القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد مُحرَّم الكل
المجموع : 10
بَنِي بَكرٍ وما يُغني الملامُ
بَنِي بَكرٍ وما يُغني الملامُ / تَلَظَّى البأسُ وانتقضَ الحُسامُ
ذِمَامٌ صادِقٌ ودَمٌ حَرَامُ / وَعِزٌّ من خُزاعَةَ لا يُرامُ
يَقومُ عليه حامٍ لا يَنامُ /
أعانكم الأُلى نَبَذُوا الوفاءَ / وَراحَ القومُ يمشونَ الضَّراءَ
وما تَخفَى جَريرَةُ مَن أساءَ / سُيوفُ مُحمّدٍ جُعلتْ جَزاءَ
فما البَغْيُ الذَّميمُ وما العُرامُ /
قَتلتُم من خُزاعَةَ بالوتيرِ / رِجالاً ما أتاهم من نَذيرِ
لَبِئْسَ الغدرُ من خُلُقٍ نكيرِ / ويا للناسِ للحَدَثِ الكبيرِ
أكان محمدٌ مِمّن يُضَامُ /
أَتَوْهُ يَنشدونَ الحِلْفَ وَفْدا / تَهُدُّ شَكاتُهُ الأحرارَ هدّا
فقال لهم نُصِرتُم واسْتَعَدَّا / وَرَاحَ يَسوقُهُ للحربِ جُنْدَا
تُظلّلهُ الملائِكةُ الكِرامُ /
أبا سُفيانَ ذلك ما تراهُ / هو البأسُ المصمِّمُ لا سِواهُ
أليسَ الحِلفُ قد وَهنتْ عُراهُ / فكيف تُشَدُّ بعدئذٍ قُواهُ
أبا سُفيانَ ليس لكم ذِمامُ /
كتمتَ الحقَّ تطمعُ في المحالِ / فما بالُ الثِّقاتِ من الرجالِ
فتحتم بالأذى بابَ القتالِ / فما دُونَ اللقَاءِ سِوَى ليالِ
وَيَفتحُ مَكَةَ الجيشُ اللُّهامُ /
دَعِ الأرحامَ ليس لكم شفيعُ / لقد حَاولْتَ ما لا تستطيعُ
رُويدَكَ إنّه الرأيُ الجميعُ / وإنّ اللهَ ليس له قَرِيعُ
تَعالَى جَدُّهُ وَسَمَا المقامُ /
رَجعتَ وأزعجتكَ الحادثَاتُ / فَسِرْتَ تقولُ هل قَدمَ الغُزاةُ
نَعَمْ قَدَم الميامينُ الهُداةُ / وتلكَ جِيادُهم والمُرهفاتُ
فَدَعْ دينَ الغُواةِ وقُلْ سَلامُ /
أبا سُفيانَ هل أبصرتَ نارا / كنارِ القومِ إذ باتوا سُهارى
أَبَتْ وأَبَوْا فما تألو استعارا / ولا تُحْصَى وإن عُدَّت مِرارا
هو الفَزَعُ المؤجَّجُ لا الضَّرامُ /
لقد أنذرتَ قومَكَ فاستطاروا / وراحوا ما يقرُّ لهم قَرَارُ
نَبَتْ بهمُ المنازلُ والديارُ / وضاقَ سبيلهُم فيها فحاروا
وقال سَرَاتُهُم خطْبٌ جُسَامُ /
فدعهُم يا ابن حربٍ تَلْقَ رُشْدَا / وبالحقِّ اعتصِمْ فالحقُّ أجدى
سبيلَ مُحمّدٍ فَاسْلكه أهدى / وخذه يا ابن حربٍ منه عهدا
لِبيتِكَ فيه من شرفٍ دِعامُ /
مع العباس سِرْتَ إلى الرسولِ / لأعظَمِ مطلبٍ وأجلِّ سُولِ
لِدينِ اللهِ دينِ ذوي العُقُولِ / مِنَ النَّفرِ المساميحِ العُدولِ
صَدقْتُكَ ليس كالنّورِ الظّلامُ /
لَقيتَ مُحمداً حُرّاً رشيدا / فَعُدْتَ بِيُمنِهِ خَلقاً جديدا
هُدِيتَ وكنتَ جَبَّاراً عَنيداً / هَنيئاً فاصحبِ الجَدَّ السعيدا
بما أولاك صاحبُكَ الهُمامُ /
أصبتَ الخيرَ أجمعَ والرشادا / على يدِهِ وَنِلْتَ به المُرادا
