المجموع : 10
بَنِي بَكرٍ وما يُغني الملامُ
بَنِي بَكرٍ وما يُغني الملامُ / تَلَظَّى البأسُ وانتقضَ الحُسامُ
ذِمَامٌ صادِقٌ ودَمٌ حَرَامُ / وَعِزٌّ من خُزاعَةَ لا يُرامُ
يَقومُ عليه حامٍ لا يَنامُ /
أعانكم الأُلى نَبَذُوا الوفاءَ / وَراحَ القومُ يمشونَ الضَّراءَ
وما تَخفَى جَريرَةُ مَن أساءَ / سُيوفُ مُحمّدٍ جُعلتْ جَزاءَ
فما البَغْيُ الذَّميمُ وما العُرامُ /
قَتلتُم من خُزاعَةَ بالوتيرِ / رِجالاً ما أتاهم من نَذيرِ
لَبِئْسَ الغدرُ من خُلُقٍ نكيرِ / ويا للناسِ للحَدَثِ الكبيرِ
أكان محمدٌ مِمّن يُضَامُ /
أَتَوْهُ يَنشدونَ الحِلْفَ وَفْدا / تَهُدُّ شَكاتُهُ الأحرارَ هدّا
فقال لهم نُصِرتُم واسْتَعَدَّا / وَرَاحَ يَسوقُهُ للحربِ جُنْدَا
تُظلّلهُ الملائِكةُ الكِرامُ /
أبا سُفيانَ ذلك ما تراهُ / هو البأسُ المصمِّمُ لا سِواهُ
أليسَ الحِلفُ قد وَهنتْ عُراهُ / فكيف تُشَدُّ بعدئذٍ قُواهُ
أبا سُفيانَ ليس لكم ذِمامُ /
كتمتَ الحقَّ تطمعُ في المحالِ / فما بالُ الثِّقاتِ من الرجالِ
فتحتم بالأذى بابَ القتالِ / فما دُونَ اللقَاءِ سِوَى ليالِ
وَيَفتحُ مَكَةَ الجيشُ اللُّهامُ /
دَعِ الأرحامَ ليس لكم شفيعُ / لقد حَاولْتَ ما لا تستطيعُ
رُويدَكَ إنّه الرأيُ الجميعُ / وإنّ اللهَ ليس له قَرِيعُ
تَعالَى جَدُّهُ وَسَمَا المقامُ /
رَجعتَ وأزعجتكَ الحادثَاتُ / فَسِرْتَ تقولُ هل قَدمَ الغُزاةُ
نَعَمْ قَدَم الميامينُ الهُداةُ / وتلكَ جِيادُهم والمُرهفاتُ
فَدَعْ دينَ الغُواةِ وقُلْ سَلامُ /
أبا سُفيانَ هل أبصرتَ نارا / كنارِ القومِ إذ باتوا سُهارى
أَبَتْ وأَبَوْا فما تألو استعارا / ولا تُحْصَى وإن عُدَّت مِرارا
هو الفَزَعُ المؤجَّجُ لا الضَّرامُ /
لقد أنذرتَ قومَكَ فاستطاروا / وراحوا ما يقرُّ لهم قَرَارُ
نَبَتْ بهمُ المنازلُ والديارُ / وضاقَ سبيلهُم فيها فحاروا
وقال سَرَاتُهُم خطْبٌ جُسَامُ /
فدعهُم يا ابن حربٍ تَلْقَ رُشْدَا / وبالحقِّ اعتصِمْ فالحقُّ أجدى
سبيلَ مُحمّدٍ فَاسْلكه أهدى / وخذه يا ابن حربٍ منه عهدا
لِبيتِكَ فيه من شرفٍ دِعامُ /
مع العباس سِرْتَ إلى الرسولِ / لأعظَمِ مطلبٍ وأجلِّ سُولِ
لِدينِ اللهِ دينِ ذوي العُقُولِ / مِنَ النَّفرِ المساميحِ العُدولِ
صَدقْتُكَ ليس كالنّورِ الظّلامُ /
لَقيتَ مُحمداً حُرّاً رشيدا / فَعُدْتَ بِيُمنِهِ خَلقاً جديدا
هُدِيتَ وكنتَ جَبَّاراً عَنيداً / هَنيئاً فاصحبِ الجَدَّ السعيدا
بما أولاك صاحبُكَ الهُمامُ /
أصبتَ الخيرَ أجمعَ والرشادا / على يدِهِ وَنِلْتَ به المُرادا
أفادَكَ يا ابن حربٍ ما أفادا / فباركَ فيكَ ربُّكَ ثم زادا
