المجموع : 5
لأيِّ ومَيضِ بارقةٍ أَشيمُ
لأيِّ ومَيضِ بارقةٍ أَشيمُ / وَمرْعَى الفَضْلِ في زَمني هَشيمُ
أَبِيتُ وخَدُّ ليلِ الشِّعْرِ منّي / بكَفِّ الصُّبْحِ من شَيْبي لَطيم
وضَمَّ إليَّ أَفكاري جَناحي / فلي في عُشِّ مُطّرَحي جُثوم
فعُذْراً إنْ تَغيَّر عَهْدُ شِعْري / وقد يُغْضي عَنِ الزَّلَلِ الحَليم
وما قصَّرْتُ عن شَأْوٍ ولكنْ / سَقيمٌ كُلُّ ما نَظَمَ السّقيم
وتَعتلُّ القلوبُ فليس يُرضَى / لها أَثَرٌ إذا اعتَلَّ الجُسوم
وكيف يُجيدُ لي طَبْعٌ عَقيرٌ / يَكوسُ إذا تَخاطَرَتِ القُروم
ولا أَرْضَى بي عُذْراً ولكِنْ / غدْوتُ إلى قَبولِكَ أَسْتَنيم
كما اعْوجَّ الكتابُ على فُصوصٍ / وتَقْلُبُه الخُتومُ فيَسْتَقيم
وكنتُ وكُلُّ ما أُسقَى جِمامٌ / أُعدُّ وكُلُّ ما أَرعَى جَميم
أَيُفْطَمُ عن لِبانِ العِزِّ مثْلي / وأَعجَبُ حادثٍ شَيْخٌ فَطيم
وأَسكُبُ بالتَّبذُّلِ ماءَ وَجْهي / على حينَ استَشنَّ لي الأَديم
فإنْ يك قد تَناساني لدَهْري / كريمٌ من بَنيهِ أَو لئيم
فهَبْ نَجْداً لساكِنِهِ وأَعْرِضْ / فحَسْبُكَ من عَرارتِهِ شَميم
ومَوْقِفُ ساعةٍ في رَسْمِ دارٍ / وأَيدي العيسِ في لُجَجٍ تَعوم
وَقفْتُ ومُقْلتي بَخِلَتْ بدَمْعي / وأَنكْرَ صاحبي فغَدا يلوم
فيا عَوْني ويا عَيْني جميعاً / قَبيحٌ منكُما لَوْمٌ ولُوم
أُحِبُّ المرءَ ظاهْرُهُ جَميلٌ / لصاحبِه وباطِنُهُ سَليم
بأُولَىدَعْوَتيَّ يُجِيبُ طَوْعاً / إذا ما عَنَّ لي شَرَفٌ مَروم
وفي الفِتيانِ كُلُّ رَبيطِ جَأْشٍ / يَرى حَرْبَ الزَّمانِ ولا يَخيم
مَوَدَّتُهُ تَدومُ لكلِّ هَوْلٍ / وهل كُلٌّ مَودَّتُه تَدوم
حَلفْتُ بربِّ مكّةَ والمُصلَّى / وحيثُ يُزارُ زَمْزَمُ والحَطيم
أَرومُ النُّجَح إلاّ عنْدَ مَلْكٍ / سَما فَرْعٌ له وزكا أَروم
وأَنظِمُ مِدْحَتي إلاّ لنَدْبٍ / له مِن مَجْدِه مَدْحٌ نَظيم
وأَحسَنُ حِلْيةٍ بَيْتٌ حديثٌ / يُصاغُ لمَنْ له بَيْتٌ قَديم
فإنْ يكُ طالَ بي سَفَرُ انْقباضٍ / فها أنا حانَ لي منه قُدوم
فأُقسِمُ لا عكَفْتُ على خيالٍ / كما عكفَتْ على البَوِّ الرَّؤوم
ولي من نَجْمِ دينِ اللهِ هادٍ / ففي وادي الضّلالةِ لا أَهيم
ولم تكُنِ الشُّموسُ لها كِفاءً / كنَجْمِ الدّينِ لو كانَ النُّجوم
جَوادٌ منه لي ضَوْءٌ ونَوْءٌ / فَيوْميَ مُشْمِسٌ منْه مُغِيم
تَهلّلَ منْه في عَيْني غَمامٌ / تَمزَّقَ منْه عن قَلْبي غُموم
كَريمٌ قد جَلاهُ لي زَمانٌ / كَثيرٌ أَنْ يُرَى فيه كَريم
وتَكْفي غُرَّةٌ للطِّرْفِ تَبْدو / فتَأْبَى أَنْ يُقالَ لَهُ بَهيم
