المجموع : 4
نَأَتكَ رَقاشِ إِلّا عَن لِمامِ
نَأَتكَ رَقاشِ إِلّا عَن لِمامِ / وَأَمسى حَبلُها خَلَقَ الرِمامِ
وَما ذِكرى رَقاشِ إِذا اِستَقَرَّت / لَدى الطَرفاءِ عِندَ اِبنَي شَمامِ
وَمَسكِنُ أَهلَها مِن بَطنِ جَزعٍ / تَبيضُ بِهِ مَصايِيفُ الحَمامِ
وَقَفتُ وَصُحبَتي بِأُرَينَباتٍ / عَلى أَقتادِ عوجٍ كَالسَمامِ
فَقُلتُ تَبَيَّنوا ظُعُناً أَراها / تَحُلُّ شُواحِطاً جُنحَ الظَلامِ
لَقَد مَنَّتكَ نَفسُكَ يَومَ قَوٍّ / أَحاديثَ الفُؤادِ المُستَهامِ
وَقَد كَذَبَتكَ نَفسُكَ فَاِكذَبَنها / لِما مَنَّتكَ تَغريراً قَطامِ
وَمُرقِصَةٍ رَدَدتُ الخَيلَ عَنها / وَقَد هَمَّت بِإِلقاءِ الزَمامِ
فَقُلتُ لَها اِقصِري مِنهُ وَسيري / وَقَد عَلِقَ الرَجائِزُ بِالخِدامِ
وَخَيلٍ تَحمِلُ الأَبطالَ شُعثاً / غَداةَ الرَوعِ أَمثالَ السِهامِ
عَناجيجٍ تَخُبُّ عَلى رَحاها / تُثيرُ النَقعَ بِالمَوتِ الزُؤامِ
إِلى خَيلٍ مُسَوَّمَةٍ عَلَيها / حُماةُ الرَوعِ في رَهَجِ القَتامِ
عَلَيها كُلَّ جَبّارٍ عَنيدٍ / إِلى شُربِ الدِماءِ تَراهُ ظامي
بِأَيديهِم مُهَنَّدَةٌ وَسُمرٌ / كَأَنَّ ظُباتِها شُعَلُ الضِرامِ
فَجاؤوا عارِضاً بَرداً وَجِئنا / حَريقاً في غَريفٍ ذي ضِرامِ
وَأَسكِت كُلَّ صَوتٍ غَيرِ ضَربٍ / وَعَترَسَةٍ وَمَرمِيٍّ وَرامي
وَزَعتُ رَعيلَها بِالرُمحِ شَذراً / عَلى رَبِذٍ كَسِرحانِ الظَلامِ
أَكُرُّ عَلَيهِمُ مُهري كَليماً / قَلائِدُهُ سَبائِبُ كَالقِرامِ
إِذا شَكَّت بِنافِذَةٍ يَداهُ / تَعَرَّضَ مَوقِفاً ضَنكَ المُقامِ
كَأَنَّ دُفوفَ مَرجِعِ مِرفَقَيهِ / تَوارَثَها مَنازيعُ السِهامِ
تَقَدَّمَ وَهوَ مُضطَمِرٌ مُضِرٌّ / بِقارِحِهِ عَلى فَأسِ اللِجامِ
يُقَدِّمُهُ فَتىً مِن خَيرِ عَبسٍ / أَبوهُ وَأُمُّهُ مِن آلِ حامِ
عَجوزٌ مِن بَني حامِ بنِ نوحٍ / كَأَنَّ جَبينَها حَجَرُ المَقامِ
تُعَنِّفُني زَبيبَةُ في المَلامِ
تُعَنِّفُني زَبيبَةُ في المَلامِ / عَلى الإِقدامِ في يَومِ الزَحامِ
تَخافُ عَلَيَّ أَن أَلقى حِمامي / بِطَعنِ الرُمحِ أَو ضَربِ الحُسامِ
مَقالٌ لَيسَ يَقبَلُهُ كِرامٌ / وَلا يَرضى بِهِ غَيرُ اللِئامِ
يَخوضُ الشَيخُ في بَحرِ المَنايا / وَيَرجِعُ سالِماً وَالبَحرُ طامي
وَيَأتي المَوتُ طِفلاً في مُهودٍ / وَيَلقى حَتفَهُ قَبلَ الفِطامِ
فَلا تَرضَ بِمَنقَصَةٍ وَذُلٍّ / وَتَقنَع بِالقَليلِ مِنَ الحُطامِ
فَعَيشُكَ تَحتَ ظِلِّ العِزِّ يَوماً / وَلا تَحتَ المَذَلَّةِ أَلفَ عامِ
فُؤادٌ لا يُسَلّيهِ المُدامُ
فُؤادٌ لا يُسَلّيهِ المُدامُ / وَجِسمٌ لا يُفارِقُهُ السَقامُ
وَأَجفانٌ تَبيتُ مُقَرَّحاتِ / تَسيلُ دَماً إِذا جَنَّ الظَلامُ
وَهاتِفَةٌ شَجَت قَلبي بِصَوتٍ / يَلَذُّ بِهِ الفُؤادُ المُستَهامُ
شُغِلتُ بِذِكرِ عَبلَةَ عَن سِواها / وَقُلتُ لِصاحِبي هَذا المَرامُ
وَفي أَرضِ الحِجازِ خِيامُ قَومٍ / حَلالُ الوَصلِ عِندَهُمُ حَرامُ