وعند الله يُلْتَمَسُ التّمامُ /
نظرتَ فهل رأيتَ أشدَّ صبرا / وأحسنَ منظراً وأجلَّ قَدْرا
كتائبُ من جُنودِ اللّهِ تَتْرَى / تَمُرُّ عليكَ واحدةً فأخرى
لها مِن دِينِها العالي نِظامُ /
تُكبِّرُ رَبَّها وتَراهُ حقّا / وتَبذُلُ فيه أَنْفُسَها فَتَبْقَى
لَكَ البُشْرَى نعمتَ وكنتَ تشقى / فماذا من أيادِي اللهِ تَلْقَى
لقد جَلَّتْ فليس لها انصرامُ /
لَنِعْمَ الصّاحبانِ الناجيانِ / على طُولِ التَّرَدُّدِ والتَّوانِي
حكيمٌ وابن ورقاءَ اللذانِ / أرادا اللَّهَ فيما يَبغيانِ
فليس بغير سُنّتِهِ اعتصامُ /
كِلا الرجلينِ غِطريفٌ كريمُ / له في قومِهِ حَسَبٌ قَدِيمُ
زعيمٌ جاءَ يصحبه زعيمٌ / كذلك يظهر الدينُ العظيمُ
فتعرفُهُ الغطارفةُ العِظَامُ /
مَضَى لك يا حكيمُ ولابن حربِ / قَضَاءٌ زادَ حُبّاً كُلَّ قلبِ
ومَن أولَى من الهادِي بِحُبِّ / وأجدرُ من عشيرتِهِ بِقُربِ
قريشٌ قومه وهو الإمامُ /
إذا جَعَلتْ قلوبُ الناسِ تهفو / فمن بَيْتَيْكُما حِرْزٌ وكَهْفُ
وعندكما ظِلالُ الأمن تضفو / وَوِرْدُ العيشِ للوُرّادِ يصفو
هما البيتانِ كُلّهما حَرامُ /
وفي حَرَمِ اللّواءِ لكلِ نَفْسِ / تَلُوذُ بهِ كِفايَةُ كُلِّ بأسِ
يَراهُ سَراةُ مَكّةَ فوق رَأْسِ / لِميمونِ النَّقيبةِ غيرِ نِكْسِ
مِنَ النفرِ الأُلَى صَلُّوا وصَاموا /
لِواءُ أبي رُوَيْحَةَ ما أعزّا / لِواءٌ قامَ للإيمانِ رَمْزا
يَهُزُّ قُلوبُ أهلِ الشِّركِ هَزّا / وَيترُكُ بأسَهُمْ ضَعْفاً وعَجْزا
فَمَنْ للقومِ إن وَقَعَ الصّدامُ /
قُدومٌ من أبي مُوسَى الهُمامِ
قُدومٌ من أبي مُوسَى الهُمامِ / وَوفدِ الأشعريِّينَ الكِرامِ
وَعَوْدٌ من غريبِ الدارِ ناءٍ / رَمى برحالهِ للبَيْنِ رامِ
يَفرُّ بدينِهِ ويُريدُ ربّاً / أقامَ رسولُه دينَ السّلامِ
أبا مُوسَى لَك البُشْرَى وأهلاً / بركبكَ في حِمَى خَيرِ الأنامِ
لَقيتَ مِنَ الأحبَّةِ كلَّ سمحٍ / وفيِّ العهدِ مأمونِ الذّمامِ
وَنِلتَ بدارِهم ما رُمتَ منهم / فهل لك بعد ذلكَ من مرامِ
إذا رقَّتْ قلوبُ القومِ كانت / بعافيةٍ من الدّاءِ العُقامِ
تَجولُ حقائقُ الأشياءِ فيها / فَمنِ غَلَقٍ يُفَضُّ ومن خِتامِ
وتُوقِظُها إذا الأكوانُ نامتْ / فما تلهو بأحلامِ النِّيامِ
إلى الإيمانِ والحِكَمِ الغوالي / سما نَسَبٌ بكم عالي المقامِ
شهادةُ أصدقِ الشُّهداءِ طُرّاً / وأنطقِهم بمأثورِ الكلامِ
أبا موسى نَهضتَ إلى محلٍّ / يَشُقُّ على ذَوِي الهِمَمِ العِظامِ
وَفُزْتَ بها حياةً ما لنفسٍ / تُجانِبُها سِوى الموتِ الزُّؤامِ
نِظامُ الدِّينِ والدنيا جميعاً / وهل شيءٌ يكونُ بلا نِظامِ
بنى ثعلبة هُبّوا