كفاني أَنْ جلا عَيْني هُمامٌ / بدا ليَ فانْجَلَى عَنّي هُموم
كريمٌ وَجْهُهُ مَلآْنُ ماءً / عليهِ طَيْرُ آمالي تَحوم
أَيا مَنْ عُظْمُ مَنْصِبِهِ خُصوصٌ / ويا مَنْ جَزْلُ نائِلهُ عُموم
إليكَ شكَوتُ عاديةَ اللَّيالي / وجاهُكَ بالكِفايةِ لي زَعيم
ولي في الحَضْرةِ العَلْياءِ رَسْمٌ / إليه بأيْنقُي طالَ الرَّسيم
وقد تَعْفو الرُّسومُ إذا تَبدَّى / تَناقُضُها كما تَعْفو الرُّسوم
فَوفِّرْها بسَعْيِكَ لي فلولا / يَدُ الأَرواحِ ما اجْتُلِبَ الغُيوم
فكم خَطّتْ بنانُكَ من خِطابٍ / تَضاءلَ عندَهُ خَطْبٌ جَسيم
بأَرقَمَ تَحْتسي شَفتاهُ لَيْلاً / فَتُقلَسُ بالنّهارِ بهِ رُقوم
به أُبديتَ إعجازاً عظيماً / كما أَبدَى بآيتهِ الكَليم
كذلك حطَّ منْك الرَّحْلَ فَضْلى / إلى كَنَفٍ وأَقْسَمَ لا يَريم
وآلُ الفَضْلِ إذْ يُعْزَوْنَ أَنْتُمْ / دَوامُ المكْرماتِ بأن تَدوموا
فأهْلُ الفَضْلِ إنْ رفَدوا لَقُوكُمْ / كما يَلْقَى الحَميمَ له الحميم
وكم ليَ فيهمُ من خالداتٍ / لأَجْبِنَةِ الزَّمانِ بها وُسوم
تَسيرُ كما تَسير الرّيحُ عَصْفْاً / وتَعْطَرُ مثْلَما عَطِرَ النَّسيم
ولم نَمدَحْهمُ عَبَثاً بقَوْلٍ / عَلَكْناه كما عُلِكَ الشَّكيم
ولكنّا أَجدْنا حينَ جادوا / وكم من مَعْشَرٍ لَؤموا فلِيموا
لقد بثَّتْ طلائِعَها اللّيالي / وأَصبحَ حَرْبيَ الزَّمنُ الغَشوم
فهُزَّ لها قِوامَ الدّينِ هَزّاً / يُنالُ بِمثْلِهِ الثّأْرُ المُنيم
فأَنْتَ منَ الوزيرِ بحَيْثُ يُثْرِي / بأَدْنَى نَظْرةٍ منكَ العَديم
لأَنّكَ منْه ذو قُرْبٍ وقُرْبَى / كِلا سَبَبَيكَ مُفْتَخَرٌ عَظيم
ستَرجِعُ عنْ ذُرا المولَى رِكابي / وغَيْريَ الّذي يُولى كَتوم
وراويةُ المدائحِ لي عِيابٌ / تُجابُ بها السُّهولُ أَوِ الحُزوم
لِسانُ حقائبي أَعْلَى ثَناءً / فظاهرُها بباطِنها نَموم
ويُسمَعُ بالعيونِ لها كَلامٌ / جَوانحُ حاسِديَّ به كليم
سأَلْزَمُ ذَيْلَ مَجْلسكَ المُعلَّى / غَراماً مثْلَما لَزِمَ الغَريم
حَرامٌ بعْدَها إنْ عُدْتُ يوماً / وغَيْرُ فِناءِ دارِكَ لي حَريم
وكم قالوا مَجازاً ما أَحاطَتْ / له بحقيقةٍ منّا العُلوم
فلمّا زُرْتُ نجْمَ الدِّينِ قَصْداً / ودارَ بمَدْحِهِ كَأْسٌ رَذوم
طَرقْتُ ذُراً أُصدَّقُ في ادِّعائي / بأنَّ النَّجْمَ لي فيه نَديم
فَصُمْ أُلْفاً وَعيِّدْ في ظلالِ الْس / سعادةِ إذْ تُعيِّدُ أَو تَصوم
إذا افتْخَرَتْ بأَملاكٍ رِجالٌ / فمُفْتَخِرٌ بكَ المُلْكُ العَقيم
إذا اسْتَفَلوا فأَنتَ إليه تَعلُو / وإن قَعَدوا فأَنتَ بهِ تَقوم
وتَخْطِرُ دائماً في ثَوْبِ عُمْرٍ / له النُّعْمَى طِرازٌ والنَّعيم
