المجموع : 3
ولما جَلَّ عتبي حلَّ غيبي
ولما جَلَّ عتبي حلَّ غيبي / على عيني فصيَّره عديما
وعند شهودِ رَبِّي دبَّ حيٌ / على قلبي فغادره سليما
ولما فاح زهري هبّ سري / على نوري فصيَّره هشيما
ولما اضطر أهلي لاح نارٌ / من الرحمنِ صيَّرني كليما
ولما كنت مختاراً حبيباً / وكان بُراق سيري بي كريما
مطوتُ ولم أبالِ بكلِّ أهلٍ / تركتُ فعدتُ رحماناً رحيما
وكنت إلى رجيم البعد نجماً / دُوين العرشِ وقّاداً رجيما
ولما كنتُ مرضياً حَصوراً / وكان أمامَ وقتِ الشمسِ ميما
لحظت الأمر يسري من قريبٍ / على كُفرٍ يصيِّره رميما
وكنتُ به لفردٍ بعدَ ستٍ / لعامِ العقدِ قوَّاماً عليما
فلو أظهرت معنى الدهرِ فيه / لأعجزت العبارةَ والرقوما
ولكني سترّتُ لكونِ أمري / محيطاً في شهادتِه عظيما
فغطَّيتُ الأمور بكل كشفٍ / لعين صارَ بالتقوى سليما
صفاتُ الأولياء تزول عنهم
صفاتُ الأولياء تزول عنهم / ويأخذها الشقُّ هناك منهم
كما نابَ السعيدُ هنا زمانا / تنوبُ الأشقياء هناك عنهم
فما لجأوا إلى الراحاتِ إلا / وكان الأمر فيهم من لدنهم
وإنْ طلبوا المعونةَ من إمام / به كفؤ هنالك لم يعنهم
بنيّ إذ رأيتهمُ سُكارى / فمل معهم وبشرهم وصُنهم
إذا عجز الرجالُ بأنْ يكونوا / على تحقيقهم منهم فكنهم
ألا إنّ الوجودَ وجودُ ربي
ألا إنّ الوجودَ وجودُ ربي / وما يبدو من الأحكام حكمي
فلا عينٌ تراه علا فاعلم / كذا يقضي به نظري وعلمي
وعلمي بالذي يقضي صحيح / ولكني أرجح فيه كتمي
وكونُ الحقِّ عينا عينُ حكمي / فمن قبل الإله ولا إسمي
فذاتُ الحقِّ إدراكات ذاتي / وذاتي ظله في حكم زعمي
ألا تنظر لمدّ الظلِّ منه / بنورِ الشمس ابقاء لرسمي
فلولا أن أكونَ كهو وجوداً / بحذفِ الكاف في مدّي وضمي
إليه بعد مدّي وانبساطي / يسيراً إذ أساميه من اسمي
ولما كانت الأسماء باسمي / كذاك له السماتُ من أصل وسمي
فنعتي نعته من كلِّ وجه / ولكني أغطيه لا عمي
ولولا أنْ يقول به أناسٌ / لقلت به كما يعطيه فهمي
ووهمي في العلوم له احتكام / وما همُ النفوسِ كمثل وهمي
فإن الوهم عينُ وجودِ حقي / كمثل قواي في قولِ المسَمّي
له عندي مقامٌ ليس يدري / وهمّ الخّلقِ فيه غير همي
حكمت به عليه وليس كوني / به حكمي بعدلٍ أو بظلمِ
لقد كان الوجودُ بلا زمانٍ / ولا أين ولا كيف وكمّ
ولا عرضٌ ولا وضعٌ بلحن / ولا فعلٌ ومنفعلٌ وجسم
ولا نسب يضافُ إلى وجودي / وبعد الكونِ حققهن أمي
مقولاتٌ أتين على اتساق / يترجمها إلى الأفهام نظمي
له عشر وللأكوانِ عشر / كذا زعموا وهذا ليس زعمي
فإن قلنا به جهلوا مقالي / وإنْ جهلوا يزيد علي غمي
مدحتُ المصطفى فمدحتُ نفسي / ولي قسَمٌ وما جاوزت قسمي
فأعمالي تردّ عليّ منه / ولو أرمي فعيني منه أرمي
وإن عصم الإله به وجودي / فإن أرمي فنصلٍ ليس يصمي
وهذي رحمة منه تواليت / لديَّ بها يعود عليّ سهمي
وظني لم يزل ظناً جميلاً / فإنَّ الظنَّ مني عين علمي
إلى معناي فانظر يا خليلي / ولا تنظر بطرفك نحو جسمي
فقفلي ما قفلتُ به وجودي / عن الإدراك بي والختم ختمي
فلا تفتح فخلفَ البابِ ريحٌ / إذا هبَّت عليّ تهين عظمي
تميزني الصلاة ويرتدي بي / إذا صليتها بأبٍ وأمّ
ولو أنَّ الدليل يدل حقاً / عليه لكان يولده لتمِّ
ولم يولد فلم يدركه عقلٌ / فإنْ ظفروا به فبحكم وهم
وإن حكموا عليه بمثل هذا / فقد حكموا عليه بغير علم
تعالى الله عن قدمٍ بكوني / كما قد جلَّ عن حدثٍ بكمّ