بنى ثعلبة هُبّوا / فإنّ الليثَ قد عَزَمَا
رماكم بابن حارثةٍ / رسولُ اللهِ حِينَ رَمَى
زعمتم أنه هو زَعْ / مَ من يَهْذِي وما عَلِما
فَطَارَتْ قَبلَ مَقدمِهِ / نفوسٌ أُشعِرتْ لَمَمَا
ونِعمَ أخو الوغَى زيدٌ / إذا ما جَدَّ فَاقْتَحَما
يَخوضُ النّقعَ مُرتَكماً / ويَحمِي السيفَ والعَلَمَا
تَولَّى جَمعُهُم فَرَقاً / ولَو لاقاهُ ما سلما
لَبِئْسَ الجمعُ ما صَدَقَتْ / قُواهُ وبئسَ ما زَعَما
تلمَّسَهُ ابنُ حارثةٍ / فلا صَدَدَاً ولا أَمَمَا
تَسَرَّبَ في مَخابِئِهِ / فكان وُجُودُه عَدَما
هَلُمَّ هَلُمَّ يا زيدٌ / هَلُمَّ الشاءَ والنَعَمَا
رُوَيْدَ القومِ هل طلبوا / سِوَى ما يُعجِزُ الهِمَمَا
مَضُوا في إثرِهِ ومَضَى / يَجُرُّ حُسامَه قُدُما
فما بَلغُوه إذ جَهَدوا / ولا رَزأُوهُ ما غَنِمَا
رُوَيْداً عابِدِي الأَصْنا / مِ إنّ اللهَ قد حَكَما
رَضِيتُمْ ظُلمَ أَنْفُسِكُمْ / فأَرْدَاكُمُ وما ظَلَمَا
مُحمّدُ يا ابنَ مَسلمةٍ سَلامُ
مُحمّدُ يا ابنَ مَسلمةٍ سَلامُ / وَحمْدٌ من شعائرِه الدَّوامُ
إلى القُرَطاءِ لا كانوا رِجالاً / هُمُ البرحاءُ والدَّاءُ العُقَامُ
رِجالُ السُّوءِ لا حَقٌّ يؤدَّى / لخالِقهم ولا دِينٌ يُقامُ
تَنبَّهتِ القواضِبُ والعَوالي / بأيدِي الفاتِحينَ وهُمْ نِيامُ
بَنِي بَكْرٍ ألمّا تُبصِروها / يَشُبُّ ضرامَها البطلُ الهُمامُ
ألا إن السريَّةَ فَاحْذَرُوها / لَيرهَبُ بَأسَها الجيشُ اللُّهامُ
هُمُ الأبطالُ عِدَّتهمُ قليلٌ / ومَشهدُهم كَثيرٌ لا يُرامُ
تقدَّمَ عابِدٌ ومَشى إليهم / عِبادُ اللَّهِ وَاسْتَعَر الصّدامُ
فَتِلكَ جَماجِمُ القَتْلَى وَهذي / فلولُ القومِ ليس لها نِظامُ
وخُلِّيتِ النّساءُ فلا ذِمارٌ / لِبَكْرِيٍّ يُصانُ ولا ذِمامُ
وليسَ لِعرضِ مَغلوبٍ وقاءٌ / ولكنَّ الألى غَلبوا كِرامُ
أعِفَّاءُ النُّفوسِ ذَوِي حِفاظٍ / عليهم كلُّ فاحشةٍ حَرامُ
هُوَ الإسلامُ إحسانٌ وَبِرٌّ / وأخْذٌ بالمُروءةِ وَاعْتِصامُ
تَخَلَّوْا عن حَلائِلهم فَرُدَّت / عليهم تِلكُمُ المِنَنُ الجِسامُ
بَني بكرٍ غَدَا الوادي خَلاءً / فأين الشّاءُ والكُومُ العِظامُ
وأين ثُمامةُ بنُ أثالِ هَلّا / حَمَتْهُ حَنِيفَةٌ ممّا يُسامُ
يُسامُ الهُونَ ما جزِعتْ عليهِ / ولا بَكتِ اليمامةُ إذ يُضامُ
أما بَصُرتْ بسيِّدها ذليلاً / عَبوسَ الوجهِ يَعْلُوه القَتامُ
أصابَ مِنَ الرّسولِ حِمىً مَنيعاً / وكَهْفاً فيه للهِمَمِ ازْدِحامُ
أصابَ قِرىً يُحدِّثُ عن جَوادٍ / يُصيبُ الرِيَّ من يَدِهِ الغَمامُ
أصابَ كرامةً وأفادَ خيراً / فلا مَثْوَىً يُذَمُّ ولا مُقامُ
تَعهَّدَهُ كَرِيمٌ أرْيَحِيٌّ / لهُ في كلِّ آونةٍ لِمامُ