أفادَكَ يا ابن حربٍ ما أفادا / فباركَ فيكَ ربُّكَ ثم زادا
وعند الله يُلْتَمَسُ التّمامُ /
نظرتَ فهل رأيتَ أشدَّ صبرا / وأحسنَ منظراً وأجلَّ قَدْرا
كتائبُ من جُنودِ اللّهِ تَتْرَى / تَمُرُّ عليكَ واحدةً فأخرى
لها مِن دِينِها العالي نِظامُ /
تُكبِّرُ رَبَّها وتَراهُ حقّا / وتَبذُلُ فيه أَنْفُسَها فَتَبْقَى
لَكَ البُشْرَى نعمتَ وكنتَ تشقى / فماذا من أيادِي اللهِ تَلْقَى
لقد جَلَّتْ فليس لها انصرامُ /
لَنِعْمَ الصّاحبانِ الناجيانِ / على طُولِ التَّرَدُّدِ والتَّوانِي
حكيمٌ وابن ورقاءَ اللذانِ / أرادا اللَّهَ فيما يَبغيانِ
فليس بغير سُنّتِهِ اعتصامُ /
كِلا الرجلينِ غِطريفٌ كريمُ / له في قومِهِ حَسَبٌ قَدِيمُ
زعيمٌ جاءَ يصحبه زعيمٌ / كذلك يظهر الدينُ العظيمُ
فتعرفُهُ الغطارفةُ العِظَامُ /
مَضَى لك يا حكيمُ ولابن حربِ / قَضَاءٌ زادَ حُبّاً كُلَّ قلبِ
ومَن أولَى من الهادِي بِحُبِّ / وأجدرُ من عشيرتِهِ بِقُربِ
قريشٌ قومه وهو الإمامُ /
إذا جَعَلتْ قلوبُ الناسِ تهفو / فمن بَيْتَيْكُما حِرْزٌ وكَهْفُ
وعندكما ظِلالُ الأمن تضفو / وَوِرْدُ العيشِ للوُرّادِ يصفو
هما البيتانِ كُلّهما حَرامُ /
وفي حَرَمِ اللّواءِ لكلِ نَفْسِ / تَلُوذُ بهِ كِفايَةُ كُلِّ بأسِ
يَراهُ سَراةُ مَكّةَ فوق رَأْسِ / لِميمونِ النَّقيبةِ غيرِ نِكْسِ
مِنَ النفرِ الأُلَى صَلُّوا وصَاموا /
لِواءُ أبي رُوَيْحَةَ ما أعزّا / لِواءٌ قامَ للإيمانِ رَمْزا
يَهُزُّ قُلوبُ أهلِ الشِّركِ هَزّا / وَيترُكُ بأسَهُمْ ضَعْفاً وعَجْزا
فَمَنْ للقومِ إن وَقَعَ الصّدامُ /
قُدومٌ من أبي مُوسَى الهُمامِ
قُدومٌ من أبي مُوسَى الهُمامِ / وَوفدِ الأشعريِّينَ الكِرامِ
وَعَوْدٌ من غريبِ الدارِ ناءٍ / رَمى برحالهِ للبَيْنِ رامِ
يَفرُّ بدينِهِ ويُريدُ ربّاً / أقامَ رسولُه دينَ السّلامِ
أبا مُوسَى لَك البُشْرَى وأهلاً / بركبكَ في حِمَى خَيرِ الأنامِ
لَقيتَ مِنَ الأحبَّةِ كلَّ سمحٍ / وفيِّ العهدِ مأمونِ الذّمامِ
وَنِلتَ بدارِهم ما رُمتَ منهم / فهل لك بعد ذلكَ من مرامِ
إذا رقَّتْ قلوبُ القومِ كانت / بعافيةٍ من الدّاءِ العُقامِ
تَجولُ حقائقُ الأشياءِ فيها / فَمنِ غَلَقٍ يُفَضُّ ومن خِتامِ
وتُوقِظُها إذا الأكوانُ نامتْ / فما تلهو بأحلامِ النِّيامِ
إلى الإيمانِ والحِكَمِ الغوالي / سما نَسَبٌ بكم عالي المقامِ
شهادةُ أصدقِ الشُّهداءِ طُرّاً / وأنطقِهم بمأثورِ الكلامِ
أبا موسى نَهضتَ إلى محلٍّ / يَشُقُّ على ذَوِي الهِمَمِ العِظامِ
وَفُزْتَ بها حياةً ما لنفسٍ / تُجانِبُها سِوى الموتِ الزُّؤامِ
نِظامُ الدِّينِ والدنيا جميعاً / وهل شيءٌ يكونُ بلا نِظامِ
