرسالَ الكلامِ / فما طاشتْ ولا أشوت سِهامي
وفيك أسَرِّبُ الحُذَّ السواري / كما تسرى الحُميَّا في العِظامِ
شواردُ لا يزالُ بهن أنسٌ / يُحَلُّ لحسنِها طوقُ الحمامِ
ثناءٌ مثلُ ما تُثني رياضٌ / بريِّقِها على نعمِ الغَمامِ
يحُلُّ نياطَهُ طبعٌ ذكيٌّ / يُكِبُّ لهيبَهُ عذبُ الضرامِ
وهل كلمي لغير أخي حفاظٍ / يحلُّ من المكارمِ في السَّنامِ
لهُ في كلِّ معضلةٍ غناءٌ / يُفيض مدامعَ السمرِ الدوامي
وودٌّ مثلُ ماءِ الكرم صافٍ / يرقُّ غَيايَةَ الطبع الرُكامِ
يريع إِلى حفافيهِ المساعي / ويعقد راية الرتبِ السوامي
إِذا جاثى القرينَ يفيءُ عنهُ / وقد أغرى به رَتْكَ النَّعامِ
ترقرقُ في شمائلهِ المساعي / وقاراً دونهُ رَعْنا شمامِ
أراكَ تُعيرُنِي نظراً جليلا / تُبَلُّ بمثلِه الغُلَلُ الظوامي
ولم تَبْصُرْ سوى نهضاتِ صَقْرٍ / مَهيضِ الريشِ مكسورِ العُرامِ
تفيَّضَ طبعُهُ حتى تراهُ / يَنِزُّ بقولِه نزَّ الفِدامِ
فكفكفَ غربَهُ غَصّاتُ دهرٍ / تُديرُ عليه كاسات السِّمامِ
وزعزع ركنَهُ بلوى زمانٍ / تحيَّف بدرَهُ قبلَ التمامِ
يسائلُ دهرَه عن ردِّ حظٍّ / يردُّ العيشَ فاتِرة البُغَامِ
وأنّى بالجليَّةِ عن مَرامٍ / ترفَّع صدقُ ذلك عن عِصامِ
وأنَّى يُستنام إِلى مجيبٍ / يُناصحُ بعدما كَذَبَتْ حَذامِ
لعلكَ يا إِمام تردُّ عِقدي / بعَيْدَ الفَضِّ محروسَ النِظامِ
وتعطِفُ لي زماناً قد تولَّى / ولوَّى عِطْفَهُ ليَّ الزِّمامِ
وتوردُني وقد جفَّتْ لهاتى / مواردَ طُفَّحاً زُرْقَ الجِمَامِ
وتعقِدُ نعمةً غرَّاءَ عندي / يعِزُّ بها على الدهرِ انتقامي
وتصدم منكبَ الأيامِ عني / بعَطفةِ منعمٍ حِدبٍ محامي
وترْجعُ كيدَها عنّي مَهينا / كليلَ الغرب محدودَ اللثامِ
وتُطلِعُ في جنابي منك شمساً / تُزَحزِحُ عنهُ أغباشَ الظلامِ
فتنزلُ بي وتملِكُ رقَّ شكري / على الأيام بالمِنن الجِسامِ