ثُمامةُ كيفَ أنتَ وأيُّ نُعْمَى / ظَفِرْتَ بها فأعْوَزَها التَّمامُ
أما مُكِّنتُ مِنكَ وكنتَ خَصماً / تَفاقَمَ شَرُّه وطَغى العُرامُ
طَحَا بِكَ مِن مُسَيْلَمةٍ خَبالٌ / فلا رَسَنٌ يُرَدُّ ولا زِمامُ
يَقولُ لئن أردت اليومَ قتلي / فلا شكوىَ لديَّ ولا مَلامُ
وإن يكُ مِنكَ مغفرةٌ وعَفْوٌ / شكرتُكَ والقَوِيُّ له احْتِكَامُ
هَداهُ إلى سَبيلِ اللهِ هادٍ / له بِمَخائلِ الخيرِ اتِّسامُ
ثُمامَةُ لا تَخَفْ ما عِشْتَ شَرّاً / تَجلَّى النُّورُ وانْقَشَعَ الظّلامُ
إلى البيتِ العتيقِ فَسِرْ رَشيداً / ولا يَحْزُنْكَ عَتْبٌ أو خِصامُ
تأجّجَ في صُدورِ القومِ غَيظٌ / له في كلّ جانحةٍ ضِرامُ
أتُسلِمُ يا ثمامةُ إنّ هذا / وإنْ كَذَّبْتَنا لَهُوَ الأثامُ
ثُمامةُ خُنْتنا وَصَبأْتَ عنّا / فليس لِصَدْعِ أنفُسِنا الْتِئَامُ
لأنتَ لنا عدوٌّ نتّقيهِ / فلا صُلحٌ يكونُ ولا سَلامُ
ألا فَدَعُوا الجَهالةَ وَاسْتَفِيقُوا / فما يُغْنِي عَنِ الغَيْثِ الجَهامُ
حذار فَما ثُمامةُ غير عَضْبٍ / لكم في حَدِّهِ الموتُ الزُّؤامُ
يَقولُ لكم لئن لم تَتْبَعُوني / لسوفَ يُيبدُكم منِّي انتقامُ
أسُدُّ عليكمُ الأسواقَ حتّى / يَصيحَ جِياعُكم أينَ الطّعامُ
أبَوْا فأذاقَهم منه عَذاباً / غَراماً ما لدائِبهِ انْصِرامُ
أذابَ الجوعُ أنفسَهم فَضَجُّوا / وَضَجَّتْ في جُلودِهمْ العِظامُ
أهابوا بالنبيِّ ألا أغِثْنا / فما يُرضيكَ أن يَشْقَى الأنامُ
أغِثْنا إنّها يا خيرَ مَولىً / عُرَى الأرحامِ ليس لها انْفِصامُ
رُمِينا من ثُمامةَ بالدَّواهِي / وفي يَدِكَ الكِنانةُ والسِّهامُ
نَهاهُ فلا دَمٌ في الحيِّ يُشوَى / ولا شَيْخٌ يَجوعُ ولا غُلامُ
تدارَكَ فَضلُهُ منهم نُفوساً / تَمنَّتْ لو تَدَارَكها الحِمامُ
فأمسى الأمرُ فيهم مُستقيماً / ولو عَرَفوا المحجَّةَ لاسْتَقاموا
دَعونا نَبتدِر وِردَ الحِمامِ
دَعونا نَبتدِر وِردَ الحِمامِ / لِيُطفئَ بَردُه حَرَّ الأَوامِ
دَعونا إِنّ لِلأَوطانِ حَقاً / تُضيَّعُ دُونه مُهَجُ الكِرامِ
أَنَخذِلُها وَنَحنُ لَها حُماةٌ / فَمَن عَنها يُناضِلُ أَو يُحامي
أَنُسلِمُها إِلى الأَعداءِ طَوعاً / فَتِلكَ سَجِيَّةُ القَومِ الطغام
أَيَبغي الإِنكليزُ لَها اِستلاباً / ولمّا تَختضِب بِدَمٍ سِجامِ
وَيَمشِ أَخو الوَغى مِنّا وَمِنهُم / عَلى جُثَثٍ مُطرَّحةٍ وَهامِ
أَنتركُها بِأَيدي القَومِ نَهباً / وَفي هَذي الكنانةِ سَهمُ رامِ
لَقَد ظَنّ العُداةُ بِنا ظُنوناً / كَواذبَ مثلَ أَحلامِ النِيامِ
رَأونا دُونَهُم عَدداً فَنادوا / عَلَينا بِالنزالِ وَبِالصِدامِ
وَزجّوها فَوارِسَ ضاق عَنها / فَضاءُ الأَرض أَعينُها دَوامِ