بنى ثعلبة هُبّوا
بنى ثعلبة هُبّوا / فإنّ الليثَ قد عَزَمَا
رماكم بابن حارثةٍ / رسولُ اللهِ حِينَ رَمَى
زعمتم أنه هو زَعْ / مَ من يَهْذِي وما عَلِما
فَطَارَتْ قَبلَ مَقدمِهِ / نفوسٌ أُشعِرتْ لَمَمَا
ونِعمَ أخو الوغَى زيدٌ / إذا ما جَدَّ فَاقْتَحَما
يَخوضُ النّقعَ مُرتَكماً / ويَحمِي السيفَ والعَلَمَا
تَولَّى جَمعُهُم فَرَقاً / ولَو لاقاهُ ما سلما
لَبِئْسَ الجمعُ ما صَدَقَتْ / قُواهُ وبئسَ ما زَعَما
تلمَّسَهُ ابنُ حارثةٍ / فلا صَدَدَاً ولا أَمَمَا
تَسَرَّبَ في مَخابِئِهِ / فكان وُجُودُه عَدَما
هَلُمَّ هَلُمَّ يا زيدٌ / هَلُمَّ الشاءَ والنَعَمَا
رُوَيْدَ القومِ هل طلبوا / سِوَى ما يُعجِزُ الهِمَمَا
مَضُوا في إثرِهِ ومَضَى / يَجُرُّ حُسامَه قُدُما
فما بَلغُوه إذ جَهَدوا / ولا رَزأُوهُ ما غَنِمَا
رُوَيْداً عابِدِي الأَصْنا / مِ إنّ اللهَ قد حَكَما
رَضِيتُمْ ظُلمَ أَنْفُسِكُمْ / فأَرْدَاكُمُ وما ظَلَمَا
مُحمّدُ يا ابنَ مَسلمةٍ سَلامُ
مُحمّدُ يا ابنَ مَسلمةٍ سَلامُ / وَحمْدٌ من شعائرِه الدَّوامُ
إلى القُرَطاءِ لا كانوا رِجالاً / هُمُ البرحاءُ والدَّاءُ العُقَامُ
رِجالُ السُّوءِ لا حَقٌّ يؤدَّى / لخالِقهم ولا دِينٌ يُقامُ
تَنبَّهتِ القواضِبُ والعَوالي / بأيدِي الفاتِحينَ وهُمْ نِيامُ
بَنِي بَكْرٍ ألمّا تُبصِروها / يَشُبُّ ضرامَها البطلُ الهُمامُ
ألا إن السريَّةَ فَاحْذَرُوها / لَيرهَبُ بَأسَها الجيشُ اللُّهامُ
هُمُ الأبطالُ عِدَّتهمُ قليلٌ / ومَشهدُهم كَثيرٌ لا يُرامُ
تقدَّمَ عابِدٌ ومَشى إليهم / عِبادُ اللَّهِ وَاسْتَعَر الصّدامُ
فَتِلكَ جَماجِمُ القَتْلَى وَهذي / فلولُ القومِ ليس لها نِظامُ
وخُلِّيتِ النّساءُ فلا ذِمارٌ / لِبَكْرِيٍّ يُصانُ ولا ذِمامُ
وليسَ لِعرضِ مَغلوبٍ وقاءٌ / ولكنَّ الألى غَلبوا كِرامُ
أعِفَّاءُ النُّفوسِ ذَوِي حِفاظٍ / عليهم كلُّ فاحشةٍ حَرامُ
هُوَ الإسلامُ إحسانٌ وَبِرٌّ / وأخْذٌ بالمُروءةِ وَاعْتِصامُ
تَخَلَّوْا عن حَلائِلهم فَرُدَّت / عليهم تِلكُمُ المِنَنُ الجِسامُ
بَني بكرٍ غَدَا الوادي خَلاءً / فأين الشّاءُ والكُومُ العِظامُ
وأين ثُمامةُ بنُ أثالِ هَلّا / حَمَتْهُ حَنِيفَةٌ ممّا يُسامُ
يُسامُ الهُونَ ما جزِعتْ عليهِ / ولا بَكتِ اليمامةُ إذ يُضامُ
أما بَصُرتْ بسيِّدها ذليلاً / عَبوسَ الوجهِ يَعْلُوه القَتامُ
أصابَ مِنَ الرّسولِ حِمىً مَنيعاً / وكَهْفاً فيه للهِمَمِ ازْدِحامُ
أصابَ قِرىً يُحدِّثُ عن جَوادٍ / يُصيبُ الرِيَّ من يَدِهِ الغَمامُ
أصابَ كرامةً وأفادَ خيراً / فلا مَثْوَىً يُذَمُّ ولا مُقامُ
تَعهَّدَهُ كَرِيمٌ أرْيَحِيٌّ / لهُ في كلِّ آونةٍ لِمامُ
