بَعثنَ غداةَ تَقويضِ الخِيامِ
بَعثنَ غداةَ تَقويضِ الخِيامِ / مَنيَّة كُلَّ صَبٍ مُستَهامِ
وَمِلنَ إِلى الوَداعِ وكل جَفنٍ / يُفيضُ الدَمع كالقدح الجِمامِ
جَرَت عبراتُهُنَّ عَلى عَبير / كَما اِصطَفقَ الحُباب عي المُدامِ
ظِباءٌ صادَها قَنّاصُ بَينٍ / فَأَبدَلَها الهَوادِج بِالخِيامِ
أَراميهنَّ بِاللحظات خَلساً / فَترجع نَحوَ مَقتَلَتي سِهامي
برودٌ رِيقُهنَّ وَكَيف يَحمى / وَمَجراهُ عَلى برَدٍ تُؤَامِ
هَجَرتُ رِضابهنَّ لأَنَّ فيهِ / بُعَيدَ النَومِ أَوصاف المُدامِ
وَأقسمُ ما مُقتَّقةٌ شَمولٌ / ثَوَت في الدَن عاماً بَعدَ عامِ
إِذا ما شاربُ القوم اِحتَساها / أَحَسَّ لَها دَبيباً في العِظامِ
بِأَطَيبِ من مُجاجتهنَّ طَعماً / إِذا استيقظنَ من سِنَةِ المَنامِ
وَلَم أَرشَف لَهُنَّ جَنىً وَلكن / شَهدنَ بِذاك أَعواد البشامِ
إِذا شفَّت بَراقِعُهنَّ قُلنا / ضياء البدر من تحت الجِهامِ
سِقام جفونهنَّ سِقام قَلبي / وَهَل يَبرى السِقامُ مِنَ السِقامِ
وَإِنّي عند مَقدِرَتي وَوَجدي / بهنَّ مَع الشَبيبَة وَالغَرامِ
أَعَفُّ عَن الخَنا عند اِنتِباهي / وَأَحلُمُ عنه في حال المَنامِ
هَوىً لا عيب فيهِ وَلا أَثامِ / إِذا ما الحُبُّ أُفسِدَ بِالأَثامِ
وأقسم صادِقاً لَو هَمَّ قَلبي / بِفعلِ دَنيَّةٍ خَذلت عِظامي
وَأَظلمهنَّ إِن ناديتُ يَوماً / بِإِحداهِنَّ يا بَدرُ التَمامِ
كَما ظَلَمَ النَدى مَن قاسَ يَوماً / نَدى كَفَّ المفرِّج بِالغَمامِ
فَتىً جُبلت يَداهُ عَلى العَطايا / كَما جُبِلَ اللِسانِ عَلى الكَلامِ
نَزَلت بِهِ فَقرَّبني كَريمٌ / تقسَّمه العلى خَيرَ اِقتِسامِ
فَيُسراهُ لنَيلٍ أَو عنانٍ / وَيُمناهُ لِرُمحٍ أَو حُسامِ
وَطَوَّقني صَنائِع لَيسَ تَخفى / وَكَيفَ خَفاء أَطواق الحِمامِ
لَقَد أَحيا المَكارِمَ بَعدَ مَوتٍ / وَشادَ بِناءها بَعدَ اِنهِدامِ
وَيقسمُ ماله في كِلِّ وَفدٍ / كَلَحمِ البُدنِ في البلَدِ الحَرامِ
بِصَفحَةِ خَدِّهِ لِلبشرِ ماء / كَمِثلِ الماء في صَفح الحُسامِ
وَلَم أَرَ قَبلَهُ أَسَداً يُلاقي / ضُيوفاً بِالتَحيَّةِ والسَلامِ
يَزرَّ الدِرعَ منه عَلى هِزَبرٍ / أَبي شِبلٍ مَخالبه دَوامي
فَتىً لقيَ الوَغى قَبلَ اِثِّغارٍ / وَقادَ جُيوشها قَبلَ اِحتِلامِ
فَلَيسَ يَراع لِلغمَراتِ حَتّى / يراع الحوت في اللُجَجِ العِظامِ
يُغادِرُ قِرنَهُ وَالرُمحُ فيهِ / صَليباً بَينَ رُهبان قِيامِ
تكفِّنهُ البَواتِرُ في دِماء / وتدفنه الحَوافِرُ في القَتامِ