إذا ضَربوا بكاظمةَ الخِياما
إذا ضَربوا بكاظمةَ الخِياما / فهل لكَ مَن يُبلِّغُها السَّلاما
ودونَ الحيِّ عَطْفُ السُّمْرِ هِيما / إلى ثَغْرٍ وخَطْفُ البِيضِ هاما
عُداةٌ دونَ أحبابٍ نُزولٌ / أَزورهمُ استِراقاً واقْتِحاما
أُصبِّحُهمْ مُغِيراً مُستبيحاً / وأطْرُقُهمْ مُعنىًّ مُستهاما
إذا هَزَّتْ فَوارسُنا قَناةً / هَززْنَ لنا أَوانسُهمْ قَواما
وإنْ رَوِيَتْ نُحورُهمُ دِماءً / روَيْنَ نُحورَنا دَمْعاً سِجاما
ولي جَفْنٌ قليلُ الصَّحْوِ مهما / تَنفّسَ لائمٌ بالعَذْلِ غاما
وعَهْدٌ لو أَطَعْنا فيه وَجْداً / بكَيْنا كُلَّ يومٍ منه عاما
تَلاقَى سُرعةً طَرَفَاهُ عنّا / فيا للهِ عَهْدُكِ يا أَماما
رَجوتُ دَوامَ وَصلِكُمُ وجَهْلٌ / مُنايَ لَوَ انَّ ضوءَ الشّمسِ داما
ألائميَ الغَداةَ لغَيْرِ جُرْمٍ / أعدْلٌ أنْ تُسيءَ وأنْ أُلاما
تَلومُ على تَذكُّرِ آلِ لَيْلَى / ولَومُكَ زائدي بِهمُ غراما
ولم تَعْدَمْ مع الإحسانِ ذَمّاً / كما لا تَعْدَمُ الحَسناءُ ذاما
ولا واللهِ ما حِفْظي لعَهْدٍ / مَرامٌ أستَحِقُّ به مَلاما
وما أدْماءُ أُمُّ طَلاً أطافَتَ / بأبطَحَ تَرتْعي زَهْرَ الخُزامى
تُرَى بين الطَّلا والشَّخصُ يبدو / لعينَيْها من الحَذَرِ انْقساما
بأحسنَ رَميةً منها بطَرْفٍ / عشيّةَ قَوَّضَ الحيُّ الخياما
وأمّلْنا برِيقتها شِفاءً / فأعْدتْنا بمُقْلتها سَقاما
فقد أصبحْتُ لا سكَني مُقيمٌ / ولا الأحزانُ زائرتي لماما
إذا قصَدَ المُنى يوماً فؤادي / أقرَّ من الأسى فيه زِحاما
فَهُبّا صاحبيَّ إلى المطايا / ألَمّا تَسأما هذا المُقاما
وحُلاّ العُقْلَ عن نُجُبٍ كرامٍ / طِرابٍ في أزِمَّتها تَسامى
تُجاذِبُنا أخِشَّتُها إلى أنْ / تُحلّي خُطْمَها الدَّمَ واللُّغاما
وتَسْبِقُ الجيادَ مُعارضاتٍ / تُباهي بالحُجولِ لها خِداما
كأنّا والمطيُّ لنا حَنايا / خُلِقْنا في غَواربِها سِهاما
وما عَهِدَ الوَرى من قبْلِ صَحْبي / سهاماً معْ حناياها تُرامَى
تَؤُمُّ من العُلا غرضَاً بعيداً / لتُدنيَهُ مَضاءً واعْتزاما
فلا حُيّيتِ من أيّامِ هَزْلٍ / يَرومُ بها بنو جِدٍّ مَراما
ولو يَسْمَحْنَ لي بصديقِ صدْقٍ / جعلْتُ لَهُنَّ من ذَمّي ذِماما
وكم ليَ من قوافٍ سائراتٍ / مُطوِّفةٍ عراقاً أو شَآما
ومن غرّاءَ أُمليها كلاماً / على أُذُنٍ فأملَؤُها كِلاما
ذمَمْتُ بها اللّئامَ فقال صَحْبي / أأيّاماً تُخاطِبُ أم أناما
فنَقِّطْ كيف شئْتَ وذُمَّ عنّي / فأيّاً ما رَميتَ تُصِبْ لئاما
ولكنْ آلُ رضوانٍ فزُرْهمْ / إذا ما شئْتَ أن تَلْقَى كراما