ثُمامةُ كيفَ أنتَ وأيُّ نُعْمَى / ظَفِرْتَ بها فأعْوَزَها التَّمامُ
أما مُكِّنتُ مِنكَ وكنتَ خَصماً / تَفاقَمَ شَرُّه وطَغى العُرامُ
طَحَا بِكَ مِن مُسَيْلَمةٍ خَبالٌ / فلا رَسَنٌ يُرَدُّ ولا زِمامُ
يَقولُ لئن أردت اليومَ قتلي / فلا شكوىَ لديَّ ولا مَلامُ
وإن يكُ مِنكَ مغفرةٌ وعَفْوٌ / شكرتُكَ والقَوِيُّ له احْتِكَامُ
هَداهُ إلى سَبيلِ اللهِ هادٍ / له بِمَخائلِ الخيرِ اتِّسامُ
ثُمامَةُ لا تَخَفْ ما عِشْتَ شَرّاً / تَجلَّى النُّورُ وانْقَشَعَ الظّلامُ
إلى البيتِ العتيقِ فَسِرْ رَشيداً / ولا يَحْزُنْكَ عَتْبٌ أو خِصامُ
تأجّجَ في صُدورِ القومِ غَيظٌ / له في كلّ جانحةٍ ضِرامُ
أتُسلِمُ يا ثمامةُ إنّ هذا / وإنْ كَذَّبْتَنا لَهُوَ الأثامُ
ثُمامةُ خُنْتنا وَصَبأْتَ عنّا / فليس لِصَدْعِ أنفُسِنا الْتِئَامُ
لأنتَ لنا عدوٌّ نتّقيهِ / فلا صُلحٌ يكونُ ولا سَلامُ
ألا فَدَعُوا الجَهالةَ وَاسْتَفِيقُوا / فما يُغْنِي عَنِ الغَيْثِ الجَهامُ
حذار فَما ثُمامةُ غير عَضْبٍ / لكم في حَدِّهِ الموتُ الزُّؤامُ
يَقولُ لكم لئن لم تَتْبَعُوني / لسوفَ يُيبدُكم منِّي انتقامُ
أسُدُّ عليكمُ الأسواقَ حتّى / يَصيحَ جِياعُكم أينَ الطّعامُ
أبَوْا فأذاقَهم منه عَذاباً / غَراماً ما لدائِبهِ انْصِرامُ
أذابَ الجوعُ أنفسَهم فَضَجُّوا / وَضَجَّتْ في جُلودِهمْ العِظامُ
أهابوا بالنبيِّ ألا أغِثْنا / فما يُرضيكَ أن يَشْقَى الأنامُ
أغِثْنا إنّها يا خيرَ مَولىً / عُرَى الأرحامِ ليس لها انْفِصامُ
رُمِينا من ثُمامةَ بالدَّواهِي / وفي يَدِكَ الكِنانةُ والسِّهامُ
نَهاهُ فلا دَمٌ في الحيِّ يُشوَى / ولا شَيْخٌ يَجوعُ ولا غُلامُ
تدارَكَ فَضلُهُ منهم نُفوساً / تَمنَّتْ لو تَدَارَكها الحِمامُ
فأمسى الأمرُ فيهم مُستقيماً / ولو عَرَفوا المحجَّةَ لاسْتَقاموا
دَعونا نَبتدِر وِردَ الحِمامِ
دَعونا نَبتدِر وِردَ الحِمامِ / لِيُطفئَ بَردُه حَرَّ الأَوامِ
دَعونا إِنّ لِلأَوطانِ حَقاً / تُضيَّعُ دُونه مُهَجُ الكِرامِ
أَنَخذِلُها وَنَحنُ لَها حُماةٌ / فَمَن عَنها يُناضِلُ أَو يُحامي
أَنُسلِمُها إِلى الأَعداءِ طَوعاً / فَتِلكَ سَجِيَّةُ القَومِ الطغام
أَيَبغي الإِنكليزُ لَها اِستلاباً / ولمّا تَختضِب بِدَمٍ سِجامِ
وَيَمشِ أَخو الوَغى مِنّا وَمِنهُم / عَلى جُثَثٍ مُطرَّحةٍ وَهامِ
أَنتركُها بِأَيدي القَومِ نَهباً / وَفي هَذي الكنانةِ سَهمُ رامِ
لَقَد ظَنّ العُداةُ بِنا ظُنوناً / كَواذبَ مثلَ أَحلامِ النِيامِ
رَأونا دُونَهُم عَدداً فَنادوا / عَلَينا بِالنزالِ وَبِالصِدامِ
وَزجّوها فَوارِسَ ضاق عَنها / فَضاءُ الأَرض أَعينُها دَوامِ