لَقيناهم بِآسادٍ جِياعٍ / تَرى لَحم العِدى أَشهى طَعامِ
لعمر أَبيك ما ضعفت قُوانا / فَنجنحَ صاغِرينَ إِلى السَلامِ
مَعاذَ اللَه مِن خَوَرٍ وَضعفٍ / وَمِن عابٍ نُقارفه وَذامِ
وَلا وَاللَه نَرضى الخسفَ دِيناً / كَدأبِ المُستَذَلِّ المُستَضامِ
إِذا حكم العِدى جَنَفاً عَلينا / فَأَعدل مِنهُمُ حكمُ الحُسامِ
هَبُونا كَالَّذي زَعموا ضِعافاً / أَيأبى نَصرَنا رَبُّ الأَنامِ
أَيخذِلُنا وَنحنُ لَهُ نُصلِّي / جَميعاً مِن قُعودٍ أَو قِيامِ
فَلا يَأسٌ إِذا ما الحَرب طالَت / مِن النَصرِ المُرجّى في الختامِ
ولَسنا نَترك الهَيجاءَ يَوماً / بِلا نارٍ تَشُبُّ وَلا ضِرامِ
فَإِمّا العَيشُ في ظِلِّ المَعالي / وَإِمّا المَوتُ في ظلّ القَتامِ
هِيَ الأَوطان إِن ضاعَت رَضينا / مِن الآمال بِالمَوت الزُؤامِ
فَهل جاءَ البويرَ حَديثُ قَومي / وَما قَومي بشيءٍ في الخِصامِ
لنعم القَومُ ما أَوفوا بَعَهدٍ / لِأَوطانٍ شَقِينَ وَلا ذِمامِ
وَلا اِعتصموا بحبل الجِدّ يَوماً / وَلا لاذوا بِأَكناف الوئامِ
فوا أَسفي عَلى وَطَن كَريمٍ / غَدا ما بَيننا غَرَضَ السِهامِ
وَنَحنُ على توجّعه سُكوتٌ / كَأَنّا بَعضُ سكان الرجام
رَعى اللَه البوير بِحَيث كانوا / وَجاد دِيارهم صَوبُ الغَمامِ
سَلامٌ أَيُّها المَلِكُ الهُمامُ
سَلامٌ أَيُّها المَلِكُ الهُمامُ / تَطوفُ بِهِ المَلائِكَةُ الكِرامُ
أَتَيتُكَ وَالعُيونُ الخُزرُ تَرنو / إِلَيَّ كَأَنَّها حَولي سِهامُ
فَمَن أَوحى إِلى الأَقوامِ أَنّي / سَأَشكو مِن أَذاهُم ما نُسامُ
لَقَد خَلَّفتَنا لِخُطوبِ دَهرٍ / غَوالِبَ ما لَنا مِنها اِعتِصامُ
سَئِمناها فَلَيسَ لَنا اِصطِبارٌ / وَأَيسَرُ ما بِنا مِنها السَّآمُ
مُحَمَّدُ إِنَّها عِشرونَ عاماً / وَحَسبُ المَرءِ مِمّا ساءَ عامُ
أَتَدري ما تُجَشِّمُنا اللَيالي / وَتَركَبُنا حَوادِثُها الجِسامُ
أَتَرضى أَن يَقِرَّ الضَيمُ فينا / فَخَيرُ رَغائِبِ الحُرِّ الحِمامُ
أَلَيسَ المَوتُ أَجمَلَ مِن حَياةٍ / يُهانُ المَرءُ فيها أَو يُضامُ
أَنَوماً يا مُحَمَّدُ عَن بِلادٍ / أَباحَ حَريمَها الأَهلُ النِيامُ
فَقُم تَرَ ما دَهاها مِن شِقاءٍ / وَمِثلُكَ لَيسَ يُعييهِ القِيامُ
وَإِنَّكَ لَو أَجلْتَ الطَرفَ فيها / لَخَضَّبَ جَيبَكَ الدَمعُ السِجامُ
وَأُقسِمُ لَو قَدِرتَ عَلى جَزاءٍ / إِذَن أَودى بِنا مِنكَ اِنتِقامُ
هَدَمنا ما بَنَيتَ مِنَ المَعالي / بِعَزمِكَ وَالخُطوبُ لَها اِعتِزامُ
أَما يرضيكَ عَمَّن عَقَّ مِنّا / رِجالٌ بِالوَفاءِ لَها اِتِّسامُ
سَواءٌ مَن نَمَتهُ مِصرُ مِنهُم / عَلى غِيَرِ الحَوادِثِ وَالشَآمُ