فما خُلِقَ الورَى إلاّ مُحولاً / ولا خُلِقوا همُ إلاّ غَماما
أكارمُ وُشِّحتْ صُحُفُ المعالي / بذكْرِهمُ افْتِتاحاً واخْتِتاما
كأنّهمُ إذا لاقَوا حُشوداً / نظامُ الدّولة القَرْمَ الهُماما
نجومٌ زادَها باللّيلِ حُسْناً / جِوارُ ضيائها البدْرَ التَّماما
فلا ظَمِئتْ بلادُكَ من كريمٍ / نداهُ الدَّهْرَ يَنْسَجِمُ انْسِجاما
تَشيمُ نواظرُ الآمالِ فيه / أناملَ تَفْضَحُ الغيمَ الرُّكاما
ويَهْدي الطّارقينَ إليه صِيتٌ / تَخالُ به على شَرَفٍ ضِراما
صَدوقُ البِشْر لا وجْهاً جَهاماً / تَرَى منه ولا رأياً كَهاما
تَنبَّهَ عند رؤيتهِ زمانٌ / وقِدْماً خاط جفنَيْهِ فَناما
وعيَّدَ بالمديح له لساني / وكان عنِ اقْتضابِ الشِّعْرِ صاما
ولم يَحلُلْ بأَعْلَى المجدِ إلاّ / عظيمٌ يُفرِجُ الكُرَبَ العِظاما
له قلمٌ تُزَمُّ به اللّيالي / فتَتْبعُه امْتِثالاً وارْتِساما
فلم نَرَ مثْلَه قلماً بكفٍّ / غدا لزمانِ صاحبِه زِماما
تَرفَّعَ عَنْ مُتابعةِ اللّيالي / وخالفَها إباءً واحْتكاما
ومَجَّ الدَّهرُ صُبْحاً في ظلامٍ / فَمرَّ يَمُجُّ في صُبْحٍ ظَلاما
ويُسفِرُ منه عن غُرَرِ المعالي / إذا جَعَل المِدادَ له لِثاما
بكَفّ أغرٍّ ما يَنْفَكُّ دُرٌّ / يَجودُ به انْتثاراً وانْتظاما
تَزِلُّ إلى شَبا الأقلام بِيضاً / لآلي النُّطْقِ فَذّاً أو تُؤاما
وتَخْرجُ في سَوادِ النِّقْس تُبْدي / شِعارَ الحقِّ كي تُرضي الإماما
أيا مَنْ زُرْتُ مَغْناهُ فأضحَى / إليَّ عُبوسُ أيّامي ابْتِساما
لقاؤكَ شاغلي عن ذكْرِ نَأْيٍ / سُروراً لي بقُربكَ واحْتِشاما
فلا يشكو الَّذي لاقَى حَجيجٌ / إذا ما عايَنَ البيتَ الحَراما
رأيتُكَ مَنْ تُعِنْهُ يَرِدْ جَميماً / بمُنْتَجَعِ العُلا ويَرِدْ جِماما
وكَفُّكَ في ابْتغاءِ الرِّفْدِ قَطْرٌ / ولكنْ إنّما أَبغي اهْتِماما
وفوقَ الرِّفْدِ ما أصبحْتُ أَبغي / ومثْلُكَ قلّدَ المِنَنَ الجِساما
فلا زالتْ عزائمُكَ المَواضي / تَعُمُّ النّاسَ نُعْمَى وانْتِقاما
ودولةُ هاشمٍ حمَدتْكَ قِدْماً / فَدُمْتَ كما دُعيتَ لها نِظاما
إذا افْتخرَتْ غدوْتَ لها لِساناً / أوِ انْتصرَتْ غدوْتَ لها حُساما
وأَحسُدُ زَنْدَرُوذَ غداةَ سِرْنا
وأَحسُدُ زَنْدَرُوذَ غداةَ سِرْنا / وما حَسَدي له إلاّ عليكمْ
لأنّيَ راحِلٌ عنكمْ برَغْمي / وسارٍ وهْو مُنحدِرٌ إليكم
فديتُكَ رابني الإعراضُ عنّي
فديتُكَ رابني الإعراضُ عنّي / وذلك قد يَريبُ من الكَريمِ
ولم أعرِفْ له سبباً لعَمْري / سوى الإضجارِ بالنّظْمِ السّقيم
وقد طوَّلْتُ في الأبياتِ جِدّاً / وإنْ أَدلَلْتُ بالوُدِّ القديم