لَقيناهم بِآسادٍ جِياعٍ / تَرى لَحم العِدى أَشهى طَعامِ
لعمر أَبيك ما ضعفت قُوانا / فَنجنحَ صاغِرينَ إِلى السَلامِ
مَعاذَ اللَه مِن خَوَرٍ وَضعفٍ / وَمِن عابٍ نُقارفه وَذامِ
وَلا وَاللَه نَرضى الخسفَ دِيناً / كَدأبِ المُستَذَلِّ المُستَضامِ
إِذا حكم العِدى جَنَفاً عَلينا / فَأَعدل مِنهُمُ حكمُ الحُسامِ
هَبُونا كَالَّذي زَعموا ضِعافاً / أَيأبى نَصرَنا رَبُّ الأَنامِ
أَيخذِلُنا وَنحنُ لَهُ نُصلِّي / جَميعاً مِن قُعودٍ أَو قِيامِ
فَلا يَأسٌ إِذا ما الحَرب طالَت / مِن النَصرِ المُرجّى في الختامِ
ولَسنا نَترك الهَيجاءَ يَوماً / بِلا نارٍ تَشُبُّ وَلا ضِرامِ
فَإِمّا العَيشُ في ظِلِّ المَعالي / وَإِمّا المَوتُ في ظلّ القَتامِ
هِيَ الأَوطان إِن ضاعَت رَضينا / مِن الآمال بِالمَوت الزُؤامِ
فَهل جاءَ البويرَ حَديثُ قَومي / وَما قَومي بشيءٍ في الخِصامِ
لنعم القَومُ ما أَوفوا بَعَهدٍ / لِأَوطانٍ شَقِينَ وَلا ذِمامِ
وَلا اِعتصموا بحبل الجِدّ يَوماً / وَلا لاذوا بِأَكناف الوئامِ
فوا أَسفي عَلى وَطَن كَريمٍ / غَدا ما بَيننا غَرَضَ السِهامِ
وَنَحنُ على توجّعه سُكوتٌ / كَأَنّا بَعضُ سكان الرجام
رَعى اللَه البوير بِحَيث كانوا / وَجاد دِيارهم صَوبُ الغَمامِ
سَلامٌ أَيُّها المَلِكُ الهُمامُ
سَلامٌ أَيُّها المَلِكُ الهُمامُ / تَطوفُ بِهِ المَلائِكَةُ الكِرامُ
أَتَيتُكَ وَالعُيونُ الخُزرُ تَرنو / إِلَيَّ كَأَنَّها حَولي سِهامُ
فَمَن أَوحى إِلى الأَقوامِ أَنّي / سَأَشكو مِن أَذاهُم ما نُسامُ
لَقَد خَلَّفتَنا لِخُطوبِ دَهرٍ / غَوالِبَ ما لَنا مِنها اِعتِصامُ
سَئِمناها فَلَيسَ لَنا اِصطِبارٌ / وَأَيسَرُ ما بِنا مِنها السَّآمُ
مُحَمَّدُ إِنَّها عِشرونَ عاماً / وَحَسبُ المَرءِ مِمّا ساءَ عامُ
أَتَدري ما تُجَشِّمُنا اللَيالي / وَتَركَبُنا حَوادِثُها الجِسامُ
أَتَرضى أَن يَقِرَّ الضَيمُ فينا / فَخَيرُ رَغائِبِ الحُرِّ الحِمامُ
أَلَيسَ المَوتُ أَجمَلَ مِن حَياةٍ / يُهانُ المَرءُ فيها أَو يُضامُ
أَنَوماً يا مُحَمَّدُ عَن بِلادٍ / أَباحَ حَريمَها الأَهلُ النِيامُ
فَقُم تَرَ ما دَهاها مِن شِقاءٍ / وَمِثلُكَ لَيسَ يُعييهِ القِيامُ
وَإِنَّكَ لَو أَجلْتَ الطَرفَ فيها / لَخَضَّبَ جَيبَكَ الدَمعُ السِجامُ
وَأُقسِمُ لَو قَدِرتَ عَلى جَزاءٍ / إِذَن أَودى بِنا مِنكَ اِنتِقامُ
هَدَمنا ما بَنَيتَ مِنَ المَعالي / بِعَزمِكَ وَالخُطوبُ لَها اِعتِزامُ
أَما يرضيكَ عَمَّن عَقَّ مِنّا / رِجالٌ بِالوَفاءِ لَها اِتِّسامُ
سَواءٌ مَن نَمَتهُ مِصرُ مِنهُم / عَلى غِيَرِ الحَوادِثِ وَالشَآمُ
