نِصالٌ من جُفونِكِ أم سِهامُ
نِصالٌ من جُفونِكِ أم سِهامُ / ورُمحٌ في الغِلالةِ أم قَوامُ
وبلّورٌ بخدِّكِ أم عَقيقٌ / وشهدٌ في رُضابِكِ أم مُدامُ
وشمسٌ في قِناعِكِ أم هِلال / تزيّا فيكِ أو بدرٌ تَمامُ
وجيدٌ في القِلادةِ أم صَباحٌ / وفرْعٌ في الفَقيرةِ أم ظَلامُ
أمَا وَصَفاءِ ماءِ غديرِ ماءٍ / تلهَّبَ في جَوانبِه الضِّرامُ
وبيضِ صِفاحِ سودٍ ناعِساتٍ / لنا بجُفونِها كمنَ الحِمامُ
لقد كسَرَ الغرامُ لُهامَ صَبري / فهِمْتُ وحبّذا فيكِ الهيامُ
وأسقَمَني اِجْتِنابُكِ لي فجسْمي / كطَرْفِكِ لا يُفارقُه السّقامُ
بروحي البارقُ الواري إذا ما / تزحْزَحَ عن ثَناياكِ اللِّثامُ
وبالدُّرِّ الشّنيبِ عُقودُ لَفظٍ / ينظّمُها بمنطقِكِ الكَلامُ
سقى غيثُ السُرورِ حُزونَ نَجدٍ / وجادَ على مرابِعِها الغَمامُ
ديارٌ تكفُلُ الآرامَ فيها / عِتاقُ الخيلِ والأُسْدُ الكِرامُ
بُروجٌ تُشرِقُ الأقمارُ فيها / بأطواقٍ وتحجُبُها خِيامُ
إذا نشَرَتْ غَوانيها الغَوالي / تعطّرَ في مَغانيها الرَّغامُ
أَلا رَعياً لأيّامٍ تقضّتْ / بها والبَيْنُ مُنْصُلُهُ كَهامُ
وأحزابُ السُرورِ لَها قُدومٌ / إلينا والهُمومُ لَها اِنهِزامُ
ومَمشوقِ القَوامِ إذا تثنّى / يكادُ عليهِ أن يقعَ الحَمامُ
إذا ما قيسَ بالأغصانِ تاهَتْ / غُصونُ البانِ واِفتحرَ البشامُ
تبيتُ لديهِ أجفانُ المَواضي / مشرّعةَ النّواظِرِ لا تنامُ
هجَمْتُ عليه والآفاقُ لُعْسٌ / مراشِفُها وللشُّهْبِ اِبتِسامُ
وهِندُ الليلِ في قُرْطِ الثُريّا / تقرّطَ والهِلالُ له خِزامُ
فلمْ أرَ قبْلَهُ بَدراً بخِدْرٍ / ولا شَمساً يُستِّرُها لِثامُ
ولا من فوقِ أطرافِ العَوالي / سعى قَبلي محبٌّ مُستهامُ
فهل ذاكَ الوِصالُ له اِتّصالٌ / وهل هذا البِعادُ له اِنصِرامُ
عجِبْتُ من الزّمانِ وقد رَمانا / ببَيْنٍ ما لشِعبَيْهِ اِلتِئامُ
فكيف تُصيبُنا منهُ سِهامٌ / وجُنّتُنا ابنُ منصور الهُمامُ
وكيف يُشتُّ أُلْفَتَنا وإنّا / لنا في سِلكِ خِدمتِه اِنتظامُ
عزيزٌ لا يَذِلُّ له نَزيلٌ / ولا يُخشى لديهِ المُسْتَضامُ
وحيدٌ في الفَخارِ بلا شَريكٍ / وفي جَدواهُ تشترِكُ الأنامُ
هُمامٌ قد بَكى الأعناقُ منه / إذا بأكُفِّهِ ضحِكَ الحُسامُ
لئنْ في الخَلْقِ حاكَتْهُ جُسومٌ / فسُحْبُ الوَدْقِ تُشبِهُها الجَهامُ
سعى نحو العُلا فأشادَ بيتاً / سما فيهِ إلى العرشِ الدِّعامُ
جَوادٌ كلُّ عُضوٍ منه غَيثٌ / يَجودُ وكلُّ جارحةٍ لُهامُ
رعى الرحمنُ عَصراً حلّ فينا / بهِ برَكاتُ سيّدنا الهُمامُ
أخو المعروفِ نجلُ المجدِ حرٌّ / نمَتْهُ السادةُ الغُرُّ العِظامُ
تولّى دولةَ المَهدي فأحيا / مناقبَهُ وقد عفَتِ العِظامُ
يَتيهُ صريخُ مَطْلَبِه المُرجّي / بسيرَتِهِ ويفتخِرُ الزِّحامُ
يَفوقُ المُزنَ إن هي ساجَلَتْهُ / ويُفني اليمّ مَورِدُهُ الجمامُ
كريمٌ في أناملِ راحَتَيْه / حياةُ الخَلقِ والموتُ الزّؤامُ
ومُعتَرَكٌ به ودْقُ المَنايا / على الأقرانِ والسُحْبُ القَتامُ
تَسيلُ من النفوسِ له بحارٌ / ونيرانُ الوَطيسِ لها اِضطِرامُ
ثُغورُ البيضِ فيه باسِماتٌ / وقاماتُ الرِّماحِ بها قِيامُ
تجسّم ضَنْكُه فرداً فولّى / جموحُ الأُسْدِ واِنفرجَ الزِّحامُ
هو البطلُ الّذي لو رامَ يوماً / بُلوغَ الشمسِ ما بَعُدَ المَرامُ
ألا يا أيّها الأسَدُ المُحامي / عن الإسلامِ والمَولى الإمامُ
ويا اِبْنَ القادِمينَ على المَنايا / إذا ما الصّيدُ أحجَبَها الصِدامُ
ومَنْ زانتْ وجوهُ النثرِ فيه / وفي تَقريضِهِ حسُنَ النِّظامُ
لقد أمِنَتْ بمَولدِك اللّيالي / وخافَتْ بأْسَكَ النّوَبُ الجِسامُ
وتاهَ العيدُ فيك هوىً وباهى / بكَ الأقطارَ واِفتخرَ الصّيامُ
فما ذا العيدُ إلّا مُستَهامٌ / دعاهُ إلى زيارتِكَ الغَرامُ
فلا عدِمَ اِزديارَكَ كلَّ عامٍ / يمرُّ ولا عَداكَ له سَلامُ