رَعى اللَهُ الشَآمُ فَكَم حَبانا / أَيادي ما لَها عَنّا اِنصِرامُ
لَنا مِن أَهلِهِ أَهلٌ كِرامٌ / يُصانُ العَهدُ فيهِم وَالذِمامُ
هُمو أَعوانُ مِصرَ وَناصِروها / إِذا نَزَلَت بِها النُوَبُ العِظامُ
وَهُم إِخوانُنا الأَدنَونَ فيها / نُصافيهِم وَإِن كَرِهَ الطَغامُ
يُؤَلِّفُ بَينَنا نَسَبٌ قَريبٌ / وَيَجمَعُنا التَوَدُّدُ وَالوِئامُ
أَمُهجَةَ مِصرَ يَضرِبُ كُلُّ رامِ
أَمُهجَةَ مِصرَ يَضرِبُ كُلُّ رامِ / لَقَد بَغَتِ الرُماةُ عَلى السِهامِ
رَموا بِالنَبعِ حَتّى قيلَ أَودى / فَما أَنفوا الرِمايَةَ بِالبَشامِ
وَصاغوها سِهاماً مِن نُضارٍ / تُمَزِّقُ مُهجَةَ البَطَلِ المُحامي
لَئِن وَجَدوا السِهامَ وَهُنَّ شَتّى / فَما وَجَدَ الرَمِيُّ سِوى الحِمامِ
رَأَيتُ كِنانَةَ اللَهِ اِستُبيحَت / وَكانَت مَعقِلَ البَيتِ الحَرامِ
فَأَينَ الحافِظونَ لَها حِماها / وَأَينَ القائِمونَ عَلى الذِمامِ
فَمَن يَكُ نائِماً مِنهُم فَإِنّي / نَهَضتُ أُهيبُ بِالقَومِ النِيامِ
سَأُفزِعُ في المَضاجِعِ كُلَّ حَيٍّ / وَأَعصِفُ بِالقُبورِ وَبِالعِظامِ
بَنِي الإِسلامِ إقداما
بَنِي الإِسلامِ إقداما / كَفَى دَعَةً وإحجاما
هَلُمُّوا نَرْفَعُ الهاما / أَنَقْضِي الدّهرَ نُوَّاما
على الآثارِ فانطلِقُوا / إلى المُختارِ فاسْتَبِقوا
لَكُمْ في سعْيِكم طُرُقُ / تَبُثُّ النُّورَ أعلاما
سَلُوا القومَ الأُلَى ذَهَبوا / بأيّةِ قُوَّةٍ غَلَبوا
أَقاموا الحقَّ فانْتُدِبوا / لأهلِ الأرضِ حُكّاما
أُولُو السُّلطانِ والخَطَرِ / على التِّيجان والسرُرِ
أبَوْا في غيرِ ما أشَرِ / سوى الأملاكِ خُدّاما
رَمَوْا بالبأسِ مُحْتَدِما / قَضَوْا بالسَّيفِ مُحْتكِما
إذا ما خَاصَمَ الأُمَما / مَضَى نَقْضاً وإبراما
نَهضْنا نَتْبَعُ السَّنَنا / وَنَحمِي الدِّينَ والوَطَنا
بَذَلْنَا الرُّوحَ والبَدَنا / فِدىً لهما وإكراما
هُما رَمْزُ الحَياةِ معا / فإنْ ذَهَبا مَضَتْ تَبَعا
وَمَنْ لم يَرْعَ ما شَرَعا / فما صَلَّى ولا صاما
صِلُوا إخوانكم واقضوا الذّماما
صِلُوا إخوانكم واقضوا الذّماما / وبُلّوا من جوانحنا الأَواما
رُوَيْداً بالقلوبِ بَنِي أبينا / أما تَسْقُونها إلا ضِراما
لَعمرُ الرّافِدَيْنِ لقد لَبِثْنَا / نُعلَّلُ بالمُنَى عاماً فعاما
نُذادُ عن الحِياضِ ونحن هِيمٌ / فما نَرِدُ النِّطافَ ولا الجِماما
رُويداً قومَنا إنّا وَجَدنا / قطيعةَ قومِنا داءً عُقاما
وما نبغي إذا رُمْنا انتصافاً / إلى شيءٍ سوى الكرمِ احْتِكاما
عَهِدناكم على الأحداثِ أهلاً / ذَوي حَسَبٍ وإخواناً كراما
فزوروا أرضَنا أو فاجعلوها / وإن غَضِبَ العراقُ لكم مُقاما