رَعى اللَهُ الشَآمُ فَكَم حَبانا / أَيادي ما لَها عَنّا اِنصِرامُ
لَنا مِن أَهلِهِ أَهلٌ كِرامٌ / يُصانُ العَهدُ فيهِم وَالذِمامُ
هُمو أَعوانُ مِصرَ وَناصِروها / إِذا نَزَلَت بِها النُوَبُ العِظامُ
وَهُم إِخوانُنا الأَدنَونَ فيها / نُصافيهِم وَإِن كَرِهَ الطَغامُ
يُؤَلِّفُ بَينَنا نَسَبٌ قَريبٌ / وَيَجمَعُنا التَوَدُّدُ وَالوِئامُ
أَمُهجَةَ مِصرَ يَضرِبُ كُلُّ رامِ
أَمُهجَةَ مِصرَ يَضرِبُ كُلُّ رامِ / لَقَد بَغَتِ الرُماةُ عَلى السِهامِ
رَموا بِالنَبعِ حَتّى قيلَ أَودى / فَما أَنفوا الرِمايَةَ بِالبَشامِ
وَصاغوها سِهاماً مِن نُضارٍ / تُمَزِّقُ مُهجَةَ البَطَلِ المُحامي
لَئِن وَجَدوا السِهامَ وَهُنَّ شَتّى / فَما وَجَدَ الرَمِيُّ سِوى الحِمامِ
رَأَيتُ كِنانَةَ اللَهِ اِستُبيحَت / وَكانَت مَعقِلَ البَيتِ الحَرامِ
فَأَينَ الحافِظونَ لَها حِماها / وَأَينَ القائِمونَ عَلى الذِمامِ
فَمَن يَكُ نائِماً مِنهُم فَإِنّي / نَهَضتُ أُهيبُ بِالقَومِ النِيامِ
سَأُفزِعُ في المَضاجِعِ كُلَّ حَيٍّ / وَأَعصِفُ بِالقُبورِ وَبِالعِظامِ
بَنِي الإِسلامِ إقداما
بَنِي الإِسلامِ إقداما / كَفَى دَعَةً وإحجاما
هَلُمُّوا نَرْفَعُ الهاما / أَنَقْضِي الدّهرَ نُوَّاما
على الآثارِ فانطلِقُوا / إلى المُختارِ فاسْتَبِقوا
لَكُمْ في سعْيِكم طُرُقُ / تَبُثُّ النُّورَ أعلاما
سَلُوا القومَ الأُلَى ذَهَبوا / بأيّةِ قُوَّةٍ غَلَبوا
أَقاموا الحقَّ فانْتُدِبوا / لأهلِ الأرضِ حُكّاما
أُولُو السُّلطانِ والخَطَرِ / على التِّيجان والسرُرِ
أبَوْا في غيرِ ما أشَرِ / سوى الأملاكِ خُدّاما
رَمَوْا بالبأسِ مُحْتَدِما / قَضَوْا بالسَّيفِ مُحْتكِما
إذا ما خَاصَمَ الأُمَما / مَضَى نَقْضاً وإبراما
نَهضْنا نَتْبَعُ السَّنَنا / وَنَحمِي الدِّينَ والوَطَنا
بَذَلْنَا الرُّوحَ والبَدَنا / فِدىً لهما وإكراما
هُما رَمْزُ الحَياةِ معا / فإنْ ذَهَبا مَضَتْ تَبَعا
وَمَنْ لم يَرْعَ ما شَرَعا / فما صَلَّى ولا صاما
صِلُوا إخوانكم واقضوا الذّماما
صِلُوا إخوانكم واقضوا الذّماما / وبُلّوا من جوانحنا الأَواما
رُوَيْداً بالقلوبِ بَنِي أبينا / أما تَسْقُونها إلا ضِراما
لَعمرُ الرّافِدَيْنِ لقد لَبِثْنَا / نُعلَّلُ بالمُنَى عاماً فعاما
نُذادُ عن الحِياضِ ونحن هِيمٌ / فما نَرِدُ النِّطافَ ولا الجِماما
رُويداً قومَنا إنّا وَجَدنا / قطيعةَ قومِنا داءً عُقاما
وما نبغي إذا رُمْنا انتصافاً / إلى شيءٍ سوى الكرمِ احْتِكاما
عَهِدناكم على الأحداثِ أهلاً / ذَوي حَسَبٍ وإخواناً كراما
فزوروا أرضَنا أو فاجعلوها / وإن غَضِبَ العراقُ لكم مُقاما