فلا تَسمَحْ بما أنا مُستحِقٌّ / ولا يكُ قَدُّ سَيْري من أديمي
فليس جوابَ تطويلٍ عظيمٍ / سوى استعمالِ تقصيرٍ عظيم
أَلَحْظٌ في جُفونِكِ أم صَوارمْ
أَلَحْظٌ في جُفونِكِ أم صَوارمْ / وحَرْبٌ لي فؤادُكِ أم مُسالِمْ
ولم أَر قبلَ يومِ البَيْنِ غِيداً / قَواتلَ بالجُفونِ ولا كَوالم
ولا بَطلاً صوارمُه لِحاظٌ / يُجَرِّدُها وجُنَّتُه مَعاصِم
كأنَّ الخالدِيّةَ يومَ راحَتْ / تَهادَى بينَ أترابٍ نَواعم
أَتاكَ مِنَ الفلاةِ بمُقْلَتيْها / كحيلُ الطَّرفِ من بقَرِ الصّرائم
مُهَفْهَفةٌ يَنوطُ العِقْدُ منها / بسالفتَيْ طَلاً من وَحْشِ جاسِم
يُلاعِبُ ظِلَّهُ مرَحاً ويَحْنو / عليه من ظباءِ القاعِ رائم
ليَهْنِكِ يا ابنةَ الأقوامِ أَنّي / بحُبّكِ لو جَزيْتِ الصَّبَّ هائم
وكم من حاسدٍ يَثْني عِناني / يُعالِجُ فيكِ وَجْداً وهْو لائم
لقد فَتنَتْ لحاظُكِ كُلَّ قلبٍ / فما في النّاسِ من عَينَيْكِ سالم
أقولُ وقد تَلوَّيتُ ادِّكاراً / ولم أملِكْ من الطَّرَبِ الحيازم
سقَى دَمْعي وإنْ لم يَصْفُ وجْداً / مَنازلَ بينَ وَجْرةَ فالأَناعِم
وما ملَّ البكاءَ عليكِ طَرْفي / فتَحتاجَ الطُّلولُ إلى الغَمائم
وجائلةُ النُّسوعِ تَخالُ منها / رواسيَ في الفلا وَهِيَ الرَّواسم
كَمرِّ البَرقِ يَطْلَعْنَ الثّنايا / مُشمِّرةً ويَهْوِينَ المَخارم
تَهُزُّ معاشراً كالبِيضِ بيضاً / قَوائمُها العِجالُ لها القَوائم
نَشاوَى من كؤوسِ كرىً وسَيْرٍ / فهمْ غِيدُ الطُّلَى مِيلُ العَمائم
يقولُ دَليلُهمْ وقدِ اسْتمَرَّتْ / إلى قَصْدِ العُلا بهمُ العزائم
إذا بَلغَتْ بأرحُلِنا المَهارى / وألقَتْها إلى بابِ ابنِ غانم
لثَمْنا ثَمَّ أيدي العيسِ شُكْراً / وألْصَقْنا المباسِمَ بالمناسم
وكيف جُحودُ ما صنَع المطايا / وقد حَجّتْ بنا حَرَمَ المكارم
جَنابُ فتىً تُرَى للفضلِ فيه / وللإفضالِ والعُلْيا مَواسم
إمامٌ كلّما فَكّرتَ فيه / بدا لك عالَمٌ في ثَوبِ عالِم
أعاد النّحْوَ مَعْمورَ النّواحي / ورَدَّ العلْمَ مَشْهورَ المَعالم
أخو ثقةٍ يَهُزُّ المرءُ منه / حُساماً في المُلِمّاتِ العَظائم
له يدُ واهبٍ ومقالُ وافٍ / وَقلْبُ مُشيَّعٍ وفَعالُ حازم
ومنطقُ خالدٍ ودهاءُ عَمْروٍ / ونجدةُ عامرٍ وسَخاءُ حاتِم
فإنْ جُبِلَتْ على كَرَمٍ يَداهُ / فمِن أخلاقِ آباءٍ أَكارم
إذا ما جئْتَهُ لاقاكَ خِرْقٌ / من الفِتْيانِ طَلْقُ الوجهِ باسم
وإنْ جَرَّدْتَه في وجهِ خطْبٍ / تَجرَّدَ باترُ الحَدَّيْنِ صارم
فلا عَدِمَتْ شَمائلَه المَعالي / ولا زال الحسودُ بهِنَّ راغم