أَيَغضَبُ أن يُحِبَّ أخٌ أخاه / وهل يأبى لِشملهما التئاما
وجدنا الرِيَّ يُنكِرُه علينا / وإن أودى الغليلُ بنا حراما
ما تُفارِقُها قلوبٌ / لنا كالطّيرِ رفرف ثُمَّ حاما
مضت أسرابُها فهفت رِياحاً / ومَرَّتْ في مَسابحها غَماما
فَما أَوفَتْ على النَّهريْنِ حتَّى / تخَطَّفَها الهَوى فَهوتْ رُكاما
حُماةَ الرّافِدَيْنِ لوِ اسْتَطَعْنا / جعلنا النيِّريْنِ لكم سلاما
سَلامٌ مِن شُعاعِ الشِّعرِ صَافٍ / أُرَقْرِقُه فَيَنْسَجِمُ انْسِجَاما
يَظلُّ سَناهُ مِلءَ الأرضِ يجري / فيكشف عن جَوانبهُ الظّلاما
وَفَدْتُمْ في مَواكبَ من عُصورٍ / أُعِيدَ جلالُها فَبَدتُ عِظاما
عُصورٌ أَقْبَلتْ مِنّا ومنكم / تُحدّثُ عن أُبُوَّتِنا القُدامَى
تُجَرِّدُ منِ أَسِنَّتِهم لِسَاناً / وتُرسِلُ من أعِنَّتِهِم كلاما
ذَكرناهم فحرَّكهم مَطيفٌ / من الذّكرى وإن أَمْسُوا رِماما
وكَبَّرتِ العُروبةُ إذ رَأَتْنا / فَهبُّوا مِن مَضاجِعهم قياما
أراهُمْ يَرفَعُونَ كما عَهِدْنا / وَراءَ الجمعِ أعناقاً وهاما
عِمُوا آباءَنا طَفَلاً وَطيبُوا / فإنّ لكم لَعِزّاً لن يُضاما
أَعَدْنا الشَّرقَ سيرتَهُ وقُمْنا / نُعالِجُ أمرَهُ حتّى استقاما
أَهابَ بنا الزّمانُ وأيقظتنا / قوارعُ تُوقِظُ الأُمَمَ النّياما
نَذودُ الوحشَ تطلُبنا جِياعاً / ونأبَى أن نكون لها طعاما
ولولا أن نُدافِعَها لأَفنتْ / بقيَّتَنا اقتناصاً والتهاما
أراها حولنا عَجْلىَ تَرامَى / كموجِ البحرِ تزدحمُ ازدحاما
وراءَكِ واطْلُبِي قَنَصاً سوانا / فإنّ لُحومَنا أمست سِماما
متى تَعصي النّصيحَ فَتُطْعِمِيها / كعهدِكِ تُطعَمِي الموتَ الزُّؤاما
أبى لِبَنِي العُروبةِ أن يَهونوا / قُوىً لن تُستطاعَ ولن تَراما
لَئِنْ أخذتهمُ الغاراتُ تَتْرَى / فما وَهَنُوا ولا مَلُّوا الصِّداما
مُضيّاً في الجهادِ بَنِي أبينا / وضَنّاً بالعُروبةِ واعتصاما
بِدجلَة والفراتِ إذا نزلتُمْ / فحيّوا فيهما الشَّعبَ الهُماما
وإن عَدَتِ العوادِي فاذكرونا / وقولوا أُمّةٌ ترعى الذِّماما
أَهابَ الحقُّ فاسْتَبِقوا كِراما
أَهابَ الحقُّ فاسْتَبِقوا كِراما / وَهُزُّوا الأرضَ بأساً واعْتزاما
كَفَى بِكتابكم يا قومُ نُوراً / فَشُقُّوا السُّبْلَ واخْتَرِقوا الظَّلاما
كتابُ اللهِ لولا أن هدانا / لما وَضحَ السّبيلُ ولا اسْتَقاما
عَرَفْتُمْ حَقَّهُ فَرعَيْتُمُوهُ / وكنتم خيرَ مَن حَفِظَ الذِّماما
بِنعمةِ ربّكم قُمتُمْ عليهِ / وقام رَسولُه فيكم إماما
وذلك وَعدُهُ لا رَيْبَ فيهِ / يُبشِّرُ من يُريدُ له الدّواما
نِظامُ الدّينِ والدُّنيا وماذا / يكونُ النّاسُ إنْ فَقَدوا النّظاما