أَيَغضَبُ أن يُحِبَّ أخٌ أخاه / وهل يأبى لِشملهما التئاما
وجدنا الرِيَّ يُنكِرُه علينا / وإن أودى الغليلُ بنا حراما
ما تُفارِقُها قلوبٌ / لنا كالطّيرِ رفرف ثُمَّ حاما
مضت أسرابُها فهفت رِياحاً / ومَرَّتْ في مَسابحها غَماما
فَما أَوفَتْ على النَّهريْنِ حتَّى / تخَطَّفَها الهَوى فَهوتْ رُكاما
حُماةَ الرّافِدَيْنِ لوِ اسْتَطَعْنا / جعلنا النيِّريْنِ لكم سلاما
سَلامٌ مِن شُعاعِ الشِّعرِ صَافٍ / أُرَقْرِقُه فَيَنْسَجِمُ انْسِجَاما
يَظلُّ سَناهُ مِلءَ الأرضِ يجري / فيكشف عن جَوانبهُ الظّلاما
وَفَدْتُمْ في مَواكبَ من عُصورٍ / أُعِيدَ جلالُها فَبَدتُ عِظاما
عُصورٌ أَقْبَلتْ مِنّا ومنكم / تُحدّثُ عن أُبُوَّتِنا القُدامَى
تُجَرِّدُ منِ أَسِنَّتِهم لِسَاناً / وتُرسِلُ من أعِنَّتِهِم كلاما
ذَكرناهم فحرَّكهم مَطيفٌ / من الذّكرى وإن أَمْسُوا رِماما
وكَبَّرتِ العُروبةُ إذ رَأَتْنا / فَهبُّوا مِن مَضاجِعهم قياما
أراهُمْ يَرفَعُونَ كما عَهِدْنا / وَراءَ الجمعِ أعناقاً وهاما
عِمُوا آباءَنا طَفَلاً وَطيبُوا / فإنّ لكم لَعِزّاً لن يُضاما
أَعَدْنا الشَّرقَ سيرتَهُ وقُمْنا / نُعالِجُ أمرَهُ حتّى استقاما
أَهابَ بنا الزّمانُ وأيقظتنا / قوارعُ تُوقِظُ الأُمَمَ النّياما
نَذودُ الوحشَ تطلُبنا جِياعاً / ونأبَى أن نكون لها طعاما
ولولا أن نُدافِعَها لأَفنتْ / بقيَّتَنا اقتناصاً والتهاما
أراها حولنا عَجْلىَ تَرامَى / كموجِ البحرِ تزدحمُ ازدحاما
وراءَكِ واطْلُبِي قَنَصاً سوانا / فإنّ لُحومَنا أمست سِماما
متى تَعصي النّصيحَ فَتُطْعِمِيها / كعهدِكِ تُطعَمِي الموتَ الزُّؤاما
أبى لِبَنِي العُروبةِ أن يَهونوا / قُوىً لن تُستطاعَ ولن تَراما
لَئِنْ أخذتهمُ الغاراتُ تَتْرَى / فما وَهَنُوا ولا مَلُّوا الصِّداما
مُضيّاً في الجهادِ بَنِي أبينا / وضَنّاً بالعُروبةِ واعتصاما
بِدجلَة والفراتِ إذا نزلتُمْ / فحيّوا فيهما الشَّعبَ الهُماما
وإن عَدَتِ العوادِي فاذكرونا / وقولوا أُمّةٌ ترعى الذِّماما
أَهابَ الحقُّ فاسْتَبِقوا كِراما
أَهابَ الحقُّ فاسْتَبِقوا كِراما / وَهُزُّوا الأرضَ بأساً واعْتزاما
كَفَى بِكتابكم يا قومُ نُوراً / فَشُقُّوا السُّبْلَ واخْتَرِقوا الظَّلاما
كتابُ اللهِ لولا أن هدانا / لما وَضحَ السّبيلُ ولا اسْتَقاما
عَرَفْتُمْ حَقَّهُ فَرعَيْتُمُوهُ / وكنتم خيرَ مَن حَفِظَ الذِّماما
بِنعمةِ ربّكم قُمتُمْ عليهِ / وقام رَسولُه فيكم إماما
وذلك وَعدُهُ لا رَيْبَ فيهِ / يُبشِّرُ من يُريدُ له الدّواما
نِظامُ الدّينِ والدُّنيا وماذا / يكونُ النّاسُ إنْ فَقَدوا النّظاما