وَبَينَ قِبابِ ذاكَ الحَيِّ خَودٌ / رَداحٌ لا يُماطُ لَها لِثامُ
لَها مِن تَحتِ بُرقُعِها عُيونٌ / صِحاحٌ حَشوُ جَفنَيها سَقامُ
وَبَينَ شِفاهِها مِسكٌ عَبيرٌ / وَكافورٌ يُمازِجهُ مُدامُ
فَما لِلبَدرِ إِن سَفَرَت كَمالٌ / وَما لِلغُصنِ إِن خَطَرَت قَوامُ
يَلُذُّ غَرامُها وَالوَجدُ عِندي / وَمَن يَعشَق يَلَذُّ لَهُ الغَرامُ
أَلا يا عَبلَ قَد شَمِتَ الأَعادي / بِإِبعادي وَقَد أَمِنوا وَناموا
وَقَد لاقَيتُ في سَفَري أُموراً / تُشَيِّبُ مَن لَهُ في المَهدِ عامُ
وَبَعدَ العُسرِ قَد لاقَيتُ يُسراً / وَمَلكاً لا يُحيطُ بِهِ الكَلامُ
وَسُلطاناً لَهُ كُلُّ البَرايا / جُنودٌ وَالزَمانُ لَهُ غُلامُ
يَفيضُ عَطاؤُهُ مِن راحَتَيهِ / فَما نَدري أَبَحرٌ أَم غَمامُ
وَقَد خَلَعَت عَلَيهِ الشَمسُ تاجاً / فَلا يَغشى مَعالِمَهُ ظَلامُ
جَواهِرُهُ النُجومُ وَفيهِ بَدرٌ / أَقَلُّ صِفاتِ صورَتِهِ التَمامُ
بَنو نَعشٍ لِمَجلِسِهِ سَريرٌ / عَلَيها وَالسَماواتُ الخِيامُ
وَلَولا خَوفُهُ في كُلِّ قُطرٍ / مِنَ الآفاقِ ما قَرَّ الحُسامُ
جَميعُ الناسِ جِسمٌ وَهوَ روحٌ / بِهِ تَحيا المَفاصِلُ وَالعِظامُ
تُصَلّي نَحوَهُ مِن كُلِّ فَجٍّ / مُلوكُ الأَرضِ وَهوَ لَها إِمامُ
فَدُم يا سَيِّدَ الثَقَلَينِ وَاِبقى / مَدى الأَيّامِ ما ناحَ الحَمامُ
أَتاني طَيفُ عَبلَةَ في المَنامِ
أَتاني طَيفُ عَبلَةَ في المَنامِ / فَقَبَّلَني ثَلاثاً في اللَثامِ
وَوَدَّعَني فَأَودَعَني لَهيباً / أُسَتِّرُهُ وَيَشعُلُ في عِظامي
وَلَولا أَنَّني أَخلو بِنَفسي / وَأُطفِئُ بِالدُموعِ جَوى غَرامي
لَمُتُ أَسىً وَكَم أَشكو لِأَنّي / أَغارُ عَلَيكِ يا بَدرَ التَمامِ
أَيا اِبنَةَ مالِكٍ كَيفَ التَسَلّي / وَعَهدُ هَواكِ مِن عَهدِ الفِطامِ
وَكَيفَ أَرومُ مِنكِ القُربَ يَوماً / وَحَولَ خِباكِ آسادُ الأَجامِ
وَحَقِّ هَواكِ لا داوَيتُ قَلبي / بِغَيرِ الصَبرِ يا بِنتَ الكِرامِ
إِلى أَن أَرتَقي دَرَجَ المَعالي / بِطَعنِ الرُمحِ أَو ضَربِ الحُسامِ
أَنا العَبدُ الَّذي خُبِّرتِ عَنهُ / رَعَيتُ جِمالَ قَومي مِن فِطامي
أَروحُ مِنَ الصَباحِ إِلى مَغيبٍ / وَأَرقُدُ بَينَ أَطنابِ الخِيامِ
أَذِلُّ لِعَبلَةٍ مِن فَرطِ وَجدي / وَأَجعَلُها مِنَ الدُنيا اِهتِمامي
وَأَمتَثِلُ الأَوامِرَ مِن أَبيها / وَقَد مَلَكَ الهَوى مِنّي زِمامي
رَضيتُ بِحُبِّها طَوعاً وَكَرهاً / فَهَل أَحظى بِها قَبلَ الحِمامِ
وَإِن عابَت سَوادي فَهوَ فَخري / لِأَنّي فارِسٌ مِن نَسلِ حامِ
وَلي قَلبٌ أَشَدُّ مِنَ الرَواسي / وَذِكري مِثلُ عَرفِ المِسكِ نامي
وَمِن عَجَبي أَصيدُ الأُسدَ قَهراً / وَأَفتَرِسُ الضَواري كَالهَوامِ
وَتَقنُصُني ظِبا السَعدِي وَتَسطو / عَلَيَّ مَها الشَرَبَّةِ وَالخُزامِ
لَعَمرُ أَبيكَ لا أَسلو هَواها / وَلَو طَحَنَت مَحَبَّتُها عِظامي
عَلَيكِ أَيا عُبَيلَةُ كُلَّ يَومٍ / سَلامٌ في سَلامٍ في سَلامِ