وما نَفْعُ الحياةِ لِكلّ حَيٍّ / إذا ما أصبحت داءً عَقاما
أَيعرفُ مَوْضِعَ الأحياءِ قومٌ / أَحَبّوا الموتَ واخْتاروا الحِماما
تَولَّوْا ما رَعَوا للهِ حَقّاً / ولا عَرفوا الحلالَ ولا الحراما
إذا هَمُّوا بِفاحشةٍ تَرامَوْا / كأسرابِ الوُحوشِ إذا ترامى
يُمزِّقُ بَعضُهم في الأرضِ بعضاً / ويَفْرِي اللحمَ منه والعِظاما
ويأبى العدلَ أَكثرُهم جُنوداً / فلا عَتْباً يَخافُ ولا مَلاما
يُغَنِّي والدِّماءُ له شرَابٌ / على نَوْحِ الأراملِ واليَتامَى
وَيمْشِي يَجعلُ الأشلاءَ جِسراً / لِيَبْلُغَ مِن بني الدّنيا مَراما
يَودُّ لوِ اسْتَقلَّ بكلِّ شَعبٍ / على الغبراءِ يَجعلهُ طعاما
شريعةُ ظالمينَ تَسيلُ آناً / دماً وتفيضُ آونةً ضراما
أتَى بِكتابِها مِنهم رسولٌ / طَوَى الأقطارَ يلتهمُ الأَناما
فراعينُ الحضارةِ لَيْتَ أنّا / بُلينا بالفراعين القُدامَى
أليسَ العلمُ كان لنا حياةً / فصارَ بِظُلمِهم موتاً زُؤاما
يَجَرُّ وَراءَهُ نُوَباً ثِقالاً / نُراعَ لها وأهوالاً جساما
يُرِينا كيفَ يَقذِفُ بالمنايا / كَموجِ البحرِ تَزْدَحِمُ ازْدِحاما
لها صُورٌ يَروحُ بها ويغدو / طِوالَ الدّهرِ صَبَّاً مُسْتَهاما
يَعدُّ العبقريَّةَ أن يراها / تُغادِرُ هذه الدُّنيا حُطاما
إذا اتَّخذَ القويُّ الظُّلمَ دِيناً / فأشقى النّاسَ مَن يُلْقِي الزّماما
هو الإسلامُ ما للنّاسِ واقٍ / سِواهُ فأين يَذهبُ من تَعامى
يَذودُ عنِ الضَّعيفِ فَيتَّقِيهِ / مِنَ الأقوامِ أَنْفَذُهم سِهاما
يَلوذُ بهِ إذا ما خَافَ ضَيْماً / فينصرهُ ويمنعُ أن يُضاما
لِكُلٍّ حَقُّهُ وَلِمَنْ تَعدَّى / جَزاءُ البَغْيِ مَقضِيَّاً لِزاما
كَفَى بكتابِكم يا قومُ طِبّاً / لِمَنْ يشكو من الأُمَمِ السَّقاما
كِتابٌ يَملأُ الدنيا حَياةً / ويَنْشُرُ في جَوانِبها السَّلاما
أقيموا الحقَّ بالسُّوَرِ الغَواليِ / فإنّ اللهَ يأمرُ أن يُقاما
وأَوْصُوا المسلمينَ بها فإنّي / أَراهُمْ عَن ذَخائِرها نِياما
وليس لِغافلٍ عَنها نَصيبٌ / مِنَ الحُسْنَى وإن صَلَّى وَصَاما
تَعَالى الله أَنزلَها عَلينا / عِظاماً تَبعثُ الهِمَمَ العِظاما
نَرَى في كلِّ ما نَعتادُ منها / إماماً عادلاً وفتىً هُماما
نَرَى أمَماً مِنَ العِقبانِ تَمضِي / إلى الغاياتِ تخترقُ الغَماما
نَرَى مَعْنَى الحَياةِ وكيفَ تَسمو / فَتحتلُّ الذُّؤابةَ والسَّناما
نَرَى الدُّنيا العَريضةَ عِنْدَ دِينٍ / تَزيدُ بِرُكنِهِ العَالي اعْتِصاما
هِيَ الأخلاقُ طَيِّبَةً حِساناً / نُقِيمُ بها مِنَ المُلكِ الدِّعاما
عَليْها فَارْفَعوا البُنيانَ حتّى / أَرَى بُنايانَكم بَلَغ التَّماما