وما نَفْعُ الحياةِ لِكلّ حَيٍّ / إذا ما أصبحت داءً عَقاما
أَيعرفُ مَوْضِعَ الأحياءِ قومٌ / أَحَبّوا الموتَ واخْتاروا الحِماما
تَولَّوْا ما رَعَوا للهِ حَقّاً / ولا عَرفوا الحلالَ ولا الحراما
إذا هَمُّوا بِفاحشةٍ تَرامَوْا / كأسرابِ الوُحوشِ إذا ترامى
يُمزِّقُ بَعضُهم في الأرضِ بعضاً / ويَفْرِي اللحمَ منه والعِظاما
ويأبى العدلَ أَكثرُهم جُنوداً / فلا عَتْباً يَخافُ ولا مَلاما
يُغَنِّي والدِّماءُ له شرَابٌ / على نَوْحِ الأراملِ واليَتامَى
وَيمْشِي يَجعلُ الأشلاءَ جِسراً / لِيَبْلُغَ مِن بني الدّنيا مَراما
يَودُّ لوِ اسْتَقلَّ بكلِّ شَعبٍ / على الغبراءِ يَجعلهُ طعاما
شريعةُ ظالمينَ تَسيلُ آناً / دماً وتفيضُ آونةً ضراما
أتَى بِكتابِها مِنهم رسولٌ / طَوَى الأقطارَ يلتهمُ الأَناما
فراعينُ الحضارةِ لَيْتَ أنّا / بُلينا بالفراعين القُدامَى
أليسَ العلمُ كان لنا حياةً / فصارَ بِظُلمِهم موتاً زُؤاما
يَجَرُّ وَراءَهُ نُوَباً ثِقالاً / نُراعَ لها وأهوالاً جساما
يُرِينا كيفَ يَقذِفُ بالمنايا / كَموجِ البحرِ تَزْدَحِمُ ازْدِحاما
لها صُورٌ يَروحُ بها ويغدو / طِوالَ الدّهرِ صَبَّاً مُسْتَهاما
يَعدُّ العبقريَّةَ أن يراها / تُغادِرُ هذه الدُّنيا حُطاما
إذا اتَّخذَ القويُّ الظُّلمَ دِيناً / فأشقى النّاسَ مَن يُلْقِي الزّماما
هو الإسلامُ ما للنّاسِ واقٍ / سِواهُ فأين يَذهبُ من تَعامى
يَذودُ عنِ الضَّعيفِ فَيتَّقِيهِ / مِنَ الأقوامِ أَنْفَذُهم سِهاما
يَلوذُ بهِ إذا ما خَافَ ضَيْماً / فينصرهُ ويمنعُ أن يُضاما
لِكُلٍّ حَقُّهُ وَلِمَنْ تَعدَّى / جَزاءُ البَغْيِ مَقضِيَّاً لِزاما
كَفَى بكتابِكم يا قومُ طِبّاً / لِمَنْ يشكو من الأُمَمِ السَّقاما
كِتابٌ يَملأُ الدنيا حَياةً / ويَنْشُرُ في جَوانِبها السَّلاما
أقيموا الحقَّ بالسُّوَرِ الغَواليِ / فإنّ اللهَ يأمرُ أن يُقاما
وأَوْصُوا المسلمينَ بها فإنّي / أَراهُمْ عَن ذَخائِرها نِياما
وليس لِغافلٍ عَنها نَصيبٌ / مِنَ الحُسْنَى وإن صَلَّى وَصَاما
تَعَالى الله أَنزلَها عَلينا / عِظاماً تَبعثُ الهِمَمَ العِظاما
نَرَى في كلِّ ما نَعتادُ منها / إماماً عادلاً وفتىً هُماما
نَرَى أمَماً مِنَ العِقبانِ تَمضِي / إلى الغاياتِ تخترقُ الغَماما
نَرَى مَعْنَى الحَياةِ وكيفَ تَسمو / فَتحتلُّ الذُّؤابةَ والسَّناما
نَرَى الدُّنيا العَريضةَ عِنْدَ دِينٍ / تَزيدُ بِرُكنِهِ العَالي اعْتِصاما
هِيَ الأخلاقُ طَيِّبَةً حِساناً / نُقِيمُ بها مِنَ المُلكِ الدِّعاما
عَليْها فَارْفَعوا البُنيانَ حتّى / أَرَى بُنايانَكم بَلَغ التَّماما

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025