تَفيض دَم العِدى مِن كُلِّ دِرع / كَفَيضِ الخَمرِ مِن خَلَلِ الفَدامِ
وَتُسمِعُهم كَلام المَوت جَهراً / بِآذانٍ مِنَ الطَعنِ التُؤامِ
وَلَم يَكُ طَعنه أَذناً وَلَكِن / يَكون السَمعُ من قَرع الكَلامِ
وَيَهرتُ في الطِلى أَشداقُ عنسٍ / تُحلَّب بِالدِماء بدل اللَغامِ
لَهُ مِن نَفسِهِ أَبَداً مُنادٍ / يُناديهِ إِلى الرُتَبِ الجِسامِ
فَيَومُ الجودِ حَيَّ عَلى العَطايا / وَيَومُ الحَربِ حيَّ عَلى الزِحامِ
لَو أَنَّ المَجدَ يُدرِك بِالهُوَينا / لما فَضُلَ الكِرام عَلى اللِئامِ
تُجمِّل كل مملكة يَداهُ / وَإِن كانَت جَمالاً للأَنامِ
كَذاكَ الدُرّ أَحسَن ما تَراهُ / عَلى عُنُقِ الخَريدَةِ في النِظامِ
ونعمةُ غيرِهِ عارٌ عَلَيهِ / كَمِثلِ الخُلي لِلسَّيفِ الكِهامِ
رآهُ اللَهَ لِلعَلياءِ أَهلاً / فَأَعلاهُ عَلى قِمَمِ الكِرامِ
فَقابَلَ فَضلَ خالِقِهِ بِشُكرِ / وَإِنَّ الشُكرَ داعِيَة الدَوامِ
بَنوه لِجَيشِهِ أَبَداً إِمام / بِمَنزِلَةِ النُصولِ مِنَ السِهامِ
فَبورِكَ ولدُهُ أَبَداً سِهاماً / وَبورِكَ سَهمُ دين اللَهِ رامي
سِواءٌ فيهُمُ قَول المُنادي / هَلِمّوا لِلطِّعان أَو الطَعامِ
نَزَلتُم طَيِّباً حرماً وَكُنتُم / مَكانَ الرُكنِ منها وَالمَقامِ
أَتَتكَ رَسائِل السُلطانِ تَرضى / وَتقنع من هِباتِكَ بِالرَمامِ
أَتاكَ رَسولُ مَولانا نِزارٍ / بِخاتِمه المُعَظَّم في الأَنامِ
أَماناً مِن جَميعِ الناس طُرّاً / فَأَنعَم بِالأَمانِ وَبِالدَوامِ
وَأَلقاباً مُكرَّمَة حِساناً / وَحيّاً بِالتَحيَّةِ وَالسَلامِ
إِذا خافَ الإِمام سَطاكَ يَوماً / فَكَيفَ يَكونَ مَن دونَ الإِمامِ
وَمَن كانَ الإِلَهُ لَهُ مُعيناً / فَكَيفَ يَخاف ما دونَ الأَنامِ
إِلَيكَ جَعَلتُ صَدر المُهرِ سِلكاً / أَسدُّ بِهِ المَوامي بِالمَوامي
إِذا وَرَدَ القَرارَة بَعدَ أَينٍ / حَشا فاهُ عَلى فاس اللِجامِ
فَكَم مَلِكٍ أُغادِرُ عَن يَميني / وَعَن يُسرايَ إِذ كُنتُم أَمامي
وَلَستُ بِذي عَمىً عَن رزق سُوءٍ / أُغادِرُهُ وَلَكِن عَن تَعامي
إِذا قَنِعَ الهِزَبرُ بقوت كَلبٍ / فَلَيسَ الفَرقُ إِلّا في الأَسامي
رَضَعتَ الجودَ قَبلَ الدَر طِفلاً / وَما لِرَضاع جودِكَ مِن فِطامِ
فَجودُ سواك رَمَيةُ غَير رامٍ / وَجودك رَمية من كَفِّ رامِ
فَعِش واسلَم قَريرَ العَينَ تَعلو / وَتبلغ زا تُؤمِّل مِن مَرامِ
سَعيد الجَدِّ ما زَهرت نُجوم / وَقَدَّ الصُبح جِلبابَ الظَلامِ